ذوو الإعاقة واقعهم وتحدياتهم في العمل

ذوو الإعاقة  واقعهم وتحدياتهم في العمل

بات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬سبل‭ ‬لمساعدة‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬مطلبًا‭ ‬ملحًا‭ ‬وأمرًا‭ ‬لا‭ ‬خلاص‭ ‬منه،‭ ‬خصوصًا‭ ‬إن‭ ‬عرفنا‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المعاقين‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬المليار‭ ‬شخص،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬اعتبرت‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬هم‭ ‬أكبر‭  ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

 

بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الإحصائيات‭ ‬والنسب‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬مَن‭ ‬منا‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬رأى‭ ‬معاقا،‭ ‬أو‭ ‬مَن‭ ‬منا‭ ‬خلا‭ ‬محيطه‭ ‬الأُسري‭ ‬والاجتماعي‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬أو‭ ‬مَن‭ ‬منا‭ ‬ليس‭ ‬معرضا‭ ‬لخطر‭ ‬الإعاقة؟

سيكون‭ ‬الجواب‭ ‬طبعًا‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬موجودون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬فقد‭ ‬ترافق‭ ‬الإعاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬ولادته‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬قبلها‭ ‬لأسباب‭ ‬وراثية‭ ‬أو‭ ‬جينية‭ ‬أو‭ ‬بيئية،‭ ‬وأن‭ ‬الإنسان‭ ‬السليم‭ ‬يبقى‭ ‬معرضًا‭ ‬لخطر‭ ‬الإصابة‭ ‬بالإعاقات‭ ‬المختلفة‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬عمره،‭ ‬فقد‭ ‬تنجم‭ ‬الإعاقة‭ ‬الطارئة‭ ‬مثلا‭ ‬عن‭ ‬حادث‭ ‬سير‭ ‬أو‭ ‬إصابة‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬نتيجة‭ ‬لتفاقم‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭.‬

 

من‭ ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬ذو‭ ‬الإعاقة؟

بحسب‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬فإن‭ ‬مصطلح‭ ‬االأشخاص‭ ‬ذوو‭ ‬الإعاقةب‭ ‬يشمل‭ ‬كـل‭ ‬مـن‭ ‬يعـانون‭ ‬اعتلالات‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬اعتلالات‭ ‬بدنيـة‭ ‬أو‭ ‬عقليـة‭ ‬أو‭ ‬ذهنيـة‭ ‬أو‭ ‬حـسية،‭ ‬قـد‭ ‬تمنعهم‭ ‬مـن‭ ‬المـشاركة‭ ‬بـصورة‭ ‬كاملة‭ ‬وفعالة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭.‬

 

معدل‭ ‬الإعاقة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية

سبق‭ ‬أن‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬يعانون‭ ‬حالة‭ ‬إعاقة،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬معدل‭ ‬انتشار‭ ‬الإعاقات‭ ‬فيها‭ ‬نحو‭ ‬2.9‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬حيث‭ ‬تتراوح‭ ‬نسبة‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬بين‭ ‬0.4‭ ‬و4.9‭ ‬في‭ ‬المئة‭.  ‬ويظهر‭ ‬جليًا‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬السابقة‭ ‬انخفاض‭ ‬معدل‭ ‬انتشار‭ ‬الإعاقة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الحقيقي‭ ‬لتك‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬لنا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬واقع‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬يقف‭ ‬عائقًا‭ ‬أمام‭ ‬تصديق‭ ‬تلك‭ ‬النسب‭. ‬

لكن‭ ‬حتى‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬في‭ ‬تحليلنا‭ ‬لمدى‭ ‬انخفاض‭ ‬تلك‭ ‬النسب‭ ‬نقول‭: ‬ايعاني‭ ‬الدارِس‭ ‬لحالات‭ ‬الإعاقة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬صعوبات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬بحثه‭ ‬عن‭ ‬المعاقين،‭ ‬وفي‭ ‬محاولته‭ ‬لجمع‭ ‬بياناتهم‭ ‬وتحليلها،‭ ‬ويقف‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬عوامل‭ ‬عدة،‭ ‬أهمها‭ ‬خوف‭ ‬أسرة‭ ‬المعاق‭ ‬من‭ ‬الوصمة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬خوفهم‭ ‬من‭ ‬العار‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يلحق‭ ‬بهم‭ ‬لوجود‭ ‬معاق‭ ‬بينهم،‭ ‬وهذا‭ ‬يشكل‭ ‬رادعًا‭ ‬لهم‭ ‬فلا‭ ‬يبادرون‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬الإعاقةب‭.‬

‭ ‬

أسباب‭ ‬زيادة‭ ‬انتشار‭ ‬الإعاقة

نلحظ‭ ‬أن‭ ‬معدلات‭ ‬انتشار‭ ‬الإعاقة‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬مستمر،‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬أسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬الشيخوخة،‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة،‭ ‬سوء‭ ‬التغذية،‭ ‬حوادث‭ ‬المرور،‭ ‬العنف،‭ ‬والحروب‭. ‬

ولبيان‭ ‬مدى‭ ‬التزايد‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬قصيرة،‭ ‬نقول‭ ‬مثلاً‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬قرابة‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬يعانون‭ ‬الإصابات‭ ‬والإعاقات‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬النزاع‭ ‬السوري‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬منهم‭ ‬سيعانون‭ ‬إعاقات‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭.‬

 

أهمية‭ ‬العمل‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة

يعتبر‭ ‬العمل‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الأنشطة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬أفرادًا‭ ‬سليمين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬حاجة‭ ‬المعاق‭ ‬للعمل‭ ‬تفوق‭ ‬حاجة‭ ‬السليم‭ ‬له،‭ ‬وذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المعاق‭ ‬مهدد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬بالإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬العزلة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كالاكتئاب‭ ‬وغيره،‭ ‬فالعمل‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬يشكل‭ ‬فرصة‭ ‬مهمة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العزلة،‭ ‬فهو‭ ‬يعد‭ ‬عنصرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الدمج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاستقلال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬وفيه‭ ‬أيضًا‭ ‬تلبية‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأساسية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحاجات‭ ‬الخاصة‭ ‬لتنظيم‭ ‬الوقت‭ ‬وإدارته،‭ ‬وتنمية‭ ‬مهارات‭ ‬التفاعل‭ ‬الاجتماعي؛‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬بدورها‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العقلية‭ ‬والجسمية‭ ‬والنفسية‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬يتيح‭ ‬للمعاق‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عضوا‭ ‬ناشطا‭ ‬ومشاركا‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬تقدير‭ ‬الذات‭ ‬عند‭ ‬المعاق‭.‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬وتوظيف‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬هو‭ ‬مساعدتهم‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬استقلالهم،‭ ‬ودمجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ونقلهم‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وذلك‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬في‭ ‬تقبلهم‭ ‬والتعامل‭ ‬معهم‭ ‬كأفراد‭ ‬سليمين‭.‬

 

تحديات‭ ‬العمل‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة

لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬مستعدون‭ ‬للعمل‭ ‬وقادرون‭ ‬عليه،‭ ‬لكننا‭ ‬نجدهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬عاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬حصل‭ ‬أيّ‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬فعندئذ‭ ‬سيكون‭ ‬عملا‭ ‬بنظام‭ ‬جزئي‭ ‬وبراتب‭ ‬منخفض‭ ‬أيضًا،‭ ‬وهذا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تشريعات‭ ‬إنسانية‭ ‬حقوقية‭ ‬توجب‭ ‬تمكين‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬من‭ ‬العمل‭.‬

‭ ‬وخلاصة‭ ‬القول،‭ ‬إن‭ ‬البيانات‭ ‬المتاحة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جيدة‭ ‬أو‭ ‬مساوية‭ ‬لما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬السليمين،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬لأنهم‭ ‬يرفضون‭ ‬العمل،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬صعوبات‭ ‬في‭ ‬وصولهم‭ ‬إليه‭. 

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬حصص‭ ‬العمالة‭ ‬أو‭ ‬االكوتاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬فإن‭ ‬معدلات‭ ‬توظيف‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬منخفضة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬يتم‭ ‬توظيفهم‭ ‬فقط‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬تلزمهم‭ ‬الحكومة‭ ‬بتحقيقها،‭ ‬وليس‭ ‬للاستفادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬منهم‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬الإقرار‭ ‬بأن‭ ‬واقع‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬يبقى‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬ذوات‭ ‬الإعاقة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬تواجه‭ ‬ذوات‭ ‬الإعاقة‭ ‬عوائق‭ ‬إضافية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتهن‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

وحينما‭ ‬يدخل‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوو‭ ‬الإعاقة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬نجدهم‭ ‬يواجهون‭ ‬التمييز‭ ‬الذي‭ ‬يمنعهم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬من‭ ‬الإنجاز،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أرباب‭ ‬العمل‭ ‬يضعون‭ ‬توقعات‭ ‬منخفضة‭ ‬واتجاهات‭ ‬سلبية‭ ‬محددة‭ ‬لقدراتهم‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تشكل‭ ‬تلك‭ ‬الافتراضات‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬أرباب‭ ‬الأعمال‭ ‬أكبر‭ ‬الحواجز‭ ‬أمام‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬الذين‭ ‬يحاولون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬مناسبة‭.‬

 

تحسين‭ ‬فرص‭ ‬العمل

هناك‭ ‬أمور‭ ‬عدة‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬منها‭:‬

‭ ‬أولا‭: ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬التوقعات‭ ‬والافتراضات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬وأصحاب‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬اعتقادهم‭ ‬بأن‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬إتقان‭ ‬الأعمال‭ ‬الموكلة‭ ‬لهم‭.‬

‭ ‬ثانيًا‭: ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬سبل‭ ‬التأهيل‭ ‬والتعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬بما‭ ‬يمكّنهم‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬بمهاراتهم‭ ‬وبالتالي‭ ‬إعدادهم‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬للعمل‭ ‬ويفتح‭ ‬لهم‭ ‬أبواب‭ ‬الدمج‭ ‬والاستقلال‭ ‬الاجتماعي‭. ‬ثالثًا‭: ‬العمل‭ ‬على‭ ‬خرق‭ ‬بعض‭ ‬الخرافات‭ ‬أو‭ ‬المعتقدات‭ ‬الخاطئة‭ - ‬سيأتي‭ ‬ذكرها‭ - ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تعد‭ ‬بمنزلة‭ ‬صورة‭ ‬نمطية‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬كثيرين‭ ‬حول‭ ‬عمل‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭. ‬

وهناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأساطير‭ ‬حول‭ ‬توظيف‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬يقلقون‭ ‬من‭ ‬توظيفهم،‭ ‬حيث‭ ‬يخشى‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬التكلفة‭ ‬العالية،‭ ‬بينما‭ ‬يعتقد‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬أداء‭ ‬المهمة‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭. ‬والحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لديهم‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬والإمكانات‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وحتى‭ ‬نزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬توظيفهم،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تخليص‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬الخرافات‭ ‬التالية‭:‬

الخرافة‭ ‬الأولى‭: ‬أن‭ ‬توظيف‭ ‬شخص‭ ‬معاق‭ ‬يكلف‭ ‬كثيرا،‭ ‬وبخاصة‭ ‬أنهم‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬تعديلات‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل‭ ‬ليتناسب‭ ‬مع‭ ‬ظروفهم‭.‬

الحقيقة‭: ‬هذه‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الخرافات‭ ‬الشائعة‭ ‬التي‭ ‬نسمعها،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬معظم‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تعديلات‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬معدات‭ ‬أو‭ ‬تعديلات‭ ‬خاصة،‭ ‬فالتكلفة‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يتوقعه‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭. ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬التغييرات‭ ‬أو‭ ‬التعديلات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬العمل‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬عند‭ ‬توظيفهم‭ ‬عاملاً‭ ‬معاقاً‭ (‬تسمى‭ ‬هذه‭ ‬التعديلات‭ ‬المعقولة‭)‬،‭ ‬مثل‭ ‬توفير‭ ‬منحدرات‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يستخدمون‭ ‬الكراسي‭ ‬المتحركة،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬بأن‭ ‬متوسط‭ ‬التكلفة‭ ‬لتعديل‭ ‬معقول‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬جنيهًا‭ ‬إسترلينيًا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬غالبية‭ ‬الأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لا‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تعديلات‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عملهم‭.‬

الخرافة‭ ‬الثانية‭: ‬المعاقون‭ ‬لديهم‭ ‬معدل‭ ‬غياب‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬زملائهم‭.‬

الحقيقة‭: ‬تشير‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المعاقين‭ ‬لديهم‭ ‬بالفعل‭ ‬معدلات‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الغياب،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬دراسة‭ ‬أسترالية‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬تغيبهم‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬زملائهم‭ ‬بنسبة‭ ‬85‭ ‬في‭ ‬المئة‭. ‬

بينما‭ ‬أكدت‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬الشركات‭ ‬مثل‭ ‬دوبونت‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أن‭ ‬الموظفين‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لا‭ ‬يتغيبون‭ ‬بمرات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬غير‭ ‬المعاقين‭.‬

الخرافة‭ ‬الثالثة‭: ‬إذا‭ ‬قمت‭ ‬بتوظيف‭ ‬عامل‭ ‬معاق،‭ ‬فسيتعين‭ ‬على‭ ‬أحدهم‭ ‬مساعدته‭ ‬دائمًا‭.‬

الحقيقة‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدريب‭ ‬والدعــم‭ ‬المتخصص،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬تهيئة‭ ‬الموظفين،‭ ‬يتكيف‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬المعاقين‭ - ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬العمال‭ - ‬مع‭ ‬أدوارهم‭ ‬الوظيفية،‭ ‬ولا‭ ‬تؤثر‭ ‬إعاقتهم‭ ‬في‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬العــمل‭ ‬مـــن‭ ‬دون‭ ‬مساعدة‭ ■‬