إلى أين المصير؟

إلى أين المصير؟

خدعونا‭ ‬فقالوا‭ ‬‮«‬عولمة‮»‬‭! ‬وبهذا‭ ‬المبدأ‭ ‬حَكَموا‭ ‬وتَحَكّموا،‭ ‬فأصبحنا‭ ‬بلا‭ ‬هوية،‭ ‬ولا‭ ‬ثروة‭ ‬ولا‭ ‬حرية‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬أخسروا‭ ‬الميزان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لأوطاننا‭ ‬العربية،‭ ‬قسّموا‭ ‬الثروات‭ ‬بيننا‭ ‬وبينهم‭ ‬قسمة‭ ‬ضيزى‭. ‬زرعوا‭ ‬في‭ ‬كيان‭ ‬الوطن‭ ‬أطرافاً‭ ‬صناعية؛‭ ‬أيادٍ‭ ‬غادرة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬همٌّ‭ ‬سوى‭ ‬السرقة‭ ‬والتخريب،‭ ‬عاثت‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬فساداً‭. ‬ثم‭ ‬قدموا‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬أموالنا‭ ‬عدواً‭ ‬لنا‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬متقدمة،‭ ‬ألْهت‭ ‬الأجيال‭ ‬وسفّهت‭ ‬النساء‭ ‬والرجال،‭ ‬وأطاحت‭ ‬آمال‭ ‬الحرية،‭ ‬لتكون‭ ‬قيداً‭ ‬وسجناً‭ ‬لنا‭. ‬أصبحنا‭ ‬مراقَبين‭ ‬في‭ ‬شوارعنا‭ ‬ومنازلنا‭ ‬وأماكن‭ ‬أعمالنا‭ ‬والأسواق،‭ ‬فحاصرنا‭ ‬الخوف‭ ‬وغشانا‭ ‬الهمّ‭ ‬والغم،‭ ‬والتفّت‭ ‬الساق‭ ‬بالساق،‭ ‬كقطيع‭ ‬أغنام‭ ‬يُساق‭.‬

حكم‭ ‬الزمان‭ ‬علينا‭ ‬بأن‭ ‬نحيا‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الوهم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬الله‭ ‬أمراً‭ ‬كان‭ ‬مفعولاً‭. ‬النور‭ ‬بين‭ ‬أيدينا،‭ ‬فلا‭ ‬تراه‭ ‬أعيننا‭ ‬العمياء‭ ‬ولا‭ ‬تنشرح‭ ‬به‭ ‬قلوبنا‭ ‬المظلمة‭.‬

نهوى‭ ‬الجهل،‭ ‬لنعيش‭ ‬فيه‭ ‬زماناً،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬الكُفْرُ‭ ‬بالعلمِ‭ ‬إيماناً،‭ ‬وصارت‭ ‬الفِكْرة‭ ‬الخلاقة‭ ‬وسواساً،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أضغاث‭ ‬الأحلام‭ ‬رؤىً،‭ ‬والأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬مرجعاً‭... ‬الخوف‭ ‬يحاصرنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ناحية،‭ ‬يتغلغل‭ ‬في‭ ‬القلوب‭ ‬ويفيض‭ ‬على‭ ‬النفوس‭ ‬ويرهق‭ ‬العقول‭ ‬ويزهق‭ ‬الأرواح،‭ ‬لنرى‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬مكان،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المأكل‭ ‬والمشرب‭ ‬والملبس‭ ‬والسكن‭!‬

ثم‭ ‬خدعونا‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الحرية‮»‬،‭ ‬فخططوا‭ ‬ليقدّموا‭ ‬لنا‭ ‬فوضى،‭ ‬أضرت‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أضرت‭ ‬بأهلٍ‭ ‬لنا‭. ‬وعمّ‭ ‬خراب‭ ‬الديار،‭ ‬وانتشر‭ ‬الدمار،‭ ‬وانكسرت‭ ‬النفوس،‭ ‬وتفرّق‭ ‬الشمل،‭ ‬وضاعت‭ ‬الذكريات،‭ ‬وانهمرت‭ ‬العَبَرات،‭ ‬ليتوضأ‭ ‬بها‭ ‬الصائمون‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬ويغتسل‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬من‭ ‬دموع‭ ‬الثكالى‭ ‬والأرامل‭ ‬والأيتام‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭ ‬من‭ ‬تفكك‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬والسودان‭ ‬واليمن،‭ ‬وشتات‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أبنائها‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬والعراق،‭ ‬والجوع‭ ‬الممزق‭ ‬للصومال،‭ ‬يظل‭ ‬هناك‭ ‬بريق‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القيادات‭ ‬العربية‭ ‬الحكيمة،‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬وقفت‭ ‬أمام‭ ‬المحن‭ ‬لتضع‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬مادية‭ ‬وسياسية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬شعوبها‭ ‬وبقية‭ ‬شعوب‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬واتخاذ‭ ‬الحذر‭ ‬بعداً‭ ‬عن‭ ‬الخطر‭. ‬

أترى‭ ‬تضيع‭ ‬من‭ ‬أيادينا‭ ‬أوطان‭ ‬غير‭ ‬فلسطين؟‭! ‬فلسطين‭ ‬الحبيبة‭... ‬فلسطين‭ ‬السليبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬نبكي‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬أهلها‭ ‬الذين‭ ‬غدرت‭ ‬بهم‭ ‬كل‭ ‬أيادي‭ ‬الشرّ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭. ‬ألا‭ ‬يا‭ ‬أهل‭ ‬فلسطين‭ ‬يا‭ ‬رمز‭ ‬إلهام‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬بالصمود‭ ‬والتحدي،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الأجيال‭ ‬تستلهم‭ ‬منكم‭ ‬القوة‭.‬

هذا‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭ ‬قد‭ ‬حلّ،‭ ‬وليالٍ‭ ‬عشر‭ ‬تختمه،‭ ‬ثم‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬الذي‭ ‬تحتفل‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬به‭ ‬وفيه،‭ ‬داعية‭ ‬مستبشرة‭ ‬مبتهلة‭ ‬بدوام‭ ‬السعادة‭ ‬والهناء‭.‬

واليوم،‭ ‬سُرقَت‭ ‬منا‭ ‬الأعياد‭ ‬كما‭ ‬سُرقَ‭ ‬منّا‭ ‬الفرح‭ ‬والسرور،‭ ‬ونُهبت‭ ‬الديار‭ ‬والدور،‭ ‬وسُلِبَت‭ ‬الكرامة‭ ‬والأرواح،‭ ‬ودُمِّرت‭ ‬المُدُن،‭ ‬وحُكِمَ‭ ‬علينا‭ ‬بالخوفِ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحنا‭ ‬نخاف‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬والفرح‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نجمع‭ ‬قوانا‭ ‬ونتكاتف،‭ ‬صرنا‭ ‬نتقاتل‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬بكل‭ ‬عنف‭ ‬ودموية،‭ ‬تحت‭ ‬صيحات‭ ‬زائفة،‭ ‬ومقالات‭ ‬مشبوهة،‭ ‬ومقاصد‭ ‬رجعية،‭ ‬غُلّفَت‭ ‬بشعارات‭ ‬وهمية‭ ‬لتصحيح‭ ‬الدين‭ ‬ونصرة‭ ‬الوطن‭.‬

وعلا‭ ‬صوت‭ ‬الفتنة،‭ ‬وخَفَتَ‭ ‬معها‭ ‬صوت‭ ‬العقل،‭ ‬ونسجت‭ ‬خيوط‭ ‬الشياطين‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬زاوية‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬الحياة‭ ‬أشراكاً‭ ‬للأمة‭ ‬العربية،‭ ‬تتهمها‭ ‬فيه‭ ‬بالفساد‭ ‬والعنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والعنصرية‭. ‬كلّ‭ ‬التُهَم‭ ‬تُلْقى‭ ‬جزافاً،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نبرئ‭ ‬أنفسنا‭! ‬ألا‭ ‬ترى‭ ‬أنّ‭ ‬كلّ‭ ‬القيود‭ ‬فرضت‭ ‬علينا‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الحرية‮»‬؟‭! ‬وحين‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬إلا‭ ‬سجوناً‭ ‬أكثرها‭ ‬مُلئ‭ ‬بسجناء‭ ‬الرأي‭ ‬أو‭ ‬المتهمين‭ ‬بتُهم‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬وازدراء‭ ‬الأديان‭!‬

 

حرب‭ ‬جديدة

إنها‭ ‬حرب‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬بألا‭ ‬يُفكّر،‭ ‬وإن‭ ‬فكّر‭ ‬فلا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬يُدحر،‭ ‬ليُقتَل‭ ‬كيف‭ ‬قَدَّر‭ ‬وفكّر،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬الفكرية‭ ‬لا‭ ‬يناقشها‭ ‬العقل‭ ‬والقلم،‭ ‬ولا‭ ‬المنطق‭ ‬والحوار،‭ ‬وإنما‭ ‬غدت‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬‮«‬المضابط‭ ‬البوليسية‮»‬‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬يحكم‭ ‬فيها‭ ‬القضاء،‭ ‬ليجوب‭ ‬المفَكِّر‭ ‬غادياً‭ ‬راجعاً‭ ‬تَعِباً‭ ‬بين‭ ‬أقسام‭ ‬الشرطة‭ ‬ومكتب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬وقاعات‭ ‬المحاكم،‭ ‬فيضيع‭ ‬وقته‭ ‬ويٌنهَك‭ ‬جيبه‭.‬

ما‭ ‬أسهل‭ ‬الاتهام‭ ‬على‭ ‬الكلام،‭ ‬وما‭ ‬أصعب‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الدافع‭ ‬على‭ ‬الغضب‭ ‬الحميّة‭ ‬وحب‭ ‬الوطن‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬الشاعر‭ ‬الكويتي‭ ‬عبدالله‭ ‬سنان‭ ‬الذي‭ ‬استشرف‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬أحداث‭ ‬عصره‭ ‬فقال‭:‬

لا‭ ‬العيد‭ ‬بعد‭ ‬اعتداء‭ ‬المعتدي‭ ‬عيدُ

ولا‭ ‬الليالي‭ ‬بها‭ ‬للوضع‭ ‬تجديد

وهل‭ ‬نسميه‭ ‬عيداً‭ ‬والدماء‭ ‬لها

بين‭ ‬الهوْلِ‭ ‬أخاديدٌ‭ ‬أخاديد؟

عيدٌ‭ ‬وأهل‭ ‬الحمى‭ ‬يحتل‭ ‬ساحَهُمُ

شذّاذ‭ ‬صهيون؛‭ ‬لا‭ ‬فليرجع‭ ‬العيد

عيدٌ‭ ‬وأهل‭ ‬الخيام‭ ‬الباليات‭ ‬بكت

من‭ ‬أجل‭ ‬حالهمُ‭ ‬الأحراش‭ ‬والبيد

وكيف‭ ‬نهنأ‭ ‬بالعيد‭ ‬السعيد‭ ‬وقد

غشتهم‭ ‬محن‭ ‬تترى‭ ‬وتهويد؟

وكيف‭ ‬نلبس‭ ‬أثواباً‭ ‬منمقة

وابن‭ ‬الحمى‭ ‬ثوبه‭ ‬في‭ ‬القرّ‭ ‬مقدود؟

وكيف‭ ‬نختال‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬في‭ ‬مرح

والباب‭ ‬دون‭ ‬حماة‭ ‬الدار‭ ‬موصود؟

وكيف‭ ‬يغفو‭ ‬لنا‭ ‬جفن‭ ‬وفي‭ ‬مزق‭ ‬الـ

خيمات‭ ‬جفن‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬مرمود؟

ماذا‭ ‬عسانا‭ ‬بعيدٍ‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬لنا

تقــدُّم‭ ‬وانــتصـــارات‭ ‬وتـــأيـــيد؟

نـــعد‭ ‬أو‭ ‬نتــحلى‭ ‬أو‭ ‬نـــزاولـــه

وكيف‭ ‬فيه‭ ‬لنا‭ ‬تحلو‭ ‬الأناشيد؟

أين‭ ‬الرجال؟‭ ‬أما‭ ‬آن‭ ‬القيام‭ ‬على

شراذم‭ ‬الغرب،‭ ‬بل‭ ‬أين‭ ‬الصناديد؟

أيستحل‭ ‬روابينا‭ ‬قراصنة

قهراً‭ ‬ويغتصب‭ ‬القدس‭ ‬الرعاديد؟

أيحرم‭ ‬العيدَ‭ ‬أنصارُ‭ ‬الرسول‭ ‬وأنـ

صار‭ ‬المسيح،‭ ‬ويخبو‭ ‬فيه‭ ‬تمجيد؟

أيُغلق‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬بأوجههم

وهُم‭ ‬كماة،‭ ‬فهلا‭ ‬استنعج‭ ‬الصيد؟

بالأمس‭ ‬أبناؤه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قبّته

لهم‭ ‬صدى‭ ‬في‭ ‬نواحيه‭ ‬وترديد

واليوم‭ ‬يُحرم‭ ‬من‭ ‬سعي‭ ‬لساحته

قومٌ‭ ‬لهم‭ ‬فيه‭ ‬تكبيرٌ‭ ‬وتحميد

يا‭ ‬قوم‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬الضربُ‭ ‬الأنوفَ‭ ‬وقد

حلّت‭ ‬بنا‭ ‬نُوبٌ‭ ‬مشؤومة‭ ‬سود

بدّد‭ ‬بعزمك‭ ‬أحلام‭ ‬اليهود‭ ‬لكي

يخيب‭ ‬فيما‭ ‬أتى‭ ‬‮«‬بلفور‮»‬‭ ‬موعود

للنصر‭ ‬إشراقةٌ‭ ‬هيا‭ ‬نحققها

ففوق‭ ‬رأسك‭ ‬بند‭ ‬النصر‭ ‬معقود

سياستان‭ ‬ممنهجتان،‭ ‬خُطِطَ‭ ‬لهما‭ ‬بعناية‭ ‬تامة،‭ ‬‮«‬التجويع‮»‬‭ ‬و«التسمين‮»‬،‭ ‬وهما‭ ‬سياستان‭ ‬مطبقتان‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬من‭ ‬المُستعمِر‭ ‬على‭ ‬شباب‭ ‬الأمم‭ ‬المُسْتَعْمَرة‭.‬

الأولى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تجويع‭ ‬الشعوب‭ ‬لكيلا‭ ‬يبقى‭ ‬لها‭ ‬هدف‭ ‬سوى‭ ‬التفكير‭ ‬بالمأكل‭ ‬والمشرب‭ ‬كسبيل‭ ‬أول‭ ‬للحياة‭. ‬وقد‭ ‬تداول‭ ‬الساسة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬بسماجة‭ ‬المستكبر‭ ‬لتصبح‭ ‬شعاراً‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬جَوِّع‭ ‬كلبك‭ ‬يتبَعُك‮»‬‭. ‬

 

تخريب‭ ‬الشباب

أما‭ ‬السياسة‭ ‬الثانية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تستهدف‭ ‬الدول‭ ‬غنية‭ ‬الموارد‭ ‬والثروات‭ ‬فهي‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬تسمين‭ ‬العجول‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تستهدف‭ ‬الشباب‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭. ‬وبما‭ ‬أنّ‭ ‬الشباب‭ ‬هم‭ ‬مستقبل‭ ‬الأمم،‭ ‬فإنّ‭ ‬المستعمر‭ ‬يرى‭ ‬فيهم‭ ‬الخطر‭ ‬الأوّل،‭ ‬فيعمل‭ ‬على‭ ‬تخريبهم‭ ‬بإغداقهم‭ ‬بالمال‭ ‬سهل‭ ‬المنال‭ ‬والمُتع‭ ‬المحرمة‭ ‬والرفاهية‭ ‬الخداعة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جائز‭ ‬لديه‭ ‬للإقلال‭ ‬من‭ ‬إنتاجهم‭ ‬وعطائهم‭ ‬للمجتمع‭ ‬والوطن،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬يشيع‭ ‬الكسل،‭ ‬وإن‭ ‬عمّ‭ ‬الكسل‭ ‬صعُب‭ ‬استدعاء‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬استُنزفت‭ ‬وخارت‭ ‬أصلاً‭. ‬عُزل‭ ‬الشباب‭ ‬عن‭ ‬واقعهم‭ ‬الحقيقي‭ ‬بواقع‭ ‬افتراضي‭ ‬يعيشونه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬وهمي،‭ ‬وبما‭ ‬يسمى‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

تفككت‭ ‬الأسرة،‭ ‬وانتهت‭ ‬الصداقات،‭ ‬وانتُهك‭ ‬الحب‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬عندما‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬‮«‬الوجبات‭ ‬السريعة‮»‬،‭ ‬وانشغل‭ ‬الشباب‭ ‬بأجسامهم‭ ‬قبل‭ ‬عقولهم،‭ ‬وهامت‭ ‬الشابات‭ ‬بالعناية‭ ‬بمظهرهن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أرواحهن‭. ‬

وخار‭ ‬قوام‭ ‬الشِّعْر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ساد‭ ‬سفه‭ ‬الكلمات،‭ ‬وضاعت‭ ‬الموسيقى‭ ‬بين‭ ‬الضجيج،‭ ‬وما‭ ‬عدنا‭ ‬نذكر‭ ‬القصائد‭ ‬الجميلة‭ ‬أو‭ ‬الأغاني‭ ‬الحالمة‭ ‬التي‭ ‬تُدخل‭ ‬على‭ ‬النفس‭ ‬الطمأنينة‭.‬

أين‭ ‬تلك‭ ‬الأناشيد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الأجيال‭ ‬تتغنى‭ ‬بها‭ ‬للأوطان؟‭ ‬هل‭ ‬ضاعت‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬ضاع‭ ‬من‭ ‬أراضينا؟‭! ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬فقدنا‭ ‬الحماسة‭ ‬والشهامة‭ ‬والحبّ‭ ‬والوفاء؟‭ ‬أأصبح‭ ‬القوم‭ ‬صمّاً‭ ‬بُكْماً‭ ‬عمياً،‭ ‬أم‭ ‬على‭ ‬قلوبٍ‭ ‬أقفالها،‭ ‬فلا‭ ‬يشعرون‭ ‬ولا‭ ‬يتدبرون؟‭! ‬

في‭ ‬عام‭ ‬1922م،‭ ‬سُجِنَ‭ ‬نجيب‭ ‬الريّس‭ ‬بتهمة‭ ‬معارضته‭ ‬للانتداب‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬سورية‭. ‬وفي‭ ‬سجنه‭ ‬كتب‭ ‬قصيدة‭ ‬صار‭ ‬يتغنى‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬سجين‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الشام‭ ‬والجوار،‭ ‬قال‭ ‬فيها‭:‬

يا‭ ‬ظلام‭ ‬السجن‭ ‬خيّم

إننا‭ ‬نهوى‭ ‬الظلاما

ليس‭ ‬بعد‭ ‬الليل‭ ‬إلا

فجر‭ ‬مجد‭ ‬يتسامى

يا‭ ‬رنين‭ ‬القيْد‭ ‬زدني

نغمة‭ ‬تشجي‭ ‬فؤادي

إنّ‭ ‬في‭ ‬صوتك‭ ‬معنى

للأسى‭ ‬والاضطهاد

إيه‭ ‬يا‭ ‬دار‭ ‬الفخار

يا‭ ‬مقر‭ ‬المخلصينا

قد‭ ‬وهبناك‭ ‬شباباً

لا‭ ‬يهابون‭ ‬المنونا

وتعاهدنا‭ ‬جميعاً

يوم‭ ‬أقسمنا‭ ‬اليمينا

لن‭ ‬نخون‭ ‬العهد‭ ‬يوماً

واتّخذنا‭ ‬الصدقَ‭ ‬دينا

وربما‭ ‬عرف‭ ‬البعض‭ ‬منّا‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬موطني‮»‬‭ ‬للشاعر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إبراهيم‭ ‬طوقان،‭ ‬التي‭ ‬لحّنها‭ ‬الموسيقار‭ ‬اللبناني‭ ‬محمد‭ ‬فليفل‭ ‬عام‭ ‬1934م،‭ ‬لتصبح‭ ‬نشيداً‭ ‬وطنياً‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يعرفه‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة‭ ‬استمرت‭ ‬تُنشَد‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬ولكن‭ ‬بحماس‭ ‬أقل‭...‬

موطني

الجلال‭ ‬والجمال‭ ‬والسناء‭ ‬والبهاء‭ ‬

في‭ ‬رباك

والحياة‭ ‬والنجاة‭ ‬والهناء‭ ‬والرجاء

في‭ ‬هواك

هل‭ ‬أراك

سالماً‭ ‬منعماً‭ ‬وغانماً‭ ‬مكرماً؟

هل‭ ‬أراك‭ ‬في‭ ‬علاك

تبلغ‭ ‬السِماك؟

موطني

الشباب‭ ‬لن‭ ‬يكلّ‭ ‬همّه‭ ‬أن‭ ‬تستقلّ‭ ‬أو‭ ‬يبيد

نستقي‭ ‬من‭ ‬الردى‭ ‬ولن‭ ‬نكون‭ ‬للعِدا‭ ‬كالعبيد

لا‭ ‬نريد‭ ‬ذلنا‭ ‬المؤبدا‭ ‬وعيشنا‭ ‬المنكّدا

لا‭ ‬نريد‭ ‬بل‭ ‬نعيد‭ ‬مجدنا‭ ‬التليد

موطني

هل‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬بشارة‭ ‬عبدالله‭ ‬الخوري‭ (‬الأخطل‭ ‬الصغير‭)‬؟‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أنشد‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬الشباب‮»‬،‭ ‬تلك‭ ‬القصيدة‭ ‬التي‭ ‬لحّنها‭ ‬الأخوان‭ ‬محمد‭ ‬وأحمد‭ ‬فليفل،‭ ‬يقول‭ ‬الشاعر‭:‬

نحن‭ ‬الشباب‭ ‬لنا‭ ‬الغد‭ ‬

ومجده‭ ‬المخلد

شـــعارنا‭ ‬عـــلى‭ ‬الــــزمن‭ ‬

عـــاش‭ ‬الــــوطـــن

بعنا‭ ‬له‭ ‬يوم‭ ‬المحن‭ ‬

أرواحنا‭ ‬بلا‭ ‬ثمن

يا‭ ‬وطني‭ ‬عداك‭ ‬ذم‭ ‬

مثلك‭ ‬من‭ ‬يرعى‭ ‬الذمم

علّمتنا‭ ‬كيف‭ ‬الشمم‭ ‬

وكيف‭ ‬يظفر‭ ‬الألم

السفح‭ ‬والجداول‭ ‬

والحقل‭ ‬والسنابل

وما‭ ‬بنى‭ ‬الأوائل

نحن‭ ‬له‭ ‬معاقل

الدين‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬

والنور‭ ‬في‭ ‬عيوننا

والحق‭ ‬في‭ ‬يميننا

والغار‭ ‬في‭ ‬جبيننا

نحن‭ ‬الشباب‭ ‬لنا‭ ‬الغد‭ ‬

ومجده‭ ‬المخلد

لنا‭ ‬العراق‭ ‬والشآم

والقدس‭ ‬والبيت‭ ‬الحرام

نمشي‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬الزؤام

إلى‭ ‬الأمام‭ ‬إلى‭ ‬الأمام

نــــــــــبــــني‭ ‬ولا‭ ‬نـــــــــتــــــــــكــــــــــــــــل‭ ‬

نــــــــــــــفــــــــنــــى‭ ‬ولا‭ ‬نـــنـــخــــــــذل

لنــــا‭ ‬يـــد‭ ‬والــــعمل‭ ‬

لـــنا‭ ‬غـــد‭ ‬والأمــــل

نحن‭ ‬الشباب

وهل‭ ‬يعرف‭ ‬جيل‭ ‬اليوم‭ ‬الشاعر‭ ‬عبدالله‭ ‬شمس‭ ‬الدين،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أنشد‭ ‬قصيدة‭ ‬‮«‬الله‭ ‬أكبر‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1956م،‭ ‬ولحّنها‭ ‬محمود‭ ‬الشريف‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬لتصبح‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬النشيد‭ ‬الوطني‭ ‬لليبيا‭:‬

الله‭ ‬أكبر‭ ‬فوق‭ ‬كيد‭ ‬المعتدي

والله‭ ‬للمظلوم‭ ‬خير‭ ‬مؤيد

أنا‭ ‬باليقين‭ ‬وبالسلاح‭ ‬سأفتدي

بلدي‭ ‬ونور‭ ‬الحق‭ ‬يسطع‭ ‬في‭ ‬يدي

قولوا‭ ‬معي‭ ‬الله‭ ‬أكبر

الله‭ ‬فوق‭ ‬المعتدي

يا‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬أطِّلي‭ ‬واسمعي

جيش‭ ‬الأعادي‭ ‬جاء‭ ‬يبغي‭ ‬مصرعي

بالحق‭ ‬سوف‭ ‬أردّه‭ ‬وبمدفعي

فإذا‭ ‬فنيت‭ ‬فسوف‭ ‬أفنيه‭ ‬معي

قولوا‭ ‬معي‭ ‬الله‭ ‬أكبر

الله‭ ‬فوق‭ ‬المعتدي

قولوا‭ ‬معي‭ ‬الويل‭ ‬للمستعمر

والله‭ ‬فوق‭ ‬الغادر‭ ‬المتكبر

الله‭ ‬أكبر‭ ‬يا‭ ‬بلادي‭ ‬كبّري

وخذي‭ ‬بناصية‭ ‬المغير‭ ‬ودمري

قولوا‭ ‬معي‭ ‬الله‭ ‬أكبر

الله‭ ‬فوق‭ ‬المعتدي

تلك‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬أناشيد‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة،‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬قضى‭ ‬نحبه‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬ينتظر،‭ ‬أملاً‭ ‬بأنّ‭ ‬روح‭ ‬كلمات‭ ‬هذه‭ ‬الأناشيد‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬أو‭ ‬تموت‭. ‬وأختم‭ ‬بذكرياتي،‭ ‬مع‭ ‬نشيد‭ ‬‮«‬حماة‭ ‬العرين‮»‬‭ ‬للشاعر‭ ‬والأديب‭ ‬الكويتي‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالله‭ ‬سنان،‭ ‬ومن‭ ‬ألحان‭ ‬الموسيقار‭ ‬الخالد‭ ‬أحمد‭ ‬باقر،‭ ‬يرحمهما‭ ‬الله،‭ ‬وأداء‭ ‬‮«‬شادي‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬المفرج،‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عمره‭. ‬

 

إعلان‭ ‬الاستقلال

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1961م،‭ ‬وبعد‭ ‬إعلان‭ ‬استقلال‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬بأسبوع‭ ‬فقط،‭ ‬عقد‭ ‬رئيس‭ ‬العراق‭ ‬آنذاك‭ ‬عبدالكريم‭ ‬قاسم‭ ‬مؤتمراً‭ ‬صحفياً‭ ‬صرح‭ ‬فيه‭ ‬بعزمه‭ ‬على‭ ‬ضم‭ ‬الكويت‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭. ‬

وتأزمت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬عندما‭ ‬حشد‭ ‬العراق‭ ‬جيشه‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬الكويتية،‭ ‬فتحركت‭ ‬الكويت‭ ‬دبلوماسياً‭ ‬لإنهاء‭ ‬ذاك‭ ‬التحرش‭ ‬السافر‭. ‬ولم‭ ‬تطُل‭ ‬الأزمة،‭ ‬فقد‭ ‬انسحب‭ ‬جيش‭ ‬العراق‭ ‬عن‭ ‬الحدود‭ ‬الكويتية،‭ ‬بضغط‭ ‬وتهديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬امتعاض‭ ‬شعب‭ ‬الكويت‭ ‬وقيادته‭ ‬من‭ ‬التصريح‭ ‬العراقي‭ ‬المستفز،‭ ‬فإنّ‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يكلّ‭ ‬من‭ ‬عزم‭ ‬الكويتيين‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬دولتهم‭ ‬الحديثة‭ ‬ونهضتهم‭ ‬الحضارية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭. ‬استقى‭ ‬الموسيقار‭ ‬أحمد‭ ‬باقر‭ ‬من‭ ‬موسيقى‭ ‬إشارة‭ ‬الأخبار‭ ‬في‭ ‬إذاعة‭ ‬وتلفزيون‭ ‬الكويت‭ ‬موسيقى‭ ‬نشيد‭ ‬‮«‬حُماة‭ ‬العرين‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭ ‬سنان‭:‬

آن‭ ‬أن‭ ‬نحمي‭ ‬الحمى‭ ‬والوطنا

آن‭ ‬أن‭ ‬ندفع‭ ‬عنه‭ ‬الإِحَنا

آن‭ ‬أن‭ ‬نصمدَ‭ ‬صفاً‭ ‬واحداً

آن‭ ‬أن‭ ‬نُقصي‭ ‬العدو‭ ‬الأرعنا

يا‭ ‬حماةَ‭ ‬العرين‭ ‬لقّنوا‭ ‬المعتدين

درسنا‭ ‬باليمين‭ ‬ضربة‭ ‬لن‭ ‬تلين

آن‭ ‬أن‭ ‬ننفي‭ ‬رقاد‭ ‬الأعينِ

ونعيد‭ ‬الصفو‭ ‬والعيش‭ ‬الهني

قد‭ ‬كفانا‭ ‬من‭ ‬صروف‭ ‬الزمنِ

محنٌ‭ ‬جرّت‭ ‬علينا‭ ‬مِحنا

يا‭ ‬حماة‭ ‬العرين‭ ‬لقنوا‭ ‬المعتدين

درسنا‭ ‬باليمين‭ ‬ضربة‭ ‬لن‭ ‬تلين

قم‭ ‬أخي‭ ‬واحمل‭ ‬بكفيّك‭ ‬السلاح

وطّد‭ ‬العزم‭ ‬لأيام‭ ‬الكفاح

أذّن‭ ‬الداعي‭ ‬ونادى‭ ‬للفلاح

إنّما‭ ‬الأرض‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬لنا

يا‭ ‬حماة‭ ‬العرين‭ ‬لقنوا‭ ‬المعتدين

درسنا‭ ‬باليمين‭ ‬ضربة‭ ‬لن‭ ‬تلين

يا‭ ‬بني‭ ‬قومي‭ ‬وأشبال‭ ‬الأسود

هيئوا‭ ‬العدّة‭ ‬للخصم‭ ‬اللدود

أنتمُ‭ ‬للوطن‭ ‬الغالي‭ ‬جنود

وبنوه‭ ‬وأنتمُ‭ ‬الأُمَنا

يا‭ ‬حماة‭ ‬العرين‭ ‬لقنوا‭ ‬المعتدين

درسنا‭ ‬باليمين‭ ‬ضربة‭ ‬لن‭ ‬تلين

وَجِّهُوها‭ ‬ضربة‭ ‬نحو‭ ‬العِدا

وأذيقوا‭ ‬خصمنا‭ ‬كأس‭ ‬الردى

وأبيدوه،‭ ‬فقد‭ ‬ضلّ‭ ‬الهدى

ودعوا‭ ‬التاريخ‭ ‬يروي‭ ‬فعلنا

يا‭ ‬حماة‭ ‬العرين‭ ‬لقنوا‭ ‬المعتدين

درسنا‭ ‬باليمين‭ ‬ضربة‭ ‬لن‭ ‬تلين

ذكريات‭ ‬يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬ذكريات‭... ‬كانت‭ ‬مناهج‭ ‬التعليم‭ ‬فيها‭ ‬دروس‭ ‬فنون‭ ‬الرياضة‭ ‬والموسيقى‭ ‬والرسم،‭ ‬وضمن‭ ‬دروس‭ ‬الرسم‭ ‬تدخل‭ ‬النجارة‭ ‬والحدادة،‭ ‬وتزيد‭ ‬عليها‭ ‬نشاطات‭ ‬في‭ ‬التمثيل‭ ‬المسرحي‭ ‬والأداء‭ ‬الإذاعي‭ ‬والخطابة‭. ‬وللطالبات‭ ‬نصيب‭ ‬مما‭ ‬حازه‭ ‬الطلاب،‭ ‬فلهم‭ ‬‮«‬التدبير‭ ‬المنزلي‮»‬‭ ‬ليتعلمن‭ ‬مبادئ‭ ‬الطبخ‭ ‬وتفصيل‭ ‬الملابس‭ ‬والخياطة‭. ‬يومها‭ ‬كانت‭ ‬دروس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬متنوعة‭ ‬العطاء،‭ ‬دروس‭: ‬قراءة‭ ‬ونصوص‭ ‬وخط‭ ‬ومحفوظات‭ ‬ونحو‭ (‬قواعد‭) ‬وإنشاء‭ (‬تعبير‭). ‬

أما‭ ‬اليوم‭ ‬فنرى‭ ‬التلاميذ‭ ‬يدرسون‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬عاما،‭ ‬فيخطئون‭ ‬إملاءً‭ ‬وقواعد‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬معاني‭ ‬أكثر‭ ‬المفردات‭. ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬المدارس‭ ‬خلوا‭ ‬مناهجها‭ ‬من‭ ‬الفنّ‭ ‬والرياضة،‭ ‬وكادت‭ ‬مكتباتها‭ ‬تكون‭ ‬نسياً‭ ‬منسياً،‭ ‬رفوف‭ ‬كتب‭ ‬خاوية،‭ ‬بلا‭ ‬قراءة‭ ‬ولا‭ ‬استعارة‭. ‬كان‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬ميدان‭ ‬الرجال،‭ ‬يبنون‭ ‬بأيديهم‭ ‬صروح‭ ‬بيوتهم‭ ‬وأوطانهم‭ ‬ومستقبل‭ ‬الأجيال‭. ‬وعلى‭ ‬مثل‭ ‬مجريات‭ ‬التغيّر‭ ‬تغيرت‭ ‬الأحوال،‭ ‬الكلّ‭ ‬لاهٍ‭ ‬بالأنا،‭ ‬فلا‭ ‬زوج‭ ‬ولا‭ ‬أخ‭ ‬ولا‭ ‬صديق‭ ‬ولا‭ ‬جار،‭ ‬ولا‭ ‬معلم‭ ‬ولا‭ ‬ممتهن‭ ‬حرفة‭ ‬ولا‭ ‬أستاذ‭ ■