شكراً... كرة القدم
دخل العرب عام 2018 وهم يحملون معهم إنجازاً يتيماً، هو تأهل أربعة منتخبات عربية، هي: مصر والسعودية وتونس والمغرب إلى نهائيات بطولة كأس العام لكرة القدم التي ستقام في صيف هذا العام في روسيا، وقد سبق لجميع الفرق المذكورة التأهل لبطولة كأس العالم من قبل، ولكن هي المرة الأول التي تصل فيها 4 منتخبات دفعة واحدة بعد 32 سنة من تأهل ثلاثة منتخبات لكأس العالم في المكسيك عام 1986، هي: العراق والجزائر والمغرب.
إن كرة القدم غالباً ما كانت سبباً في النقاشات الساخنة وخلق العداوات الغريبة بين أطراف متفقة في أشياء كثيرة، ماعدا كرة القدم، وهي كما قيل عنها «مجنونة»، لأن ما ينتج عنها بعد صافرة النهاية ليس مضموناً بالضرورة، وكم من فريق دخل المباراة وهو يضع نقاط الفوز في خانة النتائج، وخرج خالي الوفاض، لأنه تكبر على خصمه ووثق بـ «المجنونة». وفي هذه السنة، التي بدأت تباشيرها بعد تأكد تأهل 4 منتخبات عربية، سادت حالة من الفرح والسرور بدءاً من الخليج إلى المحيط، وسط بحر متلاطم من الأخبار العابسة، التي تنقلها لنا يومياً وسائل الإعلام.
هذه المرة تبسمت كرة القدم للعرب، بعد أن نالوا، بجدارة، بطاقات التأهل، وأصبحت لديهم فرص كثيرة لإدخال البهجة العامة في قلوب الملايين من العرب، والجميع ينتظر أن يكسر أحد المنتخبات الأربعة حاجز دور الـ 16 من البطولة، وصولاً إلى دور الثمانية، بعد تعثر ثلاث محاولات، بدأتها المغرب عام 1986 والسعودية 1994 والجزائر 2014.
لقد نجحت كرة القدم في تغذية مشاعر السعادة لدى العرب وتجديد الأمل في تحقيق شيء، ولو كان قادماً من ميدان «المجنونة» وليس من ميادين العلوم أو الطب أو اكتشاف الفضاء، إن هذا النوع من المشاعر الجمعية مهم وضروري في بعث الشعور بوحدة المصير وتلازم المسارات، فصورة لمشجع عراقي أو أردني وهو يصرخ لضياع ركلة جزاء للاعب من لاعبي المنتخبات العربية المتأهلة «تسوى» كل الشعارات، لأن تلك الصرخة تعكس مشاعر صادقة لا يمكن أن تشترى بالمال، لذلك أقول: شكراً لكرة القدم لما قدمته لنا من فرح ووحدة■