25 عاماً من الدراما الرمضانية

25 عاماً  من الدراما الرمضانية

‮«‬بلغني‭ ‬أيها‭ ‬الملك‭ ‬السعيد‭ ‬ذو‭ ‬الرأي‭ ‬الرشيد‭ ‬أن‭ ‬الشاطر‭ ‬مرجان‭... ‬عندما‭ ‬أحب‭ ‬الأميرة‭ ‬نورهان‭...‬‮»‬‭. ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المنطق‭ ‬الأبدي‭ ‬الذي‭ ‬تعاملت‭ ‬به‭ ‬الدراما‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ازدهار‭ ‬الدراما‭ ‬الإذاعية،‭ ‬أو‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ازدهار‭ ‬دراما‭ ‬التلفزيون‭. ‬المنطق‭ ‬هو‭ ‬تسلية‭ ‬الناس،‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭... ‬وقبله‭ ‬أيضاً،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المتفرج،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة،‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬تسليته،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬مستمتعاً‭ ‬طوال‭ ‬الشهر،‭ ‬سعيداً،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رضائه‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭.‬

هذه‭ ‬الآلية‭ ‬تطورت،‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬إمتاع‭ ‬المتفرج‭ ‬والمستمع،‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬شركات‭ ‬الإعلان،‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬توصيل‭ ‬منتجاتها،‭ ‬وخدماتها‭ ‬إلى‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأنحاء،‭ ‬وفيما‭ ‬قبل‭ ‬كانت‭ ‬المحطات‭ ‬الإذاعية‭ ‬تتنافس‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المسلسلات‭ ‬وأوقات‭ ‬بثها،‭ ‬لتجذب‭ ‬آذان‭ ‬المستمعين،‭ ‬حرصاً‭ ‬على‭ ‬ولائهم‭ ‬الدائم‭.‬

وقبل‭ ‬زمن‭ ‬المحطات‭ ‬الفضائية،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬المحطات‭ ‬الأرضية‭ ‬والفضائيات،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الضخم‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬العربية‭ ‬الفضائية‭ ‬الموجودة‭ ‬حالياً،‭ ‬فإن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ظل‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬منافسة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإنتاج‭ ‬المسلسلات،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬بشأن‭ ‬احتكار‭ ‬العروض،‭ ‬وزيادة‭ ‬الخصومة‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬الإعلان‭ ‬التي‭ ‬تتضخم‭ ‬يوماً‭ ‬وراء‭ ‬آخر‭.‬

وقد‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬استيراد‭ ‬ظاهرة‭ ‬حشر‭ ‬الإعلانات‭ ‬وسط‭ ‬العرض‭ ‬الرئيس‭ ‬للمسلسل،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬بدت‭ ‬غريبة‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الأمر،‭ ‬ثم‭ ‬صارت‭ ‬مألوفة،‭ ‬ومستحبة،‭ ‬وسط‭ ‬الزخم‭ ‬المحشود‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬وسط‭ ‬القصص‭ ‬المتشابهة‭.‬

تحول‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬إلى‭ ‬شهريار،‭ ‬مدلل،‭ ‬تسعى‭ ‬القنوات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬شهرزاد‭ ‬الحكاءة،‭ ‬أن‭ ‬تجذبه‭ ‬طوال‭ ‬الليالي‭ ‬كي‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي،‭ ‬وأن‭ ‬ينتظر‭ ‬الليلة‭ ‬التالية،‭ ‬لا‭ ‬ليستمع‭ ‬إلى‭ ‬قصة‭ ‬واحدة،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬المتداخلة،‭ ‬والحواديت‭ ‬المتنوعة،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬مشاهد‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬أسعد‭ ‬حظاً‭ ‬مئات‭ ‬المرات‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬ملك‭ ‬في‭ ‬الحكايات‭ ‬القديمة؛‭ ‬شهريار‭.‬

 

مسلسل‭ ‬واحد

منذ‭  ‬قرابة‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مسلسل‭ ‬واحد‭ ‬رئيس،‭ ‬مهم،‭ ‬يتم‭ ‬حشد‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات‭ ‬لإنتاجه،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬مسلسلات‭ ‬أخرى‭ ‬إضافية،‭ ‬وقد‭ ‬اخترت‭ ‬مسألة‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬عرض‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬صيام‭ ‬صيام‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إخراج‭ ‬محمد‭ ‬فاضل،‭ ‬الذي‭ ‬حاول‭ ‬التلفزيون‭ ‬المصري،‭ ‬كمنتج،‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬أبنائي‭ ‬الأعزاء‭ ‬شكراً‮»‬،‭ ‬كي‭ ‬يستعين‭ ‬بأغلب‭ ‬من‭ ‬عملوا‭ ‬به،‭ ‬لكن‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬المسلسل‭ ‬أن‭ ‬أحداثه‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬رمضان‭ ‬نفسها،‭ ‬فقد‭ ‬أذيعت‭ ‬الحلقة‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬ليلة‭ ‬الرؤية‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬عنوانها‭ ‬بالفعل‭ ‬هو‭ ‬‮«‬ليلة‭ ‬الرؤية‮»‬،‭ ‬وتركزت‭ ‬أحداث‭ ‬المسلسل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬حلقة‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬كأن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬رمضان،‭ ‬تدور‭ ‬الأحداث‭ ‬بين‭ ‬الإخوة‭ ‬بالفعل‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬رمضان،‭ ‬وقد‭ ‬سمى‭ ‬بطل‭ ‬المسلسل‭ ‬الرئيسي‭ ‬‮«‬صيام‮»‬‭ (‬يحيى‭ ‬الفخراني‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬الممثل‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬البطل‭ ‬الرئيس‭ ‬للمسلسلات‭ ‬الرمضانية،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬ليالي‭ ‬الحلمية‮»‬‭ ‬بأجزائها‭ ‬الستة‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2017،‭ ‬تكرر‭ ‬الحدث‭ ‬حين‭ ‬قدم‭ ‬المخرج‭ ‬سامح‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬كريم‮»‬،‭ ‬بطولة‭ ‬روبي،‭ ‬وفيه‭ ‬رأينا‭ ‬مظاهر‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كافة،‭ ‬كما‭ ‬يعيشها‭ ‬البسطاء‭ ‬طوال‭ ‬الشهر،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الشعائر،‭ ‬وما‭ ‬يعانيه‭ ‬رب‭ ‬أسرة‭ ‬لتدبير‭ ‬تكاليف‭ ‬المعيشة،‭ ‬وهو‭ ‬يستعد‭ ‬لتزويج‭ ‬ابنته‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬الأولى‭.‬

 

حصار‭ ‬الدراما‭ ‬الرمضانية

ربع‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬المسلسلات،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬حصر‭ ‬كافة‭ ‬الأعمال،‭ ‬ولياليها،‭ ‬أي‭ ‬عدد‭ ‬حلقاتها،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬الناس،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬النجاحات‭ ‬ولدت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدراما،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬مسلسل‭ ‬ما،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني،‭ ‬بما‭ ‬أكد‭ ‬أننا‭ ‬بالفعل‭ ‬أمام‭ ‬ظاهرة‭ ‬‮«‬الأوبر‭ ‬الصابونية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬اشتهرت‭ ‬بها‭ ‬المسلسلات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬ديناستي‮»‬،‭ ‬و«الجريء‭ ‬والجميلات‮»‬،‭ ‬و«دالاس‮»‬‭.‬

لذا‭ ‬سوف‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حصار‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الرمضانية‭ ‬الأكثر‭ ‬حضوراً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬السمات‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بينها،‭ ‬والتي‭ ‬تعرض‭ ‬تباعاً‭ ‬في‭ ‬القنوات‭ ‬العربية‭ ‬بأشكالها‭ ‬كافة‭.‬

فيما‭ ‬قبل‭ ‬كان‭ ‬المسلسل‭ ‬الرمضاني‭ ‬يقتصر‭ ‬إنتاجه‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬بوزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرية،‭ ‬وكان‭ ‬القطاع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬توزيع‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬وبيعها‭ ‬إلى‭ ‬المحطات‭ ‬الأرضية،‭ ‬وفيما‭ ‬بعد‭ ‬تغيّر‭ ‬الأمر‭ ‬كثيراً،‭ ‬فقد‭ ‬دخل‭ ‬المنتجون‭ ‬كقطاع‭ ‬خاص‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬أو‭ ‬التوزيع،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ميزانيات‭ ‬ضخمة‭ ‬لإنتاج‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال،‭ ‬حيث‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬السينما،‭ ‬وقد‭ ‬هدف‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬دوماً‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬ربح‭ ‬ملحوظ‭ ‬ببيع‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬إلى‭ ‬قنوات‭ ‬البث‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬تملك‭ ‬حق‭ ‬العرض‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭.‬

وقد‭ ‬حظيت‭ ‬مسلسلات‭ ‬بعينها‭ ‬باهتمام‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬فرصد‭ ‬لها‭ ‬ميزانيات‭ ‬ضخمة،‭ ‬والحق‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬إدارة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬ازدهار‭ ‬صناعة‭ ‬المسلسلات‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬وكان‭ ‬ممدوح‭ ‬الليثي‭ ‬أبرز‭ ‬من‭ ‬تولوا‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وكي‭ ‬نعبّر‭ ‬عن‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬الأزمنة،‭ ‬فإن‭ ‬الإنتاج‭ ‬التلفزيوني‭ ‬كان‭ ‬4‭ ‬مسلسلات‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬أما‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬فقد‭ ‬أنتجت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬مسلسلاً‭.‬

 

مئة‭ ‬حلقة

في‭ ‬البداية،‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬حلقات‭ ‬كل‭ ‬مسلسل‭ ‬قليلاً،‭ ‬بعضه‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬خمس‭ ‬عشرة‭ ‬حلقة،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مسلسلين‭ ‬يمكنهما‭ ‬العرض‭ ‬طوال‭ ‬الشهر،‭ ‬ثم‭ ‬لم‭ ‬يلبث‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬تغيّر،‭ ‬فصار‭ ‬عدد‭ ‬الحلقات‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬33‭ ‬حلقة،‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬ليالي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وأيام‭ ‬عيد‭ ‬الفطر،‭ ‬وشيئاً‭ ‬فشيئاً‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬الحلقات،‭ ‬وصارت‭ ‬المسلسلات‭ ‬الآن‭ ‬طويلة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬حيث‭ ‬صارت‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬تقدم‭ ‬مسلسلات‭ ‬متعددة‭ ‬الحلقات‭ ‬بما‭ ‬يقارب‭ ‬المئة،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬الأب‭ ‬الروحي‮»‬‭ ‬و«كلبش‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬سنشاهد‭ ‬بقية‭ ‬حلقاته‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬وأيضاً‭ ‬‮«‬ظل‭ ‬الرئيس‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التلفزيون‭ ‬المحلي‭ ‬المصري،‭ ‬فإنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مسلسلان‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬رئيسيان‭ ‬يعرضان‭ ‬طوال‭ ‬الشهر‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬القناة‭ ‬الأولى،‭ ‬وهناك‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬القناة‭ ‬الثانية،‭ ‬وأغلب‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬المسلسل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أما‭ ‬المسلسل‭ ‬الديني،‭ ‬وهو‭ ‬أساسي‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬فكان‭ ‬يعرض‭ ‬قرابة‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬بزوغ‭ ‬الشمس‭. ‬يعني‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬توليفة‭ ‬أساسية‭ ‬يجب‭ ‬توافرها‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬الرمضانية‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬اجتماعي،‭ ‬ديني،‭ ‬كوميدي،‭ ‬وذلك‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الفوازير،‭ ‬وبرامج‭ ‬المنوعات،‭ ‬والمسابقات،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مسافات‭ ‬بينية‭ ‬بين‭ ‬العروض‭ ‬الرئيسية‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭.‬

ولم‭ ‬يفكر‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬ما،‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬مسلسلات‭ ‬بعينها،‭ ‬خاصة‭ ‬‮«‬رأفت‭ ‬الهجان‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬إنتاج‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني،‭ ‬يعني‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬المضمون،‭ ‬فطالما‭ ‬أن‭ ‬عملاً‭ ‬ما‭ ‬نجح،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬استعادته‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أمر‭ ‬مضمون‭ ‬الرواج،‭ ‬لأنه‭ ‬مكتوب‭ ‬من‭ ‬الكاتب‭ ‬نفسه،‭ ‬ويعمل‭ ‬فيه‭ ‬طاقم‭ ‬العاملين‭ ‬الرئيسيين،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬المخرج،‭ ‬والممثلون،‭ ‬الذين‭ ‬صارت‭ ‬المسلسلات‭ ‬تسمى‭ ‬بأسمائهم‭.‬

 

‮«‬رأفت‭ ‬الهجان‮»‬

ولو‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬رأفت‭ ‬الهجان‮»‬،‭ ‬تأليف‭ ‬صالح‭ ‬مرسي،‭ ‬وإخراج‭ ‬يحيى‭ ‬العلمي،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬المؤلف‭ ‬كان‭ ‬يمكنه‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬واحدة،‭ ‬لكن‭ ‬الجزء‭ ‬الأول،‭ ‬انتهى‭ ‬برحيل‭ ‬رأفت‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تكملة،‭ ‬وقد‭ ‬صار‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬تنتظر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬لاستكمال‭ ‬المغامرة،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬جزء‭ ‬ثانٍ‭ ‬وثالث‭ ‬،‭ ‬وصورت‭ ‬رواية‭ ‬الكاتب‭ ‬تلفزيونياً‭ ‬في‭ ‬61‭ ‬حلقة‭ ‬كظاهرة‭ ‬غير‭ ‬مألوفة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المسلسل‭ ‬راهن‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬أبرز‭ ‬نجوم‭ ‬السينما،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬محمود‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬ويسرا‭.‬

في‭ ‬الأجزاء‭ ‬الثلاثة،‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الممثلين‭ ‬أنفسهم‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬حاضرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الشخصيات‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬التقى‭ ‬بها‭ ‬العميل‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وأوربا،‭ ‬واختلفت‭ ‬شخصيات‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬جاذبيتها،‭ ‬مثل‭ ‬محسن‭ ‬ممتاز‭.‬

وقد‭ ‬حدث‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬ليالي‭ ‬الحلمية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬خمسة‭ ‬أجزاء‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬فترات‭ ‬متقاربة،‭ ‬عُرض‭ ‬بأكمله‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬عمل‭ ‬الجزء‭ ‬السادس‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المؤلف‭ ‬والمخرج،‭ ‬فولد‭ ‬عملاً‭ ‬باهتاً،‭ ‬وقد‭ ‬بدت‭ ‬الحلقات‭ ‬التالية‭ ‬دائماً‭ ‬أقل‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬الأولى،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الجزأين‭ ‬الخامس‭ ‬والسادس،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬تمتع‭ ‬به‭ ‬المسلسل‭ ‬كان‭ ‬بمنزلة‭ ‬مسؤولية‭ ‬حقيقية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬عملوا‭ ‬به،‭ ‬فاجتهدوا‭ ‬وأبقوه‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬النجاح،‭ ‬وقد‭ ‬ساعد‭ ‬هذا‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬نجوميتهم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬نفسه،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة،‭ ‬سواء‭ ‬المؤلف‭ ‬أو‭ ‬المخرج‭ ‬أو‭ ‬الممثلون،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬يحيى‭ ‬الفخراني،‭ ‬وصلاح‭ ‬السعدني،‭ ‬وصفية‭ ‬العمري،‭ ‬وإلهام‭ ‬شاهين،‭ ‬بل‭ ‬وكافة‭ ‬من‭ ‬اشتغل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسلسل‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬اعتذروا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬السادس‭ ‬والأخير،‭ ‬ولا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أحداً‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬الجرأة‭ ‬يوماً‭ ‬لعمل‭ ‬حلقات‭ ‬إضافية‭.‬

 

‮«‬أرابيسك‮»‬

من‭ ‬بين‭ ‬المسلسلات‭ ‬الأخرى‭ ‬الرمضانية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬عمل‭ ‬أجزاء‭ ‬ثانية‭ ‬لها‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬رحلة‭ ‬المليون‮»‬‭ ‬إخراج‭ ‬أحمد‭ ‬بدرالدين،‭ ‬وبطولة‭ ‬محمد‭ ‬صبحي،‭ ‬و«المال‭ ‬والبنون‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬ظل‭ ‬الرئيس‭ ‬2018‮»‬‭.‬

السمة‭ ‬المهمة‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬مسلسلات‭ ‬رمضان‭ ‬طوال‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬هي‭ ‬اعتمادها‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬نجوم‭ ‬السينما‭ ‬البارزين،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نجوماً‭ ‬بأعينهم‭ ‬يلمعون‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬السينما،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وقد‭ ‬اهتم‭ ‬المخرجون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬بمحاولة‭ ‬خاصة‭ ‬بالحضور،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قبول‭ ‬المغامرة‭ ‬يعني‭ ‬الكثير،‭ ‬مثل‭ ‬ضمان‭ ‬نجاح‭ ‬المسلسل،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأجر،‭ ‬وقد‭ ‬استطاعت‭ ‬شركات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬دراما‭ ‬رمضان‭ ‬إقناع‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬مسلسلات‭ ‬أذيعت‭ ‬فقط‭ ‬وحصرياً‭ ‬علي‭ ‬شاشتها‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭: ‬‮«‬دموع‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬وقحة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مسلسل‭ ‬وطني‭ ‬حول‭ ‬شاب‭ ‬مصري‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يخدع‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭  ‬في‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬المسلسل‭ ‬دفع‭ ‬بقطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬عرض‭ ‬على‭ ‬الممثل‭ ‬نفسه‭ ‬لتأدية‭ ‬شخصية‭ ‬رأفت‭ ‬الهجان،‭ ‬لكن‭ ‬اختلافاً‭ ‬حول‭ ‬السيناريو‭ ‬المكتوب،‭ ‬دفع‭ ‬بالمسلسل‭ ‬إلى‭ ‬محمود‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬كي‭ ‬يقوم‭ ‬بالدور،‭ ‬ليؤدي‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬أدوار‭ ‬حياته‭. ‬كي‭ ‬يظل‭ ‬متردداً‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬في‭ ‬‮«‬محمود‭ ‬المصري‮»‬‭. ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬شاهدناه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬رحيله‭ ‬يتفرغ‭ ‬فقط‭ ‬للدراما‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬ومنها‭: ‬‮«‬جبل‭ ‬الحلال‮»‬،‭ ‬و«باب‭ ‬الخلق‮»‬،‭ ‬و«رأس‭ ‬الغول‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ابتعد‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬السينما،‭ ‬وكانت‭ ‬الدنيا‭ ‬قد‭ ‬انقلبت‭ ‬تماماً‭ ‬بالعلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأفلام‭ ‬والمسلسلات‭.‬

 

نور‭ ‬القمر

أثبتت‭ ‬التجربة‭ ‬أن‭ ‬نجوم‭ ‬السينما‭ ‬يتألقون‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬كحل‭ ‬للوجود‭ ‬البديل،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬العرض‭ ‬إلى‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة،‭ ‬لتعمل‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬مسلسلين،‭ ‬كان‭ ‬وجودها‭ ‬وحده‭ ‬منقذاً‭ ‬للدراما،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬كانت‭ ‬تشاهد‭ ‬الفنانة‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬النص،‭ ‬في‭ ‬‮«‬ضمير‭ ‬أبله‭ ‬حكمت‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1991،‭ ‬و‮«‬نور‭ ‬القمر‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1999‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬نجوم‭ ‬السينما‭ ‬الذين‭ ‬لمعوا‭ ‬في‭ ‬مسلسلات‭ ‬رمضان،‭ ‬سميرة‭ ‬أحمد،‭ ‬في‭ ‬‮«‬أميرة‭ ‬في‭ ‬عابدين‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬ونور‭ ‬الشريف‭ ‬الذي‭ ‬لمع‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬منها‭ ‬‮«‬لن‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬أبي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬و«رجل‭ ‬الأقدار‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬و«عائلة‭ ‬الحاج‭ ‬متولي‮»‬،‭ ‬و«الرجل‭ ‬الآخر‮»‬‭.‬

وظل‭ ‬يعمل‭ ‬سنوياً‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭ ‬في‭ ‬الدراما،‭ ‬ويمثل‭ ‬حضوراً‭ ‬ملحوظاً،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انحسرت‭ ‬عنه‭ ‬الأضواء‭ ‬والحيوية‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭.‬

على‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نجوم‭ ‬بأعينهم‭ ‬يلمعون‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬والسينما‭ ‬بالقدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬لبثوا‭ ‬أن‭ ‬تفرغوا‭ ‬لمسلسلات‭ ‬رمضان‭ ‬دون‭ ‬غيرها،‭ ‬ولعل‭ ‬يحيى‭ ‬الفخراني،‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬بحضوره‭ ‬وموهبته،‭ ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬حضوره‭ ‬الطاغي،‭ ‬وأداءه‭ ‬التمثيلي،‭ ‬قد‭ ‬جعلاه‭ ‬الحاضر‭ ‬دوماً‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬طوال‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬أي‭ ‬انقطاع،‭ ‬تباينت‭ ‬المستويات‭ ‬الفنية‭ ‬لهذه‭ ‬الأعمال،‭ ‬لكن‭ ‬الفخراني‭ ‬يظل‭ ‬دائماً‭ ‬محفوراً‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬المشاهدين‭.‬

 

تحوّل‭ ‬ملحوظ

هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النجوم،‭ ‬ظلوا‭ ‬يتنقلون‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬بين‭ ‬السينما‭ ‬والتلفزيون‭ ‬بالقوة‭ ‬نفسها،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حدث‭ ‬تغيّر‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬خريطة‭ ‬السينما‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1997،‭ ‬بعرض‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬إسماعيلية‭ ‬رايح‭ ‬جاي‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬إلهام‭ ‬شاهين،‭ ‬وحسين‭ ‬فهمي،‭ ‬ويسرا،‭ ‬وهشام‭ ‬سليم،‭ ‬وليلى‭ ‬علوي،‭ ‬وخالد‭ ‬الصاوي،‭ ‬في‭ ‬مسلسلات‭ ‬عديدة‭.‬

ثم‭ ‬جاء‭ ‬العقد‭ ‬الحالي‭ ‬بنجومه‭ ‬المطلوبين‭ ‬بقوة،‭ ‬ومنهم‭ ‬هيفاء‭ ‬وهبي،‭ ‬ونيللي‭ ‬كريم،‭ ‬ويوسف‭ ‬الشريف،‭ ‬ثم‭ ‬كريم‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمرو‭ ‬يوسف،‭ ‬وأمير‭ ‬كرارة،‭ ‬وطارق‭ ‬لطفي،‭ ‬وهي‭ ‬أسماء‭ ‬صارت‭ ‬نجوماً‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الدراما‭ ‬الرمضانية‭.‬

وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وبعد‭ ‬التحول‭ ‬الملحوظ‭ ‬لبعض‭ ‬النجوم‭ ‬اللامعين،‭ ‬اتجه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نادية‭ ‬الجندي،‭ ‬ونبيلة‭ ‬عبيد،‭ ‬وفيفي‭ ‬عبده،‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬في‭ ‬مسلسلات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬من‭ ‬أطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬هند‭ ‬علام؟‮»‬،‭ ‬و«العمة‭ ‬نور‮»‬،‭ ‬و«روض‭ ‬الفرج‮»‬‭. ‬وكانت‭ ‬سعاد‭ ‬حسني‭ ‬قد‭ ‬لمعت‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬هو‭ ‬وهي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1986‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬قلّ‭ ‬فيها‭ ‬حضورها‭ ‬السينمائي‭.‬

أما‭ ‬محمود‭ ‬مرسي،‭ ‬وكمال‭ ‬الشناوي،‭ ‬فقد‭ ‬تفرغا‭ ‬تقريباً‭ ‬للدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬دون‭ ‬السينما‭ ‬قبل‭ ‬رحيل‭ ‬كل‭ ‬منهما،‭ ‬وبدت‭ ‬العبقرية‭ ‬أن‭ ‬كلاً‭ ‬منهما‭ ‬طوّع‭ ‬مرحلته‭ ‬السنية‭ ‬لتقديم‭ ‬ما‭ ‬يدهش‭ ‬الناس‭.‬

 

حضور‭ ‬قوي

قام‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬على‭ ‬الحضور‭ ‬القوي‭ ‬لكتّاب‭ ‬بأعينهم،‭ ‬ثم‭ ‬الرهان‭ ‬دوماً‭ ‬عليهم،‭ ‬وظلوا‭ ‬يعملون‭ ‬بلا‭ ‬توقف،‭ ‬بعضهم‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬ومنهم‭ ‬أسامة‭ ‬أنور‭ ‬عكاشة‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬مثل‭ ‬عبقريته‭ ‬وحضوره،‭ ‬وغزارة‭ ‬إنتاجه،‭ ‬وبراعته‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الشخصيات،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يؤرخ‭ ‬للتاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسلسلات‭ ‬مهمة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الشهد‭ ‬والدموع‮»‬،‭ ‬و«ليالي‭ ‬الحلمية‮»‬،‭ ‬و«أرابيسك‮»‬،‭ ‬و«أميرة‭ ‬في‭ ‬عابدين‮»‬،‭ ‬و‮«‬ضمير‭ ‬أبله‭ ‬حكمت‮»‬،‭ ‬وغيرها،‭ ‬وعكس‭ ‬الكاتب‭ ‬رؤيته‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬التي‭ ‬أعجب‭ ‬فيها‭ ‬بالمرحلة‭ ‬الناصرية،‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬وقد‭ ‬سببت‭ ‬له‭ ‬آراؤه‭ ‬هذه‭ ‬بعض‭ ‬المتاعب‭ ‬مع‭ ‬الرقابة،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يمتثل‭ ‬إلا‭ ‬لرأيه‭.‬

ومثل‭ ‬هذا‭ ‬الخضم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬مسلسلات‭ ‬رمضان‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يكتفي‭ ‬بكاتب‭ ‬واحد،‭ ‬أو‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الكتّاب،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أسماء‭ ‬أخرى‭ ‬مهمة،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬وحيد‭ ‬حامد،‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬رؤية‭ ‬فكرية‭ ‬جريئة،‭ ‬وانتقاداً‭ ‬للتطرف‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬الجماعة‮»‬‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬تكرر‭ ‬مع‭ ‬عرض‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬وهو‭ ‬المؤلف‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬مسلسلات‭ ‬لها‭ ‬جرأتها،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أوان‭ ‬الورد‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الكتّاب‭ ‬الذين‭ ‬ظهروا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬مصطفى‭ ‬محرم،‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬السينما،‭ ‬والذي‭ ‬قدّم‭ ‬تجربته‭ ‬المهمة‭ ‬‮«‬لن‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬أبي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬من‭ ‬الأدب،‭ ‬ثم‭ ‬قدّم‭ ‬نصوصه‭ ‬الدرامية‭ ‬الخاصة‭ ‬به،‭ ‬التي‭ ‬استطاع‭ ‬في‭ ‬أغلبها‭ ‬إثارة‭ ‬جدل‭ ‬اجتماعي‭ ‬وإعجاب‭ ‬ملحوظ،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬عائلة‭ ‬الحاج‭ ‬متولي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬حيث‭ ‬حاول‭ ‬العزف‭ ‬على‭ ‬النغمة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مسلسلات‭ ‬تالية‭ ‬له،‭ ‬منها‭ ‬‮«‬العطار‭ ‬والسبع‭ ‬بنات‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬كما‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬ريا‭ ‬وسكينة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬أيضاً‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬عند‭ ‬عرضه‭.‬

 

‮«‬الضوء‭ ‬الشارد‮»‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬أيضاً‭ ‬محمد‭ ‬جلال‭ ‬عبدالقوي،‭ ‬صاحب‭ ‬مسلسلات‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬‮«‬المال‭ ‬والبنون‮»‬،‭ ‬و«حضرة‭ ‬المتهم‭ ‬أبي‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬بدا‭ ‬عزوفاً‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬أي‭ ‬جديد،‭ ‬رغم‭ ‬أهمية‭ ‬كتاباته،‭ ‬ولمع‭ ‬اسم‭ ‬محمد‭ ‬صفاء‭ ‬عامر‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬عالم‭ ‬الصعيد‭ ‬وتقاليده‭ ‬في‭ ‬‮«‬الضوء‭ ‬الشارد‮»‬،‭ ‬و«حدائق‭ ‬الشيطان‮»‬‭.‬

ثم‭ ‬لمع‭ ‬مجدي‭ ‬صابر‭ ‬مع‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬الرجل‭ ‬الآخر‮»‬،‭ ‬وصار‭ ‬حاضراً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعمال‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬للعائلة‭ ‬وجوه‭ ‬كثيرة‮»‬،‭ ‬وظهر‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬أيضاً‭ ‬مؤلفون‭ ‬مهمون؛‭ ‬منهم‭ ‬يوسف‭ ‬معاطي‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬مسلسلات‭ ‬لعادل‭ ‬إمام‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الثماني‭ ‬الأخيرة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬مأمون‭ ‬وشركاه‮»‬‭ ‬و«أستاذ‭ ‬ورئيس‭ ‬قسم‮»‬‭.‬

وهناك‭ ‬تامر‭ ‬حببب،‭ ‬الذي‭ ‬لاقت‭ ‬كتاباته‭ ‬الإعجاب‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬جراند‭ ‬أوتيل‮»‬‭ ‬و«لا‭ ‬تطفئ‭ ‬الشمس‮»‬،‭ ‬وأيضاً‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬كمال‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬أغلب‭ ‬المسلسلات‭ ‬الأخيرة‭ ‬للنجم‭ ‬يحيى‭ ‬الفخراني،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الخواجة‭ ‬عبدالقادر‮»‬‭ ‬و‮«‬ونوس‮»‬‭.‬

هؤلاء‭ ‬المؤلفون‭ ‬كتبوا‭ ‬أعمالهم‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬أفكارهم،‭ ‬ولم‭ ‬تتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بأعمال‭ ‬أدبية‭ ‬لتقديمها‭ ‬إلى‭ ‬التلفزيون‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ضيقة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬كفر‭ ‬عسكر‮»‬،‭ ‬المأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬لأحمد‭ ‬الشيخ،‭ ‬و«حديث‭ ‬الصباح‭ ‬والمساء‮»‬،‭ ‬و«أفراح‭ ‬القبة‮»‬‭ ‬عن‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬و«لن‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬أبي‮»‬،‭ ‬و«لا‭ ‬تطفئ‭ ‬الشمس‮»‬‭ ‬عن‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس،‭ ‬و«الزيني‭ ‬بركات‮»‬‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬الغيطاني،‭ ‬و«واحة‭ ‬الغروب‮»‬‭ ‬لبهاء‭ ‬طاهر،‭ ‬و«أنا‭ ‬عشقت‮»‬‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬لمحمد‭ ‬المنسي‭ ‬قنديل‭.‬

 

الأدب‭ ‬التلفزيوني

أما‭ ‬صالح‭ ‬مرسي‭ ‬فقد‭ ‬كتب‭ ‬سيناريوهات‭ ‬أعماله‭ ‬المأخوذة‭ ‬عن‭ ‬رواياته،‭ ‬عدا‭ ‬‮«‬الحفار‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬صرح‭ ‬أسامة‭ ‬أنور‭ ‬عكاشة‭ ‬أنه‭ ‬يكتب‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬بالأدب‭ ‬التلفزيوني،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬آداب‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أحيا‭ ‬في‭ ‬أعماقه‭ ‬الكاتب‭ ‬الروائي،‭ ‬ونشر‭ ‬روايات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بالأهمية‭ ‬نفسها‭ ‬لأعماله‭ ‬الدرامية،‭ ‬وطبع‭ ‬الكاتب‭ ‬سيناريوهات‭ ‬مسلسلاته‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬ورقية‭.‬

ومثلما‭ ‬صار‭ ‬مخرجو‭ ‬ومؤلفو‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬نجوماً،‭ ‬فإن‭ ‬النجومية‭ ‬قد‭ ‬مست‭ ‬أيضاً‭ ‬المخرجين‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكرار‭ ‬ظهور‭ ‬أسمائهم‭ ‬مع‭ ‬المؤلفين،‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الحلقات‭ ‬ونهايتها،‭ ‬قد‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬نجوميتهم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬جودة‭ ‬الأعمال،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬محمد‭ ‬فاضل،‭ ‬ويحيى‭ ‬العلمي‭ (‬رأفت‭ ‬الهجان‭ - ‬بنات‭ ‬أفكاري‭)‬،‭ ‬وجمال‭ ‬عبدالحميد‭ (‬أرابيسك‭ - ‬ريا‭ ‬وسكينة‭)‬،‭ ‬ومجدي‭ ‬أبوعميرة‭ (‬المال‭ ‬والبنون‭)‬،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬أحمد‭ ‬صقر،‭ ‬وعمرو‭ ‬عابدين،‭ ‬وسامح‭ ‬عبدالعزيز‭.‬

كما‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬السينما‭ ‬إلى‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أحمد‭ ‬نادر‭ ‬جلال،‭ ‬ومحمد‭ ‬النجار،‭ ‬وحسين‭ ‬كمال،‭ ‬وسمير‭ ‬سيف،‭ ‬وخيري‭ ‬بشارة،‭ ‬ومجدي‭ ‬أحمد‭ ‬علي‭.... ‬والقائمة‭ ‬تطول‭.‬

وقد‭ ‬خلق‭ ‬عرض‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ظاهرة‭ ‬جديدة،‭ ‬إعلامية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات،‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عديدة،‭ ‬تشهد‭ ‬تجمعات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬مثل‭ ‬النوادي‭ ‬الرياضية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وبعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الأهلية،‭ ‬والمراكز‭ ‬الثقافية‭.‬

 

سيرة‭ ‬المشاهير

تنافست‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬وغيرها‭ ‬على‭ ‬استضافة‭ ‬العاملين‭ ‬بالمسلسلات،‭ ‬وأيضاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتابع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة،‭ ‬كما‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬ازدهار‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬ارتباط‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬بالمشكلات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬خاصة‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬عقب‭ ‬عرض‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬الجماعة‮»‬‭.‬

في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬لمعت‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬التي‭ ‬تلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭ ‬المشاهير،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬المعاصرين،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة،‭ ‬لاسيما‭ ‬الفنون،‭ ‬ورجال‭ ‬الدين،‭ ‬فبعد‭ ‬النجاح‭ ‬المدوي‭ ‬لقصة‭ ‬حياة‭ ‬‮«‬أم‭ ‬كلثوم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أخرجتها‭ ‬إنعام‭ ‬محمد‭ ‬علي،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬محفوظ‭ ‬عبدالرحمن،‭ ‬اتجهت‭ ‬الأنظار‭ ‬إلى‭ ‬التوغل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬لمشاهير‭ ‬يحبهم‭ ‬الناس‭ ‬كثيراً‭.‬

وقد‭ ‬سبق‭ ‬لهذه‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬قدمت‭ ‬سيراً‭ ‬ناجحة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬عباس‭ ‬العقاد،‭ ‬وطه‭ ‬حسين،‭ ‬وبعد‭ ‬نجاح‭ ‬‮«‬أم‭ ‬كلثوم‮»‬،‭ ‬جسّد‭ ‬حسن‭ ‬يوسف‭ ‬شخصيات‭ ‬دينية‭ ‬معاصرة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الشيخ‭ ‬متولي‭ ‬الشعراوي‮»‬،‭ ‬و«الإمام‭ ‬المراغي‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬عرضت‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬كما‭ ‬أشرنا،‭ ‬وشاهد‭ ‬الناس‭ ‬معاً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬عن‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ،‭ ‬وعن‭ ‬سعاد‭ ‬حسني،‭ ‬وليلي‭ ‬مراد،‭ ‬وصباح،‭ ‬وأيضاً‭ ‬عن‭ ‬زعماء‭ ‬السياسة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر،‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬له‭ ‬سحر‭ ‬درامي‭ ‬مميز‭ ‬لدى‭ ‬الجميع،‭ ‬كما‭ ‬شاهدوا‭ ‬مسلسلاً‭ ‬طويلاً‭ ‬كتبه‭ ‬محمد‭ ‬السيد‭ ‬عيد‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭ ‬للكاتب‭ ‬والمفكر‭ ‬قاسم‭ ‬أمين‭.‬

وقبل‭ ‬عامين‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مسلسل‭ ‬حول‭ ‬إسماعيل‭ ‬يس،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تقلصت‭ ‬في‭ ‬‮«‬رمضان‮»‬‭ ‬الفائت،‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬الحالي‭.‬

 

قنوات‭ ‬متخصصة

ساعد‭ ‬هذا‭ ‬الازدهار‭ ‬الرمضاني‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬قنوات‭ ‬تلفزيونية‭ ‬متخصصة‭ ‬لعرض‭ ‬المسلسلات،‭ ‬وتشهد‭ ‬هذه‭ ‬المحطات‭ ‬ازدهاراً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حيث‭ ‬تتسابق‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬المسلسلات‭ ‬قبل‭ ‬غيرها‭ ‬بأيام‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ساعات،‭ ‬أو‭ ‬احتكار‭ ‬العرض،‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬حصرياً‮»‬‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المحطات‭.‬

وبث‭ ‬التلفزيون‭ ‬المصري‭ ‬قناة‭ ‬الدراما،‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬محطات‭ ‬مخصصة‭ ‬لبث‭ ‬المسلسلات‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الكوميدية‭ ‬لـكل‭ ‬من‭ ‬‮«‬ART‮»‬،‭ ‬و«أوربت‮»‬‭ ‬و«الحياة‮»‬‭.‬

وهناك‭ ‬عشرات‭ ‬القنوات‭ ‬المتخصصة‭ ‬التي‭ ‬تبث‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬الإعلام‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬ليست‭ ‬بالجاذبية‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬قنوات‭ ‬الأفلام،‭ ‬التي‭ ‬زاد‭ ‬عددها‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭.‬

وفي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬تنزوي‭ ‬الأفلام،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تزدهر‭ ‬فيه‭ ‬عروض‭ ‬المسلسلات،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كثرة‭ ‬هذه‭ ‬القنوات،‭ ‬قد‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬بث‭ ‬المسلسلات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬رأفت‭ ‬الهجان‮»‬،‭ ‬و«الأيام‮»‬،‭ ‬و«ليالي‭ ‬الحلمية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موجوداً‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

موضوعات‭ ‬هذه‭ ‬المسلسلات‭ ‬اجتماعية‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬وتتباين‭ ‬أماكن‭ ‬حدوثها،‭ ‬من‭ ‬صعيد‭ ‬مصر‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬حدائق‭ ‬الشيطان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬‮«‬أماكن‭ ‬في‭ ‬القلب‮»‬،‭ ‬والمدينة‭ ‬في‭ ‬‮«‬أوان‭ ‬الورد‮»‬،‭ ‬و«للعدالة‭ ‬وجوه‭ ‬كثيرة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬المسلسلات‭ ‬التاريخية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬رجل‭ ‬الأقدار‮»‬،‭ ‬و«الزيني‭ ‬بركات‮»‬،‭ ‬و‮«‬الخواجة‭ ‬عبدالقادر‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬السمة‭ ‬المهمة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المسلسل‭ ‬الديني‭ ‬التاريخي،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وجوده،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الضرورة،‭ ‬في‭ ‬عروض‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الرمضانية،‭ ‬ونادراً‭ ‬ما‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬عرض‭ ‬رئيس‭.‬

أما‭ ‬النوع‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬فهو‭ ‬عما‭ ‬حققه‭ ‬رجال‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬كثيرين‭ ‬منهم‭ ‬وراء‭ ‬إنتاج‭ ‬المسلسلات،‭ ‬أو‭ ‬ترويج‭ ‬السلع‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬بين‭ ‬فقرات‭ ‬تلك‭ ‬المسلسلات‭.‬

 

نجوم‭ ‬‮«‬رمضان‮»‬

كما‭ ‬انتشرت‭ ‬الأعمال‭ ‬الكوميدية،‭ ‬والمسلسلات‭ ‬البوليسية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الغموض،‭ ‬والحركة،‭ ‬واكتشفت‭ ‬نجومها‭ ‬الجدد‭ ‬مثل‭ ‬مصطفى‭ ‬شعبان،‭ ‬ويوسف‭ ‬الشريف،‭ ‬وظافر‭ ‬عابدين،‭ ‬وآسر‭ ‬ياسين‭.‬

كان‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بمنزلة‭ ‬النجومية‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أي‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬يلمع‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬بالدرجة‭ ‬نفسها،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬تمت‭ ‬الاستعانة‭ ‬به،‭ ‬فآثروا‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬وحرصوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يظهروا‭ ‬في‭ ‬المسلسلات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المضمون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رمضانية،‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬توفيق‭ ‬عبدالحميد،‭ ‬ونهال‭ ‬عنبر،‭ ‬وسميرة‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬وماجدة‭ ‬زكي،‭ ‬وكمال‭ ‬أبو‭ ‬رية،‭ ‬ونيرمين‭ ‬الفقي،‭ ‬وإبراهيم‭ ‬يسري،‭ ‬وميرنا‭ ‬وليد،‭ ‬وبيومي‭ ‬فؤاد،‭ ‬ورشوان‭ ‬توفيق،‭ ‬وأنوشكا،‭ ‬وسوسن‭ ‬بدر،‭ ‬وروجينا،‭ ‬وجمال‭ ‬سليمان،‭ ‬والغريب‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬شهرتهم‭ ‬كممثلين‭ ‬في‭ ‬التلفزيون،‭ ‬فإن‭ ‬أياً‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬يلمع‭ ‬بالدرجة‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬السينما،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬دراما‭ ‬أصحابها‭ ‬الذين‭ ‬يلمعون‭ ‬فيها‭ ‬بدرجة‭ ‬ما‭.‬

في‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬العقد،‭ ‬وقبل‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬برزت‭ ‬الدراما‭ ‬السورية‭ ‬التاريخية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وسحبت‭ ‬الانتباه‭ ‬من‭ ‬الدراما‭ ‬المصرية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وبدت‭ ‬المنافسة‭ ‬لمصلحة‭ ‬الدراما‭ ‬السورية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬عرضها‭ ‬في‭ ‬أولويات‭ ‬العروض‭ ‬بالقنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬التي‭ ‬تتكاثر‭ ‬يوماً‭ ‬وراء‭ ‬يوم‭.‬

كما‭ ‬نجحت‭ ‬الدراما‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬باب‭ ‬الحارة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬عمل‭ ‬8‭ ‬أجزاء‭ ‬لوقائعه‭ ‬الطريفة‭ ‬والمحببة‭ ‬للمشاهد‭ ‬العربي‭.‬

وإذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬المسلسلات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬في‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية،‭ ‬والمحلية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬فسوف‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬عدداً‭ ‬ضخماً‭ ‬من‭ ‬المسلسلات‭ ‬قد‭ ‬عرض‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬عديدة،‭ ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬إحصاءات‭ ‬خاصة‭ ‬بالعدد،‭ ‬وساعات‭ ‬العرض،‭ ‬فإنه‭ ‬بملاحظة‭ ‬بسيطة‭ ‬سنكتشف‭ ‬أن‭ ‬المشاهد‭ ‬الرمضاني‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬اثنتين‭ ‬وسبعين‭ ‬ساعة‭ ‬يومياً‭ ‬لمتابعة‭ ‬ما‭ ‬يعرض‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬القنوات‭ ‬المتعددة‭! ‬■