«كابتن ماجد»

«كابتن ماجد»

أتذكر في مرحلة الطفولة وأوائل المراهقة، ونحن نبحث عن مَثلٍ أعلى أو قدوة ننسج على منوالها أحلامَنا المستقبلية، لم تكن الخياراتُ متشعّبةً كثيرًا، ولم تكن الشاشاتُ تنثرُ فضاءها الملون في خيالنا؛ فكنا نتجّه إلى الشاشة الوحيدة المتاحة نستقي منها المَثل والقدوة بدرجة من الصفاء ربما لم تعد متاحة اليوم.
«كابتن ماجد» - على سبيل المثال - كان يتشاركُ في تشكيل حلم الشباب في تصوّر مستقبل يمتلئ بالتحدي والإنجاز والبطولة والطموح، وكانت أغنية الشارة تشعل قنديلَ الحلم المرفرف على أجنحة الخيال، وكانت «ساندي بل» و«الليدي أوسكار» تتداخل وأحلام الصغيرات.
كانت أحلامنا صغيرة بحجم الفضاء المتاح أمام العين والأفق المشرع، لكنّها أحلام محددة وبآفاق ممكنة، اليوم تعددتْ الشاشات بما تبثّه من أطياف ملونة، بهرت عيونَ الأطفال والمراهقين، وتلوّنت أحلامَهم وتعددت القدوةُ التي ينسجون على منوالها تصورهم للمستقبل، لكنّ الفضاء المفتوح فيه كثير مما نعرف والأكثر مما نجهل؛ ثمة من يجمّل القبيح ويبيح المحرَّم ويحرِّم المحلل، وثمة حملات تجارية للمخدرات والشذوذ، وكلّ ما يمكن أن يخطر على البال، الآن لا توجد بوتقة أو نسق واحد وحيد يحكم توجهاتِ أبنائنا وأحلامهم، باتت النظرة المستقبلية للجيل الآتي مرصّعة بأحلام النجومية السريعة والصعود بأية وسيلة، والشهرة والمال الوفير والمظهر والمتعة، وثمة ميل للتحلل من روابط العائلة وقيود الأخلاق والقيم المجتمعية، وباتت الرؤى مفككة من خيوط المعقول والمقبول والمتاح، وأحيانًا تصطدم بالواقع، فتجنح للكآبة والتمرّد والضياع.
القدوة في مرحلة الطفولة والمراهقة أمرٌ أساسي ومطلب رئيس، لكنّها - برأيي - مشتتة وغائمة لدى الجيل المعاصر، فهل يمكن للسياسات التربوية ولوسائل الإعلام أن تحاولَ لمس القلوب والعقول التي سرقتها أضواء الشاشات الغريبة؟! >