سعيد الكفراوي وعبد الفتاح بدوي الكفراوي: القصة الشكل الأمثل للتعبير عن المهمشين
في مسيرة القاص المصري سعيد الكفراوي (1939)، أكثر من 12 مجموعة قصصية نالت شهرة واسعة، وتُرجمت إلى لغات عدة، هذه المجموعات حصد بها أخيراً جائزة الدولة التقديرية في الأدب لعام 2016، الكفراوي مهموم في قصصه طوال هذه المسيرة بالقرية المصرية ورصد وتشخيص كل ما فيها من غرائبي وأسطوري ومهمش، كما أنه مهموم بـ «الحفاظ على ذاكرة يتهددها الفناء، سواء بالتغير أو الموت».
في مجموعته القصصية «يا قلب مين يشتريك» الصادرة عن دار أخبار اليوم بالقاهرة، وهي أحدث نتاج له، يرصد الكفراوي تجربة عاشها عندما أصيب بأزمة قلبية مفاجئة، ويقول عنها «وقتها رأيت الموت ثم أفقت منه، فكتبت هذه التجربة، عن مجابهة الإنسان للفناء والرحيل في زمن لا يعرف الأساطير ولا يعرف ما فوق الواقع»... هنا نص حواره مع «العربي»:
< هل ترى أن القصة المصرية نجحت في اجتياز محليتها؟
- لا يشغلني كثيراً أمر خروج القصة إلى أفق عالمي، أو بقائها في أفق محلي، بقدر ما أسعى دائماً إلى كتابة نص يعبر عني وعن الجماعة التي أنتمي إليها، وإذا تكلمنا عن خروج القصة القصيرة من محليتها إلى أفق آخر، فنستطيع باطمئنان أن نؤكد أن القصة شاركت في الإجابة عن كثير من الأسئلة التي تشغل بال الإنسان، وبالذات عندما تُرجم لكاتب «نوبل» نجيب محفوظ، وكذلك القصص المهمة التي تُرجمت ليوسف إدريس إلى الروسية والإنجليزية والفرنسية، وإلى ما تُرجم لكتَّاب من جيل الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وأيضاً قصص الكاتب العراقي محمد خضير، كما أنني تُرجمت لي مجموعة كاملة هي «تلة الغجر»، وعديد من القصص المترجمة عندي وعند محمد المخزنجي وعند إبراهيم عبدالمجيد.
في رأيي أن هذا الكم من الإبداع المصري - العربي يمثل وثبة مضادة في فن القصة القصيرة، وتستطيع أن ترى في يوسف إدريس وفي خياله، واهتمامه، وشخوصه «تشيكوفاً» آخر، ومن هنا نستطيع أن نقول إن القصة القصيرة، وبالذات في فترة الستينيات من القرن الماضي، شاركت في ذائقة عالمية ومحلية أيضاً.
< ما قضيتك الأساسية في الكتابة؟
- حتى الآن لم أجرب شكلاً آخر سوى كتابة القصة القصيرة فيما كتبته عبر 12 مجموعة قصصية، فأنا أنتمي إلى قرية مصرية، قرية قديمة، تزخر بالغرائبي والأسطوري، وكان همي الأول الحفاظ على ذاكرة هذا الزمن الذي كتبت عنه أغلب القصص، ومن المعروف أن كل كاتب يكتب ما كتبه الآخرون، ولكن بشكل مختلف، لا جديد في الكتابة، ولكن الجديد هو الكاتب، فطوال مشواري مع الأدب أحاول أن أكون ذاتاً مستقلة، أنا أنتمي إلى القرية التي عشتها منذ أوائل الخمسينيات، وأنتمي إلى جماعتها المغمورة، تلك الجماعة التي تشبه الخدم والمزارعين والمرضى المسلولين عند تشيكوف، وتشبه الغواني عند موبيسان، أو هؤلاء المغامرين عند همنجواي، أو أصحاب الحكمة والرؤية المغايرة المناقضة التي تقترب بقدر ما من الصوفية عند بورخيس.
لقد اقتربت من الفلاحين وفقراء المدن، وكانت القصة هي الشكل الأمثل للتعبير عن تلك الجماعات، وعبر معرفتي بزمن هؤلاء ومكانهم وحكاياتهم وأساطيرهم، وأعيادهم، وعلاقاتهم بجدلية الحياة والموت، كتبت 12 مجموعة، وكتب عنها أهم نقاد الأدب العربي، أمثال شكري عياد وجابر عصفور وعبد القادر القط وصلاح فضل، وغيرهم من الخارج والداخل، وتُرجمت أغلب هذه القصص إلى لغات أخرى، وتكونت نتيجة لهذه الكتابة جدليات، مثل جدلية القرية والمدينة، وجدلية المكان والزمان، وجدلية الطفولة والكهولة، وجدلية الحياة والموت كما أسلفت، وكأن همّ تلك الكتابة مع همّ آخرين أمثال عبدالحكيم قاسم وخيري شلبي ومحمد البساطي وإبراهيم عبدالمجيد، الحفاظ على ذاكرة يتهددها الفناء، سواء بالتغير أو الموت.
< ماذا عن المجموعة التي تكتبها حالياً؟
- أعكف حالياً على كتابة مجموعة «20 قمراً في حجر الغلام»، وهي عبارة عن 20 نصاً عن صبي يعيش من خلالها علاقة مع الحياة، داخله وخارجه، في جدل كوني، وأسئلة بلا إجابة عن الواقع، والكهولة والطفولة والبشر والمتغيرات، وأخيراً عن الرحيل، وهي ليست سيرة ذاتية ولكنها عن أشخاص التقوا يوماً ومضوا، وأحاول من خلال النصوص تحويلهم على الورق إلى حالة من الإبداع والفنون، وأرى أن هؤلاء الأشخاص سوف يبقون طويلا على الورق، وستصدر المجموعة عن الدار المصرية اللبنانية.
< ...ومن تقصد بالغلام؟
- الغلام هو السارد الذي يحكي العشرين نصاً، وقد تؤخذ هذه النصوص على أنها قصص، وقد تؤخذ على أنها رواية.
< من وجهة نظرك، ما المعوقات التي يواجهها الأديب المصري، والعربي بوجه عام؟
- يعيش المجتمع العربي أزمته البنيوية الطاحنة، وهي ممتدة سنوات طويلة بسبب زعامات استبدلت نفسها بالأمة، وبدلاً من أن تتبنى تلك الزعامات مشروعات تقيم المجتمع المدني والديمقراطية وحرية التعبير وتدافع عن تكوين الأحزاب، وتفصل الدين عن الدولة، وتهتم بجناحي نجاح أي مشروع، والانتقال به من الضرورة إلى الحرية، وهما جناحا العلم والثقافة، اهتمت بأنفسها، سنوات مرت، فشلت خلالها جميع التجارب، واكتشفت الأمة فجأة أنها بين فكّي الرحى، الاستعمار وإسرائيل، وسقطت في قبضة المتغيرات وصعود الإسلام السياسي، في شكل جماعاته الإرهابية، فالعالم العربي أصبح حالياً في حاجة إلى الاستنارة، وإلى النقد الذاتي، ليخرج من أزماته، وإلى الوعي بأن الثقافة والتعليم هما الطريق الأمثل لبناء دولة حديثة تسودها الحرية، وكرامة الإنسان.
< تنوعت كتاباتك بين التأريخ للقرية والسياسة، أيهما تفضل، ولماذا؟
- أرى أنه في مسألة الكتابة ليس هناك حب أو كُره، ولكن يجب أن تكون موضوعياً، وأن تكتب بإتقان، وتأثرت بالسياسة وتفاعلت معها، لأنني أنتمي إلى جيل ما بعد هزيمة يونيو 1967، وبعض كتَّاب هذا الجيل رأوا تلك الهزيمة وفهموا أبعادها وعرفوا مضامينها قبل أن تحدث، وأرجعك إلى ديوان أمل دنقل «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة»، ورواية صنع الله إبراهيم «تلك الرائحة»، وديوان محمد عفيفي مطر «النهر يلبس الأقنعة»، كما أن لديّ عديداً من القصص القصيرة عن السجون والامتهان وسطوة الشرطة، وقدرة «العمدة» على القهر والقمع، هذا الجيل ابن ثورة يوليو 1952، كان ابن الثورة وناقدها، حتى بعد رحيل عبدالناصر، لم يجد من يدافع عنه سوى هؤلاء الذين وضعهم في السجون، كنا كلنا في ذلك الوقت نكتب القصة القصيرة، وكنا حوالي 30 كاتباً نجلس حول نجيب محفوظ على مقهى ريش، مع صدور مجلة «جاليري» عام 1968، وكنا نكتب القصة مخطوطة ونعطيها له، فيأتي بعد أيام وقد قرأها ليبدي رأيه فيها.
جئت أنا ورفقتي كتَّاب المحلة أمثال جابر عصفور ومحمد المنسي قنديل ومحمد المخزنجي والشاعر فريد أبو سعدة، والروائي جار النبي الحلو، والمفكر نصر حامد أبو زيد، وكل هؤلاء بدأوا في أوائل الستينيات من القرن الماضي في نادي الأدب بمدينة المحلة الكبرى، وفي هذا الوقت كتبت قصة «المُهرة» ودخلت السجن على إثرها، وكنت أُتهم صباحاً بأنني إخواني، ومساء بأنني شيوعي، ومكثت في السجن 6 أشهر، وحين خرجت منه كنت عضوا في مجموعة ريش، وطلب مني أستاذي نجيب محفوظ أن أحكي له الحكاية بالتفاصيل المملة، وبعد مدة كتب رواية «الكرنك» عن إسماعيل الشيخ، ووضع يده على كتفي وقال: «يا كفراوي أنت إسماعيل الشيخ في رواية الكرنك»، وهذا شيء يُسعدني، ولكن أنا واحد ممن رأوا في الكتابة فعل مقاومة، ومن رأوا فيها سعياً للمعرفة ودفاعا عن أهوال الحياة والموت، ورأيت في القصة القصيرة أنها الشكل الأمثل الذي من خلاله استطعت أن أعبر عن تجربتي، وأنها الشكل الوحيد الذي كتبت به تجربتي، التي قدروها في آخر العمر وأعطوني عنها جائزة الدولة التقديرية في الآداب.
التجربة في العموم هي تجربة مرتبطة بما يجري في الوطن، شغلتنا هجرة المصريين إلى الخارج، وشغلنا صعود الإسلام السياسي، وشغلنا الانفتاح الاقتصادي «السداح مداح»، وشغلتنا مصادرة الحرية، والزعيم الذي فوق كل شيء، وفي مواجهة هذا تعرضنا للتهميش والاستبعاد، حتى يومنا هذا، لا وظائف ولا جزء من حركة الثقافة في البلاد، لنا مقاهينا ومجاميعنا وتاريخنا، ورحل أغلب كتَّاب هذا الجيل، من دون تحقيق أي مكسب، إلا أنهم قدموا للثقافة العربية مشروعاً مهماً من الشعر والرواية والقصة، وسيظلون في ذاكرة الأدب حالة لا تنقضي بما تركوه، مع يوسف إدريس ونجيب محفوظ وإدوار الخراط وبدر الديب وعلاء الديب وغيرهم.
هذا الجيل الذي أنتمي إليه ابن ظروف معينة ومتغيرات ومناخات، وكان قريباً من الحقبة الليبرالية قبل ثورة يوليو، التي ظلت فاعلة حتى هزيمة يونيو 1967، حيث كانت فاعلة في كتَّاب المسرح عبدالرحمن الشرقاوي ونعمان عاشور ويوسف إدريس، وفي الفكر تجد توفيق الحكيم وعباس العقاد وطه حسين، وفي السينما يوسف وهبي ويوسف شاهين وفاتن حمامة، وفي الغناء عبدالوهاب وأم كلثوم، ظلت هذه الحقبة فاعلة حتى الهزيمة، شرارة هذه المرحلة الليبرالية «لطشتنا»، وتعلمنا عبرها وكتبنا ببعض معارفنا من تلك الحقبة.
أما القرية في كتاباتي فهي المكان الذي يحوي البشر، الذين كتبت عنهم، وتمثل لي كماً هائلاً من التجارب والخبرات والمعارف، ولك أن تتخيل أنني نزلت إلى قريتي للسؤال عن أخي، فقالوا إن عائلتي يبنون قبراً، فذهبت لأجدهم قد استخرجوا العظام القديمة، ويسألني ابن عمي «لمن هذه العظام؟» فأقول له إن هذه عظام أمي لأنها ماتت ولديها 5 أسنان فقط، وهذه أختي، لأرى أهلي وأتعرف عليهم وهم عظام، لأكون الكاتب الوحيد الذي رأى أهله بعد وفاتهم، فالواقع أعطاني هذا الكنز، فكتبت قصة «شرف الدم»، وهذا الإحساس أكتب به القصص.
< كيف تستلهم عوالم شخصياتك في القصص؟
- في إحدى قصصي هناك بطل يصرخ قائلاً: «غايتي أن أستحوذ على زمن يضيع»، وهي صرخة في الضمير المصري، من ذلك الزمن الفرعوني الذي يعتبر الموت ليس نهاية للحياة ولكنه استمرار لها، حيث الحساب والعقاب والأكل مع الميت، والبعث، جهد الفلاح وعلاقته بالفصول، وعلاقة الفصول بالزرع والحصاد، فكرة الموت الأبدية في القرية المصرية، وكأن الموت حادث يحرمنا من أحبابنا لكنه قدر، طقوس هذه العوالم، أناشيدها، «العديد»، وخروج الصواني في الموت، وفي الفرح، الموالد، علاقة الفلاحين بالحيوان ثم الانتقال للمدينة، والمهمشين الذين يسيرون على الطرق طالبين الستر، كل هذه العوالم خبرتها منذ الطفولة، ولديّ عشرات القصص عن علاقة الطفل بالجد، وعلاقة الطفل بالكُتَّاب وشيخه في الكُتَّاب، وعلاقة الطفل في تجربة أول تعرف على الموت، كل هذا العالم كان يشكل القصص، وكل هذا العالم هو ما ارتأيته ككاتب وحاولت أن أسجله على الورق، رحم الله أحدهم حينما قال «الكتابة مكوث في الوحدة، وعلى الكاتب الجيد أن يتعب إلى حد نزيف الدم لكي يأتي بشخصيات صادقة، بسبب صدقها تعيش طويلا على الورق»، وأيضاً من قال «تظل الكتابة هي الجرح ولكنه الجرح الذي لا يُنسى».
< هل هذا هو زمن القصة في ظل انصراف معظم الأدباء للرواية؟
- أرى أنه لا يوجد زمن لفن، بدليل أن القاصين العظام مثل كافكا وكاترين مانسفيلد وفوجنر ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وإبراهيم أصلان، مازالوا يعيشون بيننا بأعمالهم، لكن هناك فناً يستجيب للمتغيرات، ولك أن تعرف أن أستاذنا الكبير عباس العقاد، انتقد فن الرواية في الأربعينينات من القرن الماضي، قائلاً: «هذه الكتابة قنطار خشب ودرهم حلاوة»، أي إنها كثيرة ولكن ليس فيها فائدة كبرى، وليست كالشعر، فتصدى له الأديب الشاب - وقتذاك - نجيب محفوظ، قائلا إن لكل زمن فنا يعبر عن متغيراته، ويثير دهشتنا وشوقنا إلى ذلك الحنان القديم، والرواية هي الشكل الأمثل للتعبير عن متغيرات الحياة حالياً، وبالتالي كان الشعر أقل قدرة على التعبير عن هذه المتغيرات.
الرواية الآن في ظل الزحمة والسرعة والأسئلة المطروحة وما يجري في العلم وفي التقنيات والسينما والإنترنت، أقدر الأشكال وأوسعها للتعبير عن هذه العوالم، لكن ليست هي بنت الزمن الوحيدة، فيشاركها الشعر والفن التشكيلي والسينما، ويشارك الجميع أيضاً القصة القصيرة، التي تستعيد عافيتها الآن في العالم، وتدهشك بالنماذج التي تقدمها. لست مع أن الزمن له فن واحد، ولكن كل الفنون الجيدة هي بنت زمانها.
< ماذا كنت تقصد من عنوان قصة «يا قلب مين يشتريك»؟
- هي تجربة عشتها عندما أُصبت بأزمة قلبية، وشعرت بالموت ثم عدت منه قبل عملية القلب المفتوح، فهذه التجربة كتبتها في قصة طويلة أو رواية قصيرة، في مجموعة «يا قلبي مين يشتريك»، وهي قصة عن مجابهة الفناء والرحيل، وعن أن تكون في زمن لا يعرف الأساطير ولا يعرف ما فوق الواقع «الباراسيكولوجي» وتجد فيها ما فوق الواقع، وكانت تجربة قُدرت وكُتب عنها الكثير.
< ما الفرق الذي تجده بين فترة ستينيات القرن الماضي وما تعيشه مصر الآن؟
- الثقافة في الستينيات من القرن الماضي كانت ذات عافية، وأسئلة حقيقية بسبب بواقي الحقبة الليبرالية، وبسبب إقدام الكتَّاب على مواجهة التجاوزات، وبسبب أن سلم القيم كان بعافية، وقادراً على الرؤية، وقادراً على الفعل، والآن هاجر المصريون، وأصبحت هناك أزمة اقتصادية، وانكسر سلم القيم، وعاش الناس أزمة روحية بعد انتصار 1973، حيث كانت النتائج ضالة، ثم 30 عاماً في عصر حسني مبارك كانت ضاغطة، وخاملة، ثم جاءت الثورة بالحلم في التغيير والأمل في مجتمع ديمقراطي، وسياسة عادلة، ومجتمع مدني يتسم بالمعاصرة والحداثة، والمشاركة، فبدل أن يحدث ذلك انتهت الثورة إلى يد الإسلام السياسي، ثم إلى العسكريين، وهذان العهدان يملك كل واحد منهما شروطه، شروط التحقق حتى هزيمة 1967، وشروط الحلم المحبط بعد ذلك.
< كيف تقيِّم كتابات الجيل الحالي بالنسبة إلى القصة والرواية؟
- لا شك في أن هناك كتابة جديدة جيدة مع عديد من الكتاب الشباب الذين جاءوا بعدنا، هم بالفعل ليسوا نحن، هم أبناء عالم لا نعرفه، وإذا كنا نحن نأتي من الماضي ولو من كل عام يوم، وباعتبار الماضي أصدق الأزمنة، لأن الحاضر والمستقبل يذهبان إليه، فإنهم يعيشون «جهنم الواقع»، فيكتبون عن العشوائيات ويكتبون عن الجنس وكذلك عن الدين، مخترقين المحرم، طبعا ليس كلهم جيدين، فهناك هراء لا أول له من آخر، ولكن هناك عدداً من الأسماء يكتبون حباً في الكتابة، ومصر في عز أزمتها قادرة على أن تبدع، لأن شعبها مبدع بالفطرة، قديما كان يحاربه الرومان والعرب والفرس والأتراك والشراكسة، وهو يبني مقابر ومساجد وكنائس وينقش على النحاس ويعلّم أولاده وأولاد الغزاة القراءة والكتابة، هم يحاربونه وهو يصنع الحضارة، الجديد فيه الجديد، وفيه أيضاً ما هو سلبي ولا يرقى لأي مرتبة .