جسر بين الأفراح
قليلة تلك المشاعر المليئة بالفرح التي تدوم لما بعد انتهاء الحدث، ونادرة جداً تلك المشاعر الممزوجة بالفخر لشيء يحمل صفة الملكية الجماعية في الحاضر والمستقبل، يكون الفرح فيه مرتبطاً بحب كل ما هو جميل يحدث في الوطن وتتجاوز فيه الإشادة مهمة تأدية الواجب.
لقد تجددت في الكويت معاني الريادة الثقافية والفنية بافتتاح صرح جديد تمثل في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، صرح أطلقت فيه رسائل محورية عدة، أهمها مواصلة دعم القيادة السياسية للثقافة والفنون والآداب، والثانية: تأكيد هوية الكويت المنفتحة على العالم، والرسالة الأخيرة: تجذر أوجه الوفاء والإبداع الكويتي، التي لخصتها مختلف العروض الرشيقة التي نبعت من أرضها وروحها وتاريخها.
لقد شُيِّد في ذلك اليوم الذي لا ينسى جسر ربط بين فرحة افتتاح مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي في اليوم الأخير من شهر أكتوبر من العام الماضي، وأفراح الكويت خلال شهر فبراير الجاري بعيدي الاستقلال والتحرير، كما فرض بحكم الرسالة التنويرية التي حملها والأدوار المنتظرة منه تحديات كبيرة لتقديم الأفضل كل مرة وعدم الوقوع في فخ التكرار، أو إعادة إنتاج العناوين التي تجاوزها الزمن.
إن الريادة في أي مجال وليس في الثقافة والفنون والآداب فقط، لا تعتمد على التاريخ والتجمد عند لحظات التفوق، بل تعتمد بصورة أساسية على الانفتاح على التجارب الجديدة لدى «الآخر» أياً كان وفي أي مكان كان، كما تعتمد على الدعم وتهيئة الأجواء والبيئات الحاضنة للإبداع كالمدرسة والبنى الثقافية المتينة.
لقد عرفت الكويت الحديثة معنى وتأثير القوة الناعمة دولياً، وكانت الثقافة عنوانها الأبرز ومجلة العربي سفيرها المخلص، وقد تعزّزت روافد قوتها الناعمة بمطبوعات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومعرضها السنوي للكتاب والمعاهد الفنية المتخصصة والمسرح والدراما التي جعلتها تلقب بـ«هوليوود الخليج»، ولعبت الجهود والمبادرات الفردية والمؤسسات الأهلية أدواراً موازية عكست أجواء الانفتاح والديمقراطية.
لقد تعزّزت روافد قوة الكويت الثقافية بانضمام مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي إلى حصيلة ما سبقه من مبانٍ ومعان، والقادم على المنوال نفسه يعدنا بكثير من الفرح والانفتاح، فهنيئاً للكويت بأعيادها الوطنية، وهنيئاً لنا وللعرب كافة بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي .