الدكتور محمد زكريا عناني: أنادي الأديب الذي تاه مني في مدرجات الجامعة عله يعود إلىّ ويصغي لنداءاتي

الدكتور محمد زكريا عناني: أنادي الأديب الذي تاه مني في مدرجات الجامعة عله يعود إلىّ ويصغي لنداءاتي

عزمت الرحيل هذه المرة إلى مدينة الإسكندرية وكلي أمل أن ألتقيه، بعدما فشلت في محاولات سابقة، وقد وقعت في حب هذا الرجل منذ سنوات طويلة؛ لعذوبة كتاباته وعمقها وصدقها، فأول ما قرأت له كتاب «الموشحات الأندلسية»، ثم كتاب «في الأدب الأندلسي»، وهذان الكتابان ينتميان إلى نوع «السهل الممتنع»، الذي يخاصم الغموض في طريق سيره، ثم عكفت على كتاباته الأخرى؛ فكل أثر منها إضافة جديدة إلى المكتبة العربية.   إنه الدكتور محمد زكريا عناني، أستاذ الأدب العربي في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، الذي وُلد في مدينة أبو قير بالإسكندرية يوم 6 سبتمبر 1936، لأسرة صعيدية تنتمي إلى مركز الوقف بمحافظة قنا. 

 

 

وقد‭ ‬تعدد‭ ‬نشاطه‭ ‬بين‭ ‬الإبداع‭ ‬والترجمة‭ ‬والنقد‭ ‬الأدبي‭ ‬والتحقيق‭ ‬وكتابة‭ ‬المقالة‭ ‬الأدبية،‭ ‬فهو‭ ‬رجل‭ ‬حنّكته‭ ‬التجارب‭ ‬والرحلات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬العلم،‭ ‬فقد‭ ‬زار‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬حتى‭ ‬أنك‭ ‬لتعجب‭ - ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ - ‬عندما‭ ‬تعرف‭ ‬أنه‭ ‬تنقل‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬بعثته‭ ‬بين‭ ‬ثلاث‭ ‬دول،‭ ‬أولاها‭ ‬بريطانيا‭ ‬حيث‭ ‬جامعة‭ ‬اكمبردجب،‭ ‬وثانيتها‭ ‬جامعة‭ ‬اميتشجانب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬ينتهي‭ ‬به‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬االسوربونب‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬اثنتين‭ ‬من‭ ‬الدكتوراه‭. ‬ثم‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس‭ ‬ويعاين‭ ‬على‭ ‬الطبيعة‭ ‬ما‭ ‬تركه‭ ‬المسلمون‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬معنوية‭ ‬ومادية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬االفردوس‭ ‬الموعودب،‭ ‬وقد‭ ‬سبقه‭ ‬آخرون‭ ‬منذ‭ ‬أسس‭ ‬المعهد‭ ‬المصري‭ ‬في‭ ‬مدريد‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

  ‬أخيراً،‭ ‬وجدته‭ ‬وأنا‭ ‬أتجول‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬بجامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬كالطود‭ ‬الشامخ‭ ‬يقلب‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الكتب‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬أقامته‭ ‬الكلية،‭ ‬وكنت‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬ألتقيه‭ ‬وجهاً‭ ‬لوجه،‭ ‬ولكن‭ ‬تلاقت‭ ‬القلوب‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬بسنوات‭ ‬وسنوات،‭ ‬فهش‭ ‬لي‭ ‬كثيراً،‭ ‬وسُر‭ ‬لما‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬إجراء‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭. 

نشأ‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬زكريا‭ ‬عناني‭ ‬وتعلم‭ ‬في‭ ‬عروس‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭... ‬مدينة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬الساحرة،‭ ‬والتحق‭ ‬بجامعتها‭ ‬ودرس‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬كوكبة‭ ‬من‭ ‬الأعلام،‭ ‬نذكر‭ ‬منهم‭: ‬أستاذه‭ ‬محمد‭ ‬خلف‭ ‬الله‭ ‬أحمد،‭ ‬طه‭ ‬الحاجري،‭ ‬محمد‭ ‬محمد‭ ‬حسين،‭ ‬سيد‭ ‬مصطفى‭ ‬غازي،‭ ‬نفوسة‭ ‬زكريا،‭ ‬وحمد‭ ‬مصطفى‭ ‬هدارة،‭ ‬وأخيراً‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬الليسانس‭ ‬بتقدير‭ ‬ممتاز‭ ‬مع‭ ‬مرتبة‭ ‬الشرف‭ ‬سنة‭ ‬1961،‭ ‬وعيّن‭ ‬معيداً،‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬بعثة‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬اكمبردجب،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬ميتشجان،‭ ‬ثم‭ ‬انتهى‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬االسوربونب‭ - ‬كما‭ ‬بيّنا‭ - ‬وحصل‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬دكتوراه‭ ‬التخصص‭ ‬بامتياز‭ ‬مع‭ ‬مرتبة‭ ‬الشرف‭ ‬سنة‭ ‬1967،‭ ‬وحصل‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬االسوربونب‭ ‬على‭ ‬دكتوراه‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الآداب‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بمرتبة‭ ‬الشرف‭ ‬الأولى‭ ‬سنة‭ ‬1973‭.‬

‭ ‬

باحث‭ ‬موسوعي

‭ ‬أثرى‭ ‬د‭. ‬محمد‭ ‬زكريا‭ ‬عناني‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬بعديد‭ ‬المؤلفات‭ ‬التي‭ ‬دلت‭ ‬على‭ ‬موسوعيته،‭ ‬فقد‭ ‬تنوع‭ ‬إنتاجه‭ ‬بين‭ ‬التأليف‭ ‬وتحقيق‭ ‬التراث،‭ ‬ومن‭ ‬مؤلفاته‭ ‬نذكر‭: ‬االموشحات‭ ‬الأندلسيةب،‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة،‭ ‬الكويت،‭ ‬1980،‭ ‬وامدخل‭ ‬لدراسات‭ ‬الموشحات‭ ‬والأجالب،‭ ‬دار‭ ‬المعارف،‭ ‬1981،‭ ‬واالنصوص‭ ‬الصقليةب،‭ ‬دار‭ ‬المعارف‭ ‬سنة‭ ‬1981،‭ ‬واقراءات‭ ‬نقدية‭ ‬في‭ ‬المكتبة‭ ‬العربيةب،‭ ‬دار‭ ‬المعرفة‭ ‬الجامعية،‭ ‬واديوان‭ ‬الموشحات‭ ‬الأندلسية‭: ‬جمع‭ ‬وتحقيق‭ ‬ودراسةب،‭ ‬دار‭ ‬المعرفة‭ ‬الجامعية،‭ ‬وافي‭ ‬الأدب‭ ‬الأندلسيب،‭ ‬دار‭ ‬المعرفة‭ ‬الجامعية،‭ ‬واالأدب‭ ‬المقارنب،‭ ‬دار‭ ‬النهضة‭ ‬العربية،‭ ‬بيروت،‭ ‬وامناهج‭ ‬البحثب،‭ ‬دار‭ ‬النهضة‭ ‬العربية،‭ ‬بيروت،‭ ‬وامدخل‭ ‬لدراسة‭ ‬الأدب‭ ‬المقارنب،‭ ‬دار‭ ‬الفتح،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬واديوان‭ ‬ابن‭ ‬الصباغ‭ ‬الأندلسي‭... ‬دراسة‭ ‬وتحقيقب،‭ ‬دار‭ ‬الأمين،‭ ‬القاهرة،‭ ‬واشعر‭ ‬ابن‭ ‬مجبر‭ ‬الأندلسي،‭ ‬دراسة‭ ‬وتحقيقب،‭ ‬دار‭ ‬الثقافة،‭ ‬بيروت،‭ ‬وادار‭ ‬الطراز‭ ‬لابن‭ ‬سناء‭ ‬الملك‭... ‬دراسة‭ ‬وتحقيقب،‭  ‬دار‭ ‬الثقافة،‭ ‬بيروت،‭ ‬واالعذارى‭ ‬المائسات‭ ‬في‭ ‬الأزجال‭ ‬والموشحات‭... ‬دراسة‭ ‬وتحقيقب،‭ ‬دار‭ ‬الثقافة،‭ ‬بيروت،‭ ‬واالعلاقات‭ ‬الثقافية‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغربب،‭ ‬دار‭ ‬الفتح،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬واأدباء‭ ‬من‭ ‬الإسكندريةب،‭ ‬الدار‭ ‬الأندلسية،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وانحن‭ ‬وآداب‭ ‬العالمب،‭ ‬دار‭ ‬الثقافة،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وافي‭ ‬الأدب‭ ‬الحديث‭ ‬والمقارنب،‭ ‬الدار‭ ‬المصرية،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وافي‭ ‬الشعر‭ ‬الأندلسي‭ ‬والوسيطب،‭ ‬الدار‭ ‬المصرية،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وامع‭ ‬الكتب‭ ‬والكتابب،‭ ‬الدار‭ ‬المصرية،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وادراسات‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬الحديثب،‭ ‬الدار‭ ‬المصرية،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وادراسات‭ ‬في‭ ‬النثر‭ ‬الحديثب،‭ ‬الدار‭ ‬المصرية،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬والسان‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الخطيب‭ ‬ماله‭ ‬من‭ ‬موشحات‭ ‬وأزجالب‭ ‬دار‭ ‬الثقافة،‭ ‬بيروت،‭ ‬واوهل‭ ‬درى‭... ‬ومعارضتها‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬العربيب،‭ ‬دار‭ ‬الثقافة،‭ ‬بيروت‭.‬

  ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬دار‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬تطرقنا‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬نشأته‭ ‬وكيف‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الأثر‭ ‬على‭ ‬حياته‭ ‬الأدبية‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬والدوافع‭ ‬التي‭ ‬جعلته‭ ‬يتجه‭ ‬لدراسة‭ ‬الأدب،‭ ‬وذكرياته‭ ‬مع‭ ‬أساتذته‭ ‬وظروف‭ ‬بعثته‭ ‬وحصوله‭ ‬على‭ ‬الدكتوراه‭ ‬ثم‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن،‭ ‬كما‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬رحلته‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس،‭ ‬وهي‭ ‬محطة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬أثمرت‭ ‬عديداً‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬المؤلفة‭ ‬والمحققة،‭ ‬كما‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬جهوده‭ ‬النقدية‭ ‬وإمكان‭ ‬وجود‭ ‬نظرية‭ ‬أدبية‭ ‬عربية‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬ثقافتنا‭ ‬وتراثنا،‭ ‬وموضوعات‭ ‬أخرى‭ ‬سوف‭ ‬نطالعها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭: 

 

نزعة‭ ‬أدبية‭ ‬مبكرة

‭● ‬بداية‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬النشأة‭ ‬وكيف‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أثرها‭ ‬على‭ ‬حياتك‭ ‬العلمية‭ ‬والأدبية‭ ‬فيما‭ ‬بعد؟

‭ - ‬هذا‭ ‬سؤال‭ ‬يعود‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬جداً،‭ ‬فالنشأة‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬حملت‭ ‬اسم‭ ‬اأبوقيرب،‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬ذات‭ ‬سحر‭ ‬خاص‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬عمقها‭ ‬التاريخي،‭ ‬ومن‭ ‬تكوينها‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬البناء‭ ‬والشوارع‭ ‬والأبراج‭ ‬السكنية‭ ‬هناك‭ ‬مدينة‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬لها‭ ‬سراديبها‭ ‬وآثارها‭ ‬المدفونة‭ ‬وذكرياتها‭ ‬المنسية،‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬كثيرون‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الاسم‭ ‬القديم‭ ‬لها‭ ‬كان‭ ‬اكانوبب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬فيها‭ ‬راهب‭ ‬يدعى‭ ‬االأب‭ ‬قيرب؛‭ ‬والذي‭ ‬سميت‭ ‬البلدة‭ ‬على‭ ‬اسمه‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

  ‬وسط‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬كان‭ ‬الصبي‭ ‬ينطلق‭ ‬عبر‭ ‬صحاريها‭ ‬وشواطئها‭ ‬وليس‭ ‬معه‭ ‬إلا‭ ‬كتاب‭ ‬يقرأه‭ ‬وأحياناً‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬السن‭ ‬المبكرة‭ (‬دون‭ ‬العاشرة‭) ‬حفظ‭ ‬كتباً‭ ‬بكاملها‭.‬

‭● ‬ماهي‭ ‬هذه‭ ‬الكتب؟

‭- ‬أقول‭ ‬لك‭: ‬لقد‭ ‬تنبه‭ ‬مدرس‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الابتدائية‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النزعة‭ ‬الأدبية،‭ ‬وإذ‭ ‬به‭ ‬يهدي‭ ‬إليّ‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬المدرسة‭ ‬ما‭ ‬رأى‭ ‬أنه‭ ‬يفيد‭ ‬وأن‭ ‬منه‭ ‬نسخاً‭ ‬مكررة،‭ ‬وأتذكر‭ ‬جيداً‭ ‬أول‭ ‬هدية‭ ‬منه‭ ‬كانت‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬االأيامب‭ ‬لطه‭ ‬حسين،‭ ‬ورواية‭ ‬ايوميات‭ ‬نائب‭ ‬في‭ ‬الأريافب‭ ‬لتوفيق‭ ‬الحكيم،‭ ‬ورواية‭ ‬انداء‭ ‬المجهولب‭ ‬لمحمود‭ ‬تيمور،‭ ‬يضاف‭ ‬إليها‭ ‬احكايات‭ ‬شكسبيرب،‭ ‬وهذا‭ ‬المدرس‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬الجمل؛‭ ‬المشرف‭ - ‬فيما‭ ‬بعد‭ - ‬على‭ ‬الملحق‭ ‬الثقافي‭ ‬لجريدة‭ ‬المساء،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬لجيل‭ ‬الستينيات،‭ ‬والذي‭ ‬ضم‭ ‬محمد‭ ‬جبريل،‭ ‬وجمال‭ ‬الغيطاني،‭ ‬ويوسف‭ ‬القعيد‭... ‬إلخ،‭ ‬وهو‭ (‬الجمل‭) ‬أول‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬لي‭ ‬كتابات‭ ‬يكتبها‭ ‬تلميذ‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مراحل‭ ‬عمره،‭ ‬ويسعده‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬اسمه‭ ‬مطبوعاً‭ ‬ويقرأه‭ ‬الناس،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬نقلة‭ ‬كبيرة‭ ‬لي‭.‬

ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬الابتدائية‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬الرمل‭ ‬الثانوية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬مديرها‭ ‬محمود‭ ‬بك‭ ‬شهاب‭ ‬والد‭ ‬الدكتور‭ ‬محمود‭ ‬شهاب،‭ ‬ثم‭ ‬التحقت‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭.‬

‭● ‬هل‭ ‬لفترة‭ ‬الشباب‭ ‬خصوصية‭ ‬عندك؟

‭- ‬أفضل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الإجابة‭ ‬بـ‭ ‬انعمب،‭ ‬وهي‭ ‬خصوصية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الصبا،‭ ‬ولازمتنا‭ ‬العمر‭ ‬كله،‭ ‬وقد‭ ‬خفيت‭ ‬عني‭ ‬عوامل‭ ‬نشأتها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كشفت‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬أسبابها‭ ‬أخيراً،‭ ‬فقد‭ ‬تحركت‭ ‬فيّ‭ ‬وأنا‭ ‬بعد‭ ‬صبي،‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬أنشئ‭ ‬اجماعةب،‭ ‬سميتها‭ ‬جماعة‭ ‬النهضة،‭ ‬وكانت‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬التربية‭ ‬الرياضية‭ ‬والترفيه‭ ‬والثقافة،‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬امجلةب‭ ‬تكتب‭ ‬على‭ ‬الآلة‭ ‬الكاتبة،‭ ‬وكذلك‭ ‬مكتبة‭ ‬صغيرة‭ ‬نتبادل‭ ‬كتبنا‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬وقدمنا‭ ‬مسرحيات‭ ‬ومسابقات‭ ‬شطرنج‭... ‬إلخ‭.‬

‭● ‬من‭ ‬أين‭ ‬جاءت‭ ‬الفكرة؟

‭- ‬المرجح‭ ‬عندي‭ ‬الآن‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬رؤيتي‭ ‬لشباب‭ ‬الجالية‭ ‬اليونانية،‭ ‬وكنا‭ ‬نسميهم‭ ‬االإجريجب،‭ ‬مما‭ ‬دفعني‭ ‬أن‭ ‬أتساءل‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬نحن‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة؟‭ ‬ولقيت‭ - ‬ولله‭ ‬الحمد‭ - ‬التأييد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬حولي،‭ ‬وظلت‭ ‬خطواتنا‭ ‬تتواصل‭ ‬لولا‭ ‬أن‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬شتتت‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬بيننا،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الوطن‭: ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ثم‭ ‬باريس،‭ ‬وكان‭ ‬ما‭ ‬كان‭.‬

  ‬لا‭ ‬أقصد‭ ‬أن‭ ‬الأنشطة‭ ‬انقطعت‭ ‬تماماً،‭ ‬بل‭ ‬أعني‭ ‬أنها‭ ‬اكتسبت‭ ‬نمطاً‭ ‬آخر،‭ ‬ففي‭ ‬الجامعة‭ ‬جاءت‭ ‬مرحلة‭ ‬أنشطة‭ ‬االأسرةب،‭ ‬وكنت‭ ‬أقوم‭ ‬بمهمتي‭ ‬فيها‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع،‭ ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬مرحلة‭ ‬االغربةب،‭ ‬وفيها‭ ‬رأست‭ ‬اتحاد‭ ‬الدارسين‭ ‬المصريين‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الحافلة‭ ‬بالأحداث‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬النكسة‭ ‬ورحيل‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أشرقت‭ ‬شمس‭ ‬انتصار‭ ‬1973،‭ ‬ثم‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬بجامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬ومن‭ ‬فيها،‭ ‬وفترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬االعودةب‭ ‬هذه‭ ‬فتحت‭ ‬لي‭ ‬المجال‭ ‬لأن‭ ‬أرأس‭ ‬اتحاد‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وكذلك‭ ‬المجلس‭ ‬الثقافي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬رئاسة‭ ‬الندوة‭ ‬الدولية‭ ‬لبينالي‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬ومجلس‭ ‬أمناء‭ ‬مهرجان‭ ‬الإسكندرية‭ ‬السينمائي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وأيضاً‭ ‬بالمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للثقافة،‭ ‬وقد‭ ‬شاركت‭ ‬أخيراً‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬الدراسات‭ ‬الأدبية‭ ‬واللغوية‭ ‬ولجنة‭ ‬التفرغ‭ ‬ولجنة‭ ‬الجوائز‭... ‬والبقية‭ ‬تأتي‭.‬

 

أساتذة‭ ‬عظام

‭● ‬ما‭ ‬الدوافع‭ ‬التي‭ ‬جعلتك‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬الأدب؟

  - ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الأهل‭ ‬كان‭ ‬يريدون‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أدخل‭ ‬كلية‭ ‬الحقوق‭ ‬لأصبح‭ ‬وكيلاً‭ ‬للنائب‭ ‬العام،‭ ‬ولكني،‭ ‬وعلى‭ ‬غير‭ ‬إرادتهم،‭ ‬ملأت‭ ‬استمارة‭ ‬الرغبات‭ ‬واضعاً‭ ‬فيها‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬ثم‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬ثم‭ ‬كلية‭ ‬الآداب،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬لي‭ ‬رغبة‭ ‬إلا‭ ‬الالتحاق‭ ‬بقسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أحضر‭ ‬مناقشات‭ ‬الرسائل‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المبكرة‭.‬

‭● ‬هل‭ ‬لأساتذة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬تكوينك‭ ‬العلمي؟

‭ - ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أبرزنا‭ ‬دور‭ ‬أستاذي‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬الجمل‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية؛‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬الملحق‭ ‬الثقافي‭ ‬لجريدة‭ ‬المساء،‭ ‬ولما‭ ‬التحقت‭ ‬بالجامعة‭ ‬كانت‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬في‭ ‬الإسكندرية‭ ‬تعج‭ ‬بكوكبة‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬العظام،‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭: ‬محمد‭ ‬خلف‭ ‬الله‭ ‬أحمد،‭ ‬الذي‭ ‬شكل‭ ‬لنا‭ ‬المادة‭ ‬االتراثيةب،‭ ‬وسيد‭ ‬مصطفى‭ ‬غازي،‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬لنا‭ ‬البوابة‭ ‬الأندلسية،‭ ‬وحسن‭ ‬ظاظا،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬أستاذاً‭ ‬وصديقاً‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬وامتداداً‭ ‬للجملة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬درّس‭ ‬لنا‭ - ‬جيل‭ ‬الستينيات‭ ‬ذ‭ ‬كان‭ ‬يجمع‭ ‬فعلاً‭ ‬بين‭ ‬كونهم‭ ‬أساتذة،‭ ‬وكونهم‭ ‬معنا‭ ‬نتردد‭ ‬على‭ ‬بيوتهم‭ ‬ويشاركوننا‭ ‬رحلاتنا‭ ‬ويستمعون‭ ‬إلى‭ ‬تساؤلاتنا،‭ ‬وأضيف‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬ذكرت‭ ‬قبلاً‭ ‬اسم‭ ‬محمد‭ ‬زكي‭ ‬العشماوي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بيته‭ ‬مفتوحاً‭ ‬لنا‭ ‬جميعاً،‭ ‬ومحمد‭ ‬مصطفى‭ ‬هدارة،‭ ‬وكان‭ ‬أستاذاً‭ ‬وأباً‭ ‬وإنساناً‭ ‬ودوداً‭ ‬معنا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬مهابته‭ ‬العالية‭.‬

‭● ‬عرف‭ ‬أنك‭ ‬نلت‭ - ‬في‭ ‬فترة‭ ‬واحدة‭ ‬–‭ ‬بعثتين‭ ‬علميتين‭ ‬لنيل‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وجامعة‭ ‬أسيوط،‭ ‬كما‭ ‬نلت‭ ‬منحة‭ ‬‮«‬الفولبرايت‮»‬‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر؟

‭ - ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬أن‭ ‬علاقتي‭ ‬بالأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬خلف‭ ‬أحمد‭ ‬كانت‭ ‬وثيقة،‭ ‬وكان‭ ‬يشجعني‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬العطاء،‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬توجيهاته‭ ‬ورعايته‭ ‬العمر‭ ‬كله،‭ ‬وهذا‭ ‬مكنني‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أتخرج‭ ‬بامتياز‭ ‬مع‭ ‬مرتبة‭ ‬الشرف‭ ‬لتفتح‭ ‬لي‭ ‬طريقاً‭ ‬إلى‭ ‬السفر‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً‭... ‬وهذا‭ ‬مكنني‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬بعثة‭ ‬لكي‭ ‬أنال‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬اكمبردجب،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬صلة‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬المستشرق‭ ‬الإنجليزي‭ ‬العظيم‭ ‬أرثر‭ ‬آربري،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬بعثة‭ ‬أخرى‭ ‬لكي‭ ‬أدرس‭ ‬اللغات‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬أيضاً،‭ ‬والغريب‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬بعثة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬نفقة‭ ‬مؤسسة‭ ‬افولبرايتب،‭ ‬سمحت‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أدرس‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬جامعات‭ ‬مختلفة،‭ ‬أهمها‭ ‬جامعة‭ ‬اميتشجانب،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬أكمل‭ ‬الدراسة‭ ‬فيها‭ ‬لولا‭ ‬أنني‭ ‬وجدت‭ ‬الفرصة‭ ‬لكي‭ ‬أكمل‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬اكمبردجب‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬غيرها،‭ ‬وإنما‭ ‬لكي‭ ‬أسافر‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬باريس‭ ‬لتكون‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬البعثة،‭ ‬ولكي‭ ‬أستغني‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬جامعات‭ ‬الدنيا‭.‬

‭● ‬لماذا‭ ‬باريس؟

‭- ‬بداية‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬محطاً‭ ‬لجيل‭ ‬الرواد‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬ذهب‭ ‬إليها‭ ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬ومحمد‭ ‬حسين‭ ‬هيكل،‭ ‬وزكي‭ ‬مبارك،‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬محمد‭ ‬غنيمي‭ ‬هلال،‭ ‬وأحمد‭ ‬ضيف،‭ ‬ومحمد‭ ‬صبري‭ ‬السربوني،‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬اسم‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭.‬

 

الولع‭ ‬بالأندلس

كان‭ ‬اسم‭ ‬االسوربونب‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬علامة‭ ‬للدرس‭ ‬المتعمق‭ ‬في‭ ‬الإنسانيات،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الحظ‭ ‬أن‭ ‬التقيت‭ ‬بـ‭ ‬ابلاشيرب،‭ ‬ومن‭ ‬حسن‭ ‬حظي‭ ‬أنه‭ ‬استقطبني‭ ‬لكي‭ ‬أكون‭ ‬قارئاً‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬فقده‭ ‬لبصره،‭ ‬وهذا‭ ‬مكنني‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أذهب‭ ‬إليه‭ ‬عشرات‭ ‬المرات،‭ ‬وأن‭ ‬أطلع‭ ‬على‭ ‬مكتبته‭ ‬العامرة،‭ ‬وكان‭ ‬هو‭ ‬مشرفي‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬دكتوراه‭ ‬حصلت‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬باريس،‭ ‬وهيأ‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬بالتدريس‭ ‬فيها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تابعت‭ ‬التدريس‭ ‬فيها،‭ ‬وهذه‭ ‬المرة‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬شارل‭ ‬بيلا،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬ولع‭ ‬بالأندلسيات،‭ ‬وكانت‭ ‬الدكتوراه‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬االسوربونب‭ ‬حول‭ ‬االموشحاتب،‭ ‬وتأثيرها‭ ‬ليفتح‭ ‬لي‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬عالماً‭ ‬رحباً‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الولع‭ ‬بالأندلس‭ ‬والتعلق‭ ‬بعلم‭ ‬الأدب‭ ‬المقارن،‭ ‬الذي‭ ‬يدرس‭ ‬العلاقات‭ ‬الثقافية‭ ‬واللغوية‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬المختلفة‭.‬

 

الطريق‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس

‭● ‬هل‭ ‬بدأ‭ ‬طريقك‭ ‬إلى‭ ‬الأندلس‭ ‬بسلوك‭ ‬طريق‭ ‬طارق‭ ‬بن‭ ‬زياد؟

‭- ‬يا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬سؤال‭! ‬بالفعل‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬جائزة‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬طارق‭ ‬بن‭ ‬زياد؛‭ ‬ونبهني‭ ‬إليها‭ ‬المرحوم‭ ‬محمد‭ ‬خلف‭ ‬الله‭ ‬أحمد،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬إليّ‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬يحمل‭ ‬بمظروف‭ ‬فيه‭ ‬قيمة‭ ‬الجائزة،‭ ‬ولا‭ ‬أتذكر‭ ‬المبلغ‭ ‬الآن،‭ ‬ولعلها‭ ‬كانت‭ ‬قيمة‭ ‬يسيرة،‭ ‬ولكنها‭ ‬أمدتني‭ ‬بالسعادة‭ ‬الغامرة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬منحت‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬كانت‭ ‬االمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬الفنون‭ ‬والآدابب،‭ ‬وكانت‭ ‬خاصة‭ ‬بالشباب،‭ ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬جاء‭ ‬التعلق‭ ‬بالأندلس،‭ ‬وفتح‭ ‬لي‭ ‬طاقة‭ ‬القدر‭ ‬ليبدأ‭ ‬أيضاً‭ ‬طريق‭ ‬الجوائز،‭ ‬والذي‭ ‬أشكر‭ ‬الله‭ ‬ليلاً‭ ‬ونهاراً‭ ‬على‭ ‬رعايته‭ ‬لي‭.‬

 

ثلاثة‭ ‬فروع

لقد‭ ‬جاء‭ ‬طريقي‭ ‬للأندلس‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬فروع‭: ‬الفرع‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬استأثر‭ ‬بالنصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬كان‭ ‬الموشحات،‭ ‬ولي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬قرابة‭ ‬عشرة‭ ‬كتب،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬كتاب‭ ‬االموشحات‭ ‬الأندلسيةب،‭ ‬وهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬الناس،‭ ‬فقد‭ ‬طبع‭ ‬طبعات‭ ‬عديدة،‭ ‬وبيع‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬ألف‭ ‬نسخة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬طبعات‭ ‬عالم‭ ‬المعرفة‭ ‬وهيئة‭ ‬الكتاب‭ ‬وجهات‭ ‬أخرى‭ ‬متعددة،‭ ‬أما‭ ‬آخر‭ ‬كتبي‭ ‬فيها‭ ‬فهو‭ ‬اموشحات‭ ‬لسان‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الخطيبب،‭ ‬ولسان‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الخطيب‭ ‬ظاهرة‭ ‬عجيبة‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬المتدفق،‭ ‬وهو‭ ‬صاحب‭ ‬أشهر‭ ‬موشحة‭ ‬اجادك‭ ‬الغيثب،‭ ‬وقد‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬موشحاته،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬أزجال‭ ‬مطوية‭ ‬له‭ ‬لم‭ ‬يشر‭ ‬إليها‭ ‬إلا‭ ‬صديقه‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭.‬

وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬موشحة‭ ‬اجادك‭ ‬الغيثب،‭ ‬فإنني‭ ‬خصصتها‭ ‬بكتاب‭ ‬يضم‭ ‬سبعين‭ ‬نصاً‭ ‬في‭ ‬معارضتها‭ ‬طبعت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬االموشحات‭ ‬السبعونب‭.‬

  ‬والفرع‭ ‬الثاني‭ ‬مع‭ ‬التراث‭ ‬الأندلسي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النصوص،‭ ‬ومنها‭ ‬تحقيق‭ ‬أهم‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬الموشحات‭ ‬وهو‭ ‬ادار‭ ‬الطراز‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الموشحاتب‭ ‬وقمت‭ ‬بعمل‭ ‬طبعة‭ ‬أخرى‭ ‬منه،‭ ‬كما‭ ‬حققت‭ ‬كتاباً‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الموشحات‭ ‬االعذارى‭ ‬المائسات‭ ‬في‭ ‬الأزجال‭ ‬والموشحاتب‭ ‬لمجهول،‭ ‬ونشرته‭ ‬دار‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬ومن‭ ‬الطريف‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعداد‭ ‬طبع‭ ‬اسمه‭ ‬على‭ ‬الغلاف‭ ‬كالآتي‭: ‬االعذارى‭ ‬البائسات‭ ‬في‭ ‬الأزجال‭ ‬والموشحاتب‭ ‬مما‭ ‬اضطرهم‭ ‬لتغيير‭ ‬الغلاف‭ ‬إلى‭ ‬عنوانه‭ ‬الصحيح،‭ ‬كما‭ ‬نشرت‭ ‬ديواناً‭ ‬لشاعر‭ ‬أندلسي‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬الموحدين‭ ‬لقب‭ ‬ببحتري‭ ‬الأندلس،‭ ‬وجمعت‭ ‬شعره‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬متفرقة،‭ ‬لأنني‭ ‬لم‭ ‬أعثر‭ ‬على‭ ‬مخطوطة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬وهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬تم‭ ‬السطو‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬في‭ ‬طبعة‭ ‬لم‭ ‬يضف‭ ‬إليها‭ ‬صاحبها‭ ‬حرفاً‭ ‬واحداً‭ ‬يستحق‭ ‬الذكر‭. 

أما‭ ‬الفرع‭ ‬الثالث،‭ ‬فيتمثل‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالوقوف‭ ‬أمام‭ ‬روائع‭ ‬التراث‭ ‬الأندلسي‭ ‬بكل‭ ‬عذوبتها‭ ‬وبهجتها‭ ‬وشجنها،‭ ‬مثل‭ ‬كتاب‭ ‬االأدب‭ ‬الأندلسيب،‭ ‬وكتاب‭ ‬امجموع‭ ‬الأغاني‭ ‬والألحان‭ ‬من‭ ‬كلام‭ ‬أهل‭ ‬الأندلسب،‭ ‬وأذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬أن‭ ‬أستاذي‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم‭ ‬محمد‭ ‬خلف‭ ‬الله‭ ‬أحمد‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬وقتها‭ ‬لكي‭ ‬يقول‭ ‬بلهجة‭ ‬ساخرة‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يعرف‭ ‬عنه‭ ‬شيئاً‭ ‬إلا‭ ‬أنا‭ ‬وأنت،‭ ‬أما‭ ‬بقية‭ ‬الناس‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬تخصص‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬الأندلسيات‭ ‬فلا‭ ‬يعرفون‭ ‬عنه‭ ‬شيئاً‭ ‬بالمرة‭.‬

 

العلاقة‭ ‬بالمستشرقين

‭● ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬الطويلة‭ ‬ارتبطت‭ ‬بعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المستشرقين،‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬علاقتك‭ ‬بهم؟‭  

‭- ‬منهم‭ ‬الطيب‭ ‬والخبيث،‭ ‬وقد‭ ‬صادفت‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬تعلم‭ ‬العربية‭ ‬للقيام‭ ‬بتدريسها‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬لمعرفة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فيها‭ ‬وله‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مآرب‭ ‬أخرى،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬أخلص‭ ‬للعلم‭ ‬وكان‭ ‬موضوعياً‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬وأضع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصنف‭ ‬الأخير‭ ‬كارل‭ ‬بروكلمان‭ ‬وكتابه‭ ‬اتاريخ‭ ‬الأدب‭ ‬العربيب،‭ ‬وهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يبلغ‭ ‬عند‭ ‬اكتمال‭ ‬ترجمته‭ ‬عشرين‭ ‬مجلداً،‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬للآن‭ ‬اثنا‭ ‬عشر‭ ‬مجلداً‭ ‬فقط،‭ ‬ومن‭ ‬المستشرقين‭ ‬المنصفين‭ ‬أيضاً‭ ‬ميجل‭ ‬أسين‭ ‬بلاسيوس،‭ ‬وبرغم‭ ‬كونه‭ ‬راهباً،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تحدث‭ ‬بتوسع‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬التأثيرات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬في‭ ‬الكوميديا‭ ‬الإلهية،‭ ‬والذي‭ ‬يكاد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬القداسة‭ ‬عند‭ ‬الأوربيين‭.‬

‭● ‬كيف‭ ‬بدأ‭ ‬مشوارك‭ ‬مع‭ ‬الكتابة،‭ ‬وكيف‭ ‬تتذكر‭ ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬صدر‭ ‬لك؟

‭- ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬صدر‭ ‬لي‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬حصولي‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬الابتدائية‭ ‬وكان‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬اطريق‭ ‬الحياةب؛‭ ‬وكان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬روائي‭ ‬يكتبه‭ ‬غلام‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬كل‭ ‬شوائب‭ ‬السن‭ ‬المبكرة،‭ ‬إنما‭ ‬بحسب‭ ‬صاحبه،‭ ‬وقد‭ ‬قرأ‭ ‬عدداً‭ ‬محدوداً‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭. ‬والرواية‭ ‬فيها‭ ‬أصداء‭ ‬رومانسية‭ ‬وفيها‭ ‬التأثر‭ ‬بالأعمال‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬متداولة،‭ ‬مثل‭ ‬رواية‭ ‬االبؤساءب‭ ‬لفكتور‭ ‬هوجو،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬راض‭ ‬كل‭ ‬الرضا،‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬بنت‭ ‬وقتها،‭ ‬وعندي‭ ‬نسخ‭ ‬قليلة‭ ‬منه،‭ ‬ولعلني‭ ‬أعيد‭ ‬إصداره‭ ‬على‭ ‬علاته،‭ ‬وسأرفق‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬دراسات‭ ‬كتبت‭ ‬عنه،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬دراسة‭ ‬موسعة‭ ‬للدكتور‭ ‬بهاء‭ ‬حسب‭ ‬الله،‭ ‬وأخرى‭ ‬للباحثة‭ ‬منى‭ ‬جمال،‭ ‬والبقية‭ ‬تأتي‭.‬

  ‬وثاني‭ ‬الكتب‭ ‬كان‭ ‬عملاً‭ ‬إبداعياً‭ ‬أيضاً‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬كوميدية‭ ‬مأساوية،‭ ‬وحمل‭ ‬عنوان‭ ‬انفوس‭ ‬حائرةب،‭ ‬ويعود‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬رجل‭ ‬فاضل‭ ‬كان‭ ‬يدير‭ ‬مكتبة‭ ‬ومطبعة‭ ‬تحمل‭ ‬عنوان‭ ‬االمصنع‭ ‬الصغيرب،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬مجموعة‭ ‬شعرية‭ ‬لينشرها‭ ‬على‭ ‬نفقتي،‭ ‬ولكن‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬ترك‭ ‬مسألة‭ ‬الدفع‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬لأعود‭ ‬إليه‭ ‬بعدها‭ ‬بأيام‭ ‬وقد‭ ‬طبع‭ ‬الكتاب،‭ ‬وزف‭ ‬إليّ‭ ‬بشرى‭ ‬أنه‭ ‬تحمل‭ ‬التكاليف‭ ‬كلها‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬مؤازرته‭ ‬للشباب‭ ‬الواعد‭ ‬في‭ ‬طموحاته‭ ‬للنشر‭ ‬والتأليف‭. ‬

وارتجف‭ ‬قلبي‭ ‬ساعتها‭ ‬والموقف‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأعوام،‭ ‬ولكني‭ ‬بعد‭ ‬تصفحي‭ ‬النسخة،‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسند‭ ‬مراجعة‭ ‬النص‭ ‬لأحد‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬وكان‭ ‬للكتاب‭ ‬مقدمة‭ ‬صنعها‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬شيوخي‭ ‬العظام؛‭ ‬هو‭ ‬المرحوم‭ ‬محمد‭ ‬مصطفى‭ ‬هدارة،‭ ‬الذي‭ ‬درّس‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬وهالني‭ ‬أن‭ ‬بالمقدمة‭ ‬أخطاء‭ ‬طباعة‭ ‬لا‭ ‬حد‭ ‬لها،‭ ‬ولم‭ ‬أعرف‭ ‬كيف‭ ‬أواجهه‭ ‬بها،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أخفي‭ ‬عليه‭ ‬الحقيقة‭ ‬بأجمعها‭ ‬ولم‭ ‬أطلعه‭ ‬على‭ ‬الكتاب‭.‬

‭● ‬حصاد‭ ‬الكتابات‭ ‬النقدية؟

‭- ‬هذا‭ ‬الحصاد‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬غالبيته‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬المقالات‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات،‭ ‬وعندي‭ ‬منها‭ ‬قرابة‭ ‬الخمسين‭ ‬مقالاً‭ ‬تتنوع‭ ‬في‭ ‬الموضوعات،‭ ‬ولكن‭ ‬أسجل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬أن‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬الحقيقية‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬االكاتبب،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬المرحوم‭ ‬صلاح‭ ‬عبدالصبور،‭ ‬وهو‭ (‬أجزاه‭ ‬الله‭ ‬عني‭ ‬خيراً‭) ‬شجعني‭ ‬بعد‭ ‬المقالة‭ ‬الأولى‭ ‬بنشرها‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬المجلة،‭ ‬ودعاني‭ ‬لكي‭ ‬أنشر‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أنشره،‭ ‬وهكذا‭ ‬بدأت‭ ‬برفاعة‭ ‬الطهطاوي،‭ ‬ونشرت‭ ‬عنه‭ ‬عشر‭ ‬دراسات‭ ‬متوالية‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬آثاره،‭ ‬كما‭ ‬نقبت‭ ‬عن‭ ‬الأصول‭ ‬الفرنسية‭ ‬لرواية‭ ‬ازينبب،‭ ‬وتوالت‭ ‬الكتابات‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عربي‭ ‬مثل‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬مبكرة‭ ‬نشرت‭ ‬بالفرنسية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬أصولها‭ ‬العربية‭ ‬ارواية‭ ‬الشيخ‭ ‬المهديب،‭ ‬ونشرتها‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬افصولب،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬شخصياتنا‭ ‬الأدبية،‭ ‬وهكذا‭ ‬مزجت‭ ‬بين‭ ‬الرؤية‭ ‬النقدية‭ ‬الفرنسية‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬متداولاً‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬نقاد‭ ‬ودارسين‭ ‬من‭ ‬أمثال‭: ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬والعقاد،‭ ‬والمازني،‭ ‬وأضرابهم،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬وسطاً‭ ‬لا‭ ‬أتقوقع‭ ‬على‭ ‬القديم‭ ‬ولا‭ ‬أهرول‭ ‬نحو‭ ‬الجديد‭. ‬وكأن‭ ‬هذا‭ ‬يستمد‭ ‬جانباً‭ ‬من‭ ‬حيثاته‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬النقدية،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬الحياتية،‭ ‬وهكذا‭ ‬تراني‭ ‬حتى‭ ‬فيما‭ ‬أكتب،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أخوض‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬اعبثيب،‭ ‬إنما‭ ‬أكتبه‭ ‬لأنه‭ ‬يُلح‭ ‬عليّ‭ ‬ولا‭ ‬أرى‭ ‬ضرورة‭ ‬لنشره‭.‬

‭● ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬استيراد‭ ‬المصطلحات‭ ‬النقدية‭ ‬وسوء‭ ‬التعامل‭ ‬معها؟

‭- ‬هنا‭ ‬أذكرك‭ ‬بما‭ ‬ختم‭ ‬به‭ ‬طه‭ ‬حسين‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬االأيامب؛‭ ‬الذي‭ ‬استشهد‭ ‬فيه‭ ‬ببيت‭ ‬لأبي‭ ‬نواس‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭:‬

 

وما‭ ‬أنا‭ ‬بالمشغوف‭ ‬ضربة‭ ‬لازب

ولا‭ ‬كل‭ ‬سلطان‭ ‬علي‭ ‬أمير‭! ‬

 

المصطلحات‭ ‬النقدية

  ‬وأقول‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬المصطلحات‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬سطوتها‭ ‬علينا‭ ‬الآن‭ ‬لها‭ ‬أصول‭ ‬متغلغلة‭ ‬عندنا‭ ‬حتى‭ ‬مصطلح‭ ‬اموت‭ ‬المؤلفب،‭ ‬إنما‭ ‬بعض‭ ‬المصطلحات‭ ‬يكتسب‭ ‬شرعيتها‭ ‬مثل‭ ‬مصطلح‭ ‬االتناصب،‭ ‬الذي‭ ‬يشرب‭ ‬من‭ ‬معين‭ ‬التضمين‭ ‬والاقتباس‭ (‬مصطلح‭ ‬جديد‭ ‬لظاهرة‭ ‬قديمة‭). ‬ومصطلح‭ ‬االمعادل‭ ‬الموضوعيب،‭ ‬الذي‭ ‬روج‭ ‬له‭ ‬لويس‭ ‬عوض‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬ت‭.‬س‭. ‬أليوت‭ ‬وتقبله‭ ‬الرؤية‭ ‬النقدية،‭ ‬لأن‭ ‬النص‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬صاحبه،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬ثناياه‭.‬

‭● ‬متى‭ ‬نرى‭ ‬نظرية‭ ‬نقدية‭ ‬عربية‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬ثقافتنا‭ ‬العربية؟

‭- ‬لا‭ ‬أقبل‭ ‬ولا‭ ‬أرفض،‭ ‬وإنما‭ ‬أذكر‭ ‬نفسي‭ ‬بأننا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬العولمة،‭ ‬والذي‭ ‬ينهش‭ ‬فيه‭ ‬الكبير‭ ‬الصغير،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬النظريات‭ ‬السائدة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬أصحاب‭ ‬السطوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وبالتالي‭ ‬الثقافية،‭ ‬وليس‭ ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬نسلم‭ ‬لهم‭ ‬بالسيادة،‭ ‬فلنحرص‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الوسطية،‭ ‬التي‭ ‬تفتش‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬تفتش‭ ‬عن‭ ‬جذورها‭ ‬العربية،‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬مستساغاً‭ ‬من‭ ‬رؤى‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬والمثال‭ ‬الذي‭ ‬يقفز‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬عايشته‭ ‬خلال‭ ‬دراستي‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬والذي‭ ‬مكن‭ ‬الثقافة‭ ‬الفرنسية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬حولها‭ ‬وتأخذ‭ ‬من‭ ‬غيرها،‭ ‬لكنها‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدأب‭ ‬لكي‭ ‬تجعل‭ ‬الرؤية‭ ‬الفرنسية‭ ‬هي‭ ‬الأقوى‭. ‬هكذا‭ ‬فعلت‭ ‬مع‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬المحدثة‭ ‬وفعلت‭ ‬مع‭ ‬الرومانسية‭ ‬وكذلك‭ ‬مع‭ ‬الرمزية،‭ ‬بل‭ ‬والمدارس‭ ‬التجريبية‭ ‬كلها،‭ ‬فكلها‭ ‬كانت‭ ‬وافدة‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬ولكنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬صهرها‭ ‬وترويضها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬تحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬فالكلاسيكية‭ ‬المحدثة‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬من‭ ‬إيطاليا،‭ ‬والرومانسية‭ ‬من‭ ‬منابع‭ ‬شتى‭ ‬ألمانية‭ ‬وإنجليزية‭ ‬وغيرهما،‭ ‬والرمزية‭ ‬جاءت‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬إدجار‭ ‬آلان‭ ‬بو‭ ‬وانتقلت‭ ‬إلى‭ ‬بودلير،‭ ‬لكنها‭ ‬أصبحت‭ ‬تحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الفرنسية‭.‬

 

محاولات‭ ‬مبكرة

‭● ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬محاولات‭ ‬بعض‭ ‬النقاد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال؟

‭- ‬المحاولات‭ ‬بدأت‭ ‬مبكراً،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬جهود‭ ‬مدرسة‭ ‬الديوان‭ ‬ثم‭ ‬أبوللو،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نلتفت‭ ‬إلى‭ ‬الأسماء‭ ‬التقليدية‭ ‬المستنيرة‭ ‬كطه‭ ‬حسين‭ ‬والعقاد‭ ‬والمحاولات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬أمثال‭: ‬عبدالحميد‭ ‬إبراهيم‭ ‬وعبدالعزيز‭ ‬حمودة‭. ‬

‭● ‬هل‭ ‬أنستك‭ ‬الناحية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬كتاباتك‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬وأنت‭ ‬صبي؟

‭- ‬لم‭ ‬تلهني‭ ‬ولكنها‭ ‬جعلت‭ ‬الكتابة‭ ‬عندي‭ ‬اهوايةب،‭ ‬ومازلت‭ ‬أنشر‭ ‬قصائدي‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬مجلات‭: ‬االهلالب،‭ ‬واالثقافة‭ ‬الجديدةب‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬ومجلة‭ ‬االعربيب‭ ‬الكويتية‭ ‬وغيرها،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تتوقع‭ ‬بعد‭ ‬الفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬الدولة‭ ‬التقديرية‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬أن‭ ‬أفتح‭ ‬أدراجي‭ ‬المغلقة‭ ‬لكي‭ ‬أنادي‭ ‬االأديبب‭ ‬الذي‭ ‬تاه‭ ‬مني‭ ‬في‭ ‬مدرجات‭ ‬الجامعة‭ ‬لعله‭ ‬يعود‭ ‬إليّ‭ ‬ويصغي‭ ‬لنداءاتي‭.‬

‭● ‬للدكتور‭ ‬محمد‭ ‬زكريا‭ ‬عناني‭ ‬تلامذة‭ ‬منتشرون‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية،‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬بعضهم؟

‭- ‬لي‭ ‬قرابة‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬شتى‭ ‬رأست‭ ‬فيها‭ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬فرع‭ ‬دمنهور،‭ ‬وقسم‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬بجامعة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وقسم‭ ‬اللغات‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬بجامعة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬كما‭ ‬درست‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬التاريخ‭ ‬بجامعة‭ ‬بيروت‭ ‬العربية‭. ‬

أما‭ ‬التدريس‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬طويلاً‭ ‬فكان‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وأذكر‭ ‬قول‭ ‬نائب‭ ‬جامعة‭ ‬هناك‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬اسوق‭ ‬عكاظب‭ ‬بالطائف‭: ‬اأستطيع‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬طلاب‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬زكريا‭ ‬عناني‭ ‬أكثر‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬مصرب،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬مبالغة‭ ‬لطيفة‭ ‬منه،‭ ‬فمئات‭ ‬من‭ ‬طلابي‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬وجدة‭ ‬والدمام‭.‬

‭● ‬الشخصية‭ ‬المحورية‭ ‬في‭ ‬حياتك؟

‭- ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬إلاّها‭: ‬الدكتورة‭ ‬سعيدة‭ ‬محمد‭ ‬رمضان،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬اللقاء‭ ‬بها‭ ‬حين‭ ‬جمعتنا‭ ‬زمالة‭ ‬قسم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬لتبدأ‭ ‬ساعتها‭ ‬حياة‭ ‬الروح‭ ‬ورحلة‭ ‬الأيام،‭ ‬ولقد‭ ‬عايشنا‭ ‬عمراً‭ ‬من‭ ‬الأسفار‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وباريس‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وبيروت‭ ‬وغيرها‭. ‬

وقد‭ ‬تهيأ‭ ‬لها‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬تنال‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬مرتين‭ ‬من‭ ‬االسوربونب،‭ ‬وارتقت‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الأستاذية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬طنطا،‭ ‬وتلاقت‭ ‬النفوس‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المعايشة‭ ‬الحميمة‭ ‬التي‭ ‬قل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬نظير‭. ‬

  ‭● ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬التكريمات؟

‭- ‬هي‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬أحمد‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أنها‭ ‬كللت‭ ‬بجائــــزة‭ ‬الدولة‭ ‬التقــــديرية‭ ‬فــــي‭ ‬مصر‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬وسبقت‭ ‬الجائزة‭ ‬جوائز‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاء‭ ‬دور‭ ‬جائزة‭ ‬جامعة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬للبحث‭ ‬والتشجيع‭ ‬العلمي‭ ‬ســـنة‭ ‬1984،‭ ‬وجائزة‭ ‬الدولــــــة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬المقـــارن‭ ‬وجوائز‭ ‬متناثرة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬ولكني‭ ‬أذكر‭ ‬بالخير‭ ‬جائزة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬المقارن‭ ‬والعلاقات‭ ‬الثقافــية‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬وجائزة‭ ‬الترجمة‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬بن‭ ‬تركي‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬ودرع‭ ‬فارس‭ ‬الثقافـــة‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الثــقافة‭ ‬المصريــــة‭ ‬عــــام‭ ‬2000‭ ‬