عادات رمضانية

عادات رمضانية

رَمَضان‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‭ ‬والعبـــــادات‭ ‬والطــــــــقوس‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تجدها‭ ‬طوال‭ ‬أيام‭ ‬العام،‭ ‬تلك‭ ‬الطــــقـــوس‭ ‬التـــي‭ ‬نـــشم‭ ‬رائحتها‭ ‬ونتلمس‭ ‬طقوسها‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬قدومه،‭ ‬وتظل‭ ‬هذه‭ ‬الطقوس‭ ‬وعاء‭ ‬حضارياً‭ ‬مميزاً‭ ‬للأمة‭ ‬العربية،‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬هويتها‭ ‬وخصوصيتها‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬مظاهر‭ ‬العولمة‭ ‬والتلاشي‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬ضد‭ ‬جميع‭ ‬الأمم‭ ‬وثقافاتها‭ ‬وتراثها‭.‬

تبدأ أجواء رمضان في الخليج قبل قدومه، وبالتحديد من منتصف شهر شعبان، ويطلق على تلك الليلة «حقّ الليلة» أو «حقّ الله»، و«النافلة» و«الكريكشون» و«حل وعاد».

 

‮«‬الغبقة‮»‬‭ ‬و«الديوانيات‮»‬‭ ‬في‭ ‬الخليج

ويتم الاحتفال بتوزيع الحلويات والمكسرات على الأطفال، وهم يغنون «عطونا حق الله يرضى عليكم الله»، «جدام بيتكم دله، عسى الفقر ما يدله»، فإذا ما أعطوا لهم الحلويات يزيدون في الغناء والدعاء، ومن لا يستجيب ولا يعطي ينشد له الأطفال دعوة مناقضة تقول: «جدام بيتكم طاسه، وعجوزكم محتاسه»!

وفي غرة رمضان بدولة قطر تحرص العائلات على الاجتماع في «البيت العود»، وهو بيت الجد، وتستقبل البحرين قدوم رمضان بعادة «دق الحب»، وهي طحن القمح أمام البيوت، وفيها تمتلئ «الدراريس» وهي مجالس تتم تهيئتها بوضع المصاحف على جوانبها، لتلاوة القرآن الكريم طوال رمضان.

وتعتبر «الغبقة» من أهم العادات في الخليج، وهي وجبة خفيفة يتم تناولها بين الإفطار والسحور.

وفي المملكة العربية السعودية يطلق لفظ «شعبنة» أو «شعبانية»، لاستقبال رمضان، ويقال «فك الريق» أو «فكوك الريق»، عند الإفطار، ويستقبل أهل «عسير» رمضان بإشعال النيران الكثيفة في أسطح منازلهم وجبالهم. 

وتنتشر المجالس المعروفة، التي تعرف باسم «المجلس» أو الديوانية، وهي تنظم على فرش يوضع على الأرض كالسجاد عند الموسرين، أو «الحصيرة» عند متوسطي الدخل، حيث يجلس صاحب المجلس في مقدمة مجلسه لاستقبال زائريه.

 

‮«‬أبو‭ ‬طبيلة‮»‬‭ ‬

وهو المسحراتي، وله طابع مميز، حيث يمر في الشوارع ويطرق البيوت مترجلاً أو راكباً حماره، ومعه بعض الأطفال يقرعون الطبول وهو يردد: «اصحَ يا نايم... وحّدْ الدايم... سحور يا عبيد الله سحور».

 

رمضان‭ ‬الشامي

في سورية يتمُّ تعليق الفوانيس في الطرقات وعلى شرفات المنازل وواجهات المحال التجارية، تحيةً لرمضان، ويطلق مدفع الإفطار كتقليدٍ مستمرِّ عبر التاريخ عند الإفطار.

ويطلق السوريون على العشر الأُوَل من رمضان (المرق) لانهماك الناس بطعام رمضان وموائده المتنوعة، والعَشر الوُسْطَى يسمونها (للخِرَق) أي لشراء ثياب وكسوة العيد ولوازمه، أما العَشر الأواخر فيسمونها  (صر الورق)، حيث تنهمك النسوة في إعداد حلوى العيد، خصوصاً المعمول المحشو بالجوز أو الفستق الحلبي.

وفي لبنان كان الوالي يقيم موائد للإفطار داعياً رجال الدولة المسلمين والمسيحيين, الذين يحتفلون برمضان جنباً إلى جنب المسلمين على مائدة واحدة.

 

الضيف‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬العربي

يطلق أهل المغرب بلهجتهم الخاصة وصف «سيدنا رمضان» على شهر رمضان، وكانت النساء يجتمعن على أسطح المنازل لرؤية هلال رمضان، لتطلق الزغاريد فرحاً بقدومه، وتكون الأسر قد أعدت أطباق الحلوى لتوزيعها.

ويبدأ استقبال رمضان بتنظيف المساجد وتطييبها بالعطور والروائح وتجديد مفروشاتها وطلائها، ويرتدي الجميع «الجلابية المغربية» ذات البرنس ويطلق عليها القفطان أو التكشيطة، وتعمم الطرابيش الحمراء للشباب، ويرتدون «البلغة» بلونها الأصفر، أما الفتيات الصغيرات، فيأتي إليهن بـ «تكشيطة» وهو فستان نسائي تقليدي مغربي، ويتم رسم أيديهن بنقوش الحناء.

ويهنئ أهل المغرب بعضهم البعض بقدوم رمضان قائلين: «عواشر مبروكة»، وتعني أياماً مباركة بعواشر رمضان من الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

وتنتشر «الدروس الحسنية»، وهي سلسلة من الدروس اليومية تقام خلال رمضان بحضور كوكبة من العلماء والدعاة. 

 

النفار‭ ‬المغربي

وفي الليل يخترق صوت النفير آذان الناس، ليذكرهم بموعد السحور، و«النفار» لا يوقظ الناس بالطبلة، بل يحمل مزماراً طويلاً ينفخ فيه سبع نفخات، إما في صومعة المسجد وإما متجولاً في الأزقة العتيقة.

وفي الجزائر، تقوم النساء بغسل جدران البيت، وإخراج الأواني الجديدة لاستقبال رمضان.

«سيدي رمضان»، هو الاسم الذي يطلقه التونسيون على الشهر الكريم، ويتم تزيين كل البيوت والجوامع بفوانيس ومصابيح ملونة، احتفالاً بقدومه.

وتبدأ النساء في الليلة الأخيرة من شعبان، بخبز أنواع عديدة من العجائن والحلويات الشرقية، في طقس احتفالي يُعرف باسم «ليلة القَرْش»، ثم يتم تبادل هذه الحلويات بين الأهل والجيران مع التهنئة بقدوم «سيدي رمضان».

وتقام ليالي «السلامية»، وهو طقس احتفالي يقام لذِكر ومدح الرسول [ وإنشاد أناشيد صوفية بمصاحبة الدفوف، وهو طقس يقتصر على الرجال، إلا أن النساء تشارك من بعيد بالزغرودة عند أجمل المقاطع.

وفي ليلة القدر يتم تحضير «موكب الموسم»، حيث تقوم به الأسر والعائلات التي لديها فتيات مخطوبات من أجل التبارك، وفيه يتم تبادل الهدايا والحصول على التبريكات من الأجداد، ويُفضّل التونسيون ختان أبنائهم الذكور في ليلة القدر.

 

ليلة‭ ‬الرؤية‭ ‬والفانوس‭ ‬والزفة‭ ‬بوادي‭ ‬النيل

تتعدد مظاهر استقبال المصريين لشهر رمضان، فقبل نهاية شهر رجب وبداية شهر شعبان، نجد واجهات البيوت والمساجد والشوارع، وقد زينت بأوراق الزينة الملونة والقناديل والشموع، بالإضافة إلى فانوس رمضان الشهير بأشكاله وأحجامه المختلفة.

ويظل موكب الرؤية بطقوسه الشعبية في الذاكرة المصرية، حيث يتم إعداده من أمام بيت القاضي أو الساحة المواجهة للمسجد الجامع بالقاهرة، وكان يقام بعد صلاة العصر يوم 29 شعبان إلى أذان المغرب، وكان في الموكب ثلاث فقرات أساسية، الأولى الخيالة، والثانية مشاركة الطوائف وأهل الطرق الصوفية، والثالثة الحرفيون وأصحاب المهن، ويسير الموكب إلى جبل المقطم لاستطلاع الهلال، وعند رؤيته تضاء الحوانيت والدكاكين والشوارع بالقناديل والشموع، وفيه يتم تحديد تموين الولائم السلطانية، وتوزيع القمح والدقيق والمكسرات على الناس، ويبدأ الاحتفال بالقاضي والمحتسب وكبار الشخصيات إلى أن يصلوا إلى بيت الوالي بالقلعة، حيث يهنئونه بقدوم رمضان.

ولا ننسى مدفع رمضان الذي كان يسمى «الحاجة فاطمة» بالقلعة، وكان يطلق سبع مرات لتذكير أهل القاهرة بميعاد الإفطار، ويفطر المصريون على التمر، ثلاث تمرات، وهم يقولون «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت»، ويهنئون بعضهم بقدوم رمضان قائلين: «رمضان كريم».

وأصوات ترتيل القرآن الكريم من المساجد العامرة طوال أيام رمضان بمصر، والاحتفال المميز بليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان، تشعر بروحانيات رمضان، وبساطته وعمق شعائره في الوجدان المصري، فهي أيام مباركة يستقبلونها دائماً وهم يدعون: اللهم بلغنا رمضان، و«مرحب شهر الصوم مرحب»، كما تنتشر موائد الرحمن في كل مكان بمصر تقريباً. ويظل المسحراتي المصري، بطبلته وهو يمر على قدميه وبجواره صبي، أو على حمار، أو على عربة خشبية (كارو) ينادي «اصح يا نايم... وحّد الدايم»، و«رمضان كريم».

وفي السودان، وعند ثبوت رؤيته يحدث ما يُعرف بـ «الزفة»، إذ تنتظم مسيرة مكونة من رجال الشرطة، والجوقة الموسيقية العسكرية، ويتبعهم موكب رجال الطرق الصوفية، ثم فئات الشعب شباباً ورجالاً... وتقوم هذه «الزفة» بالطواف في شوارع المدن الكبرى، معلنة بدء شهر الصيام، وتستقبل نساء السودان رمضان بتجديد وتغيير كل أواني المطبخ، احتفالاً وابتهاجاً بقدومه. 

والإفطار الجماعي إحدى عادات السودانيين المميزة، حيث تُفرش البُسط في الشوارع إذا كانت متسعة، أو في الساحات العامة، وتأتي كل عائلة بطعام إفطارها جاهزاً، كما يتم فرش بسط من سعف النخيل مستطيل الشكل، ويصطف الناس حولها صفين متواجهين.

وفي الخميس الأخير من رمضان يعد السودانيون طعاماً خاصاً يعرف بـ «الرحمات» يتصدقون به على الفقراء والمساكين، وهم يعتقدون في هذا أن أرواح الموتى تأتي في هذا اليوم لتسلم على أهلها... وكل عام و«رمضان كريم» .