جميعنا نصوص غير مكتملة

جميعنا نصوص غير مكتملة

كثيراً ما نشعر بأن العالم الأفضل والأكثر سعادة هو ذاك العالم المتمدد على صفحات القصص, حيث الأشخاص والأماكن التي نريد, قصص تبدو ممكنة ومستحيلة في آن. والأمر هو أن تلك القصص ما هي إلا الجزء المفقود من نص الحياة الواقعية, هي المكمل الضروري لفهم الواقع وتجميله.

تماماً كجلجامش الذي يحتاج إلى إنكيدو حتى يتكامل ويستوعب واقعه, كما تروي ملحمة جلجامش. وإذا اتفقنا على أن هذه القصص هي الجزء المفقود من عالمنا, فإنها المكمل للحياة التي تلينا، هكذا كما وجدنا نحن أجزاءنا في كتب وفي أشخاص وفي تجارب سبقتنا, حتى نتمكن من فهم نصنا الخاص.

النص الخاص بنا, كبصمة لا يمكن تكرارها تماماً, وإن تشابهت الانعطافات والحلقات, إنه سجلنا الفريد الذي صاغه معنا الآخر. ذاك الآخر الضروري لفهم الذات, قد يبدو من المؤلم وجود النقيض لأمر جميل نحبه, لكن الحقيقة أنه ما كنا لندرك هذا الجمال لولا نقيضه, قد ينقصنا الآخر حتى نفكر في طريقة ننقذ بها نقصنا, وقد نختلف مع الآخر حتى نبدع في خلق الشغف والمنافسة.

تفاعل‭ ‬وتناقض‭ ‬وتنازع

يقول د. علي الوردي: «الحياة عبارة عن تفاعل وتناقض وتنازع. ولولا ذلك لما كان هناك شيء اسمه حضارة أو مجتمع».

  لكن من المهم فهم وإدراك هذه الحقيقة. إنه لا تشابه ولا تطابق ولا سلاماً مطلقاً على هذه الأرض, لا يمكن ترويض البشر جميعاً لفكرة معينة. علينا التعافي من علة (أنا أو لا أحد), وأن نعتبر وجود الآخر تقدماً للبشرية. فهو ضمان الحضارة واستمراريتها, فجزؤك المفقود قد يكمله آخر مختلف عنك, فتجربتك معه من الممكن أن  تكسبك الوعي لضرورة تهذيب بعض طباعك. جميعنا نصوص غير مكتملة, نصوص بلا هوامش أحياناً, وأحياناً بلا تدقيق إملائي لا تقلق, عليك أن تقلق عندما تعتقد بأنك النص الوحيد, نص غير قابل للتحريف ككتاب مقدس. فلتكن نصاً مفتوحاً, نصاً بلا نهاية واحدة, نصاً يستطيع أن يكتبه جلجامش وإنكيدو .