المخرج المسرحي حاتم السيد صديق الفنانين العرب

المخرج المسرحي حاتم السيد  صديق الفنانين العرب

في أحد بيوت الكويت في منتصف ستينيات القرن الماضي، حيث كان يقيم الشاب حاتم السيد مع أسرته، حدثت مشكلة! بل ربما كارثة في كسر العادات والتقاليد العربية البدوية – هكذا تخيلت الأسرة - عندما أفصح الطالب الذي أنهى الثانوية هناك عن رغبته الشديدة في دراسة الفنون في مصر! فالأم مثلاً كان حلم حياتها أن يناديها الناس بأم الدكتور، فهي تطمح بأن يدرس ابنها الطب وليس أي تخصص آخر أو مستهجن ومرفوض مثل الفن! فالعائلة ربما تتعرض للتهكم والسخرية من بعض الأقارب مثلاً.

هكذا كان الإصرار والتحدي، حيث سافر حاتم السيد من الكويت للقاهرة، ليجد أن 400 طالب هم أيضا متقدمون للدراسة في أكاديمية الفنون هناك! وأن العدد المطلوب 15 طالباً منهم فقط، وذلك من أجل قبولهم للدراسة في المعهد العالي للمسرح التابع لأكاديمية الفنون في القاهرة، وذلك في فترة 1966-1967.
لكن الحظ والتسلح بالإرادة واللهفة والاطلاع والخبرة الشخصية لمتابعة الفنون سابقاً قبل وفي أثناء القدوم لأرض الكنانة كلها ساهمت في أن يكون حاتم السيد واحداً من المطلوب قبولهم وهم 15 طالباً فقط، ثم زاد العدد إلى 18 طالباً، حيث كانت مصر حريصة على أن تعلم وتدرب وتساهم في إنشاء الفنون في الدول العربية التي تفتقر إلى المسرح، مثل الأردن وكثير من الدول العربية. وتحدّث لنا المخرج المسرحي حاتم السيد عن ولعه وعشقه للفنون وبالذات الدرامية منذ الصغر، قائلا:
عندما كنت شاباً صغيراً في منتصف الستينيات في الكويت، عشت أجواء زمن الفن الجميل والمزدهر آنذاك. ففي تلك الفترة (1962-1963) تم افتتاح التلفزيون الكويتي، وكنا نشاهد من خلال شاشاته الفضية عديداً من مسرحيات فؤاد المهندس وعادل خيري ونجيب الريحاني وغيرهم من عمالقة الفن المصري، ثم البرامج الثقافية الأخرى، وكذلك ارتيادي المستمر لدور السينما في الكويت،  بالإضافة إلى أنني كنت مولعاً بمشاهدة صندوق الدنيا حينما كان يأتي رجل إلى قريتنا في فلسطين حاملاً على ظهره صندوقاً خاصاً وبيده مقعد خشبي صغير، ويحمل معه أيضاً بوقاً يصيح من خلاله حتى يتجمع الأطفال من حوله، وهو يردد ما يلي: «يا عيني اتفرج يا سلام... على عجايب الزمان... هاي الحية أم أسنان... وهاي الشام وشاماها... ورب السما حماها... وبالأشجار غطاها... وسبع تنهر جرّها... يا عيني اتفرج يا سلام على أبو زيد سيد الفرسان والزير سالم وعنترة كمان... إلخ».
وحينما انتقلت من القرية إلى مدينة طولكرم، حيث سكنت كطالب، كنت أمرُّ من أمام المقاهي وأرى رجلاً يجلس في صدر المقهى على طاولة وبيده أحياناً ربابة أو عود، ويروي قصص الأبطال التاريخيين الشعبيين أمثال عنترة وأبو زيد وسيف بن ذي يزن... إلخ. لذا فقد أصبحت أحلامي كلها تكمن في دراسة الفنون، لأن لدي حصيلة جيدة من المشاهدات والتأثيرات، لذا أحببت بعد أن أنهي الثانوية العامة أن أدرس فن الإخراج السينمائي أو المسرحي أو التلفزيوني.

بين الطب والفن
ورجوعاً إلى موضوع الإصرار على دراسة الفن رغم معارضة الأهل الشديدة، طلبنا الإيضاح أكثر من الفنان حاتم السيد، فقال:
ليس هذا بغريب إذا ما عرفت أن أسرتي هي عشيرة النفيعات البدوية التي كانت تعيش في فلسطين قرب البحر ما بين حيفا ويافا، ولم يكن بيتنا يبعد عن الشاطئ سوى 100-150 متراً فقط. وهناك مَن كان يقول إن لعشيرة النفيعات سبع موجات في البحر، فالموجة الأولى تبدأ من شاطئ فلسطين، وأظن أن الموجة السابعة تنتهي في شواطئ إيطاليا أو إسبانيا، وهذا دلالة على الاتساع والنفوذ، فقد كانت حياتنا مرتبطة بالبحر بشدة، وهذا ما أعطاني منذ الطفولة حساً رومانسياً عالياً وبُعد أفق والنظر نحو العوالم البعيدة وتخيلها والتحليق في الفضاءات ومغامرات وأحلام الحياة.
وكانت بعض الأحداث تؤرخها العشيرة بالعلاقة القوية بهذا البحر الأبيض المتوسط، فقد كنت أسمع من الكبار أن فلاناً وُلد «لما البحر طَلّع زيت» ولما البحر «طَلّع خشب» ولما «طَلّع قطن» ولما «طلّّع البحر طحين»... وعندها وُلد أخي الأكبر عادل، أي عندما كانت أمواج البحر تعلو وتقذف بعض المواد على الشاطئ من سفن بعيدة كانت مضطرة إلى إلقاء بعض حمولاتها في البحر لأسباب عدة لا مجال لشرحها هنا، والنفيعات هم من قبيلة عتيبة القادمة من بلاد نجد قديماً.
لذلك فقد كان حلم أمي أن أكون طبيباً أو مهندساً على أقل تقدير، لذا فقد خيبت الآمال لأنني درست ما أحبه وأعشقه بشدة وهو الفن، وذلك لأسباب عدة كما ذكرت سابقاً، منها أيضاً أنني حينما كنت فتى صغيراً في فلسطين وعندما ارتحلنا إلى قرية برقة ثم طولكرم بعد النكبة، كنت أشاهد في نابلس وطولكرم  بعض الأفلام السينمائية في دور العرض على فترات متباعدة، ولكن بعد ذلك وفي طولكرم حين سكنت للدراسة صرت أشاهد الأفلام السينمائية بشكل يومي حتى أصبحت مولعاً بهذه الأفلام وبهذا الفن السينمائي الساحر، الذي كنت أهمل دروسي من أجله في بعض الأحيان. وقد كنت طالباً شقياً، حيث طردت إلى مدرسة أخرى من برقة إلى طولكرم واضطررت للمشي مسافات طويلة مرعبة، كنت أركض مغمض العينين حتى لا أرى ما يوجد في طريقي في الصباح الباكر جداً من حيوانات متوحشة مثل الضباع والذئاب، وكانت الطيور تتقافز من بين قدميَّ وأنا أركض حيث تكون الطيور نائمة في طريقي من برقة إلى جسر قرية رامين.

الزمن الذهبي الرائع
ويكمل المخرج المسرحي حاتم السيد حديثه مشيراً إلى بعض المواقف الصعبة التي قابلته عند بدء دراسته الفنية،  قائلاً: عندما قدمت إلى القاهرة في منتصف ستينيات القرن الماضي كان العطاء الفني والإبداع في أوج تألقهما حيث المسارح والغناء والموسيقى والآداب والثقافة والاعتداد بالروح القومية العربية أيام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فقد جئت وعشت في مصر في عصرها الذهبي وزمنها الرائع «زمن الفن الجميل».
ومع ذلك فقد واجهت تحديات في قبولي بأكاديمية الفنون التي تدرس فنون وعلوم المسرح والموسيقى والسينما والباليه.

أجمل سنة في حياتي
في سنة 1966 وهي السنة التي ذهب فيها حاتم السيد إلى القاهرة، وجد أن امتحان قبول القدرات والإعداد قد انتهى، فقد جاء حاتم متأخراً أياماً عدة، لذلك فقد كان عليه أن ينتظر سنة كاملة لبدء التسجيل للسنة المقبلة، لذلك فقد تقرر قبوله في المعهد العالي للمسرح كطالب مستمع فقط سنة 1966-1967، وكانت سنة الاستماع هذه من أهم سنوات حاتم في تكوينه الفني والثقافي، لأنه في تلك الفترة عاش حياة ثقافية ثرية جدا، إذ إن الآخرين من حوله نصحوه بأن يكون بحراً في اطلاعه وثقافته الفنية حتى يستطيع أن يجتاز امتحان القبول في السنة المقبلة بالمعهد العالي للسينما أو المسرح مثلاً، فالدراسة ليست سهلة بل صعبة جداً. وفي سنة الاستماع هذه اجتهد الطالب حاتم، فبدأ يطلع على الكتب المهمة التي تتحدث عن تاريخ وفنون المسرح الإغريقي والفرعوني والروماني، ومسرح العصور الوسطى ومسرح شكسبير والمسرح الغربي الحديث، وأعلام المسرح في تلك المراحل، بالإضافة إلى تاريخ وفنون الموسيقى العالمية، وكتب السينما وثقافتها العالمية والعربية، ثم كثف من مشاهدة الأفلام العربية والأجنبية المهمة والمسرحيات المعروضة في المسارح.
وما أفاده كثيراً في مرحلة تكوينه الثقافي الدرامي هو متابعته الحية والشخصية لمراحل إخراج الفيلم  الشهير «شيء من الخوف»، حيث كانت تتكرر في هذا الفيلم الجملة الشهيرة «زواج عتريس من فؤادة باطل» من تمثيل محمود مرسي وشادية ويحيى شاهين وإخراج حسين كمال عام 1967، فقد كان السيد يسجل كل ملاحظاته حول إنتاج وإخراج هذا الفيلم بدقة متناهية... وكان يسأل ويستفسر ويناقش طاقم الفيلم عنها، واستفاد كثيراً من عمليات الإعداد والتحضير للفيلم وكذلك عمليات التمثيل والإخراج والمونتاج وكل مراحل إنتاج الفيلم.

الصديق الفنان نور الشريف 
يتابع السيد حديثه قائلاً: 
وفي أثناء دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحية حدث أن وقعت عيني على شاب يمتشق سيفاً ويضع الأصباغ (المكياج) على وجهه ويلبس لباس السروال والسترة الضيقة ويتباهى في ردهات المعهد عام 1967، حيث أعجبت بهذا الشاب وظلت صورته لا تفارق مخيلتي حتى ذهبت إلى المسرح القومي لمشاهدة مشاريع تخرج طلاب (قسم التمثيل)، ووجدت من شاهدته في المعهد يقف على المسرح يؤدي دور هاملت في مسرحية شكسبير الشهيرة، وعرفت أن هذا الشاب اسمه محمد جابر، الذي أصبح اسمه لاحقاً نور الشريف وذلك للضرورات الفنية والتشويقية، وتعرفت عليه جيداً بوساطة صديق من دفعتي في المعهد هو يسري ندا، وتوطدت العلاقة بيننا وأصبحنا أصدقاء.
والتقينا بعد التخرج في لجان تحكيم عربية ودولية أولاها في مهرجان بغداد المسرحي واتفقنا واختلفنا كثيراً عام 1985، حيث كانت لجنة التحكيم مكونة من يوسف إدريس وألفريد فرج ونور الشريف من مصر، وعبد العزيز السريع ود.حسن يعقوب العلي من الكويت، ومحمد حسن الجندي من المغرب، وعز الدين المزين من تونس، وعبده وازن من لبنان، ولؤي حقي رئيساً للجنة، ود.جميل نصيف والأستاذ جميل نصير، وحاتم السيد من الأردن. 
وقد ثار جدل كبير حول جوائز المهرجان، وكنت الطرف المزعج لأعضاء اللجنة من أجل إحقاق الحق. 
وحين كنت في لجنة التحكيم واحتدم النقاش حول بعض المسرحيات كالمسرحية القطرية والمسرحية اللبنانية والجزائرية والمسرحية الأردنية، التي كانت «كأنك يا أبو زيد» تأليف غنام غنام ومن إخراج محمد الضمور... واضطررت للانسحاب من اللجنة، بسبب الظلم البيّن لكثير من المبدعين في الوطن العربي.
ومع كل ذلك فقد استمرت صداقتنا إلى سنوات طويلة رغم المعطيات التي واجهتنا في لجان التحكيم العربية.
 
  صعوبة امتحانات القبول
عندما حان موعد فتح القبول لمعاهد أكاديمية الفنون، حاول الطالب حاتم السيد التسجيل لدراسة الإخراج السينمائي، وكان ذلك من نصيب زميله المخرج الأردني المرحوم عمر العلي، فقد كانوا يأخذون شخصاً واحداً أيضاً من كل دولة عربية، لذلك اتجه للتسجيل لدراسة الإخراج المسرحي، وكان عليه أن يجتاز سبعة امتحانات كي يتم قبوله طالباً في المعهد العالي للمسرح! وكانت تلك الامتحانات تدور حول أنواع الفنون والثقافات والآداب العربية والعالمية من موسيقى وباليه ومسرح وسينما وتلفزيون وغناء وأدب وروايات وشعر ونقد... إلخ.
وكان من ضمن 5000 متقدم لهذه الامتحانات عديد من الإخوة المصريين الحاملين لشهادات البكالوريوس والماجستير من الجامعات المصرية، ولدى أقل واحد منهم 3 أو 5 محاولات سابقة للقبول... ومع ذلك فقد تم قبول الطالب حاتم السيد بعد زيادة عدد المقبولين بإضافة 3 مقاعد لحاتم السيد كطالب أردني وآخر لطالب كويتي وآخر لطالب سوري.
وعندما سألنا الأستاذ الفنان حاتم السيد عن بعض تلك الأسئلة التعجيزية التي كان عليه الإجابة عنها حتى تم نجاحه وقبوله للدراسة، قال: من أحد الأسئلة مثلا: اذكر أسماء خمسة موسيقيين عالميين تبدأ بحرف الباء؟! وقد يسألك ما معنى الموجة الجديدة في السينما الفرنسية؟!ّ وربما يكون سؤال آخر: عدّد لي أسماء خمسة أفلام للمخرج العالمي كلود ليلوش، ويعرض عليك مقطعاً من فيلم عربي أو أجنبي ويقول لك انقد هذا الفيلم، وما رأيك فيه؟! ومن هو مخرجه؟ وماذا تعرف عنه؟ وكأنك في معركة فنية رهيبة.
وعندما كنا نحن الطلاب المساكين نقول  للمدرسين العرب والأجانب من مصر وروسيا وكندا وفرنسا وبريطانيا: إننا جئنا هنا كي نتعلم الفن منكم في أثناء الدراسة، كانوا يسخرون منا قائلين: نحن يا أحبتنا لا نريد أن نعلّم أحداً هنا! بل نريد أن نرتقي بالطالب إلى أعلى المراتب والآفاق. أي كان على الطالب أن يكون موهوباً ومثقفاً فنياً جاهزاً من داره سلفاً! وكأن لسان الحال يقول: نحن لا نريد أن نربي المواهب، بل نريد طلاباً لديهم مواهب جاهزة وما علينا إلا أن نطورها ونثقفها أكثر فأكثر.

معلمو الفن
كان المدرسون الذين تلقى مخرجنا المسرحي المعروف حاتم السيد علوم الثقافة والفنون والآداب على أيديهم من أشهر جهابذة الفن والأدب المصريين والأجانب، ومنهم مثلا: المدرس والفنان الشهير محمود مرسي حيث درسهم نظريات الإخراج، والكاتب المسرحي المعروف نعمان عاشور، والفنان الدكتور كرم مطاوع، والفنان جلال الشرقاوي، والفنان سعد أردش... إلخ. أما في مجال الأدب فقد درسهم كل من: د. سمير سرحان، د. رشاد رشدي، د. لطيفة الزيات، د. عبدالعزيز حمودة، د. شكري عياد، د.فوزي فهمي... إلخ.

نكسة يونيو 1967
حينما حصلت هزيمة 5 يونيو كنت أنتظر وصول مصروفي الشهري، الذي كان عادة ما يأتي بين 5و6 من كل شهر. وأصدر الرئيس جمال عبد الناصر قراراً بأن كل الطلاب العرب بإمكانهم الذهاب إلى المدن الجامعية التي يوجد بها سكن ومأكل ومشرب دون مقابل، وألا يدفع كل مَن يسكن في شقة الأجرة الشهرية لصاحبها.
وخيّم الظلام على القاهرة بعد أن كانت منارة للعلم والمعرفة والفن والجمال.
وأصبح الدفاع المدني وبعض المتطوعين في الشوارع مرددين جملة «اطفئ النور»، حتى جاء يوما 8و9 يونيو وقيل في التلفزيون إن هناك نبأ مهماً سيلقيه الرئيس جمال عبدالناصر، وكانت أجهزة التلفزيون قليلة جدا في تلك الفترة، فذهبت إلى منزل زميل دراسة كويتي هو عبدالله محيلان لنسمع ونشاهد هذا النبأ المهم، وظهر عبدالناصر وتنحى عن رئاسة مصر، وأعلن النكسة، وأحسست وقتها بالتوهان وبأنني فقدت أبي الذي يعيلنا، وتركت زميلي الكويتي غارقاً في البكاء في شقته بشارع المساحة بالدقي، ونزلت من عنده تائهاً لا أعرف أين أذهب، وما إن وصلت إلى الشارع حتى تقاذفتني أمواج من البشر وتلاطمتني أمواج من النساء يحملن أطفالهن على أكتافهن قادمات من المنطقة الشعبية «بين السرايات» يصرخن ويبكين، والكل يرفض التنحي. وظللت أركض مع أمواج البشر الهائلة إلى ميدان التحرير، ومن ثم إلى مجلس الشعب، حيث قابلنا محمد أنور السادات رئيس مجلس الشعب آنذاك، وخطب فينا، لكننا لم نقتنع بخطابه، وذهبنا إلى بيت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في حدائق القبة، ونمنا ليلتنا هناك، حتى رجع الرئيس عن قراره، وفي أول طائرة خرجت بعد النكسة في 17/6/1967 كان بها  أمين عام جامعة الدولة العربية لعقد مؤتمر وزراء الخارجية العرب  وبعض وزراء خارجية الدول المغاربية  ووزير خارجية مصر ذاهبين إلى الكويت، ركبت في الطائرة نفسها لزيارة أهلي من الكويت!

زملاء الدراسة
من زملاء الدراسة في تلك الفترة يتذكر الفنان السيد الأسماء التالية: الكاتب الأردني رسمي أبوعلي، وأمينة النقاش شقيقة رجاء النقاش، وزينب المرشدي شقيقة سهير المرشدي، والراحل مجدي فرج،
ود. حسن عطية، وهو الآن عميد المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، وكذلك من زملائه في المعهد العالي للفنون المسرحية الفنان نور الشريف، والفنان الكوميدي محمد صبحي ويونس شلبي وهادي الجيار والكاتب لينين الرملي وأحمد زكي والفنانة عفاف شعيب... إلخ.

صديق الفنانين العرب
صفة أصبحت لازمة عند ذكر اسم حاتم السيد هي «صديق الفنانين العرب» في معظم الدول العربية، ويرجع ذلك إلى دراسة حاتم السيد في مصر وتكوينه  تلك الصداقات، ثم استمرار تلك العلاقات حتى هذه اللحظة، وبسبب أن حاتم السيد كان دائماً يحرص على دعوة أهم وأشهر تلك الأسماء إلى الأردن لحضور المهرجانات المسرحية الأردنية والملتقيات العربية، ثم لأن حاتم السيد يشترك في معظم النشاطات المسرحية في الدول العربية، إما في لجنة التحكيم وإما في الندوات الفكرية أو بصفته مكرّما، ومن أصدقاء الفن لدى حاتم السيد في الدول العربية نذكر بعضاً منهم غير من ذُُكر أعلاه، من الكويت المخرج فؤاد الشطي والكاتب المسرحي عبدالعزيز السريع، ومحمد المنصور، وسعد الفرج، ومن قطر حمد الرميحي وغانم السليطي، ومن الإمارات الكاتب والشاعر محمد الضنحاني ومحمد سيف الأفخم،  ومن سلطنة عمان طالب البلوشي والكاتبة آمنة الربيع، ومن العراق صلاح القصب ومحسن العلي وسامي عبدالحميد ويوسف العاني، ومن المغرب عبدالكريم برشيد كاتب ومحمد البلهيسي، ومن الجزائر بن قطاف، ومن سورية أسعد فضة والراحل ممدوح عدوان ومعظم الفنانين الآخرين، ومن لبنان بول شاؤول، سميرة بارودي، إحسان صادق، شادية زيتون، رندة الأسمر، ومن السودان علي مهدي، ومن اليمن الغشيم.

على درج الكلحة
عند عودة المخرج والناقد المسرحي حاتم السيد بشهاداته وخبراته الفنية الثرية إلى أرض وطنه الأردن في عام 1971، أقام في فندق الريفيرا بدرج الكلحة بشارع الملك الحسين لمدة سنة كاملة، حيث لم يكن يعرف أحداً هنا, فأكثر معارفه وأهله، إما في الكويت وإما في القاهرة.
ويقول حاتم السيد: «خلال تلك السنة لم أعرف سوى المشي من الفندق إلى شارع فيصل حيث كنت أمر على بسطة كتب «حسن أبو علي الذي تعرفت عليه آنذاك، ثم سنحت الظروف أن تعرفت على الشاعر الكبير والرائع عبد الرحيم عمر، رحمه الله».

الشاعر عبدالرحيم عمر 
كان عبد الرحيم عمر مثقفاً كبيراً ومديراً لدائرة الثقافة والفنون في عمان, أما التوظيف في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني فقد كان أمراً صعباً في تلك الفترة، وكانت ظروفي المادية والنفسية صعبة بسبب ضغط الأهل لعودتي للعمل في الكويت.
ولكي يساعدني عبدالرحيم عمر قال لي: «هل لديك مسرحية تقوم بإخراجها وتأخذ عنها مكافأة مالية لكي تسلك أحوالك لحينما تطلع تشكيلات التوظيف في الدولة؟».

«الزير سالم» وهموم الناس 
وكان أن تقدمت بنص مسرحية «الزير سالم» من أجل إخراجها لدائرة الثقافة والفنون، وهي من تأليف الكاتب المسرحي المصري الشهير ألفريد فرج , وتم عرضها في قاعة قصر الثقافة في عمان, واشترك بتمثيل هذه المسرحية كل أعضاء أسرة المسرح الأردني وعددهم 28 ممثلاً وممثلة، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض المواهب من خارج أسرة المسرح الأردني، وبعد شهرين دخل على الخط مخرج أمريكي كان يقوم بزيارة إلى الأردن،  وهو الراقص اللبناني الأصل الأمريكي الجنسية بهيج حداد (بوب حداد) وتم تمويل المسرحية  من المركز الثقافي الأمريكي، وتم عرضها كذلك فيما بعد في مهرجان شيراز لدول آسيا وإفريقيا عام 1973، الذي عقد في مدينة شيراز بإيران.
وهذه المسرحية كانت تلامس هموم الناس ومشاكلهم، خاصة أنها تطرح الصراع بين قبيلتي أبناء العمومة البكريين والتغلبيين.
وبعد ذلك تم تعييني موظفاً في دائرة الثقافة والفنون بوظيفة مخرج مسرحي، ثم قمت بإخراج عديد من المسرحيات بسبب حبي الشديد وولعي بهذا الفن، بالإضافة إلى ممارستي للنقد في جريدة الرأي ثم صوت الشعب والدستور وأخبار اليوم.

الناقد الأردني تيسير نظمي والمخرج حاتم السيد والمخرج الكويتي فؤاد الشطي على خشبة المسرح الأردني في حديث باسم