غابات الأمازون رئتا العالم تحترقان

غابات الأمازون رئتا العالم تحترقان

اندلعت النيران في غابات الأمازون المطيرة حتى امتد الدخان لمسافات بعيدة جدًا، وألقى بظلاله على سماء مدينة ساو باولو التي تبعد 2000 كم جنوبي المنطقة المنكوبة بالنيران، فأحالها سوادًا في منتصف النهار. بات نطاق النيران مهولًا، وتوضح الصور التي التقطتها وكالة ناسا الأمريكية لأبحاث الفضاء بالأقمار الاصطناعية كيف غطّى الدخان غالبية النصف الشمالي للبرازيل التي تتجاوز مساحتها مساحة أوربا كاملةً. يذكر أن غابات الأمازون تنتج 20 في المئة من الأكسجين العالمي، كما أنها موطن لما يربو على 3 ملايين نوع من النباتات والحيوانات. 

إن النيران التي تندلع في منطقة الأمازون ظاهرة طبيعية، وغالبًا ما تنجم عن ضربات الصواعق، غير أن ذلك لا يفسر بأي حال من الأحوال الزيادة المفاجئة في عدد الحرائق التي اندلعت العام الحالي. 
ويقول أنصار الحفاظ على البيئة إن تلك النيران تفشت بسبب أصحاب مزارع تربية الماشية والمزارعين المتخصصين في زراعة الصويا، الذين دأبوا على قطع الأحراج بوتيرة متزايدة.
وقد تراجعت مستويات الحماية المكفولة لمنطقة الأمازون تحت ولاية الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، المشهور بشكوكه المتعلّقة بالمخاوف البيئية. فقد قلَّص بولسونارو التمويل الحكومي المُخصص لوكالات الحفاظ على البيئة، وألمح أخيرًا إلى أن النيران ربما أشعلتها منظمات المجتمع المدني، بغية إحراج الحكومة البرازيلية.
وقال بولسونارو: «أعتقد أن منظمات المجتمع المدني هي التي أشعلت تلك النيران لأنها طالبت الحكومة بالمزيد من الأموال. فما هي نواياها؟ بالتأكيد جلب المتاعب للبرازيل».
عندما تندلع النيران في منطقة الأمازون، يستحيل على رجال الإطفاء إخمادها بسبب مساحتها الشاسعة المترامية الأطراف. يقول اختصاصيو البيئة والمحافظون عليها إنه عندما تخمد هذه النيران في نهاية المطاف يكون الدمار قد حلَّ بالمنطقة بالفعل.
وتقول ميل ماريد من شبكة أصدقاء الأرض «وهنا يضيع السواد الأعظم من المناطق المنكوبة بالحرائق، لأن الأمر يستغرق وقتًا طويلًا جدًا لإعادة زراعة الغابات، فضلًا عن أنه من المستحيل إعادة زراعتها على حالتها الأصلية مرة أخرى».
إن غابات الأمازون المطيرة التي عادة ما تُعرف باسم «رئة الأرض» تغطيها الأدخنة والنيران الآن، الأمر الذي قد يتسبب في هلاك أحد أكبر النظم الإيكولوجية تنوعًا على سطح الكوكب على الإطلاق.

حدث جلل
استمرت النيران التي اندلعت في غابات الأمازون المطيرة لأكثر من ثلاثة أسابيع. وعندما أُعلن هذا الخبر في وسائل الإعلام، طرح الناس جميعًا السؤال نفسه: لِماذا لم تُعلن أنباء اندلاع الحرائق في هذه المنطقة على الفور، كما حدث في بقاع أخرى من العالم؟ على سبيل المثال، نُقِل حريق كنيسة نوتردام على الهواء مباشرةً بعد اندلاعه بدقائق معدودات، وجمُعت ملايين الدولارات لإصلاح الأضرار التي لحقت بها.
من الواضح أن هذا حدث جلل. لكن، لماذا مرت فترة طويلة قبل أن تصدر تقارير رسمية حول غابات الأمازون المطيرة؟ لماذا لم نسمع بها إلا بعد أن ظلت النيران مستعرة لأكثر من ثلاثة أسابيع؟
اقترح البعض فكرة أن هذه النيران اندلعت بفعل فاعل. وهذه ليست بالنظرية الجنونية التي تَوَافَق عليها البعض، حيث تقدم مسؤولون وصرّحوا بأن هذا السيناريو محتمل.
خلال هذه الأشهر، أمكن الربط ما بين هذه الحرائق والأشخاص الساعين إلى إخلاء الأراضي. على سبيل المثال، أوردت بعض التقارير أن مزارعين أشعلوا العديد من الحرائق على مدار السنين، وزعموا أنها اندلعت بمحض المصادفة.
لكن، رأى البعض أن هذا ليس صحيحًا، والسبب وراء عدم الإبلاغ عن تلك الحرائق أنها اندلعت بفعل فاعل. والعلّة وراء ذلك إمكان إخلاء مساحات أكبر من الأرض لاستخدامها كمراعٍ للماشية.

بفعل فاعل
وفقًا لوكالة ناسا لأبحاث الفضاء، تندلع الحرائق خلال مواسم جفاف غابات الأمازون المطيرة. 
غير أن عددًا من الدراسات كشف أن العديد من تلك الحرائق يندلع بفعل فاعل، سواء عمدًا أو بلا قصد. وصرح المسؤولون ذات مرة بأن الحرائق التي اندلعت بلغت رقمًا قياسيًّا في المنطقة، ومن الأرجح أن يزداد الموقف سوءًا.
من جهته، قال المعهد الوطني لأبحاث الفضاء إن بياناته تدلل على أن الحرائق زادت بنسبة 83 في المئة مقارنةً بعام 2018. ومن الممكن رؤية الحرائق بسهولة من خارج المنطقة. 
وقد عتَّمَ الدخان أجواء المدن القريبة، حيث أفاد كثيرون بأنه من الصعب جدًا حماية منطقة الأمازون. فهي تمتد لعشرات الملايين المربعة من الأميال.
إن هذه الغابات المطيرة بالغة الأهمية لكوكب الأرض. وذلك لأنها تؤدي دورًا كبيرًا جدًا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين.
وقد بات رواد وسائل التواصل الاجتماعي مستائين جدًّا حاليًا بسبب إيلاء وسائل الإعلام النيران التي اندلعت في كنيسة نوتردام اهتمامًا أكبر من حرائق غابات الأمازون. والمدهش أن نرى عموم الناس يتحدثون عن هذه الظاهرة ويستوعبون أهمية غابات الأمازون المطيرة.
لسنا المستفيدين الوحيدين من منطقة الأمازون، وإنما يستفيد منها أيضًا 16 ألف نوع من الأشجار، وعشرة ملايين نوع من الحيوانات التي تعتبر تلك المنطقة موطنًا لها.
ومن المعلوم للقاصي والداني أن غابات الأمازون المطيرة تؤدي دورًا كبيرًا في مقاومة ظاهرة التغير المناخي. وقال الرئيس البرازيلي إن الحرائق التي اندلعت في منطقة الأمازون أشعلتها منظمات المجتمع المدني التي هاجمته بسبب سياساته البيئية ووعده بتطوير منطقة الغابات المطيرة لأغراض الزراعة والتعدين عندما تقلّد مهام منصبه.
وقد أثارت تعليقاته ثورةً عارمة بين نقاده وخبراء البيئة الذين ساورهم القلق بسبب ظاهرة إزالة الأحراج. وقد تحدوا الرئيس البرازيلي بأن يأتي بدليل واحد على مزاعمه ضد منظمات المجتمع المدني، وصرحوا بأن تعليقاته ليس لها أساس من الصحة ولا تتسق والمنطق، لأنه من المعروف أن هذه المنظمات تكافح ظاهرة التغير المناخي.

لا يمكن استردادها 
شهد هذا العام اشتعال أكثر من 74 ألف حريق في عموم أنحاء البرازيل، وحوالي 40 ألفًا في عموم أنحاء غابات الأمازون، وذلك وفقًا للمعهد الوطني لأبحاث الفضاء في البرازيل، مما يمثّل أسرع معدل احتراق منذ بدء إمساك السجلات في 2013. والدخان السام المنبعث من الحرائق شديد، لدرجة أن الظلام يحلّ الآن قبل غروب الشمس بساعات في ساو باولو، العاصمة المالية للبرازيل، وأكبر مدينة في نصف الكرة الغربي.
وقد استحوذت الحرائق على انتباه الكوكب بشكل يكاد يكون منقطع النظير. فالأمازون هي أكبر غابات العالم وأكثرها تنوعًا، حيث تضم ملايين الأنواع الحية ومليارات الأشجار. وتختزن هذه الغابات كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون المسبب لاحترار الكوكب، وتنتج 6 في المئة من الأكسجين على وجه الأرض.
وهكذا، فحرائق الأمازون - التي تواصل اشتعالها منذ أسابيع وحظيت مع الأسف بتغطية أقل مما حظي به احتراق سقف كاتدرائية نوتردام - تبدو رمزًا قويًّا يدل على لامبالاة البشرية بالاضطراب البيئي، بما فيه تغير المناخ.
لكن تغيّر المناخ ليس السبب الرئيس لحرائق الغابات. فعلى عكس معظم حرائق كاليفورنيا، مثلًا، التي اشتعلت دون قصد ثم اشتدت بسبب تغيّر المناخ، نجد أن حرائق الأمازون ليست حرائق عفوية على الإطلاق. فلم تشتعل شرارة هذه الحرائق بفعل صاعقة أو شرارة من خط كهرباء، بل تم إشعالها عمدًا. ومع أن تأثيرها الأكبر يطال أراضي أزيلت أشجارها بالفعل لتربية الماشية والزراعة، إلا أنه من الممكن تمامًا أن تنتشر إلى الغابات الطبيعية القديمة.
وهكذا فالرقمان الأكثر ترويعًا لفهم هذه الحرائق، كالتالي: شهد هذا العام حرائق أكثر بنسبة 80 في المئة مما كانت عليه الحال في الصيف الماضي، وذلك وفق الحكومة البرازيلية.

طفرة في الحرائق
وتزامنت هذه الطفرة في الحرائق مع طفرة في إزالة الغابات بشكل عام، حيث تم فقدان أكثر من 1330 ميلاً مربعًا من غابات الأمازون المطيرة منذ شهر يناير، بزيادة بنسبة 39 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك وفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
فما الذي يضفي أهمية كبيرة على هذه الأرقام؟ لأن القيادة السياسية في البرازيل تغيّرت في العام الماضي، حيث شهد الأول من يناير تنصيب رئيس جديد للبلاد، وهو الزعيم الشعبوي اليميني المتطرف جايير بولسونارو، الذي تحسّر صراحة على ماضي بلاده الاستبدادي.
وكان قد وعد خلال حملته الانتخابية بإضعاف سبل الحماية البيئية للأمازون - التي أفلحت في الحد من إزالة الغابات على مدى العقدين الماضيين - وفتح الغابات المطيرة أمام التنمية الاقتصادية.
وهو الآن يفي بهذا الوعد. فوفقا للصحفي السابق في «بي بي سي»، المدير الحالي لمنظمة «وحدة استخبارات الطاقة والمناخ» غير الربحية، ريتشارد بلاك، فإن الولايات البرازيلية الثلاث التي شهدت أسوأ طفرات في الحرائق هذا العام يحكمها جميعها حلفاء بولسونارو. 
أما الولايات التي يحكمها خصوم بولسونارو السياسيون، فشهدت في الواقع انخفاضًا في عدد الحرائق. ووفقًا لادعاءات موقع أوبن ديموكراسي الإخباري العالمي، فإن هناك وثائق مسربة تثبت أن حكومة بولسونارو تعتزم المنع الاستراتيجي لمشاريع الحفظ في غابات الأمازون.

مشكلة سياسية / بيئية
لكن الاعتراف بأن الحرائق مشكلة سياسية بقدر ما هي مشكلة بيئية لا يسهّل حلها على أي نحو. فقد حقق بولسونارو - جزئيًا - نجاحه بتصوير نفسه كمعارض لبلدان الشمال الغنية.
وعندما سئل عن الحرائق، أشار ضمنًا إلى أن المنظمات البيئية غير الحكومية هي التي تقف وراءها. وبعد أن وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحرائق بأنها أزمة، مغردًا بقوله: «بيتنا يحترق»، ردّ بولسونارو متهمًا إياه بأنه «عقلية استعمارية في المكان الخطأ».
ويشير هذا الهجوم الساخر إلى صعوبة إيجاد علاج. فغابات الأمازون المطيرة، نوعًا ما، ملك للبرازيليين وللسكان الأصليين الذين يعيشون هناك. لكنها مخزن للكربون، لا غنى عنها لبقاء البشر أجمعين. ولو دُمّرت غابات الأمازون أو تدهورت، فإنه كنظام يتجاوز ببساطة قدرة البشرية على استعادتها: فحتى لو أعاد الناس غرس ما مقداره نصف قارة من الأشجار، فإن تنوع المخلوقات في عموم غابات الأمازون لو فُقد فلن يتجدد لمدة نحو 10 ملايين سنة. وهذه فترة أطول 33 مرة من فترة وجود الإنسان العاقل، كنوع.

أخطر من أسلحة الدمار الشامل
عندما فاز بولسونارو بالانتخابات الرئاسية في البرازيل العام الماضي، بعد خوضه الانتخابات مستندًا إلى برنامج انتخابي يؤيد إزالة الغابات، أثار الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد والاس - ويلز السؤال التالي: «ما مقدار الضرر الذي يمكن أن يُلحقه شخص واحد بكوكب الأرض؟»، صحيح أن بولسونارو لم يصبّ بنزينًا لإشعال النيران التي تجتاح غابات الأمازون الآن، لكنّه ربما فعل ذلك بسياساته وخطابه.
فالدمار الذي شجع عليه - وسمح له بأن يستعر ويتواصل في ظل أيام من العناد وعدم الرغبة في إخماد النيران - وضع الكوكب في لحظة مفصلية في تاريخه الإيكولوجي. ومما يؤسف له أن الكوكب ليست لديه أدنى فكرة عن كيفية الاستجابة لذلك.
تكمن المشكلة جزئيًا في أن أجزاء كثيرة من العالم يحكمها الآن زعماء يشتركون مع بولسونارو في رؤاه. وحتى قبل أن يقف بولسونارو مكتوف الأيدي أمام عملية حرق مستودع أكسجين العالم، كان يقود نظامًا مشبوهًا. فطريقه إلى السلطة بدأ بالإجراءات الفاسدة لعزل ديلما روسيف، ثم إلقاء القبض على منافسه الانتخابي صاحب الصدارة في استطلاعات الرأي.
تكمن المشكلة، في جزء منها، وفق الكاتب والمؤلف الأمريكي فرانكلين فوير، في حالة المؤسسات الدولية المؤسفة، التي لم تصل إلى هذا المستوى الشديد من الفوضى منذ الحرب العالمية الثانية. 

رجل انتقامي
في مواجهة النقاد العالميين الذين راحوا يتوسلون إلى بولسونارو لوقف تدمير الأمازون، أخذ يصرخ منددًا بالتهديدات التي تطال سيادة البرازيل. ولكي تهدأ هذه الشكوى، سيحتاج الرجل إلى شرعية ديمقراطية، وهذا الرجل الانتقامي لا يملك شيئًا منها؛ ومع ذلك فهؤلاء النقاد لا يفعلون شيئًا أكثر من التعبير عن غضب عديم الأهمية.
لو حصلت دولة ما على أسلحة كيميائية أو بيولوجية، فإن العالم بأسره يميل إلى الرد بغضب جمّ، أو على الأقل هكذا كان يفعل في الماضي غير البعيد.
فكانت العقوبات تنهمر على الدول التي تنشر هذه الأسلحة، وكانت هذه الدول تُنبذ بعد ذلك من المجتمع العالمي. وفي حالات نادرة (وكانت في بعض الأحيان مضلَّلة بشكل كارثي)، قرر العالم أن هذا التهديد يُعدّ مبررًا للرد العسكري.
ويمكن القول إن تدمير غابات الأمازون أخطر بكثير من أسلحة الدمار الشامل التي أثارت ردّ فعل قويًا. فعواقب هذه الكارثة التي تتكشّف فصولها أمامنا - والتي ستقضي على أنواع حية وتعجّل بأسوأ أزمة مناخية متوقعة - تمتد إلى الأبد.
إن خسارة خُمس غابات الأمازون بسبب إزالة الغابات ستفضي إلى عملية تُعرف باسم «سقم الأنواع في الغابات»، مطلقةً «قنبلة يوم القيامة من الكربون المخزن» وفق تسمية مطبوعة «ذي إنترسبت».
من الشائع وصف غابات الأمازون بأنها «رئتا العالم»، وينطوي هذا التعبير المجازي على فهم مفاده أن الأفكار المورثة حول سيادة الدول لم تعد قائمة في مواجهة تغيّر المناخ. فلو كانت سحب الدخان لا تنجرف إلا بقدر ما تصل إلى سماء ساو باولو، فربما يكون بإمكان الدول الأخرى أن تتغاضى عن هذه المشكلة بوصفها تخصّ أحدًا غيرها. لكن لا ينبغي لشخص واحد أن يملك السلطة لوضع سياسات تقوض الجهود التي تبذلها البشرية بأسرها لتخفيف وطأة درجات الحرارة الآخذة في الارتفاع.

دوافع سيئة
ما يجعـل سلوك بـولسونــارو مزعجًا، وفقًا لـ فرانكلـيــن فوير هو عدم جدواه. بالطبع يملك الرجل علاقات مع مؤسسات الأعمال التجارية الزراعية، التي ترغب في القضاء على الغابات لرعي مواشيها وزراعة محاصيلها. 
وقد استند في حملته الانتخابية على وعد بإقامة سدود على النهر وتطوير المنطقة لتصبح المحرك الاقتصادي للبلد. لكن هناك دوافع سيئة حتى من ذلك تحرّك سياسة إزالة الغابات التي يتبناها بولسونارو؛ فالرجل لديه سجل مؤكد من العنصرية، وسبق أن شبّه السكان الأصليين الذين يعيشون على الأراضي المحمية بالحيوانات التي تعيش في حديقة الحيوان.
الوضع ليس ميئوسًا منه، فبإمكان العالم أن يتعامل مع بولسونارو للتخلي عن سياسة إزالة الغابات التي يتبناها، ولحثّه على مكافحة الحريق بقوة، يجب أن يهدد زعماء العالم بإلغاء الاتفاقيات التجارية وحظر استيراد الأخشاب ولحوم الأبقار من الشركات التي تعمل في الأمازون.

ماكرون وبولسونارو
حتى الآن، نجد أن الرئيس الفرنسي ماكرون هو الزعيم العالمي الوحيد الذي يبدو أنه مفزوع كما يجب بفعل صور الدمار التي التقطتها الأقمار الاصطناعية. وعندما اقترح إلغاء اتفاقيات التجارة مع البرازيل، دفع بولسونارو إلى التحرك أخيرًا وحشد قواته المسلحة للعمل على إخماد النيران.
لو كان هناك مجتمع عالمي فاعل، لرأيناه يكافح بقوة أكبر لإيجاد طريقة لإنقاذ الأمازون، والاعتراف بأن المعركة ضد تغيّر المناخ لا تتطلب تعاونًا دوليًّا جديدًا فحسب، بل ربما إضعاف المفاهيم التقليدية للدولة الوطنية. 
يجب على الاتحاد الأوربي أو ائتلاف من الدول، على الأقل، أن يفكر في إرسال طائرات أو إطفائيين لإخماد النيران، حتى لو رفض بولسونارو وجودهم.
نعترف بأن هذا قد لا يكون عمليًّا أو قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة، لكن الحجة الداعية إلى اجتياح منطقة الأمازون أقوى بكثير من المبررات التي سيقت لشنّ معظم الحروب. وفي هذه الأثناء، يختنق الكوكب بفعل مفاهيم السيادة القديمة >