عين على 50 عاماً في معهد الكويت للأبحاث العلمية

عين على 50 عاماً  في معهد الكويت للأبحاث العلمية

كان مجرد فكرة من قبل شركة الزيت العربية اليابانية المحدودة، ثم أصبح حقيقة وواقعا ملموسا، إنه معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي انطلق باعتراف دولي من البوابة الرئيسة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار ليتميز على مستوى المنطقة، وليصبح قوة دافعة لعملية الازدهار والتنمية المستدامة وتحسين نوعية الحياة وجودتها.

أنشئ معهد الكويت للأبحاث العلمية قبل نحو خمسين عاماً وتحديداً في عام 1967، وتم غرس بذرة علمية ، نمت وترعرعت خلال تلك السنوات، فسارت على أهداف واضحة منقوشة بعناية ودقة تامة، تنشد تعزيز مكانة المعهد ودوره في المجتمع الكويتي وخلق مجتمع من المواطنين يعتمد على تطبيقات العلوم والتكنولوجيا لحياة أفضل وأيسر، قائمة على التطور والابتكار.
مر المعهد منذ نشأته بمخاض تبلورت عنه نواة علمية، ففي عام 1973 أعيد تنظيمه ليصبح تابعاً لمجلس الوزراء الكويتي، وتحت إشراف مجلس الأمناء، خصوصاً ما يتعلق بإدارة الطاقة والصناعة والزراعة والاقتصاد الوطني، وذلك للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، ولتقديم المشورة للحكومة في سياسة البلاد الخاصة بالبحوث العلمية، وتم إعلان المعهد مؤسسة عامة اعتبارية مستقلة عام 1981 تحت اسم معهد الكويت للأبحاث العلمية (kisr).
وحدد مرسوم إنشاء المعهد الهدف منه، وهو النهوض بالبحوث العلمية والتطبيقية، خاصة ما يتعلق منها بالصناعة والطاقة وموارد الثروة الطبيعية والموارد الغذائية، وسائر المقومات الرئيسة للاقتصاد القومي، وذلك لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية للدولة، وتقديم المشورة للحكومة بقطاعيها الحكومي والخاص ومنطقة الخليج والعالم العربي، وتشجيع التعاون مع المؤسسات العلمية الدولية، بما في ذلك سياسة البحث العلمي في البلاد. 
وأصبح ملتزماً بتسخير البحث وتطويره، وذلك بقيادة تحمل على عاتقها تحمّل المسؤولية واغتنام الفرص، وبمهنية تحقق معايير التميز في العمل والتعامل بصدق وشفافية واحترام للعمل الجماعي في جو من الانفتاح والتعاون لحماية التراث المحلي والحفاظ على الهوية الثقافية.

الاهتمام بالبيئة 
أولى اﻟمعهد اهتماماً خاصاً باﻟبيئة الطبيعية واﻟمحميات، حيث تقع دولة الكويت على ساحل الخليج العربي، وهي من ضمن المناطق القاحلة وشبه القاحلة. وتشمل التحديات البيئية في المنطقة ندرة المياه، والتعرض للأجواء المناخية القاحلة والتصحر، إضافة إلى أن عامل التغير المناخي لهذه التهديدات يقلل من إنتاجية المحاصيل، وخفض توافر المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يزيد من سرعة تأثر المناطق الساحلية، ويسبب أضراراً واسعة النطاق للأنظمة المرجانية والتنوع البيولوجي البحري، وزيادة وتيرة العواصف الترابية، وموجات الحرارة والفيضانات، وتزايد انعدام اﻷمن الغذائي، وكل هذه التغييرات تجعل المنطقة العربية التي تقع في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.    
وتقول المديرة العامة للمعهد، د. سميرة السيد عمر، إن الكويت حرصت على الحماية والمحافظة على التنوع البيولوجي من خلال إنشاء المحميات الطبيعية، حيث تضم الكويت اثنتا عشرة محمية، على رأسها  محمية صباح اﻷحمد الطبيعية، وتم تشييدها لتجمع بين البيئتين الصحراوية والساحلية في الكويت، إذ تمتد على مساحة ثلاثمائة وثلاثين كيلومتراً مربعاً، وتمتاز باحتوائها على نظم إيكولوجية مختلفة، وتشتمل على تضاريس جيولوجية ومنخفضات ضحلة وجروف ووديان وكثبان رملية وسهول منبسطة، وتشكل بيئات 3 في المئة من المساحة الطبيعية لكثير من أنواع النباتات والحيوانات البرية، إضافة إلى محميتين بحريتين.
ويلتزم المعهد في ذلك بمفهوم التخطيط المستدام حسب المواصفات العالمية للمحميات والمتنزهات الوطنية، ووفقاً للضوابط والشروط التي حددها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.  
وتواجه البيئة الصحراوية للكويت عدداً من الضغوط الطبيعية والبشرية الناتجة عن النشاطات الإنسانية التي تساهم في الضرر البيئي، كالرعي غير المنظم والتلوث ونشاطات التخييم وغيرها. وتسبب خفض الغطاء النباتي بشكل كبير.
 وتضيف د. عمر أنه بتعاون المعهد في عديد من المشاريع بالمشاركة مع جهات عدة، مثل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والهيئة العامة للبيئة، والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، والشركات النفطية، وبلدية الكويت، ونقطة اﻻرتباط الوطنية لمشاريع البيئة، وغيرها من الجهات ذات الصلة، تم إنشاء بنك البذور للمحافظة على الخصائص الوراثية للنباتات البرية، ودراسة كفاءة البذور وفترات النمو لتحديد الظروف الطبيعية المثلى لزراعة البذور، وتطوير معلومات عامة عن طريق جمع وتنظيف وتخزين وزراعة البذور الصحراوية وغيرها.
وقد تم التوصل إلى الطرق الفعالة والموحدة ﻹكثار العديد من النباتات المحلية، مثل الطلحة، واللبانة، والعنصيل، والخزامى، والعوسج، والغردق، والقرظي، والحرمل، والعرفج وغيرها من النباتات الفطرية. 

مراكز متخصصة
وعندما نبحر ونغوص في هذا المجال الحيوي، نجد أن معهد الأبحاث تطور وتفرع ليشمل عدة مراكز علمية متخصصة، منها الشبكة الوطنية للزلازل, وتقدم هذه الشبكة خدمات واسعة تتصل بمجالات العلوم والتكنولوجيا؛ بُغية نشر المعلومات العلمية والبحثية وتبادل الخبرات محلياً ودولياً. كما يضم المعهد مراكز خدمات وطنية توفر المعلومات والمصادر والأدوات؛ للوصول إلى أحدث المخرجات العلمية من دون أي تكلفة. إلى جانب نظام مراقبة المواد المشعة و مختبر الاستشعار عن بُعد والصور الفضائية, إضافة إلى المركز المناخي، كما يشمل المركز الوطني للمعلومات العلمية والتكنولوجية NSTIC, ومركز الكويت للمعلومات الجغرافية GIS, وأيضاً مركز مراقبة الشبكات والتصوير بالأقمار الاصطناعية ومركز أبحاث ودراسات البترول.
ويحتل موضوع النفط والطاقة في الكويت أهمية خاصة، نظراً إلى دور النفط والمنتجات البترولية والبتروكيماوية كمصدر دخل رئيس للبلاد. وبما أن المعهد حرص على أن يكون الذراع البحثية للقطاع النفطﻲ، فقد سعى منذ إنشائه لتلبية احتياجات القطاع من اﻷبحاث العلمية والخدمات التقنية المتقدمة بكفاءة عالية ودعم بالخبراء عند إعداد وتقديم التقارير حول وضع الطاقة والصناعة النفطية في البلاد، والمساهمة معه في إعداد بعض اﻷوراق الفنية الداعمة لمواقف الدولة ﻓﻲ المحاﻓل الدولية، ومشاركة ﺧبراء المعهد ضمن الوﻓود الرسمية للكويت في المؤتمرات العالمية، كمؤتمر النفط العالمي ومؤتمرات تغيّر المناخ ومؤتمرات الطاقة العربية.
وينظم علاقة المعهد مع القطاع عدد من الاتفاقات والعقود مع كل من مؤسسة البترول الكويتية وشركة نفط الكويت، والشركة الكويتية لنفط الخليج، وشركة البترول الوطنية الكويتية. وقد تجاوز عدد البحوث والدراسات والخدمات الفنية المتقدمة التي قام بها نحو 200 منها.

المختبر المركزي 
على مر السنين، أنشأ المعهد العديد من المرافق، وقدم خدمات الدعم المساندة لكل الباحثين والأكاديميين ووفرت مختبرات المعهد النشاط التحليلي لبرامج البحث التطبيقي في المعهد وفي كثير من المؤسسات الحكومية منذ عام 1977. فهناك عدة مختبرات ترتبط بالكيمياء المائية واللونية، والإشعاعية الضوئية، والكيمياء الفيزيائية وتتبّع المعادن، فقدمت أساليب تحليلية جديدة لمراكز البحث في المعهد
يذكر أن هناك 374 نوعاً من النباتات الفطرية في الكويت، والعديد منها له خصائص طبية وغذائية، يتم استخدامها في الطب الشعبي منذ قرون عديدة لعلاج بعض اﻷمراض، ومازالت هذه النباتات تلقى قبولاً كبيراً لدى العامة محلياً وإقليمياً ودولياً.
وقد زادت نسبة الإقبال على التداوي عن طريق المصادر الطبيعية خلال السنوات العشر السابقة، وذلك بسبب الوعي المنتشر لمخاطر المركبات غير الطبيعية وتفضيلها على الأدوية الكيميائية حين تسمح الحالة المرضية بذلك. وقد تم إنشاء عدد من المراكز الإسلامية حول العالم لهذا الغرض، ومن ضمنها مركز الطب الإسلامي في الكويت، الذي يعتبر مستودعاً للمعرفة فيما يخص التداوي بالطرق التقليدية.
 وأجرى المعهد أخيراً اتصاﻻت أولية مع عدد من الهيئات المحلية مثل جامعة الكويت، والجمعية الطبية الإسلامية ومنظمات بحث دولية متخصصة في التنقيب البيولوجي للنباتات المحلية لتطوير وتسويق المنتجات النباتية ذات القيمة العالية، والتي يمكن استخدامها ﻹنشاء العديد من الشركات الناشئة، كما سيتمكن المعهد من إنشاء مرافق بحثية عالمية المستوى للقيام بأنشطة البحث والتطوير ذات الجودة العالية، وتدريب القوى العاملة العلمية المحلية اللازمة لدعم واستدامة هذه اﻷنشطة التجارية على مدى فترة أطول.

مركز أبحاث المياه 
يعد مركز أبحاث المياه رائداً في مجالات فهم وتطبيق تقنيات المياه والسياسات المرتبطة بها، وإدارته بشكل فعال يضمن مواجهة التحديات المرتبطة بعمليات معالجة مياه التحلية في البيئات القاحلة، وقد أوكلت إلى المعهد مهمة التصدي للتحديات الطبيعية المتعددة التي تواجه الكويت، لاسيما ما يرتبط منها بشح المياه في المنطقة، والحاجة الملحة إلى استكشاف طرق آمنة مجدية اقتصادياً لتحلية المياه ومعالجتها.
ويتبنى المركز حالياً مجموعة من الوحدات النمطية التي تركز على الابتكارات التقنية المرتبطة بتحلية المياه لمواجهة الطلب المتزايد على مياه الشرب في البلاد، وعلى سد النقص في مخزون المياه العذبة، ويسعى إلى تقديم حلول ناجعة لمعالجة مياه الصرف المنزلية والصناعية وإعادة استخدامها. 
وتستند استراتيجيته إلى الأبحاث الرامية للتشغيل الأمثل لشبكات توزيع المياه العذبة لكل المستهلكين في الدولة، دون المساس بمستوى المعيشة للمجتمع الكويتي.
وتقول د. سميرة عمر إن من أهم إنجازات المركز العمل مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لإعداد خريطة لموارد المياه الجوفية باستخدام تكنولوجيا «الرادار عميق السبر» إنجاز المرحلة الأولى من تطبيقاته على شمال الكويت.
وكذلك تصميم أكبر محطة نمطية تجارية لمعالجة مياه الصرف على مستوى العالم في منطقة الصليبية (بسعة 600.000 متر مكعب في اليوم) بالاستناد إلى تقنية المعالجة باستخدام نوعين من الأغشية المزدوجة.
وتشمل أهمية إنشاء محفظة ملكية فكرية التقنيات المتعلقة بالأغشية المتطورة من المرحلة الثنائية إلى الأحادية، وبراءة اختراع مبادل الضغط، ومعادلات تصنيع مياه كاظمة المستخرجة من الآبار الشاطئية، التي تتم تعبئتها في قناني مصممة خصيصاً لهذا الغرض. وزيادة كفاءة عملية معالجة المياه المنتجة مع النفط (شديدة الملوحة)، عبر التخلص من المياه غير المرغوب فيها بشكل تام، وصولاً إلى مياه قابلة للاستغلال لا تحتوي على أي مياه عادمة.

أبحاث الزراعة اﻟنسيجية
منذ الثمانينيات اهتم مختبر اﻷبحاث بالزراعات النسيجية، حيث أجرى التجارب واﻷبحاث المكثفة في مجال إكثار النخيل بواسطة زراعة اﻷنسجة ودراسة مطابقة صفات النخيل المستزرع، وكذلك التحسين الوراثي للنباتات عن طريق زراعة الخلايا، ونجح فريق من الباحثين في برنامج التكنولوجيا الحيوية بالمعهد في تنمية مزارع نسيجية بواسطة قطع الحمض النووي DNA، وهذا من شأنه توفير مئات الآلاف من النباتات وأصناف التمور الممتازة، وهي اﻵن في مرحلة الإنتاج، وسيؤدي ذلك إلى إنشاء مزارع نخيل تجارية لإنتاج التمور. كما أن الزراعة النسيجية تلعب دوراً في محمية اللياح التابعة للمعهد عن طريق استزراع النباتات البرية المستديمة باستخدام الزراعة النسيجية وإعادة زراعتها في الصحراء.
ونجح المعهد في استنباط سلالات جديدة من الخضراوات المقاومة للملوحة، منها الباذنجان والطماطم ذات المقاومة العالية لملوحة التربة والمياه، وإنتاج تقاوي البطاطا الخالية من اﻷمراض الفيروسية، وإنتاج المكثف للنخيل، حيث تم إكثار فحول 4 أنواع من النخيل الممتاز استقدمت من المغرب ومصر والعراق والسعودية وعمان وإيران، كما تم استقدام سلالات نخيل ممتازة من الوﻻيات المتحدة اﻷمريكية والعراق، وذلك لدراسة أفضلها للزراعة في الكويت.
ولتلقيح أصناف النخيل الممتاز، أنتج المعهد نباتات النخيل النسيجي، وتمت زراعته في مزارع وبساتين الوفرة والعبدلي وبعض المنازل الخاصة، وأثمرت، وكان إثمارها مطابقاً للأصل ومواصفات الصنف عالي الجودة، مما يدل على نجاح تطبيق هذه التقنية في الكويت.

مواجهة «نفوق اﻷسماك»
مما لا شك فيه أن ظاهرة نفوق اﻷسماك تعد من الظواهر المتكررة في الكويت، وقد رصد المعهد ذلك من خلال برنامج إدارة الموارد البحرية منذ عقود، وذلك بجمع العينات وتسجيل القياسات الميدانية وإجراء الدراسات التي من شأنها أن تساعد في فهم الظاهرة.
وخلصت الدراسات إلى أن نفوق اﻷسماك ناتج عن مجموعة من العوامل، منها ازدهار العوالق النباتية التي يكون بعضها ساماً والبعض اﻵخر غير سام، وتسمى «المد الأحمر»، وتقود إلى اضطراب في النظام البيئي، وذلك نتيجة استنزاف المغذيات، ومن ثم نفوقها الطبيعي ثم ترسبها للقاع لتتحلل، اﻷمر الذي يؤدي إلى استنزاف اﻷكسجين المذاب في المياه، بحيث يتدنى إلى مستويات منخفضة تقود إلى اختناق اﻷسماك، ومن ثم نفوقها.
وفي كثير من اﻷحيان تتزامن تلك الظاهرة مع ركود المياه، بحيث ﻻ يتم إحلال مياه جديدة محل المياه الفقيرة باﻷكسجين، أو عدم نشوء خلط للمياه لتعود تراكيز اﻷكسجين المذاب في المياه إلى مستويات ملائمة غير خانقة.  
وتضيف د. سميرة عمر: «يجب أﻻ نغفل وجود عوامل أخرى طبيعية تلعب دوراً مهماً في اضطراب البيئة البحرية، وتؤدي إلى نفوق اﻷسماك، مثل انخفاض نشاط حركة المياه الذي يؤدي إلى ركودها، وذلك بالتزامن مع وجود مغذيات قد تكون آتية من منطقة شط العرب، لهذا السبب يعكف معهد اﻷبحاث على إجراء العديد من الدراسات لفهم البيئة الكويتية والبيئات المحيطة».
ويعكف برنامج إدارة الموارد البحرية على دراسة أسباب المد اﻷحمر وإجراء الدراسات التي من شأنها الكشف عن أسباب عدد من الكوارث البيئية اﻷخرى، مثل نفوق المحار ونشوء الرغوة الشاطئية والكشف عن تداعيات تغيير مجرى شط العرب على البيئة البحرية الكويتية وشمال الخليج العربي، ومدى انعكاس تلك التغيرات على المدى البعيد، وغيرها من الظواهر.

الشراكة مع المعهد 
وتؤكد  د. سميرة عمر قائلة: «نحن لا نتوقع أن نتمكن من إيجاد الحلول لكل التحديات المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا في الكويت بمعزل عن الآخرين. وبالتالي، فإن تطوير روابط تعاونية أقوى مع المؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية المعنية بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار يعد من الأولويات القصوى ضمن الخطة الاستراتيجية الثامنة. فقد أنشأنا مكتباً لشراكات واتفافيات العلوم والتكنولوجيا لتعزيز التعاون مع المؤسسات المرموقة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار في أنحاء العالم كافة».
وبسؤال «العربي» عن ماهية مشروع استكشاف اﻟمكامن اﻟجوفية اﻟسطحية في الصحراء بالتعاون مع «ناسا»، أجابت د. سميرة بأن مركز أبحاث المياه التابع للمعهد ينفذ، بالتعاون مع «ناسا» وجامعة جنوب كاليفورنيا، مشروعاً رائداً يهدف إلى استكشاف مكامن المياه الجوفية في صحارى الخليج العربي باستخدام تكنولوجيا حديثة طورتها «ناسا»، وهي إصدار موجات رادار صوتية بذبذبات مختلفة من خلال الطيران فوق الصحارى العربية.
وينقسم المشروع إلى مرحلتين؛ الأولى تجريبية تفحص مدى قابلية تطبيق هذه التكنولوجيا في الكويت، والثانية تنفيذية، حيث سيستكشف المعهد المياه الجوفية في الصحراء العربية بمناطق لم يسبق معرفة معلومات مفصلة عنها من ناحية هيدروجيولوجية. 
وقد تم تحديد المواقع التي سيحلق فريق المعهد فوقها بالكويت، بعد تحديد الخواص الكهربائية للتربة الكويتية واستنباط الأعماق المناسبة التي سيخترقها الرادار في باطن الأرض، كما سيتم رصد نوعية المياه الجوفية، وأي تغيّر لسطح الماء الجوفي حول قيمة معينة. وكل هذا للمساعدة في المرحلة التنفيذية لتحديد ما إذا كانت هناك آثار لحركة مياه جوفية قديمة على الحدود الكويتية، والأهم من ذلك يتم استكشاف إن كانت هناك مصادر مياه صالحة للاستخدام في الصحارى العربية في سلطنة عمان والإمارات والسعودية.

هدية المعهد المجانية
يقدم المعهد برنامجاً لخدمة المواطن، وذلك لتعريفه بأحدث التكنولوجيات العلمية التي يوفرها لحل المشكلات الآنية التي يواجهها في حياته اليومية، وتوفير تلك الحلول من خلال التطبيقات العلمية بالمجان أو بسعر التكلفة. ويرد البرنامج بإيجاز وبسرعة على تساؤلات وطلبات المواطنين فيما يتعلق بالحلول التي يقدمها البحث العلمي في شتى الاختصاصات بالمراكز البحثية والقطاعات المساندة، وذلك لتعزيز التقارب بين المعهد والمواطنين.
 ولم يغفل المعهد خلال مسيرة عطائه أهمية تشجيع النشء على ممارسة البحث العلمي، وأدرك أهمية تثقيف شباب الكويت في مجال العلوم والتكنولوجيا، حيث إن ذلك يعد أمراً ضرورياً لوضع أساس قوي للجيل القادم من العلماء والباحثين في الكويت. وتستهدف برامج تدريب الطلبة المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية.
كما تبلغ مدة البرنامج الصيفي ستة أسابيع، وهو موجه لطلبة الثانوية، والكليات الفنية، والجامعات. والاختصاصات المطروحة تتضمن: الكيمياء، والبيولوجي (علم الأحياء)، والكمبيوتر، والهندسة الميكانيكية، وتكنولوجيا اللحام، والهندسة الكهربائية، والفيزياء، وتصميم الإنسان الآلي وتشغيله، وفيزياء الطيران... إلخ.
وشارك في هذا البرنامج منذ استحداثه 1182 طالباً من الكويت، و215 طالباً من البحرين وعمان وقطر والسعودية ودولة الإمارات. ويقبل البرنامج الطلبة المسجلين في كليات العلوم في كل من جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، إضافة إلى الطلبة الكويتيين الذين يستكملون دراساتهم الجامعية في الخارج.
أما البرنامج الربيعي فيستغرق أسبوعين، ويقبل طلبة الصفين الثامن والتاسع، ويتناول موضوعاً واحداً فقط، مثل موارد المياه، أو البيئة وكوكبنا، أو إعادة التدوير، أو الحفاظ على البيئة... إلخ. ويستخدم البرنامج الربيعي مختبرات المعهد، حيث يطبق الطلبة النظريات العلمية مع باحثيه.
ويقدم العلماء والباحثون أوراقاً علمية وبحثية متطورة كانت نتاج تجاربهم الحثيثة في مجالات متنوعة مثل, الكتب العلمية، التقارير، مجلة علوم وتكنولوجيا, إضافة إلى منشورات المؤتمرات والندوات والمحاضرات.

مياه كاظمة
ازداد الطلب على المياه، ومع ازدياد التعداد السكاني العالمي وما صاحبه من ارتفاع لمستوى المعيشة عالمياً بشكل عام، أصبحت صناعة تعبئة المياه المعدنية أو المعبأة تتصدر قائمة الصناعات المربحة ذات النمو المتسارع والمنافسة الشرسة، ويعتبر مشروع مياه كاظمة هو ثمرة مشاريع بحثية عديدة أنجزها المعهد خلال أكثر من عقدين من الزمن، ويهدف إلى إنتاج المياه المعبأة باستغلال الآبار الشاطئية وهي (مياه كاظمة).
وتمتاز مياه كاظمة بأن تحليتها تتم على مرحلتين مترابطتين من التناضح العكسي يتم من خلالهما التخلص من أكبر نسبة من تراكيز اﻷملاح الموجودة في مياه البحر، وتعتمد المرحلة اﻷولى منها على أغشية مصممة لفصل أملاح مياه البحر والثانية لتقليل مجموع التراكيز للحد اﻷدنى، ويتم إضافة غاز ثاني أكسيد الكربون للمياه المنتجة قبل ضخها لمرشحات صخرية طبيعية تحتوي على مادتي الكالسيوم والمغنسيوم، وذلك بعنصري الكالسيوم والمغنسيوم المفيدين، ويتم التأكد من سلامة المياه المنتجة ومعالجتها في مراحلها اﻷخيرة باﻷوزو. 
وقد أسس المعهد مصنعاً في محطة أبحاث المياه بمنطقة الدوحة، يقوم بجميع عمليات التحلية والتعبئة تحت سقف واحد، واعتمد مشروع كاظمة على منظومة دقيقة وإجراءات احترازية من أجل الحصول على درجة عالية من ضبط الجودة وضمان سلامة المنتج، كما يتم عمل تحاليل بشكل دوري وبالتعاون مع مختبر بيوفوكس اﻷلماني، للتأكد من مطابقة مياه كاظمة للمعايير الدولية.
وﻻيزال منتج مياه كاظمة محدود اﻹنتاج، ولذلك ﻻ يتم بيعه بالسوق أو نقاط البيع المختلفة، كما يوزع بالمعهد، حيث يباع لموظفيه بأسعار رمزية لتغطية التكاليف التشغيلية، لكنه يتم تداوله داخلياً أثناء الفعاليات المقامة مثل اﻻجتماعات والندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية، وكذلك يتم توزيع إنتاجه مجاناً على بعض الجهات الحكومية. 
وأكدت المدير العام أن للمعهد دورا في مجال أبحاث وتطوير مصادر الطاقة البديلة ومشروع طاقة الرياح، وخاصة أن للمعهد رؤية للكويت منذ ثمانينيات القرن الماضي وهناك دراسات عديدة في هذا المجال، وقالت إن هناك خطة فعلية ومفعّلة حتى عام 2030 ترسم سياسة الدولة للطاقة المتجددة، وذلك من خلال تطويره لمشروع محطة الشقايا للطاقات المتجددة.
ويعتبر مشروع الشقايا هو اﻷول من نوعه، ويهدف إلى توليد الطاقة الكهربائية وتصديرها من خلال شبكة وزارة الكهرباء والماء للمستهلك، وذلك عن طريق محطة تعمل بثلاث تقنيات؛ المجمعات الشمسية بسعة 10 ميجاوات، واﻷلواح الشمسية، وتقنيات طاقة الرياح بسعة 50 سعة حرارية. 
أما بالنسبة إلى الاتفاقيات الدولية التي كان لها صدى ومردود على دولة الكويت والتعاون اﻟدولي في مجال الأبحاث والعلوم، فقالت: «كان المعهد في الفترة من عام 2010 إلى 2017 بمنزلة بوابة للأبحاث STPAO الذي يعد مكتب الشراكات والاتفاقيات العلمية والتكنولوجية لتطوير وتنفيذ التعاون الدولي واﻹقليمي والوطني من اﻻبتكار والدعم، والمعرفة، والتكنولوجيا، واستخدام أفضل العلوم، ويسعى إلى وضع سياسة عامة للبحث العلمي مع الشركاء، ووضع نظام تشغيلي فعال ﻹدارة الشراكات.
وخلال هذه الفترة أبرم المعهد ما يزيد على 15 وثيقة مع المنظمات الرائدة في المجاﻻت المختلفة، وواصل تعاونه في آسيا، وأقام علاقات مع بلدان مثل الصين والهند واليابان وكوريا، ومؤسسات RD العلمية والتقنية ومؤسسات البحث والتطوير، (CAS)، وهي رائدة تايوانية، إضافة إلى تعاون ومشاركة مع فرنسا وروسيا والمكسيك وبريطانيا.

الخطة الحالية
ﻻ شك في أن تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الجافة يتطلب بشكل أساسي النهوض ببرامج اﻹدارة الكاملة للنظم البيئية، ويشمل ذلك تحقيق اﻹدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، والوصول إلى توازن فعال بين طموحات التنمية ومتطلبات الحفاظ على البيئة، وقد حقق المعهد الريادة في بعض المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية لدولة الكويت والمنطقة.
وللتأكد من أن المعهد يسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق هذه الرؤية، فقد تم وضع خريطة طريق لرصد التقدم الذي يتم إحرازه كل 5 سنوات.
فعلى مدى أكثر من 50 عاماً، استطاع المعهد تحقيق أهدافه من خلال خطة استراتيجية أدت إلى تحقيق نتائج ملموسة في التقدم المطلوب بمجال العلوم والتكنولوجيا، وتعزيز نمو القطاع الصناعي الكويتي، والمساعدة في تنويع إنتاج الطاقة، وزيادة كفاءة استخدامها، والمساهمة في تحسين صناعة البترول المهمة في دولة الكويت، ودعم جهود حماية بيئتنا وتنوعها البيولوجي، وتلبية الاحتياجات المتزايدة من المياه، والسعي إلى المواءمة بين هذه الإنجازات وخطة التنمية الوطنية. إن رؤية معهد الكويت للأبحاث العلمية متجددة ومتطورة، وقد أصبحت الآن حقيقة ملموسة على الواقع الكويتي■

محطة أبحاث تحلية المياه

مختبر مركز أبحاث المياه ويهدف إلى القيام بالبحوث العلمية ودراسة موارد الثروة الطبيعية ومصادر المياه والطاقة وتحسين طرق الاستغلال الزراعي وتنمية الثروة المائية في الكويت