ما وراء البرزخ أحمد محمد المعتوق

ما وراء البرزخ

قطفت في احتراس خوخة نضيجة حلال وطرت فوق كف مارد، كعرشها على الذرى يطير بلمحة خاطفة طوفت بالمدائن العالية الأسوار طوفت في البحار طويت ما دحى الزمان في الدروب والسنين غفلة عبرتها، ولدت من جديد!

وعدت والصباح ما يزال في انتظار غرة الوليد نافذتي فتحتها والضوء يستريح في رواء حضنها سمعت قهقهات الريح خلف بابي القديم لكنني سمعت كل قادم يبارك الحياة:

منزل مطيب ومولد سعيد وسرت حيث مركبات العمر في مدارها والريف بعد ما يزال في احتفاله بمقدم الأمير والعيد يحمل الهدايا - لا تعد - يا لفرحة الصغير!

من ساعد لساعد من موعد لموعد أثير وعندما ترجلت خطى المسير عند برزخ الحياة سعى وطاف بالوجود طائف مورد الجناح يهتف: يا صبية فدتك كل عين إن الفتى يحوم مثلما القطا وراء هدأة الستار يدف تارة وتارة ينقر الجدار في حياء وفي المساء ذات مرة دنوت من خبائه وقلبي ارتعاشة كما الجناح رف وانحنى لهمسه، وثرثر المساء!

سمعت كل ما جرى ودار في الحوار سمعته مرددا :: دعوا الفتى لشأنه طويرنا الغرير ما يزال يغزل الهواء حول جسمه الصغير دعوه يستشف حلمه على ذراع مزنة دفيئة الظلال ينط من على جدار كهفنا لبرجه الأمين مثلما يرى نجيمه هناك في انتظار يطوف والسرى يطول في جنينة فقيدة بعالم البقاء!

وساد صمت برهة وأسدلت ستائر المساء وغابت العيون في دثارها وتمتمات رشة من الندى تطايرت ونقرت نوافذ الشتاء وحين أوشك الصباح أن يهب من فراشه والديك هب للهتاف باسط الجناح تساقطت كما الحصي النجوم في قرارة الغدير وحفنة الحروف في نهاره تململت تهافتت تناثرت كما الطيور حت ريشها وراح ذلك الفتى يعوم في فقاعة تكور الزمان في جدارها يهيم - لا قرار - في مجاهل الرياح يصيح يا موزع السحاب في سمائنا وعامر البروج كما تشاء أنت واهب الحياة والمنى يكون.

في فلك مقنطر الدروب كان حلمه متوجا يدور لكن ما تشاء أنت واهب الحياة والمنى يكون ترجل اليقين حاسرا مجرد اليدين وكلت السواعد الضارعة الفتية ومله الزمان والمكان عرافة القرية نهنهت وزغزغت حصاها:

دم الحمام يا بني ترسك الحديد عن مقدم الغروب تشد في ضفائر الضياء قلبك الطري تحرق اللبان في رواقها تمر حيث لا يراك طائف، مهمهما، مدندنا لكنما الصدى يعود:هاتف طوى الفضاء كالقضاء! يا فتى تباعدت خطاك، ظل نجمك الحبيب نائيا حصانك الطموح شب، مال سرجه وأنت حيث لا غمامة تظل ضفتيك، لا ندى! بلهفة تطل أو تغذ في المسير

 

أحمد محمد المعتوق

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات