عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

ربيع الأربعين

عزيزي القارئ

كثيرون من الباحثين عن حلم الخلود، وكل الذين يؤرقهم حلم الشباب الدائم، يدعون- شعوريا أو لا شعوريا- لأن يكون العمر بمقياس الحيوية، لا بمقياس الزمان "الكرونولوجي" المتعاقب.

صحيح أن العلم في ذراه أثبت أن الزمان يتدفق إلى الأمام، تاركا وراءه الأعمار تمضي وتوغل فى المضي وتطعن، لكن المؤكد أيضا أن عمر الحيوية يسجل اختراقات مدهشة لقواعد الكهولة وما بعدها.

كل هذه الكلمات عن العمر والحيوية عزيزي القارئ، مبعثها هذا الشهر مناسبتان تتزامنان مع عددنا هذا، فثمة مناسبة عامة- كوكبية- هي دخولنا فصل الربيع، وثمة مناسبة خاصة- ثقافية- هي احتفال العربي بمرور أربعين عاما على إنشائها وهو احتفال ثقافي الفعاليات جاء في هذا الشهر- بدلا من ديسمبر الماضي الذي تكمل فيه "العربي" عامها الأربعين- لضرورات مناخية وتنظيمية، حتى يليق احتفال هذا البلد- الكويت، بهذه المطبوعة- العربي، التي صدرت كتعبير عروبي من ضمير الكويت الثقافي لكل المثقفين العرب والعارفين بالعربية في العالم، وهو احتفال ترعاه الكويت الرسمية والشعبية، لتؤكد من جديد أن ثوابتها من ثوابت الحضارة العربية، التي صانت للعالم تراثه، وطورته، مخترقة بضياء الضمير الإسلامي الحضارى عتامات القرون الوسطى الأوربية التي كادت تغرق نفسها والعالم فى غياهب ظلمتها في تلك القرون.

عزيزي القارئ.. لقد قدمنا للقراء استبيانا فى عدد يناير 1999 الماضي لمناسبة مرور أربعين سنة على بدء صدور العربي في ديسمبر 1958، نستطلع آراء القراء في المجلة وأبوابها وما يأملون منهـا، وكنا نظن أن الاستجابة ستأتي رويدا رويدا لكننا فوجئنا بسيل الاستجابات، حتى أن الرسائل- التي يجري فحصها وتصنيفها- ملأت بصناديقها المكدسة ممر صالة التحرير، وأشار فحص العينات الأولى إلى مدى الارتباط العميق بين قراء العربي ومجلتهم، بل إلى عمق المحبة التي تشعرنا بثقل المسئولية. خاصة أن أرقام التوزيع التي تفوق ثلاثمائة ألف نسخة شهريا لا تزال تتربع على منصة المركز الأول بين كل المطبوعات الدورية الثقافية في عالمنا العربي الكبير.

من هذا كله، يحق لنا أن نزعم أن عروق العربي لاتزال عامرة بالحيوية وهي تدخل في عقدها الخامس، بل إن مقياس أرقام التوزيع التي قفزت مع السنين قفزات واسعة (من عدة آلاف في العدد الأول إلى مئات الآلاف اخيرا)، ومقياس التفاعل الخلاق الذي تعبر عنه الآلاف العديدة من رسائل القراء شهريا.. كل ذلك هو مؤشر واضح على مدى الحيوية التي تتنامى، في كيان هذه المجلة والتي ترتب على أسرة تحريرها جهودا إضافية نأمل أن نكون أكفاء لها. وفي هذا الشأن لا يفوتنا أن نقول إن أسرة تحرير العربي الفاعلة ليست فقط مجموعة الأفراد القلائل الذين يدأبون فى مبنى المجلة بالكويت، بل هي أسرة ينتمي إليها عشرات ومئات من أفضل الكتاب العرب على مدار تلك السنين والذين يسهمون بأقلامهم الراقية في تحرير هذه المجلة من كل أصقاع عالمنا العربي ومن كل مكان يوجد فيه كاتب عربي في العالم الواسع.

كما لا يفوتنا أن نذكر بالخير، كل تلك الدول والجهات والمؤسسات المختلفة التى تعين العربي، في أداء رسالتها حتى تكون حقا عين قارئها على العالم.

وبالطبع فإن دائرة الفضل الواسعة لا تكتمل بغير ذكر موزعي "العربي" في كل أنحاء العالم. لهم جميعا الشكر.

وإلى ربيع متجدد .

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات