الرفاهية المستدامة

الرفاهية المستدامة

‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬تنامياً‭ ‬مطّرداً‭ ‬في‭ ‬امتداد‭ ‬أثر‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬منتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬الرفاهية،‭ ‬مــثل‭ ‬ماركات‭ ‬الـــمـــلابس‭ ‬الـــفـــاخـــرة‭ ‬والـــساعات‭ ‬والمجوهـــرات‭ ‬وأدوات‭ ‬الـــتـــجـــميل‭ ‬والسيارات‭ ‬الفارهة‭ ‬وقطع‭ ‬الأثاث‭ ‬واللوحات‭ ‬والتحف‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬المقاصد‭ ‬السياحية‭ ‬من‭ ‬فـــنادق‭ ‬ومطاعم‭ ‬وخدمات‭ ‬أخرى،‭ ‬تدر‭ ‬دخولاً‭ ‬تقدر‭ ‬بمئات‭ ‬المليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬سنوياً‭.‬

وسواء‭ ‬أحرز‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬نتيجة‭ ‬لوعي‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬أو‭ ‬ذاك،‭ ‬أو‭ ‬نتيجة‭ ‬لسيل‭ ‬الضغوط‭ ‬والانتقادات‭ ‬التي‭ ‬وجهت‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬البضائع‭ ‬الفاخرة‭ - ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتشجيع‭ ‬الاستهلاك‭ ‬غير‭ ‬الضروري‭ ‬والتبذير،‭ ‬والإساءة‭ ‬للبيئة،‭ ‬واستغلال‭ ‬العمالة‭ - ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬أخيراً‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وتحمّل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولوياته،‭ ‬وأعاد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بالمواد‭ ‬الخام‭ ‬المستخدمة‭ ‬والتصاميم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تماشيها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تطرحه‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬تهتم‭ ‬بالتجديد‭ ‬والإبداع‭ ‬وسبل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأخطار‭ ‬البيئية‭ ‬المحتملة‭.‬

 

تعميق‭ ‬العلاقة‭ 

تقول‭ ‬ماريا‭ ‬أوجينيا‭ ‬في‭ ‬تقديمها‭ ‬لكتاب‭ ‬Sustainable‭ ‬Luxury‭ ‬إن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الرفاهية‭ ‬والاستدامة‭ ‬بدأت‭ ‬تتعمق‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬ثمة‭ ‬حقائق،‭ ‬منها‭ ‬بث‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬عبيد‭ ‬الرفاهية‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬شبكة‭ ‬RAI‭ ‬الإيطالية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬2007،‭ ‬الذي‭ ‬شاهده‭ ‬الملايين‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وكشف‭ ‬عن‭ ‬حقائق‭ ‬متعلقة‭ ‬بسلاسل‭ ‬إمدادات‭ ‬ماركات‭ ‬ملابس‭ ‬شهيرة،‭ ‬ومعاناة‭ ‬المهاجرين‭ ‬الصينيين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بصنع‭ ‬قطع‭ ‬الإكسسوار‭ ‬لمصلحة‭ ‬ماركات‭ ‬عالمية‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬نشر‭ ‬الكاتب‭ ‬الإيطالي‭ ‬روبيرتو‭ ‬سافيانو‭ ‬روايته‭ ‬‮«‬غومورا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬وصفت‭ ‬صناع‭ ‬البدلة‭ ‬البيضاء،‭ ‬التي‭ ‬ارتدتها‭ ‬الممثلة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الشهيرة‭ ‬أنجلينا‭ ‬جولي‭ ‬على‭ ‬سجادة‭ ‬الأوسكار‭ ‬الحمراء،‭ ‬بالمجرمين‭ ‬والقتلة‭. ‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬سافيانو‭ ‬لم‭ ‬يشر‭ ‬إلى‭ ‬ماركة‭ ‬بعينها،‭ ‬فإن‭ ‬جمهور‭ ‬القراء‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬معرفتها،‭ ‬وكانت‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬الماركة‭ ‬المتهمة‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬سابق‭ ‬الذكر‭.‬‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬أيضاً،‭ ‬صدر‭ ‬كتاب‭ ‬دانا‭ ‬توماس‭ ‬الأكثر‭ ‬مبيعاً‭ ‬وهو‭ ‬Deluxe،‭ ‬الذي‭ ‬تناول‭ ‬قضية‭ ‬كيفية‭ ‬فقد‭ ‬الرفاهية‭ ‬لبريقها،‭ ‬وأرسلت‭ ‬عبره‭ ‬بضعة‭ ‬علامات‭ ‬إنذار‭. ‬

  ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬رفاهية‭ ‬أعمق‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬صندوق‭ ‬الحفاظ‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬WWF‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬مستهلكي‭ ‬منتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬الرفاهية‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬متأثرون‭ ‬بطموحات‭ ‬محملة‭ ‬بقيم‭ ‬عميقة‭ ‬كالقضايا‭ ‬البيئية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬وهؤلاء‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لفعل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعهم‭ ‬لمساعدة‭ ‬الناس،‭ ‬وأكد‭ ‬التقرير‭ ‬أنهم‭ ‬أقل‭ ‬الأشخاص‭ ‬إنتاجاً‭ ‬للمخلفات‭. ‬

وفي‭ ‬2009‭ ‬عقدت‭ ‬مؤتمرات‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬خاطبت‭ ‬قضايا‭ ‬وركزت‭ ‬على‭ ‬موضوعات‭ ‬تتعلق‭ ‬بتغير‭ ‬المستهلك‭ ‬والمفهوم‭ ‬الجديد‭ ‬للنجاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بلوغ‭ ‬رفاهية‭ ‬مستدامة‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات،‭ ‬مؤتمرا‭ ‬‮«‬الرفاهية‭ ‬المستدامة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬نيودلهي‭ ‬بالهند؛‭ ‬و«قمة‭ ‬الأعمال‭ ‬والرفاهية‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬موناكو‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬تم‭ ‬تأسيس‭ ‬مركز‭ ‬لدراسات‭ ‬الرفاهية‭ ‬المستدامة‭ ‬بهدف‭ ‬مساعدة‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الرفاهية‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الاستدامة‭. ‬وأطلقت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬أول‭ ‬جائزة‭ ‬سنوية‭ ‬للرفاهية‭ ‬المستدامة‭.‬

وشهدت‭ ‬الأعوام‭ ‬التالية‭ ‬صدور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬قضايا‭ ‬الأداء‭ ‬الأخلاقي‭ ‬لماركات‭ ‬الرفاهية،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬لقطاع‭ ‬الرفاهية‭ ‬والمجتمع‭ ‬أن‭ ‬يغيّر‭ ‬الواحد‭ ‬منهما‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭. ‬كما‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬كتب‭ ‬ناقشت‭ ‬الرفاهية‭ ‬المستدامة‭ ‬وريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وقدمت‭ ‬قصص‭ ‬نجاح‭ ‬لرواد‭ ‬أعمال‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الرفاهية‭.‬

               

قواسم‭ ‬مشتركة‭ ‬

‭ ‬تكشف‭ ‬التحليلات‭ ‬العميقة‭ ‬أن‭ ‬بين‭ ‬الرفاهية‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬مساحات‭ ‬وقيم‭ ‬مشتركة؛‭ ‬ففي‭ ‬مقابل‭ ‬الأسعار‭ ‬المرتفعة‭ ‬التي‭ ‬يدفعها‭ ‬مستهلك‭ ‬بضائع‭ ‬الرفاهية،‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬لخامات‭ ‬تصمد‭ ‬عبر‭ ‬الزمن،‭ ‬وإتقان‭ ‬صنعة‭ ‬أيد‭ ‬عاملة‭ ‬ماهرة‭ ‬يعتمد‭ ‬عليها،‭ ‬ومستوى‭ ‬جمالي‭ ‬فريد‭ ‬ونادر‭ ‬يحقق‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬والشعور‭ ‬بالثقة‭ ‬والمكانة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المرموقة‭. ‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أرباحاً‭ ‬يذهب‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬للفقراء‭ ‬عبر‭ ‬الضرائب‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المساهمات‭ ‬والدعم‭ ‬للمشروعات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تخصص‭ ‬لتنمية‭ ‬نساء‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬المعيلات‭ ‬والأرامل‭ ‬والمرضى‭. ‬

وفي‭ ‬جوهر‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬وسواها‭ ‬مضامين‭ ‬مستدامة،‭ ‬فبعض‭ ‬منتجات‭ ‬الرفاهية‭ ‬تورث‭ ‬لأجيال‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬كالمجوهرات‭ ‬وقطع‭ ‬الأثاث‭ ‬والأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬والسيارات؛‭ ‬ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬نفاستها‭ ‬يحافظ‭ ‬أصحابها‭ ‬عليها‭ ‬ويقتصدون‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭ ‬لتعيش‭ ‬أطول‭ ‬فترة‭ ‬ممكنة‭. ‬ولا‭ ‬تتحول‭ ‬بسهولة‭ ‬إلى‭ ‬مهملات،‭ ‬لأنها‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬تقادمها‭ ‬تكتسب‭ ‬قيمة‭ ‬متحفية‭ ‬جديدة‭. ‬

وبرغم‭ ‬وجود‭ ‬دراسات‭ ‬تبين‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬مستهلك‭ ‬البضائع‭ ‬الفاخرة‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬الاستدامة‭ ‬في‭ ‬اعتباره‭ ‬أثناء‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬الشراء،‭ ‬فإن‭ ‬دراسات‭ ‬أخرى‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬المستهلكين‭ ‬يهمها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ - ‬أو‭ ‬تبدو‭ - ‬واعية‭ ‬وتتمتع‭ ‬باتجاه‭ ‬إيجابي‭ ‬نحو‭ ‬مبادئ‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والإيكولوجية‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬التجارة‭ ‬العادلة‭ ‬الهادفة‭ ‬لإعطاء‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬الإمدادات‭ ‬حقه،‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬بالتزام‭ ‬سبل‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬كشراء‭ ‬منتجات‭ ‬مصنعة‭ ‬من‭ ‬خامات‭ ‬معاد‭ ‬تدويرها‭ ‬ومواد‭ ‬تغليف‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬استهلاك‭ ‬بعض‭ ‬الخامات‭ ‬النادرة،‭ ‬مثل‭ ‬الأخشاب‭ ‬والجلود‭ ‬والفراء،‭ ‬والأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬والمكونات‭ ‬الأخرى‭.‬

وقد‭ ‬بينت‭ ‬دراسة‭ ‬أجرتها‭ ‬أخيراً‭ ‬رامشانداني‭ ‬وزملاؤها‭ ‬لمعرفة‭ ‬اتجاهات‭ ‬المستهلك‭ ‬الهندي‭ ‬نحو‭ ‬النظارات‭ ‬الشمسية‭ ‬الفاخرة‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬معاد‭ ‬تدويرها،‭ ‬استعداداً‭ ‬واضحاً‭ ‬لقبول‭ ‬هذه‭ ‬السلعة‭ ‬لأنها‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬والقلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تفضلها‭ ‬جاء‭ ‬قرارها‭ ‬بسبب‭ ‬مقاومة‭ ‬الجديد‭ ‬وعدم‭ ‬الثقة‭ ‬به‭. ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬الإناث‭ ‬أكثر‭ ‬ميلاً‭ ‬لشراء‭ ‬المنتجات‭ ‬المستدامة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالذكور‭.‬

‭ ‬

سياسات‭ ‬مستدامة

اعترافاً‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬صناعة‭ ‬الجلود‭ ‬بالآثار‭ ‬السلبية‭ ‬لهذه‭ ‬الصناعة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ومساهمتها‭ ‬من‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬وأزمة‭ ‬المياه‭ ‬وظاهرة‭ ‬التغيير،‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن،‭ ‬يسعي‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬نحو‭ ‬وضع‭ ‬سياسات‭ ‬مستدامة‭ ‬تضبط‭ ‬سلسلة‭ ‬الإمدادات‭ ‬وفقاً‭ ‬لمعايير‭ ‬الاستدامة؛‭ ‬كاستخدام‭ ‬جلود‭ ‬حيوانات‭ ‬تربت‭ ‬في‭ ‬مزارع‭ ‬عضوية‭.‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الفرنسي‭ ‬للجلود،‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬ندرة‭ ‬في‭ ‬الجلود‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء،‭ ‬أن‭ ‬منتجات‭ ‬بعض‭ ‬حقائب‭ ‬‮«‬ديور‮»‬‭ ‬المصنعة‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬مثلاً،‭ ‬تنتج‭ ‬نسبة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬مقارنة‭ ‬بتلك‭ ‬المصنعة‭ ‬في‭ ‬الصين‭. ‬كما‭ ‬ترفق‭ ‬حقائب‭ ‬‮«‬غوتشي‮»‬‭ ‬المصنعة‭ ‬بالبرازيل‭ ‬بصورة‭ ‬مستدامة‭ ‬بشهادات‭ ‬تثبت‭ ‬تفاصيل‭ ‬خاماتها‭ ‬وتاريخها‭ ‬ومصادرها‭ ‬وطرق‭ ‬نقلها‭. ‬

وفي‭ ‬قطاع‭ ‬صناعة‭ ‬السيارات‭ ‬الفاخرة،‭ ‬نجد‭ ‬أمثلة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بورش‮»‬‭ ‬و«رولز‭ ‬رويس‮»‬‭ ‬ومجموعة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬إم‭ ‬دبليو‮»‬‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬لنفسها‭ ‬أهدافاً‭ ‬لخفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬الاستهلاك‭ ‬في‭ ‬منتجاتها‭ ‬بنسبة‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬النصف‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬2020؛‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬تصنيع‭ ‬مركبات‭ ‬كهربائية‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة‭.  

وهناك‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬نماذج‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬أقامت‭ ‬أعمالها‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الرفاهية‭ ‬المستدامة‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬اتهم‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الرفاهية‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬غذت‭ ‬الرفاهية‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما،‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬حاجات‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة،‭ ‬فالدعوة‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الطبيعة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تطلبت‭ ‬بناء‭ ‬سلاسل‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬والمنتجعات‭ ‬البيئية‭ ‬بما‭ ‬يتضمن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬منتجات‭ ‬خضراء‭ ‬تتعلق‭ ‬بالطاقة‭ ‬والمياه‭ ‬والزراعة‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬ترفع‭ ‬الماركات‭ ‬الفاخرة‭ ‬شعارات‭ ‬بنكهة‭ ‬مستدامة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬اختر‭ ‬جيداً،‭ ‬واشتر‭ ‬أقل‮»‬‭. ‬وتستقطب‭ ‬المشاهير‭ ‬والأثرياء‭ ‬من‭ ‬مستخدمي‭ ‬منتجات‭ ‬الرفاهية‭ ‬الفاخرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قيادة‭ ‬مبادرات‭ ‬خضراء‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬قيم‭ ‬مستدامة‭.‬

وهكذا‭ ‬تضع‭ ‬شركات‭ ‬منتجات‭ ‬الرفاهية‭ ‬لنفسها‭ ‬رؤى‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬نحو‭ ‬الطبيعة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬الرفاهية؛‭ ‬كما‭ ‬تحاول‭ ‬فهم‭ ‬قيم‭ ‬ومعتقدات‭ ‬وأساليب‭ ‬حياة‭ ‬مستهلكيها‭ ‬الحاليين‭ ‬والمحتملين‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لأخذهم‭ ‬بجولة‭ ‬مستدامة،‭ ‬كمن‭ ‬يستلهم‭ ‬من‭ ‬تصميمات‭ ‬الماضي‭ ‬التراثية‭ ‬ليضيفها‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬معاصرة‭ ‬جذابة‭■