مصطلح «ساراسين» في اللغات الأوربية

مصطلح «ساراسين»  في اللغات الأوربية

قرع مسامعي في أول محاضرة لي بجامعة بايرويت في ألمانيا، التي كانت عن موضوع مدخل للدراسات الإسلامية في إفريقيا للبروفيسور أوسفالد WaldBo، لأول مرة كلمة «ساراسين» (بالألمانية: Sarazenen)، و(بالإنجليزية: Saracen)، وتعجبت كثيراً لهذه الكلمة، وما المقصود الدقيق منها، ولماذا لا يُقال مسلمون، وهل لهذه الكلمة دلالة اصطلاحية أو معنى أكاديمي مميز  آخر  لا أعرفه؟ وتوجهت في نهاية المحاضرة بسؤال عن معنى الكلمة للدكتور  المحاضر، فأجابني إجابة سريعة لا تشفي الغليل، بأنها فقط تعني المسلمين.

قررت‭ ‬البحث‭ ‬أكثر‭ ‬عن‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬وأصلها،‭ ‬فتجلّت‭ ‬لي‭ ‬معانٍ‭ ‬مختلفة‭ ‬تثير‭ ‬الدهشة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أود‭ ‬توضيحه‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يلي‭.‬

‭ ‬يشير‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬ساراسين‮»‬‭ ‬Saracen‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬القبائل‭ ‬التي‭ ‬استوطنت‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬الحديث‭ ‬متطور‭ ‬عن‭ ‬الكلمة‭ ‬الأصلية‭ ‬اليونانية‭ ‬‮«‬Saradinoi‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬أولاً‭ ‬العالم‭ ‬الشهير‭  ‬بطليموس‭ ‬Usaptolin‭ (‬توفي‭ ‬عام‭ ‬150‭ ‬بعد‭ ‬الميلاد‭) ‬على‭ ‬قبائل‭ ‬الأنباط‭ ‬تحديداً،‭ ‬ثم‭ ‬استخدم‭ ‬الرومان‭ ‬المصطلح‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬البتراء،‭ ‬الخاضع‭ ‬للدولة‭ ‬الرومانية‭ ‬آنذاك‭.‬

 

المصطلح‭ ‬في‭ ‬لغات‭ ‬قديمة

وصف‭ ‬بطليموس‭ ‬قبائل‭ ‬الأنباط‭ ‬في‭ ‬اليونانية‭ ‬العامة‭ ‬‮«‬أو‭ ‬الكوينة‭ ‬الإغريقية‮»‬‭ ‬بكلمة‭ ‬‮«‬Saradinoi‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬ظهرت‭ ‬كلمات‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬وصفه،‭ ‬وذلك‭ ‬مثل‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬Saracene‮»‬‭ ‬في‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وكلمة‭ ‬‮«‬Sarkaye‮»‬‭ ‬في‭ ‬السريانية،‭ ‬ثم‭ ‬أصبحت‭ ‬جميعها‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬القبائل‭ ‬الرحّل‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬سيناء‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬200‭ ‬إلى‭ ‬400‭ ‬بعد‭ ‬الميلاد،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬توسع‭ ‬دلالي‭ ‬لهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬من‭ ‬قبائل‭ ‬الأنباط‭ ‬تعييناً‭ ‬إلى‭ ‬قبائل‭ ‬أخرى‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬ويجمع‭ ‬بينها‭ ‬الارتحال‭ ‬وتشابه‭ ‬حال‭ ‬المعيشة‭ ‬في‭ ‬البيداء‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬والقرى،‭ ‬مع‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬لغة‭ ‬الأنباط‭ ‬كانت‭ ‬بالتأكيد‭ ‬مختلفة‭ ‬قليلاً‭ ‬أو‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬لغة‭ ‬قبائل‭ ‬سيناء،‭ ‬وذلك‭ ‬لم‭ ‬يمنعهم‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬المصطلح‭ ‬نفسه‭.‬

 

إيتيمولوجيا‭ ‬المصطلح

يذكر‭ ‬الباحث‭ ‬الألماني‭ ‬ساوتير‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‮»‬‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬تحديد‭ ‬أصل‭ ‬ومعنى‭ ‬مصطلح‭ ‬ساراسين‭ ‬Sarazenen‭ ‬بدقة،‭ ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬الـ‭ ‬18‭ ‬ظهرت‭ ‬آراء‭ ‬جديرة‭ ‬بالنظر،‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬أصل‭ ‬المصطلح‭ ‬كلمة‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬يشار‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الشرق،‭ ‬أي‭ (‬شرقي‭/ ‬Schariyun‭)‬،‭ ‬ورأي‭ ‬آخر‭ ‬جدير‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬قد‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬يعرب‭ ‬بن‭ ‬قحطان‮»‬‭ ‬المعروف‭ ‬بأبي‭ ‬العرب،‭ ‬والذي‭ ‬أخذوا‭ ‬منه‭ ‬اسمهم،‭ ‬كما‭ ‬تذكر‭ ‬بعض‭ ‬أخبار‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭.‬

ومن‭ ‬الآراء‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬معنى‭ ‬المصطلح‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬بعض‭ ‬علماء‭ ‬اللغة‭ ‬اليونانية‭ ‬بأن‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬Sarakenoi‮»‬‭ ‬في‭ ‬اليونانية‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬ساكني‭ ‬الخيام‮»‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬جداً‭ ‬إلى‭ ‬العرب،‭ ‬وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬يذهب‭ ‬المستشرق‭ ‬الألماني‭ ‬غونتر‭ ‬لولنغ‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬نموذج‭ ‬جديد‭ ‬لنشأة‭ ‬الإسلام‭ ‬وتبعاته‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬جديد‭ ‬لقصة‭ ‬بني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بعيداً‭ ‬في‭ ‬استنتاجه‭ ‬الذي‭ ‬يسفر‭ ‬عن‭ ‬طابع‭ ‬ديني‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬فيجد‭ ‬أن‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬Sarakenoi‮»‬‭ ‬هو‭ ‬‮«‬محاربو‭ ‬سارة‮»‬‭ ‬Mpfer‭ ‬SarasaBek،‭ ‬أما‭ ‬‮«‬سارة‮»‬‭ ‬المقصودة،‭ ‬فهي‭ ‬زوج‭ ‬النبي‭ ‬إبراهيم‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬والدليل‭ ‬الذي‭ ‬استند‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬اللاحقة‭ (‬Ken‭) ‬من‭ ‬الكلمة‭ ‬اليونانية‭ ‬‮«‬Oiken‭ ‬Sara‮»‬‭ ‬مشتقة‭ ‬من‭ ‬الفعل‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬اليونانية‭ ‬العامة‭ ‬‮«‬Konein‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬بمعنى‭ ‬يحارب‭ ‬‮«‬Mpfenabek‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يعتبر‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬Sarakenoi‮»‬‭ ‬مرادفاً‭ ‬لكلمة‭ ‬‮«‬Hagarenoi‮»‬‭ (‬بالألمانية‭ ‬الحديثة‭) ‬Hagarener،‭ ‬وهي‭ ‬بمعنى‭ ‬‮«‬الهاجريين‮»‬‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬السيدة‭ ‬هاجر‭ ‬زوج‭ ‬إبراهيم‭ ‬الخليل‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬الثانية،‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬حسب‭ ‬التوراة‭ ‬إلى‭ ‬قبائل‭ ‬العرب،‭ ‬الذين‭ ‬ينظر‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬محاربو‭ ‬سارة‮»‬‭!‬

 

سيميائية‭ ‬المصطلح

لم‭ ‬يقف‭ ‬معنى‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬SARAKENOI‮»‬‭ ‬عند‭ ‬حد‭ ‬معين،‭ ‬بل‭ ‬أخذ‭ ‬يتوسع‭ ‬تدريجياً‭ ‬منذ‭ ‬ظهوره‭ ‬واستخدامه‭ ‬في‭ ‬عصور‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام،‭ ‬فاستخدم‭ ‬أولاً‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬قبائل‭ ‬الأنباط،‭ ‬ثم‭ ‬لإقليم‭ ‬البتراء‭ ‬بكامله،‭ ‬ثم‭ ‬شمل‭ ‬قبائل‭ ‬سيناء،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬استخدمه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬القديس‭ ‬جيروم‭ ‬إيرونيموس‭ (‬420م‭) ‬والأسقف‭ ‬يوسابيوس‭ ‬القيصري‭ (‬339م‭) ‬في‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭.‬

ثم‭ ‬تطور‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬كثيراً‭ ‬بعد‭ ‬الإسلام‭ ‬والفتوحات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وخاصة‭ ‬عندما‭ ‬وصل‭ ‬المسلمون‭ ‬واقتحموا‭ ‬منطقة‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬عام‭ (‬81 هـ‭/ ‬700م‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬استعمل‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المصادر‭ ‬اللاتينية‭ ‬أو‭ ‬الأدب‭ ‬المسيحي‭ ‬الأوربي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬مصطلح‭ ‬يقصد‭ ‬به‭ ‬‮«‬اسم‭ ‬جماعي‭ ‬أو‭ ‬وصف‭ ‬جماعي‭ ‬لكل‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬بالإسلام‭ ‬عرباً‭ ‬وغير‭ ‬عرب‮»‬‭. ‬وبهذا‭ ‬المعنى‭ ‬الموسع‭ ‬ومنذ‭ ‬عصر‭ ‬الحروب‭ ‬الصليبية‭ ‬تسرّب‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬وانضم‭ ‬من‭ ‬اليونانية‭ ‬واللاتينية‭ ‬إلى‭ ‬اللغات‭ ‬الأوربية‭.‬

جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الكتابات‭ ‬والمصادر‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬المسيحي‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬المسلمين،‭ ‬لكن‭ ‬لسبب‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬التحقير‭ ‬والحط‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الشعوب‭ ‬المسلمة‭ ‬في‭ ‬أصولهم،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنهم‭ ‬وجدوا‭ ‬كُتَّاب‭ ‬الكنيسة‭ ‬قبل‭ ‬الإسلام‭ ‬قد‭ ‬وصفوا‭ ‬قبائل‭ ‬العرب‭ ‬الشمالية‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬آنفاً‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬عند‭ ‬القديسين‭ ‬جيروم‭ ‬ويوسابيوس‭ ‬وغيرهما،‭ ‬لأن‭ ‬العرب‭ ‬الشماليين‭ ‬يرجعون‭ ‬في‭ ‬نسبهم‭ ‬إلى‭ ‬النبي‭ ‬إسماعيل‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬ابن‭ ‬السيدة‭ ‬هاجر‭ ‬زوج‭ ‬النبي‭ ‬إبراهيم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭.‬

وهنا‭ ‬وجد‭ ‬كُتَّاب‭ ‬الكنيسـة‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬الإسلام‭ ‬والفتوحات‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬ضالتهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإسلام،‭ ‬ومحاولة‭ ‬تبيانه‭ ‬أنه‭ ‬دين‭ ‬باطل،‭ ‬والحق‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الضلال‭ ‬والتلفيق،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فبما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الهاجريين‮»‬‭ ‬أبناء‭ ‬إسماعيل‭ ‬الذي‭ ‬أمه‭ ‬هاجر‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬جارية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬منزلة‭ ‬سارة‭ ‬السيدة‭ ‬الحرّة‭ ‬زوج‭ ‬النبي‭ ‬إبراهيم‭ ‬الأولى‭ ‬أم‭ ‬إسحق‭ ‬لاحقاً،‭ ‬فأصبح‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬يختفي‭ ‬خلفه‭ ‬معنيان،‭ ‬الأول‭ ‬شعوب‭ ‬الجارية‭ ‬الأقل‭ ‬مقاماً‭ ‬من‭ ‬السيدة‭ ‬الحرّة،‭ ‬أما‭ ‬الثاني‭ ‬فقد‭ ‬وجدوا‭ ‬فقرة‭ ‬من‭ ‬تفسير‭ ‬الرسول‭ ‬بولس‭ ‬للعهد‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬إلى‭ ‬أهل‭ ‬غلاطية‭ (‬4‭: ‬21،‭ ‬31‭)‬،‭ ‬تؤكد‭ ‬المعنى‭ ‬الأول‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬انبُذ‭ ‬أو‭ ‬اطرد‭ ‬الجارية‭ ‬وابنها،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يرث‭ ‬ابن‭ ‬الجارية‭ ‬مع‭ ‬ابن‭ ‬الحرة‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭ ‬‮«‬أيها‭ ‬الإخوة،‭ ‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬أبناء‭ ‬جارية‭ ‬بل‭ ‬أبناء‭ ‬حرة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الهاجريين،‭ ‬فوصف‭ ‬أبناء‭ ‬إسماعيل‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بالعبيد‭ ‬المنبوذين‭ ‬أو‭ ‬المطرودين‭!‬

ولأجل‭ ‬هذين‭ ‬السببين‭ ‬طار‭ ‬كُتَّاب‭ ‬الكنائس‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬‮«‬Sarakenoil‮»‬‭ ‬واستخدموه‭ ‬وصفاً‭ ‬للمسلمين‭ ‬منذ‭ ‬ظهور‭ ‬الإسلام،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الازدراء‭ ‬وتجفيل‭ ‬الناس‭ ‬عنهم،‭ ‬ولأجل‭ ‬ذلك‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬الحروب‭ ‬الصليبية‭ ‬أكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬في‭ ‬الآداب‭ ‬واللغات‭ ‬الأوربية،‭ ‬وسلاحاً‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الحرب‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬الإسلام‭ ‬Anti‭-‬Islamischen‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وبجانب‭ ‬المعنى‭ ‬الأصلي‭ ‬لهذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬سواء‭ ‬العرقي‭ ‬أو‭ ‬الديني‭ ‬حين‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬العرب‭ ‬والشعوب‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬والكتابات‭ ‬المسيحية‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬آنفاً،‭ ‬وجد‭ ‬تطور‭ ‬دلالي‭ ‬آخر‭ ‬لهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى،‭ ‬فمن‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬استخدم‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬‮«‬وثني‮»‬‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬‮«‬غريب‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لأنه‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬قديمة‭ ‬بعد‭ ‬انتشار‭ ‬المسيحية‭ ‬وسقوط‭ ‬الوثنية‭ ‬في‭ ‬أوربا،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬المباني‭ ‬والأطلال‭ ‬الرومانية‭ ‬القديمة،‭ ‬التي‭ ‬وصفت‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬Sarazenisch‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬وافق‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬هوى‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬كُتَّاب‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬لوصف‭ ‬المسلمين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬وثنيون‭ ‬وغرباء‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬الحق،‭ ‬فتم‭ ‬استخدامه‭ ‬أيضاً‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬يوضح‭ ‬بعض‭ ‬المؤرخين‭ ‬الألمان‭ ‬أن‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬SARAKENOI‮»‬‭ - ‬الذي‭ ‬مازلنا‭ ‬في‭ ‬صدده‭ - ‬قد‭ ‬أتى‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬معينة‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬حاملاً‭ ‬معاني‭ ‬مجازية‭ ‬كـ‭ ‬‮«‬الظلام‮»‬‭ ‬واللون‭ ‬الأسود‭ ‬والبشرة‭ ‬الداكنة‭ ‬والغجر‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ - ‬وفق‭ ‬ملاحظتي‭ - ‬فأصبح‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬محصوراً‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الأكاديمي‭ ‬البحت‭ (‬كتب‭ ‬أو‭ ‬محاضرات‭) ‬ولا‭ ‬يستخدم‭ ‬وصفاً‭ ‬للمسلمين‭ ‬إلا‭ ‬نادراً،‭ ‬وذلك‭ ‬لعدم‭ ‬الحاجة‭ ‬إليه‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬‭>‬