مارجريت الساير: الخدمة التي نقدمها فريدة... والفكرة الجوهرية للمكان عن الحياة لا الموت

مارجريت الساير:  الخدمة التي نقدمها فريدة... والفكرة الجوهرية للمكان عن الحياة لا الموت

لعبت السيدة مارجريت الساير دوراً كبيراً في تحقيق هذا الحلم الكبير، خطوة بخطوة، منذ المرة الأولى التي فكرت خلالها في الأمر، وصولاً إلى تجسيده على أرض الواقع وإنشاء هذا المستشفى المتخصص في الرعاية التلطيفية بكل ما يقدمه من خدمات متعددة.  وبعد أن شرحت الكثير مما أوردته لنا الأستاذة رشا الحمد من قبل، أضافت لنا بعض المعلومات عن إدارة السيطرة على الأعراض المرضية والألم، فقالت: 

بالنسبة للسيطرة على الألم، يتوافر في مستشفى بيت عبدالله فريق متخصص على أعلى مستوى للسيطرة على الألــــم فــــي أمــــراض مختلفة، سواء كانت آلام العظام أو الرأس أو أي من أجزاء الجسد بشكل عام، ولا يقــــتــــصر عملنا على علاج أو تخفيف الألم هنــــا فقــــط، بل ينتقل متخصصونا أيضاً للمستشفيات المختـــــلفة بناء على الحالات التي نطالب بالتعامل معها. 

فعلاج الألم يحتاج إلى متابعة دقيقة لكل حالة، وحتى للحالة الواحدة على مدى الفترات الزمنية المختلفة، فما قد ينفع لطفل في يوم أو أسبوع قد يختلف في الأسبوع اللاحق، ولهذا تختلف نماذج وأساليب السيطرة على الألم: مثل العقاقير الطبية وأشكالها المختلفة والعلاج الطبيعي والعلاج المائي، وحالياً العلاج بالموسيقى والعلاج بالدراما.

 ‭< ‬لكننا‭ ‬لاحظنا‭ ‬أن‭ ‬المكان،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬من‭ ‬تجهيزات،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فيه‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬بعد،‭ ‬فلماذا؟‭ ‬

- صحيح، وهذا يعود لأسباب عدة، منها كما ذكرت لكم، وكما أوضحت الحمد، أن جانباً كبيراً من خدماتنا نقدمه للأطفال في منازلهم، لكننا نخدم الآن 300 طفل مريض مع أسرهم سنوياً، وحالياً نعمل بطاقاتنا القصوى لتوفير الدعم والمساعدة وأفضل جودة خدمات للمرضى وأسرهم، ونحن في سبيل التوسع بضم المزيد من المتخصصين لفريق العمل الحالي، حتى يتسنى لنا تقديم تلك الخدمات لعدد أكبر من الأطفال المرضى. ويقدم مستشفى بيت عبدالله خدماته من خلال التعاون مع المرضى في المستشفيات أو المنازل أو بالوجود بمقر المستشفى، وفقاً لكل حالة وظروفها.

 ‭< ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬عائق‭ ‬ثقافي‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأهل‭ ‬يتصورون‭ ‬أو‭ ‬يقول‭ ‬المرء‭ ‬منهم‭ ‬لنفسه‭: ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬طفلي‭ ‬هنا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬سيموت؟

- هذا أمر طبيعي، في الحقيقة، وهو ليس مقصوراً على المجتمع الكويتي بالمناسبة، فهو موجود بكل مكان في العالم، لكن علينا أن نقوم بتغيير هذه الثقافة تدريجياً لدى عائلات المرضى. وهذا لن يحدث إلا بما نقدمه من خدمات خارج بيت عبدالله، سواء في المستشفيات المختلفة أو في المنازل، حيث تتضح تدريجياً الصورة لدى العائلة، ويدركون أهمية طبيعة المساعدة التي نقدمها لهم لاجتياز أزمة المرض بطريقة مختلفة. ومن خلال العلاقات التي تنشأ بين فريقنا وأفراد العائلة والأطباء المتخصصين. وتوضيح أن دورنا الرئيس هو جعل الأسرة والمريض أصحاب القرار في اختياراتهم، وأنهم ليسوا مضطرين لأي إجراء لا يناسبهم، سيتفهمون طبيعة دورنا، وهذا ما يحدث الآن تدريجياً. 

وأود أن أضيف أن هذا التخصص جديد جداً، ليس هنا فقط، بل في العالم كله، وقد اكتشفنا أننا منذ بدأنا التفكير والتخطيط لتصميم المبنى والتحضير لتأهيل المكان تعاملنا مع العديد من أكبر المتخصصين في هذا المجال في العالم، وقمنا بدعوتهم إلى دولة الكويت، واستعنا بخبراتهم في هذا المجال، وأقمنا مؤتمرات عدة. والآن هناك توجه لدعم التثقيف في هذا المجال من خلال العديد من مؤتمرات وورشات العمل. 

‭< ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬رويتيه‭ ‬لنا‭ ‬قبل‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬حكايات‭ ‬مؤثرة‭ ‬جداً،‭ ‬عن‭ ‬الأطفال‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬توفوا،‭ ‬والذين‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لبعضهم‭ ‬فرصة‭ ‬تحقيق‭ ‬أمنياته‭ ‬الأخيرة‭ ‬مثل‭ ‬السفر‭ ‬لبلد‭ ‬محدد‭ ‬أو‭ ‬زيارة‭ ‬مدن‭ ‬ألعاب‭ ‬شهيرة،‭ ‬كيف‭ ‬تتعاملون‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬باستمرار؟‭ ‬إنها‭ ‬قصص‭ ‬حزينة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬جداً‭. (‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السيدة‭ ‬الساير‭ ‬قد‭ ‬سالت‭ ‬دموعها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬حين‭ ‬تناولت‭ ‬قصة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬توفوا‭ ‬بسبب‭ ‬المرض‭).‬

- لنكن واقعيين، هذا المجال حسّاس جداً وبه كثير من حالات الأسى، لكن أهمية ما نقوم به أن الخبرات التي يمر بها الأهل، وفق مفهومنا للعلاج التلطيفي، تمنحهم الشعور بأنهم بذلوا كل ما يمكن من أجل أطفالهم، ولتوفير أقصى درجات جودة الحياة حتى اللحظة الأخيرة، لقد توفي «عبدالله» وهو يمسك بيد والدته كما كانت رغبته.

 ‭< ‬يبدو‭ ‬تصميم‭ ‬المكان‭ ‬متميزاً،‭ ‬ومختلفاً‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬عن‭ ‬الشائع‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬الأطفال،‭ ‬كيف‭ ‬وصلتم‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التصميم؟‭ ‬

- أعتقد بالفعل أننا متفردون ليس فقط في طبيعة العلاج الذي نقدمه، بل أيضاً في تصميم المكان، الذي لا يماثله تصميم آخر في العالم بالمناســـبة، بــــسبب ما نوفــــره من وسائل الترفيه، بحيث نقدم للأطفال ما قد يتمنون فعله ولا يتمكنون. فعلى سبيل المثال أي طفــــل يرغــــب في الذهاب إلى «ديزني لاند» للعب والترفيه، ولا يتمكن من ذلك بســـــبب حالته الصحية، وهذا من بين الأسباب التي جعلتنا نحرص على تصميم هذا المكان بهذا الشكل الترفيهي المميز. 

فحرصنا على تزويد المستشفى بأماكن ترفيهية تضم كل ما قد يتـــمناه الأطفال أن يلعبوا به، وقد كنا محظوظين حين جاءت إلينا مصممة كويتية شابة، وقالت إنها سمعت أننا نرغب في تصميم مستــــشفى لاستضافة مرضى الأطفال، وأنها ترغب في عمـــل هذا التصميم. لم تكن تعرف بالضبط معنى مستشفى استضافة الأطفال المرضى، لكنها كانت تود أن تقدم خدمة للمجتمع الكويتي ولبلدها، فأخبرناها بما يحتاج إليه الأطفال: يحتاجون إلى اللعب، يحتاجون إلى الرسم، لممارسة بعض الأنشطة لو توافرت لهم الحيوية والقدرة، وأنصتت إلينا جيداً وقالت إنها سوف تضع بين محتويات التصميم عجلة دائرة كتلك الموجودة في «ديزني لاند» بين تصميم المكان. 

وقررت أن تصمم مساحة مخصصة للعب والترفيه في المستشفى كأنه «ديزني لاند» مصغرة، وغرف للألعاب، وغرف للقراءة، وأخرى للتعليم، بالإضافة إلى ممشى خارجي كجسر ينتــهي بتــــلسكوب حتى يتمكن الأطفال من مشاهدة طائر الفلامنجو على الشاطئ. ومنحت المكان كله طابعاً يجمع بين المرح والجمال دون أي إشارة قد تظهر للأطفال أنهم في مستشفى متخصص، بل في بيت أو منزل فسيح.

واختتمت الساير كلماتها قائلة:

قصة المكان قصة رائعة، والخدمة التي نقدمها فريدة ومختلفة. 

والفكرة الجوهـــرية للمكان، وقصته عن الحياة لا الموت، صحيح أننا قد نفقـــد الأمل، ولكن علينا أن نحـــــرص على ألا نمنح الأمل للحالات التي يؤكد الأطــــــباء استحالة علاجها. لأن هذا تأثيره خطير. لكننا نساعد علـــــى راحتهم التامة طوال فترة حياتهم. وهناك حالات أخرى بالفعل تعالج وتحصل على فرص جديدة للحياة .