تونس تبحث صورة الأنثى في كتب الأطفال

تونس تبحث صورة الأنثى في كتب الأطفال

في الشهر الذي يحتفل فيه العالم باليوم الدولي لكتاب الطفل في الثاني من أبريل، تحت مظلة المجلس الدولي لكتب اليافعين، بادر الناشطون في أدب الطفل بالجمهورية التونسية، التي تحتضن فرعًا من المجلس لتمثيل دول القارة الإفريقية، بتنظيم مؤتمر دولي بعنوان «صورة الأنثى» في كتب الأطفال... النص والرسوم، بالتعاون مع جمعية الثقافة الإفريقية (أفريكولتور) السويدية، التي مثّلتها كل من سوزانا بيتورسونغ وماتيلدا وللينغ، في الفترة من 7 إلى 12 فبراير 2019، بمدينة الحمامات التونسية، وبحضور ومشاركة كتّاب وأكاديميين ومعنيين بأدب الطفل من دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب العربي. ومثّلت المجلس التونسي د. وفاء ثابت الميزغني التي أشرفت على إدارة الندوات، وافتتحتها بورقة حول صورة الأنثى في كتب الأطفال في تونس. 

 

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬يومين‭ ‬متواصلين،‭ ‬نظّمت‭ ‬محاضرات‭ ‬وورش‭ ‬عمل‭ ‬فنية‭ ‬وأدبية‭ ‬كانت‭ ‬بمنزلة‭ ‬أيام‭ ‬دراسية‭ ‬للمشاركين،‭ ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬صورة‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬الأطفال‭ ‬نصب‭ ‬أعينهم،‭ ‬وترجموا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يرمز‭ ‬لها‭ ‬وأثره‭ ‬في‭ ‬عقلية‭ ‬الطفل،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬الصورة‭ ‬انعكاسًا‭ ‬لواقع‭ ‬الحياة‭ ‬المعيشية‭ ‬أو‭ ‬تصورًا‭ ‬لمحاكاة‭ ‬الفانتازيا‭ ‬الأدبية‭ ‬والعلمية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬النص‭ ‬الأدبي‭ ‬أو‭ ‬الرسم‭ ‬الفني‭.‬

 

مشاركة‭ ‬الكويت

‭ ‬وحول‭ ‬ذلك‭ ‬تطرّق‭ ‬المشاركون‭ ‬من‭ ‬الكويت،‭ ‬وهم‭ ‬الكاتبة‭ ‬أمل‭ ‬الرندي‭ ‬عن‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬قصصها،‭ ‬كما‭ ‬استعرضت‭ ‬الكاتبة‭ ‬والناشرة‭ ‬فاطمة‭ ‬شعبان‭ ‬تجربتها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬حول‭ ‬المعايير‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تحاكي‭ ‬صورة‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬إصداراتها‭.‬

وقد‭ ‬أثرت‭ ‬الكاتبة‭ ‬والناشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطفل،‭ ‬المهتمة‭ ‬بالتراث‭ ‬الكويتي،‭ ‬منيرة‭ ‬العيدان،‭ ‬بمداخلاتها‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬قوة‭ ‬وجسارة‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬عمومًا‭ ‬والكويتية‭ ‬خصوصًا،‭ ‬والتي‭ ‬زخرت‭ ‬بها‭ ‬القصص‭ ‬والحكايات‭ ‬التاريخية‭ ‬والتراثية،‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الأطفال‭.‬

وكان‭ ‬لمجلة‭ ‬العربي‭ ‬حضور‭ ‬ومشاركة‭ ‬محورية‭ ‬فاعلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دراسة‭ ‬قدمتها‭ ‬هذايل‭ ‬الحوقل‭ ‬حول‭ ‬مواكبة‭ ‬صورة‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬الصغير‭ ‬للتغيرات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تعرّض‭ ‬لها‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬منذ‭ ‬صدور‭ ‬المجلة‭ ‬كملحق‭ ‬في‭ ‬المجلة‭ ‬الأم‭ ‬عام‭ ‬1958‭ ‬حتى‭ ‬صدورها‭ ‬كمجلة‭ ‬مستقلة‭ ‬عام‭ ‬1986،‭ ‬كما‭ ‬استعرضت‭ ‬الأدوار‭ ‬المنوطة‭ ‬بها‭ ‬والمأمولة‭ ‬منها،‭ ‬وفقًا‭ ‬لاحتياجات‭ ‬مجتمعها‭ ‬وأمّتها‭ ‬العربية‭.‬

ومن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬كان‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الكاتب‭ ‬منصور‭ ‬العلوي،‭ ‬والأديبة‭ ‬الرسامة‭ ‬مريم‭ ‬الزرعوني‭ ‬حديث‭ ‬حول‭ ‬توظيف‭ ‬الشخوص‭ ‬الأنثوية‭ ‬في‭ ‬إنتاجهما‭ ‬الأدبي‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬تستدعيه‭ ‬مجريات‭ ‬القصة،‭ ‬دون‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بواقعها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ودورها‭ ‬المجتمعي‭. ‬

 

عرض‭ ‬تحليلي

وتحت‭ ‬المظلة‭ ‬الدولية‭ ‬للمؤتمر،‭ ‬كان‭ ‬للكاتبة‭ ‬والناشرة‭ ‬لكتب‭ ‬الأطفال،‭ ‬أمينة‭ ‬الهاشمي‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬وقفة‭ ‬مطولة‭ ‬استعرضت‭ ‬خلالها‭ ‬صورة‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المغربي،‭ ‬كما‭ ‬أثرت‭ ‬الحضور‭ ‬بحديثها‭ ‬عن‭ ‬تجربتها‭ ‬الموفقة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬ونشر‭ ‬وتوزيع‭ ‬كتب‭ ‬الأطفال،‭ ‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬مشروع‭ ‬القافلة‭ ‬الذي‭ ‬أطلقته‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬ثقافية‭ ‬وفكرية‭ ‬عربية،‭ ‬بهدف‭ ‬توفير‭ ‬الكتب‭ ‬لأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بأقلّ‭ ‬كلفة‭ ‬مادية‭ ‬ممكنة‭. ‬ومن‭ ‬الجزائر‭ ‬استعرض‭ ‬د‭. ‬سعيد‭ ‬بن‭ ‬يحيى‭ ‬بهون‭ ‬صورة‭ ‬الأنثى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬تحليلي‭ ‬لـ‭ ‬50‭ ‬قصة‭ ‬جزائرية‭ ‬حديثة‭ ‬موجّهة‭ ‬للطفل،‭ ‬شارك‭ ‬بها‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬ورشة‭ ‬عمل‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬التصوير‭ ‬الفني‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬قصص‭ ‬الأطفال‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬كان‭ ‬للمعهد‭ ‬العالي‭ ‬للفنون‭ ‬والحرف‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬صفاقس‭ ‬مشاركة‭ ‬فعالة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ورشة‭ ‬فنية‭ ‬أقيمت‭ ‬لاستلهام‭ ‬رسوم‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬حكايات‭ ‬التراث،‭ ‬أظهر‭ ‬فيها‭ ‬المشاركون‭ ‬من‭ ‬رسامين‭ ‬وكتّاب‭ ‬ومهتمين‭ ‬بأدب‭ ‬الطفل‭ ‬تعدد‭ ‬الرؤى‭ ‬الفنية‭ ‬لصورة‭ ‬المرأة،‭ ‬والتي‭ ‬تمثّلت‭ ‬
بـ‭ ‬‮«‬عليسة‮»‬‭ ‬مؤسسة‭ ‬قرطاج‭ ‬وملكتها‭. ‬وجاءت‭ ‬حصيلة‭ ‬الورشة‭ ‬لوحات‭ ‬زاخرة‭ ‬استخدم‭ ‬بها‭ ‬فن‭ ‬الرسم‭ ‬والكولاج‭. ‬

وعلى‭ ‬هامش‭ ‬المؤتمر،‭ ‬نظّم‭ ‬معرض‭ ‬لكتب‭ ‬ومجلات‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬عرضت‭ ‬بعدّة‭ ‬لغات؛‭ ‬أبرزها‭ ‬العربية‭ ‬والإنجليزية‭ ‬والفرنسية،‭ ‬كما‭ ‬زار‭ ‬الحضور‭ ‬أهم‭ ‬المدن‭ ‬الأثرية‭ ‬مثل‭ ‬سوسة‭ ‬وقرطاج‭ ‬وسيدي‭ ‬بوسعيد،‭ ‬وأبرز‭ ‬الأماكن‭ ‬الأثرية‭ ‬والثقافية‭ ‬في‭ ‬تونس؛‭ ‬مثل‭ ‬قصر‭ ‬الجم‭ ‬وجامع‭ ‬الزيتونة‭ ‬ومسرح‭ ‬قرطاج‭. ‬

وفي‭ ‬ختام‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر،‭ ‬صدرت‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬تترأسها‭ ‬ضرورة‭ ‬مراجعة‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬القصص‭ ‬الموجّهة‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬القدرات‭ ‬العقلية‭ ‬والمهارات‭ ‬الحرفية‭ ‬للأنثى‭ ‬بمختلف‭ ‬مراحل‭ ‬حياتها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تكثيف‭ ‬الدعوة‭ ‬لقراءات‭ ‬قصصية‭ ‬تعزّز‭ ‬مبدأ‭ ‬التكافؤ‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭. ‬وقد‭ ‬نال‭ ‬المشاركون‭ ‬بالمؤتمر‭ ‬شهادات‭ ‬معتمدة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الدولي‭ ‬لكتب‭ ‬الأطفال،‭ ‬كما‭ ‬حملوا‭ ‬مهام‭ ‬ومسؤوليات‭ ‬واجبة‭ ‬التنفيذ‭ ‬‭..‬