السياسة ونظام الحكم عند الوزير نظام المُلْك

السياسة ونظام الحكم عند الوزير نظام المُلْك

نظامُ المُلْك هو الحسن بن علي بن إسحاق بن العباس، الوزير  أبو علي الطوسي، الملقب بنظام الملك قوام الدين. ولد في بلدة نوقان التابعة لمدينة طوس، إحدى مدن خراسان، يوم الجمعة في 11 ذي القعدة من عام 408هـ/1018 م.
أما أسرته، فينقل ابن خلكان أن نظام الملك كان من أولاد الدهاقين، فكان والده جابياً في مدينة طوس من قبل جغري بك داوود، شقيق طغرلبك السلجوقي، حوالي عام 430هـ/1039م. أما شقيقه، فهو الشيخ عبدالله، وكان حينها من الفقهاء المعروفين.
هكذا نشأ نظام الملك في أسرة مثقفة ملتزمة دينياً، كان لها أثر  واضح في دفعه نحو التعلم وكسب المعارف، لذا نجده يتجه نحو تعلم القرآن الكريم منذ الصغر، كما الحديث النبوي الشريف، وفقه الشافعية.

مع إتقانه للعربية قراءة وكتابة، سعى نظام الملك إلى كسب العلم في أكثر من مكان، فزار حواضر خراسان: طوس، ومرو، ونيسابور، حتى أصبح في العشرين من عمره يتقن العلوم الشرعية، وكاتباً معروفاً ذاع صيته.
ويضيف الذهبي: «وقاده ذلك إلى الشروع في رسوم الاستيفاء، وكان يطوف مدن خراسان، فوقع إلى مدينة غزنة في صحبة بعض المتصرفين، ووقع في شغل أبي علي بن شاذان، المعتمد عليه ببلخ... حتى حسن حاله عند ابن شاذان».
اشتغل نظام الملك عند أبي علي بن شاذان رئيس كتّاب قبيل عام 445هـ/1053م، حيث عمل عنده مدة تتراوح بين 3 و5 سنوات، لينتقل من بعدها إلى بلاط جغري بك داوود، شقيق السلطان طغرلبك السلجوقي (428 - 455هـ/ 1036 - 1063م)، وكان عاملاً لأخيه على خراسان.
ويورد السبكي في طبقات الشافعية الآتي:
«ثم خرج من عند أبيه إلى غزنة، وخدم في الديوان السلطاني، ورقت به الأحوال سفراً وحضراً، وخدم في الدواوين بخراسان وغزنة، واختص بأبي علي بن شاذان، وزير السلطان ألب أرسلان، فلما حانت وفاة ابن شاذان، أوصى ألب أرسلان به، وذكر له كفاءته وأمانته، فنصبه مكانه في الوزارة».
بينما ورد في مكان آخر أنه عمل كاتباً في بلاط جغري بك الذي جعله كاتباً لولده ألب أرسلان، «ومتصدي كل شؤونه».
ومع تسلم ألب أرسلان حكومة خراسان، عين نظام الملك وزيراً له عام 451هـ/1059م.
ومع وفاة السلطان السلجوقي طغرلبك (ت 455 هـ/1063م)، ولم يكن له وريث، توجه الأمر إلى ألب أرسلان (455 – 465هـ/1063 - 1072م) وتعين للملك، وخطب له على منابر خراسان، والعراق، وكان نظام الملك يدبر أمره.
يقول فيليب حتى: «وكان عهد طغرلبك، وابن أخيه ألب أرسلان، وملكشاه بن ألب أرسلان من بعدهما، من ألمع الحقب في تاريخ السيادة السلجوقية على الشرق الإسلامي، وقد عظم جيشهم بما انضم إليه من قبائل الترك النشيطة، فوسع السلاجقة ملكهم في جميع النواحي، حتى غدت آسيا الغربية مرة ثانية مملكة إسلامية موحدة، وأخذ جيش الإسلام يسترجع ماضي مجده».

كتاب «سياست نامة» 
وضع نظام الملك كتابه «سياست نامة» (كتاب السياسة)، ليكون دليلاً يتبعه الحكام في كيفية إدارة دفة الملك، وهو يضم تجارب شخصية عملت في الوزارة مدة ثلاثين عاماً، في بلاط كُلٍّ من ألب أرسلان، وملكشاه (455 - 485هـ/1063 - 1092م).
ويضم هذا الكتاب حصيلة تجارب نظام الملك في إدارة الدولة، وقد وضعه بعد أن طلب السلطان ملكشاه عام 479 هـ / 1086م، من عظماء الدولة السلجوقية في الفكر والسياسة، وضع دستور للمملكة، بعد أن «يمعنوا النظر في أمور المملكة، ويتأملوها جيداً، ويكتبوا عن كل ما هو غير محمود فيها، أو أنه لا يجري في نصابه، وعن سنن الملوك السابقين الحميدة»، ثم اختار السلطان مما عرض عليه من كتب، كتاب «سياست نامة» لنظام الملك، وقال: «لقد اتخذت هذا الكتاب إماماً لي، وعليه سأسير».

أفضل وثيقة
هذا الكتاب الذي يقع في خمسين فصلاً، يعتبر أفضل وثيقة وصلتنا من عصر نظام الملك، «وطريقة تفكيره، وكيفية حكمه». ففي كل فصل من فصوله تظهر معنا ناحية من نواحي الحكم، وأجهزة الإدارة، وطبقات المجتمع، ورسوم العصر الذي وضع فيه، والتقاليد والآداب المتبعة حينها.
والجدير ذكره أن «سياست نامة» دوّن بعد مقتل نظام الملك، حيث إن هذا الأخير جعله وديعة عند محمد المغربي، كاتب السلطان، ليكتبه بخط واضح.
ومع موت نظام الملك وملكشاه، قدمه الكاتب إلى محمد بن ملكشاه (492 – 511هـ/1098 - 1117م)، وإن كان يعتقد بأنه تعرض إلى بعض التغييرات التي قام بها كاتب السلطان محمد المغربي.
ومن خلال هذا الكتاب، يظهر معنا طريقة الحكم وأسلوبه التي سعى نظام الملك إلى تطبيقها في السلطنة السلجوقية.

بعض ما ورد في كتاب «سياست نامة»
1 - في معرفة الملوك قدر نعمة الله تعالى
«إن معرفة قدر نعمة الله تعالى تديم
رضاه – عزّ اسمه - الذي إنما يكون في الإحسان إلى الخلق، ونشر العدل بينهم ففي دعاء الناس بالخير تثبيت للملك وازدهاره، ومدعاة لتمتع الملك بسلطانه وملكه، فيكسب بهذا السمعة الحسنة في الدنيا، والفوز في الآخرة، ويكون حسابه يسيراً، وقد قال علماء الدين: «الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم».
وورد في الأثر «أن كل من وكل في الدنيا بأحد سواء من الناس أم من أهل بيته أم من هم تحت إمرته، سيسأل عنهم يوم القيامة مثلما يسأل الراعي عن غنمه».
2 - في جلوس الملك للمظالم والتحلي بالخصال الحميدة
«لا بدّ للملك من الجلوس للمظالم يومين في الأسبوع، لاستلال العدل من الظالمين، وإنصاف الرعية، والاستماع إلى مطالبها، والبت في أهم الشكاوى التي تعرض عليه، وإصدار حكمه فيها. فما إن يشيع في المملكة بأن الملك يستدعي إليه المتظلمين وطلاب العدل يومين أسبوعياً، ليستمع إلى مطالبهم وتظلماتهم، حتى يخاف الظالمون، فيكفوا أيديهم عن الناس، ولا يجرؤ أحد على الظلم والتمادي، خشية العقاب».
ويضيف نظام الملك عدة حكايات حول ملوك جلسوا للمظالم، منها:
- «قرأت في كتب المتقدمين أن أكثر ملوك العجم كانوا يقيمون دكة مرتفعة في العراء، ويقفون عليها، ممتطين الجياد ليتمكنوا من رؤية جميع المتظلمين الذين كانوا يتجمعون هنالك لإنصافهم. وكان سبب هذا أن الملك كان يجلس في مكان موصدة أبوابه، وهو البلاط، حيث الدهاليز والحجب والحجاب، ما يمكن ذوي الأهواء والظالمين من الحيلولة دون وصول المتظلم إليه».
- و«سمعت أن أحد الملوك كان ثقيل السمع، فكان يظن أن النقلة والحجّاب لا ينقلون إليه شكاوى المتظلمين في صدق ودقة، مما كان يحمله على إصدار أحكامه وأوامره بخلاف مقتضيات الأمور، لذا أمر بوجوب ارتداء المتظلمين ثياباً حمراء، على ألا يرتدي غيرهم مثلها، حتى يعرفهم.
ثم كان يجلس على فيل في الصحراء، وينادي كل من يراه بثوبه الأحمر إلى أن يجمعهم كلهم، ومن ثم يجلس وحيداً، ويستدعيهم واحداً واحداً، مستفسراً عن أحوالهم بصوت عالٍ، ويقضي بإنصافهم».
3 - في عمّال الخراج والتقصي الدائم لأحوالهم وأحوال الوزراء
يجب أن يوصى عمال الخراج بأن يحسنوا معاملة خلق الله تعالى، وألا يحصّلوا منهم سوى ما يترتب عليهم من أموال، حتى هذه تجب المطالبة بها برفق وأدب، وألا تؤخذ منهم قبل جني المحاصيل والثمار، لأن في تحصيلها قبل الأوان إرهاقاً للزراع ومتضيقاً عليهم يضطرهم إلى بيع محصولاتهم قبل أوان نضجها بنصف الثمن، وفي هذا من الظلم والجور ما فيه، وعلى عمال الخراج أن يقرضوا كل من يحتاج من الناس إلى البذار والأبقار مالاً يسد به حاجته، ويقضي به عوزه، ليظل في حبور وطمأنينة، ويبقى في أرضه ووطنه، ولا يغترب عنهما.
4 - في القضاة والخطباء والمحتسبين ورونق أعمالهم وأهميتها
أ- القضاة:
«ينبغي التعرف على أحوال قضاة المملكة واحداً واحداً، والإبقاء على العلماء والزهاد والأمناء منهم، وعزل كل من لا يتصف بهذه الصفات، وتعيين آخر صالح مكانه.
ويجب أن يكون للقاضي راتب شهري يكفيه أمور معاشه، حتى لا تكون به حاجة إلى الخيانة. إن هذا العمل مهم ودقيق، لأن دماء المسلمين وأموالهم بيد القضاة، فإذا ما حكم أحدهم حكماً عن جهل وطمع وعمد، فعلى القضاة الآخرين عدم تنفيذ الحكم وإجرائه، ومن ثم إعلام الملك به، لعزل ذلك الشخص ومعاقبته.
وعلى ولاة الأمر والحاكم أن يشدوا من أزر القضاة، ويحفظوا للعدالة هيبتها ورونقها، فإذا ما امتنع شخص أو تأخر عن الحضور، فيجب إحضاره عنوة وقسراً، إن يكن من المزهوين بعظمتهم وحشمتهم، فلقد كان صحابة رسول الله  يتولون القضاء بأنفسهم، ولم يعهدوا به لأحد، لكي لا يسود غير العدل والحق».
ب - الخطباء:
«كذلك، ينبغي اختيار الخطباء الذين يصلّون بالناس في المساجد الجامعة، للتأكد من تقواهم، وحفظهم القرآن. فالصلاة من الأمور الدقيقة، وصلاة الناس مرهونة بالإمام، فإذا ما اختلت صلاته، اختلت صلاتهم أيضاً».
ج - المحتسبون:
«كذلك ينبغي تعيين محتسب في كل مدينة، تكون مهمته مراقبة الأوزان والأسعار ومعرفة المبيعات والمشتريات، للسير بموجبها، والتقيد بها، ومراقبة البضائع التي يؤتى بها من الأطراف لتباع في الأسواق من أن يغشوها، أو يقسطوا فيها، وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
إن من واجب الملك وولاته مؤازرة المحتسب، والأخذ بيده، فمهمته ركيزة من ركائز المملكة، وهي نتيجة العدل في الوقت نفسه، وإلا فسيضيق على الفقراء، ويشتري التجار ومن يتعاطون البيع والشراء في الأسواق ويبيعون على هواهم ويقسطون في الميزان فيعم الفساد وتعطل أحكام الشريعة».
5 - في تحري أحوال العامل والقاضي والشحنة والرئيس، وشروط معاقبتهم
«ليبحث في كل مدينة عمن له شفقة على أمور الدين، ويخاف الله تعالى، وليس بصاحب غرض، ثم يقال له: إننا نضع هذه المدينة والناحية أمانة في عنقك، نسألك عما يسألك الله تعالى عنه. عليك أن تحيط بكل شيء من أمر العامل، والقاضي، والشحنة، والمحتسب، والناس، وكل صغيرة وكبيرة تتحراها جميعاً، ثم تحيطنا علماً بالحقيقة سراً أو علانية لكي نأمر باتخاذ التدابير اللازمة، وإذا ما امتنع من تتوافر فيه تلك الصفات عن قبول هذه الأمانة يجب إلزامه بقبولها، وإجباره على تحملها».
6 - في التحقيق والتحري في أمور الدين والشريعة وما إليهما
«على الملك تحري أمور الدين، وإجراء الفرائض والسنن وأوامر الله تعالى، وحفظ حرمة علماء الدين وتأمين أرزاقهم من بيت المال، وإكرام الزهاد والمتقين، وتقديرهم. وعليه أن يدعو إليه علماء الدين مرة أو مرتين أسبوعياً، ويستمع منهم إلى أوامر الحق تعالى، وتفسير القرآن الكريم، وأخبار الرسول  وسير الملوك العدول، وقصص الأنبياء. في هذه الأثناء عليه ألا يشغل نفسه بالتفكير في أي أمر من أمور الدنيا، بل يجب أن يسخّر ذهنه وسمعه للإصغاء إليهم، ثم يطلب منهم أن يتحولوا إلى فريقين يتناظران فيما بينهما. وعليه أن يستوضح عما يغمض عليه، فيعرفه ويحفظه. فإذا ما تكرر منه هذا، تصبح له سجية وعادة...
إن الاستقامة في الدين لأجمل ما ينبغي أن يتصف به الملك، لأن الملك والدين صنوان، فإن أي اضطراب في المملكة، لا بُدّ أن يرافقه اختلال في أمور الدين، فيظهر في هذه الحال المفسدون وأصحاب المذاهب والمعتقدات الخبيثة، وأنه كلما تتضعضع أمور الدين يتسرب الوهن إلى المملكة...».
7 - في أصحاب البريد ومنهي الأخبار وتدبير شؤون المملكة
«على الملوك تحري أحوال الرعية والجيش وكل بعيد وقريب، ومعرفة كل كبيرة وصغيرة في المملكة، فإن لم يفعلوا هذا، فسيكون عيباً ومأخذاً يأخذه الناس عليهم ويحملونه محمل الغفلة والتهاون والظلم، ويقولون: إما أن الملك يعلم بأمر الفساد والسرقة والنهب المتفشي في المملكة، وإما أنه لا يعلم، فإن يكن على علم به ولا يمنعه أو يقف في وجهه، فليس إلا لأنه ظالم وعن الظلم راضٍ، وإلا فهو غافل، قليل الدراية والاطلاع، وكلا الأمرين غير محمود ولا بد من صاحب البريد.
لقد كان للملوك في كل الأحقاب، في الجاهلية والإسلام، أصحاب بريد في كل المدن، لم يكن يفوتهم العلم بما يحدث من خير وشر، حتى إذا ما غصب شخص آخر دجاجة أو مخلاة تبن على بعد خمسمئة فرسخ، فإن الملك كان يعلمه، ويأمر بتأديبه ومعاقبته، ليعرف الآخرون أنه يقظ، وأن له مخبرين في كل مكان...».
8 - في إرسال الجواسيس وتسخيرهم لصلاح المملكة والرعية
«يجب بث العيون في كل الأطراف دائماً في زي تجار، وسياح، ومتصوفة، وبائعي أدوية، ودراويش، لنقل كل ما يسمعون من أخبار، حتى لا يظل ثمة شيء خافياً، وحتى يمكن تلافي أي طارئ جديد في حينه».
9 - في الحيطة في إصدار الأوامر السلطانية في السكر والصحو
«إن ما يصل إلى الديوان والخزينة في ما يتعلق بالمهمات والولايات، والإقطاع، والصلات، من أوامر وأحكام قد يصدر بعضها في حال انتشاء وغبطة. ولدقة هذا الأمر، تنبغي الحيطة التامة فيه.
ولربما يقع تفاوت فيها بين النقلة، أو أنهم لا يسمعونها كما هي، لذا ينبغي أن تناط بشخص واحد فقط، على أن ينقلها بنفسه، لا ينيب عنه أحداً. ويشترط عدم تنفيذ هذه الأوامر، وإجرائها قبل عرضها على الأعتاب الملكية مرة أخرى من قبل الديوان، وإن تعدد ناقلوها وموصلوها».
10 - في ندماء الملك ومقربيه وتنظيم أمورهم
«لا مندوحة للملك من اتخاذ الندمان الأكفاء ممن ينطلق معهم على سجيته، ويطارحهم ما يريد دونما حرج، ذلك أن مجالسة الملوك الكبراء، وحكام الأطراف، وقادة الجيش بكثرة تؤثر في هيبتهم، وعظمتهم، وتقديرهم، وتزيد من جسارة أولئك معهم.
وجملة القول، إن على الملوك ألا يتخذوا ندماءهم ممن أسندوا إليهم مناصب ومقامات وأعمالاً، وألا يسندوا للندماء أي عمل أبداً، لأنهم بما لهم في رحاب الملك من حظوة قد يتطاولون ويتسببون في إيذاء الناس وإرهاقهم.
العامل ينبغي أن يهاب الملك دائماً، أما النديم فجرأته وجسارته معه مرغوبة، وإلا فإن الملك لا يستطيب منادمته، ولا يهش لها، فطبع الملك ينبسط بالندمان. وللندمان أوقات معلومة، فبعد انفضاض اجتماع الملك بالكبراء وانصرافهم من عنده، يبدأ دور الندماء.
وللنديم فوائد عدة، أولها إيناس الملك، وثانيها أن النديم بحكم وجوده مع الملك ليل نهار يكون بمثابة الحامي له، والذائد عنه، والمحافظ عليه، فإذا ما حاق به – والعياذ بالله – خطر ما، فإن النديم لا يخشى أن يجعل من نفسه درعاً يدرؤه بها. وثالثها أنه يمكن تقليب الحديث بجده وهزله مع النديم، في حين يتعذر مثل هذا مع الوزراء والكبراء، لأنهم أصحاب مناصب ومقامات، وعمال الملك. ورابعها وآخرها، أنه بحكم جرأة الندامى وجسارتهم يمكن الاستماع منهم إلى أشياء كثيرة، ومعرفة أمور وأحوال عديدة من خير وشر في صحو وسكر مما لا يخلو من فائدة وصالح عام.
لكن ينبغي أن يكون النديم كريم المعدن فاضلاً...، نقي المذهب، حافظاً للسر، نظيف الملبس، عارفاً بكثرة للأسمار والقصص والنوادر هزلها وجدها، حسن الرواية يعرف لكل مقام مقالة، مجيداً للعب النرد والشطرنج، وحبذا لو أنه يجيد الغناء والضرب على الآلات الموسيقية. وينبغي أن يكون موافقاً للملوك دائماً، يردد «بخ، وأحسنت»، كلما ينطق الملك شيئاً أو يفعله...».
11 - في استشارة الملك للحكماء والمسنين في الأمور.
12 - في تعيين أطماع الجند.
13 - في تنظيم المقابلات الخاصة والعامة.
14 - في تنظيم مجلس الشراب وشروط ذلك.
15 - في عقاب المقربين وذوي المقامات الرفيعة حين ارتكاب الأخطاء والذنوب.
16 - في الحرس والخفر والبوابين.
17 - في معرفة حق الخدم والعبيد الأكفاء.
18 - في الاحتياط في إقطاع الإقطاعيين وأحوال الرعية.
19 - في التريث في الأمور.
20 - في أمير الحرس وحملة الدبابيس.
21 - في ترفق الملك بخلق الله عز وجل و«كل ما يحيد من الأمور والقواعد عن نصابه إليه».
22 - في عدم إسناد عملين لشخص واحد، وفي تشغيل العاطلين وعدم حرمانهم، وإسناد المناصب والأعمال إلى المتدينين الحقيقيين والأصلاء، وحرمان أصحاب المذاهب السيئة والمعتقدات الخبيثة وإبعادهم.
23 - في النساء وحرم القصر، وحد المرؤوسين ومراتب قادة الجيش.
24 - في عرض أحوال ذوي المذاهب السيئة وأعداء هذا الملك والإسلام.
وغيرها من القوانين والإرشادات التي وضعها نظام الملك، لتكون دستوراً يهتدي به الملوك والسلاطين، فينظّم عملهم، ويساعد على بقاء السلطان على عرشه ■