«في أيامنا الكويتية كثير مما يمكن أن يوثّق ويُقال ويكتب. وإن كان للقلم الكلمة الطولى في التوثيق، فإن للريشة واللون أثراً في الذهن لا يمكن أن يمحى».

بكلمات منتقاة عبّرت الفنانة التشكيلية الكويتية ابتسام العصفور عمّا دفعها إلى اختيار عنوان «أيام كويتية» لمعرضها الفني، الذي افتتح برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي دأب على دعم وتشجيع الطاقات الكويتية ضمن سلسلة الأنشطة والفعاليات التي يقيمها المجلس لحفظ وتوثيق التراث الكويتي، وبتنظيم من مكتبة الكويت الوطنية، التي احتضن بهوها 30 لوحة فنية عكست البيئة الكويتية بعبق الماضي وغنى التراث وأصالة الانتماء. 
تنتمي الفنانة التشكيلية العصفور إلى المدرسة الواقعية، التي استقت منها فحوى لوحاتها، فمن كويت ما قبل النفط صورت الأسواق والمقاهي القديمة كسوق السمك وسوق السلاح، وقهوة بوناشي التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
وترجمت بريشتها الفن الكويتي الأصيل بلوحة سامرية، ولوحة نهمة بحرية، وكلاهما من الفنون الشعبية المتجذرة في المجتمع الكويتي. إلى جانب لوحتي بورتريه لأشهر مطربي القرن الماضي في الكويت والخليج العربي، هما عوض الدوخي، وعائشة المرطة بلوحة أسمتها منسية.
كما كان لأشهر لاعبي الكرة الكويتية نصيب بلوحة المرعب جاسم يعقوب، ولوحة الكابتن سعد الحوطي. 
المتمعّن بلوحات الفنانة العصفور يلامس تفاصيل دقيقة في الحياة اليومية الكويتية، حيث الحرف اليدوية في لوحة مغازل الخير، التي تعبّر عن عمل المرأة البدوية في غزل الصوف، ولوحة الدانة، وفيها مهنة البحّار فالق المحار، ولوحة الحداق، وتعني صياد السمك. وقد أضفت الفنانة الكويتية الرمزية في بعض لوحاتها، ومن خلالها وفّقت في إبراز لمحات من أيام كويتية في وقتنا الحاضر، مثلما جاء في لوحتي «أفق الحرية»، و«خذوا حظكم من العزلة». 
في 30 لوحة تناولت العصفور مقتطفات من أيام كويتية، وعبرت بين البحر واليابسة، تظهر خصوبة اللونين؛ الأزرق بكل درجاته من الغامقة إلى الفاتحة، والأصفر بكل موجاته من الحارة القاسية إلى الهادئة الدافئة. وفي ذلك ما يعكس البيئة الطبيعية الصريحة في الكويت دون غيرها، وقد وفقّت العصفور في إشعار زوار المعرض بها.  
شهد المعرض حضوراً لافتاً للمهتمين بالتراث الكويتي، الذين أشادوا بحرفية الفنانة العصفور وتمكّنها من توثيق خصوصية المكان والزمان في المجتمع الكويتي على مر العصور، فقدمت بلوحاتها بانوراما متكاملة وشاملة للحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دولة الكويت■

قفال

الحداق