داريـو فـو صانع الكوميديا... وداعاً

داريـو فـو  صانع الكوميديا...  وداعاً

داريو فو (Dario fo (1926 - 2016 كاتب ومخرج إيطالي شهير رحل عن عالمنا بعد رحلة من الإبداع الصادق توجت بحصوله على جائزة «نوبل» التي رشح لها عام 1995م، وحصل عليها عام 1997م بعد ما يقرب من نصف قرن من صناعة الضحك والكوميديا التي ظل مخلصاً لها مهووساً بها طوال عمره الفني، حيث كان المسرح عنده يعني الضحك والكوميديا، لذا افتتح كلمته التي ألقاها نائباً عن جميع المسرحيين في كل أنحاء العالم للعام المسرحي2013م، في يوم المسرح العالمي بقوله: «منذ زمن سالف بعيد أدى التعصب إلى طرد ممثلي الكوميديا الهزلية إلى خارج البلاد»، وهو بهذا القول يوضح رأيه المنحاز دائما إلى الكوميديا في معالجاته التمثيلية.

رحل‭ ‬فو‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬التسعين‭ ‬عاماً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قضي‭ ‬بالمستشفى‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬يوما‭ ‬يعاني‭ ‬خللاً‭ ‬بالرئة،‭ ‬توفي‭ ‬الفنان‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬الدرامي‭ ‬تقدر‭ ‬بسبعين‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬الكوميديا‭. ‬مات‭ ‬بينما‭ ‬تغمر‭ ‬ضحكاته‭ ‬العالم‭. ‬رحل‭ ‬سعيداً‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬أسعد‭ ‬الناس‭. ‬رحل‭ ‬تاركاً‭ ‬تراثاً‭ ‬عظيماً‭ ‬من‭ ‬الكوميديا‭ ‬سيظل‭ ‬يسعد‭ ‬عشاق‭ ‬المسرح‭ ‬ويخلد‭ ‬اسمه‭ ‬الذي‭ ‬نقش‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬مبدعي‭ ‬إيطاليا‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬لويجي‭ ‬بيرانديللو‭ (‬1867‭ ‬1936-‭)‬،‭ ‬وكارلو‭ ‬جولدوني‭ (‬1907ـ‭ ‬1979‭)‬،‭ ‬وإدوارد‭ ‬دي‭ ‬فيليبو‭ (‬1900‭ ‬1984-‭).‬

‮«‬موت‭ ‬فوضوي‭ ‬صدفة‮»‬‭ ‬هو‭ ‬أشهر‭ ‬نصوص‭ ‬فو‭ ‬عربياً،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي‭ ‬فقد‭ ‬ذاع‭ ‬صيته‭ ‬بعد‭ ‬عرض‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬ألغاز‭ ‬الكوميديا‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬ملحمة‭ ‬كوميدية‭ ‬بطلها‭ ‬بهلوان‭ ‬يدعو‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬الثورة‭ ‬والتمرد‭ ‬على‭ ‬المتسلطين‭ ‬والمنافقين،‭ ‬وكتب‭ ‬فو‭ ‬مسرحيات‭ ‬أخرى‭ ‬تتميز‭ ‬بالسخرية‭ ‬والنقد‭ ‬اللاذع‭ ‬للأنظمة‭ ‬الديكتاتورية‭ ‬والتسلط‭ ‬والاستعمار‭ ‬والانحطاط‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬نصوصه‭ ‬المسرحية‭ ‬‮«‬السيد‭ ‬جنن‭ ‬خادمه‭ ‬ثم‭ ‬جنن‭ ‬الخادم‭ ‬سيده‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1944م،‭ ‬وظل‭ ‬يستخدم‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬العناوين‭ ‬الطويلة‭ ‬لبعض‭ ‬كتاباته،‭ ‬منها‭ ‬‮«‬السيدة‭ ‬العجوز‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬إلا‭ ‬للرمي‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1948م‭ ‬عرضت‭ ‬له‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬تريزا‭ ‬تفرق‭ ‬بيننا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التأليف‭ ‬بتصميم‭ ‬المناظر‭ ‬والتمثيل،‭ ‬وسخر‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تجرى‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬آنذاك‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فاستمر‭ ‬في‭ ‬السخرية‭ ‬السياسية‭ ‬اللاذعة‭ ‬بمؤلفاته‭ ‬المسرحية،‭ ‬ومنها‭:‬‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تدفع‭ ‬الحساب‮»‬‭ ‬و«زهرة‭ ‬الخليج‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬ذكريات‮»‬،‭ ‬و«أرجو‭ ‬أن‭ ‬تسرق‭ ‬أقل‭ ‬كمية‭ ‬ممكنة‮»‬،‭ ‬و«كان‭ ‬معه‭ ‬مسدسان‮»‬،‭ ‬و«عينان‭ ‬أبيض‭ ‬وأسود‮»‬‭,‬‭ ‬و«الطبول‭ ‬والتوت‭ ‬والعليق‮»‬،‭ ‬و«اللوم‭ ‬يقع‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬الشيطان‮»‬‭ ‬و«الملائكة‭ ‬لا‭ ‬يلعبون‭ ‬الفليبر‮»‬،‭ ‬و«نوبة‭ ‬صحو‮»‬،‭ ‬و«اللصوص‭ ‬وعارضات‭ ‬الأزياء‭ ‬والنساء‭ ‬العاريات‮»‬،‭ ‬و«لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬ندفع‮»‬،‭ ‬و«من‭ ‬فضلك‭ ‬اسرق‭ ‬اقتل‮»‬،‭ ‬و«قصة‭ ‬النمر‮»‬‭... ‬إلخ‭.‬

اعتمد‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬ثقافته‭ ‬الفنية‭ ‬والمسرحية‭ ‬على‭ ‬أعمال‭ ‬جرامشي‭ ‬وماركس‭ ‬وبريخت‭ ‬وماياكوفسكي‭ ‬ولوركا،‭ ‬ثم‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬شكل‭ ‬مسرحي‭ ‬قومي‭ ‬شعبي،‭ ‬موظفاً‭ ‬خبرات‭ ‬تجربته‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية،‭ ‬وقد‭ ‬ساعده‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬عشقه‭ ‬للمسرح‭ ‬كمتفرج،‭ ‬واضطر‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬كثيرة‭ ‬بسبب‭ ‬ضيق‭ ‬ذات‭ ‬اليد‭ ‬إلى‭ ‬مشاهدة‭ ‬العروض‭ ‬المسرحية‭ ‬واقفا‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يملك‭ ‬ثمن‭ ‬تذكرة‭ ‬الجلوس‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1952م‭ ‬قدم‭ ‬فو‭ ‬برنامجا‭ ‬إذاعياً‭ ‬اعتمد‭ ‬في‭ ‬تقديمه‭ ‬على‭ ‬مونولوجات‭ ‬من‭ ‬مسرحيات‭ ‬شهيرة،‭ ‬أهمها‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬هاملت‮»‬‭ ‬ومسرحية‭ ‬‮«‬عطيل‮»‬‭ ‬لوليم‭ ‬شكسبير،‭ ‬ولكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬انتقل‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬الإذاعي‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أوقفته‭ ‬الرقابة‭ ‬الإذاعية،‭ ‬وخرج‭ ‬فو‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬المسرحية‭ ‬بخبرات‭ ‬أدبية‭ ‬وفنية‭ ‬كتب‭ ‬بعدها‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬إصبع‭ ‬في‭ ‬الأذن‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1953م،‭ ‬و«الأصحاب‭ ‬محتجزون‭ ‬في‭ ‬المستشفى‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1954م،‭ ‬وقد‭ ‬حققتا‭ ‬نجاحاً‭ ‬طيباً‭ ‬بين‭ ‬الجماهير‭ ‬وصدى‭ ‬جيداً‭ ‬عند‭ ‬النقاد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التدخل‭ ‬الحكومي‭ ‬والخلاف‭ ‬الذي‭ ‬دار‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الفرقة‭ ‬أديا‭ ‬إلى‭ ‬فشلهما،‭ ‬ففر‭ ‬فو‭ ‬إلى‭ ‬السينما‭ ‬وقطع‭ ‬فيها‭ ‬شوطا‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به،‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬بتكنيكات‭ ‬وخبرات‭ ‬سينمائية‭ ‬عام‭ ‬1958،‭ ‬فقدم‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬النهاية‭ ‬الكوميدية‮»‬‭ ‬إنتاج‭ ‬فرقة‭ ‬‮«‬فو‭ - ‬رامي‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كونها‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬الممثلة‭ ‬الإيطالية‭ ‬فرانكا‭ ‬رامي‭ ‬التي‭ ‬اقترن‭ ‬بها‭ ‬سنة‭ ‬1954،‭ ‬وساندته‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬الإبداعية‭ ‬واشتركت‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬معظم‭ ‬أعماله،‭ ‬كما‭ ‬شاركته‭ ‬كتابة‭ ‬بعض‭ ‬النصوص،‭ ‬مثل‭ ‬مونودراما‭ ‬‮«‬امرأة‭ ‬وحيدة‮»‬،‭ ‬وبعد‭ ‬زواجهما‭ ‬انتقلا‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬روما،‭ ‬وقد‭ ‬نوه‭ ‬بشراكتهما‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬يوم‭ ‬تسلمه‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬نستحق‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬معا‮»‬‭. ‬

عام‭ ‬1967‭ ‬كون‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬فرقة‭ ‬‮«‬المشهد‭ ‬الحديث‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬قسمت‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬التالي‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬فرق‭ ‬لمواجهة‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬عروض‭ ‬فو‭ ‬الذي‭ ‬كون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عام‭ ‬1970‭ ‬فرقة‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬البلدية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬85‭ ‬فرعاً‭ ‬ووصل‭ ‬عدد‭ ‬أعضائها‭ ‬إلى‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬عضو،‭ ‬ولكنها‭ ‬حلت‭ ‬عام‭ ‬1972‭ ‬وعاد‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬فرقة‭ ‬جديدة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬البلدية‭ ‬الجديدة‮»‬‭.‬

عمل‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬مخرجاً‭ ‬وكاتباً‭ ‬مسرحياً‭ ‬وسينمائياً‭ ‬ومثل‭ ‬في‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أفلامه‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬المقتول‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1956م،‭ ‬ومن‭ ‬كتاباته‭ ‬السينمائية‭ ‬سيناريو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬تذكار‭ ‬من‭ ‬إيطاليا‭ ‬1957‮»‬،‭ ‬وسيناريو‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬راشيل‭ ‬فيفي‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬1957م،‭ ‬و‮«‬مولود‭ ‬مارس‮»‬‭ ‬1958م،‭ ‬وقد‭ ‬أكسبه‭ ‬العمل‭ ‬السينمائي‭ ‬مهارة‭ ‬ترتيب‭ ‬وتقطيع‭ ‬المشاهد‭ ‬وفهماً‭ ‬أوسع‭ ‬لطبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدرامية‭ ‬بين‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬وتركيب‭ ‬وصياغة‭ ‬الحوار‭ ‬المتنامي‭ ‬الملائم‭ ‬للحدث،‭ ‬وهي‭ ‬تقنيات‭ ‬ومهارات‭ ‬سينمائية‭ ‬تطور‭ ‬باستخدامها‭ ‬أداؤه‭ ‬المسرحي‭. ‬

عرف‭ ‬فو‭ ‬بمساندته‭ ‬للحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وتفهمه‭ ‬الإيجابي‭ ‬لهذه‭ ‬القضية‭ ‬العربية‭ ‬وتفاعله‭ ‬الدرامي‭ ‬معها‭ ‬بكتابة‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬فدائيون‮»‬‭ ‬التي‭ ‬جعل‭ ‬اسمها‭ ‬الإيطالي‭ ‬ترجمة‭ ‬لمنطوقه‭ ‬العربي‭ ‬كأنها‭ ‬اسم‭ ‬وليست‭ ‬صفة،‭ ‬احتفاءً‭ ‬بهؤلاء‭ ‬الأبطال‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اختياره‭ ‬ممثلين‭ ‬عرباً‭ ‬فلسطينيين‭ ‬لأداء‭ ‬أدوار‭ ‬الفدائيين‭ ‬وجعلهم‭ ‬يؤدون‭ ‬أغلب‭ ‬أدوارهم‭ ‬بلغتهم‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أوجد‭ ‬تصرفاً‭ ‬إخراجياً‭ ‬لتوصيل‭ ‬المضمون‭ ‬بالترجمة‭ ‬بوساطة‭ ‬ممثلين‭ ‬إيطاليين،‭ ‬أو‭ ‬بوضع‭ ‬ترجمة‭ ‬للكلام‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬منصة‭ ‬العرض،‭ ‬ولم‭ ‬ننتبه‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬إلا‭ ‬أخيراً‭ ‬حينما‭ ‬نشرت‭ ‬ترجمة‭ ‬لها‭ ‬بجريدة‭ ‬‮«‬مسرحنا‮»‬‭ ‬المصرية‭.‬

‮«‬السيدة‭ ‬العجوز‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬إلا‭ ‬للرمي‮»‬‭ ‬أهم‭ ‬نص‭ ‬لعرض‭ ‬ارتجالي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬مجمل‭ ‬إبداع‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬بموهبته‭ ‬الفريدة‭ ‬وأسلوبه‭ ‬المرح،‭ ‬وهو‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬اسكتشات‭ ‬كوميدية‭ ‬متلاحقة‭ ‬سريعة‭ ‬الإيقاع‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التوليد‭ ‬اللحظي‭ ‬لعناصر‭ ‬مشهد‭ ‬مسرحي‭ ‬يشبه‭ ‬الملهى‭ ‬السياسي‭ ‬يعرض‭ ‬كوميديا‭ ‬مسرحية‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬الطويلة‭ ‬نسبيا‭ ‬حول‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬سيدة‭ ‬عجوز‮»‬‭ ‬تحتضر‭ ‬وحالما‭ ‬تموت‭ ‬ترث‭ ‬عرشها‭ ‬ابنة‭ ‬أخيها‭ ‬الشابة‭ ‬وهي‭ ‬فكرة‭ ‬رئيسة‭ ‬لموضوع‭ ‬مطروح‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ملحمي‭ ‬يتخلله‭ ‬كسر‭ ‬للإيهام‭ ‬بوساطة‭ ‬مهرجي‭ ‬السيرك‭ ‬الذين‭ ‬يبتدعون‭ ‬كوميديا‭ ‬هزلية‭ ‬تسخر‭ ‬من‭ ‬أوهام‭ ‬القوة‭ ‬والسيطرة‭ ‬والرفاهية،‭ ‬مركزاً‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬على‭ ‬تجاوزات‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬الغربية‭ ‬وأمراض‭ ‬مجتمع‭ ‬رأسمالي‭ ‬تغدو‭ ‬شعاراته‭ ‬حقاً‭ ‬يراد‭ ‬به‭ ‬باطل‭ ‬في‭ ‬مشاهد‭ ‬تنتهي‭ ‬جميعها‭ ‬إلى‭ ‬العبث‭ ‬وتخلط‭ ‬بين‭ ‬اتجاهات‭ ‬ومدارس‭ ‬مسرحية‭ ‬متعددة‭ ‬تمتزج‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬واحد‭ ‬خاص‭ ‬وبارع‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قرأ‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬فيه،‭ ‬فمثلا‭ ‬أول‭ ‬مشهد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬طقوس‭ ‬تؤدى‭ ‬بشكل‭ ‬ساخر‭ ‬لعبادة‭ ‬الآلهة‭ ‬التي‭ ‬تدخلت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬الرفاهية‭ ‬الزائف،‭ ‬حيث‭ ‬يتكون‭ ‬موكب‭ ‬خليفة‭ ‬‮«‬السيدة‭ ‬العجوز‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬غسالة‮»‬‭ ‬كهربائية‭ ‬تستخدم‭ ‬كمقعد‭ ‬و«ثلاجة‮»‬‭ ‬تستخدم‭ ‬كمسند،‭ ‬وينتهي‭ ‬المشهد‭ ‬باتفاق‭ ‬مجموعة‭ ‬مهرجي‭ ‬السيرك‭ ‬على‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬السيدة‭ ‬الشابة‭ ‬التي‭ ‬ورثت‭ ‬حكم‭ ‬السيرك،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬نقاد‭ ‬العرض‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬حادث‭ ‬مصرع‭ ‬كيندي‭ ‬في‭ ‬‮«‬دالاس‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكتمل‭ ‬تلقي‭ ‬المشهد‭ ‬إلا‭ ‬بفهمه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭.‬

في‭ ‬الفصل‭ ‬التالي‭ ‬من‭ ‬العرض‭ ‬تدور‭ ‬المشاهد‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬ارتكاب‭ ‬هذا‭ ‬الحادث‭ ‬والتحقيقات‭ ‬والمحاكمات‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬لتنتهي‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬التجسس‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬النخبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬وهي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تنبأ‭ ‬به‭ ‬فو‭ ‬من‭ ‬سقوط‭ ‬‮«‬نيكسون‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬فضيحة‭ ‬‮«‬ووترجيت‮»‬‭ ‬الشهيرة،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬دلالة‭ ‬علي‭ ‬استيعاب‭ ‬فو‭ ‬لدقائق‭ ‬النظام‭ ‬العالمي،‭ ‬فالسيدة‭ ‬العجوز‭ ‬كانت‭ ‬تعادي‭ ‬كيندي‭ ‬وهي‭ ‬ماتت‭ ‬في‭ ‬الظاهر،‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬كيندي،‭ ‬وقد‭ ‬تهكم‭ ‬فو‭ ‬في‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬مشاركة‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام،‭ ‬وكانت‭ ‬نتيجة‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬وغيرها‭ ‬رفض‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬منح‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬وزوجته‭ ‬الممثلة‭ ‬فرانكا‭ ‬رامي‭ ‬تأشيرة‭ ‬دخول‭ ‬أمريكا‭ ‬طوال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1980‭ ‬ــ‭ ‬1984‭ ‬بسبب‭ ‬انتقاده‭ ‬لسياساتها‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحرب‭ ‬فيتنام،‭ ‬ولم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬تأشيرة‭ ‬دخولها‭ ‬إلا‭ ‬عام‭ ‬1985م‭ ‬بضغط‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬فناني‭ ‬وأدباء‭ ‬أمريكا‭.‬

انصب‭ ‬اهتمام‭ ‬فو‭ ‬على‭ ‬العدالة‭ ‬التي‭ ‬جعل‭ ‬المطالبة‭ ‬بها‭ ‬هدفاً‭ ‬أولاً‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬مشروعه‭ ‬المسرحي‭ ‬مثل‭ ‬برتولد‭ ‬بريخت‭ ‬أبي‭ ‬الملحمية‭ ‬دائم‭ ‬التعديل‭ ‬والتغيير‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬عروضه‭ ‬المسرحية‭ ‬وفقاً‭ ‬للظروف‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بها،‭ ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬مسرحياته‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مسرح‭ ‬الصحيفة‮»‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تتغير‭ ‬وتتعدل‭ ‬يوميا‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مثل‭ ‬الصحيفة‭ ‬المتغيرة،‭ ‬وقد‭ ‬تنبأ‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬مسرحياته‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬مسرحيات‭ ‬للحرق‮»‬‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره،‭ ‬لأنها‭ ‬تفقد‭ ‬أهميتها‭ ‬وجودتها‭ ‬بانتهاء‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬ترصدها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬أبداً‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬قضايا‭ ‬إنسانية‭ ‬راسخة‭ ‬يصعب‭ ‬تغييرها،‭ ‬ولذلك‭ ‬تضمن‭ ‬البقاء‭ ‬وربما‭ ‬يكتب‭ ‬لها‭ ‬الخلود‭ ‬مثل‭ ‬نصوص‭ ‬شكسبير،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬فو‭ ‬في‭ ‬مسرحه‭ ‬ينشـــر‭ ‬ما‭ ‬بعـــد‭ ‬الملحمية‭ ‬وكسر‭ ‬الإيهام‭ ‬وإلغاء‭ ‬الحائط‭ ‬الرابع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬كافة‭ ‬العناصر‭ ‬المسرحية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يترك‭ ‬في‭ ‬نصوصه‭ ‬مكاناً‭ ‬لمواقف‭ ‬مسرحية‭ ‬مرتجلة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬التعليق‭ ‬علي‭ ‬بكاء‭ ‬طفل‭ ‬أثناء‭ ‬العرض‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬ذبابة‭ ‬تضايق‭ ‬الممثل‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬حدوث‭ ‬انزلاق‭ ‬لقدم‭ ‬الممثل‭ ‬وسقوطه‭ ‬العفوي‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬استخدام‭ ‬الراوي‭ ‬وصعود‭ ‬الممثلين‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬استدعائهم‭ ‬لبعضهم‭ ‬بطريقة‭ ‬تكشف‭ ‬اللعبة‭ ‬المسرحية‭.‬

كتب‭ ‬فو‭ ‬نصوصه‭ ‬المسرحية‭ ‬بلهجة‭ ‬الشارع‭ ‬‮«‬العامية‮»‬،‭ ‬مستخدما‭ ‬ألفاظ‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬بمفرداتها‭ ‬الخصبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسهل‭ ‬ترجمتها‭ ‬للغات‭ ‬أخرى،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أفقد‭ ‬نصوصه‭ ‬المترجمة‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬حيويتها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬استخدم‭ ‬مفارقات‭ ‬لغوية‭ ‬بين‭ ‬اللهجتين‭ ‬الدارجة‭ ‬والرسمية‭ ‬لتحقيق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الكوميديا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬المفارقة،‭ ‬لذا‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬عند‭ ‬الترجمة‭ ‬مراعاة‭ ‬اللغة‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬كتب‭ ‬بها‭ ‬نصوصه،‭ ‬وإلا‭ ‬فشلت‭ ‬عند‭ ‬عرضها‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬أخرى‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وأرجعه‭ ‬فو‭ ‬إلى‭ ‬الترجمة‭ ‬ونمط‭ ‬أداء‭ ‬الممثلين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬الممثل‭ ‬الفرنسي‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬الملحمي‭ ‬وهو‭ ‬يؤدي‭ ‬دوره‭ ‬دوما‭ ‬وفق‭ ‬الأسلوب‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الحذلقة‭ ‬الاستعراضية‭ ‬التابعة‭ ‬لنمط‭ ‬التمثيل‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬البوليفار‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬بذلك‭ ‬إنما‭ ‬يؤكد‭ ‬شعبية‭ ‬نصوصه‭ ‬وصعوبة‭ ‬أدائها‭ ‬وتلقيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬النخبة‭ ‬والمتعالين،‭ ‬ولذلك‭ ‬أثار‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬دهشة‭ ‬كالتي‭ ‬نشهدها‭ ‬اليوم‭ ‬إثر‭ ‬حصول‭ ‬الموسيقي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بوب‭ ‬ديلان‭ ‬عليها،‭ ‬لأن‭ ‬كتابته‭ ‬شعبية‭ ‬ليست‭ ‬بلغة‭ ‬النخبة‭ ‬الرصينة‭ ‬المنتقاة‭ ‬التي‭ ‬يتوقع‭ ‬لأصحابها‭ ‬الجوائز‭ ‬الكبيرة‭.‬

ولد‭ ‬داريو‭ ‬فو‭ ‬عام‭ ‬1926م‭ ‬في‭ ‬قــــرية‭ ‬‮«‬سانجانو‮»‬‭ ‬الإيطالية‭ ‬المتاخمة‭ ‬لسويسرا‭ ‬لأب‭ ‬يساري‭ ‬يعمل‭ ‬بالسكك‭ ‬الحديدية‭ ‬وأم‭ ‬ريفــــية،‭ ‬وقضى‭ ‬طفولته‭ ‬متجولاً‭ ‬بين‭ ‬المدن‭ ‬الإيطالية،‭ ‬مما‭ ‬أكسبه‭ ‬خبرة‭ ‬بأذواق‭ ‬الجماهير،‭ ‬وحاول‭ ‬أن‭ ‬يدرس‭ ‬الهندسة،‭ ‬لكنه‭ ‬ترك‭ ‬الدراسة‭ ‬قبل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الشهادة‭ ‬الجامعية‭ ‬ليتعلـــم‭ ‬التصـــوير‭ ‬وفن‭ ‬الديكور‭ ‬بمدرسة‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬ميلانو‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬عشق‭ ‬لفن‭ ‬التشكيل،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬ينحت‭ ‬شخصيات‭ ‬أعماله‭ ‬من‭ ‬الخشب‭ ‬بنفسه‭ ‬ليجري‭ ‬عليها‭ ‬تدريباته،‭ ‬والتحق‭ ‬فو‭ ‬في‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬بمدرسة‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬ميلانو‭ ‬ليدرس‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬التحاقه‭ ‬بها‭ ‬قامت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬عام‭ ‬1944م‭ ‬فشارك‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬واستدعي‭ ‬للجيش‭ ‬والتحق‭ ‬بالبحرية،‭ ‬ثم‭ ‬هرب‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬واختبأ‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬موتزا‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1945،‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬والتحق‭ ‬بسلاح‭ ‬المظلات‭ ‬ولكنه‭ ‬هرب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ورجع‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬رفاقه‭ ‬بالمقاومة‭ ‬الشعبية،‭ ‬وعندما‭ ‬انتهت‭ ‬الحرب‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬عمر‭ ‬العشرين‭,‬‭ ‬فدرس‭ ‬تصميم‭ ‬المناظر‭ ‬بأكاديمية‭ ‬‮«‬بيريرا‮»‬‭ ‬ليدخل‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الفن‭ ‬والفنانين‭ ‬ويقدم‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬وعطاء‭ ‬ثم‭ ‬تحققت‭ ‬سنة‭ ‬الحياة‭ ‬فرحل‭ ‬يوم‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬فخسرت‭ ‬إيطاليا‭ ‬والعالم‭ ‬فناناً‭ ‬مبدعاً‭ ‬تميز‭ ‬بنوع‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬الضحــــك‭ ‬هو‭ ‬كوميديـــا‭ ‬السهل‭ ‬الممتنع‭ ‬