العرب في السينما التركية  حصاد التجربة... لمصلحة من؟

 العرب في السينما التركية  حصاد التجربة... لمصلحة من؟

هاجر السينمائيون المصريون إلى لبنان وسورية وتركيا في أواخر ستينيات القرن الماضي لأسباب متعددة، منها مشاكل البعض مع الضرائب، وأيضًا مع بعض السلطات الأمنية التي حاولت توظيفهم لمصلحتها، وطالت هذه الهجرة المؤقتة الكثير من الأسماء في مجالات متعددة، ومنهم يوسف شاهين، وبركات، وفاتن حمامة، وفريد شوقي، ورشدي أباظة، ومريم فخر الدين، ووجد بعضهم فرصًا جيدة للعمل، وكانت لبنان والمغرب وسورية، وأيضًا الكويت مسرحًا لأحداث أفلام تدور في أرض جديدة، ومع الأسف فإن الكتابات حول هذه الظاهرة قليلة للغاية، والسبب بالطبع هو المستوى الفني لأغلب هذه الأفلام. 

الغريب أن الباحثين في السينما لم يتوقفوا عند تجربة العمل في السينما التركية، وبها الكثير من الأفلام التي قام ببطولتها أو التمثيل فيها نجوم من مصر، وسورية، ولبنان، وعلى رأسهم فريد شوقي، وكمال الشناوي، وعادل أدهم، وإيهاب نافع، ونجلاء فتحي، وقد دامت التجربة المستمرة بالنسبة لفريد شوقي أكثر من سبع سنوات، انتهت بعودته إلى القاهرة حاملاً في جعبته الكثير من الأفكار التي قامت شركات الأفلام في مصر بإنتاجها، وظل النجم الكبير متأثرًا بالمرحلة التركية في أفلامه اللاحقة حتى فيلم «مَن بلا خطيئة؟» عام 1978.
 أما من سورية، فقد جربها نجوم، منهم، طروب، ودريد لحام، ونهاد قلعي، ومن الواضح أن هذه الظاهرة توقفت تمامًا مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، وسوف نلاحظ أن الأفلام اللبنانية التي شارك النجوم المصريون في العمل بها قد عرض الكثير منها في قاعات العرض المصرية، مع القليل من النجاح، لكنها كانت تعرض دون مشاكل إلا فيما ندر، خاصة بعض المشاهد الجريئة في أفلام مثل «ملكة الحب»، و«ذئاب لا تأكل اللحم»، أما الأفلام التركية الخمسة عشر التي قام ببطولتها فريد شوقي فقد اتسمت بسمات مختلفة تمامًا، فمن الواضح أن النجم قرر تمصير التجربة ومنحها سمات مصرية، مثل تغيير اسم الفيلم التركي إلى اسم يتناسب مع ذوق المتفرج المصري، واصطحب معه في أغلب الأحيان كاتبه المفضل عبدالحي أديب، الذي استوعب  المفهوم التجاري للسينما التركية، كما أنه اقتبس بعض الأفلام المصرية، وأعاد كتابتها، وعاد إلى نصوص عالمية، وبالطبع هو الذي كتب الحوار السينمائي باللهجة العامية المصرية، وفي هذه التجربة سوف تلاحظ أنه تم أيضًا تغيير أسماء النجوم الأتراك الغريبة المنطوقة على المتفرج العربي وليس المصري فقط، ومنحها أسماء مألوفة ومنها كاميليا، كما تمت إعادة ترتيب الأسماء على الأفيشات والشاشة، ورغم كل ما فعله الموزع فريد شوقي وشركته فإنه لم ينجح في أن تكون لهذه الأفلام خلطة أفلامه المحلية، مهما كانت قيمتها، ولذا فقد كان أكثر سعادة، وهو يقتبس قصة الفيلم التركي «بابا» إخراج عاطف يلماظ، ويحوّله إلى فيلم مصري كتبه عبدالحي أديب، وأخرجه عاطف سالم عام 1974 باسم «ومضى قطار العمر»، وكان ذلك سببًا في دخول النجم إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من مسيرته، وفيها تخلى عن أدوار الحركة، والقيام بأدوار إنسانية لرجل متقدم في العمر. 
 كان هناك توقيت زمني لهذه الظاهرة ارتبطت بظروف السياسة، والبحث عن الرزق، في الغالب، حيث بدأت مع هزيمة يونيو 1967، وبعض الضغوط على النجوم، فكان السفر إلى لبنان، ومنها وجد البعض الطريق إلى تركيا، وكان فريد شوقي من أبرز هذه الأسماء، وهناك تجارب قليلة تذكر لأسماء أخرى، من الشام كانت أبرزها المطربة طروب ذات الأصل الشركسي، وهناك مجموعة من السمات يجب تناولها لفهم هذه الظاهرة، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو... لماذا تركيا؟ 

سحر المكان
 لا شك في أن السينما سوق كبير ليس له حدود، والسينما الأمريكية نفسها انتبهت إلى سحر المكان في تركيا، واختارت أن يكون البلد هو المكان الرئيس للفيلم الثاني من سلسلة أفلام جيمس بوند باسم «تحيات من روسيا» عام 1963، أما السينما التركية نفسها فإنني أذكر أن إحدى موسوعات الأفلام العالمية كانت تضع درجات لقيمة الأفلام، وكان مصطلح «تركي» يعني أن الفيلم بالغ الرداءة، وقد انعكس ذلك على أغلب الأفلام التي قدمها العرب هناك، ربما مع استثناءات قليلة للغاية، مثل فيلم «طريق بلا نهاية» الذي سنشير إليه في حديثنا. 
 أغلب الأفلام تمت صناعة نسخ عربية منها، كي تجد لنفسها سوقًا للتوزيع في البلاد العربية، ولذلك فإن الأفلام تعتمد على نجوم عرب، بالإضافة إلى طاقم كبير من الأتراك، ومن الصعب أن نَصِف هذه الأفلام على أنها غير تركية، وقد قدم لها الأتراك نماذج مبهرة من الأفيشات ووسائل الدعاية أقرب إلى المدرسة الإيطالية، منها إلى المصرية.
 ولهذه الأفلام في الغالب عناوين تركية لا علاقة لها بالمرة بالعناوين المصرية، ففيلم «عثمان الجبار» الذي كان أول فيلم يعرض في البلاد العربية بدبلجة محلية اسمه التركي هو «جميلة»، وكذلك بقية الأفلام التي تم إنتاجها.
الجدير بالذكر أن فيلم «عثمان الجبار» قد سبب إبهارًا لجيل بأكمله حين عرض للمرة الأولى في قاعات السينما المصرية، فـ «الأفيش» الذي يوحي بما سيقدمه النجم جعل الناس تتصور أننا كسبنا نجمًا عالميًا جديدًا على غرار عمر الشريف، لكن الفيلم لم يتعد أن يكون واحدًا من الأفلام التي سبق لعبدالحي أديب أن كتب بعضها لصديقه فريد شوقي، وبدأ نجاح الفيلم يتضاءل مع الوقت، خاصة مع الفيلمين الثاني والثالث، ثم تقلصت العروض بشكل ملحوظ، وإن لم يتوقف النجم عن العمل بالسينما التركية، ويمكن أن نقول إن فريد شوقي كان أكثر أبناء جيله ذكاء للاستفادة مما يحوطه، فهو لم ينقطع عن العمل في مصر، ويقدم أفلامًا ناجحة، من أبرزها «كلمة شرف» لحسام الدين مصطفى 1972، الذي كان بداية تحوّله التام إلى الأدوار الإنسانية، ونبذ أفلام الحركة، بما يعني أن النجم كان يودع هذا النوع من الأفلام عند شواطئ البسفور، وبدت الظاهرة واضحة مع عاطف سالم وهو يقدم فيلم «ومضى قطار العمر» عام 1974. 
أغلب الأفلام التركية كان لها مخرجون من اللغة نفسها، أبرزهم خلقي سانر، وعاطف يلماظ، وفي بعض الأحيان كان هناك نيازي مصطفى، وكان للبعض أفلام غنائية، بطلاتها من شهيرات المطربات، مثل هوليا كوشيجيت، وكانت هناك أغنيات بأصواتهن لا يمكن أبدًا التخلي عنها فسمعناهم يغنين بالتركية، هؤلاء المطربات، وأيضًا الممثلون كانت لهم أسماء عربية على الأفيشات ليست هي أبدًا الأسماء المكتوبة بالتركية، وذلك لأنها أسماء غير مألوفة النطق، وفي عناوين النسخة العربية من فيلم «مغامرة في اسطنبول» فإن أغلب الأسماء التركية غير موجودة، وتم الاكتفاء فقط بالأسماء المصرية التي عملت المونتاج أو قامت بمهام التوزيع.

أفلام فريد شوقي
 وقد استعان فريد شوقي في المونتاج بأسماء معروفة بأصواتها، منهم صلاح نظمي، وهدى سلطان. أما أغلب الذين قاموا بالمهمة فمن الصعب تحديدهم، ولم يعمل معه من العرب في التمثيل سوى طروب في ثلاثة أفلام، ويوسف شعبان في فيلم واحد.
 الأفلام التي قام ببطولتها فريد شوقي تبلغ الخمسة عشر فيلمًا كما تقول بعض المصادر، إلا أن أسماء الأفلام الموجودة في اليوتيوب لا تتعدى العشرة أفلام، نصفها غالبًا تمت دبلجته، كان أولها «مغامرات الفتى الذهبي في بيروت» عام 1967، وكان دور الممثل لا يتعدى أن يكون ضيف شرف، والملاحظ أن اسم النجم كان يختلف في الأفيشات التركية بين عمل وآخر فهو أحيانًا يكتب بالدال، أو بالتاء، وذلك حسب المنطوق التركي.
من هذه الأفلام: 
 1967: «مغامرات الفتى الذهبي في بيروت». 
 1968: «عثمان الجبار»، واسمه في تركيا «جميلة»، إخراج خلقي سانر.
«شيطان البسفور»، إخراج نيازي مصطفى.
1969: «السائح عمر في الشاطئ العربي».
1970: «مغامرات في استانبول»، إخراج خلقي سانر.
1971: «رجل لا يعرف الخوف».
«الصعلوك»، إخراج يلماظ جوناي.
«بعت حياتي»، إخراج محمد أصلان.
1972: «حــســن الأناضـول»، «وحـــش الأناضول».

ومن الأفلام الأخرى:
1968: «طريق بلا نهاية»، إخراج سيف الدين شوكت.
1970: «غوار لاعب كرة»، إخراج خلقي سانر.
«لصوص على موعد»، إخراج حسام الدين مصطفى.
1971: «آخر الطريق» إخراج إيليهان آنجين.
ومن المهم التعرّف على أبرز هذه الأسماء، ولعل أكثرها شهرة هو «عثمان الجبار»، الذي يمكن من خلاله فهم الكثير من هذه السينما، فالفيلم يعتمد على قصة حب حول شقيقين يقعان في حب الفتاة نفسها، وأبطال هذا الفيلم سوف تتكرر حكاياتهم وأسمائهم فيما بعد، هم عثمان البلطجي والفتاة جميلة، والأخ الموسيقار، الذي جسّده مراد سويدان، حتى الشرير مراد هو نفسه، على الأخ الكبير أن يتخلى عن حبيبته من أجل أخيه الذي تربى معه، والبطل هنا تنطبق عليه سمة أن كل ذي عاهة جبار، فهو الرجل الذي يتكئ على عصاه، ويخافه كل زعماء العصابات في تركيا، يتكلم عن نفسه منذ أن ولد في مصر، وعن أمه الراقصة التي تركته لصديقتها التركية كي تسافر إلى اسطنبول وتتولى تربيته، مع ابنها، تصبح أمه البديلة، ومن ناحية، فإن عثمان يؤمن بموهبة مطربة شابة كانت في الأصل بائعة في الكباريه، ويأتي بها إلى المنزل كي تعيش مع الأسرة، ويقوم أخوه الأصغر بتدريبها على الغناء والموسيقي، وينجح عثمان في تحويلها إلى مطربة شهيرة ويقع في غرامها على طريقة بيجماليون، بينما هي تبادل أخاه مشاعر الحب، ونجد أنفسنا وسط رباعي متكرر: عثمان وجميلة، وأخيه، ثم مراد صاحب الكازينو الذي يود إفشال نجاح جميلة، وقد أسند فريد شوقي البطولة الصوتية في الفيلم لزوجته هدى سلطان في تلك الآونة، فكان صوتها متألقًا بقوة، كما بدت بالغة الحيوية في دور شابة صغيرة، وكان ذلك بالتقريب بين التعاون الفني الأخير بينهما، كما أننا سنلاحظ قيام هدى سلطان أيضًا بالدبلجة للشخصية الرئيس في الفيلم السوري «غوار لاعب كرة»، أما صلاح نظمي في النسخة المدبلجة فقد قام بدور الشرير مراد.

تجربة برّاقة
التجربة التي بدت برّاقة جعلت شركة فريد شوقي للإنتاج والتوزيع تنتعش، وعليه أن يكرر التجربة بكافة صورها، لدرجة تكرار الحدوتة مع اختلافات قليلة في التفاصيل في أفلام أخرى، منها «بعت حياتي» و«شيطان البسفور»، لكن النجاح لم يستمر طويلاً رغم الاحتياطات التي تم رسمها من أجل استمرار التجربة، فقد عرض «عثمان الجبار»، مثلاً، في دور العرض الكبرى التي تمتلكها شركة فوكس الأمريكية، أي أن فريد شوقي تصرف على أنه عالمي، ومن الواضح أنه أراد أن يتخلى عن مكانته كنجم لسينمات الدرجة الثالثة أو «الترسو» كما كان يسمى «ملك الترسو».
من الأفلام التي كانت طبق الأصل من «عثمان الجبار» فيلم «رجل يعرف الخوف»، وهنا يتكرر ظهور عثمان آخر، لكنه ضابط شرطة يقف ضد أخيه الصحفي الذي يساند مطربة مبتدئة في رحلة كفاحها، خاصة حين يتم منعها من الحصول على تصريح بالغناء، هذا الضابط الكبير يتسم بقسوة مماثلة لعثمان في الفيلم السابق، يحاول حماية أخيه من المغنية، وتأتي الفتاة إلى الضابط بعد أن تسبب في إيذائها ليدافع عنها، إلا أنه يقع في غرامها حينما يحاول مساعدتها، وتصبح الفتاة حائرة بين الأخوين، حتى يترك الضابط الساحة للحبيبين، وهناك أيضًا عصابة يحاول رئيسها الاستفادة من تلك المشاعر لتحقيق مكاسب غير قانونية، وهذا النوع من الأفلام تعامل معها المتفرج العربي على أنها أقرب إلى الأجنبية، فالأحداث تدور في بلاد أخرى أقرب إلى أوربا، واللغة خاصة في الغناء لم تبد أبدًا مستثاغة للمتفرج، وقد تكرر ذلك مجددًا في فيلم «بعت حياتي» المأخوذ عن فيلم «الطريق المستقيم»، بطولة وإخراج يوسف وهبي، عام 1941، و مثلما حدث في «الطريق المستقيم» فإن فيلم «بعت حياتي» يروي قصة موظف كبير بأحد البنوك، متزوج من امرأة جميلة يحبها، تتعرف عليه امرأة لعوب تدفعها عصابة كي تدخل حياته، وتبدأ في ابتزازه دون أن يدري، فيرتكب جريمة قتل. ويهرب معها تاركًا وظيفته وأسرته، ويغوص في الوحل، وتنحدر أحواله فيرتكب الجرائم المتوالية، ويعيش أولاده معتقدين أن أباهم قد غادر الحياة.
 الفيلم من إخراج محمد أصلان والممثلون أغلب أسمائهم على الأفيش، لهم أسماء عربية، مثل ليلى منصور وكاميليا، وسناء شاهين وجمال حمدي وعادل شوكت، لكن ليست هذه أبدًا أسماءهم التركية. 
 لعل أشهر فيلم تركي ــ عربي بعد مجموعة فريد شوقي هو فيلم «طريق بلا نهاية»، من إخراج سيف الدين شوكت، 1968، وهو من أصل مجري عمل كثيرًا، ولفترة طويلة، بين السينما المصرية واللبنانية، والفيلم يختلف في التجربة، والقيمة الفنية رغم أنه أيضًا ينتمي إلى سينما الحركة، حيث استلزم الأمر تدخل الرقيب المصري من أجل عرض الفيلم في الصالات، وأيضًا لتعديل الأفيش، والسيناريو مأخوذ عن الفيلم العالمي «ساعي البريد يدق الجرس مرتين»، الذي تم إنتاجه للمرة الأولى في الأربعينيات، وتدور الأحداث بين لبنان وتركيا وهو من بطولة إيهاب نافع وآمال شوكت وطروب، وبطل الفيلم رمزي يقوم بسرقة حقيبة مليئة بالماس، ثم يهرب إلى اسطنبول تطارده عصابة، ويلجأ إلى الريف للعمل في بنسيون صغير، وتعشق سلمى الشاب رمزي وهي زوجة صاحب المكان، وتدفعه لقتل زوجها كي يصبح لها، إلا أنه يقع في غرام ابنة صاحب الفندق، والموضوع قريب كثيرًا من رواية «الطريق» التي كتبها نجيب محفوظ، والطريف أن منتج الفيلم هو توفيق الصباحي شقيق الفنانة ماجدة، ولكن الشركة الموزعة لبنانية ولذا فإن الفيلم يحسب للسينما التركية واللبنانية معا، رغم كل الأسماء، فأبطال الفيلم من الأتراك أكثر عددًا بالإضافة إلى أن أرض الفيلم كانت دومًا في البوسفور.
الجدير بالذكر أن سيف الدين شوكت قدم سيناريو الفيلم نفسه في بداية الثمانينيات إلى المخرج محمد راضي الذي قدمه عام 1980 من دون إضافات ملحوظة باسم «الجحيم» من بطولة عادل إمام، ومديحة كامل.
  أما فيلم «لصوص على موعد» فهو تجربة مصرية خالصة أخرجها حسام الدين مصطفى عام 1970، من إنتاج كمال الشناوي وبطولته، وعادل أدهم، وناهد شريف، وتأليف عادل حمودة، الفيلم حول معرض يقام في اسطنبول للقلادات النادرة، وتذهب إلى هناك عارضة مصرية، وفي أثناء العرض تتم سرقة القلادة الفرعونية، فترسل الشرطة المصرية ضابطًا إلى اسطنبول للتعاون مع الإنتربول في استعادة القلادة المسروقة، وهكذا كما نرى فإن المدن التركية كانت دومًا بمنزلة ديكور جذاب، ومكان لمطاردات مثيرة قد لا تشهد الشوارع العربية الأخرى مثيلاً لها خاصة في تلك الفترة، علمًا بأن السينما الأمريكية قدمت قبل سبع سنوات فيلمًا باسم «توب كابي» حول سرقة قطعة ثمينة من المجوهرات من أشهر متاحف تركيا، وكان الفيلم يطولة ميلينا ميركوي وبيتر اوستينوف ومكسمليان شل.  
 أما الفيلم السوري الوحيد في هذا الشأن فهو باسم «غوار لاعب كرة» من إخراج خلقي سانر، وتمثيل دريد لحام، ونهاد قلعي، وطروب، وظهر فريد شوقي في مشهد النهاية كي يحسم الخلافات بمشاركته في خناقة، وهو فيلم بالغ السذاجة، حول لاعب كرة قدم يسافر إلى تركيا للاشتراك في مباراة مهمة، دون أن يعرف أن أخاه التوأم موجود هناك، ولأسباب عاطفية يتم تبادل الأدوار فيما بينهما.

آثار الفراعنة
وظلت آثار الفراعنة الموضوع الأزلي الذي تم العزف عليه كلما تم التعاون سينمائيًا بين البلدين مثلما حدث عام 2002 في فيلم «فرار مومياء» إخراج مراد اكتاش، وفي الفيلم الذي كتبه هالوك أوزنيش تم اقتسام أبطاله بالتساوي بين جيل الشباب في مصر ومنهم نيللي كريم، وفتحي عبدالوهاب، وماجد المصري ثم سامي العدل، ومجموعة من النجوم الأتراك، والفيلم يمزج بين اللغتين العربية والتركية دون اللجوء إلى الدبلجة، وقد جسّد المصريون فريقًا من الأثريين الذين يكتشفون مومياء الملك رمسيس الرابع، ويسعى أحدهم حسن لتهريبها إلى تركيا لمصلحة أحد الأثرياء بغرض الاستفادة طبيًا منها، حيث يتصوّر أن المومياء تتضمن أكسيرًا لاستعادة الشباب، ومن جديد نرى الإنتربول التركي يتعاون مع الجهات الأمنية المصرية ما يوحي بأن السينما نظرت دومًا إلى المكان من إطار بالغ الضيق.
وهكذا فإن التجربة كانت مؤقتة، قصيرة الأجل، فالفترة التي بدأت عام 1967 انتهت بعودة فريد شوقي إلى السينما المصرية، ولا يمكن أن ننكر أنه بعد عودة فريد شوقي من تركيا، ظل لمدة أربع سنوات يعمل في أفلام مكتوبة على النمط التركي، وهي أفلام تدور في إطار عائلي، منها: «هكذا الأيام» لعاطف سالم، و«أيام العمر  معدودة»، و«من بلا خطيئة» لتيسيير عبود، وهو أمر لم ينتبه إليه الباحثون بالمرة، رغم أهمية التعرف عليه في مسيرة السينما >