ذكريات جمال عبدالناصر في مئويته
نحتفلُ هذه الأيام بمرور مائة عامٍ على ولادة الزعيم جمال عبدالناصر، ولجمال عبدالناصر مكانة استثنائية خاصة في نفسي، وذلك منذ أن استمعتُ إلى صوته مشروخًا في ساحة الأزهر يُطمِئن المواطنين، ويدفعهم إلى الصمود في وجه العدوان الثلاثي على مصر قائلا لهم: «إن أولادي لا يزالون في القاهرة»، وكان المقصود بالعبارة أن الرجل لم يُخرج أُسرته من القاهرة لكي يجنِّبهم مخاطر العدوان، وإنما أبقاهم معه؛ لكي يواجهوا مثله - بل مثل كل فرد من أبناء الشعب المصري - العدوان الثلاثي على مصر، وكانت هذه الكلمات تعني أن زعيمًا كبيرًا - نعده حبيب الملايين - يحترم إرادتنا في المقاومة، ويتَّحِد معها، ويبقى مع الشعب كله وليس منفصلا عنه؛ لكي يحارب معه، ويواجه به وفيه العدوان الثلاثي الغادر والغاشم على مصر.
كانت الإذاعة المصرية تثير حماسنا في هذه الأيام المجيدة بأغانٍ لا تزال أصداؤها ترنُّ في أذني عندما أتذكرُ هذه الأيام التي كان عمري فيها لا يجاوز الثانية عشرة، ولكن هذه الأغاني الحَماسية كانت تحفر لنفسها مكانًا باقيًا في الذاكرة، وتؤسِّس لوجدان الوطن بالدرجة الأولى، وذلك بالقَدْر الذي كانت ردود الفعل العربية لهذا العدوان تؤسس في وجداني، مشاعر قومية موازية، وهكذا أستطيعُ أن أقول: إن صوت عبدالناصر في معركة 56، بالإضافة إلى خطاباته التي بدأت من خطاب تأميم قناة السويس (في 26/7/1956)، كانت هي المؤسِّس الحقيقي والأول لمكونات الوعي الوطني والقومي داخلي، وعندما انتهت الحرب بانتصار الإرادة المصرية الوطنية والإرادة العربية القومية، شعرتُ بالفخر لكوني مصريًّا أولًا، ولكوني عربيَّا ثانيًا، وكانت الصفة الأولى هي المؤسِّسة لمعاني الوطن والمواطنة في وجداني، وذلك بالقدر الذي كانت الصفة الثانية مؤسِّسة لمعنى الانتماء القومي في وَعْيِي، ومنذ تلك اللحظة أدركتُ أنني مصري وعربي في الوقت نفسه، وكان إدراكي هذا بسبب المعارك التي خاضها وطني الأصغر ووطني الأكبر في مواجهة قوَى الشر العالمية التي يمثلها الاستعمار، الذي كان ولايزال جاثمًا على الأرض العربية حولنا، وكان الشعار الذي أطلقه عبدالناصر يرنُّ في أسماعنا: «ارفعْ رأسكَ يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد»، وبالفعل كان عهد الاستعباد قد مضى، ولم يَعُد في وطننا محل يَقبلُ الاستعمار، أو أعوان الاستعمار، كما كان يكرر عبدالناصر كثيرًا في خُطبِه التي كان يتواصل فيها معنا عبر محنة حرب السويس.
مستقبل حالم
ولا شك في أن هذه المحنة كانت وسيلة التعرف الأولى على عبدالناصر، كما كانت دَيْني الأول له في المدى الرحب للوعي الوطني والقومي، ومرت السنوات القليلة بعد ذلك سريعًا، فوجدتُ نفسي طالبًا في جامعة القاهرة في شهر سبتمبر 1961، قاطعًا طريق الجامعة الذي يبدأ من ميدان الجيزة، وينتهي عند أبواب جامعة القاهرة، التي دَلَفتُ منها إلى هذا العالم الرحيب الذي سمعتُ أنه (الحَرم الجامعي)، ودخلتُ إلى هذا الحَرم الجامعي للمرة الأولى وَجِلًا، خائفًا، حالمًا بمستقبلٍ أفضل في الوقت نفسه، ولِمَ لا أحلم بذلك كله وقد مضى على هزيمة الاستعمار في حرب السويس عدة سنوات فحسب، ومصر كلها تتطلع إلى الأمام وإلى المستقبل مع بداية الستينيات في حبور وتفاؤل، وتتطلع إلى المستقبل الذي سوف يحقق وعود الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة العربية على السواء؟!
ولم تمضِ أيام قليلة في الجامعة إلا وفوجِئتُ بمظاهرة صغيرة تنطلق في قلب الحَرم الجامعي، ويهتف أفرادها بشعارات قومية، جديدة كل الجد على أُذني، وعلى عيني التي لم ترَ تظاهرة قبلها، فقد كنتُ آتيًا من بَلدة لم أرَ فيها مظاهرة واحدة قَبل عامي الجامعي الأول، ومضيتُ مع هذه التظاهرة في اتجاه البوابة الرئيسية لقاعة الاحتفالات الكبرى في جامعة القاهرة، وارتقيتُ درجات السلالم المؤدية إلى هذه القاعة؛ كي أظل قريباً من الخُطباء الذين تناوبوا على الكلام واحدًا تلو الآخر، وظللتُ أسمع لهؤلاء الخطباء، يتحدثون عن الأماني القومية للأقطار العربية الشقيقة في أكثر من موطنٍ عربي، وذلك بالقَدْر الذي كنتُ أسمع فيه عن اسم فلسطين، وتَكْرَار أماني العودة من أبنائها إليها، وفجأة رأيت نوعًا من الاضطراب في صفوف الطلاب الذين يحيطون بي، وما كدتُ أحاول أن أعرف حقيقة الأمر، إلا وقد وجدتُني وجهًا لوجهٍ أمام الزعيم العظيم الذي كنت أحلمُ برؤيته، بل الذي ما جِئتُ إلى جامعة القاهرة إلا لكي أراه، ويبدو أنهم أخبروا الرئيس أن تظاهرةً قوميةً تتشكل في جامعة القاهرة، فما كان منه إلا أن جاء لكي يلحق بها، ويُلقِي في أفرادها كلمة؛ كي تكون شهادة للتاريخ، ورغم أن المُحيطين به قد أبعدوني قليلًا عن الموقع الذي كنتُ أقفُ فيه، إلا أنني لم أغادر درجة السُّلم التي كنتُ واقفًا عليها وأرى عبرها قامة الزعيم الشامخة، وهو يقف مُنتصبًا وسط الحشود التي سرعان ما تجمَّعت؛ لكي تراه وتسمع إليه، ولا أعرفُ من أين أتوا إليه بميكروفون من تلك الميكروفونات التي تستخدمها الشرطة في تنظيم المرور، وأمسك الميكروفون بأصابع يده، وظل يخطب فينا، وينتقل الحماس منه إلينا، فنهتف من أعماق قلوبنا، وننصت كل الإنصات، وهو يحدثنا عن المؤامرة الاستعمارية التي تواجهها الأقطار العربية، وعن ضرورة التخلص من الاستعمار وأعوانه؛ لأن هذا هو الشرط الأول لتحقيق كرامتنا في أوطاننا، وللوصول إلى أقصى ما تريد أمانينا أن تحققه، فمطلب الحرية كمطلب العدل والوحدة العربية شعارات مضيئة لابد أن تنير طريقنا في السعي إلى النضال من أجل تحقيق أماني الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية، وعندما انتهى عبدالناصر من خِطابه القصير، انسحب من مكانه، عائدًا إلى مقر الرئاسة، تاركًا المجموعة الصغيرة التي تحوَّلت إلى حشود غفيرة امتلأت بها ساحات الحَرم الجامعي بالآلاف المؤلفة من المواطنين والطلاب والطالبات على السواء.
اللقاء الأول
وكان هذا هو اللقاء الأول بعبدالناصر الذي أصبحتُ أعشق حُضوره، وأرى في وجوده على رأس وطني رمزًا للخلاص، وأملا في مستقبل أفضل لوطن سعيدٍ؛ ولذلك اندفعتُ في دروسي مُطمئنًا وواثقًا، أعبرُ السنوات الدراسية بثقةٍ وتفاؤلٍ وأملٍ، وقد زاد من ذلك كله أنه ما كاد الفصل الدراسي الأول ينصرم، ويعلم الله المصاعب التي عانتها عائلتي الفقيرة - كي تجمع لي مصروفات هذا الفصل التي كانت مُرهقة كل الإرهاق لها- التي سرعان ما أسعدها خطاب من خطابات عبدالناصر المُتلاحقة، يُعلن مجانية التعليم الجامعي، فيكمل مشروع طه حسين وحُلمه بأن يكون التعليم في مصر كالماء والهواء حق لكل مواطن، ولكن حلم طه حسين توقف عند مرحلة الثانوية العامة إلى أن جاء عبدالناصر، فوصل به إلى المرحلة الجامعية، وأصبح التعليم كله مجانيًّا وحقًّا من حقوق المواطنة لكل المصريين على اختلاف فئاتهم وأنواعهم ودياناتهم، وكان من الطبيعي بعد هذا القرار أن أزداد شعورًا بالتفاؤل في المستقبل، وإقبالا على الحياة الجامعية بخُطى واثقةٍ من كل وعودِ السنوات الجامعيةِ التي قضيتُها في كليةِ الآدابِ بجامعة القاهرة إلى أن تخرجتُ فيها بتفوقٍ، وكنتُ الأول على زملائي في الكلية، وفي الأقسام المُماثلة لقسمي في الكليات المُناظِرة.
صراع المصالح
وكان من المفروض بعد التخرج أن يتم تعييني معيدًا بكلية الآداب، ولكنني - مع الأسف اصطدمتُ بصراعِ المصالح بين أساتذتي، وتعصب كل واحدٍ من كِبارهم إلى تلميذٍ بِعَيْنه من الدُّفعات التي تخرَّجت قَبْلي، وكانت النتيجة أنهم حرموني من الاشتراك في عيد العلم؛ حيث أتشرفُ بمصافحةِ الرئيس، وتهنِئته بالتخرج، والعمل مُعيدًا في الجامعة، وكان عليَّ أن أبحث عن وظيفةٍ؛ حتى أخفف من عِبء نفقاتي التي تتحملها أُسرتي المُتواضِعة، وانتهى الأمر بي إلى أن أعمل مدرسًا في قريةٍ صغيرةٍ من قُرى محافظة الفيوم، ومرت الأيام، وأنا أعمل مدرساً في هذه القرية، شاعرًا بالغَبْن والظلم والاضطهاد، إلى أن جاء يوم استمعتُ فيه بالمصادفة إلى خطاب من خطابات الزعيم، كان يتحدث فيه عن العدالة الاجتماعية، وأهمية أن ينال كل مواطنٍ حقَّه في مجتمعنا المصري، فلم أتمالك نفسي من الشعور بالحزنِ والغضبِ معًا، فمزَّقتُ إحدى صفحات كراسة التحضير التي كنت أقوم فيها بتحضير دروسي في اللغة العربية للطلاب، وقررتُ أن أكتب للرئيس خطابًا من القلب، مملوءًا بالغضب والحزن على ما آلَ إليه وضعِي، وعدم تحقق العدل الذي انتهى بي إلى أن أعمل مدرسًا في قرية نائية بدلًا من أن أكون معيدًا في الجامعة، وطويتُ الخطاب، ووضعته في ظرف، وطلبتُ من صاحب دُكّانِ البقالةِ الذي كان يواجه النافذة التي أطلُّ منها على الطريق، حيث كنت أسكن الدور الأرضي أن يرسلَ الخطاب الذي كتبتُ على مظروفه عنوان رئاسة الجمهورية، واسم الرئيس جمال عبدالناصر.
انطلاق وتفاؤل
ومرت الأيام وأنا أتحمل قسوة الوظيفة ومتطلباتها السخيفة إلى أن عُدتُ في عُطلةٍ إلى القاهرة، ففوجئتُ بأن هناك رسولًا من الجامعةِ جاء إلى المسكنِ الذي أقطُنه مع عددٍ من الطلاب، مؤكِّدًا أهمية حضوري لمقابلة رئيسة القسم المرحومة سَهير القلماوي، أُستاذتي الجليلة التي هنَّأتنِي عندما ذهبتُ إليها بأن مشكلتي قد حُلَّت، وأن المطلوب مني أن أقابل السيد رئيس الجامعة؛ لكي تكتمل الإجراءات، فانطلقتُ من فوري بعد لقائها إلى مكتب رئيس الجامعة، الذي تلقّاني بالتِّرحاب والتهنئة، بعد أن كنتُ قد فشلت في مقابلته عبر الأشهُر الماضية، وعاتبني على أني لم أُخبره بالمشكلة الخاصة بي منذ البداية، مع أني لم أتوقف عن الترددِ إلى مكتبهِ مراتٍ عديدة منذ التخرج، وكانت محاولاتي تنتهي بالفشل، وكنت مُستغرِبًا التغيير الذي حدث في شخصية رئيس الجامعة، ولكني سرعان ما عرفتُ السر، عندما ذهبتُ إلى لقاء أمين الجامعة؛ لكي أقوم بالتوقيع على إقرارٍ بتسلُم العمل معيدًا في كلية الآداب، فقد أخبرني أمين الجامعة بأن الشكوى التي قدمتُها إلى رئيس الجمهورية قد أحدثت كل هذا الأثر، خصوصًا بعد أن اطَّلع عليها ووضع عليها تأشيرته وتعليماته لوزير التعليم العالي، الذي أضاف - بدوره - تعليماته لرئيس جامعة القاهرة، والتي بمقتضاها أصبحتُ معيدًا بكلية الآداب بقسم اللغة العربية في السادس عشر من مارس سنة 1966، وكان هذا اليوم الذي لا أزال أحفظُ تاريخه، هو اليوم الذي انتهت فيه شكوكي في المستقبل، وغضبي من عبدالناصر، وشعوري بأني أعيش في وطنٍ تتحقق فيه فعلًا قِيم العدل والحرية والمساواة، وأنه لا فارق بين مواطنٍ وآخر، وبالفعل أصبحتُ معيدًا في كلية الآداب، مُنطلقًا ومتفائلًا بالمستقبل العلمي، الذي لم أدَّخِر وُسْعًا في تحقيقهِ على النحوِ المُتميزِ الذي كنتُ أرجوه لنفسي.
ومضت السنوات، وحصلتُ على درجتي الماجستير والدكتوراه، ولكن أثناء الإعداد لرسالة الماجستير، فوجئنا بالتاريخ الذي لن أنساه، وهو الخامس من يونيو 1967، فقد أُقحِمنا في معركة لم نكن مستعدين لها مع العدو الإسرائيلي، وحدثت الكارثة التي لم نتخلص بعد من آثارها السلبية، وهي هزيمة 1967، وهنا رأيتُ وجهًا آخر من عبدالناصر، وهو وجه متعدد الدلالات، أهمها شجاعة الاعتراف بالخطأ والإعلان عن تحمل مسؤوليته كاملة، وبالفعل توجَّه عبدالناصر في خطاب إلى الأمة العربية كلها، مُعلنًا الهزيمة، ومعترفًا أنه على استعداد لكي يتحمل مسؤوليتها كاملة، وكان على قَدْر قوله، فعندما أصرَّت الجماهير كلها من أقصى مصر إلى أدناها على أن يبقى رئيسًا يخرجنا من هُوَّة الهزيمة، قَبِل الرجل المسؤولية، وحقق في السنوات الثلاث الأخيرة من عُمرِه مُعجزتين؛ المعجزة الأولى هي إعادة بناء القوات المسلحة وتجهيزها لكي ترد على العدو، فتسترد الأرض المحتلة، ومعها الكرامة الجريحة على السواء، وبالفعل تغيرت نوعية المقاتل المصري في هذه السنوات الثلاث، خصوصًا بعد أن استبدل عبدالناصر بالجنود الأُمِّيين، الجنود المُتعلمين من خريجي الجامعات المصرية، وبعد أن توفر السلاح الذي يحمله الجنود المتعلمون مُدركين تقنياته وتعقيداته، وهكذا أصبح الجيش المصري مستعدًا بعد أشُهرٍ من الهزيمة لمواجهة العدو الإسرائيلي في ملحمة حرب الاستنزاف الرائعة، التي لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر سنة 1973، ولكن القَدر لم يُمهل عبدالناصر الحياة طويلًا، فرحل عن هذا العالم، ولكن بعد أن حقق المعجزة الثانية، وهي بناء السد العالي والانتهاء من كل أعماله وتوابعه.
تعددية سياسية
ولا أزال أذكرُ خُطبته الأخيرة في جامعة القاهرة سنة 1970، وهو يشرح بيان 30 مارس سنة 1968، وكان يتحدث حينها عن إمكان تحقيق نوع من أنواع التعددية السياسية التي تخرج بنا من مرحلة الصوت الواحد سياسيًّا إلى مرحلة التنوع السياسي والحزبي، ولكن جاءت أحداث أيلول الأسود التي دفعـــــتـــه دفعًا إلى عقد آخر مؤتمـــر يحضــــره للقمة العربية؛ وذلك لإيـــقاف طوفـــــان الدم الـــــعربي الذي أريـــــــــق في الأردن بين جنود الملك حسين والفدائيين المُنضمين لمنظمة فـــتح، وكانت النتيجة مأساة قومية لم يوقفها إلا دعوة عبدالناصر إلى اجتماع للقمة العربية، وبالفعل حدث الاجتماع الذي تمكن فيه عبدالناصر بمساعدة الملوك والزعماء العــــرب من إيـــــقاف نزيف الدم العربي المراق هَدْرًا، وقد بذل في هذا المؤتمر آخـــــر ما كان يملك مــــن قوة وطـــــاقة، وبعد أن ودَّع آخر زعيم عربي لم يستطع أن يكمل العمل، فعاد إلى المنزل, كــــي يستـــريح قليلًا، ولكن إرادة الله العليا كانت نافـــذة، فتــــركنا ورحل، تاركًا فينا كل ما يجعلنا نفخر به وبحضوره، ونسترجع أيامه لكي نسترجع معها الإنجازات العظيمة والأخطاء العظيمة على السواء، فنستمد منها زادًا يُعيننا على أن نُكمل المشوار الطموح الذي يصل بنا في النهاية إلى النجوم الوضّاءة بالحرية والوحدة القومية والعدل الاجتــــماعي، فهذه هي شعارات عبدالناصر التي لا تزال شعاراتنا إلى اليوم والغد، رحم الله عــــبدالناصر في مئــــويته الأولى ■