عيادة الأمراض المالية

عيادة الأمراض المالية

‭ ‬يعاني‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬المادي‭ ‬هذا‭ ‬اضطرابات‭ ‬متعلقة‭ ‬بالمال،‭ ‬كالشراء‭ ‬القسري،‭ ‬أو‭ ‬هوس‭ ‬الشراء‭ ‬الخارج‭ ‬عن‭ ‬السيطرة،‭ ‬الذي‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬أزمات‭ ‬مالية‭ ‬ويورث‭ ‬شعوراً‭ ‬مريراً‭ ‬بالذنب‭ ‬ولوماً‭ ‬مستمراً‭ ‬للذات‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬ضروري‭ ‬وإرهاق‭ ‬الميزانية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبرر؛‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬الاضطراب‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬إفساد‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ ‬والسلام‭ ‬النفسي‭. ‬أما‭ ‬الإنكار‭ ‬المالي،‭ ‬فهو‭ ‬الاضطراب‭ ‬الذي‭ ‬ينكر‭ ‬بسببه‭ ‬الشخص‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬مالية‭ ‬مثل‭ ‬تراكم‭ ‬الديون،‭ ‬ويستمر‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬طاقته،‭ ‬ولا‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬لتسديد‭ ‬ما‭ ‬عليه‭. ‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬توجد‭ ‬اضطرابات‭ ‬التعزيز‭ ‬المالي،‭ ‬التي‭ ‬تنشأ‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬لا‭ ‬لمن‭ ‬يتمادون‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬المساعدات‭ ‬المالية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الأبناء‭ ‬والأقارب‭ ‬أو‭ ‬الغرباء،‭ ‬ما‭ ‬يسفر‭ ‬عن‭ ‬وقوع‭ ‬المرء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يستدعي‭ ‬المساعدة‭. ‬واضطرابات‭ ‬أخرى‭ ‬كالاعتماد‭ ‬المالي‭ ‬الذي‭ ‬يصيب‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعملون‭ ‬ولا‭ ‬يستطيعون‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم،‭ ‬ما‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬شعورهم‭ ‬بالخوف‭ ‬الدائم‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬الظروف‭ ‬وتوقف‭ ‬الدعم‭.‬

للمساهمة‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬المالية‭ ‬وسواها،‭ ‬قام‭ ‬بعض‭ ‬المهتمين‭ ‬بتأسيس‭ ‬مواقع‭ ‬إلكترونية‭ ‬وعيادات‭ ‬ومراكز‭ ‬للعلاج‭ ‬المالي‭ ‬لمساعدة‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬السلامة‭ ‬المالية،‭ ‬وتبني‭ ‬أساليب‭ ‬حياة‭ ‬مستدامة‭ ‬ومستقرة‭ ‬ماليا‭.  ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬الاهتمام،‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬جمعية‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬The Financial Therapy Association‭ ‬بعد‭ ‬انعقاد‭ ‬أول‭ ‬منتدى‭ ‬للعلاج‭ ‬المالي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬2008‭. ‬

وفي‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬أطلقت‭ ‬الجمعية‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬العلاج‭ ‬المالي‮»‬‭ ‬المتخصصة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬طرح‭ ‬طرق‭ ‬ونماذج‭ ‬للعلاج‭ ‬المالي‭ ‬وإجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬والتأطير‭ ‬المفاهيمي‭ ‬لمصطلح‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬الجديد،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إيجاد‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬ومساحة‭ ‬لتعاون‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الممارسين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬الذهنية،‭ ‬والممارسين‭ ‬الماليين،‭ ‬والباحثين،‭ ‬والمعلمين،‭ ‬للتواصل‭ ‬والتشاور‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭ ‬المستحدث‭. ‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬بحوث‭ ‬قياس‭ ‬فعالية‭ ‬أساليب‭ ‬العلاج‭ ‬المالي؛‭ ‬وفي‭ ‬المواد‭ ‬التعليمية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العلاج،‭ ‬وحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬لمداخله‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬علوم‭ ‬متعددة،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬مما‭ ‬رصده‭ ‬كلونتز‭ ‬وزملاؤه‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬العلاج‭ ‬المالي‭... ‬النظرية‭ ‬والبحث‭ ‬والممارسة‮»‬‭.‬

‭ ‬لقد‭ ‬أدى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬برامج‭ ‬متعددة‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بالتدبير‭ ‬المالي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬جامعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬متخصصة؛‭ ‬ففي‭ ‬جامعة‭ ‬ولاية‭ ‬كانساس‭ ‬kansas‭ ‬مثلاً،‭ ‬أنشأ‭ ‬معهد‭ ‬التخطيط‭ ‬المالي‭ ‬الشخصي‭ ‬عيادة‭ ‬للعلاج‭ ‬المالي‭ ‬لإجراء‭ ‬البحوث‭ ‬العيادية،‭ ‬وتعد‭ ‬هذه‭ ‬العيادة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فهي‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬البحوث‭ ‬المتصلة‭ ‬بالعلاج‭ ‬المالي‭ ‬والاستشارات‭ ‬والتخطيط‭ ‬المالي،‭ ‬ويتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تكامل‭ ‬العلوم‭ ‬المتعددة‭. ‬

كما‭ ‬تقدم‭ ‬كلية‭ ‬الأسرة‭ ‬وعلوم‭ ‬المستهلك‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬جورجيا‭ ‬الأمريكية‭ ‬برامج‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬موضوعات‭ ‬تعالج‭ ‬قضايا‭ ‬كالأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬والقروض‭ ‬العقارية،‭ ‬وتملك‭ ‬البيوت،‭ ‬والأمان‭ ‬الإسكاني،‭ ‬وسلوك‭ ‬المستهلك،‭ ‬والدخول‭ ‬المتدنية،‭ ‬والادخار‭. ‬

 

التمكين‭ ‬مدخل‭ ‬للشفاء

‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬مؤسسات‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬بدمج‭ ‬الإجراءات‭ ‬العلاجية‭ ‬مع‭ ‬المبادئ‭ ‬المالية‭ ‬الأساسية؛‭ ‬فتدرس‭ ‬الجوانب‭ ‬الوجدانية‭ ‬والسلوكية‭ ‬والعلاقات؛‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تتكامل‭ ‬فيها‭ ‬الاستشارة‭ ‬المالية‭ ‬والتخطيط‭ ‬المالي‭ ‬مع‭ ‬الاستشارة‭ ‬الشخصية‭ ‬والزواجية‭ ‬والعلاج‭ ‬الأسري‭ ‬والعمل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وعلم‭ ‬النفس،‭ ‬ويجري‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬الجيد‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬خبراء‭ ‬ماليين،‭ ‬مثل‭ ‬خبراء‭ ‬الضرائب‭ ‬ومستشاري‭ ‬الاستثمار‭.‬‭  ‬من‭ ‬مداخل‭ ‬العلاج‭ ‬المهمة‭ ‬التمكين‭ ‬والصحة‭ ‬المالية،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬الأشخاص‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬مدخلاً‭ ‬مثالياً‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬المجموعات‭ ‬المهمّشة؛‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬التمكين‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الصحة‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬وارتبط‭ ‬ببرامج‭ ‬الإقراض‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭. ‬ومن‭ ‬برامج‭ ‬التمكين‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬العيادة‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬أمن‭ ‬مالي‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرة‭ ‬المستهلكين‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬مؤسسات‭ ‬بنكية‭ ‬آمنة،‭ ‬ودعمهم‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الميزانية،‭ ‬وإرشادهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجنب‭ ‬الديون،‭ ‬وتحديد‭ ‬وجود‭ ‬التهديدات‭ ‬والمخاطر‭ ‬المالية‭. ‬

ويوفر‭ ‬الأعضاء‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العيادة‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬لآلاف‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬عبر‭ ‬عشرات‭ ‬المواقع‭ ‬في‭ ‬المدينة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الخدمات‭ ‬فصول‭ ‬تعليمية،‭ ‬وتدريبات‭ ‬فردية،‭ ‬واستشارات،‭ ‬وإجراء‭ ‬بحوث‭ ‬ودراسات‭. ‬

‭ ‬لقد‭ ‬ساهم‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬بالتوسع‭ ‬في‭ ‬التمكين‭ ‬وتعزيزه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مساعدة‭ ‬من‭ ‬يشعرون‭ ‬بعدم‭ ‬الملاءمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النقود؛‭ ‬ورفع‭ ‬وعيهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اكتشاف‭ ‬معتقداتهم‭ ‬الخفية‭ ‬وقدراتهم‭ ‬الباطنية‭ ‬ومواطن‭ ‬الإبداع‭ ‬الكامنة،‭ ‬واستثارة‭ ‬الحماس‭ ‬للعمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬فردي‭ ‬يبحث‭ ‬بعمق‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬عدم‭ ‬الملاءمة‭ ‬الثقافية‭ ‬والأسرية‭ ‬ومورثات‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتعاملات‭ ‬المادية،‭ ‬كالقرارات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬يتخذها‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬ويكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬السلوك‭ ‬المالي‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال،‭ ‬الذين‭ ‬يكبرون‭ ‬بدورهم‭ ‬ويورثون‭ ‬سلوكيات‭ ‬مالية،‭ ‬كالتبذير‭ ‬أو‭ ‬الحرص،‭ ‬للجيل‭ ‬اللاحق،‭ ‬وهكذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬بعض‭ ‬السلوكيات‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭.‬

‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬مسببات‭ ‬المشكلات‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬الثقافات‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬التنافسية،‭ ‬ارتباط‭ ‬مفاهيم‭ ‬السعادة‭ ‬والنجاح‭ ‬والتألق‭ ‬بامتلاك‭ ‬الأشياء‭ ‬والتمتع‭ ‬بالخدمات‭ ‬المتميزة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬ضرورية‭ ‬أو‭ ‬فوق‭ ‬الطاقة‭ ‬المادية‭. ‬هذا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬بطاقات‭ ‬الائتمان‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬مهمة‭ ‬شراء‭ ‬البضائع‭ ‬والخدمات،‭ ‬ما‭ ‬ضاعف‭ ‬من‭ ‬تراكم‭ ‬الديون‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الإفلاس‭ ‬أحياناً‭. ‬

 

مؤشرات‭ ‬مقلقة

‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬المثيرة‭ ‬للقلق‭ ‬والمستدعية‭ ‬للعلاج‭ ‬المالي‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬إسراف‭ ‬وتبذير‭ ‬أو‭ ‬حرص‭ ‬وبخل‭ ‬شديد،‭ ‬وبين‭ ‬هذين‭ ‬النقيضين‭ ‬علامات‭ ‬أخرى‭. ‬فإذا‭ ‬وجد‭ ‬المرء‭ ‬نفسه‭ ‬يتفادى‭ ‬مراجعة‭ ‬الفواتير‭ ‬وتسديدها‭ ‬تاركاً‭ ‬ديونه‭ ‬تتراكم‭ ‬دون‭ ‬قلق،‭ ‬فعليه‭ ‬مراجعة‭ ‬عيادة‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬لأنه‭ ‬يعاني‭ ‬الإنكار‭ ‬المالي‭. ‬وإذا‭ ‬لاحظ‭ ‬أنه‭ ‬يبخل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬تجاهل‭ ‬الأمور‭ ‬الضرورية‭ ‬كزيارة‭ ‬الطبيب،‭ ‬لأن‭ ‬إنفاق‭ ‬المال‭ ‬بات‭ ‬يؤلمه‭ ‬بشدة،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬العلاج‭. ‬وإذا‭ ‬استبد‭ ‬به‭ ‬القلق‭ ‬وصار‭ ‬أمر‭ ‬النقود‭ ‬مع‭ ‬توفرها‭ ‬يشغله‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت،‭ ‬فهناك‭ ‬مشكلة‭ ‬بالضرورة‭.‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬إذا‭ ‬أسرف‭ ‬المرء‭ ‬وبسط‭ ‬يده‭ ‬كل‭ ‬البسط‭ ‬لمن‭ ‬حوله‭ ‬حتى‭ ‬يُرهق‭ ‬اقتصادياً‭ ‬ويعاني‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬الإنفاق،‭ ‬ولاسيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬يساعدهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الكسب،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬محتاجين‭ ‬لمعونته،‭ ‬فلديه‭ ‬مشكلة‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬يثير‭ ‬مخاوفه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬رفضه‭ ‬وظيفة‭ ‬ذات‭ ‬راتب‭ ‬كبير‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬تعويض‭ ‬يستحقه،‭ ‬كمثال،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬للعلاج‭ ‬المالي‭. ‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬يقبل‭ ‬العمل‭ ‬مجاناً‭ ‬أو‭ ‬بمبلغ‭ ‬ضئيل‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬خبرته‭ ‬ومؤهله‭ ‬برغم‭ ‬احتياجه‭ ‬له،‭ ‬فلديه‭ ‬مشكلة‭. ‬

 

الصحة‭ ‬المالية

  ‬يضبط‭ ‬العلاج‭ ‬المالي‭ ‬العلاقة‭ ‬بالمال،‭ ‬ويقوّم‭ ‬السلوك‭ ‬المتصل‭ ‬بالقرارات‭ ‬المالية‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬تجنب‭ ‬الشعور‭ ‬بالخوف‭ ‬والتوتر‭ ‬والقلق‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة‭ ‬وبقية‭ ‬المشاعر‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تثيرها‭ ‬المشكلات‭ ‬والاضطرابات‭ ‬المالية،‭ ‬وتتحقق‭ ‬الصحة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬علاماتها‭: ‬الشعور‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الشخص‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬فواتيره‭ ‬في‭ ‬مواعيدها،‭ ‬وتدبير‭ ‬أحواله‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يثير‭ ‬القلق‭ ‬والمخاوف‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬يملك‭. ‬

ويكون‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتجاوزها‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬نفقات‭ ‬مفاجئة‭ ‬وغير‭ ‬متوقعة‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬المدخرات‭ ‬أو‭ ‬التأمينات،‭ ‬أو‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬أو‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ممن‭ ‬يمكنه‭ ‬المساندة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحرجة‭.  ‬ومن‭ ‬علامات‭ ‬الصحة‭ ‬المالية‭ ‬أيضاً،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الشخص‭ ‬ماضياً‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلامه،‭ ‬كاقتناء‭ ‬شيء‭ ‬يتمنى‭ ‬اقتناءه،‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬برحلة،‭ ‬أو‭ ‬ارتياد‭ ‬مطعم،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مستقلاً‭ ‬مادياً‭ ‬ولديه‭ ‬من‭ ‬المرونة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لاتخاذ‭ ‬قراراته‭ ‬المالية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مُجبراً‭ ‬على‭ ‬خيار‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه‭. ‬ومن‭ ‬الصحة‭ ‬المالية‭ ‬أيضاً‭ ‬إعطاء‭ ‬المال‭ ‬حجمه‭ ‬وأهميته‭ ‬كوسيلة‭ ‬مساعدة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬وحل‭ ‬المشكلات‭ ‬ومساعدة‭ ‬المحتاجين‭ ‬والاستمتاع‭ ‬المعتدل‭ ‬بالحياة،‭ ‬لا‭ ‬كغاية‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته،‭ ‬ولا‭ ‬سلاح‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬والتعالي‭ ‬عليهم‭ ‬والبطش‭ ‬بهم■