هاينريش فوجر و..ابنة لويس السادس عشر

هاينريش فوجر و..ابنة لويس السادس عشر

يعتبر هاينريش فوجر من ألمع الرسامين الألمان في أواخر القرن الثامن عشر الذين جمعوا في أعمالهم الكثير من دروس الأساتذة الكلاسيكيين في فرنسا وإيطاليا.

فهذا الرسام الذي ولد في هيلبرون عام 1751 وتوفي في فيينا عام 1818، درس على أيدي نيكولاس غيبال وآدم فريدريك أوسر قبل أن يسافر إلى روما ونابولي، ليعود لاحقاً إلى فيينا ويتولى إدارة المتحف الإمبراطوري، بعدما تولى إدارة أكاديمية الفنون.

رسم فوجر الكثير من الصور الشخصية وبعض المواضيع الأسطورية، وأيضا عدداً من اللوحات الجدارية (في نابولي)، ولكنّ شهرته في مجال رسم المنمنمات الصغيرة فاقت كل ما عداها.

تمثّل اللوحة التي نعرضها هنا الأميرة ماري تيريز دي بوربون ابنة الملك لويس السادس عشر الذي أعدم خلال الثورة الفرنسية. وهذه الأميرة التي ولدت في العام 1778م، ونجت من الإعدامات التي أطاحت بعائلتها، عاشت حياتها في فيينا، حيث التقاها الرسام وأنجز هذه اللوحة لحسابها.

اللوحة بسيطة جداً، مقارنة مع صور الملوك والأمراء، فالأميرة الشابة ترتدي ثوباً بالأسود والأبيض (من بقايا الحداد على والديها)، وفي الزاوية اليمنى نرى جزءاً من المشلح الملكي الخاص بتتويج ملوك فرنسا وعليه الزنابق (شعار عائلة البوربون)، وجزءاً من النسر الإمبراطوري النمساوي على المقعد خلفها (شعار البلد المضيف). أما الستارة الحمراء المرسومة على عجل وبضربات فرشاة عريضة، فهي لحفظ التوازن مع الطاولة الحمراء، وظهر المقعد، وأيضا لإضفاء شيء من المزاج الأرستقراطي على اللوحة بشكل عام.

أما أكثر ما يحرّك العاطفة في هذه اللوحة فهو في الميدالية التي تعلّقها الأميرة على صدرها، وفيها نرى رأس رجل وامرأة وولد صغير بينهما، والثلاثة هم الملك لويس السادس عشر، والملكة ماري أنطوانيت وابنهما الذي لم يعرف مصيره، وسمي تكريماً لويس السابع عشر.

لا نعرف إن كانت الأميرة تحمل هذه الميدالية فعلاً، أم أن الرسام اختلقها لولعه برسم المنمنمات.

ولكن ما من شك في أن هذه الميدالية الصغيرة، تكاد تكون من الناحية الفنيّة توقيعاً خاصاً بالفنان، ومن ناحية الموضوع، تبرر المزاج العام الذي يسود اللوحة: نبلا، وجديّة، وتقشّفا، وحالة تشبه الحداد من دون أي درامية في العواطف.

فالأميرة التي كانت متزوجة من لويس أنطوان دي بوربون، ولا تزال تأمل في أن تسترد أسرتها عرش فرنسا ( واستردته بالفعل لبعض الوقت بعد سقوط إمبراطورية نابليون ) ، تبدو في هذه اللوحة في سن تشير إلى أن نحو 15 سنة قد مرت على إعدام أسرتها، ولكن الأسرة لا تزال في البال، والمكانة أيضا.

 عبود عطية 





هاينريش فريدريك فوجر : « صورة ماري تيريز دي بوربون « (110.54 × 88.5 سم) متحف الأرميتاج روسيا