رأس مسندم.. الجبال شامخة والمضيق شريان حياة محمد المنسي قنديل تصوير: حسين لاري

رأس مسندم.. الجبال شامخة والمضيق شريان حياة

شموخ في الجبال وفي النفوس. رأس من الأرض العمانية، منفصلة بخطوط الخرائط، متصلة في شرايين القلب. رحيلها مضن، وفراقها شوق. هذه هي مسندم. موطن الرجال الأصلاب ذوي الأرواح الرقيقة، منذ أن وجدت صخورها وهي لا تكف عن الحركة لتترك فيما بينها منفذا ضيقا، يحمل للعالم الدفء وتدفق الحياة.

في البداية قال لنا مرافقنا سعود الغماري مطمئنا: "سائقنا لا ينام وسوف يقودنا إلى رأس مسندم ويعود بنا دون أن تطرف له عين". كان يتحدث عن رحلة طولها 750 كيلومترا نجتاز خلالها حدود أكثر من دولة وإمارة هابطين الأودية صاعدين مع قمم الجبال. كنت أدرك - من خلال زيارتي الثالثة - أن طبيعة عمان متناقضة مع صفات أهلها، فأشد الناس بساطة تسكن في أكثر الأماكن وعورة. ولكن السائق عبدالرسول كان يبدو بالفعل كما يقول الغماري نحيفا وصلبا ويقظا، يحمل في عروقه نفس الخليط من العناصر الموجودة في التاريخ العماني. فأجداده من "جودار" على ساحل الهند. كانت تلك المنطقة محطة أساسية لكل السفن العمانية التي تبحر في المحيط. ومن خلال هذه الرحلات حصل التمازج العماني بينها وبين كل الشعوب التي خضعت لسلطان الأسطول العماني.

بدأنا التحرك في الصباح المبكر. كانت بيوت مسقط ذائبة في ضباب رقيق، وأشجار القرم الدقيقة تلوح لنا وهي تهتز مع الريح. بيوت بيضاء طرازها المعماري خليط من أشكال القلاع والزخارف العربية، في تزمت جميل أصرت عمان على أن تضع بصمات من تراثها على كل المباني. كانت مسقط لا تكف عن التغير أيضا. لا تكف عن إضافة اللمسات العمرانية على مبانيها مع كل زيارة. تذكرت قول أحد المستشرقين الذين زاروا عمان قبل السبعينيات ثم عاد وزارها في مطلع التسعينيات: "إن التطور الذي حدث في عمان خلال 52 عاما لا يمكن أن يحدث في أمم أخرى إلا بعد 200 عام"، وكان على حق في ذلك. فهذا الطريق الأسفلتي الذي سوف يقودنا إلى الحدود مع دولة الإمارات هو واحد من شبكة من الطرق الحديثة يبلغ طولها 3500 ميل، وقبل السبعينيات كان طول الطرق المرصوفة في السلطنة كلها لا يتجاوز 6 أميال فقط.. هذا مثال واحد من عشرات الأمثلة التي تبين معجزة هذا التطور. تذكرت كلمات السيد حمد بن محمد الراشدي وكيل الوزارة للشؤون الإعلامية وهو يقول.. إنه تقليد عماني للمحافظة على تراثنا. فالحكومة تنتقل إلى الناس حيث هم. لا تنتظر حتى يأتوا إليها سعيا وراء الخدمات، وسوف ترى هذا على الطبيعة في رأس مسندم النائية، فبرغم أن حدودا دولية تفصلها عن بقية عمان فإنها تحظى بنصيبها في الخدمات بكلفة أعلى.

امتد الشارع أمامنا مخترقا السهل العماني، نخيل وأحلام وأبراج متناثرة. نصب تذكارية كل واحدة منها تسجل ملمحا. خناجر وأصداف وأبراج ومواقد للبخور وسلال للتمور. مفردات تراثية متعددة بطول الزمان. التاريخ يتراكم هنا كما تتراكم طبقات الجبال. آه.. ها هي الجبال تعاود الظهور مرة أخرى. لا تستقيم سهول عمان دون عمود فقري يضمها معا. الجبال هي عمودها الفقري تتعرج قممها العالية إلى مدى الأفق. البحر والجبل هما ثنائية الوجود. البحر للصيادين والجبل للرعاة. تلك الثنائية حكمت التكوين الأثنى لهذا البلد. القطب الأول منها هم عرب سد مأرب. أجدادنا الذين انهار سدهم العظيم وبدأوا هجرتهم الكبرى، وزرعوا فينا روحا من الشتات مازالت باقية فينا حتى الآن. لقد وصلت قبائل الأزد إلى هذا المكان واستقرت بين الجبال والوديان ترعى الغنم وتزرع الأرض وتقيم بيوتا من الحجر. ثم تتقاتل فيما بينها في سنوات الرخاء. أما القطب الثاني فهم بحارة فينيقيا، ولا أحد يدري كيف وصلوا إلى هذا المكان. هل ضلوا طريقهم في البحار وبحثوا عن ملجأ آمن.. أم أنهم استقروا هنا على أثر رحلة طويلة من رحلاتهم من أجل اكتشاف العالم. على أي حال لقد أغراهم أمان الشاطيء والمياه الزاخرة بالأسماك الفضية.

في هذا المزيج جاء العمانيون، جبل وماء، صيد ورعي، نبل صحراوي وعشق للمغامرة.

جبال لا تكف عن الحركة

وها هي السيارة تمضي بنا في طريقها الممتد. أسماء البلاد التي نمر بها دائما ذات معنى، كلها ذات جذور عربية ليست غامضة بلا تعليل كما نرى في البلاد الأخرى التي تستمد أسماءها من لغات قديمة. العربية هنا لها حضورها القوي في أسماء المدن والقبائل - نمر بمدينة سمار- مدينة السندباد. المدينة حقيقية فهل للشخصية الأسطورية نفس الحضور؟. وصلنا إلى معبر الحدود الأول بعد حوالي 350 كيلومترا. كان عبدالرسول مازال منتبها، مؤشر السيارة لا ينخفض عن المائة ولكنه يسير بثبات. كنا على وشك الخروج من معبر الحدود العماني للدخول في الإمارات. مساحة عرضية من الأرض نقطعها قبل أن نعاود الدخول في الحدود العمانية مرة أخرى، حين سألت الشيخ سباع بن حمدان محافظ مسندم عن هذا التداخل الحدودي الذي يتفتت أحيانا ليصبح تداخل المناطق العمانية والإماراتية أشبه بالفسيفساء. هل أثار ذلك نوعا من المشاكل.. قال باسما.." بالعكس أثار نوعا من التحدي على مستوى التنمية. أنت تعرف أننا أبناء منطقة واحدة وتداخل القبائل أكبر من تقسيمات الحدود. ولقد وضعت الدولة إمكاناتها من أجل تنمية منطقة مسندم ومدها بكل الخدمات رغم صعوبة جغرافية المنطقة. فهي جبلية وعرة ونائية والتجمعات العمرانية فيها متفرقة، لذلك فإن كلفة المشروعات ترتفع إلى عشرة أضعافها. وأقول التحدي لأن الدولة شاءت ألا تقل الخدمات عن مثيلاتها الموجودة في الإمارات حتى أن سعر وقود السيارات يباع في مسندم أرخص من سعره في مسقط، حتى يتساوى مع الشارقة المجاورة لها في الحدود."

في دقائق معدودة اجتزنا نقاط الحدود من الجانبين، ولم تتغير طبيعة الأرض كثيرا ولا وجوه الناس. وأشار سعود الغماري بعصاه التي لم تفارقه طوال سفرتنا: "عند هذه الجبال تقع رأس مسندم. أنت تعرف، السهل للإمارات والجبال هي تخصص عماني.."

شتاء هذا العام الممطر ترك بصماته على كل الأودية التي مررنا من خلالها. عيون مفعمة بالحياة، وحيوانات ترعى في تكاسل، وخفة مزدهرة على كل رابية. وكان علينا أن نقطع حوالي مائتي كيلومتر أخرى قبل أن نصل إلى المعبر الثاني لنجتاز الشارقة داخلين إلى البداية الجبلية لمحافظة مسندم. كانت النقطة الحدودية مزدحمة بالسيارات المحملة بالبضائع والأغنام. زحام تجاري كثيف بالنسبة لمحافظة مثل مسندم لا يتجاوز عدد سكانها 27 ألف نسمة. وقال لي الغماري مبتسما.. سوف تفهم سر هذا الزحام التجاري عندما نصل إلى "خصب".

وهكذا دخلنا في عمق الجبال مرة أخرى. جبال متنوعة وبالغة الوعورة. جروف غائصة في البحر دون تدرج، وتلال متوالية ترتفع بك إلى 10 آلاف قدم ثم تنخفض مرة أخرى. وبرغم أن الله قد خلق الجبال رواسي، إلا أن علماء الجيولوجيا يقولون إن عمان كانت دائمة التحرك حتى وقتنا الحالي، فهي تبتعد كل عام عن إفريقيا بمقدار 3 سم وقد تبدو هذه المسافة ضئيلة، ولكن على مدى ملايين الأعوام فإنها كفيلة بتغيير المناخ وطبيعة الأرض. وحسب النظريات فقد كانت عمان جزءا من إفريقيا، ثم حدث شق البحر الأحمر منذ حوالي 35 مليون سنة. عمر طويل لا يمكن الجزم بما حدث فيه ولكن الجيولوجيا كعادتها تؤرخ للصخور قبل أن تؤرخ للبشر. لقد استمر هذا الانشقاق حتى اصطدم لوح الجزيرة العربية بلوح الأوراسي، الأمر الذي نجم عنه مناطق هائلة من الضغط تولدت عنه تلك الجبال العالية.

لقد كانت جبال مسندم جزءا من سلسلة جبال "زاجروس" التي تنتمي إلى الزحف الجيولوجي الثاني وقد شهدت هذه الحقبة تغيرات كبيرة في جغرافيا العالم انفصلت فيها أجزاء والتحمت أخرى. وظهرت معظم القارات ونشطت البراكين حول المحيط الهادي والبحر الأحمر. ثم هذه الفترة انفصلت جبال مسندم وبسبب نوع من الاهتزازات أدت إلى هبوط القشرة الأرضية عند مضيق هرمز، الأمر الذي أدى بدوره إلى تمزق " زاجروس " وتكون الجبال العمانية، وتمتد منطقة رءوس الجبال - عند أعالي مسندم - لمسافة 400 ميل حتى رأس الحد، وهي أشبه ما يكون بقوس بالغ الاتساع يصل ارتفاعه في بعض الأحيان إلى 10 آلاف قدم.

وسط هذه الجبال التي كنا نجتازها بالسيارة تكونت عشرات القرى والمدن الصغيرة. عاشوا على الصيد واستقطار مياه المطر وتخزينها، وكما يقول محافظ مسندم: "كانت حياتهم بالغة الصعوبة، فقد كانوا يحفرون حفرة في أعالي الجبال يجمعون فيها الأمطار ويظلون يستعملونها هم وحيواناتهم طوال العام.. الآن تصل المياه النقية إلى كل مكان، إما بواسطة الأنابيب أو بواسطة السفن، وعند مرور السيارة بنا شهدنا الأنابيب بالفعل وهي تمتد مع تعرجات الصخور. شاهدنا أيضا العمال وهم يعملون بهمة كبيرة في رصف الطريق الحجري وإعداده للسير، ووقفنا طويلا في مدخل ولاية نجا حتى يتم تفجير بعض من هذه الصخور.. ثم واصلنا السير. لقد أصبحنا في صميم رأس مسندم وسط بلدانها وتاريخها وناسها.. فماذا أبقى الزمن من سطور التاريخ؟.

هل ارتدوا حقا؟

في دبا يتحدث إليك التاريخ.. إنه البقعة الوحيدة التي أثارت العديد من التساؤلات في سطور التاريخ الإسلامي في عمان. لقد قال الرسول الكريم في حديث له: طوبى لأهل عمان آمنوا بي دون أن يروني. ولكننا في دبا كنا نقف أمام قبر غريب، مكان غامض لا يكاد ينهض من فوق الأرض، إنه قبر أمير الجيوش لقيط بن مالك، الذي يقال إنه كان السبب في حروب الردة. يهتف سعود الغماري معترضا: " لقد كانت مسألة عارضة ولم تكن هناك ردة حقيقية، أنت تعلم كما يعلم الجميع أن أهالي عمان دخلوا جميعهم الإسلام طواعية فكيف ينقلبون عليه".

كان أول من أسلم من أهل عمان - كما تروي كتب التاريخ - مازن بن غضوبة الطائي فقد أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قائل: يا رسول الله ادع لأهل عمان. قال: اللهم فاهدهم، قال: زدني يا رسول الله، قال: اللهم زدهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم. قال: يا رسول الله فإن البحر ينضح بجانبنا فادع الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا. قال: اللهم وسع لهم وعليهم في ميرتهم وكثر خيرهم من بحرهم. قال: زدني يا رسول الله. قال: لا تسلط عليهم عدوا من غيرهم. قل يا مازن آمين فإن آمين يستجاب لها عند الدعاء. قال: آمين,
فما الذي حدث في حروب الردة..؟
الآراء تختلف، مؤرخو الإسلام كالطبري والبلاذري ومن أخذ عنهما من أمثال ابن الأثير يرجعون الأسباب إلى أطماع لقيط بن مالك الأزدي، لقد سلب منه الإسلام سلطته الجاهلية القديمة، وكان في خلاف مع الجلند حاكم عمان وفوجيء بأن الإسلام قد دعم وجوده وأعطاه ثقته، وهكذا وجد لقيط في موت الرسول الكريم فرصة للثورة والتمرد، فأخذ قسما من قبيلة الأزد وانحاز إلى "دبا" وأعلن ارتداده عن الإسلام وعدم اعترافه بولاية أبي بكر ، ووجه إليه الخليفة جيشا بقيادة حذيفة بن محصن الذي كان هو نفسه من قبيلة الأزد أيضا، وكان من الواضح أن أبا بكر لم يرد أن يوسع دائرة الشقاق بين القبائل، ودارت مقتلة شديدة بين الجانبين، وقتل وسبي من أهل دبا خلق كثيرة وعندما تم إرسال السبايا إلى المدينة كان أبوبكر قد مات وتولى عمر بن الخطاب بدلا منه، وقام عمر بتعنيف حذيفة كثيرا على أخذه للسبايا وأمر بردهم جميعا.

لكن مصادر التاريخ العماني ترى الأمور من زاوية مختلفة. فالعلامة العماني نور الدين بن سلوم السالمي وبعد تنقيب طويل في كتب التاريخ يستند إلى رواية أقدم مؤرخ عاش في عمان في القرن الثاني الهجري هو الشيخ خلف بن زياد، وعلى حسب رواية الأخير فإن ما حدث لم يكن أكثر من ردود أفعال وتداعياتها أكثر منه تمردا مقصودا. فلقد أرسل أبوبكر وفدا ليأخذ الصدقات ودفعها الناس وهم مقرون بحكم الخليفة غير معترضين عليه، ولكن امرأة من دبا تشاجرت مع أحد جماع الصدقة فضربها على رأسها وصاحت هي مستغيثة: يا آل مالك، وهي دعوة جاهلية يحل الدم بسببها، وتجمع أهالي السيدة من ناحية وجامعو الصدقة من ناحية أخرى ودارت معركة سبي فيها من أهل دبا خلق كثير كان على رأسهم طبعا السيدة التي أثارت المشكلة، وتمضي القصة بوصول وفود السبايا إلى ابن الخطاب في المدينة الذي غضب كثيرا وأمر بدفع تعويض مالي عن كل الذين أصيبوا في " دبا ".

أيا كان الأمر فقد كانت حركة الارتداد محدودة، وقد مثل أهالي عمان من قبائل الأزد العمود الفقري للجيش الإسلامي في أيام الفتوحات، وكانوا أول من ركبوا السفن وعبروا الخليج من جلفار إلى جزيرة ابن كاوان كي يحرروها من السيطرة الفارسية.

خصب الخصبة

مثلما يدل اسمها تبدو ولاية "خصب " واحة من خضرة النخيل تنبثق وسط الجبال الجرداء، في مقدمتها قلعتها الشهيرة تطل على خليج هرمز،، حيث دارت أهم أحداث العالم. يقول والي خصب عبدالعزيز بن عبدالسلام: " لم نعد منطقة نائية، وبرغم أن الطريق الجبلي لم يرصف بعد فإن الحركة لا تهدأ بيننا وبين بقية عمان ودول الخليج الأخرى، إننا نعيش الآن في طفرة حضارية كبيرة، لدينا مستشفى بها جميع التخصصات، وكذلك المدارس الحديثة في جميع المراحل وكذلك مطار داخلي والخدمات كلها لا مركزية.. يعني يمكن لأي مواطن أن يؤدي المعاملات الخاصة به دون أن يذهب إلى العاصمة اللهم إلا للتنزه ".

وخصب الهادئة ليلا تضج بالحركة التجارية طوال اليوم. حين شاهدت ميناءها أدركت سبب ذلك النشاط التجاري الكبير الذي لمحنا آثاره عند معبر الحدود، كانت هناك مئات من القوارب الصغيرة معظمها قادم من إيران ومن الجزر المتناثرة في المنطقة، كلها تأتي محملة بعشرات من رءوس الغنم وتعود وهي محملة بصناديق السجائر والأجهزة الكهربائية. في كل يوم تتم هذه المقايضة، ومن خصب يتم حمل هذه الأغنام إلى أسواق عمان والإمارات والسعودية وقطر، وفيفي المقابل ينشط تجار خصب في جلب الأجهزة والبضائع من أسواق الإمارات القريبة، بل إن العديد منها قد فتحت وكالات متخصصة بالقرب من الميناء. يقول الوالي الشيخ عبدالعزيز: "في البداية كانوا يأتون بالأغنام ويصرون على تقاضي ثمنها بالتومان الإيراني، والتومان عملة منخفضة جدا، لذلك كان التجار يحتاجون إلى أجولة محشوة بالتومانات، وهي عرضة للبلل أو الغرق، وتم إقناعهم بالتعامل بالريال العماني وتوسعت التجارة الآن لتشمل بيع الأغنام وشراء الأجهزة والسجائر، وقد تحول تجار التجزئة الصغار في خصب إلى تجار كبار للجملة..".

القوارب المتسللة وكثرتها تبين إلى أي مدى تتقارب الحدود وتتداخل المصالح، ولكن خصب أكبر من كونها ميناء مزدحم، عالم من الجبال يحيط بالبشر ويضفي عليهم طابعها. أجساد صلبة وقلوب نبيلة، أحسسنا بذلك في كل مكان ذهبنا إليه، والسيارة تخترق بنا شعاب واديها الواسع الممتد. بيوت بيضاء تكاد تختفي وسط أذرع النخيل. "الدش" متربع على معظم الأسطح. ضجة البشر في أسواق الجملة، وانطلاق الشباب من معهد السلطان قابوس الديني. المطار يستقبل الطائرات الكبيرة من مسقط، والطائرة العمودية وقد تحولت إلى ما يشبه " التاكسي " المجاني، تحمل أبناء الجبل إلى منازلهم المرتفعة، وأهالي البحر إلى القرى المنعزلة. نفس الخدمة التي رأيناها من قبل في منطقة الجبل الأخضر، نصعد إلى جبل نجد، أعلى قمة في سلسلة جبال الشمس الممتدة من هذه المنطقة، طريق صخري وعر قام الجيش بشقه وتعبيده، يلتف إلى أعلى من انحناءات حادة، في القمة يمتد أمامنا خور نجد، ومن المؤكد أن هذا هو الخور الذي لجأ إليه بحارة فينيقيا ذات لحظة من زمن قديم. الصخر يتداخل في الماء، عشق مضن، والجبال المشطوفة الحادة تكون الخلجان الغنية بشعب المرجان، حمرة ق انية ذائبة في زرقة المياه، حروف صلدة من الكلس، وسائل موغلة في الزمن تحكي قصة الكون والميلاد، الموج هادئ مترقب لحظة بعث جديدة، بضعة قوارب للصيد متناثرة، صياد وحيد يرتق شبكته، وطائر نورس يرف في دوائر متصلة. هذا ليس سكونا عاديا، إنه أشبه بسكون الأساطير عندما جاء جلجامش - ذلك البطل السومري القديم - إلى هذه المنطقة بحثا عن زهرة الشباب الأبدي، وأرشده كاهن إلى مكانها، عليه أن يغوص في البحر حتى يجد زهرة شائكة سوداء اللون حادة لدرجة أنها تنخز مثل الشوك، ولم يتأخر جلجامش، قفز إلى الماء واقتلع الزهرة ولكن مع الأسف نهشتها منه أفعى صغيرة.

المثير في هذه الأسطورة أن أي شخص سبق له الغوص في المياه الضحلة لهذا الخور سوف يكون قد شاهد " زهرة الشباب الأبدي " لأن الوصف يتطابق بشدة مع القنفذ البحري الشائك الأسود اللون والمنتشر بكثرة حول هذه الشواطيء وهو ربما ما انتزعه جلجامش. الشيء الذي يمكن قوله إنه في العديد من أنحاء العالم مازالت الغدد التناسلية للقنفذ تعتبر عقارا مجددا لخلايا الجسم، وكثير من الناس يعتقدون أن القنفذ وهو سابح فوق الماء بأنه نبات وليس كائنا بحريا.

الأسطورة نفسها سمعتها في البحرين، فالأساطير تتشابك مع تشابك الجغرافيا، وعلاقات البشر، ومازالت الثعابين البحرية على شواطيء الخليج تخرج من جلدها القديم في ألوان زاهية كأنها ولدت من جديد.

الطاعون البرتغالي

تهبط بنا السيارة من خور نجد، نغوص في أودية الجبال مرة أخرى، في وادي خنت تقطع النهيرات الصغيرة طريقنا، لقد ملأت الأمطار الغزيرة هذا العام صمت الوادي بوشيش المياه، من وسط الصخور تتدفق شلالات صغيرة ومن بينها تنبثق أشجار السمر، إنه شجر صحراوي ينتج أقوى أنواع الفحم في جزيرة العرب حيث تبقى جذوات النار بلا انطفاء ولا أدخنة لفترة طويلة، بجانبها تنصب أشجار الحبق وكل من يهتم بالطب الشعبي يدرك فوائد هذه الشجرة، ففي أمراض آلام الظهر تحفر حفرة ضيقة يوضع بداخلها جمر خامد ثم تغطى بأشجار "الحبق" ويرقد عليها المريض لفترة من الوقت حتى يخف تماما.

في وادي الخالدية تغير الطبيعة وجهها، تكسو نفسها ببساط أخضر نضر ممتد على مدى البصر، لقد تحول هذا الوادي الساحر إلى منتزه واسع للعائلات، وأقيمت فيه ألعاب الأطفال، ولكنه يبقى طوال الأسبوع خاليا تلعب فيه قطعان الماعز، كان الهواء رقيقا، وقفنا تحت أشجار "السدر". طعم "النبق" الجميل في أفواهنا، طازج وجاف وبعيد عن التلوث، أي لحظة من عمق الطفولة تلك التي نستعيدها، ها هو النبق الذي كنا نبذل كل جهدنا للتسلق من أجله يهب نفسه فتتدلى أغصانه لنا، لعله أدرك بغريزة النبات أننا قد أصبحنا عاجزين عن التسلق.

الحياة النباتية في عمان هي أغناها على الإطلاق في الجزيرة العربية، هناك حوالي 1044 نوعا منها، أكثرها وجودا وتنوعا في منطقة ظفار، حيث يوجد 750 نوعا، وأقلها في الربع الخالي حيث لا يوجد إلا 20 نوعا. أما مسندم فهي واحدة من تسع مناطق رئيسية للحياة النباتية، وتمتاز بالإضافة إلى الجبل الأخضر بغناها بالنباتات الطبية وقد لعبت دورا مهما في حياة الشعب العماني منذ آلاف السنين ومازالت لها دورها برغم انتشار الخدمات الصحية في كل مكان.

ندخل قلعة خصب فيستيقظ التاريخ، لا توجد بقعة من أرض عمان لا يوجد فيها قلعة أو حصن أو برج، عددها 500 تعود كلها إلى التاريخ القديم. ثلاثة منها فقط بناها البرتغاليون.. وليس كما يدعى من أن البرتغاليين هم الذين علموا أهل عمان بناء القلاع. لقد تلقوا خبرتهم الأساسية من أحقاب التاريخ الطويلة، من حضارة أم النار التي شهدت اكتشاف النحاس وأكسبت البلاد اسمها" مجان " إلى حروبهم ضد السومريين والفرس.

من الولاة الذين خالفوهم في المذهب واضطهدوهم، إلى القراصنة الذين ترصدوا لسفنهم، من معاناتهم لطلب الرزق وسد الثغر وحفظ العرض وأداء الفرض وبحثهم عن لحظة سلام في عالم لا سلام فيه.

كانت القلعة الصامتة تواصل التحدث إلينا، كانت آخر القلاع التي سقطت في يد البوكريك الغازي البرتغالي الذي لم يترك مدينة عامرة في الخليج إلا وأحرقها، وكان هدفه الأساسي أن يصل إلى هذا الموقع بالذات كي يقطع شريان التجارة الحيوي الذي يصل الشرق بالغرب حاملا الحرير والبهار.

كانت مسندم أو " نجا " وهو اسمها القديم هي نقطة الوصل، تسير إليها كل السفن القادمة من الشرق البعيد وتنزل حمولتها، وتحمل البضائع على ظهور الجمال عبر رمال جزيرة العرب حتى تصل إلى مصر، ثم تحملها السفن بعد ذلك إلى موانيء جنوا والبندقية على شاطيء المتوسط لذلك فقد ضرب البرتغال هذا الموقع مرتين، الأولى عندما اكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح، والثانية عندما انقضوا عليه. القلعة تشي من الداخل بتلك العلاقة الجدلية التي قامت بين الإنسان والبيئة، فهي قد بنيت من طينة الساروج، خليط من الرمل والتراب والصخر بحيث تقاوم تقلبات الحر والبرد وتتحمل أيام الجدب والمطر، بل إن مظهرها الخارجي تناسق مع أشكال الجبال المحيطة بها بحيث أصبحت جزءا مكملا من وجودها.

في عام 1507 ظهر البرتغاليون كالوباء على سواحل عمان، وبدأ البوكريك أولى جرائمه الوحشية في بلدة القريات، وهي نفس البلدة التي ينتمي إليها مرافقنا سعود الغماري، قام البوكريك بذبح النساء والأطفال والشيوخ ثم أشعل النار في المدينة، كان يبعث بذلك رسالة مرعبة إلى كل المدن العمانية. هذا هو ثمن المقاومة.

بالفعل وصلت الأنباء إلى مسقط قبل أن يصل الأسطول البرتغالي، واحتارت المدينة هل تقاوم وتدفع الثمن، أم تستسلم وتذعن وتشتري النجاة بهوان النفس، ولأنها مدينة عمانية فقد فضلت الحل الأول. قاومت ولكن مدافع البارود كانت أقوى من طاقتها ودفعت هي أيضا ثمنا غاليا، ثم امتد الطاعون البرتغالي إلى صحار.. ثم خور.. ثم جزيرة هرمز وقشم.. وأخيرا خصب التي بسقوط قلعتها سقط طريق الحرير بأكمله في أيدي البرتغاليين وأصبح خالصا لها من ملقا إلى نجا.

أكثر من مائة عام ظل خلالها الطاعون البرتغالي جاثما على صدر عمان.. طال بهم الانتظار وهم يحلمون.. انتظروا الخلاص على أيدي الأتراك، وانتظروا الإنجليز والهولنديين ولم يبد أن هناك قدرا قادرا على إنقاذهم، ولكن الخلاص كان كامنا في أعماقهم هم. لقد استكانوا طويلا ولكنهم لم يموتوا، نهض من بينهم إمام يجمع بين السلطة الروحية والمدنية هو ناصر بن مرشد الذي ساعد قومه على استعادة ماضيهم الضائع، جمع أشتات جيشه من أهل عمان وبدأ يشن هجماته البرية، ومع اشتداد المعارك قوي ساعد الجيش وتمكن من تحقيق أول انتصاراته حين استولى على قلعة " جلفار "، وكانت هي أحدث القلاع التي بناها البرتغاليون إذ لم يمر على بنائها أكثر من ثلاث سنوات.. ثم استولى على قلعة صحار، ولم يستطع الاستيلاء على قلعة خصب إلا بعد عشر سنوات من القتال ومنها بدأ الرحلة إلى مسقط.

كانت خطوة هذا الإمام هي الأولى، فلم تهدأ من لحظتها الحرب ضد البرتغاليين، لقد استطاعوا أن يخلصوا كل المدن العمانية، ونقلوا حربهم من البر إلى البحر، أدركوا أنهم لن يكونوا أقوياء دون أسطول قوي ودون أن يخلصوا المحيط من الطاعون البرتغالي لذلك فقد طاردوه من سواحل عمان إلى بومباي ومن باسين ومن كونج إلى موزمبيق ومومباسا. لقد حملوا الحرية لأنفسهم، وللآخرين أيضا.

شريان حياة

البحر ينادينا إذن، وهذه فرصتنا الأخيرة للرحيل إلى " كمزار ".البحر " طوس " كما يقولون مليء بالدوامات في هذا الصباح الشتوي ولكن القارب في انتظارنا ولو ضيعنا هذا اليوم فربما ضاعت علينا أشد أجزاء الرحلة إثارة، قالوا لنا تحملوا الدوار والتقيؤ ولا تخاطروا كثيرا، وكان الموج داكنا كالرصاص المنصهر، والقوارب الإيرانية تندفع داخلة للميناء منتهزة فرصة سوء الأحوال الجوية ورجفة شتوية تنفذ في عظامنا ولكننا قررنا الرحيل.

في البداية اكتشفت أن قائد القارب ينطلق بنا إلى عرض الخليج دون أن يأبه بكشف غطاء البوصلة الموجود أمامه. قال لي ضاحكا.. أنا من أبناء كمزار وأعرف كل شبر في هذه المياه.. ولكن الرحلة إلى كمزار لا تبدو كرحلة إلى آخر مكان في عمان أو في العالم العربي فقط، ولكنها تبدو وكأنها إلى نهاية العالم، الجروف تحيط بنا خطوطها الطولية والعرضية تحكي مدى حدة الانقسام الذي شهدته المنطقة، القارب يتقافز فوق الماء تاركا خطا أبيض من الموج الغاضب، يبدو أول الكهوف البحرية، كهف المجنون، وكان مشهورا في الخليج يتواعد البحارة للقاء عنده، لقد نخرت فيه أصابع الزمن فانهدم وضاعت ملامحه ولكنه مازال مكانا صالحا للقاء. ثم تبدو أمامنا جزيرة أم الغنم، في البداية لم تكن أكثر من مكان لرعي الغنم ومنها اشتق الاسم، ثم حاول جيش شاه إيران الأسبق أن يستولي عليها ليتحكم منها في مضيق هرمز، ولكن تم استخلاص الجزيرة منه لتصبح قاعدة بحرية عمانية تحمي المضيق.

يزداد الخليج اتساعا ولا تكف الجزر الصخرية عن الظهور، جزيرة "تلجراف". أخذت اسمها من الدور الأساسي الذي قامت به أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، فقد كانت مركزا للاتصالات بين حكومة الهند الشرقية والقوات الإنجليزية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط ومازالت الجزيرة تحمل آثار هذه الفترة.

ثم تظهر أمامنا أهم هذه الجزر وأكثرها شهرة في كل العالم، إنها جزر سلامة ونباتها. ينساب من بينها أخطر ممر مائي في العالم، فمن خلال هذا المضيق يمر 90 % من نفط الخليج إلى العالم، وهذا الممر في معظمه ضحل وغير صالح للملاحة، ولكن الجزء الصالح منه يقع بأكمله في الجانب العماني وهو ما يلقي على عمان مسئولية حمايته وتأمينه. السفن العملاقة لا تكف عن الحركة فيه جيئة وذهابا. شهد هذا المضيق حرب الناقلات المدمرة التي دارت بين العراق وإيران، كما شهد أيضا حشود القوات الدولية أثناء حرب تحرير الكويت، ومازال موضوعا تحت المراقبة اليقظة حتى لا تخترق السفن قرارات الأمم المتحدة بقوانين مقاطعة النظام العراقي، مكان لا تهدأ فيه الحركة ولا تخفت عنه العين، مرصود بواسطة عشرات السفن والمدمرات والرادارات والأقمار الصناعية.

ولكن الطبيعة تنتزعنا من تأملات السياسة، لقد أصر بحر عمان على أن يقدم لنا آخر مفاجآته. انشق الموج عن سرب من الدلافين اللولبية الوثابة، قفزت في الهواء رافعة أنوفها الزجاجية إلى أعلى لتصنع قوسا من قطرات الماء تشع منه ألوان قزح، ثم ما لبثت أن غاصت في الخليج مرة أخرى، أخذ هذا المشهد أقل من ثوان، وظل زميلي المصور رافعا كاميراته منتظرا متوترا كي يلتقط هذه الانبثاقة مرة أخرى ولكن بحر عمان كان قد كف عن تقديم مفاجآته.

قد وصفت الثدييات البحرية العمانية بأنها كانت دائما أحد أسرار الغوص، وقد أكد روبرت بولدوين وهو واحد من أشهر علماء البحار أن مياه عمان هي واحدة من أفضل الأماكن لمشاهدة الدلافين والحيتان في العالم، وتوجد فيها أنواع من الدلافين غير موجودة في بقية المحيط الهندي، كذلك فإن هناك أربعة أنواع تتجول على طول الشاطيء أشهرها حوت العنبر الشهير.

قرية فريدة

وأخيرا ها هي قرية كمزار، مساحة صغيرة من الأرض محصورة بين جبلين، شاطيء صخري مزدحم بالقوارب، قالوا لنا بفخر: نحن حراس المضيق. كانوا أدرى الناس بهذه الشعاب الصخرية، وإذا حدثت أي مشكلة فهم الذين يلجأون إليهم، كانوا يختزنون في أعماقهم كل خبرة الإنسان العماني بالبحر، وهي خبرة طويلة.

استقبلنا أطفال المدرسة بضجة كبيرة.. قادونا إلى فصولهم الدراسية. المدرسة مختلطة بنين وبنات. فيها بعض المدرسين العرب معظمهم من مصر. قال لنا مدير المدرسة إبراهيم: إن مشكلتهم الأساسية مع الطلبة هي اللغة الخاصة لأهالي كمزار، فلهم لغتهم الخاصة التي يصرون على التفاهم بها فيما بينهم خاصة أمام الغرباء، لغة شفوية يتوارثها الأبناء عن الآباء، خليط من العربية والبرتغالية والفارسية والإنجليزية. حصيلة كل القوى التي حلمت يوما بالاستيلاء على هذا المضيق المهم.

يبلغ سكان قرية كمزار 1500 نسمة، وبرغم موقعهم النائي فإن خدمات الدولة تصل إليهم، فبجانب المدرسة هناك وحدة صحية، ومحطة للكهرباء، وتمر عليهم سفينة أسبوعية تحمل المياه النقية وهناك أيضا مهبط للطائرات العمودية التي تنقلهم هم وبضائعهم مرة في الأسبوع.

القرية صغيرة، يقسمها طريق رئيسي هو في الواقع مجرى للسيول التي تهبط من الجبال وتقوم البيوت على أماكن مرتفعة من الجانبين كلها أكواخ صغيرة مبنية من حجر الجبل، تفصلها عن بعضها البعض أزقة ملتوية، بجانب كل بيت توجد المقابر التي تخصه، الحياة والموت يتداخلان في نفس المكان على البر مثلما في البحر ترتفع دقات الطبول تعلن عن الزفاف. فرح في منتصف النهار. صف من الرجال ضاربي الطبول يقفون وأمامهم صف من النساء يقمن بالرقص والغناء، الرقص عبارة عن حركات بطيئة ناعمة وهن يرددن.." هليه جلويح.. هليه جوليح.." إنها رقصة الجلويح أو الجلوة إحدى الرقصات الشعبية المشهورة في مسندم.. البعض الآخر يغسل الأرز في مياه البحر والبعض يزكي النار تحت قدر ضخم مليء باللحم.

التف حولنا أهل العرس، كان هناك شيخ عجوز يتأمل طقوس العرس وهو يعبث في لحيته، تذكرت أنني رأيت وجهه من قبل في مكتب والي خصب عبدالعزيز بن عبدالسلام، كان يشكو بكلمات متداخلة طويلة لم أفهم منها شيئا، كان يتحدث باللغة الكمزارية عن هذا الزفاف بالذات كما عرفت فيما بعد من الوالي، فقد جرت العادة على أن يمسك بذراع العريس بعض من أهله ويسيرون معه إلى خط معلوم، وفي نفس الوقت يمسك بأهل العروس بعض من أهلها ويسيرون بها إلى نفس الخط حتى تقف في مواجهة عريسها.. وتثور المشاكل دائما حول من يمسك بذراع العريس أو العروس.. أيهم أقرب وأيهم أحق ومن يكون على اليسار ومن يكون على اليمين.. وفجأة تبدأ المعارك ويتحول الفرح إلى محزنة. لقد حرمت الولاية القيام بهذه العادة ولكن الأهالي مازالوا مصرين على القيام بهذه العادة أيضا.

أهالي كمزار لا يقيمون في هذه المنطقة عبثا، فهم من أبرع الناس في الصيد، وهذه المنطقة من أغنى المناطق البحرية، وبرغم معظمهم له منازل مريحة في خصب فهم يفضلون الإقامة بجانب مصدر رزقهم، وأسماكهم تصدر إلى الإمارات وبقية المنطقة، إنهم يملكون أسرار الحياة البحرية ويعشقون المجازفة في كل لحظة.

أترك البحر خلف ظهري وأعود، رحلة برية طويلة، تهبط المشاهد من مستوى الوعي لتسكن في عمق الإحساس، لقد تعود أهل عمان على الجلد، وهم يدخلون المستقبل بنفس هذا الجلد لذلك فإن الرفاهية لم تغير كثيرا من طبيعة نفوسهم.

 

محمد المنسي قنديل

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




صورة الغلاف





رأس مسندم.. الجبال شامخة والمضيق شريان حياة





رأس مسندم.. الجبال شامخة والمضيق شريان حياة





خريطة تبين التداخل بين رأس مسندم ودولة الإمارات العربية المتحدة





أطفال كمراز يمرحون على الشواطئ الصخرية





الصيد مازال هو الحرفة الأساسية في رأس مسندم





بيوت كمراز الضيقة نائمة في حضن الجبل القاسي





استعدادا للعرس يقومون بغسيل الأرز في مياه البحر





رقصة الجلوة وعازفو الطبول يعلنون عن الزفاف في كمراز





خور نجد، الجبال بالمياه وتمنح البحارة ملاذاً آمنا من العواصف





وسط الطبيعة يبحث الإنسان الصخور كي يصنع لنفسه مأوى





وادي حنت يفيض بمياه أمطار هذا العام ويصنع شلالات صغيرة متدفقة





القوارب الإيرانية الصغيرة تملأ ميناء خصب وتنشط الحركة التجارية بينها وبين دول الخليج متدفقة





حمد بن محمد الراشدي الوكيل المساعد لشئون الإعلام





الشيخ سباع بن حمدان محافظ مسندم.





الشيخ عبدالعزيز بن سلام والي خصب.





قلعة خصب حيث يتحدث التاريخ كانت آخر وأهم نقطة وصل إليها البرتغاليون