انتحار الشباب
انتحار الشباب
تعتبر قضية الانتحار من أكثر المشكلات الإنسانية التي نالت تفيد الدراسات الحديثة أن نصف مليون شخص يموتون سنوياً في العالم نتيجة للانتحار وبمعدل منتحر لكل دقيقة تمر. ومعدل الانتحار السنوي هو معيار للدلالة على مدى انتشار الانتحار في مجتمع ما. وأشارت الدراسات أيضا إلى تزايد الانتحار بين الشباب, وهذا يدل على تفاقم هذه المشكلة وتزايد مشكلات الشباب التي تؤدي إلى الانتحار. واهتم علم النفس والطب النفسي بمشكلة الانتحار حيث تبين أن الانتحار هو عدوان موجه نحو الذات لأن الشخص لا يستطيع لسبب ما أن يوجه عدوانيته باتجاه المجتمع أو باتجاه شخص آخر. ولقد عرف عالم الاجتماع دوركهايم الانتحار بأنه (كل حالات الموت التي تنتج بشكل مباشر أو غير مباشر من فعل سلبي أو إيجابي ينفذه الضحية بنفسه وهو يعرف أن هذا الفعل يصل إلى هذه النتيجة أي (الموت). إن السلوك الانتحاري هو سلسلة الأفعال التي يقوم بها الفرد محاولا من خلالها تدمير حياته بنفسه دونما تحريض من آخر أو تضحية لقيمة اجتماعية ما. ولذلك يعتبر من الصعب جداً وضع أسباب محددة للانتحار, فكل الدراسات القديمة والحديثة أجمعت على تضافر العوامل النفسية والاجتماعية والطبية فيما بينها لحدوث الفعل الانتحاري, وتعتبر الأمراض النفسية والاضطرابات العصابية والذهانية من المسببات الرئيسية للانتحار, ولكن فرويد (عالم النفس المشهور) أشار إلى أن الانتحار هو توجيه العدوانية الكامنة بالشخص ضد ذاته, أي أن هناك أزمة نرجسية يعاني منها الفرد تتجلى في اضطراب التوازن عنده بين العالم المثالي المنشود والعالم الواقعي المعيش. وقد يكون جو البيت المحطم من أهم الأسباب المؤدية للانتحار, والبيت المحطم يعني الأسرة أو العائلة المفككة الأوصال والمتنافرة الأفراد, إذ تبين أن الذين فقدوا والديهم قبل سن الخامسة كانوا الغالبية بين المنتحرين وخاصة في عمر الشباب. وأكدت الدراسات أن الرجال أكثر انتحارا من النساء, ولكن النساء يكثر انتحارهن في أعمار الشباب بين 20 ـ 29 سنة. ويزداد إقدام الشباب على الانتحار في فصلي الخريف والربيع من السـنة, وكأن هناك علاقة ما بين خصـــائص هذين الفصلـين ونفسية المنتحرين. وأكدت هذه الدراسة أن 18% من الشباب المنتحرين و24% من الفتيات (الشابات) المنتحرات كانوا يعانون خلال حياتهم اليومية من أمراض نفسية يحتل الاكتئاب المرتبة الأولى بين الأمراض النفسية المشخصة لدى المنتحرين. أثبتت الأبحاث والدراسات أن هناك أشكالا خاصة للانتحار, لها مدلولاتها المرضية النفسية المهمة وأهم هذه الأشكال: من المهم جدا تقديم يد العون والمساعدة للأشخاص المعرضين لخطر الانتحار وخاصة إذا كانوا من فئة الشباب عصب الحياة والمجتمع, وذلك عن طريق: 1ـ حماية الفرد من المحيط وإدخاله المشفى عند الضرورة. 2ـ الترفيه والترويح عن القلق وتأسيس علاقات تتسم بالهدوء والتفهم الكامل له من قبل المعالج. 3ـ المراقبة الدائمة وبلطف وعدم تقريع وإيذاء سلوكه الانتحاري. 4ـ العلاج بالعمل الدءوب واستعمال مضادات الكآبة عند الحاجة. 5ـ عند الاكتئاب الشديد لا مانع من العلاج بالصدمة الكهربائية. 6ـ العلاج النفسي والاجتماعي لإعادة ترميم شخصية المصاب من أجل مساعدته في القيام بدوره المنوط به كعنصر فعال في المجتمع. 7ـ وأخيرا مراقبة المريض في فترة النقاهة وتعديل ما يمكن تعديله في محيطه الاجتماعي مدركين بذلك ما المغزى من المحاولة الانتحارية وهي بمنزلة رسالة هادفة تشير إلى حاجته ليد العون. ويمكن لنا فـي نهــاية حديثنـــا أن نبين بأن إقدام شباب مجتمعنا العــربي على الانتحار لا يأتي من فراغ بل تتعدد العوامل وأهمها: الكوارث المالية, الفاقة, الفشل العاطفي ـ صراع الأجيال.
|