مجلة العربي... سيرة ومسيرة ومسار

عندما نتكلم عن مجلة العربي، فحتماً ولابد أن نذكر رديفتها «العربي الصغير»، أحد أهم فروعها للجميع، وبالنسبة إليّ على الأقل، حينما تحتفل «العربي» بمرور ستين عاماً على أول إصدار لها، إنما يحتفل كل القراء العرب أطفالاً وكباراً بهذه الأيقونة المرتبطة بالثقافة العربية ومنهل المعرفة من ينابيعها العلمية.
وبالمناسبة يبدو أن فكرة الكتابة عن «العربي» فكرة قديمة لا تغيب عن بال، إلى أن سنحت مناسبة ستينيتها، فخرجت هذه المشاعر الصادقة تجاه مجلة أحبتنا قبل أن نحبها.
وسأسرد لكم حكاية «العربي» هذه...
انطلقت بداية مسيرتي معها من مدينة القدس حينما زرت عمي؛ دخلت إلى غرفة الجلوس ودسستُ يدي بين كتب مكدسة على الأرفف، وأخرجت مجلة اسمها «العربي»، بها ملحق صغير طالعته، استوقفني فن الألوان والصور والمواضيع الشائقة، كان سهلاً عليّ فهم مضمونها، لذا استمتعت بقراءتها.
لو سُئل أي مواطن عربي من جيلي، مُحب للقراءة، عن باكورة هواية المطالعة عنده، فسينسب الفضل
لـ «العربي»، لأنها الأساس. فما من أحد كتب عن تجربته الثقافية إلا مر على ذكر المجلة، ومعظمهم يقول إنه تعرّف عليها من والديه أو من أقربائه.
حرص عمي على أن يعطيني المجلة وملاحقها ملاحظاً ميلي للمطالعة، كما شجعني أبي على الكتابة أيضاً. كنت أكتب مواضيع صغيرة، فأتركها بجانب سرير أبي لمراجعتها، حتى إذا ما الصبْحُ أتى، ناقشني في المحتوى. إذ كان أبي عاملاً أساسياً في صقل موهبتي وتنمية ملَكة الكتابة لديّ.
هاجر عمي إلى أمريكا، تاركاً زوجته وثلاثة أطفال. حزّ في نفسي سفره وحزنت حزناً لم يلتفت إليه أحد، كنت في العاشرة من عمري تقريباً. وبقي سؤالان في ذهني حتى اليوم لم أجد لهما إجابة:
الأول: أين اختفت كتبه ومجلاته، وهل أخذها معه، أم أن زوجته تخلصت منها، أم وزعتها على صبايا الحي؟
أما الثاني: فيتعلق به بشكل مباشر؛ فعندما سكن في مدينة صغيرة بإحدى الولايات الأمريكية، ترى هل وصلت إليه «العربي» في ستينيات القرن الماضي؟
نكسة واحتلال
خلال حرب يونيو 1967، قُتل والدي (عن 39 عاماً) خلال جولة من الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة أريحا في فلسطين. قُتل أمام عينيّ وعيون خمسة من إخوتي الآخرين، بعد ذلك قادت والدتي السيارة وفيها جسد والدي المضرج بالدماء من أريحا إلى مدينة السلط في الأردن قيادةً خيّم عليها بكاء ستة أطفال يحتضنون جسد والدهم المُسجّى. فعَرفنا الحرب والموت واليتم في آن!
عدنا إلى رام الله من الطريق ذاته، لكن هذه المرة من دون أبي، الذي كان استشهاده نقطة غيّرت مسار حياتنا. ليس هذا فحسب، بل إننا وعينا وأهالي الضفة الغربية وغزة على واقع جديد؛ احتلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بقية فلسطين. صادرت السلطات الإسرائيلية الكتب والمجلات، ومنعت وصولها إلى الناس الرازحة تحت الاحتلال. فلا أزال أبحث عند الجيران وعند معلماتي عن كتب ومجلات أتغلب بقراءتها على همّي وواقعي المرير. ومعظمهم كانت عندهم أعداد من «العربي»، كما عدت إلى المجلات والكتب القديمة من بقايا ما تركه أبي وعمي. ولكن هذه المرة أطالعها بشكلٍ مختلف. قطبان مهمان غابا عن حياتي: عمي وأبي. كنت في الثانية عشرة من عمري، عندما رأيت أحلامي تندثر لأتحول إلى زهرة برية تعتني بها الفطرة من دون إرشاد. أحسست بأن الوقت قد توقف، ومن هنا بدأت مسيرة غربتي وسيرة حياة مختلفة.
بعد سنوات، عادت «العربي» إلى الظهور في مكتبات فلسطين. ومازلت مرتبطة بالمجلة وكأنها جزء مني، وكلما كنت أكبر كانت تكبر معي، إذ كنت أحرص على اقتنائها وشرائها أينما حللت وسكنت... وبقيت إلى الآن أنتظر بفارغ الصبر أول الشهر لشرائها.
الكويت منبع الثقافات
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت الثقافة الكويتية شُعلة نشاط: خمس صحف يومية وأخرى تصدر بالإنجليزية، إضافة إلى عميدة المجلات (العربي)، كانت هناك مجلات ودوريات متعددة ومختلفة كلها تصب في خانة الثقافة من أدب وفنون، وكانت الكويت تصدر الثقافة كما تستقطب الثقافة العربية: ندوات، معرض الكتاب السنوي، ومعارض للفن التشكيلي، الندوة السنوية لمجلة العربي، محاضرات... إلخ. وكانت الحكومة الكويتية تدعم كل هذه الثقافات وتشجعها.
في منتصف السبعينيات كانت بداياتي في الصحافة الكويتية: كتبت في «القبس»، وأصبحت محررة لصفحة الطفل في مجلة الرسالة الأسبوعية التي كان رئيس تحريرها المرحوم جاسم مبارك الجاسم (بو مبارك)، كما في صحيفة الوطن وكان مدير التحرير المرحوم جاسم المطوع، الذي أوكل إليّ العمل مع طاقم تحرير صفحة المرأة والطفل.
عملت وقتها جنباً إلى جنب مع نادية كمال وناديا لطفي وغالية قباني وأشواق المالك، وكانت أيضاً الصحفية ليلى الأحمد ضمن كاتبات صحيفة الوطن.
وفي الحديث عن «الوطن» لابد أن نذكر الأستاذ محمد مساعد الصالح (أبو طلال) رئيس التحرير آنذاك، هذا الرجل له دوره المميز في الصحافة الكويتية، لذلك لقّب بفارسها، وكان يكتب زاويته اليومية تحت عنوان «الله بالخير»، كما يذيّلها بعبارة: «والله من وراء القصد»! وإضافة إلى ذلك كان من أكبر رجال القانون والمحاماة في الكويت. وكانت «العربي» قد خصصت ملفاً عن الراحل قرأته وأنا في الطائرة، فالمجلة ونيستي في السفر أيضاً. عندما سكنتُ الكويت أبديت رغبة في زيارة مجلة العربي، لكن أحدهم قال لي: «وهل تظنين أن للعربي مكاتب فارهة! ما العربي إلا جزء من وزارة الإعلام، وكل هذا الزخم والوميض إنما يأتي من مكاتب صغيرة في الوزارة»!
وكالة الأنباء الكويتية (كونا)
في أوائل الثمانينيات، عُينت في وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بدائرة العلاقات الدولية والمكاتب الخارجية، وكانت تضم في كادر «كونا» مجموعة من الشابات الكويتيات، أذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر: إقبال الأحمد، لمياء الحميضي، فتوح الجاسم، هيفاء الخنيني، سندس المباركي، وإيمان عبيد، وغيرهن.
وكان رئيس مجلس الإدارة المدير العام آنذاك المرحوم برجس حمود البرجس، ولا أريد أن أتكلم عن أعمال هذا الرجل ومبادراته الإنسانية في «الهلال الأحمر» ووزارة الصحة الكويتية. إنما أريد أن أتحدث عن «أبو خالد» الإنسان؛ فوفق تعبيره فإنه لم يحدث خلال حياته العملية كلها أن وقّع أي رسالة أو قرار فصل تعسفي لأي موظف، وكان يقول «أتحداكم إن فعلت»! وكان شعاره دائماً وأبداً «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»! أذكر مقولته هذه دائماً وأبداً، لأن هذا الموضوع من أكثر المواضيع إثارة للجدل، فالفصل التعسفي وإنهاء الخدمات يدوران بلا رحمة ومن دون سابق إنذار - بشكل يومي أرزاق تقطع بسبب «التفنيش» - في هكذا عالم متغير.
طلبت منه في أواخر الثمانينيات أن أذهب إعارة لمدة سنتين للعمل في مجلة العربي الصغير، فقال لي: «نفكر بطلبك وأرد عليك بالموافقة من عدمها بعد عودتك من الإجازة». سافرت في إجازة إلى فلسطين خلال يوليو عام 1990، وكنت قد استودعت زميلاتي أوراقي ومسودات ثلاثة كتب مؤجل نشرها، وأوصيت زميلاتي: أنا ذاهبة إلى الانتفاضة، إذا ما أصابتني رصاصة من مستوطن أو قتلني قناص من على دورية، أمانة عليكن نشر كتبي... مسوداتها في الجارور (الدرج)... لم أكن أدري ساعة وداع بأنه آخر يوم لي على هذه الأرض.
الثاني من أغسطس عام 1990
في رام الله كنت قد ذهبت منذ الفجر لاستكمال معاملات تتعلق بالهوية. كانت وقتها دائرة الأحوال المدنية من مسؤوليات المحتل الإسرائيلي، وعدت في الثامنة أنتظر دوري، حتى إذا ما صارت الساعة الثالثة عصراً سمعت هرجاً ومرجاً في المكان: «دخلت القوات العراقية إلى الكويت»... لم آخذ الموضوع بجديّة، إذ ظننت أنها مناوشات على الحدود وتنتهي، إلى أن عدت إلى البيت، فتأكد الخبر. بعد سنوات... سألت صديقتي عبر الهاتف: «ماذا حصل مع مسوداتي؟» قالت: «بعد التحرير، وجدنا المبنى فارغاً، فبعد السيطرة على مكاتب الوكالة جمعت القوات العراقية كل الملفات وأفرغوا الجوارير (الأدراج)، وصادروا كل ورقة موجودة في المبنى. ومكتبنا كذلك كان خاوياً إلا من وريقات تخصك وجدناها على الأرض وأعداد من مجلة العربي متناثرة هنا وهناك».
كان موضوع احتلال العراق للكويت أكبر من كتاباتي وأمره أهمّ! ما قيمة أوراقي أمام الحدث الجلل؟ ومع ذلك كانت وريقات عزيزة علي، من يعيد إليّ الكلمات والأحرف؟ تماماً كما نرى في الأخبار بيوتاً مهدمة، ولكننا لا نعلم ما الأثر المحزن الذي يقع على طفل كل أغراضه دُمرت والمكان.
العائدون من الكويت... نقطة تحوّل
بقيت في القدس، وكنت من ضمن عينة، وباحثة في الوقت ذاته، بدراسة حول «العائدين من الكويت»، أجراها مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الإنسان، أحد مراكز جمعية الدراسات العربية التي كان يرأسها المرحوم فيصل الحسيني، الذي شاءت الأقدار أن تكون منيته في الكويت (31/5/2001). شملت الدراسة جميع العائدين من الكويت على مستوى الضفة الغربية وغزة، وسلطت الضوء على واقعهم الجديد وأوضاعهم، وخرجت بتوصيات لتساعدهم على الدخول إلى سوق العمالة الفلسطيني، ذلك السوق الذي كان متعثراً على كل حال. وكان ضمان إيجاد فرص عمل للعائدين في المؤسسات غير الحكومية والدولية العاملة في الأراضي المحتلة، مدعوماً من البرنامج الكندي لمساعدة الفلسطينيين، ومن مهامه توفير الدعم المادي والمالي لتوظيف العائدين، وهكذا عُينت ضمن هذا البرنامج في مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الإنسان: سَجلتُ وزملائي يوميات الانتفاضة ودونت ويلات النزاعات المسلحة والنزوح واللجوء والتشرد، جابهت كل هذه التيارات السياسية التي عصفت بي بالكفاح والصبر، وكتبت في صحيفة القدس المقدسية لسنوات.
«العربي» والمحتل
قاومت «العربي» الاحتلال ودخلت إلى فلسطين متخطية الحواجز العسكرية والجدران والسياج. في النهاية، استطاعت الدخول لكل أرجاء فلسطين، متجاوزة بذلك كل الصعاب.
أسأل دائماً صاحب المكتبة: «وصلت العربي»؟
فيكرر جملته المعهودة: «دخلت المعابر، لكنها الآن في ضيافة مقص الرقيب الإسرائيلي!».
حَسَب الفلسطيني ثقافته شكلاً من أشكال مقاومة الاحتلال والنضال ضده. المحتل كما يجَزَع من المقلاع والحجر، ترهبه الكلمة، فيصادر الكتب والمجلات، ويحاول سد منابع الثقافة، لكن كل محاولاته باءت بالفشل، وبعد كل هذا بقيت الثقافة العربية مناهضة لممارسته وتشق طريقها إلينا. أكاد أجزم بأن كل الناس تنتظر الكتب والمجلات العربية عندما ترسو على الأرض المتعطشة للحرية والاستقلال. منع تجول... إضرابات عامة... مدن وقرى يغلق سكانها أبواب بيوتهم من الخامسة مساءً... مساءات ساكنة... يمر الوقت طويلاً كدهر... لا يقوّي عزمهم إلا المطالعة والقراءة.
ما هذا التفاني والإخلاص؟ وما هذه المثابرة والإصرار من «العربي» للوصول إلى عقر دار المحتل؟!
وقفت المجلة مع قضية فلسطين وجالت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقفزت من على الأسوار وسافرت عبر الطرق المتعرجة لتصل إلى تحقيق مصور أو استطلاع عن المدن والقرى الصامدة. كما احتضنت المئات من الكُتّاب والأدباء والفنانين من فلسطين، ولا ننسى أدب المقاومة وأدب السجون، كما وقوفها بقوة مع قضية القدس والمقدسات.
تمثيل الكويت في المؤتمرات العالمية
في الأراضي المحتلة كان العمل جاداً، إضافة إلى مقاومة المحتل كان لابد من مواكبة التطورات العالمية على جميع الصّعد، بما فيها حقوق المرأة والطفل.
في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بفيينا عام 1993 شاركت الوفود العربية في مؤتمر حقوق الطفل العربي الذي عُقد على هامش المؤتمر، كما شاركت في صياغة الميثاق والملحق الأممي لحقوق الطفل، وفرضت الثقافة الإسلامية والقيم العربية نفسها على بنود هذه الاتفاقيات الملحقة للإعلان العالمي لحقوق الطفل.
وكان حضور وفد الكويت لافتاً، وشملت أجندته قضية الأسرى والمفقودين خلال الاحتلال العراقي للكويت. كان ضمن الوفد خلود الفيلي مع كوكبة من شباب وشابات الكويت.
أما في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة: العمل من أجل المساواة والتنمية والسلام، مؤتمر بكين من 4 إلى 15 سبتمبر 1995، مثلت الكويت مجموعة من النساء الكويتيات البارزات في مجال حقوق المرأة ومجالات اجتماعية أخرى، أذكر من بينهن إقبال الأحمد. ولم يختلف الهمّ، فمن ضمن فعاليات كثيرة قام بها الوفد الكويتي برئاسة الشيخة حصة سعد العبدالله، إلا أن قضية الأسرى كانت لها الأولوية.
في منتصف التسعينيات انتقلت إلى عمَّان وعملت لمدة عقدين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث بقيت مع اللاجئ الفلسطيني أحمل همه حتى خرجت من العمل على أرضية التقاعد، وكثير من مشاكل هذا اللاجئ ما زالت عالقة معلّقة من دون حلول.
باختصار هكذا كانت مسيرتي العملية، داخل دائرة البحث عن حقوق الإنسان وحولها، وكأني أحفر الصخر، هذا الإنسان العربي الذي شاءت المقادير أن تكون معاناته تشبهني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ناتجة عن الحروب والصراعات السياسية.
مسيرة حياة
ورّثتُ حب «العربي» و«العربي الصغير» إلى أبنائي وأحفادي، ومرت الأيام وأنا أرى حفيدتي سما تنبش في «العربي الصغير»، وإذا كنا في السوق تشدني لتأخذني إلى رف عرض المجلة.
دخلت ابنتي إلى مكتبة ضخمة في إحدى المدن العربية الكبيرة... أَضواؤها تزيد من جمال محتوياتها... تختلف عن المكتبة في بلدتي: صغيرة... متواضعة... أرففها مغبرة... لكنها المزودة والناشرة للثقافة للمدينة، كما لكل القرى المجاورة.
لموظف الاستقبال: مجلة العربي.
- مستغرباً: «العربي؟».
- «نعم، مجلة العربي الكويتية!»، أجاب باستهجان: «هل هذه مجلة جديدة»؟
- بل أنت الجديد على هذا «الكار»، لا المجلة! ردت عليه.
«العربي» رفيقة الطفولة والاحتلال والهجرة والاغتراب، كما أنها الصبا والشباب، عاشت همّي، وكانت صديقتي في كل عاصمة عربية أو غربية.
لم أنفصل عن أعدادها وأعداد توأمها «العربي الصغير»، رغم الترحال والرحيل، وفي كل مرة كنت أغادر مكاناً سكنت فيه، كان يعز عليّ التخلص من أعدادها لصعوبة النقل، ومع ذلك كنت أهدي المجلة إلى من سيصونها ويحافظ عليها. أنا و«العربي» و«العربي الصغير» مسار واحد في هذا الخط المستقيم الذي لم ينحنِ لنحو خمسين عاماً، بدايته مكتبة عمي ونهايته النشر على صفحاتها! كانت الكتابة في «العربي الصغير» حلماً راودني منذ الصغر: أصبحت قاصّة فيها، أختار أبنائي وأحفادي أبطال قصصي؛ أخرجتُ الكتب من مكتبة الأستاذ نعيم ونقلتها إلى مكتبة متنقلة. وفي «سما والقلادة» كتبت سما حفيدتي بطاقة أهدتها إلى لاجئة، وأخرجتُ ابني وأصدقاءه للعب بالثلج، وبدوري أسكنتُ رجل الثلج هذا بيتاً، ومنحته عنواناً وهوية.
«العربي»، الإبداع والجمال والمعرفة، ثقافة، أدب، فن وعلوم، إنها مساحات الود، و«البيت العربي»، ونافذة تطل على ثقافات عالمية، مجلة راسخة الجذور محافظة على مبادئها، كما هي الحارس الأمين على الهوية العربية من خلال شعرائها وأدبائها ومبدعيها وفنانيها. يقال دائماً: «إن أردت التثقف والتزود بالمعرفة، وأن تتحسن لغتك العربية وتصار إلى بلاغة، فواظب على قراءة العربي».
قد تكون «العربي» ومُلحقاتها وكتيباتها وفروعها، قد مرت بأزمات سياسية ومالية وإدارية، من المحتمل، لكنها لم تخذل كّتابها ولا قرّاءها، بل على العكس بقيت ثابتة متجذرة على الأقل لم يشعر أحد بهذه المصاعب التي تتغلب عليها دائماً... أبداً... لتبقى شامخة... عالية... جائبة بتألق أينما كانت وأينما ستكون ■