ديوان من بيرو يتغنى بالأندلس العربية
ديوان من بيرو يتغنى بالأندلس العربية
من المكتبة الأجنبية شاعر من بيرو ومدرس أكاديمي في جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما. أولى الأندلس اهتماماً خاصاً, وكل ما هو شرقي أيضاً, فبدت الأندلس وكأنها الرئة التي يتنفس منها قصائده, أبرز دواوينه (شعر بيرنيثي المستعار). ماركو مارتوس شاعر من بيرو, خنق الخمسين, يعمل أستاذاً للأدب الإسباني والأمريكي اللاتيني في كلية الآداب والفلسفة بجامعة سان ماركوس بالعاصمة البيروفية (ليما). يجمع ماركو بين الشعر والدراسة الأكاديمية, وهو جمع عسير, غير معهود بتواتر في القرائح الإنسانية, حيث الشعر ملك مستبد, ومشغلة عن غيره, لكن صاحبنا استطاع التوفيق بين ملكتيه النقدية والشعرية, فلم يصب شعره بما يصاب به الشعراء العلماء, فيخرج ما يكتبون جافاً لا مائية فيه, عديم الرونق والبهاء. ولهذا الشاعر إسهامات نقدية مهمة, وبخاصة دراسته عن جيل الستينيات من شعراء بيرو, وقد أخرج طائفة من الدواوين من أبرزها هذا الديوان (شعر بيرنيثي المستعار) أو (باروكة بيرنيثي), وقد ترجم شعره إلى الفرنسية, وهو في صدارة شعراء جيله الآن. يبرز في هذا الديوان الاهتمام بالأندلس العربية, أو بما هو شرقي عموماً, بجانب الشعر الوصفي والتأملات, وكان مفاجأة بالنسبة لي أن أطالع قصائده عن الأندلس, لبعد الشـقة, لكن يبدو - إن لم نسرف في التخيّل - أن الشــــاعـــر ربما يتحدّر من الأصلاب الموريسكية التي هاجرت إلى أمريكا اللاتيـنية بعد زوال الحكم العربي بالأندلس, لكنه تخيّل تعوزه الأسانيد التاريخية, وإن لم تعوزه - في رأيي - معارف الوجــه والأعضاء. وقد ألفت أن أقرأ عن الأندلس العربية لشعراء من إسبانيا (الأم), مثل مانويل ماتشادو الذي يفخر بأنه: (من جنس عـــربي قـــديم, جنس صديق قديم للشمس, أولئك الذين غنموا كل شيء وخسروا كل شيء) كما يقول في قصــيدته (الدفلى), ومثل فرانسســكو بياسبـيسا, وأطلقت عليه شاعر الحمراء, لاشتمال شعــــره على دواوين كاملة عن غرناطة والحمراء, كما صنع نظير له غرناطي قديم هو ابن زمرك, ومثل خوسيه أورثكو, وأنطونيو جالا شعراً ومسرحاً, وغيرهم كثير. لكن أن يفرد شاعر من بيرو قسطاً كبيرا من قصائده عن الأندلس العربية, فهو أمر لافت للنظر, ولعل الشاعر كان يتنفس من رئة الأندلس همومه القومية والإنسانية. ومعلوم بالضرورة أنه لا ينظم حوادث تاريخية, وإلا كنا في غُنية بالتاريخ عن شعره, لكنه التقط حوادث التاريخ ليقيم معها حواراً أو جدلاً حاضراً دون أن يقع فيما يقع فيه نظراؤه من أوربا المفتونون بجو ألف ليلة وليلة, وحين نظم على لسان مخترع الموشحات مقدم بن معافى القبري الضرير نسبـــة إلى Cabra من أحواز قرطبة, ركب طريقة الموشحات في الأغصان والأقفال, وكانت تبرز القافية فيها بروزاً معجـباً في الأصل الإسباني بالطبع, ولم يقع الشاعر في مباءة الرموز المستـغلقة, بل كانت لغته وصوره سهـلة وعميقة في الوقت ذاته. ولعل ترجمة هذه الطائفة من قصائده تكون بمنزلة التحية ردّاً على تحيته التي حيّا بها أسلافنا وتاريخنا العزيز في الفردوس المفقود. 1) وجهان من ولادة 2) رسالة إلى ابن زيدون
|