رائد الموسيقى الكلاسيكية

رائد الموسيقى الكلاسيكية

يمثل رياض السنباطي من خلال أعماله مدرسة موسيقية كبرى استمدت مقوماتها من الأصالة حيث اتسمت بالطابع العربي الكلاسيكي.. ومالت إلى اللون الصوفي، بجانب أن السنباطي صاغ ألحانه بطريقة مسرحية من خلال إبداعاته النغمية لأم كلثوم.

حفظ التراث الغنائي المصري، حيث اكتسب الخبرة العملية والعلمية على أيدي الرواد من أساتذة هذا التراث وشيوخه.

انتقل السنباطي من المنصورة إلى القاهرة عام 1928م ليعيش المناخ الفني في منزل عمه أحمد السنباطي الذي كان ملتقى للملحنين والعازفين.

وصل السنباطي إلى مستوى رفيع في العزف على آلة العود، أهّله لتدريس هذه الآلة في نادي (الموسيقى الشرقية)، وكانت الإذاعة المصرية قدمته في أواخر عام 1935م ليؤدي فواصل عزفية منفردة بجانب وصلات غنائية بمصاحبة العود، ومن بعد ذلك كان يقدم سهرة غنائية تشتمل على وصلتين وكان ذلك الانطلاقة الكبرى لإبداعات رياض السنباطي اللحنية.

وهكذا كان السنباطي عازفًا متميزًا على آلة العود تميّز أسلوبه في الجمع بين أصالة المدرسة التقليدية بما تتضمنه من شجن وتطريب، والمدرسة الحديثة بما تميزت به من المهارات العزفية وبراعة الأداء والقدرة على التصوير والتعبير.

بدأ السنباطي تلحينه لأم كلثوم منذ عام (1936 م) بلحن «تهاجريني» انفراد بصوتها في الفترة ما بين عامي (1949 إلى 1960م) ما عدا لحن (أوقدوا الشموع) و(حانة الأقدار) لمحمد الموجي عام 1955م. ولحن (لغيرك ما مددت يدًا) لكمال الطويل الذي لحّن لها أيضًا في عام 1956م (والله زمان يا سلاحي) ولحّن الموجي عام 1957م (محلاك يا مصري) وفي الفترة ما بين عامي (1949 إلى 1960) غنت للسنباطي (النيل) (سهران لوحدي) و(يا ظالمني) و(جددت حبك ليه؟) (ذكريات) و(عودت عيني) و(دليلي احتار) و(هجرتك) و(قصة الأمس) و(لسه فاكر) و(هسيبك للزمن) و(لا يا حبيبي) و(أقولك إيه) و(الأطلال) و(أقبل الليل) و(من أجل عينيك) و(القلب يعشق).

تميّزت ألحان رياض السنباطي لأم كلثوم بأنها استمدت إيقاعاتها الداخلية من إيقاع البحور الشعرية العريقة، فاستخدم إيقاع الكلمة العربية الفصحى، كما اتسمت مساراته اللحنية واستخداماته للمقامات بالوقار، فلم يتجه إلى التلوين النغمي أو الإيقاعي غير المألوف فألحانه ذات مزاج واحد في نسيجها ويميل إلى اللون الصوفي محافظًا على الطابع العربي الإسلامي، إلى جانب صياغته للألحان بطريقة مسرحية برزت من خلال صوت أم كلثوم.

وهكذا خلق رياض السنباطي أسلوبًا جديدًا ومدرسة كبرى في تلحين الغناء العربي تعددت أساليبها وتوسعت آفاقها، حيث كانت المساحة الخصبة لصوت أم كلثوم والمصقولة العذبة مجالاً خصبًا لإبداعات السنباطي حيث حوّلت ألحانه العامية لها إلى لغة قلوب، تذوقها وتفهمها العالم العربي.

أسلوب السنباطي في التلحين

- صنع ألحانًا جمعت بين التطريب والتعبير والفكر.

- تأثر في تلحينه للقصيدة بالموسيقار محمد عبدالوهاب (الرومانسية اللحنية).

- أجاد تلحين الشعر فبرع في التعبير بالنغم عن القصيدة الصوفية الشعرية ومضمونها من خلال تكرار (اللازمة الموسيقية).

- وظف (الكورس) بأسلوب متميز في نشيد الجامعة (دور أساسي مع المطرب) الثلاثية المقدسة.

- يا رايحين للنبي (استخدام لفظ الجلالة) في مصاحبة الغناء.

- تأثر بالألحان الأوربية كما يوضح ذلك الجدول المرفق هنا.

وجدير بالذكر، أن إبداعات السنباطي تمازجت مع إبداعات صوت أم كلثوم التي كانت تشترك بصوتها اشتراكًا فعليًا في خلق اللحن، حيث تميز صوتها بالمصداقية والجاذبية وقوة التعبير والانضباط.

لقد امتازت ألحان السنباطي لأم كلثوم بالحبكة وقوة البناء وتماسكه العضوي، حيث حافظ على الملامح الأساسية لتراثنا الموسيقي التقليدي مزودًا إياه برصيد جمالي بما أدخله من تجديد في الانتقالات اللحنية التي برزت من خلال الإطار الموسيقي العربي التقليدي.

ألحان السنباطي في السينما

لحّن رياض مجموعة كبيرة من أغاني الأفلام السينمائية، نذكر منها ما لحّنه لأم كلثوم في أفلام نشيد الأمل، دنانير، عايدة، فاطمة، سلامة، وداد، نشيد الأمل، كما ظهر السنباطي في فيلم (حبيب قلبي) كمطرب.

كما اهتم بالمقدمات الموسيقية الغنائية بجانب التوظيف المتميز للفرقة الموسيقية من خلال الاستخدام الأوركسترالي.

ومازالت إبداعات رياض السنباطي تمثل فكرًا متميزًا ومدرسة كبرى في عالم مجال النغم والإيقاع.. جمال التلحين على مستوى العالم العربي.. نهل من هذه المدرسة الكثير.. ومازالت الأجيال.. جيلاً بعد جيل ينهل منها.

 

نبيل شوره