الهوية الخليجية... وأسوار المناعة

الهوية الخليجية... وأسوار المناعة

استضافت‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬ندوة‭ ‬نظمتها‭ ‬وزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬الكويتية،‭ ‬حول‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬وآليات‭ ‬ترسيخها‭ ‬مع‭ ‬شرح‭ ‬معانيها،‭ ‬وجاءت‭ ‬تلك‭ ‬المبادرة‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬تسيده‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬دائرة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬أفرزه‭ ‬التطرف‭ ‬الديني‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ (‬داعش‭) ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استطاع‭ ‬احتلال‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل،‭ ‬ثاني‭ ‬مدن‭ ‬العراق،‭ ‬وفرض‭ ‬الحكم‭ ‬الشديد‭ ‬التطرف‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬تنوع‭ ‬مشارب‭ ‬سكانها‭ ‬وأعراقهم‭ ‬وديانتهم‭ ‬وتوجهاتهم‭ ‬الحياتية‭. ‬

ساهمت‭ ‬شخصياً‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الندوة،‭ ‬لأنني‭ ‬شعرت‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1981‭ ‬باهتمام‭ ‬القادة‭ ‬بتعميق‭ ‬الهوية‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬تسلل‭ ‬النزعات‭ ‬الغريبة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الخليجي،‭ ‬انسجاماً‭ ‬مع‭ ‬تاريخ‭ ‬خليجي‭ ‬لم‭ ‬يستوعب‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حملات‭ ‬البرتغال‭ ‬وهولندا‭ ‬وفرنسا‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬أوربا،‭ ‬كما‭ ‬قاوم‭ ‬هجمات‭ ‬الجوار‭ ‬الفارسي‭ ‬وهزمها‭ ‬بالصلابة‭ ‬المتشددة،‭ ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬النفوذ‭ ‬الفارسي‭ ‬بل‭ ‬مقاومة‭ ‬للتأثيرات‭ ‬الفارسية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتسلل‭ ‬إلى‭ ‬البيئة‭ ‬الخليجية‭ ‬وتترك‭ ‬مظاهر‭ ‬لا‭ ‬تقبلها‭ ‬الذاتية‭ ‬الخليجية‭.‬

كانت‭ ‬هناك‭  ‬محاولات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬للتأثير‭ ‬وصبغ‭ ‬الحياة‭ ‬الخليجية‭ ‬بالطابع‭ ‬العثماني،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬المكونات‭ ‬الثقافية‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭.‬

ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬هذه‭ ‬المساعي‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬اليقين‭ ‬بأنها‭ ‬لن‭ ‬تتوغل‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬جغرافية‭ ‬الخليج‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬ذاتية‭ ‬أفراده‭.‬

وقد‭ ‬ساعدت‭ ‬التفاهمات‭ ‬الخليجية‭ ‬–‭ ‬البريطانية‭ ‬وتوّجت‭ ‬باتفاقيات‭ ‬تعاون‭ ‬وحماية‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬ائتلاف‭ ‬خليجي‭ - ‬بريطاني‭ ‬تتعهد‭ ‬فيه‭ ‬بريطانيا‭ ‬بإبعاد‭ ‬التحرشات‭ ‬والتدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬مقابل‭ ‬تعاون‭ ‬خليجي‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬القرصنة،‭ ‬ورفض‭ ‬خليجي‭ ‬للرغبات‭ ‬الخارجية‭ ‬المختلفة‭ ‬للوجود‭ ‬داخل‭ ‬الحوض‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭.‬

وبهذا‭ ‬التوافق‭ ‬تم‭ ‬تأمين‭ ‬السلامة‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬الدخلاء،‭ ‬وتبنت‭ ‬بريطانيا‭ ‬نهج‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدخلات‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مس‭ ‬بمرتكزات‭ ‬الشخصية‭ ‬الخليجية‭. ‬

ومع‭ ‬استقلال‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تجدّدت‭ ‬محاولات‭ ‬التدخل‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬عربية‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬النفط‭ ‬واكتمال‭ ‬استقلال‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬مناخاً‭ ‬يغري‭ ‬لبناء‭ ‬علاقات‭ ‬متعددة‭ ‬الجوانب‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬الخليجية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬رسمية‭ ‬محددة،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬تدخلات‭ ‬واسعة‭ ‬ناقلة‭ ‬ألواناً‭ ‬من‭ ‬النظريات‭ ‬السياسية‭ ‬وتنوعات‭ ‬ثقافية‭ ‬وتوجهات‭ ‬فكرية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الطباع‭ ‬الخليجية،‭ ‬فسعت‭ ‬الأحزاب‭ ‬بمختلف‭ ‬الوسائل‭ ‬إلى‭ ‬التسلل‭ ‬وبناء‭ ‬فروع‭ ‬وقواعد‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬سعت‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬الراديكالية‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬كتلة‭ ‬خليجية‭ ‬مساندة‭ ‬لسياسات‭ ‬عربية‭ ‬لا‭ ‬تتفق‭ ‬بالضرورة‭ ‬مع‭ ‬الموروث‭ ‬الخليجي‭.‬

ولم‭ ‬تذعن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬للمفاهيم‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬زرعها‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتها،‭ ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬صلابة‭ ‬في‭ ‬التصدي،‭ ‬وحازت‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الانسجام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المتوارث‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬عموداً‭ ‬قوياً‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬الهوية‭.‬

لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يوقف‭ ‬التحرشات‭ ‬القومية‭ ‬الراديكالية،‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتي‭ ‬أفرزت‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مناخاً‭ ‬خليجياً‭ ‬مشوباً‭ ‬بالشك‭ ‬والريبة‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الحزبية‭ ‬العربية،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وسورية‭ ‬وليبيا‭ ‬ومن‭ ‬توابعها‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬وتجمعات‭ ‬عربية‭ ‬صغيرة‭. ‬

وتصاعد‭ ‬الحس‭ ‬الخليجي‭ ‬بضرورة‭ ‬التكتل‭ ‬لإبعاد‭ ‬الأساليب‭ ‬الغريبة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬الأحزاب‭ ‬تصديرها‭ ‬إلى‭ ‬الخليج،‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تزامنت‭ ‬واقعتان‭ ‬كان‭ ‬لهما‭ ‬الدور‭ ‬المؤثر‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭: ‬

الأول‭: ‬توقيع‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬الراحل‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1979،‭ ‬وانقسام‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حولها،‭ ‬وبروز‭ ‬الدور‭ ‬العراقي‭ - ‬السوري‭ - ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬تكتل‭ ‬عربي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إجهاض‭ ‬مساعي‭ ‬الصلح‭ ‬التي‭ ‬يتولاها‭ ‬السادات،‭ ‬وتوصلت‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬قمة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬تتولى‭ ‬مهمة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مصر،‭ ‬بمبادرة‭ ‬مالية‭ ‬سياسية،‭ ‬وإذا‭ ‬فشلت‭ ‬فالمواجهة‭ ‬هي‭ ‬البديل‭. ‬

وتولت‭ ‬بغداد‭ ‬إعلان‭ ‬التعبئة‭ ‬العربية‭ ‬وجندت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬لاستحضار‭ ‬عربي‭ ‬جماعي‭ ‬رافض‭ ‬لمساعي‭ ‬السادات‭.‬

وكانت‭ ‬الخطة‭ ‬الكبرى‭ ‬هي‭ ‬ضمان‭ ‬المشاركة‭ ‬الخليجية‭ ‬ذات‭ ‬الرصيد‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬العالمي‭ ‬الطيب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬أرصدة‭ ‬مالية‭ ‬يمكن‭ ‬توظيفها‭ ‬للحملة‭ ‬ضد‭ ‬السادات‭. ‬

وعندما‭ ‬التقى‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬عام‭ ‬1979،‭ ‬لاستكمال‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال،‭ ‬كانت‭ ‬نبرة‭ ‬التسلط‭ ‬العراقي‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭ ‬واضحة‭ ‬وبقوة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الخشنة‭ ‬المصحوبة‭ ‬بالتهديد‭ ‬بالإضرار‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الإحساس‭ ‬بالتردد‭ ‬الخليجي‭. ‬

وتسيد‭ ‬مؤتمر‭ ‬بغداد‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬دبلوماسية‭ ‬التوحش‭ ‬التي‭ ‬توظف‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الهدف،‭ ‬وسربت‭ ‬أوراق‭ ‬تحمل‭ ‬تهديدات‭ ‬إلى‭ ‬غرف‭ ‬الوفود‭ ‬الخليجية،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬خروج‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬بنقل‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬وفرض‭ ‬مقاطعة‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬وسحب‭ ‬السفراء‭ ‬وموافقة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬فإن‭ ‬المزاج‭ ‬الخليجي‭ ‬كان‭ ‬مستاء‭ ‬من‭ ‬الألاعيب‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬وقاحة‭ ‬التصرف‭ ‬بالتلويح‭ ‬بالتخريب،‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تتوجس‭ ‬منه‭ ‬عواصم‭ ‬الخليج‭.‬

الثانية‭: ‬انفجار‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وخروج‭ ‬الشاه‭ ‬وقيام‭ ‬جمهورية‭ ‬إيران‭ ‬الإسلامية،‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬آية‭ ‬الله‭ ‬الخميني،‭ ‬بمشروع‭ ‬راديكالي‭ ‬طائفي‭ ‬يسعى‭ ‬لبناء‭ ‬قواعد‭ ‬طائفية‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬بسط‭ ‬نفوذه‭ ‬عبر‭ ‬توسلاته‭ ‬لشرائح‭ ‬طائفية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمعات‭ ‬الخليجية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أقنع‭ ‬قادة‭ ‬الخليج‭ ‬بضرورة‭ ‬التلاقي‭ ‬السريع‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لتخريب‭ ‬قواعد‭ ‬الاستقرار‭ ‬وتمس‭ ‬وحدة‭ ‬المجتمع‭ ‬الخليجي‭ ‬وتخريب‭ ‬انسجامه‭. ‬

وبدأت‭ ‬الخطوات‭ ‬لتشكيل‭ ‬إطار‭ ‬خليجي‭ ‬يمكِّن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬حشد‭ ‬قواها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬المخاطر‭ ‬بأسلوب‭ ‬جماعي،‭ ‬ومع‭ ‬تواصل‭ ‬اللقاءات‭ ‬توافرت‭ ‬الإرادة‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬عقده‭ ‬القادة‭ ‬بمدينة‭ ‬أبوظبي‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬مايو‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء‭ ‬على‭ ‬وثيقة‭ ‬قيام‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬ينهض‭ ‬بمسؤوليات‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬ويصون‭ ‬هويتها‭ ‬ويحمي‭ ‬تراثها‭ ‬ويقي‭ ‬تقاليدها‭ ‬ويوحد‭ ‬مشاعرها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬يكون‭ ‬عنواناً‭ ‬للهوية‭ ‬الخليجية‭ ‬الجماعية‭. ‬

وينص‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬المسارات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وتكاملها‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬وحدتها‭. ‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الكبير‭ ‬انطلق‭ ‬المجلس‭ ‬ليصون‭ ‬التراث‭ ‬ويبرز‭ ‬حقائق‭ ‬الخليج‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬الشرعية‭ ‬التاريخية‭ ‬للأنظمة‭ ‬الحاكمة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الخليج‭ ‬وإنما‭ ‬انبثقت‭ ‬من‭ ‬تراب‭ ‬الوطن،‭ ‬وتداخلت‭ ‬مع‭ ‬شعوبها‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬تاريخي‭ ‬طويل‭ ‬أبعد‭ ‬الدخلاء‭ ‬وبنى‭ ‬طوقاً‭ ‬ضد‭ ‬محاولات‭ ‬العبث‭ ‬في‭ ‬مضمون‭ ‬الشخصية‭ ‬الخليجية‭. ‬

وصار‭ ‬المجلس‭ ‬الجديد‭ ‬الوعاء‭ ‬الذي‭ ‬يحتضن‭ ‬جهود‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لتنظيم‭ ‬حياتها‭ ‬وخط‭ ‬أولوياتها‭ ‬ورسم‭ ‬مستقبلها‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي‭ ‬وتراكم‭ ‬الجهد‭ ‬الجماعي‭ ‬المتنوع،‭ ‬فالتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬القمة‭ ‬بتفويض‭ ‬وزراء‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬صوغ‭ ‬اتفاقية‭ ‬اقتصادية‭ ‬تكون‭ ‬جاهزة‭ ‬للتوقيع‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬الثانية،‭ ‬وعند‭ ‬لقاء‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬كانت‭ ‬صيغة‭ ‬الاتفاقية‭ ‬أمامهم،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬التوقيع،‭ ‬وحولت‭ ‬إلى‭ ‬وزراء‭ ‬المالية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬محتوياتها‭.‬

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬القادة‭ ‬بذلك‭ ‬وإنما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬وفد‭ ‬عسكري‭ ‬جماعي‭ ‬إلى‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬لتقويم‭ ‬المخاطر‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬جمهورية‭ ‬اليمن‭ ‬الجنوبي‭ ‬ضد‭ ‬استقرار‭ ‬السلطنة،‭ ‬وبذلك‭ ‬اكتملت‭ ‬المسارات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬السد‭ ‬الفعال‭ ‬ضد‭ ‬خطوات‭ ‬الاختراقات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬راديكالية‭ ‬إيران‭ ‬والراديكالية‭ ‬العربية‭. ‬

ولم‭ ‬يتجاهل‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬لقائهم‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬1981‭ ‬انفجار‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬–‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬حيث‭ ‬أرسل‭ ‬القادة‭ ‬وفداً‭ ‬خليجياً‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬للتداول‭ ‬في‭ ‬ضرورات‭ ‬وقف‭ ‬الحرب،‭ ‬واتخذ‭ ‬القادة‭ ‬القرار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بأولوية‭ ‬وقفها‭ ‬لأنها‭ ‬تهديد‭ ‬لجميع‭ ‬الفرقاء‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتترجم‭ ‬إيمان‭ ‬القادة‭ ‬بحل‭ ‬القضايا‭ ‬بالوسائل‭ ‬السلمية‭ ‬والمفاوضات‭.‬

هذه‭ ‬المساعي‭ ‬مرآة‭ ‬تعكس‭ ‬قلق‭ ‬القيادة‭ ‬من‭ ‬أبعاد‭ ‬الحرب‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬هويتها‭ ‬المميزة،‭ ‬صلب‭ ‬المناعة‭ ‬الخليجية‭ ‬ضد‭ ‬التسلل‭.‬

ولذلك‭ ‬ليس‭ ‬غريباً‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬رئاسة‭ ‬اللجنة‭ ‬السباعية‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬شكّلتها‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لمساعدة‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بعد‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭.‬

ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬انطلاقه‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الخليجية‭ ‬بنى‭ ‬خريطة‭ ‬شاملة‭ ‬تتداخل‭ ‬في‭ ‬محتوياتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والعلاقات‭ ‬النفطية،‭ ‬والارتباطات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية،‭ ‬والوجود‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القرار‭ ‬العالمي‭ ‬الجماعي‭. ‬

ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬سيطرة‭ ‬الاعتدال‭ ‬والنزعة‭ ‬السلمية‭ ‬على‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الخليجية،‭ ‬فغرست‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬العالم‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬التي‭ ‬تتحلى‭ ‬بحسن‭ ‬النوايا‭ ‬والسمعة‭ ‬العالمية‭ ‬والاقتناع‭ ‬بجدوى‭ ‬الحوار‭ ‬والوجود‭ ‬الإيجابي‭ ‬داخل‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬وانطلقت‭ ‬لكسب‭ ‬أصدقاء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خسارة‭ ‬وبلا‭ ‬خصوم‭. ‬

ولعل‭ ‬المتابع‭ ‬للسلوك‭ ‬الخليجي‭ ‬الرسمي‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬الثوابت‭ ‬التي‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬والتي‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬ودائماً‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬الإجماع‭ ‬العالمي،‭ ‬ومثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬نقدم‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭:‬

أولاً‭: ‬الإصرار‭ ‬الخليجي‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬الفعال‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬العالمي‭ ‬ضد‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬أينما‭ ‬كان،‭ ‬وانسجاماً‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المنطق،‭ ‬تلاحق‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬محطات‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسورية‭ ‬وجميع‭ ‬البقاع‭ ‬إقليمياً‭ ‬وعالمياً،‭ ‬وتتميز‭ ‬المشاركة‭ ‬بالإسهام‭ ‬الملموس‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬الموقف‭ ‬السياسي‭. ‬

ثانياً‭: ‬الالتزام‭ ‬بالسلوك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المعتدل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬والتداخل‭ ‬مع‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العالمية‭ ‬بالحضور‭ ‬الإيجابي‭ ‬والقرار‭ ‬المنسجم‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الجماعية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبالغات‭ ‬أو‭ ‬تهويل‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬اعتراضات‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬السمعة‭ ‬الدولية‭ ‬الحسنة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭. ‬

ثالثاً‭: ‬انسجام‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬مع‭ ‬التوجهات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬المتابعة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والمختصة‭ ‬بمراقبة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬عضوية‭ ‬المفوضية‭ ‬العالمية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومقرها‭ ‬جنيف‭. ‬

رابعاً‭: ‬يلاحظ‭ ‬تكثيف‭ ‬التنسيق‭ ‬والتكامل‭ ‬في‭ ‬مساري‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭, ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬الروابط‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬وأبرزهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭, ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أخيراً‭ ‬تدشين‭ ‬القاعدة‭ ‬البحرية‭ ‬البريطانية‭ ‬لتضيف‭ ‬آلية‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬مضمون‭ ‬الردع‭ ‬الخليجي‭. ‬

كما‭ ‬يلاحظ‭ ‬أيضاً‭ ‬اتساع‭ ‬النشاط‭ ‬والتحرك‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الثقافي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬للثقافة‭ ‬دوراً‭ ‬مميزاً‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬الهوية‭ ‬وفي‭ ‬صون‭ ‬التراث‭ ‬وفي‭ ‬إحياء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يضيف‭ ‬إلى‭ ‬الهوية‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬وتقاليد‭ ‬مع‭ ‬الفلكلور‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬به‭ ‬المجتمع‭ ‬الخليجي،‭ ‬ومسابقات‭ ‬شعرية‭ ‬باللهجة‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬بالشعر‭ ‬الفصيح،‭ ‬وتنظيم‭ ‬منافسات‭ ‬دورية‭ ‬لسباق‭ ‬الهجن‭ ‬والخيل‭ ‬بحضور‭ ‬كثيف‭. 

وانسجاماً‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭, ‬كثفت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬جوانب‭ ‬نشاطها‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬وبعثت‭ ‬الفرق‭ ‬الفنية‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬العواصم‭ ‬حاملة‭ ‬التراث‭ ‬الخليجي‭ ‬الموحد،‭ ‬كما‭ ‬نظمت‭ ‬المعارض‭ ‬الفنية‭ ‬واللوحات‭ ‬المعبرة‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭ ‬الخليجية‭. ‬

كما‭ ‬تحركت‭ ‬مشاعر‭ ‬المواطنين‭ ‬الخليجيين‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬دورات‭ ‬ثقافية‭ ‬وفكرية‭ ‬في‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭ ‬وفي‭ ‬مراكز‭ ‬الثقافة‭ ‬بالجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬العريقة،‭ ‬مدفوعين‭ ‬بالرغبة‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي،‭ ‬بكل‭ ‬جوانبه،‭ ‬بواقع‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬وقاية‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭. ‬

وأخيراً،‭ ‬فإن‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬استجد‭ ‬في‭ ‬المحتوى‭ ‬الثقافي‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬قاعات‭ ‬ومراكز‭ ‬ثقافية‭ ‬حديثة‭ ‬تم‭ ‬افتتاحها‭ ‬في‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬ودبي‭ ‬والكويت،‭ ‬تؤكد‭ ‬الإيمان‭ ‬الراسخ‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الخليجية‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬الحس‭ ‬الشعبي‭ ‬الذي‭ ‬يتخوف‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬الجاليات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬التي‭ ‬تكاثرت‭ ‬وبدأت‭ ‬تنشط‭ ‬في‭ ‬استعراض‭ ‬ثقافتها،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تعاظم‭ ‬الشعور‭ ‬الوطني‭ ‬بتنشيط‭ ‬التلاقي‭ ‬الخليجي‭ ‬الجماعي،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تبني‭ ‬إجراءات‭ ‬تحمي‭ ‬التراث‭ ‬الداخلي‭ ‬وتبعده‭ ‬عن‭ ‬تسلل‭ ‬المفاهيم‭ ‬الغريبة‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬مرتكزات‭ ‬الممانعة‭ ‬الخليجية‭. ‬

فمن‭ ‬هذه‭ ‬الهوية‭ ‬الخليجية‭ ‬تنبع‭ ‬القوة‭ ‬الذاتية‭ ‬للدول‭ ‬الخليجية‭, ‬ومنها‭ ‬تترسخ‭ ‬السيادة‭ ‬وتتعمق‭ ‬الحدود‭ ‬وتبقى‭ ‬الخصوصيات‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬العنوان‭ ‬الدائم‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭.