الدفء والبرودة والدماغ المخادع

الدفء والبرودة والدماغ المخادع

يقال في أحد المأثورات المتواترة إن ملكًا رجع إلى قصره في ليلة شديدة البرودة، ورأى حارسًا عجوزًا واقفًا بملابس رقيقة. فاقترب منه الملك وسأله: ألا تشعر بالبرد؟
رد الحارس: بلى أشعر بالبرد، لكنني لا أملك لباسًا دافئًا، ولا مناص لي من تحمُّل البرد.
فقال له الملك: سأدخل القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباس دافئ.

 

فرح الحارس بوعد الملك، ولكن ما إن دخل الملك قصره حتى نسي وعده، وفي الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتب عليها بخط مرتجف: أيّها الملك، كنت أتحمّل البرد كل ليلة صامدًا، لكن وعدك لي بالملابس الدافئة سلب مني قوتي وقتلني.
مات الحارس، كما يبدو، من دون سبب فيزيائي واضح أدى إلى وهنه وذوْيِه، فالبرد مازال كما كان، ولباسه هو لباسه الأول المعتاد، وسلامته الجسدية لم يطرأ عليها طارئ يذكر.
فما الذي حدث حقًّا حتى تداعت روح الرجل وجسمه، وتلاشت قدرته على تحمُّل البرد؟
وهل لكلمة وعد من الملك أن تسلب القوة من الحارس وتمحو برنامج التحمل في جسمه؟!
وكيف يمكن للبرودة (أو السخونة) إن كانت من طبيعة الأشياء حقًّا، أن تكون باردة ومحتملة في حين، وقارسة وقاتلة في حين آخر، على الرغم من بقائها كما هي دونما تغيير؟ 

الحرارة... فيزيائيًا وبيولوجيًا
الحرارة، من وجهة النظر الفيزيائية، هي مقياس لمتوسط الطاقة الحركية للجزيئات المتحركة المكونة للجسم حارًا كان أم باردًا أم معتدلًا، فالماء إذا سخُن ازدادت حركات جزيئاته وسرعاتها، أما تبريده فيقلل من متوسط حركات الجزيئات وطاقاتها، لذا تكاد الجزيئات تتوقف عندما يتجمد الماء. وهي تشير (أي الحرارة)، من جهة أخرى، إلى انتقال الطاقة من الجسم ذي درجة الحرارة الأعلى إلى الجسم ذي درجة الحرارة الأكثر انخفاضًا.
ويتباين بعض المواد المتاحة في الطبيعة عن بعضها الآخر بسعاته الحرارية ودرجات ناقليته للحرارة، فالماء سعته الحرارية أكبر من السعة الحرارية للمعادن، أي أن كمية الطاقة اللازمة لتسخين جرام واحد من الماء أكبر من الكمية اللازمة لتسخين جرام واحد من المعدن، ولهذا تسخّن المعادن أسرع من الماء ومن معظم السوائل والأخشاب، في حين أن ناقلية المعدن للحرارة أسرع منها لدى الماء، لذلك قد تحرق يدك إذا أمسكت صفيحة ألمنيوم حرارتها 50 درجة مئوية، بسبب السرعة الكبيرة في انتقال الحرارة من الصفيحة إلى اليد، ولا يحدث مثل ذلك إذا غمست يدك بسرعة في ماء حرارته 50 درجة، وقد لا تشعر بأي سخونة مطلقًا إذا مسكت قطعة من الصوف الصخري حرارتها 50 درجة أو أكثر. وللعلة ذاتها تفرش البيوت شتاء بالسجاجيد والبُسُط، حيث تكون موصليتها الحرارية منخفضة كثيرًا عن تلك الخاصة بالبلاط والبروسلان، في حين يحصل عكس ذلك في الصيف.

 نهايات عصبية
أما الشعور بالحرارة والبرودة، من وجهة النظر العصبية البيولوجية، فهو مختلف إلى حد بعيد عما عليه الحال في النظرة الفيزيائية، فالجلد يشتمل على نهايات عصبية محددة تستثار بالبرودة والدفء، فما يستثيرها البرد هي نهايات عصبية من نمطين: ألياف عصبية نمط δ A نوَيع دلتا مغمدة بطبقة رقيقة عازلة، وألياف أخرى من النمط C عارية غير مغمدة، وتبلغ هذه الألياف مجتمعةً عشرة أضعاف عدد المستقبلات المتحسسة للدفء تقريبًا. أما الألياف التي تتحسس الدفء والسخونة، فهي من نمط ألياف C فقط.
ويحصل تفعيل مستقبلات الدفء والبرودة لا من حيث التأثير الفيزيائي المباشر للحرارة في تلك النهايات العصبية، بل من حيث تأثيرها في معدل وسرعة الاستقلاب وفي التفاعلات الكيميائية داخل الخلية بتلك النهايات، وهذا ما يفضي إلى تفعيل كيميائي فيها، فيحدث لها دخول أيونات الصوديوم والكالسيوم إليها وخروج أيونات أخرى كالبوتاسيوم منها، فتتشكل كهرباء بسيطة تسافر من تلك النهايات وتصل عبر محطات متعددة إلى الدماغ، ثم يترجم الدماغ تلك الإشارات الكهربية إلى الإحساس بالبرودة أو الاحترار.
والملاحظ في هذه السيرورة الكيميائية أن إحداثها؛ سواء تمّ بفعل الحرارة أو بفعل جزيئات كيميائية، يقود إلى التفاعلات نفسها وإحداث الدفعة الكهربية عينها في تلك النهايات، وهو ما ينتهي في آخر المطاف في الدماغ إلى إدراك البرودة أو الدفء، وبكلمات أخرى، يمكننا نظريًّا أو حتى بالخبرة الفعلية، الشعور بالدفء أو البرودة في حال تعرّض الجسم لهما بذاتهما، أو من دونهما، وذلك بإحداث تلك التفاعلات بواسطة مواد أخرى. 

الكابسيسِن والمنثول
يسمى البروتين العصبي الذي يتحسس السخونة والأجسام الحارة في النهايات العصبية بالمستقبلة TRPV1، وهي توجد بنحو أساسي على الألياف المخصوصة بالدفء، في حين أن البروتين الذي يستقبل تأثير البرودة والأجسام الباردة يدعى المستقبلة TRPM8، وهي تنتشر على الألياف العصبية التي تستثار بالبرودة. 
لكن اللافت للانتباه، والمثير للدهشة هو أن كلا المستقبلتين يمكن أن تستثار بمواد لا علاقة لها بالبرودة أو السخونة، وينتج من ذلك التفعيل إدراك للبرودة أو الدفء، وفق تلك المادة المثيرة. 
فعلى سبيل المثال، يشيع بين سكان المناطق الحارة تناول البهارات الحِرِّيفة والفلفل والفليفلة الحادة الحريفة، بوصفها منكهات أو مثيرات ومعززات لشهية الأكل، والبعض من الفلفل حاد وحريف إلى حد لا يُحتمل، فقد يشعر آكله أن نارًا موقدة لاهبة تتأجج في فمه وعلى شفتيه، ولو صادف أن وضع إصبعه الملطخ بالفلفل على خده أو جفنه لتطاير شرر اللهيب واتّقد الجمر في تلك الناحية. 
والسؤال المناسب ههنا: هل حقًّا ثمة ارتفاع في الحرارة حاصل في تلك المناطق من جراء تناول الفلفل أو التلامس معه؟ وإذا لم يكن كذلك، فما علّة الإحساس العنيف باللهيب وارتفاع الحرارة في تلك الناحية، إضافة إلى التعرق المرافق لها الذي قد يعم الجسم كله؟
وفي المقابل، يُحدث النعناع - عند استخدامه من خلال بعض المرطبات الجلدية أو تناوله نيئًا أو بواسطة علكة منكهة به - إحساسًا رائعًا بالابتراد والانتعاش، فيشعر الشخص بأن تجويف فمه قد ابترد وازداد انتعاشًا، وكذلك الأمر أيضًا عند تطبيقه على الجلد. وههنا، هل حقًّا أن درجة الحرارة في الفم أو الجلد قد انخفضت فعلًا؟ أم أن ذلك خدعة حسية إدراكية يلعبها الدماغ لكي يبرد من حمى النفس والجسد، فيصمتان؟

أمر مُربك
إنه لأمر مربك أن تبترد من غير برد، وأن تحترَّ وتلتهب شفتاك من غير حر ولا نار، فأنت لا تتخيل أو تتوهم هذه الأحاسيس، بل هي واقع حاصل تختبره حواسّك وتبتئس أو تنتعش له نفسك، ويقرُّ عقلك وفكرك بذلك ويثبته.
وقد يكون مفتاح باب الخروج من هذه الرّبكة هو العودة إلى مستقبلات البرودة والسخونة في الألياف العصبية الانتهائية المنتشرة في الجلد وبنى أخرى.
يتفاعل مستقبل أو مُحِسُّ السخونة عبر التعرض لحرارة مرتفعة أو بواسطة مركب الكابسيسِن، وهو المادة المسؤولة عن الطعم الحرّيف الحاد للفلفل، وفي كلتا الحالتين يفسر الدماغ الرسالة العصبية الناتجة على أنها تعرُّض لدرجة حرارة مرتفعة، ولهذا نشعر بلهيب ونار واحتراق في الفم والشفتين، أو في أي مكان آخر تعرّض للتلامس مع الفلفل الحريف، ويشرع الجسم والوجه والجبين بالتعرق والاحتقان بوصفهما رد فعل اعتيادياً وآليًّا تجاه التعرض للسخونة والحرارة المرتفعة، مثلما يحدث للواحد منّا عندما يكون في يوم مشمس قائظ. وفي الواقع، لم يحصل أي ارتفاع في درجة حرارة الفم أو الشفتين، ويمكن تأكيد ذلك بقياس الحرارة داخل الفم بواسطة مقياس الحرارة العادي. 
وتشبه هذه السيرورة بشقيها - الكابسيسن والتعرض للحرارة المرتفعة الفعلية - قيامك بكتابة رسالة واحدة مرة بالقلم الأخضر (مقام الاستثارة بالكابسيسن)، ومرة أخرى بالقلم الأحمر (مقام الاستثارة بالسخونة الواقعية)، وهذا لا يغيّر من أمر الرسالة شيئًا من حيث محتواها ومعناها (الإحساس بالاحترار). 
والنتيجة: لقد احتال الدماغ على الجسد وأوهمه بالتعرض للنار أو السخونة عبر مادة الكابسيسن، وجعله يرتكس لها وكأنها مادة حارة وحارقة.

وهم وخديعة
أما محِس أو مستقبلة البرودة فيتفاعل بالتعرض للبرودة أو عبر مواد أخرى، ومن بينها وأهمها مادة المنثول التي تتأثر مع المستقبلة، وتوجد أعظم ما توجد مادة المنثول في النعناع، وهذا يُظهر لنا لماذا يحصل الشعور بالابتراد والانتعاش عند التعرض لمواد يكون المنثول أو النعناع أحد مكوناتها، ومن دون أن تنخفض الحرارة في ذلك الجزء المحدد من الجسد.
والنتيجة: لقد خدع الدماغُ الجسم مرة ثانية، وأوهمه أنه يتعرض للبرودة، وذلك من خلال مادة المنثول التي قامت مقام البرودة وأفضت إلى أثرها الإدراكي بالابتراد، دون أن تكون هي بذاتها مادة باردة. ومن وجه آخر، لو وضعتَ مقياس حرارة في مركز إدراك الحرارة في الدماغ، وكشفتَ عن درجة الحرارة فيه عند تعرّض الجسم لملامسة مادة حارة أو باردة، فستجد أنها ثابتة في جميع الأحوال، هذا علاوة على أن الإشارة الكهربية في الأعصاب أو في الدماغ ليست بالحارة ولا الباردة بذاتها، فهي شِبه الإشارة الكهربية الواردة من العين أو الأذن من حيث الطبيعة الكهربية العصبية.  ومن جهة اليد، فهي لا تشعر وحدها وبذاتها بالحرارة أو البرودة من دون اتصالها بالدماغ، فأين البرودة أو السخونة إذن؟ 
فلا هي في الدماغ فنقيسها، ولا هي في اليد فنكشفها، وبالطبع لا يمكننا القول إن البرودة في الماء، لأن الماء ليس حارًّا ولا باردًا بالنسبة الى ذاته أو بذاته، فارتفاع حرارته أو انخفاضها على مقياس الحرارة لا يكافئ قولنا إنه حار أو بارد، لأن الحار والبارد صفتان من جهة الإحساس، فهما مجرد إحساسين مدركين في الذات المدركة لا في موضوع الإدراك، ودليل ذلك هو أن الإدراك الحسي بالاحترار والابتراد الناتجين من التعرض للكابسيسِن والمنثول هو إدراك حسّي ناجم عن موضوعَي إدراك ليسا بالحارّين ولا الباردين. 

الحمى والقشْعَريرة
من الأعراض المميزة للإحساس بالبرودة الشديدة إبّان المكوث في بيئة باردة، القشعْريرة والارتجافات والارتعاشات الحاصلة في عضلات الجسم، بوصفها رد فعل آليًّا لا إرادي تجاه تعرّض الجسم للبرد. 
والمؤكد أن كل واحد منّا قد عانى يومًا ما حمّى ميكروبية رافقتها قشعريرة ورعدة وإحساس بالبرودة الشديدة، وقد تجلت بارتعاشات وارتجافات في عضلات الجسم واصطكاك الأسنان وبرودة الأطراف ونقص التعرق واحتياجٍ إلى زيادة التلّحف بالأردية والأغطية.والمفارقة هنا أن درجة حرارة المصاب تكون إبّان ذلك مرتفعةً ارتفاعًا موضوعيًا حقًا، وكما يقال: المريض يغلي، لكن إحساسه بالبرودة ينهشه، ومعاناته من الرّعدة والقشعريرة تتلفه. ويعود سبب التعارض وعدم الاتساق هنا - برودة مرافقة للحمى - إلى أن الجسم يستوجب ارتفاعًا في درجة حرارته حتى تتعزز دفاعاته المناعية بمواجهة الفيروسات والبكتيريا الغازية، لذا يرفع مركز ضبط الحرارة القابع في الدماغ نقطة تثبيت الحرارة (نقطة التثبيت هي درجة الحرارة الطبيعية التي يستلزمها الجسم للقيام بوظائفه على الوجه الأمثل، وهي عادة 37 درجة مئوية) من 37 إلى 39 درجة مثلًا، بمعنى أنه يقول للجسم إن درجة حرارتك الطبيعية يجب أن تكون 39 بدلًا من 37 درجة، وهي الآن منخفضة، وبما أن حرارة الجسم الاعتيادية قبل الحمى كانت 37 درجة، فسيشعر المريض عند هذه الدرجة بالبرد، كما لو أنه تعرّض لبرد حقيقي، فيولّد الحرارة ويشغّل التدفئة الداخلية، وذلك بواسطة سيرورات عديدة: منها الارتعاش والارتجاف الناتجان من تقلّص العضلات وانبساطها ليزداد معدل الاستقلاب  فيها مع ازدياد استهلاكها للسكر والجليكوجين وحرقهما، فترتفع بذلك درجة حرارة الجسم، وبالنتيجة يكابد الجسم شعورًا زائفًا بالبرد واستجابة فعلية فيه، برفع معدل الاستقلاب وزيادة الطاقة الحرارية، ومن ثم حصول الحمى. 
وما نلاحظه في الحمى، أن الدماغ خدع الجسم، موهمًا إياه بأن تدفئته وحرارته منخفضتان، وعليه أن يعمل على توليد حرارة داخلية لبلوغ درجة الحرارة الطبيعية الجديدة للجسم.
لكن بالتدقيق الأعمق يظهر أن الدماغ لم يكتفِ بخداع الجسم وحده، بل استطال في لعبته إلى الوعي حتى جعله مخدوعًا بما فيه، فبدلًا من الشعور بالاحترار الفعلي وفقًا لما يتم في الجسم، يشعر المحموم  شعورًا غامرًا بالبرودة والتثلّج. وإذا كان ثمة منفعة تطورية من هذا الشعور بالبرودة، فهي دفع المريض إلى تدفئة نفسه من خلال وضع الأغطية والأردية عليه، كي تساعد في رفع درجة حرارة جسمه والحؤول دون تبددها، وهي بالعموم منفعة جزئية كان يمكن أن تكون غير واعية.

آخر القول
يمكننا إيجاز كل ما سبق ذكره بعبارتين؛ أُولاهما: يرتكس الدماغ للدفء والبرودة الفعليين بطريقة تشبه ارتكاسه للكابسيسن والمنثول، وفي كلتا الحالتين ينتُج وعي حسي بالاحترار وبالابتراد، مع التذكير بأن الكابسيسن ليس بالحار، ولا المانثول بالبارد.
وثانيتهما: يمكن للدماغ - في الحمى والقشعريرة - أن يخدع الوعي ويجعله يقاسي البرد ويكابده، في حين يكون الجسم يتلظى بلهيب الحمى وبلواها. 
إن مثل هذه التقارير تمثّل تحديًّا صادمًا للفهم الاعتيادي لمسألة الإدراك الحسي للدفء والبرودة، وبالقدر نفسه أيضًا بالنسبة إلى المدركات الحسية الأخرى من مسموعات ومشمومات ومرئيات ومحسوسات جسدية، وذلك من حيث مطابقة الوعي الحسي للموضوع المحسوس، إذ يمكننا المجازفة والقول بأن الدماغ ينتج واقعًا افتراضيًا نختبره بوعينا، ويكون هذا الواقع إنسانيًا ومخصوصًا بالوعي البشري، وقد يحاكي في قليل أو كثير الواقع الموضوعي؛ فالاحترار والابتراد من شؤون الوعي وليس بالضرورة أن يكون ما يثيرهما حارًّا أو باردًا، وهذا يفضي إلى أن شؤون الواقع الفعلي قد تكون حيادية من حيث السخونة والبرودة، بمعنى أنها ليست بالحارة أو الباردة، إنما هي موجودة وحسب.
وجملة القول إن الاحترار والابتراد كيفيتان ذاتيتان تلونان الوعي الإدراكي بهما، من غير أن تكونا صفتين تختصان بالأشياء وموضوعات الإدراك، فموضوعات العالم ليست بالحارة أو الباردة في ذواتها، بل هي كذلك في وعينا وخبراتنا الإدراكية وحسب، ولهذه العلة مات الحارس المسكون بوعد الملك الذي افتتحنا به المقال، فالبرد الذي تعرّض له الحارس لم يتغير، إنما تغيرت كيفية الابتراد في وعيه، فازداد برده الداخلي إلى الحد الذي حطم به قدرته على تحمّله، وأوهن قواه حتى خارت في آخر المطاف، واستسلمت لبرودة الموت ■