العَينُ في اللغة والشّعر

العَينُ في اللغة والشّعر

العين أو المُقلة هي أداة البصر  والرؤية، وهي أهم حواس الإنسان الخمس، وهي الحرف الثامن عشر في الأبجدية، وكتاب العَين أول معجم للغة العربية، وسُمِّي كذلك لأنه يبدأ بحرف العين الأعمق من حيث مخرجه من الحلق. 
والعين هو الجاسوس، وأن يصاب الإنسان بعين، أي يصاب بمكروه من الحَسَد. 

 

العين والمعاينة: النظر، وقد عاينه معاينة وعيانًا ورآه عيانًا: لم يشكّ في رؤيته إِيّاه. ورأيت فلانًا عيانًا أي مواجهة.
  أعيان القوم أشرافهم وأفاضلهم. والعين: نبع الماء. وعين الشمس شعاعها. والعين: النقد؛ يقال اشتريت العبد بالدَّين أو بالعين.
والعين في الميزان: المَيل، أي ألا ترجح إحدى كفتيه على الأخرى. والعين حقيقة الشيء.
وعين كل شيء: خياره. وعين الرجل: شاهده. والذهب العين: الصافي. وعينا الإنسان تدلان على سيمائه، فإذا أخفينا عينيه في صورة وجهه نكون قد أخفينا هويته. كما أنها تدل على حالته النفسية. والأم تقول لولدها: يا عيني. وعينه على فلان يراقبه. ليس له عين: تدل على الخجل والاستحياء. والعين الحمراء: تدل على الشرّ، فيقال احمرّت عينه.
 وجميع الفنون كالرسم والرقص والنحت والتمثيل تُدرك بالعين، والموسيقى وحدها تُدرك بالأذن. 
أما فن الشعر فيدرك بالعين والأذن معًا، إذ يمكنك أن تقرأ الشعر، ويمكنك أن تستمع إليه يُنشد.
ولا شك في أن العين لجمالها وسحرها هي عضو الإنسان الأكثر ورودًا في الشعر العربي... فإلى الشعر، فالشعر ديوان العرب.
منذ أن قال الشاعر الأموي جرير بيتيه الشهيرين:
إنَّ الـعيونَ التي في طرفها حَوَرٌ
قَـتَلْننا ثـم لـم يُـحيينَ قتلانا
يصرعنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حراكَ بهِ
وَهُـنَّ أضعفُ خلقِ الله أركانا
والعين لها الصدارة في الشعر العربي، قديمه وحديثه، وإليكم مختارات من روائع هذا الشعر:
قال عمر بن أبي ربيعة:
كَتَبْتُ إلَيْكِ مِنْ بَلِدي
 كِتَابَ مُوَلَّهٍ كَمِدِ
يُؤَرِّقُهُ لَهِيبُ الشَّوْقِ
بينَ السحرِ والكبدِ
فيمسكُ قلبهُ بيدٍ
 ويمسحُ عينهُ بيدِ

وهو القائل:
إِذا جِئتَ فَامنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا
لِكَي يَحسُبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ

وقال عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب: 
فعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

وقال أبو قيس بن الأسلت:
العَيْنُ تُبْدي الذي في قَلْبِ صاحبِها
مِن الشَّناءَةِ أوْ حُبٍّ إذا كانا
إنَّ البَغيضَ لهُ عينٌ تُكَشِّفُهُ
لا تَسْتطيعُ لما في القلْبِ كِتْمانا
فالعينُ تَنْطِقُ والأفْواهُ صامِتَةٌ
حتى تَرى منْ ضَميرِ القلبِ تِبْيانا

وقال القاضي عيّاض:
رأتْ قمرَ السماءِ فذكّرتني
ليالي وصلنا بالرقمتين
كلانا ناظرٌ قمرًا ولكن
رأيتُ بعـــيــــــنــهـــــا ورأت بـــــــعــــــــيـــــني

وقال يزيد بن معاوية:
وأمطرتْ لُؤلؤًا من نرجسٍ وسقتْ
وردًا، وعضتْ على العَنابِ بِالبردِ

قال أحد الشعراء:
بَكيتُ على الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ
فَيا أَسَفا أَسِفتُ على شَبابٍ
نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ
عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضًّا
كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَومًا
فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ

وقال شاعر آخر:
وَمِن عَجَبٍ أَنّي أَحِنُّ إِلَيهِم
وَأَسأَلُ عَنهُم مَن لقيتُ وَهُم مَعي
وَتَطلُبُهُم عَيني وَهُم في سَوادِها
 وَيَشتاقُهُم قَلبي وَهُم بَينَ أَضلُعي

وقال آخر:
إن العيونَ النُجلَ أمضى موقعًا
من كل هنديّ وكلّ يماني 
فضل العيون على السيوف بأنها
قتلتْ ولم تخرج من الأجفان

وقال علي بن الجهم:
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسر
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري

وقال أحد الشعراء:
وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت
 أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ  
بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ
 وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمدُ

وقال المتنبي:  
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي
وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه
وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ 

وقال الشريف الرضي:
وَعدٌ لعَينَيكِ عِندِي ما وَفَيت بِهِ
يا طالما كَذَّبَتْ عَينيَّ عَينَاكِ
أنتِ النّعيمُ لقَلبي وَالعَذابُ لَهُ
فَمَا أمَرّكِ في قَلْبي وَأحْلاكِ
وقال شاعر:
وإذا التقينا والعيونُ روامقٌ
صمَتَ الفؤادُ وطرفُها يتكلَّمُ
تشكو فأفهَمُ ما تقولُ بطرفِها
ويردُّ طرفي مثلَ ذاكَ فتفهمُ

وقال آخر:
وحالَتْ دموعُ العينِ بيني وبينَه
كأنَّ دموعَ العَينِ تَعشَقُهُ معي

وقال إسحق الموصلي:
تقضَّتْ لُباناتٌ وجدّ رحيلُ
ولم يشفَ من أهل الصَّفاء غليلُ
ومُدَّت أكفٌ للوداع تصافحت
وفاضت عيونٌ للفراق تسيلُ

وقال ابن أبّار في قصيدته الشهيرة التي عارضها أحمد شوقي «مُضناكَ جفاه مرقدهُ»:        
يا من سفكتْ عيناه دمي
وعلى خدّيه يؤيده
سأموتُ غدًا أو بعد غٍد
هـــــــل مـــــن نــظــــــرٍ ازوَّدهُ؟!

وقال شاعر آخر: 
يا رب إن العيون السود قاتلتي
وإنَّ عــــــاشقـــــــها ما زال مــــــقــــــتــــولا
إني تعشقتها عمدًا على خطٍر
ليقضي الله أمرًا كان مفعولا

وقال ابن الرومي:
لو كنتَ يومَ الفراق حاضرنا
وهنَّ يُطفئن غُلَّةَ الوجْدِ
لم ترَ إلا دموعَ باكيةٍ
تَقْطُرُ من مقْلة على خدّ
كأَنَّ تلك الدموع قطرُ ندى
يقْطُر من نرجسٍ على وردِ

قال أبو فراس الحمداني:
أيا جارتا، ما أنصفَ الدهرُ بيننا
 تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ، تَعَالِي
أيَضْحَكُ مأسُورٌ، وَتَبكي طَلِيقَةٌ
ويسكتُ محزونٌ، ويندبُ سالِ
لقد كنتُ أولى منكِ بالدمعِ مقلةً
وَلَكِنّ دَمْعي في الحَوَادِثِ غَالِ

يقول الحفيد بن زهر في أحد الموشحات:
ما لعيني عَشِـيَتْ بالنـّظرِ
أنـْكرَتْ بعدَك ضَوْءَ القمر
وإذا ما شِئـْتَ فاسمَعْ خَبـَري
عشيـَتْ عينايَ من طول ِ البـُكا
وبكى بعضي على بعضي معي!

ويقول ديك الجن الحمصي:
وَدّعْتُهَا لفراقٍ فاشْتَكَتْ كَبِدي
وشَبَّكَتْ يَدَهَا من لوعَةٍ بيدي
وحاذَرَتْ أَعْيُنَ الواشِينَ فانْصرَفَتْ
تعضُّ من غيظها العنَّابَ بالبردِ
فكانَ أَوَّلُ عَهْدِ العَيْن يَوْمَ نَأَتْ
بالدَّمْعِ آخِرَ عَهْدِ القلْبِ بالجَلَدِ

وقال أحمد شوقي في قصيدته زحلة:
وتعطَّلَتْ لغـةُ الكـلامِ وخاطبَـتْ
عَيْنَـيَّ فِي لُغَـة الـهَوى عينـاكِ

وقال أيضًا:
جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي
أكذلك خدُّك يَجْحَدُه؟
قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا
فأشرتُ لخدِّك أُشهده

وقال الأخطل الصغير:
هاتها من يد الرضا
جرعةً تبعثُ الجفونْ
كيف يشكو من الظما
من له هذه العيونْ

وقال سعيد عقل في «رِنْدَلى»:
ألعينيكِ تأنّى وخَطَرْ،
يفرشُ الضوءَ على التلِّ، القمرْ؟
ضاحكًا للغصنِ، مرتاحًا إلى
ضِفَّةِ النهرِ، رفيقًا بالحجرْ
علّ عينيكِ إذا آنستا 
أثرًا منه، عرى الليلَ خَدَرْ

وقال أيضا: 
أجملُ من عينيك حبّي لعينيكِ!
فإن غنّيتُ، غنّى الوجودْ

وقال نزار قباني:
عيناكِ كنهري أحـزانِ
نهري موسيقى... حملاني
لوراءِ، وراءِ الأزمـان
أأقول أحبّكِ يا قمري؟ 
آهٍ لـو كانَ بإمكـاني 
فأنا لا أملكُ في الدنيـا 
إلا عينيـكِ وأحـزاني
 يقول شوقي بزيع:
لم تمسّهما الشمس بعد،
عينين مسكرتين
كخابيتي خمرةٍ
في مخابئ قانا الجليل

وله أيضًا:
لأنكِ فاتحة الكلمات وفاتحة القلب
أبدأ باسمكِ هذا النشيد، 
لأن النساء قرانا الصغيرة، نسكنها خائفين
ونسكنها عاشقين
لأنك من بينهن الجميلة المستحيلة 
أكتب شعرًا لعينيكِ