بيت كانو
بيت كانو
مكتبة العربي لم تقتصر تجارة عائلة كانو البحرينية على نوع محدد ولم تهتم بنوع معين وإنما توسعت طولاً وعرضاً لتشمل مواد متنوعة فيها السكر والأرز وفيها أيضا الأحجار الكريمة والإلكترونيات, سجل شامل لعائلة تجارية من البحرين هي عائلة كانو على مدى القرن العشرين كاملا.ً وحسنا فعل المؤلف وهو أحد أحفاد العائلة عندما مهد لدراسته عن العائلة ونشاطها التجاري بعرض شامل عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في منطقة شرق الجزيرة العربية على وجه الخصوص. وبدأ بمشكلة توثيق الأحداث التاريخية بأن الناس والقبائل البدوية العربية لم تكن تسجل الأحداث وإنما جاء الإنجليز ليقوموا بهذه المهمة. بيد أننا لو توقفنا قليلاً وتأملنا الأمر وجدنا أن هناك وثائق أهلية نجهلها, والمؤلف نفسه لجأ إليها في كتابة تاريخ عائلته أكثر من لجوئه إلى الوثائق البريطانية, ثم إن الشعر الشعبي والنبطي كان في كثير من الأحيان سجلاً تاريخياً لسيرة الناس في المنطقة أو أهم وقائعهم إذا انتزعنا منه المبالغة والعصبية. وقصة عائلة كانو بدأت عندما هاجرت في منتصف القرن التاسع عشر من جنوب إيران إلى البحرين, وهي عائلة تجارية منذ بداية هجرتها إلى البحرين حيث بدأ عميد العائلة الحاج هلال يعمل ببيع المواد الاستهلاكية في متجر صغير. لقد كان اقتصاد البحرين في أواخر القرن التاسع عشر يعتمد بشكل كبير على الصناعات البحرية كصيد الأسماك, واستخراج اللؤلؤ, وبناء السفن وتصدير اللؤلؤ, وكانت البحرين تستورد ما تحتاج إليه من الهند وغيرها. وفي ظل تلك الأوضاع بدأ نشاط عائلة كانو التجاري. وفي العقد الثامن من القرن التاسع عشر بدأت شركة بيسن البحرية نشاطها لدعم المصالح التجارية البريطانية في منطقة الخليج العربي, وتعزيز الوجود السياسي البريطاني القائم فعلاً في المنطقة. وكنتيجة لذلك النشاط نشطت الموانيء الخليجية وبخاصة بوشهر والبحرين, ونجم عن ذلك النشاط انتعاش الاقتصاد البحريني باعتبار موقع البحرين استراتيجيا في منتصف الساحل الجنوبي للخليج العربي. هذه التطورات أتاحت الفرصة للحاج يوسف كانو في العقد الأخير من القرن التاسع عشر لتطوير نشاطه التجاري, ولهذا الغرض أقام علاقاته مع أول مساعد معتمد بريطاني في البحرين منذ بداية القرن العشرين وهو (جي كالوت غاسكن), وكان السيد يوسف كانو الذي تعلم اللغة الإنجليزية حلقة الوصل بين مساعد المعتمد السياسي البريطاني وحاكم البحرين في ذلك الوقت الشيخ عيسى بن علي آل خليفة, واكتسب الخبرة وكذلك كسب ثقة دار المعتمدية البريطانية من جهة وحاكم البحرين من جهة أخرى مما ساعده على تطوير نشاطاته التجارية فيما بعد. مع بداية القرن العشرين أصبح الحاج يوسف كانو وكيل شحن وسفريات في البحرين معتمداً من قبل الشركات البريطانية, وقد كانت المواد المستوردة: الرز الهندي, والمنسوجات القطنية والشاي والقهوة, وتصدير اللؤلؤ. وتدريجيا وسع السيد يوسف كانو من شبكة اتصالاته التجارية ليكون معتمداً لها في البحرين والمنطقة مع: الألمان والبريطانيين والبلجيكيين والأمريكان, وكان كثير السفر إلى الهند ليشرف بنفسه على تصدير البضائع, وبنى من خلال علاقاته التجارية مؤسسة تجارية عملاقة أصبحت أساسية ومؤثرة في النشاط التجاري في البحرين وشرق الجزيرة العربية خاصة في النصف الأول من القرن العشرين, واستمر ذلك النشاط خلال النصف الثاني من ذلك القرن. لقد أصبحت الوكالات مع شركات الشحن العالمية تحتل المقام الأول ضمن أعمال الحاج يوسف بن أحمد كانو, وعلى الرغم من أن الحاج يوسف كان قد بدأ يتعامل مع شركات الشحن حال توليه أعمال العائلة التجارية لكنه لم يضع هذه التعاملات في إطار تعاقدي إلا في أوائل القرن العشرين. وقد تنوع نشاط شركات كانو حين تولت سفر جميع الحجاج الذين يبحرون إلى ميناء جدة في المملكة العربية السعودية, وتولت الترتيبات لذلك النقل مع موانيء البصرة, وبوشهر, ومسقط, وكراتشي. ويذكر المؤلف أن العلاقة بين الحاج يوسف والمعتمدين السياسيين البريطانيين في البحرين لم تكن منسجمة وطبيعية على الدوام, ربما لمنافسة شركاته نشاط شركة الهند الشرقية البريطانية وغيرها من الشركات البريطانية لكن لا يمكن لهم تجاهل نشاط شركات كانو من جهة, لاعتبارات أخرى مثل العلاقة الجيدة بين السيد يوسف كانو وحاكم البحرين, وربما هناك عامل آخر وهو اعتزاز السيد يوسف كانو بنفسه واحترام ذاته وعدم تقبله التعامل معه بترفع وسلطوية. ومما سجله المؤلف لعائلة كانو أن نشاطها التجاري كان للعائلة وللبحرين أيضاً حيث ساهمت في انتعاش النشاط التجاري, ودعم العديد من المؤسسات التي قامت في البحرين مثل بلدية المنامة. يبدو أن السيد يوسف كانو لم يترك مجالاً تجارياً إلا وطرقه في البحرين والهند حتى الصيرفة, وتفسير ذلك يعود ربما للأمور التالية: مقدرته ونشاطه وحضوره التجاري الأساسي في المنطقة, ثم عدم وجود منافسين حقيقيين, وعلاقاته مع الحاكم ومع السلطات البريطانية. ومنذ وقت مبكر طرحت فكرة تأسيس البنك الشرقي في البحرين عام 1916/1917م ورفض الطلب في البداية بحجة تعارضه مع الشريعة الإسلامية, ومن الذين قاوموا ذلك التأسيس السيد يوسف كانو, ولكنه وافق مع عدد من تجار البحرين على ذلك التأسيس عام 1918م, وبدأ هذا البنك عمله في عام 1920م, ونعتقد أنه أول بنك ينشأ في منطقة الخليج العربي ثم بدأ نشاط السيد يوسف كانو في المملكة العربية السعودية في عام 1920 بعد زيارته للملك عبدالعزيز بن سعود, فتوسعت شركات الشحن لتشمل السعودية. كما توسعت المشاريع التجارية لعائلة كانوا لتشمل مشاريع جديدة فأخذت وكالة استيراد السيارات منذ 1928م, وكانت من نوع سيارات فورد. ومن المشاريع التجارية الأخرى كان مشروع استخراج المياه العذبة من الآبار الارتوازية مع عائلة يتيم, وبدأ عام 1927م, وفي عام 1928 كان قد تم حفر خمسة وخمسين بئراً في جزر البحرين. ومن الأعمال المهمة أنه منذ بداية الثلاثينيات من القرن العشرين بدأ نشاط شركات كانو في مجال النفط, فأخذ وكالة شركة البترول الإنجلو فارسية لتزويد الطائرات بالوقود عام 1932 حيث بدأت رحلات الطيران البريطاني المنتظمة للمنطقة, وكانت الخطوة الطبيعية التالية هي تأسيس وكالة سفريات في البحرين من قبل السيد يوسف كانو. كما نشطت أعمال شركات كانو في سوق السكر. ومن ضمن من لمع اسمهم في تجارة الألماس واللؤلؤ والأحجار الكريمة كان السيد يوسف كانو, وقد كانت شحنات من اللؤلؤ التي يقوم السيد يوسف كانو بتجارتها قد وصلت إلى مانشستر في بريطانيا 1934م, وتحسنت أسعاره في أوربا في ذلك الوقت قبل أن يكتشف اللؤلؤ الصناعي الياباني ويطرح في الأسواق. لم تكن عائلة كانو تزاول تجارة اللؤلؤ بشكل مباشر بل كانت تقوم بدور الوكلاء في ذلك السوق. هذا الرواج لتجارة اللؤلؤ قد اضمحل في منتصف الثلاثينيات. وواجهت عائلة كانو وشركاتها أزمة مالية في أواخر الثلاثينيات بسبب الكساد الذي أصاب التجارة في المنطقة, وتمكنت العائلة حتى عام 1945 من تسديد ديونها للشركات. وجاء اكتشاف النفط في البحرين منبع التفاؤل للتجار من جديد ومنهم عائلة كانو, وتقاسم البريطانيون والأمريكان نفط البحرين. إن اكتشاف النفط في البحرين عام 1932 قد حقق أحلام الكثيرين: البنوك, والشركات, والتجار مع نهاية عقد الثلاثينيات. وتولت شركة كانو توفير الإمدادات والتموين لبعثات البحث الجيولوجي النفطي من قبل شركة بابكو في البحرين في منتصف الثلاثينيات, وباتفاق مع الشركة قام السيد يوسف كانو بتسويق غاز السولار في البحرين, واكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية عام 1938 قد خلق منافسين جدداً لكن فــي ذلك الوقـت كانت لا تزال شركات كانو القوة التجارية ذات الإمكانات التي لا تستغني عنها الشركات النفطية في البحرين وشرق المملكة العربية السعودية في موضوع وقود الطائرات وزيوت التشحيم والنقل البري والبحري للبنزين إلخ.. لم تترك شركات كانو مجالاً للعمل التجاري إلا وطرقته وجربته واستفادت منه. وكلما ينحسر العمل في مجال يتحرك السيد يوسف كانو لمجال جديد. ففتح وكالة لتجارة التبغ في منتصف الثلاثينيات مع شركة التبغ البريطانية, وتم توقيع عقد معها عام 1936م. وفي فبراير عام 1938 جاءت الأخبار إلى السيد يوسف كانو من شركة جي. إم. شاشا البريطانية أنه في إمكانه تصريف شحنة السمك الخاصة به في مانشستر, وكان ذلك مهماً في ذلك الوقت فلم تبدأ شركات النفط بالتصدير الفعلي. وفي مجال آخر مارس السيد يوسف كانو استيراد الفاكهة والخضراوات الطازجة من أستراليا إلى منطقة الخليج العربي في عام 1939م. قامت الحرب العالمية الثانية عام 1939 وكان لها تأثير على النشاط التجاري في منطقة الخليج العربي, حيث انقطع وصول بعض المواد الأساسية, وقلت كميات أخرى ,ليس ذلك فحسب, الأهم أن النفط توقف خاصة في المملكة العربية السعودية, واقتضى الأمر ترشيد الاستهلاك, وتقييد الصادرات, ذلك يعني نقصاً في المواد الغذائية وارتفاع أسعارها. وهذه المشكلة واجهت البحرين كما واجهت إمارات الخليج العربي الأخرى. واقتضى الأمر تدبير كميات من المواد الأساسية المخزونة في بعض الموانيء مثل الحبوب في ميناء البصرة إضافة إلى تقنين صرف المواد الغذائية عن طريق البطاقة التموينية. في حين تعرضت خدمات الخطوط الجوية المدنية للاضطراب أثناء الحرب العالمية الثانية, وكانت معاناة صناعة الشحن البحري العالمية أقسى بكثير, حيث انخفضت خدمات نقل الركاب بالبواخر إلى أدنى مستوى, بينما كانت سفن الشحن التجارية تتعرض باستمرار للهجوم والمصادرة وتحويلها لخدمة النقل الحربي. وأدى نظام ترشيد المؤن, وفض الحصص إلى انخفاض حاد في عرض السلع الاستهلاكية بالبلدان المنتجة والمستهلكة مما خلق نوعاً جديداً من التجارة هي تجارة السوق السوداء التي عانت منها البحرين, وكذلك نشطت تجارة التهريب. وحدث أيضا اضطرابات لانهيار خدمات البريد الجوي والبحري في منطقة الخليج العربي, ومنذ عام 1944م والحرب تقترب من نهايتها بدأ السيد يوسف كانو نشاطه من جديد في الإستيراد لمختلف الحاجات الإستهلاكية, مثل الفواكه المعلبة, والسجائر, والمنتجات الصوفية, والسيارات. وبعد توقف الحرب بدأ الاستقرار والانتعاش الاقتصادي يدب في المنطقة خاصة بعد استئناف تصدير النفط. وقد توفي الحاج يوسف كانو عام 1945 بعد حياة حافلة بالنشاط التجاري البارز. وتولى السيد أحمد كانو وإخوته وأبناء عمومته نشاط شركات كانو في المرحلة التالية, وتطورت إلى تأسيس شبكة أعمال تغطي معظم منطقة الخليج العربي في العقود التالية, وتنوعت لتشمل: التأمين, والإنشاءات, والمعدات الخاصة بها, وإمدادات حقول النفط, والأنشطة التجارية الأخرى. وفي فترة الخمسينيات والستينيات تم افتتاح مكاتب لشركات كانو في المملكة العربية السعودية والكويت, ودبي وأبوظبي والشارقة ورأس الخيمة, وفي السبعينيات في عمان ولندن وهيوستن في أمريكا, كما أصبحت الاستثمارات العقارية والمشاريع المشتركة جزءاً مهماً من أعمال شركات كانو. وقد حققت شركة كانو إنجازا عام 1950 عندما حصلت من شركة أرامكو في شرق المملكة العربية السعودية على عقد لنقل البضائع من وإلى السفن الكبيرة. مع بداية الستينيات بدأت مرحلة جديدة في نشاط شركات كانو. حيث أصبحت شركة كانو الوكيل الفرعي لشركة غراي ماكنزي في السعودية, ووسعت شبكة أعمال شركة يوسف كانو في المملكة العربية السعودية في الخفجي والرياض وجدة. حتى أوائل عقد الستينيات. كان الميناء الصغير برأس الخفجي القريب من حدود الكويت يستخدم بشكل رئيسي كرصيف لتحميل ناقلات النفط, وأحياناً كانت سفن الشحن تفرغ حمولتها هنا بدلاً من تفريغها في الدمام ثم نقلها شمالاً إلى الخفجي بالشاحنات لمسافة 300 كلم. وبعد صدور المرسوم الملكي السعودي الذي أعلن فيه أن على شركات النفط العاملة في المملكة أن تستفيد من خدمات الشركات المحلية قامت شركة كانو بإقامة مكاتب لها في رأس الخفجي حيث كانت تلبي متطلبات ربابنة السفن من التموين, وتوصيل البريد, وتخليص أوراق الميناء إضافة إلى تفريغ الحمولة والنقل من السفن إلى البر ومن سفينة إلى أخرى. وتوسع نشاط شركة كانو لتصل إلى استراليا لاستيراد اللحوم المبردة إلى منطقة الخليج العربي منذ نهاية الستينيات من القرن العشرين. وبعد توسع أعمال شركة كانو في البحرين والسعودية خلال الخمسينيات والستينيات بدأ التفكير جدياً بتوسيع أعمالها في الإمارات العربية المتحدة منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين. ونشاط هذه الشركة في الإمارات كان قد بدأ فعلا في بعض تلك الإمارات منذ بداية الخمسينيات كذلك منذ بداية السبعينيات بدأ نشاط تلك الشركة في عُمان في مجال الإنشاءات, وتوريد المعدات, والشحن البحري, ونقل البضائع, والكهرباء, وخدمات الطيران. مما يسجل لشركة كانو أنها بدأت بتشغيل وتدريب المواطنين البحرينيين منذ عام 1969م. منذ عام 1973م انتقل الثقل الاقتصادي والسياسي إلى دول الجزيرة العربية والخليج بفعل زيادة عائدات النفط, وبالتحديد بعد حرب أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل. لقد قرر العرب استخدام النفط كسلاح سياسي في معركتهم مع إسرائيل ومن يقومون بدعمها فتقرر حظر تصدير النفط مما أدى إلى ارتفاع أسعاره عالمياً, وهدد بعضهم بتأميم النفط, وعلى الرغم من ردود الفعل الغاضبة في دول الغرب فإن الأسعار استمرت في الارتفاع, فوجدت دول الخليج العربية لديها أموالا فائضة استخدمت جزءاً منها في تحديث بنيتها التحتية والجزء الآخر في الاستثمارات الخارجية, وعلى الرغم من صراخ الغرب وتذمره, فقد كان مستفيداً أيضا من زيادة أسعار النفط فهو المصدر الأساسي للسلع إلى هذه المنطقة, وأن الاستثمارات الخارجية للدول الخليجية هي في تلك الدول. ونتج عن ذلك تحولات وظواهر عديدة حيث بدأت الشركات الأجنبية والمحلية في المشروعات الكبرى, وبدأت تفد إلى المنطقة هجرة آسيوية كبيرة. ومع ذلك التطور كان لشركة كانو نشاط في الاستثمار, وبخاصة في المملكة العربية السعودية, ودخلت الشركة في مجالي الحاسوب, والطيران المدني, وكذلك في تطور صناعة الشحن التي بدأت عهد الحاويات الكبيرة, كذلك في المجال العقاري والمقاولات التي تولت العمل في مختلف المجالات, ثم بدأت الشركة إلى جانب الاعتماد على العمل اليدوي إلى التركيز على العمل الآلي, كما دخلت الشركة في تجارة الإلكترونيات كذلك. وقد استفادت شركة كانو من دولة الإمارات في بداية عهدها في السبعينيات, فالإمارات دولة ناشئة ولديها الإمكانات, وشركة كانو كانت لديها الخبرة والإمكانية. لم يشر المؤلف إلى عقد الثمانينيات وتأثير الحرب العراقية الإيرانية على نشاط شركة كانو لكنه توقف عند الغزو العراقي للكويت عام 1990م, حيث أكد أن نشاط شركة كانو في المملكة العربية السعودية استمر كالمعتاد. فقد أقامت شركة كانو على سبيل المثال مكاتب سفريات كانو لإجلاء الأجانب جواً أثناء عمليات عاصفة الصحراء لتحرير الكويت, وشاركت أيضا في النقل البحري لقوات التحالف التي شاركت في تلك الحرب. وينهي المؤلف كتابه عن نشاط عائلة كانو بتأملات مستقبلية وخطط تجارية, وبمناسبة احتفال شركة كانو بالذكرى المئوية أنشأت جائزة يوسف أحمد كانو للتفوق والإبداع. بعد هذا العرض الملخص لكتاب (بيت كانو) ـ قرن من الأعمال التجارية لشركة تجارية عربية لمؤلفه خالد محمد كانو نبدي ملاحظاتنا التالية: أولاً: الكتاب من تأليف أحد أبناء الأسرة التي يتحدث عن نشاطها التجاري الطويل والعريق, ولابد أن تثار بعض الأسئلة عن مدى الموضوعية والذاتية في مؤلف كهذا, ووجدنا جانباً مهماً من الموضوعية لكنه لم يكن يخلو من الذاتية للكثير من الوقائع والنشاطات التي كانت تقوم بها هذه الشركة. ثانيا: خلال قرن كامل هو القرن العشرين من نشاط عائلة تجارية من البحرين كانت نموذجا لنشاط تجاري لعائلات عديدة في منطقة الخليج العربي. ثالثا: من متابعة سيرة العائلة خلال تلك الفترة لاشك أنه نشاط تجاري مدهش تمكن من خلق شبكة من العلاقات مع قوى محلية وإقليمية ودولية من الفطرة التقليدية إلى الإدارة الحديثة. رابعا: الكتاب من دون شك سجل اقتصادي واجتماعي وسياسي لجوانب مهمة من تاريخ منطقة الخليج العربي. خامسا: لقد كشف الكتاب لنا عن وثائق أهلية استخدمها الباحث, وأن مثل تلك الوثائق العائلية مهمة في كتابة تاريخ المنطقة. سادساً: أوضحت تجربة شركة كانو كيف كانت التجارة تخترق السياسة في المنطقة في الوقت الذي نعرفه أن السياسة كانت تخترق التجارة وتؤثر فيها. سابعا: ما يهمنا في هذا الكتاب ملامح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة التي تعرض لها بطريق مباشر أو غير مباشر. ثامناً: لقد بدأ نشاط شركة كانو في البحرين وامتد للمناطق المجاورة مثل: دبي وأبوظبي والأحساء وغيرها, وأصبحت الشركة وكيلاً لشركات عالمية في المنطقة. تاسعاً: اللافت للنظر في هذا الكتاب أن المؤلف لم يتطرق إلى أمرين: الأول نشاط شركة كانو أثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات وتأثير تلك الحرب عليها. الثاني: ليس لشركة كانو أي نشاط تجاري يذكر في الكويت على الرغم من ذلك الاتساع لنشاطاتها في المنطقة! ولم يتطرق الكتاب إلى ذلك, ولا حتى يفسره ويبرره, لعل عدم وجود مثل ذلك النشاط في الكويت له أسباب تحتاج إلى توضيح في المستقبل من قبل المؤلف أو غيره من الباحثين في النشاط التجاري للمنطقة في الفترة التي حددها المؤلف لنشاط هذه الشركة العائلية التي قامت بدور كبير ومهم خلال قرن كامل من الزمن.
|