الإعلامية الكويتية فاطمة حسين: قدمت رسالتي للمجتمع الكويتي بحب وإخلاص

الإعلامية الكويتية فاطمة حسين:  قدمت رسالتي للمجتمع الكويتي بحب وإخلاص

تعـــد الإعلامـــــية الكويتـية فاطمة حسين من رائدات العمل الإعلامي في الكويت، وصاحبة أول الوجوه التي أطلت عـــلى المشاهدين والمشاهدات في بدايات التلفزيون الكويتي مطلع ستينيات القرن الماضي، ومــــن الأصـــــوات الإذاعــــية الأولى التي قدمت برامج المرأة والأسرة في إذاعة الكويــت. وقـــــدمت عـــــلى مدى سنوات طويلة عديداً من البرامج التي حققت انتشاراً وجماهيرية كبيرة في المجتمع الكويتي، قبل أن تنتقل من الإعلام المرئي والمسموع إلى الإعلام المكتوب، لتخوض مجال الصحافة، حيث رأست تحرير مجلة سمرة، فضلاً عن مشاركتها في العمل العام. 

قبل ذلك قدمت فاطمة حسين نموذجاً للمرأة الكويتية الطموحة التي تغلبت على التقاليد ورغبت في أن تكون متعلمة تستخدم علمها في خدمة بلدها. قدمت دروساً في مسألة حرية المرأة اجتماعياً وكمواطنة لها كامل الحقوق.
 في منزلها الجميل استقبلتنا بابتسامتها البشوشة، التي تمنح الإحساس بشخصية بسيطة ودودة، تشعر المرء بأنه يعرفها منذ زمن طويل. وحين انفتح جهاز التسجيل وبدأت تسرد ذكرياتها، كنا نشعر أنها تنقل إلينا، ليس فقط تاريخاً شخصياً لامرأة كويتية عربية طموحة، بل تنقل أيضاً جانباً من تاريخ وطن شهدت انتقاله للنهضة, ومجتمع طلب العلا مبكراً، وتمكن بفضل عدد من المخلصين من أبنائه من الارتقاء به في مسيرة التنمية والتغيير، ونجحوا معاً في أن يصنعوا صورة كبيرة لمجتمع صغير أراد أن يثبت للعالم أنه لو امتلك أي مجتمع الإرادة لأصبح كبيراً. وهو ما سنتعرف عليه خلال هذا الحوار.
 تنتمي فاطمة حسين للجيل الذي عاصر الكويت بين مرحلتين شديدتي الاختلاف، كانت الأولى تتسم بالبساطة الشديدة، بينما أخذت الثانية مظهر الحداثة والتعقيد، ولذلك رأينا أن نبدأ الحوار من زمن الطفولة، حتى يمكن لنا أن نتعرف على صورة الكويت في الزمن القديم، وهو ما وصفته فاطمة حسين بشكل مفصل في سيرتها قائلة:
وُلدت في «فريج القناعات» الملاصق لفريج الشيوخ، وكان مولدي بالمناسبة مع أول مدرسة للبنات في الكويت في عام 1937. وهذان الفريجان (الفريج هو الحي) أكبر أحياء منطقة الوسط، حيث كان ساحل الكويت آنذاك ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي شرق وقبلة ووسط. وما لبث هذا البيت، الذي ضم الإخوة الثلاثة الكبار الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، حسين بن عيسى القناعي، وأحمد بن عيسى القناعي، أن انشطر إلى مواقع ثلاثة بدأها العم الأكبر الشيخ يوسف القناعي عندما تحرك وعائلته إلى بيته الجديد الملاصق لفريج الشيوخ. ولم نبق في مكان مولدي أكثر من ثلاث سنوات، حيث قرر والدي بناء بيت جديد في فريج الصاغة (حي الصاغة). 
وفي بيوت الكويت القديمة قد يكون من اللازم أن أذكر أنه لا يكاد يخلو بيت مما كنا نسميه الغرفة، وهي تسمية تطلق على غرفة الطابق الأعلى، فغرف الطابق الأرضي لا تحمل هذه التسمية، بل كانت تسمى «دارا». والناس، في ذلك الوقت، كانت تنام على الأسطح. وكان للبيوت الكبيرة أكثر من سطح، وهي بدورها عبارة عن دور بلا سقوف تفصل بين عائلة وأخرى إذا ضم أكثر من عائلة، أو بين الصغار والكبار، والبنات والأولاد.
 أما الغرفة فهي المكان الذي تحفظ فيه الأفرشة بمحتوياتها من الوسائد والشراشف. 
وكانت السكك في تلك الكويت ترابية ولكل بيت «مدعاب» أرضي يسمح للمياه الزائدة بأن تخرج منه، خاصة أيام المطر التي تجعل من الشوارع أماكن مستحيلة على المشي، خصوصاً أن السيقان كانت وسيلة المواصلات الوحيدة، حتى أن أول سيارة عرفناها في الكويت كانت بمنزلة مواصلات عامة، ولم تكن تستطيع المرور في كل الشوارع. 
< متى بدأت علاقتك بالدراسة والمدرسة؟ 
- كان ذلك في عام 1942، ولا أنسى كيف كنت أقف بلا حركة حتى يتسنى إلباسي الفستان الأسود ذي القبة البيضاء الكبيرة نوعاً ما، بالحزام عند الخصر، والانتظار حتى تمشيط الشعر قسراً، وتزيينه بأشرطة بيضاء أثنيها وأضعها تحت وسادتي حتى أحصل على شريط مكوي، في زمن كان الكي فيه شحيحاً. بدأت دراستي في المدرسة الوسطى الموجودة قريباً من المباركية، لأننا كنا نسكن في منطقة شرق، والقناعات كانوا يعيشون في المنطقة الوسطى في فريج الجناعات، وكنا ثلاث فتيات على ما أذكر، ولم يكن هناك عمر محدد للدراسة. ولكن كانوا يمنعون الفتيات اللائي تزيد أعمارهن على العشرين، لأنهن يفترض أن يتزوجن في ذلك العمر. وكان هناك فتيات فيما قبل العشرين كثيرات، وكانت الكثير من المدرسات أعمارهن مقاربة لهؤلاء الفتيات، لأنهن كن ينتهين من مراحل الدراسة المدرسية فيصبحن مدرسات. 
ومن مرحلة الابتدائي انتقلنا إلى مرحلة الثانوي، ولم يكن لدينا كتب أو مدرسة. والحقيقة أنه من الإجحاف أن نذكر التعليم في الكويت ولا نذكر اسم نجلاء عزالدين، فهذه السيدة التي وفدت للكويت أحدثت ثورة في التعليم. جاءت من لبنان بعد تولي عبدالعزيز حسين منصباً في إدارة التعليم بعد عودته من الدراسة في القاهرة، وكان شاباً حسن السمعة طموحاً. 
وحين تعرفت هذه السيدة على أوضاع التعليم لدينا لم تعجبها، فاهتمت أول ما اهتمت بصحة الطالبات والتغذية المناسبة لهن، وقررت توزيع مشروب الحليب على جميع الطالبات، لأنها اكتشفت أن البعض يأتين من دون تناول أي طعام أو إفطار. وحينما أدركت أن بعض الطالبات لا يقمن بعمل واجباتهن لأنهن يستحين أن يقلن إن بيوتهن ليست بها كهرباء، قررت أن نحضر ساعة مبكراً قبل موعد الدراسة من أجل أن نقوم بعمل الواجبات المدرسية. وكان لها دور كبير جداً في تحبيبنا بالدراسة، وأجواء المدرسة برغم صعوبة الأحوال وتهالك المباني، وبرغم أن أرضية المدرسة كانت ترابية، فإننا لم نكن نرغب في العودة للبيوت بسبب تعلقنا بها. ومن حسن حظي أن والدي حسين القناعي، وقد عمل في الهند في تلك الفترة، كان يشجعني على الدراسة، وقال إنه لا يرى سبباً لأن أبقى في البيت وعمري 13 سنة. ورأى مع عدد من الرجال المتنورين في الكويت في ذلك الوقت ضرورة إكمالي التعليم.
  < ماذا عن الشيخ يوسف القناعي المستنير، وهو عمك... كيف كانت علاقتك به؟
- تعلقت بعمي يوسف القناعي، وكان له دور أيضاً في تشجيعي. وقد عُرف عنه أنه لم يكن يترك ديوانه بين كتبه. فقد كان شغوفاً بالقراءة ودرس في الأحساء، وبشر بأهمية التعليم بطرح فكرة أول مدرسة للأولاد (المباركية) التي جمع لها تبرعات من تجار الكويت. علمنا حب العلم واحترام المدرسات، وكان يستضيف المعلمين والمعلمات في بيته بمنطقة الدمنة (السالمية الآن) ليتيح لهم التعرف على المجتمع الكويتي، ولكي يتيح لهم فرصة تغيير الأجواء أيضاً بعيداً عن الروتين، وكان يعتبر ذلك نوعاً من رد الدين لهم عن تعليمنا، فكان يطلعهم على حياة الكويتيين. وكان يحب العلم والعلماء، وقد تأثرت بشخصيته كثيراً وكنت أرى فيه مكملاً لشخصية والدي. وكنت أشعر أن عطفه يزيد في غياب والدي بالهند، مما جعلني محل غيرة أقراني.
< هناك واقعة شهيرة حول قيامك مع مجموعة من الفتيات بحرق البوشيات (غطاء الرأس)، فهل تذكري لنا تفاصيل الواقعة؟ 
 - سمعنا همساً في المدرسة وكان ذلك في عام 1952 تقريباً بأن مجموعة من مدرساتنا يعتزمن القيام برحلة لزيارة العراق، وثار فضولنا لأننا لم نكن خرجنا خارج حدود الكويت، ولم تزر أي منا بغداد.
وكنا قد بدأنا نقرأ مجلة الهلال وروايات الهلال، لكن لم نكن نعرف عن بغداد غير التاريخ القديم وحوارات الرصافي والزهاوي، ولذلك رأينا في هذه الرحلة شيئاً جذاباً جداً. وحين فاتحنا المعلمات بذلك رفضن, ومن بين الحجج التي قدمت لنا بأننا نرتدي البوشية (غطاء الرأس). فقلنا إننا لا نختلف عن السيدات في أي مكان في الكويت أو العراق، ونرتدي العباية، فأين المشكلة، في البوشية؟ إذا كانت البوشية هي السبب في منعنا من السفر إلى بغداد، فقد كان علينا أن نفعل شيئاً، فقررنا أن نحفر حفرة في وسط ساحة المدرسة، ونقوم بوضع البوشيات بها وحرقها ونحن نضحك، بينما كانت البنات الأخريات يصفقن لنا وهن مذهولات. 
< ما هي دراستك الجامعية؟ وأين درست في تلك المرحلة؟
- حين أنهيت دراستي الثانوية عام 1955،  سمعنا أن الدولة تنوي إيفاد الطلبة لبعثات دراسية، وكان علينا المفاضلة بين ثلاث عواصم هي لندن وبيروت والقاهرة. ووقع اختيار الغالبية على القاهرة، لأسباب عدة منها قرب اللهجة وسهولة فهمها بسبب الراديو والأغاني والأفلام، وبسبب تدريس المدرسات المصريات لنا. وطبعاً بسبب السحر العجيب الذي كان يتمثله خيالنا عن هذا البلد التاريخي، إضافة طبعاً إلى كون مصر قلب العروبة والدولة التي كان عمر ثورتها أربع سنوات، وكان لهذه الروح الثورية جاذبية شبابية. وقد كانت أياماً عجيبة كلها، في بلد يتسم بالحيوية والصخب، حتى الشقة التي نسكن فيها كانت في بناية تعيش فيها الفنانة صباح. وقد عايشنا فترة العدوان الثلاثي على مصر وأصابتنا الحماسة للمساعدة مع المصريين في أي عمل يمكننا القيام به، وخصوصاً التمريض. 
درست السنة الأولى في كلية التجارة، ولكني أحسست أنها لا تناسبني، فعدد الطلبة في الفرقة الواحدة كبير جداً، ولم أجد نفسي في دراستها، وفي العام اللاحق اكتشفت أن لدي فرصة لتغيير المجال، فاتجهت إلى كلية الآداب والتحقت بقسم الصحافة. وفي تلك الفترة، خلال الحياة في القاهرة، عرفنا كثيراً من الكتابات بسبب توافر الكتب المترجمة الرخيصة، وقرأنا عن الماركسية وتعرفنا على ساطع الحصري ومن الأفكار الرئيسة أخذنا نتعرف على الجزئيات.
< هل هناك مواقف بعينها تتذكرينها من تلك الفترة؟ 
- هناك الكثير جداً من الذكريات، وقد تناولت أغلبها في كتاب سيرتي «أوراقي»، فقد كنا محاطين برعاية إخوتنا الطلبة الكويتيين في القاهرة آنذاك، من بينهم محمد مساعد الصالح وكان مسؤولاً عن النشرة الطلابية لاتحاد الطلبة الكويتيين في القاهرة، بالإضافة إلى المرحوم سليمان الخالد وعبدالله النيباري ويوسف الشلفان وآخرين. وكانت فترة نشعر فيها بالحيوية الشديدة، حيث كانت القاهرة مركزاً للإعلام والثقافة. وأذكر أننا كنا نركب الحافلة يوماً، ورأيت شخصاً يشبه نجيب محفوظ يصعد للحافلة، وتدفق الدم في قلبي، حتى أنني فكرت أن أتجاهل الإتيكيت لكي أفسح له وأجعله يجلس مكاني. ولكني لم أجد أحداً ينهض ليفسح للرجل، فقلت إنه بلا شك يشبه نجيب محفوظ، ولكن بعد نزوله من الحافلة أخبروني أنه هو بالفعل محفوظ، وأنه لا يقبل أبداً أن يجلس مكان أحد.
< كيف قررت العمل في الإعلام؟ وكيف بدأت علاقتك بتلفزيون الكويت؟ 
- حين عدت إلى الكويت بعد انتهاء فترة دراستي في القاهرة، تزوجت، وبسبب بعثة زوجي إلى أمريكا، فقد غادرنا مباشرة عقب الزواج إلى نيويورك. وكانت هذه أيضاً خبرة جديدة جداً علي، كزوجة من جهة، وكعربية في مجتمع غربي لا نعرف عنه شيئاً من جهة أخرى. بالإضافة إلى أنني أصبحت أماً أيضاً خلال تلك الفترة. ومع ذلك فقد كان لدي فضول للتعرف على المجتمع الأمريكي، وبدأت علاقتي بالإذاعة خلال تلك الفترة. وبعد أن بدأت أشعر بالملل من الروتين، قررت أن أتعرف أكثر على المجتمع الأمريكي، وبدأت أبحث عن دورات لتقوية لغتي الإنجليزية، ثم دورات إعلامية، وبالمصادفة عرفت بوجود إذاعة «صوت أمريكا» وأن بها قسماً باللغة العربية، وعبرت عن رغبتي لأحد الأصدقاء الأمريكيين في بث تجربتي وخبراتي إلى أهلي في الكويت. وقد عبَّر الرجل عن إعجابه بالفكرة وهاتفهم، ووجدت نفسي في الطريق إلى الإذاعة، وخصصوا لي استديو بدأت منه بالفعل بث فقرة عنوانها «يوميات سيدة كويتية في أمريكا». وقد كانت هذه أولى خبراتي في العمل الإعلامي. 
وحين عدت إلى الكويت، فكرت في البداية بالعمل في الصحافة، ولم تكن في الكويت آنذاك صحف يومية سوى صحيفة «الرأي العام». وكانت الحكومة تصدر مجلة العربي، التي كانت تحتل الصدارة، وحين ذهبت إلى مجلة العربي تبين لي أن إيقاعها لا علاقة له بإيقاع الصحافة اليومية كما عرفته، وكانت تعج بأسماء كبار كتَّاب العالم العربي، ولم تكن طبيعتها تسمح بوجود مبتدئين. 
أخبرت السيد خالد بدر الخالد، الذي كان وكيلاً لدائرة المطبوعات والنشر (وزارة الإعلام الآن)، عمّا كنت أفكر فيه، ولكني أخبرته برغبتي في العمل بالوزارة. ولم يعارض لكنه قال لي إن هذا المبنى كله لا توجد فيه امرأة! وأبديت عدم مبالاتي بالأمر. وبعد تفكير نصحني بالذهاب إلى الإذاعة باعتبارها تتضمن تسهيلات أكثر وفيها بعض السيدات. 
وبالفعل بدأت العمل في الإذاعة وقدمت برنامجاً متخصصاً في شؤون المرأة، برغم أنني لم أكن مقتنعة بالأمر في البداية، وكنت أكتب وأعد وأقدم البرنامج، وفضلت أن أقدمه باللهجة العامية ليكون حديثي قريباً من الناس، أو لنقل ليكون مفهوماً أكثر. وقد كنت أتطلع للمشاركة في حركة التغيير التي يمر بها المجتمع الكويتي ويكون لبرنامجي تأثير. 
< ومتى انتقلت للعمل في التلفزيون؟ 
- بعد فترة من العمل في الإذاعة، حدثت بعض الخلافات، وفكرت في إنهاء عملي فيها، خصوصاً بعد أن تلقيت فرصة للعمل في وزارة الخارجية، وفكرت أن أحصل على خبرة جديدة، وبعد تركي لـ«الخارجية» تلقيت عرضاً من يعقوب الغنيم الذي كان مديراً للتلفزيون آنذاك للعمل بالقطعة في التلفزيون، ووافقت لأنني كنت أريد أن أحافظ على استقلاليتي، وأن يكون لي دخل، بالإضافة إلى أن أبنائي كانوا يحتاجون إليّ في تلك الفترة، وهكذا بدأت بتجهيز المواد الفيلمية في المنزل، وكنت أذهب إلى التلفزيون يوم التسجيل فقط، ثم بعد أن تكونت لدي الخبرة كنت أذهب لتسجيل أكثر من حلقة في يوم التسجيل الواحد. واقترحت على يعقوب الغنيم توسيع فكرة البرنامج، بحيث لا يكون موجهاً للمرأة، بل للأسرة كلها، على اعتبار أن الأب أيضاً جزء من الأسرة، وبدأ بث برنامج «دنيا الأسرة» في عام 1963. 
< ولماذا تركت التلفزيون في النهاية، خصوصاً وأن برنامجك شهد نجاحاً كبيراً؟ 
- أنا من المقتنعين بأن الفترة التي تولى فيها الشيخ جابر العلي الإعلام هي العصر الذهبي للثقافة في الكويت، وليعذرني من يختلف معي، والفترة الذهبية للتلفزيون الكويتي ونهضته هي الفترة التي تولى فيها محمد السنعوسي إدارة التلفزيون. فقد كان مولعاً بالتجديد، وتنشيط الناس بالأفكار الجديدة حتى لو كانت أفكاراً مجنونة، وكان يقول ضاحكاً «هذا هو الفن». 
وكان يريد أن يطور البرنامج الذي أقدمه، وقلت له إنني أقدم كل شيء في البرنامج وأفعل كل شيء، بما في ذلك الإشراف على عمال الاستديو منذ 15 عاماً، وإن إضافة روح جديدة للبرنامج ينبغي أن تتضمن إضافة روح شابة، وطلبت إعطائي فرصة لتدريب جيل جديد، بحيث تقوم زميلات أخريات بالاشتراك في تقديم البرنامج معي. 
وللأمانة كان السنعوسي متجاوباً معي، فأقنعت الدكتورة كافية رمضان، لكي تتولى جانب الطفولة في البرنامج، وأن تتولى منى طالب التسجيل من موقع وجود حدث يخص المرأة والأسرة. وبالفعل كنت أبدأ بتقديم البرنامج، وتناول الموضوعات التي سيقدمها ثم تتوالى بقية الفقرات. ولكن كانت المعيقات البيروقراطية في النهاية سبباً لقراري بعدم الاستمرار، فقد طالبت بمكافآت تتناسب مع الجهد الذي تقوم به المذيعتان معي في البرنامج، لكن لم يتحقق ذلك، فقدمت استقالتي وأصررت عليها، بعد أن قدمت على مدى ما يقترب من العقدين جهداً كبيراً في هذا المجال.
 < أشرت في مقال لك في مجلة العربي أخيراً إلى أن أحمد بهاء الدين كان يدعوك للكتابة الصحفية، ويرى فيك باستمرار كاتبة صحفية. 
- صحيح وكان يريدني أن أتخصص في أدب الرحلات، بعد أن نشر لي في مجلة العربي حين رأس تحريرها، قصة ومسرحية من تأليفي. 
< ثم انتقلت للعمل الصحفي مباشرة بعد أن تركت الإعلام؟ 
- بدأت العمل الصحفي، أو الكتابة للصحافة مع ظهور مجلة الهدف، مع مساعد الصالح، وكنت أكتب مقالاً في الصفحة الأخيرة، وكان مدير التحرير آنذاك هو خالد قطمة. وسبق ذلك فترة تعرض الكويت للغزو، وانشغلت في المشاركة بكل ما يمكنني فعله خلال تلك الفترة، لكن بعد التحرير جاءت فكرة عمل مجلة مختصة بالأسرة، وبدأت مع فريق متميز من المحررين والصحفيين، من الكويت ومن خارجها، في إصدار مجلة «سمرة» التي أتاحت لي ممارسة العمل الصحفي بالشكل الذي تمنيته دائماً، بتقديم رسالة إعلامية تهم البيت العربي، وتكون جذابة وعميقة في الوقت نفسه بعيداً عن الشكل السائد لمجلات المرأة والأسرة، واستمررت فيها طوال الفترة التي حققت فيها هذا الهدف.

فاطمة حسين في برنامج «الأسرة»