أسس تلفزيون الكويت وأدار نجاحه باقتدار محمد السنعوسي: أؤمن بالدور التثقيفي والتوجيهي للإعلام ولا يمكن للتلفزيون الخاص أن ينافس «الحكومي»

أسس تلفزيون الكويت وأدار نجاحه باقتدار محمد السنعوسي:  أؤمن بالدور التثقيفي والتوجيهي للإعلام ولا يمكن للتلفزيون الخاص  أن ينافس «الحكومي»

الحوار مع محمد السنعوسي، لابد أن يتسم بالحيوية، ويحتاج من المحاور أيضاً أن يكون متأهباً ومستعداً، لأن الإعلامي الرائد السنعوسي، هو في الأساس محاور موهوب حاضر الذهن وسريع البديهة، بالإضافة إلى سماته العديدة بوصفه واحداً من أبرز من ارتبطت أسماؤهم بتأسيس تلفزيون الكويت، وإدارة هذا الجهاز بالشكل الذي جعل منه وسيلة إعلامية ذائعة الصيت، ليس في الكويت فقط، بل في أرجاء العالم العربي، لأنه تمكن من منافسة التلفزيونات العربية. 

جمع السنعوسي بين دوره كإداري، وإعلامي يؤمن تماماً بدور الإعلام في تثقيف المجتمع، وبالرسالة الإعلامية كأداة أساسية في توجيه سلوكيات المجتمع، ووسيلة للتنمية والرقي.
 ولم يكتف بدوره الرائد، بل اهتم بالفنون خصوصاً المسرح والدراما، وأخرج بنفسه تمثيليات كانت تبث على الهواء مباشرة خلال الفترة الأولى للتلفزيون، وأسهم في إنتاج وإخراج أول الأفلام السينمائية التي أنتجتها الكويت في ستينيات القرن الماضي.
 وفي هذا الحوار نرتحل مع الأستاذ محمد السنعوسي في جولة أو رحلة استعادية واسعة عن أبرز محطات حياته، كرائد من رواد الإعلام في الكويت، وآرائه في عديد من قضايا الإعلام العربي والكويتي.
لكنه أصرّ قبل بدء الحوار أن يرينا تجربة خاصة لتوفير الطاقة، حيث وضع مجموعة من الألواح الخاصة بالطاقة الشمسية لإضاءة جانب كبير من بيته، لافتاً إلى أن هذه الوسيلة يجب أن تعمم في أرجاء الكويت من أجل توفير الطاقة. 
< حين بدأ الحوار ذكرت بشكل عابر معلومة تقول إن تلفزيون الكويت لم يسبقه إلا التلفزيون المـــصري وتـــلــــفزيون بغداد، فقاطعنا الأستاذ السنعوسي موضحاً: 
- المعلومة ليست دقيقة، فالعراق لم يكن به تلفزيون في ذلك الوقت. وكل ما في الأمر، أنه كان هناك معرض في بغداد، وقد حضرته بنفسي، وقامت فيه إحدى الشركات الخاصة بوضع كاميرا وشاشة، وكان من يمر أمام الكاميرا يرى نفسه على الشاشة، وهذا المعرض نفسه أقيم في دمشق، وأيضاً حضرته. فكنت أقف أمام هذه الكاميرا، وأرى نفسي وأقول: «والله لأعمل هذا في الكويت»، فقد كان لديّ الولع بأن يكون هذا الشيء موجوداً في الكويت، لأنني كنت آمل، وأنا أدرس الفنون المسرحية في مصر، باكتشاف وسيلة جديدة للترفيه في الكويت، وأعددت ورقة دراسية عن وسائل الترفيه في الكويت في ذلك الوقت، أي في خمسينيات القرن الماضي، ولم يكن هناك أي شيء. لذلك عندما شاهدت التجربة في معرضي بغداد ودمشق، قلت إن هذه وسيلة جيدة جداً، ليس فقط للتسلية، بل للتعليم والثقافة وغير ذلك. وقلت إن هذا يصلح للكويت البلد المغلق على نفسه، الذي كان في حاجة كبيرة إلى مثل هذا الابتكار الجديد.
 < في كتابك الجديد ذكرت أيضاً أن هناك تلفزيوناً خاصاً كان قد سبق تأسيس التلفزيون الكويتي فما قصة هذا التلفزيون؟
- بدأها مراد بهبهاني (بتلفزيون شيرين)، باعتباره وكيل «آر سي إيه» وهي «أجهزة الراديو والتلفزيون»، وكان شخصاً ذكياً. الذي قرر أن يعمل تلفزيوناً، عبارة عن كاميرا وعرض أفلام، ولهذا يعتبر البعض أن هذه المحاولة البسيطة سبقت. لكن العمل الحقيقي لإنشاء التلفزيون الرسمي بدأ مع عدد من الأشخاص بينهم خالد المسعود وأشخاص آخرون، وهم من قاموا باستدعائي من القاهرة لبدء التخطيط والعمل على بدء بث التلفزيون من الكويت.
< في التجارب الريادية غالباً ما تكون مصادر الإلهام قليلة، فلم تكن هناك تلفزيونات وتجارب أخرى كثيرة... ما مصادر الإلهام التي استندتم إليها لكي تضعوا الخطوط العريضة لبرامج التلفزيون الكويتي الوليد آنذاك، والملامح العامة للرسالة الإعلامية التي أردتم أن تبدأوا بها؟
- الحقيقة أن أغلب مصادر الإلهام تعود إلى مدارس الكويت، فقد كانت آنذاك هي المؤسسات الوحيدة التي قامت بتربية أبناء وبنات الكويت وحثهم على الاطلاع والمعرفة والابتكار، لأن كل مدرسة آنذاك كان بها نشاط مسرحي، وجمعيات للأنشطة المختلفة، سواء الرياضية أو في مجالات مثل الزراعة والتجارب العلمية المبسطة للفتيان، أو فنون المطبخ والطهي والتطريز وما شابه للفتيات. وبالتالي كان النشاط المدرسي، داخل المدارس، هو مصدر الإلهام لأي شاب. 
وكانت كل مدرسة تختلف عن الأخرى وفقاً لإمكانات وقدرات مدرسيها. وأذكر أنه في «صلاح الدين» و«المرقاب»، كان هناك مدرس مسؤول عن النشاط المسرحي، وبالرغم من أنه تلقى تعليماً دينياً في الأزهر، فقد تعلمنا المسرح على يده، ثم جاء عبدالحميد الحبشي، وأنشأ مجموعات طلابية أطلق عليها اسم «أسر»، بحيث يكون لكل أسرة نشاط معين مختلف عن بقية الأسر. وكان لها دور كبير في إلهام الشباب الكويتيين، ولكن، كل هذه الأنشطة، مع الأسف، توقفت تماماً في الكويت بعد ذلك بسبب المد الإسلامي وظهور الإخوان المسلمين. 
والمهم أن النشاط المدرسي كان الملهم لنا، فمعظم الأفكار التي قدمت في بدايات التلفزيون كان لها أساس ما من الأنشطة المدرسية. وكانت الأمور تعتمد على الجهد الذاتي، والموهبة، وعلى سبيل المثال، في البدايات لم تكن فنون الدراما بشكلها الذي نعرفه قد بدأت، فكنت أستعين بعدد من الممثلين الناشئين أو من لديهم بعض الخبرة، ونقدم لهم فكرة عامة عن موقف معين، ثم نوجههم لما سيفعلونه، ويقومون بتنفيذ الموقف كما لو أنهم اليوم يقرأون مشهداً درامياً. وكنا نعتمد في أحيان كثيرة على ارتجالاتهم ونقوم بتوجيههم. فكنت ألتقي بهم وأجلس معهم قبل البث، وأعطيهم فكرة محددة ونتحدث في تفاصيل ما سيقوم به كل شخص منهم وما سيقوله، وما سيُترك له لكي يرتجله. كنت أريد أن أصنع دراما، ولم تكن لدينا إمكانات بعد، وبدأنا بعمل تمثيليات على الهواء مباشرة مدتها نصف الساعة بهذه الطريقة.
< من الواضح أن الكويت اهتمت من البدايات بالدراما والمسرح، ووجهت عناية كبيرة للأمر وأنشأت معهداً متخصصاً، فماذا عن السينما؟ لماذا لم تتمكن الكويت من إطلاق صناعة السينما كما فعلت في الدراما والمسرح؟
- لم تتمكن الكويت من إنشاء صناعة سينما، والحقيقة أيضاً أنه لن تكون لدينا سينما، فهذه مسألة صعبة جداً. وكل ما شاهدتموه وشاهده الناس، من البداية، التجارب الأولى مثل «العاصفة» إلى «عرس الزين»، «بس يا بحر»، كلها، في تقديري الخاص تعتبر تمثيليات تلفزيونية رديئة، لأن أي شخص حين يتأمل أصول العمل السينمائي الاحترافي وتقنياته التي تمت بمقتضاها صناعة أفلام مثل «عمر المختار» و«الرسالة»، على سبيل المثال، يجد أن الوضع لدينا لا يقارن بأي حركة سينمائية متطورة. 
والسؤال: لماذا لن تكون لدينا صناعة سينما؟ إن هذا يعود لأسباب عدة، أولها أن السينما مكلفة جداً، ولكي يغامر منتج من أصحاب رأس المال لإنتاج فيلم، ثم يعرض هذا الفيلم لمدة يومين أو ثلاثة أو أسبوع، فهذا أمر لا يمكن أن يؤدي لأي نتيجة، ولن يعوض صاحب رأس المال عما أنفقه، وبالتالي فلن يقدم على المغامرة، وكذلك شركات التوزيع لن تقبل أساساً عرض فيلم كويتي لأنه لن يحقق لها دخلاً، مقارنة بالأفلام الأخرى. 
فأساس المسألة في الحقيقة يتعلق بضرورة توافر المناخ المناسب لصناعة السينما، ولنأخذ مثلا لبنان: لديهم بالتأكيد مناخ أفضل، وجغرافيا متنوعة جداً وجميلة، وإمكانات إبداع مميزة، وتقنية أكبر، بالإضافة إلى مناخ حرية كبير جداً، ومع ذلك لا ينتجون سينما، هناك مشكلة، وهناك أكثر من حالة شبيهة في العالم العربي، أما البلد الوحيد القادر على الإنتاج السينمائي والذي تعوّد العالم العربي كله على صناعته السينمائية، فهو مصر. 
< في ستينيات القرن الماضي لم يكن هناك مسرح أو دراما أو سينما، لكن توافرت الفرصة للمسرح والدراما، فلماذا لم يتوافر ذلك في السينما أو معهد سينما؟ 
- هناك أكثر من شخص من أبناء الكويت ممّن دَرَسوا في معهد السينما في مصر، وهذا مهم، لكني أحب أن أوضح أنني شخصياً ضد فكرة إنشاء مؤسسات أكاديمية في مجالات تحتاج إلى استعداد وموهبة مثل الإعلام والفنون، لكنها لا، وربما لن، تقوم في النهاية بتخريج مجموعة موظفين، أو خريجين يعملون في العلاقات العامة. لأني أعتقد أن الطالب المتفوق في أي مجال، حتى لو كان مجال اللغات، أو الشريعة، أو السينما، أو الإعلام، إذا وجد عنده هذا الشغف الحقيقي لدراسة والتخصص في مجال من هذه المجالات أو غيرها، فيمكن للدولة أن ترسله للخارج لدراسة تخصصه، وتضمن بالتالي عودة خريج درس جيداً ويقدم إضافة للمجال في مكانه. وليس بالضرورة أن أنشئ معهداً لطلبة لن يعملوا في المجال. الخريجون الموجودون الآن وبأعداد كبيرة جداً، يلتحقون بهذا المعهد وذاك لمجرد أن الدراسة أسهل. ويتخرج هذا الخريج أو الخريجة ثم يعمل في أي وظيفة علاقات عامة. 
وعودة للسؤال، تعالوا نتأمل وضع المسرح العالي للفنون المسرحية ومعهد الموسيقى، هذا كله أكذوبة، وأنا بشكل شخصي عينت لتحويل هذين الكيانين الأكاديميين إلى أكاديمية للفنون، لكني بعد أن رأيت مدى رداءة المستوى الذهني والأكاديمي تركت المنصب. وحين جاء الوزير العيسى عرض عليَّ عمادة المعهد، وقلت له انس الأمر، فالأسس التي بني عليها إنشاء المعهدين وطبيعة مستوى الأكاديميين المطلوب وغيره لا تتناسب حالياً مع المستوى القياسي الذي أنشئ المعهد بناء عليه، الذي أدى لظهور جيل مبدع في أول دفعتين حقق ريادة الكويت في الدراما، لكن هذا الأمر لم يستمر سوى عامين أو أكثر قليلاً. تخرجت دفعتان مميزتان من المعهد، أغلبهما مثلوا رواد النهضة الفنية في الكويت، لكن مع الأسف، بدأ التسيب والفوضى بعد ذلك. 
لذلك، تقديري أن هذه المعاهد الفنية لا يمكن أن يتخرج فيها أشخاص لمجرد الحصول على شهادة أكاديمية ولا يعملون في المجال. هناك الكثير من الطلبة الذين يتخرجون في معهد الموسيقى ولكنهم لا يعزفون ولا يقدمون للفن شيئاً، فلماذا إذن نصرُّ على فتح معهد موسيقى لا يخرج موسيقيين بمستوى عال من أبناء الوطن؟
 خذ على سبيل المثال، نعاني في الكويت عدم وجود فرقة موسيقية شاملة ومحترفة، كتلك التي كنا نستعين بها من مصر في بدايات عمل الإذاعة، مثل فرقة نجيب رزق الله والجماعة الذين عملوا معه. بل إننا استعنا بكبار الموسيقيين الذين كانوا يعزفون في فرقة أم كلثوم، لكي يعزفوا في الإذاعة الكويتية مع أوائل مطربي الكويت. أما الآن فكل أو قل غالبية خريجي الموسيقى لا يعملون في مجال الموسيقى، فلماذا إذن أنشأنا المعهد؟ 
< لكن هناك نماذج جيدة في الغناء الأوبرالي مثل الفنانة أماني الحجي على سبيل المثال. 
- هذه نوادر... وهذه الفنانة، أو أي موهبة كبيرة مثلها، يمكن للدولة أن توفدها للدراسة في إيطاليا وفي أكبر معاهد الموسيقى، بحيث تحصل على أعلى مستوى من الدراسات المتخصصة، وتعود لتكون مفيدة للفن في البلد. لكن أن أنشئ معهداً ليكون مجرد مكان للمشاكل والقصص البيروقراطية، فهذه مسألة غريبة. 
< من خلال ما قدمت من برامج، كان واضحاً أنك مشغول بالرسالة الإعلامية، فما هي البرامج التي قدمتها في تلفزيون الكويت، وتعتز بها من هذا المنطلق، ثم كيف ترى الآن هذا الموضوع في ضوء خفوت تأثير التلفزيون الحكومي تقريباً في العالم كله مقابل القنوات الخاصة ذات التأثير الأكبر، بينما لا تبدو القيمة أو الرسالة الإعلامية لها الأولوية لدى تلك القنوات؟
- أنا أؤمن من البداية، وثقافتي تقول لي، إنه لابد من استغلال الأجهزة الإعلامية في تثقيف وتوعية الناس بالدرجة الأولى. وبدأت في برنامج «مع السنعوسي»، قبل أن تولدوا، وكنت أشتري حتى الفئران، على سبيل المثال، فقد امتلأت البلد فجأة بالفئران، والدولة لم يكن لديها آنذاك أدوات ووسائل مكافحة لانتشار القوارض. وكانت الفئران قد غزت البيوت، وفكرت أن دوري في الإعلام يمكن أن يساعد، فاقترحت من خلال البرنامج على الشباب، وطلبة المدارس، خصوصاً الذين كانوا في إجازة نهاية العام، أن يتولوا إنقاذ البلد من الفئران، من خلال تشجيعهم بمكافأة رمزية عن كل فأر يأتون به، وكنت أقوم بحرق الفئران بنفسي، ولم أتلق مساعدة من أحد. 
والتفتت الدولة والحكومة لأهمية ما أقوم به، وبالفعل بدأ الاهتمام، وانتهى إلى عمل جهاز خاص بمكافحة القوارض، ولايزال مستمراً حتى الآن. وكان دوري هو فقط إثارة الحماس أو إظهار أن هذا الدور في النهاية هو دور الحكومة.
لقد كنت مهتماً بسلوك البشر والتركيز على الأخلاقيات، وكنت أعتقد ومازلت أن دوري هو التوجيه والتثقيف، وإبراز وفضح الأخطاء والسلبيات.
ولهذا بدأ برنامج رسالة، منذ ستينيات القرن الماضي، وكان يتوقف أحياناً ثم يعود، حسب ظروفي الخاصة، إلى أن سميته «مع السنعوسي»، واستمر، وأعتقد أن تلفزيون «المجلس» يعرض حلقات منه الآن. والحقيقة لما طلبوا مني عمل البرنامج، فكرت، وقلت لهم إنني لن أضيف الآن جديداً، لكني سأعود إلى بعض من كنت التقيتهم في البرنامج قبل عشرين أو ثلاثين سنة، وأسألهم الآن الأسئلة نفسها لنرى ماذا تغير، وما الذي بقي على حاله. 
< هذا يعني أن التلفزيون الحكومي فقد دوره لمصلحة التلفزيون التجاري في النهاية. 
- أعتقد أن التلفزيونات الحكومية لن ينافسها التلفزيون التجاري، إلا مؤقتاً في البداية. فالتلفزيون التجاري لو لاحظت كتجربة في الكويت، كلها تبدأ قوية ثم تنحدر، لأنك في النهاية في مجتمع أو دولة مثل الكويت تحتاج إلى أن تُدعم، فنحن لسنا أمريكا حيث يمكن لمقومات الإعلام والدعاية الهائلة هناك أن تدخل للملاك وأصحاب القنوات دخلاً كبيراً... نحن ليس لدينا سوق ضخم لانتشار هذه البرامج كما هو شأنها هناك. لذلك لابد أن تستمر الدولة في دعم الإعلام وباستمرار.
أما التلفزيون التجاري أو الخاص فيستدعوني، ويستدعون فلاناً، يسألون بضعة أسئلة، و«كثر خيرك»، بلا مقابل للضيوف، وبانحدار مستمر، والبرامج الجيدة تتوقف. وصاحب هذه القناة أو تلك، بعد مرور فترة قصيرة يبدأ في التحسس ويتساءل عن حجم ما كسبه، ويحسب الخسارة، ويجد أن الأمر ليس مجدياً. لذلك التلفزيون الحكومي أو وسائل الإعلام الحكومي في مجتمعات مثل مجتمعاتنا من الضروري أن تُدعم، وأن تستمر. 
ولكن ليس هذا معناه أن أتحكم بعنف وبقوة، باعتباري المنفق على الجهاز الإعلامي، فلابد أن أتماشى مع حرية الرأي والدستور والأفكار الليبرالية... إلخ. ومع الأسف المناخ الآن يضيق كثيراً على حرية الإعلاميين في طرح الأفكار بجرأة، فكان لدينا في سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي حرية لا تتوافر في مجتمعات كثيرة. 
< درست المسرح والإعلام وخضت تجارب إنتاج سينمائي طموحة، فما هي قصة الإنتاج السينمائي؟ 
- لقد خضت تجربة إنتاج مهمة، وأسسنا شركة إنتاج في تكساس أنتجت ستة أفلام تجارية أمريكية، فتجربتي في السينما في أمريكا عريقة ولها جذور، من خلال تأسيس شركة إم إس إن آي (شركة شبكة الأنظمة الحديثة العالمية) بمشاركة عدد من الشركات الوطنية الكويتية وشركة من بنما. 
< خلال رحلتك الطموحة وخصوصاً في البدايات، ماذا كنت ترى نفسك... سينمائياً مسرحياً أم إعلامياً؟ 
- طموحي يمكن أن يتجلى من خلال دراستي في أمريكا في أكبر جامعة بجنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس. درست الإعلام والسينما، تخرجت خلال ثلاث سنوات بامتياز، وكانت دراستي على حساب الحكومة الأمريكية، لأن لديهم نظاماً هو أن المتفوقين يدرسون مجاناً. وكان إحساسي أن هذا مجالي، لكني لا أنصح أحداً بالعمل في السينما، لأن الإنتاج، أيا كانت درجة جودة الفيلم، سيكون ضعيفاً مقارنة بإنتاج الدول التي لها صناعة سينما قوية. انظر الآن حتى الهند تنافس هوليوود. أما نحن فالمستوى لدينا مستوى الهواة. ومن يقومون بتجارب مهمة في النهاية ممن نطلق عليهم عشاق لفن السينما، وحتى الدراما والمسرح أيضاً لا أظن أنهما في حال أفضل. الأفكار أغلبها مكررة، وسيناريوهات ضعيفة، ولدينا ممثلات يردن أن يكن الممثلات والنجمات والكاتبات. والمسألة أصبحت تكوين أرباح، حتى النجوم مثل حسين عبدالرضا وسعد الفرج كانوا يتدخلون ويعدلون النصوص، كبروا وليس لديهم طاقة. وبالنسبة للشباب الآن فالمشكلة أن الكوميديا في نظرهم هي التسلية، مثل طارق العلي، خلاص شفتك مرة ضحكتني انتهينا، لا تكرر نفسك بحركات لا معنى لها. الآن أصبحوا مملين، ولا يوجد تجديد.
< قررت أن تترك العمل الحكومي عام 1985، هل كانت لديك مشروعات أحببت التفرغ لها؟ وماذا أنجزت منذ تلك الفترة؟
- بشكل عام لا أحب فكرة التقاعد بمعنى أنها انقطاع عن العمل. لكني أفهم أن التقاعد للأفضل ومزيد من النشاط والعمل والابتكار. فأولاً وأنا في الوظيفة كنت مسؤولاً عن مشروعات كثيرة، وحين تركتها توليت إدارة المشروعات السياحية التي كانت ميتة في ذلك الوقت. وعملت منها شيئاً يذكر، ثم توليت الاحتفالات في البلد كله، وبدأت الاحتفالات على شارع الخليج. 
وأنتجت الأفلام الأمريكية، والحقيقة أني اتجهت إلى الجوانب التجارية قليلاً، وهذا موجود في الكتاب، لكن أهم مشروع أمسكته هو «سليِّل الجهراء» وهو موقع على مساحة نصف كيلومتر مربع، والآن هو منتجع ترفيهي متكامل، وحددت للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أماكن من أجل التراث الشعبي والثقافة والمسرح أو معارض كتب أو أن أصنع موروثاً ما هو التراث في البداية، والآن تم الاتفاق وحددت المواقع، وسيتم إن شاء الله. 
< أخيراً، هل تعرفنا على قراءاتك بشكل عام؟ ماذا يحب الأستاذ محمد السنعوسي أن يقرأ عادة؟ 
- أقرأ كل شيء، في الحقيقة، أقرأ وفق ما ينشغل ذهني به، في السينما، في الفنون، الاقتصاد. والآن، على سبيل المثال أقرأ كتاباً عن قطر لمروان إسكندر، وعموما قراءاتي متنوعة بشكل كبير، ولست متحيزاً لفرع واحد من فروع المعرفة، ويشغلني حقاً عدم اهتمام الناس بالقراءة اليوم.

السنعوسي مشيراً إلى صورة ابنه وحفيده

مع مصطفى العقاد مخرج فيلم الرسالة في استراحة خلال تصوير الفيلم

السنعوسي مع الزميل إبراهيم فرغلي