باولو فريري: فيلسوف الحرية في العالم الثالث

باولو فريري: فيلسوف الحرية في العالم الثالث

المفكر البرازيلي الكبير باولو فريري (1921-1997) تناهز مكانته التربوية مكانة أقرانه من مفكري الغرب ، وإن تميز بأنه اختبر مقولاته النظرية من خلال الممارسة في جدل خلاق تتحاور فيه النظرية بالتطبيق.

مع أن فريري قدم نظرية مهمة في تعليم الكبار تنطلق من قراءة الواقع قراءة نقدية ، واستخدام الكلمات المفتاحية في البيئة في عملية محو الأمية، فإنه يدعو أيضًا إلى اتباع بيداجوجية ثورية في العالم كله، من خلال رؤية إنسانية علمية يعبر عنها في عمل حواري يقوم فيه كل من المعلم والمتعلم معا بتحليل الواقع المهين، والسعي إلى تغييره من أجل تحرير الإنسان. واستفاد من تحليله لمصادر فلسفية عديدة منها تراث لاهوت التحرر بأمريكا اللاتينية، والماركسية، والوجودية، والظاهراتية. فالشخصانية المسيحية أمدته بقوة الفرد، وقدرته على الاختيار، واستخدم الفلسفة الوجودية في تحديد الفرق بين مجرد الوجود والحياة الواقعية، وسعيه إلى تحقيق ماهيته، واستفاد من الفكر الماركسي في كون الإنسان صانع تاريخه وثقافته ومضفيًا المعنى عليه، وطور نظريته عن الوعي مستفيدًا من الفلسفة الظاهراتية.

وانتقد فريري ثقافة الصمت التي تفرز وضعية القهر، ومصدر ثقافة الصمت : الجهل أو التعليم، فالنظام الاجتماعي الفقير الذي يعيش فيه الفلاحون ولد نوعا من التربية القهرية ومصدر ثقافة الصمت الجهل أو التعليم، فالنظام الاجتماعي.

الفقر الذي يعيش فيه الفلاحون ولد نوعًا من التربية القهرية، ومهمة المتعلم، والإنسان عمومًا عند فريري، تحطيم المشكلات والتناقضات التي يحيا فيها والعمل على تغيير واقعه.

ولدى فريري نظرية خاصة بالوعي الإنساني، والمعرفة هي العملية التي يعي الأفراد واقعهم الموضوعي من خلالها، وهو يسعى إلى بناء «الوعي النقدي» من خلال التطور السابق.

كيف تطورت فلسفة فريري من «تربية المقهورين» إلى «تربية الحرية» و«إلى تربية الأمل» في أخريات حياته، مشيدًا نظرية متطورة ، ومتسقة تبدأ بنقد التربية المطبقة في أغلب بلدان العالم الثالث المعتمدة على «ثقافة الصمت» و«تربية القهر» لينتهي بموقف متفائل عكس الكثير من الفلاسفة.

يصف التربوي الأمريكي باتريك كلارك مسيرة فريري ومكانته في جملة دالة : «كان باولو شعلة مضيئة في الظلام : ظلام الحتمية الجبرية الأيديولوجية واليأس المنظم، إنه الضوء الذي لم يكره أحدًا أو ينفي أحدًا ، ولم يكن نقدًا غير عادل بإمكان أحد أن يخرسه».

إن فريري بالتأكيد أحد المنظرين الكبار للتربية النقدية، التي ربما تنطلق من مقولة الروائي والمربي الروسي الكبير تولستوي: «إن الحرية شرط كل تعليم حقيقي»، سواء أكان التحرير يخص المتعلم أو المعلم أو المجتمع بأكمله ، ولذا كانت وصية فريري الأخيرة تجمع بين الحرية والأمل. فما مغزى ذلك ؟

ولد فريري ونشأ في مدينة رسيفي شمال شرق البرازيل، وحصل على الدكتوراه سنة 1959 في تعليم الكبار، وعين منسقًا لمشروع محو أمية الكبار في المدينة نفسها، ونجح مشروعه نجاحًا كبيرًا، ولكن قبض عليه بعد قيام الانقلاب العسكري في مدينة البرازيل سنة 1964، فقد استشعروا خطر طريقته المفجرة للوعي أثناء محو أمية الكبار، ونفي خارج البرازيل بعد سجنه.

استقر فريري ببوليفيا بعد نفيه، وعمل مستشارًا لدى وزارة التربية ، ولكن انقلابا عسكريا جديداً دفعه إلى الفرار إلى شيلي، والتي أقام فيها قرابة خمس سنوات، وعمل في المكتب الخاص لتعليم الكبار ، وأستاذًا بالجامعة الكاثوليكية ومستشارًا خاصًا لدى مكتب اليونسكو الإقليمي بسنتياجو، وهناك قام بتحليل موضوعي: «الغزو الثقافي» الذي يتخفى مع التقنية الأمريكية المستوردة ، وموضوع «الإرشاد في الوسط الريفي». وأكد على مفهوم الاتصال المرتبط بالثقافة، وأن سبل التعلم ألا تتعارض المعرفة الجديدة مع الواقع المعيش، وشجع الحوار بين الفلاح والعالم الزراعي. سافر فريري إلى الولايات المتحدة عام 1967 ليلقي عدة محاضرات ، ثم تلقى عرضًا من المجلس المسكوني للكنائس بجنيف للعمل مستشارًا به، حيث أسس معهد العمل الثقافي، وفي عام 1975 تلقى دعوة من وزير التربية بغينيا بيساو للمساعدة في حملة قومية لمحو الأمية، فوجدها فرصة لتطبيق أفكاره ، كما عمل أيضًا في ساو تومي برنسيبي موزمبيق وأنجولا ونيكارجوا، ثم عاد إلى البرازيل نهائيًا في مارس 1980.

تعليم المقهورين

يرى فريري أن التعليم المصرفي (البنكى)، الذي يتحول الطلاب فيه إلى مصارف يقوم فيه الأساتذة بإيداع معارفهم، هو انعكاس لمجتمع القهر، وهو من شأنه تقليل الإبداعية عند الطلاب - أو إلغاؤها تمامًا، من أجل خدمة أغراض القاهرين، ولا يطرح هذا النوع من التعليم حقائق العلم من وجهة نظر نقدية، بل يكيف المتعلمين مع واقعهم ويزيد من سلبيتهم.

لكن ما البديل للتعليم التلقيني، تعليم القهر، اللاحواري عنده، يجيب أن الحوار الناقد هو مفتاح التغيير ، ذلك الحوار الذي يؤمن بإيجابية المتعلمين وإنسانيتهم ، بحيث يدخلون في علاقة حوار دائم مع المقهورين، وتتكفل هذه العملية بتخليص المتعلمين من الأوهام والأساطير التي صورها وصاغها النظام القديم. وظيفة التربية إذن هي تنمية النقد والحوار، وتدريب الوعي الناقد، لأنه يسلم بأن عقل الإنسان قادر على كشف الحقيقة. وانتقد فريري «ثقافة الصمت» الشائعة في بلدان العالم الثالث، في شكلين للتربية: تربية القهر، وتربية الحرية، وتطور هدف التربية عنده من التحرر الثقافي للإنسان إلى الإسهام في تغيير البنية تغييرًا جذريًا.

فريري هو صاحب المقولة الشهيرة: «التعليم لا يكون محايدًا. إما أن يكون تعليما للحرية أو تعليما للاستعباد». كاشفًا عن الوظيفة التحريرية والنقدية لكل تعليم، وهادمًا لكل صيغ تزييف الوعي التي يقوم بها التعليم لصالح الشرائح والقوى المستبدة وبعد أن كانت المكتبة التربوية العربية مفتونة بأفكار الفيلسوف البرجماتي الأمريكي جون ديوي بفلسفته التقدمية، والتي نجحت في تحويل المجتمع الأمريكي وتبنيه للفلسفة البرجماتية عبر التربية، ومكملاً لجهود وليم جيمس وتشارلز بيرس في التنظير للفلسفة البرجماتية الذرائعية أو الوسائلية ، فلسفة القيمة الفورية Cash Value، وسلامة الفكرة من حيث قابليتها للتطبيق وليس معيار الخير أو الشر، فقد تحول الاهتمام النقدي بين التربويين العرب على فلسفة فريري ونظريته في تعليم الكبار.

تربية الحرية

في كتابه قبل الأخير: الأخلاق والديمقراطية والشجاعة المدنية تعتبر مكونا من مكونات (تربية الحرية)، وحيث يتحدث باولو فريري عن نفسه كمعلم رافضًا كل توجه نحو امتلاك الحقيقة المطلقة، وحيث يتوجه إلى المعلم بصورة مباشرة لينقل إليه تجربته وقناعاته الفكرية بعد هذه الخبرة الخصبة. السؤال الأساسي الذي يجيب عنه الكتاب: ما الذي يجعل المعلم معلمًا؟

يصهر فريري مكونات (تربية الحرية) وشروطها في الممارسة البداجوجية من أخلاقيات، والمكون الديمقراطي ، ومقاومة الشجاعة المدنية في مواصفاتها من أجل صياغة مجتمع جديد تستند إلى رؤية تقدمية تؤمن بأن الإنسان صانع تاريخه.

يقول فريري: «إن القيام بالممارسة التربوية بشكل عاطفي بهيج لا يقف دون تقديم التربية العلمية الجادة، أو دون تشكيل وعي سياسي واضح لدى المعلم. وحيث تشمل الممارسة التربوية كل ما تتضمنه من محبة، وبهجة، وجوية علمية ، وممارسة عملية في خدمة التغيير، وأيضا - خدمة الخط - خدمة الحفاظ على الوضع القائم».

ومن المفيد أن يتضمن الكتاب ترجمتين لاثنين من أصدقاء فريري هما دونالدو ماسيدو، وستانلي أرونويتز. ويلاحظ الأخير أن فريري يرفض فكرة اعتبار المعلم ناقلا للمعرفة التي تم تلقيها (التربية التقليدية)، أو أن المعلم «ميسِّر» لحكمة الحس المشترك، ووسيط في العملية التعليمية، بل يرى أن المعلم ينخرط في إنتاج المعرفة - قبل الطالب - انخراطًا مستمرًا، غير أن خلق معرفة جديدة، يدخل المعلم والطالب في موقف التعليم ولديهما معرفة سابقة، وإن كانت من مصادر مختلفة (خبرة الحياة - خبرات سابقة) ، اللحظة المهمة في موقف التعلم هي تلك اللحظة التي يقوّم الطالب معرفته نقديًا، ويوظفها في عملية إنتاج المعرفة بالتأمل.

نظريته في تعليم الكبار

ربما كانت نظرية وطريقة باولو فريري حول تعليم الكبار ومحو أميتهم، من أكثر النظريات انتشارًا في العالم الثالث لأنها تجمع بين النظرية والممارسة، وقد شرحها بالتفصيل في كتابه «التربية من أجل إثارة الوعي النقدي» 1973، وهو كتاب بدأ في تأليفه في السجن وأكمله في المنفى، وتتضمن هذه الطريقة الخطوات التالية:

- دراسة البيئة.
- اختيار الكلمات التوليدية ذات المحتوى الانفعالي للأمي.
- العملية الفعلية لمحو الأمية، وتتضمن جلسات لإثارة الدافعية، ثم وضع المواد التعليمية ، وفك الرموز الشفرية ، ويعقب هذه المرحلة مرحلة مكملة لمتابعة المتحررين من الأمية حتى لا يرتدوا إلى الأمية.

فريري في الثقافة العربية

كيف تعرف العرب على فكر باولو فريري ؟

وما مدى حضوره في الدرس التربوي بين مفكرينا وطلابنا العرب ؟

هل لامست أفكار فريري عن «تربية المقهورين» و«ثقافة الصمت» و «التعليم البنكي» و«الوعي» و«الثورة» و«التربية الحوارية» و«تسمية العالم» عصبًا حارًا في جهازنا النفسي الذي وجد في أفكاره تعبيرًا عن أوضاعنا وآهاتنا وأشواقنا؟

لعل الباحث السوداني يوسف نور عوض هو أول من لفت الأنظار إلى فلسفة باولو فريري عندما ترجم كتابه المتقدم «تعليم المقهورين» إلى العربية (دار القلم، بيروت 1980) وقدم له.

إلا أن المفكر التربوي المصري د.محمد نبيل نوفل هو صاحب البصمة الواضحة في «تعريب» باولو فريري ووضع فلسفته في دائرة الفكر التربوي العربي بقوة عندما خصص أحد فصول كتابه الرابع «دراسات في الفكر التربوي المعاصر» (مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1985) ليؤسس له مكانة راسخة في الوعي التربوي المصري والعربي. ولعل خطورة هذا الكتاب أنه خرج عن أبجدية الفكر التربوي الغربي التقليدي (الفلسفة المثالية، والفلسفة الواقعية، والفلسفة البراجماتية، والفلسفة التحليلية.. إلخ) لافتًا الأنظار من موقع الأستاذية إلى مفكرين تربويين لا نعرفهم حقيقة في الخبرة التربوية العربية من أمثال: ماوتسي تونج، وإيفان إليتش، وباولو فريري بالطبع، ويعد نبيل نوفل من أهم أصوات التربية الراديكالية المنفتحة على النظريات والأفكار النقدية في الغرب، وتتمثل رحابة مشروعه في الانفتاح على النظرية التربوية الماركسية من خلال ماوتسي تونج، والنقدية الرأسمالية الإطار من خلال إليتش، والفكر النقدي التربوي في العالم الثالث من خلال المفكر البرازيلي باولو فريري، لكن نوفل لم يستكمل مشروعه الفلسفي النقدي ليتابع مؤلفات باولو فريري نفسه المتأخرة فيما بعد.

كما لم يلتفت إلى تراث مدرسة فرانكفورت، وإسهامات جرامشي والماركسيين الجدد، وإسهامات بييربورديو في المدرسة السوسولوجية الفرنسية البالغة الأهمية، وخاصة نظرياته حول العنف الرمزي، والرأسمال الثقافي، ومعاودة الإنتاج، كما لم ينفتح على إسهامات مدرسة علم اجتماع المعرفة وخاصة مع مايكل يونج وآبيل، وكذلك الإسهامات النقدية الأمريكية مع كارنوي وبولز وجينتس، ومع ذلك يبقى نبيل نوفل الرائد الحقيقي للفكر النقدي التربوي في مصر وعالمنا العربي في الجيل التالي لجيل حامد عمار. وتلقف كرة باولو فريري أعضاء التيار النقدي التربوي فدخلت نظرية فريري في بحوث وكتب حسن البيلاوي، وعبد السميع سيد أحمد، وضياء الدين زاهر، وكمال نجيب، وشبل بدران، وعصام الدين هلال، ومحمود أبو زيد، وعبد الفتاح تركي، وطلعت عبد الحميد، وعبدالراضي إبراهيم.. وغيرهم، وبدأت الأطروحات الجامعية تلتفت إلى تراث فريري فسجلت أطروحة ماجستير بقسم أصول التربية بتربية عين شمس تحت إشراف شيخ التربويين حامد عمار - على سبيل المثال لا الحصر - وانتشرت تدريجيًا فلسفة فريري، وخاصة نظريته في محو الأمية المعتمدة على بناء الوعي النقدي والكلمات التوليدية في المجتمع المحلي، حيث تبنتها العديد من الجمعيات الأهلية العربية المعنية بمحو الأمية، خاصة كاريتاس في مصر، والتي استلهمت نظرية فريري في منهجها التعليمي (أتعلم أتحرر) في مقابل المنهج الرسمي (أتعلم أتنور) الذي تتبناه الهيئة العامة لمحو الأمية (تعليم الكبار، وهي المؤسسة الرسمية المعنية بمحو الأمية في مصر)، وفي الجزائر حاولت الباحثة المصرية نوله درويش نقل طريقة فريري في تعليم الكبار إلى أرض الواقع.

وترجم في مصر والمغرب على التوالي كتاب فريري «الفعل الثقافي في سبيل الحرية» Cultural Action for Freedom عن مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، بترجمة لإبراهيم الكرادي (القاهرة 1995)، وترجم الكتاب نفسه لاحقًا في المغرب عن دار توبقال ، كما ترجم في العام نفسه عن المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بليبيا، بل انتبهت الحياة الثقافية إلى فلسفة فريري فخصصت دورية «أدب ونقد» الصادرة من حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي محورًا عن فريري (أكتوبر 1977)، شارك فيه كل من القاصة والمترجمة سمية رمضان، وغادة الحلواني، وخصصت مجلة «جسور» الصادرة عن مركز المستقبل لجيل السبعينيات ملفا في عددها الثاني - سبتمبر 1999، شارك فيه كل من حسن بيومي وشعبان مكاوي وفاطمة الديساوي إلى جانب ترجمة مقابلة مع فريري أجراها مواري كوكس، ومع الأسف توقفت المجلة السابقة بعد ثلاثة أعداد. ومنذ وفاة فريري (2 / 5 / 1997) دأبت اللجنة المسكونية بمصر على إقامة احتفال يجمع بين الندوة الأكاديمية والاحتفال الشعبي، وبالتأكيد هناك جهود عربية أخرى، لاسيما في المغرب العربي لم تصل إلى علمنا.

وفي مجال الفكر التربوي المصري فقد عرضت فلسفة فريري باستفاضة في العديد من مؤلفات المفكرين التربويين من أمثال سعيد إسماعيل علي (فلسفات تربوية معاصرة - سلسلة عالم المعرفة بالكويت 1995)، وكمال نجيب (الوعي من الخارج لباولو فريري) في مجلة «التربية المعاصرة» الصادرة عن رابطة التربية الحديثة (ع50/ ديسمبر 1998)، ومحسن خضر «مجلة الهلال» الصادرة عن دار الهلال «مارس 1993» وحامد عمار «باولو فريري فيلسوف الأمل التربوي في تحرير الإنسان» «مجلة الهلال» على عددين (فبراير ومارس 1996) وغيرهم الكثير.

وقد خصص الدكتور عبد الراضي إبراهيم (رحمه الله) دراسة كاملة عن «نظرية باولو فريري في تعليم وتنمية الكبار» نشرها بمجلة دراسات تربوية الصادرة عن رابطة التربية الحديثة (1995) وربما تكون أشمل دراسة لنظرية فريري بعد دراسة محمد نبيل نوفل، وترجم حامد عمار، وأحمد عطية آخر كتابين لفريري أحدهما «تربية الأمل «والآخر» المعلمون «بناء ثقافة» عن الدار المصرية اللبنانية في سلسلة «آفاق تربوية متجددة»، كما انتهى حامد عمار من ترجمة مؤلف ثالث لفريري عن الإنجليزية لم يترجم من قبل، كما خصص المؤتمر الثاني لمركز تعليم الكبار بجامعة عين شمس جلسة كاملة بمؤتمره لعرض فلسفة باولو فريري من زوايا متعددة شارك فيها حامد عمار، وعصام هلال, ، وعبد الفتاح ترك، ومحسن خضر، ولمياء أحمد. اقتحم فكر فريري الفكر التربوي العربي المستقطب بين فلسفة التربية الغربية الوضعية بمضمونها البرجوازي ، والتربية الماركسية - الآفلة أخيرًا - وربما كان من مصادر الجاذبية في فلسفته، تشابه الظروف، حيث لا تختلف ظروف البرازيل كثيراً عن ظروف المجتمع العربي في الهموم والتطلعات، وربما كان مصدر الجاذبية الأهم أن نظرية فريري مزجت التنظير بالممارسة، والفكر بالواقع، حيث دخلا في جدل خلاق غذاها بالتقويم والمراجعة المستمرة ، كما أن الطابع التحريري لفلسفة فريري: تحرير الإنسان وتحرير المجتمع في مواجهة كل عوامل الاستلاب المحلي والغربي زادت من هذه الجاذبية لدى التربويين العرب.

ومن الطريف أن الثوري الشهير شي جيفارا رفض أن يتبنى أسلوب باولو فريري في تربية المقهورين، والمعروف بالأسلوب الحواري ومفاده «لا تثق حتى بظلك، لا تثق مطلقًا في الفلاحين الودودين أو المرشدين أو رجال الاتصال، لا تثق في أي شخص قبل أن يتم تحرير المنطقة بأسرها».

كبريائي فوق النجومِ ولولاها لما كنتُ بالنجوم خليقا
جلّ شعري أقيه الرّوح من كلّ هوانٍ, والشعر كالعِرضِ يُوقَى
ما شكوتُ العدو كبرًا ولكنّي شكوت المبرّأ الموثوقا


بدوي الجبل

 

محسن خضر