مهرجانات المسرح المحلية أسهمت في ظهورها أسماء نسائية في التأليف المسرحي الكويتي

مهرجانات المسرح المحلية أسهمت في ظهورها  أسماء نسائية  في التأليف المسرحي الكويتي

تضمنت‭ ‬الدورة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬مهرجان‭ ‬اأيام‭ ‬المسرح‭ ‬للشبابب،‭ ‬الذي‭ ‬نظمته‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للشباب‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬وأقيم‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭  ‬إلى‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬2016،‭ ‬عرضين‭ ‬مسرحيين‭ ‬من‭ ‬التأليف‭ ‬النسائي،‭ ‬الأول‭ ‬للكاتبة‭ ‬مريم‭ ‬نصير‭ ‬التي‭ ‬تخوض‭ ‬تجربة‭ ‬الكتابة‭ ‬المسرحية‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬وقد‭ ‬حصدت‭ ‬جائزة‭ ‬التأليف‭ ‬عن‭ ‬نصها‭ ‬اتحت‭ ‬الترابب‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬مع‭ ‬فرقة‭ ‬اتياتروب،‭ ‬والنص‭ ‬الثاني‭ ‬قدمته‭ ‬فاطمة‭ ‬العامر‭ ‬لفرقة‭ ‬مسرح‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وللعامر‭  ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬في‭ ‬التأليف‭ ‬للمسرح‭ ‬سواء‭ ‬لمسرح‭ ‬الكبار‭  ‬أو‭ ‬الصغار‭  ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المسرح‭ ‬الجماهيري‭.‬

اللافت للنظر أن الحركة المسرحية في الكويت قد شهدت في السنوات الأخيرة، وتحديدا في الفترة بين 2002 و2016 ظهور بعض الأسماء لمؤلفات شابات اقتحمن الساحة وقدمن أنفسهن كمؤلفات من خلال مجموعة من الكتابات، ساهم في ذلك إقامة عدد من ملتقيات المسرح مثل مهرجان الكويت المسرحي الذي يقيمه سنوياً المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومهرجان أيام المسرح للشباب الذي تقيمه سنوياً أيضاً الهيئة العامة للشباب، إلى جانب ملتقيات أخرى مثل المهرجان الأكاديمي للمعهد العالي للفنون المسرحية، وملتقى الكويت الدولي للمونودراما، ومهرجان الخرافي للإبداع المسرحي الذي توقف بعد دورات عدة، وهو أول مهرجان يقام برعاية ودعم من إحدى الشخصيات المعروفة بعيداً عن الجهات الرسمية، إلى جانب جهات أخرى أبرزها أكاديمية لوياك للفنون الأدائية.

ومن خلال هذه الملتقيات برزت أسماء نسائية بعضها واصل طريقه وإسهاماته على الساحة المحلية، والبعض توقف عند التجربة الثانية أو الثالثة، وأخريات يحاولن جاهدات كتابة أسمائهن في المشهد المسرحي، ومن هؤلاء الكاتبات يمكن لنا أن نتوقف عند بعض الأسماء النسائية التي نعتقد أنه سيكون لهن شأن في التأليف المسرحي الكويتي والخليجي إن واصلن مسيرة العطاء.

 

فطامي‭... ‬توقف‭ ‬فعودة

 عند الحديث عن التأليف النسائي في الكويت، خاصة في السنوات الأخيرة، لابد أن نتوقف عند اسم الكاتبة فطامي زيد العطار، التي أثبتت من خلال مجموعة من النصوص التي قدمتها في عدد من الملتقيات المحلية والخليجية أنها قادرة على وضع بصمتها كمؤلفة مسرح تمتلك إمكانات سواء في اختيار الفكرة أو طريقة كتابة نص متوازن، وما يميز العطار أن لديها خطاً واضحاً لا تحيد عنه في تناول القضايا التي تهم المواطن الكويتي أو العربي، سواء القضايا الاجتماعية أو السياسية، ولعل نصها «إعدام أحلام عبدالسلام» هو نموذج يمكن أن يلخص كتابتها وأفكارها في معظم ما قدمت، وهو النص الذي فازت عنه بجائزة أفضل مؤلفة في مهرجان الكويت المسرحي في عام 2004، كما فازت عن النص ذاته بجائزة الدولة التشجيعية للتأليف المسرحي في العام نفسه.

 وفطامي زيد العطار حصدت جائزة التأليف المسرحي أيضاً في عدد من المهرجانات من بينها مهرجان الشباب الذي أقيم في الدوحة في عام 2002 عن نص «صندوق أمينة»، إلى جانب مساهمات في عدد من الملتقيات المحلية والخليجية.

ويحمل عنوان مسرحية «إعدام أحلام عبدالسلام» ثلاث كلمات تمثل الأفكار التي تؤمن بها المؤلفة وتكاد تنطبق على النصوص التي كتبتها منذ أن بدأت الكتابة في عام 2002، وهي حق المواطن العادي والمضطهد في «الحلم» الجميل الذي يتراقص أمام عينيه، ورغبته الواضحة في تحقيق «السلام» الذي يؤمن به وأصبح عبداً له، وأيضاً المعاناة التي يعيشها هذا المواطن والتي تصل إلى «إعدامه» والقضاء عليه.

 

‭ ‬هموم‭ ‬عربية

في نص «إعدام أحلام عبدالسلام» توجه لطرح الهموم العربية بشكل أوسع، وهو ما يميز نصاً آخر كتبته العطار بعنوان «في قلب القنديل»، تناولت من خلاله القضية الفلسطينية. كما قدمت المؤلفة أيضاً عدداً من النصوص مثل «طار برزقه، حفرة انبيش، تميمة وكتاب الزمان»، لكنها توقفت فجأة عن الظهور ولم تشارك في أي مهرجان بعد عام 2008، ويبدو أن الحنين للكتابة هو هاجس العطار، فقد جمعت مؤلفاتها في كتاب «ليلة ربيع عين قمرة»، وهو اسم النص الجديد من بين نصوص الكتاب، ثم عادت إلى الساحة المسرحية من خلال نصها «زنابيل تل الطين» الذي قدمته من خلال إحدى الفرق الخاصة في الدورة الأخيرة من مهرجان الكويت المسرحي، ولا يختلف النص الجديد عن الإطار العام الذي تتناول فطامي العطار من خلاله أعمالها، إلا أنه مغرق في الرمزية بدءاً من عنوانه، ومروراً بالفكرة الأساسية التي يتناولها والشخصيات التي يقدمها.

وهو يطرح كثيراً من علامات الاستفهام حول الدلالات والمعاني والرموز والإشارات فيه، ولعل اختيار العنوان يطرح أكثر من تساؤل قد تكون إجابتها شائكة جدا، فما المقصود بـ«الزنابيل»؟ هل هم البشر المهمشون في أي مكان في عالمنا العربي؟، وما المقصود بـ«تل الطين؟» ولماذا اختارت اسم «سميح نعيم» للشخصية الرئيسة؟

المسرحية تتحدث عن شخص مهمش يعيش فوق أحد الأماكن القذرة، محروم من كل شيء، ظروفه تحكي عن مأساة، يدخل عليه رجل من إحدى جهات الاتصالات مطالباً إياه بدفع فاتورة يعتقد المهمش أنها وهمية، وفي لحظة خروج الرجل المهمش يدخل أحد رجال المباحث مدعياً أن الشخص المطلوب هو عالم يتعاون مع جهات معادية ولابد أن يأخذ عقابه، فيقتل الموظف بدلاً من الرجل المهمش.

في النص دلالات تطرح كثيراً من الأسئلة حول المعاني الحقيقية لما تريد أن توصله الكاتبة، أسئلة ربما تبدو غامضة، لكنها تتمحور حول المعاناة التي يعيشها المهمشون في أي مكان، وهذا الأمر ربما يجعل النص حاملاً لدلالات عن المهمشين في أي مكان.

 

تغريد‭... ‬جائزة‭ ‬عربية

حصلت الكاتبة الكويتية تغريد الداود في العام الماضي على جائزة التأليف المسرحي عن نصها «غصة عبور» في مسابقة الشارقة لأفصل نص عربي، وهي أرفع جائزة ينالها كاتب كويتي وخليجي في مجال المسرح، وهذا في حد ذاته يشكل إنجازاً مهماً للكاتبة الشابة تغريد الداود التي بدأت خطواتها الأولى في الكتابة للمسرح قبل سنوات قليلة، لكنها حققت حضوراً واضحاً في الملتقيات المحلية والخليجية، ونالت أكثر من جائزة في عدد من المهرجانات المحلية، منها جائزة التأليف من الهيئة العامة للشباب والرياضة، وجائزة الدكتور خالد عبداللطيف رمضان لأفضل نص محلي، وجائزة التميز في مهرجان أيام المسرح للشباب في عام 2014، ومن أعمالها «المزواجي»، «بلا غطاء»، «مخلصوص»، و«محطة رقم 50».

 

صوت‭ ‬الشباب

تتناول الداود في معظم أعمالها قضايا الشباب الآنية، ومشكلاتهم وهمومهم والأفكار التي يؤمنون بها، ويمكن أن نطلق عليها «صوت الشباب»، يساعدها في ذلك أنها من جيلهم، وهمومهم هي الهموم نفسها التي تشغلها، لذا نجدها تعيش حماساً في طرح قضاياهم، لكنها تقع في بعض الأحيان في مطب عدم التركيز على الشخصيات الرئيسة، وهذا ناتج عن قلة خبرتها في التعامل مع المسرح. 

 وربما يكون نصها الأخير «غصة عبور» هو الأنضج والأهم في رحلتها القصيرة نسبياً، وربما يكون نقلة مهمة في كتاباتها للمسرح، فقد استفادت من الملاحظات التي وجهت لها حول نصوصها التي قدمتها في بعض المهرجانات، وبدأت تولي الفكرة الأساسية بعض الاهتمام، إلى جانب التعمق في تناول الشخصيات التي تقدمها عبر أعمالها، وتمنح الحوار نسبة أكبر في الكتابة، وهي مؤهلة لتحتل مكاناً مهماً في الكتابة للمسرح خليجياً وعربياً، لاسيما أنها تمتلك حسّاً جميلاً في اصطياد الفكرة، وتطويعها مسرحياً.

 

فاطمة‭ ‬العامر‭... ‬خطوات‭ ‬جادة

حصلت المؤلفة فاطمة العامر على جائزة أفضل مؤلف في الدورة العاشرة من مهرجان أيام المسرح للشباب التي أقيمت في عام 2014 عن نصها «شارع أوتوقراطيا»، وكان بداية انطلاقتها في الكتابة للمسرح حيث كشفت عن موهبتها، وفي مسرحية «الذكرى السابعة» التي قدمتها في مهرجان أيام المسرح للشباب العام الماضي دعمت موهبتها في المسرح النوعي، وفي النص تسلط الضوء على ما تعانيه الشعوب من ويلات وحروب وتشرد وفقر، أي كان رسالة مسرحية ثرية بعمقها ودلالتها، وتدور أحداثها حول السلطة والفساد والفوضى التي عانتها الشعوب من جراء الحروب المدمرة التي قامت بها تلك السلطة الفاسدة، وذلك لتحقيق المصالح الشخصية على حساب الشعب المقهور، فكيف يمكن للإنسان أن يتعايش في ظل الصراع النفسي والمادي والاجتماعي؟

 على صعيد آخر، مارست العامر الكتابة للمسرح الجماهيري، ونجحت في تجربتها من خلال مسرحية «مدينة الألوان»، وفي أعمال أخرى منها «فندق المشاهير»، «مصنع الكاكاو 2».

 

الدكتورة‭ ‬هدى‭ ‬الشوا

في مهرجان الكويت الدولي للمونودراما الذي أقيم في شهر أبريل 2016، شاركت د. هدى الشوا من خلال نص كتبته بالإنجليزية بعنوان «فريا ستارك: رسائل من الكويت» وأخرجه الفنان عبدالعزيز الحداد، ولعبت بطولته الأمريكية أليسون شان برايس، وهي مخرجة لها عديد من الأعمال على صعيد المسرح الناطق باللغة الإنجليزية في الكويت.

وسبق للدكـــتورة هـــدى الشـــوا كتـــابة عـــدد من الأعمال المسرحية من بينها مونودراما «الرجل الأصفر» التي قدمتها قبل سنوات في رابطة الأدباء، وفي مسرحية «فريا ستارك: رسائل من الكويت» تخوض تجربة فريدة من نوعها ربما تؤسس لتجربة الكتابة المسرحية باللغة الإنجليزية وهو ما تفتقده الساحة المحلية.

 أما أحدث كتاباتها في المسرح فهو «إيكارا» الذي عرضته دار الأوبرا (مركز جابر الأحمد الثقافي) خلال شهر فبراير الماضي، وهو أنضج أعمالها، وتركز فيه على دور المرأة الكويتية في الكفاح والنضال جنباً إلى جنب مع الرجل، وربما تكشف أعمالها الجديدة عن تبلور موهبتها في التأليف المسرحي مما يبشر بولادة مؤلفة مسرحية كويتية مهمة من طراز فريد، يساعدها في ذلك ثقافتها الواسعة واطلاعها.

 

فارعة‭ ‬السقاف

إذا تحدّثنا عن المرأة والكتابة للمسرح فلابد أن نتوقف عند تجربة الكاتبة فارعة السقاف، فمن خلال إدارتها لمشروع أكاديمية «لوياك للفنون الأدائية»، وإلى جانب إسهامها وتشجيعها للأنشطة الفنية والمسرحية والموسيقية للعناصر الشابة والبراعم الموهبة واحتضانها ضمن «لابا»، فهي كاتبة متميزة نجحت في فرض بصمتها وأسلوبها في الكتابة المسرحية وإن كانت معظم أعمالها تقدمها ضمن «لوياك»، ومن الأعمال التي كتبتها السقاف «الخيام والخيزران في بلاد الأندلس»، من إخراج جابر محمدي، «الخيزران» إخراج رسول الصغير، «حكايتنا مع الطليان»، وعدد من الأعمال الأخرى التي تستند في حكاياتها إلى التاريخ وتتخذ من الشخصيات النسائية بطلة للعمل.

يبقى القول إن الساحة المحلية فقدت جهود الكاتبة إنعام سعود التي قدمت قبل سنوات عدداً من الأعمال المسرحية مثل «يداً بيد» لكنها ابتعدت عن الساحة، وربما تعود من جديد لتأخذ دورها في التأليف المسرحي المحلي .