مفدي زكرياء... الشاعر الإنسان

مفدي زكرياء... الشاعر الإنسان

لله درُّ الجزائر، كم لها من عظماء وعباقرة أفذاذ في شتى المجالات والحقول، فحيثما ولّى المرء طرفه يجد أثرًا لأحد أعلام الجزائر ورجالاتها ونوابغها، ففي ميدان الفداء والشهادة من أجل الوطن وتحرّره ورفعته لها القِدْحُ المُعلَّى، وفي مجال الفكر والعلم، فإن آثار رموزها لا تخطئها عين، ولا ينكر قيمتها إلا جاحد.
أما في ساحة الأدب والإصلاح الديني والاجتماعي، فإن عظماء الجزائر نجوم ساطعة، يمكن عدُّ آثار كلّ واحد منهم مدرسةً قائمة بذاتها، كما هي الحال، على سبيل المثال، بالنسبة إلى آثار عبدالحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي ومالك بن نبي والعربي التبسي ومبارك الميلي والطيب العقبي والسعيد الزاهري، وغيرهم كثير. 

في ساحة الشعر، شعراء الجزائر لا يكاد يحصرهم عمل علمي، مهما تراخت وانداحت صفحاتُه وأجزاؤه، ولقد حاول عادل نويهض في مؤلفه النفيس «معجم أعلام الجزائر»، وحاول د. عبدالملك مرتاض في كتابه القيّم «معجم الشعراء الجزائريين في القرن العشرين»، وحاول د. يحيى بوعزيز في كتابه الموسوعي «أعلام الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة»، وحاول قَبلهم شيخ المؤرخين الجزائريين المعاصرين د. أبوالقاسم سعدالله، رحمه الله، في عمله المعجمي الضخم الواقع في عشرة مجلدات كبيرة، والمسمى «تاريخ الجزائر الثقافي»، وحاول غيرهم أيضًا، لكن التغطية الشاملة لكلّ ما أنتجه الجزائريون من شعر وأدب وفكر بالدراسة والمسح والتتبّع الحصيف الذي لا ينخرم منه جهدٌ ظلّت أمرًا متعذّرًا، بل بعيد المنال. على الرُّغم من كثرة الأعمال التي توخّت الوصول إلى الكمال في هذا المجال.
وهذا المقال جُهدٌ يحاول ويروم تسليط بعض الأضواء الفكرية والثقافية على حياة شاعر وأديب جزائري يُعدُّ إلى جانب الشاعر محمد العيد آل خليفة، رحمه الله، مدرسةً مستقلةً في شعر النضال ومقاومة الاحتلال والإلحاق الثقافي والفكري الذي كان يبتغي سلخ الجزائر عن أصلها واجتثاثها عنوة عن محيطها العربي والإسلامي، هو الشاعر الملهم مفدي زكرياء، شاعر تحرير الجزائر ورفع راية العروبة والإسلام على أرضها ونجوعها. هذا الشاعر الذي أحبَّ الأدب والشعر والفن من صدر شبابه إلى جلال شيخوخته وبلوغه أرذل العُمُرِ.

 نشأته وتعلّمه
وُلد زكرياء في 12 يونيو 1908، بمدينة بني يزقن ولاية غرداية في عمق الصحراء الجزائرية الوسطى، واسمه الكامل زكرياء بن يحيى بن الحاج سليمان، ولقبه «آل الشيخ». 
أدخله والده الكُتّاب، حيث حفظ جزءًا من القرآن الكريم، كما تعلّم مبادئ اللغة العربية والفقه والحساب، وعندما بلغ السابعة من عمره، أخذه والده معه إلى مدينة عنّابة جوهرة الساحل الجزائري الشرقي، حيث كانت له فيها تجارة وأعمال.
وفي هذه المدينة أتمّ الصبي حفظ كتاب الله تعالى، أما دراسته فلم تكن منتظمة، نظرًا لتنقّله المستمر بين عنابة ومسقط رأسه بالصحراء، وظلّ وضعه على هذه الحال إلى أن تخلّى والده عن تجارته سنة 1922، ورأى ضرورة أن يكمل نجلُه جميع مراحل الدراسة التي كانت متاحة يومئذ، فأرسله إلى تونس، حيث درس مدة سنتين، بمدرسة السلام القرآنية، نال خلالها شهادة ابتدائية في اللغة العربية ومبادئ في اللغة الفرنسية. ثم انتقل بعد ذلك إلى الكلية الخلدونية، فدرس مواد علمية مختلفة، كالحساب والجبر والهندسة والجغرافيا؛ ثم تحوّل إلى جامع الزيتونة المعمور، وبه جلس إلى شيوخ وأساتذة مرموقي المنزلة العلمية والدينية، ودرس كتبًا في الاختصاص تتعلّق بالنحو والصرف والبلاغـة والفقه والأصول.
وكان في هذه الأثناء يتردد على مدرسة الترجمة العليا لحضور مسامرات ومؤانسات الأديب التونسي الكبير المرحوم محمد العربي الكبادي (1880 - 1961)، الذي لُقّب بشيخ الأدباء في تونس نتيجة اطلاعه الواسع على الأدب العربي بكلّ مراحله ومدارسه وأعلامه.
وفي تونس خلال مرحلة التحصيل والتكوين، بدأ مفدي يقرض الشعر معتمدًا على ميوله ومواهبه الخاصة.
وعن هذه البداية يقول: «أما الشعر فأنا فيه أستاذ نفسي، غير أنني أعرض بضاعتي على أساتذتي رؤساء البعثة الميزابية (اسم المنطقة التي ولد بها وادي ميزاب)، ولقد قرأت الزحافات والعلل والدوائر على شاعر «تونس الخضراء» العبقري الشاذلي خزندار، وكان لي إطّلاع شخصي على العروض والموازين وموسيقا الشعر، ولقد شُغفت حبًّا بالآداب، وبتاريخ الأبطال من عظماء الأوطان».

عوامل نبوغه
يُرجع الباحث د. محمد ناصر عوامل نبوغ الشاعر مفدي إلى العوامل التالية:
العامل الأول: جو البعثة، حيث نشأ نشأة عربية إسلامية أصيلة، فقد ترك هذا الجو في نفسه أبعد الآثار، ورسّخ في أعماقه حب الإسلام واللغة العربية والوطن، خاصة أن هؤلاء الشيوخ كانوا يقدّمون النموذج العلمي لتلامذتهم، وكان أغلبهم من المنضوين في حركة المناضل الثائر الشيخ عبدالعزيز الثعالبي، رحمه الله، المناوئة للاستعمار الفرنسي في كل أقطار المغرب العربي.
وكان مفدي، في هذه الأثناء، يقرأ المجلات والصحف الواردة من المشرق العربي، ويشترك هو وزميله الأديب رمضان حمود في مناقشة محتوياتها؛ كما كان أيضًا يشرف على مجلة اسمها «الوفاق»، يتخذها الطلبة بالبعثة مجالًا وفضاءً للتباري والتنافس وتدريب الأقلام وصقل مواهبهم الأدبية.
العامل الثاني: نشأته ببيت عمه الشيخ صالح بن يحيى، وكذا تأثره بالزعيم التونسي الكبير عبدالعزيز الثعالبي، ويُعدّ عمه من الأقطاب المؤسسين لحركة الثعالبي، حيث قدّم لها كل ممتلكات العائلة، فقد كان هذا الزعيم لا يفارق دار عمّه، وكان مفدي يتأثر ويحفظ كلَّ ما يُعرض في هذه الجلسات، من أفكار ومبادئ وقيم، خاصة مسألة تحرير الوطن، وإجلاء المحتلين عنه.
العامل الثالث: الجو الوطني الحار الذي كانت تعيشه أرض تونس في عشرينيات القرن الماضي، خاصة بعد الحرب العالمية الأولى، فقد عُرفت هذه الفترة بطابع المجابهة بين القوى الوطنية المختلفة وسلطات الاستعمار وأذنابه، واتخذت هذه المجابهة، بشكل خاص، مظهر التظاهرات والاضطرابات والاحتجاجات، وكذا الكتابات الصحفية الحادة التي تشحذ الهمم والعزائم؛ إضافة إلى ذلك، الأجواء الثقافية المتفتحة على الروافد المشرقية، إذ من المعروف أن الرقابة على هذه الروافد في تونس كانت أخفّ استحكامًا منها في الجزائر. 
ويرى د. محمد ناصر أن هذه العوامل مجتمعة تضافرت وتعاضدت على نشأة الشاعر زكرياء نشأة وطنية صالحة، وأثرت فيه تأثيرًا قويًّا حين وجّهته منذ يفاعته إلى هذه الوجهة التي تميّز بها شعرُه وأدبُه.

حياته العـملية
بعد رجوع مفدي من تونس إلى وطنه الجزائر، وكان قد تزوّج بأمر من والده قبل العودة النهائية من تونس؛ لم يشتغل كحال أغلب الطلبة العائدين، بالصحافة أو التدريس، وإنما توجّه إلى الميدان التجاري، متأثرًا بالمهنة أو الحرفة الغالبة في بيئته الصحراوية، خاصة أهالي وادي ميزاب، فعمل ممثلاً متجولاً لمحالّ تجارية لبيع القماش، إلا أن أغلب مشروعاته التجارية لم يُكتب لها النجاح؛ ولعل هذا يكاد يكون حال أغلب الذين أدركتهم حرفة الأدب والشعر!
لذلك، فقد أخذ الهاجس السياسي والثقافي، وهو أصل تكوينه يتغلب على الحرفة التي اتخذها لكسب عيشه، لذا نراه في هذه المرحلة من حياته يؤسس بالجزائر العاصمة، بالتعاون مع جماعة من مرافقيه «جمعية الوفاق»، التي أصدرت جريدة باسم «الحياة»؛ التي تمّ إسنادُ إدارة تحريرها إلى مفدي بإجماع الأعضاء المؤسسين، وكان هو في هذه المرحلة من المتحمسين للحركة الإصلاحية التي كان يشرف على أنشطتها المتنوعة الشيخ الإمام عبدالحميد بن باديس، كما كان مناهضًا لمختلف الحركات والاتجاهات المناوئة للأفكار الوطنية والإصلاحية، وبعد توقّف جريدة الحياة، واصل نضاله بمقالات وأشعار حماسية كان ينشرها بالجرائد التي أسسها رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، مثل «النجاح» و«الجحيم» و«الشهاب» ونحوها، وكثيرًا ما كان يوقّع ما يكتبه باسم «ديك الجن».

أهداف واحدة
على الرُّغم من أن مفدي لم ينضم رسميًّا لجمعية العلماء، بينما انخرط في صفوف «حزب الشعب»، فإنه كان يتعاون مع رجال الجمعية، ويكنّ لهم كل الاحترام والتقدير؛ وكان يرى أن أهداف حزب الشعب، وجمعية العلماء واحدة، إلا أن الجمعية كانت تنتهج أسلوبًا لينًا في محاورة المستعمِر، وهو ما لم يكن ينسجم مع روح وطباع ومزاج مفدي.
ظل الشاعر مفدي زكرياء يناضل بكل طاقته، إلى أن استقلت الجزائر، فعاد مرة أخرى إلى تونس، حيث فضّل الإقامة بها، وطاب له العيش في ربوعها وعلى أديمها؛ وفي هذه الفترة زار القاهرة ودمشق وبيروت، كما وصلته عدة دعوات زيارة، من المملكة العربية السعودية، والكويت، والأردن، والعراق، وقطر، وبعض أقطار الخليج العربي الأخرى، وقد سجل في الأقطار التي زارها أحاديث صحفية ومقابلات إذاعية وتلفازية وأمسيات شعرية وأدبية.
وفي عام 1969 غادر تونس واستقر بمدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية، بيد أنه كان كثير التردد على بلده الجزائر، مشاركًا في ملتقيات الفكر الإسلامي، أو المهرجانات الأدبية والثقافية، وفي إحدى زياراته المعتادة لتونس شاء الله تعالى وإرادته نافذة لا محالة، أن يلفظ الشاعر أنفاسه الأخيرة فجأة على ثرى البلد الذي أحبّه من كلّ أعماقه؛ ثم استقبلت الجزائر جثمانه الطاهر، وتم دفنه في مسقط رأسه يوم 3 رمضان 1397 هـ الموافق 17 أغسطس 1977، رحمه الله وطيّب ثراه.

مؤلفاته وآثاره
ترك مفدي زكرياء تراثًا أدبيًّا وفكريًّا غزيرًا، وعلى الرغم من أنه اشتهر كشاعر، فإن نتاجه النثري كان أكثر من نتاجه الشعري؛ ودواوينه المعروفة هي: اللهب المقدّس - تحت ظلال الزيتون - إلياذة الجزائر - أهازيج الزحف المقدّس - الخافق المعذّب - محاولات طفولة - من وحي الأطلس - انطلاقة.
أما مؤلفاته النثرية وبعضها لم يُطبع إلى الآن، فنذكر منها ما يلي: تاريخ الصحافة الجزائرية - تاريخ الفلكلور الجزائري - نحو مجتمع أفضل - سبع سنوات في سجون فرنسا - حوار المغرب العربي في معركة التحرير - العادات والتقاليد في المغرب الموحد - الثورة الكبرى (أوبريت) - في العيد (رواية) - عوائق انبعاث القصة العربية - مئة يوم ويوم في المشرق العربي - الجزائر بين الماضي والحاضر - مذكّراتي - الصراع بين الشعر الأصيل والدخيل.
أشعاره
يمتاز شعر مفدي بميزة شديدة الوضوح، هي شدة التأثر بالقرآن الكريم، والاستمداد من معانيه، والتوظيف لكثير من مفرداته ومعجمه اللغوي الرصين. ونحن نختار هذا المقطع من قصيدة له بعنوان «فهذا فؤادي وهذي يدي» التي ألقاها الشاعر بنادي الترقّي بالجزائر العاصمة، بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عام 1932م: 
 
سلامًا سلامًا شـــــــبابَ الـــغدِ 
فهـــذا فــؤادي وهـذي يــــــدي
سلامًا على الأنفس الطاهرات 
رعــيل المـــلائـــكة المهتـــدي
سلامًا على المُهـج الحافــظات 
لما حــــفظ الله مــن رشّـــــــــدِ
سلامًا على الهـــمم الصادقات 
على المــجد والعـز والســـــؤددِ
سلامًا شـباب الجـــزائر، حفــ 
ظـًا لـتلـك العزائـم من حُــسّـــدِ
ربيع الحــياة أعــــد ســــاعـة 
بربــّـك مــن ليـــــلة المـــولــدِ
وحيّ بمـــزهـرك المهــرجان 
حيـــــاة الرســـــــول، ألا، ردّدِ
وردّد على مسمع الشرق ذكرًا 
وســـجّل أياديــك في المشهــــدِ
وصح للحياة بـــــــهم، صيحةً 
تـعيدُ نشــورًا من المـرقــــــــدِ
وقصّ لهم، نـبأ السـابـقـيــــــن 
مـن الســّـلف الركَّـع السُّـجَّـــــدِ
من الخالديــــــن، خلود الجبال 
مــع الصالحات، إلــــى الأبــــدِ

شهادات في مفدي
 لو أردنا جمع أقوال وشهادات أهل الأدب والعلم والإصلاح في الأديب الشاعر مفدي، لتوفرنا على مادة أدبية مسهبة جديرة بأن يضمّها كتاب، لكن حسبنا في هذا المقال المقتضب أن نكتفي بهذه الشهادات المنتقاة (المختارة): 
قال عنه د. محمد ناصر: «مفدي سفير الجزائر من دون أوراق اعتماد، فلا تخلو أعمدة الصحافة، سواء في دمشق أو في القاهرة أو في لبنان من شيء عن مفدي زكرياء والجزائر، فأصبح بذلك سفيرًا من دون أوراق اعتماد، يخدم قضية بلاده، ويبصّر إخواننا في المشرق بما لا يعلمون عن الثورة الجزائرية وعروبة الجزائر».
ويقول عنه المؤرخ والدبلوماسي الجزائري أحمد توفيق المدني رحمه الله: «كان ملكًا في صورة إنسان، ما عرفت رجلاً مؤمنًا كإيمانه، فاضلاً كفضله، متواضعًا كتواضعه، مجاهدًا كجهاده، له وجه مشرق، تشرق عليه شمس القلب الطاهر، فتنيره بنور الجلال والوقار، وله نفس زكية تبث إشعاعًا من الإيمان واليقين إلى كل أطرافه، كان كلامه حكمة، وكان عمله جهادًا، وكان مسعاه نفعًا لأمة الإسلام».

بين التقليد والواقعية
أما الباحث الأستاذ أحمد دوغان، فقد كتب يقول: «مفدي زكرياء من الذين أخرجوا الشعر الجزائري من التقليد، وألبسوه ثوب الواقعية، وقد اتخذ من الواقع النضالي أرضية لفنّه وشعره، أما فيما يتعلق بالأسلوب، فإنه التزم عمود الشعر العربي، وأجاد في السبك، وقد ساعده في ذلك الانطباع وملكته اللغوية».
ويقول عنه الناقد الجزائري الأستاذ الطاهر بلحيا: «مفدي زكرياء شاعر متميز بأصالته العريقة، طاهر طهارة رسالته النبيلة، عفيف عفّة ثورة شعبه؛ وهو فوق ذلك صاحب مدرسة شعرية متميزة، تصنع الكلمة الحدث، وكان يتميز بحدّة الصوت وجلجلته، وكلمته حارة وملاطِفة كنسيم عليل يخدش الوجنات ذات صباح ربيعي، وهو لا يعلن عن إسلامه كفرد، بل يتحدّث دائمًا باعتزاز عن إسلام أمته بأكملها، وفوق ذلك يصرّح بأن سبب استقلال الجزائر يعود إلى ارتباطها بالإسلام الذي هداها إلى طريق التحرّر».
هذه إطلالة على حياة ونضال وأدب الشاعر الجزائري مفدي زكرياء، توخينا بها تذكير القارئ العربي بعَلمٍ من أعلام الشعر الجزائري الحديث، ورمزٍ من رموز النهضة الأدبية والفكرية في الجزائر، إسهامًا في إرساء دعامات التثاقف والتقارب الفكري والأدبي بين جناحي وطننا العربي الكبير؛ المشرق والمغرب. 
ومن حق الأجيال الجديدة علينا أن نقوم بهذا الدور المعرفي، كي تظلّ أمتنا واحدة متماسكة منيعة، أمام محاولات الاختراق والتشتيت والتوهين، لاسيما على الصُّعُد اللغوي والفكري والأدبي والثقافي .