الروائي ناصر عراق: المرأة بستان جميل يتألق المبدع إن طاف بممراته

الروائي ناصر عراق:  المرأة بستان جميل يتألق المبدع إن طاف بممراته

ناصر‭ ‬عراق،‭ ‬روائي‭ ‬وكاتب‭ ‬وصحافي‭ ‬مصري،‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬مارس‭ ‬عام‭ ‬1961،‭ ‬عمل‭ ‬بعد‭ ‬تخرجه‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬بجامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬محرراً‭ ‬ثقافياً‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬المصرية،‭ ‬ثم‭ ‬سافر‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬إلى‭ ‬دبي‭ ‬ليشارك‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬دار‭ ‬الصدى‭ ‬للصحافة،‭ ‬حيث‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬القسم‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الصدى‭ ‬الأسبوعية‭ ‬مدة‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬كذلك‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلة‭ ‬دبي‭ ‬الثقافية،‭ ‬وأصبح‭ ‬أول‭ ‬مدير‭ ‬تحرير‭ ‬لها،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬العدد‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2004‭ ‬ولمدة‭ ‬سبع‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬أصدر‭ ‬منها‭ ‬57‭ ‬عدداً‭.‬

شارك‭ ‬ناصر‭ ‬عراق‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬‮«‬كتاب‭ ‬دبي‭ ‬الثقافية‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬مدير‭ ‬تحرير‭ ‬لهذه‭ ‬السلسلة،‭ ‬حيث‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬وإصدار‭ ‬33‭ ‬كتاباً‭ ‬منها‭ ‬لكوكبة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المبدعين‭ ‬والمثقفين‭ ‬العرب،‭ ‬أمثال‭: ‬أدونيس،‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالمعطي‭ ‬حجازي،‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬المقالح،‭ ‬جابر‭ ‬عصفور،‭ ‬إبراهيم‭ ‬الكوني،‭ ‬واسيني‭ ‬الأعرج،‭ ‬صلاح‭ ‬فضل،‭ ‬كمال‭ ‬أبوديب،‭ ‬وغيرهم‭.‬

شارك‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬جائزة‭ ‬البحرين‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬بالمنامة‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬منسق‭ ‬عام‭ ‬لها،‭ ‬وعمل‭ ‬مديراً‭ ‬لتحرير‭ ‬مجلة‭ ‬الثقافة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬لقصور‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬2010‭ ‬حتى‭ ‬مايو‭ ‬2012‭.‬

أصدر‭ ‬الروائي‭ ‬ناصر‭ ‬عراق‭ ‬مؤلفات‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭: ‬ملامح‭ ‬وأحوال‭... ‬قراءة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬التشكيلي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ (‬2000‭)‬،‭ ‬تاريخ‭ ‬الرسم‭ ‬الصحفي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ (‬2002‭)‬،‭ ‬أزمنة‭ ‬من‭ ‬غبار‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2006‭)‬،‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬الغرام‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2008‭)‬،‭ ‬الأخضر‭ ‬والمعطوب‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والفن‭ ‬والحياة‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬العاطل‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2011‭)‬،‭ ‬تاج‭ ‬الهدهد‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2012‭)‬،‭ ‬نساء‭ ‬القاهرة‭ ‬دبي‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2014‭)‬،‭ ‬الأزبكية‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2015‭)‬،‭ ‬الكومبارس‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2016‭)‬،‭ ‬البلاط‭ ‬الأسود‭ ‬‮«‬رواية‮»‬‭ (‬2017‭).‬

وصلت‭ ‬روايته‭ ‬‮«‬العاطل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬في‭ ‬الجائزة‭ ‬العالمية‭ ‬للرواية‭ ‬العربية‭ (‬البوكر‭) ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الخامسة‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬كتارا‭ ‬للرواية‭ ‬العربية‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬عن‭ ‬روايته‭ ‬‮«‬الأزبكية‮»‬‭.‬

هنا‭ ‬يفتح‭ ‬قلبه‭ ‬لمجلة‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭:‬

‭• ‬نتاجك‭ ‬الأدبي‭ ‬كبير،‭ ‬رغم‭ ‬أنك‭ ‬بدأت‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الأربعين؟‭!‬

‭- ‬لم‭ ‬أبدأ‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬الأربعين،‭ ‬لأنني‭ ‬أكتب‭ ‬بانتظام‭ ‬منذ‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬تقريباً،‭ ‬أكتب‭ ‬يومياتي‭ ‬وملاحظاتي‭ ‬وأحاكي‭ ‬القصائد‭ ‬التي‭ ‬تعجبني‭ ‬لشوقي‭ ‬وحافظ‭ ‬والبهاء‭ ‬زهير،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬أصدرت‭ ‬مجلة‭ ‬ثقافية‭ ‬مع‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬أصدقائي‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬أي‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬العشرين‭. ‬كان‭ ‬اسمها‭ ‬‮«‬أوراق‮»‬‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬أربعين‭ ‬صفحة،‭ ‬وشعارها‭ ‬‮«‬أدب‭. ‬فن‭. ‬فكر‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أصدرنا‭ ‬منها‭ ‬سبعة‭ ‬أعداد‭ ‬بأسلوب‭ ‬طباعة‭ ‬‮«‬الماستر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬رائجاً‭ ‬آنذاك،‭ ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬والسينما‭ ‬والفنون‭ ‬التشكيلية،‭ ‬كما‭ ‬نشرت‭ ‬فيها‭ ‬حوارات‭ ‬أجريتها‭ ‬مع‭ ‬كثيرين‭ ‬مثل‭: ‬مصطفى‭ ‬أمين‭ ‬وصلاح‭ ‬عبدالصبور‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬ظلت‭ ‬هماً‭ ‬يومياً‭ ‬منذ‭ ‬اطلعت‭ ‬على‭ ‬‮«‬الأيام‮»‬‭ ‬لطه‭ ‬حسين‭ ‬عام‭ ‬1976،‭ ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬مباشرة‭ ‬قرأت‭ ‬ثلاثية‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ذائعة‭ ‬الصيت‭.‬

ويجب‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أننــــي‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬عاشقة‭ ‬للقراءة‭ ‬والثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬والفن،‭ ‬فوالدي‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬عراق‭ ‬كان‭ ‬مثقفاً‭ ‬عصامياً‭ ‬بامتياز،‭ ‬علّمنا‭ ‬جميعاً‭ ‬حب‭ ‬الحكمة‭ ‬واحترام‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬تخاطب‭ ‬العقل‭. ‬أما‭ ‬بخصوص‭ ‬النشر،‭ ‬ففعلاً‭ ‬لم‭ ‬أبدأ‭ ‬نشر‭ ‬كتبي‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬الأربعين،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬كتبي‭ ‬هو‭ ‬‮«‬ملامح‭ ‬وأحوال‭... ‬قراءة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬التشكيلي‭ ‬المصري‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للثقافة‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬

‭• ‬روايتك‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬أزمنة‭ ‬من‭ ‬غبار‮»‬‭ ‬استغرقت‭ ‬كتابتها‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬فهل‭ ‬هي‭ ‬عمل‭ ‬ملحمي؟

‭- ‬كما‭ ‬تعلم،‭ ‬فالرواية‭ ‬الأولى‭ ‬تربك‭ ‬كاتبها،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ممن‭ ‬يحــتــرمون‭ ‬أنفســهم،‭ ‬ويقدّرون‭ ‬الإنجاز‭ ‬الروائي‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬قبلهم،‭ ‬لذا‭ ‬ظل‭ ‬حلم‭ ‬الرواية‭ ‬يراودنــــي‭ ‬سنــوات‭ ‬طويلة‭ ‬منذ‭ ‬التهمت‭ ‬‮«‬أيــــام‮»‬‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬و«ثلاثـــــية‮»‬‭ ‬محفــــــوظ،‭ ‬كما‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة،‭ ‬لكنني‭ ‬كنت‭ ‬أخشى‭ ‬المغامرة‭ ‬وأهاب‭ ‬الإقدام،‭ ‬فلما‭ ‬بلغت‭ ‬الأربعين‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ثمة‭ ‬مفر،‭ ‬فقررت‭ ‬خوض‭ ‬عباب‭ ‬بحر‭ ‬الرواية‭ ‬المتلاطم‭ ‬الأمواج،‭ ‬وليحدث‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬وهكذا‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬‮«‬أزمنة‭ ‬من‭ ‬غبار‮»‬‭ ‬بقلب‭ ‬مترع‭ ‬بالقلق‭ ‬الشديد،‭ ‬فظللت‭ ‬أعيد‭ ‬وأضيف‭ ‬وأحذف‭ ‬وأنقح‭ ‬لأعوام،‭ ‬حتى‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬الهلال‭.‬

‭• ‬ما‭ ‬أهم‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬منك‭ ‬أديباً؟

‭- ‬الأسرة‭ ‬هي‭ ‬العامل‭ ‬الأول‭ ‬والحاسم،‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬محظوظاً‭ ‬بوالدي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مفتوناً‭ ‬بالآداب‭ ‬والفنون‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تعلم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شهادة‭ ‬دراسية،‭ ‬بسبب‭ ‬اضطراره‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬المدرسة‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬نظراً‭ ‬لوفاة‭ ‬والده‭ (‬جدي‭ ‬إبراهيم‭)‬،‭ ‬عام‭ ‬1931،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬يقرأ‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬وسلامة‭ ‬موسى‭ ‬والعقاد‭ ‬وتولستوي‭ ‬ودوستوفيسكي‭ ‬ودارون‭ ‬وماركس‭ ‬ولينين‭ ‬وتشيكوف‭ ‬وشوقي‭ ‬والمتنبي‭ ‬وحافظ‭ ‬وبيرم‭ ‬التونسي‭ ‬وغيرهم،‭ ‬فينفعل‭ ‬بآرائهم‭ ‬وأفكارهم‭ ‬وإبداعاتهم،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬تولى‭ ‬تعليم‭ ‬والدتي‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬وكان‭ ‬يتقن‭ ‬الرسم‭ ‬إتقاناً،‭ ‬وأذكر‭ ‬جيداً‭ ‬كيف‭ ‬كنت‭ ‬أحاكي‭ ‬رسومه،‭ ‬خاصة‭ ‬بورتريهات‭ ‬المشاهير‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يجيد‭ ‬رسمها‭ ‬ببراعة،‭ ‬مثل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬ومحمد‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬وأم‭ ‬كلثوم‭ ‬ويوسف‭ ‬وهبي‭ ‬وأنور‭ ‬وجدي‭ ‬وأمينة‭ ‬رزق‭ ‬وزكي‭ ‬رستم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أشقائي‭ ‬الستة‭ ‬أسهموا‭ ‬بنصيب‭ ‬معتبر‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬ذائقتي‭ ‬الأدبية‭ ‬وتطوير‭ ‬ملكاتي‭ ‬العقلية‭ ‬والفكرية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬دراساتهم‭ ‬كانت‭ ‬علمية‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬فشقيقي‭ ‬الأكبر‭ ‬الراحل‭ ‬إبراهيم‭ ‬كان‭ ‬كبير‭ ‬المحاسبين‭ ‬بدار‭ ‬الكتب‭ ‬المصرية،‭ ‬وبعده‭ ‬المهندس‭ ‬فكري،‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬والدي‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬تيمناً‭ ‬بالكاتب‭ ‬الكبير‭ ‬فكري‭ ‬أباظة،‭ ‬ثم‭ ‬الدكتورة‭ ‬الراحلة‭ ‬ماجدة،‭ ‬فخبير‭ ‬النسيج‭ ‬المهندس‭ ‬الراحل‭ ‬فوزي،‭ ‬ثم‭ ‬شقيقتي‭ ‬انتصار‭ ‬الموجهة‭ ‬السابقة‭ ‬بالتربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬ثم‭ ‬أنا،‭ ‬والأخير‭ ‬المهندس‭ ‬صلاح‭ ‬الذي‭ ‬رحل‭ ‬قبل‭ ‬عام‭. ‬

هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬أشقائي‭ ‬الذين‭ ‬تعلمت‭ ‬منهم،‭ ‬ثم‭ ‬يبقى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬العامل‭ ‬الشخصي،‭ ‬وهو‭ ‬الموهبة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مياهها‭ ‬العذبة‭ ‬تسري‭ ‬في‭ ‬جيناتي،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنني‭ ‬ولدت‭ ‬مفتوناً‭ ‬بحب‭ ‬الأدب‭ ‬والفن‭ ‬وطرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬العقل‭ ‬وتثري‭ ‬الوجدان‭.‬

‭• ‬تحويل‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬اسم‭ ‬وأفكار‭ ‬المؤلف،‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬مستقبلية‭ ‬لك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه؟

‭- ‬أتفق‭ ‬معك‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدراما‭ ‬الجيدة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬أفكار‭ ‬الكاتب‭ ‬واسمه،‭ ‬والمفروض‭ ‬أن‭ ‬روايتي‭ ‬‮«‬الأزبكية‮»‬‭ ‬يجري‭ ‬إعدادها‭ ‬الآن‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬وفقاً‭ ‬للعقد‭ ‬الذي‭ ‬أبرمته‭ ‬معي‭ ‬جائزة‭ ‬‮«‬كتارا‮»‬‭ ‬للرواية،‭ ‬بعد‭ ‬حصول‭ ‬‮«‬الأزبكية‮»‬‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬لجائزة‭ ‬كتارا‭ ‬للرواية‭ ‬العربية‭/ ‬الدورة‭ ‬الثانية‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السيناريست‭ ‬الشاب‭ ‬الموهوب‭ ‬خالد‭ ‬يوسف‭ ‬يعمل‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬روايتي‭ ‬‮«‬نساء‭ ‬القاهرة‭. ‬دبي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مسلسل‭ ‬درامي‭. ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬يسعدني‭ ‬كثيراً‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬الجمهور‭ ‬رواياتي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬درامية،‭ ‬سواء‭ ‬سينما‭ ‬أو‭ ‬تلفزيون‭ ‬أو‭ ‬مسرح‭ ‬أو‭ ‬إذاعة‭.‬

‭ ‬‭• ‬كيف‭ ‬يكون‭ ‬الروائي‭ ‬حياديًّا‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬شخصيات‭ ‬روايته؟

‭- ‬ولماذا‭ ‬يكون‭ ‬حيادياً‭ ‬أصلاً؟‭ ‬في‭ ‬ظني‭ ‬أن‭ ‬الحياد‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وإنما‭ ‬الانحياز‭ ‬هو‭ ‬القانون‭ ‬السائد،‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬خفيّ‭. ‬بخصوص‭ ‬الرواية،‭ ‬فكل‭ ‬مؤلف‭ ‬يختار‭ ‬موضوعه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدف‭ ‬محدد،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬انحياز‭ ‬محمود،‭ ‬ولكن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبذل‭ ‬جهداً‭ ‬كبيراً‭ ‬ليبدو‭ ‬سلوك‭ ‬أبطال‭ ‬روايته‭ ‬منطقيًّا،‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬طبيعتهم‭ ‬النفسية‭ ‬ومستوى‭ ‬تعليمهم‭ ‬وبيئتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إلى‭ ‬آخره‭. ‬باختصار‭, ‬الروائي‭ ‬ينحاز‭ ‬للفكرة،‭ ‬للشخصيات،‭ ‬للحبكة‭... ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬جذابة‭ ‬يقبلها‭ ‬منطق‭ ‬الفن‭ ‬الروائي‭.‬

‭• ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬جوائز‭ ‬عربية‭ ‬مهمة،‭ ‬ما‭ ‬أهمية‭ ‬الجوائز‭ ‬بالنسبة‭ ‬للكاتب؟

‭- ‬لم‭ ‬أفز‭ ‬بجوائز‭ ‬عربية‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬مصرية‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية،‭ ‬وأعتز‭ ‬بها‭ ‬كثيراً،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬جائــــزة‭ ‬أحمد‭ ‬بــهاء‭ ‬الدين‮»‬‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تنظــــمها‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬الكاتب‭ ‬الراحــل،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬عندما‭ ‬فاز‭ ‬كتابي‭ ‬‮«‬تاريخ‭ ‬الرسم‭ ‬الصحفي‭ ‬في‭ ‬مصر‮»‬‭ ‬بالجائـــــزة‭ ‬الأولى،‭ ‬وبالمناســــبة‭ ‬كانـــت‭ ‬لجنة‭ ‬التحكيم‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬خمــــسة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬مثقفينا‭ ‬هم‭ ‬المستشار‭ ‬طارق‭ ‬البشري‭ ‬رئيساً،‭ ‬وعضوية‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬د‭. ‬جلال‭ ‬أمين‭ ‬ود‭. ‬أحمد‭ ‬مستجير‭ ‬ود‭. ‬رضوى‭ ‬عاشور‭ ‬والكاتب‭ ‬الصحفي‭ ‬الراحل‭ ‬مصطفى‭ ‬نبيل‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬‮«‬الهلال‮»‬‭ ‬الأسبق،‭ ‬وتشرفت‭ ‬بأن‭ ‬أهداني‭ ‬الجائزة‭ ‬الكاتب‭ ‬الصحفي‭ ‬الكبير‭ ‬الأســـتاذ‭ ‬محمد‭ ‬حسنين‭ ‬هيكل‭.‬

عموماً‭... ‬الجوائز‭ ‬تشعر‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬جهوده‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬سدى،‭ ‬وأن‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬ملكاته‭ ‬يلقى‭ ‬الحفاوة‭ ‬والتكريم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الجوائز‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬الفائز‭ ‬بها‭ ‬مسؤوليات‭ ‬أكبر،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه،‭ ‬فيعزز‭ ‬مهاراته‭ ‬ويطور‭ ‬أداءه‭ ‬باستمرار‭. ‬

‭• ‬قلت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إن‭ ‬روايتك‭ ‬‮«‬تاج‭ ‬الهدهد‮»‬‭ ‬الصادرة‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬ظُلمت،‭ ‬لماذا؟

‭- ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬المصريون‭ ‬منهمكين‭ ‬تماماً‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬سياسية‭ ‬بالغة‭ ‬الحساسية‭ ‬عقب‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬اهتمامات‭ ‬الناس‭ ‬وأذواقهم،‭ ‬ويبدو‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬الاستغراق‭ ‬في‭ ‬المشكلات‭ ‬الواقعية‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬آنذاك‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬القراء‭ ‬بالعناية‭ ‬الكافية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تاج‭ ‬الهدهد‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬رواية‭ ‬تنهض‭ ‬على‭ ‬الخيال‭ ‬والفانتازيا،‭ ‬أو‭ ‬بتعبير‭ ‬أدق،‭ ‬تمزج‭ ‬الواقع‭ ‬بالخيال‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬طريفة‭ ‬تستلهم‭ ‬عالم‭ ‬الحيوان‭ ‬والطيور‭. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الطالع‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬الرواية‭ ‬يتزايد‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فها‭ ‬هو‭ ‬الناقد‭ ‬د‭. ‬عايدي‭ ‬علي‭ ‬جمعة‭ ‬يكتب‭ ‬عنها‭ ‬دراسة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬‮«‬بوابة‭ ‬الأهرام‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬كما‭ ‬ينوي‭ ‬أن‭ ‬يعد‭ ‬عنها‭ ‬بحثاً‭ ‬يتقدم‭ ‬به‭ ‬لنيل‭ ‬درجة‭ ‬الأستاذية‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭.‬

‭• ‬عملت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحافة‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬أفادتك‭ ‬الكتابة‭ ‬الصحفية‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية؟

‭- ‬الصحافة‭ ‬أفادتني‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية،‭ ‬لأن‭ ‬الصحافة‭ ‬تستلزم‭ ‬الدقة‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الخبر‭ ‬أو‭ ‬المعلومة،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬عند‭ ‬نشرها،‭ ‬وملتزمة‭ ‬بمساحات‭ ‬محددة،‭ ‬فلا‭ ‬تقبل‭ ‬الإسهاب‭ ‬والإطناب،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬وجوب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالرشاقة‭ ‬اللغوية،‭ ‬حتى‭ ‬يقبل‭ ‬القراء‭ ‬على‭ ‬اقتناء‭ ‬الصحيفة‭ ‬ولا‭ ‬ينصرفوا‭ ‬عنها‭. ‬وقد‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬رواياتي‭ ‬فيما‭ ‬أظن،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬أتمنى‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬أرجو‭ ‬ألا‭ ‬يخطر‭ ‬في‭ ‬بال‭ ‬القارئ‭ ‬أنني‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬عملي‭ ‬الروائي‭ ‬بمنطـــق‭ ‬الكتابة‭ ‬الصحفية‭ ‬السريعة‭ ‬والشائعة،‭ ‬وإنما‭ ‬قصدت‭ ‬الإشارة‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬فوائد‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬بجدية‭ ‬على‭ ‬النتاج‭ ‬الروائي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬علاقتي‭ ‬العميقة‭ ‬بفنون‭ ‬المسرح‭ ‬والسينما‭ ‬والرسم‭ ‬والموسيقى‭ ‬والغناء‭ ‬أسهمت‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬تجربتي‭ ‬مع‭ ‬الرواية،‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬أتخيل‭.‬

  ‬‭• ‬ما‭ ‬شروط‭ ‬الرواية‭ ‬الناجحة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرك؟

‭- ‬هناك‭ ‬شروط‭ ‬كثيرة‭ ‬لكتابة‭ ‬رواية‭ ‬ناجحة‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬في‭ ‬عبارة‭ ‬واحدة،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ممتعة‭ ‬ومفيدة‭. ‬طبعاً‭ ‬لا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬فطنة‭ ‬اللبيب‭ ‬أن‭ ‬المتعة‭ ‬والفائدة‭ ‬تختلفان‭ ‬من‭ ‬قارئ‭ ‬لآخر‭ ‬بحسب‭ ‬مستوى‭ ‬ثقافته‭ ‬واطلاعه‭ ‬وتاريخه‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬القراءة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وقراءة‭ ‬الروايات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭.‬

‭• ‬حدّثني‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬ناصر‭ ‬عراق؟

‭- ‬أنعمت‭ ‬عليّ‭ ‬المقادير‭ ‬بأم‭ ‬عاشقة‭ ‬للقراءة،‭ ‬وكما‭ ‬قلت‭ ‬لك‭ ‬فقد‭ ‬علَّمها‭ ‬والدي‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬وكان‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬اصطحابها‭ ‬لحضور‭ ‬الصالون‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعقده‭ ‬سلامة‭ ‬موسى‭ ‬في‭ ‬فيلته‭ ‬بالفجالة‭ ‬في‭ ‬أربعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وكانت‭ ‬تقص‭ ‬عليّ‭ ‬وأنا‭ ‬طفل‭ ‬موجزاً‭ ‬للروايات‭ ‬التي‭ ‬تطلع‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬روايات‭ ‬الهلال،‭ ‬وأذكر‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬معجبة‭ ‬بقراءة‭ ‬السّيَر‭ ‬الذاتية‭ ‬للملكات‭ ‬والأميرات،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تعلم‭ ‬أنها‭ ‬رحلت‭ ‬عن‭ ‬حياتنا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1997‭ ‬وتحت‭ ‬وسادتها‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬رواية‭ ‬ماركيز‭ ‬الجميلة‭ ‬‮«‬سرد‭ ‬أحداث‭ ‬موت‭ ‬معلن‮»‬‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬شقيقتي‭ ‬الكبرى‭ ‬الراحلة‭ ‬د‭. ‬ماجدة‭ ‬كانت‭ ‬مغرمة‭ ‬بالشعر‭ ‬العربي‭ ‬والإنجليزي‭ ‬وروايات‭ ‬إميل‭ ‬زولا‭ ‬وديكنز‭ ‬ونجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬رغم‭ ‬تخصصها‭ ‬العلمي،‭ ‬فقد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬الدكتوراه‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وكم‭ ‬شرحت‭ ‬لي‭ ‬وأنا‭ ‬صبي‭ ‬قصائد‭ ‬شوقي‭ ‬والمتنـــبي‭ ‬وأبو‭ ‬نواس،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬القصائد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشدو‭ ‬بها‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭. ‬كذلك‭ ‬تعلمت‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬ابنتي‭ ‬الأولى‭ ‬هديل،‭ ‬التي‭ ‬باشرت‭ ‬متابعتها‭ ‬باهتمام‭ ‬بالغ‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬ولادتها‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬فبراير‭ ‬1999،‭ ‬وحتى‭ ‬سفرها‭ ‬للدراسة‭ ‬بجامعة‭ ‬كنديــــة‭ ‬قبل‭ ‬عامين،‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬بستان‭ ‬جميل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للمبدع،‭ ‬ولا‭ ‬للرجل‭ ‬عموماً،‭ ‬أن‭ ‬يزدهر‭ ‬ويتألق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬طاف‭ ‬بممراته‭ ‬الباذخة‭ ‬وتنشق‭ ‬زهوره‭ ‬بحب‭ ‬واهتمام‭.‬

‭• ‬ما‭ ‬تقييمك‭ ‬للمشهد‭ ‬الروائي‭ ‬العربي‭ ‬حالياً؟

‭- ‬واضح‭ ‬جدًّا‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬الروائي‭ ‬الـــعربي‭ ‬ينبئ‭ ‬بالخير،‭ ‬فقد‭ ‬اصطادت‭ ‬الرواية‭ ‬جمهــــوراً‭ ‬غفيراً‭ ‬وأوقعته‭ ‬في‭ ‬شباكها‭ ‬الساحرة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭ ‬هجروا‭ ‬أبياتهم‭ ‬الشعرية‭ ‬وقرروا‭ ‬خوض‭ ‬عباب‭ ‬بحر‭ ‬الرواية‭ ‬رغــــم‭ ‬أمواجه‭ ‬العالية‭ ‬والخطـــــيرة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬طـــيب،‭ ‬ولســـت‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يتـــــصدى‭ ‬لكتــــابة‭ ‬رواية،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬تشجيع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬أفكارهم‭ ‬وآرائهم‭ ‬بلغة‭ ‬جميلة،‭ ‬والزمن‭ ‬سيحكم‭ ‬أي‭ ‬الأعمال‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬وأهم‭ ‬شأناً‭.‬

‭• ‬هل‭ ‬تشعر‭ ‬بوجود‭ ‬ناقد‭ ‬بداخلك؟

‭- ‬بكل‭ ‬تأكيد،‭ ‬فالمثــقــف‭ ‬الحقيقي‭ ‬والمبدع‭ ‬الجاد‭ ‬يبحث‭ ‬دوماً‭ ‬عن‭ ‬الكمال‭ ‬ويطـــارده‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال،‭ ‬ويتمــــثل‭ ‬ذلـــك‭ ‬بوضـــوح‭ ‬في‭ ‬كتـــاباتي‭ ‬ورواياتي،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أتوقف‭ ‬أبداً‭ ‬عن‭ ‬نقد‭ ‬ما‭ ‬أكتبه‭ ‬ومراجعته‭ ‬وضبطه‭ ‬بالحذف‭ ‬والإضافـــة‭ ‬والتعديل،‭ ‬حتى‭ ‬ردودي‭ ‬على‭ ‬أسئلتــك‭ ‬هذه،‭ ‬أعاود‭ ‬مراجـــــعتها‭ ‬غير‭ ‬مرة،‭ ‬ليطمئن‭ ‬قلـــبي‭ ‬إلى‭ ‬صحة‭ ‬إجاباتي،‭ ‬ودقة‭ ‬التعبيرات‭ ‬التي‭ ‬أستخدمها‭.‬

‭• ‬ما‭ ‬اسم‭ ‬عملك‭ ‬الروائي‭ ‬القادم؟

‭- ‬أنهيت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬روايتي‭ ‬التاسعة،‭ ‬ولم‭ ‬أستقر‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬نهائي‭ ‬بعد،‭ ‬وهذا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬الناقد‭ ‬بداخلي‭. ‬وأتوقع‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬خلال‭ ‬يونيو‭ ‬الجاري‭■‬