مستقبل الثقافة في لبنان

اجتذبت مصر في زمن حكم أسرة محمد علي باشا نخباً ثقافية متميزة من المهاجرين اللبنانيين من ذوي الكفاءة العلمية العالية، ومنهم من كان يتقن أكثر من لغة عالمية حية، تكثفت هجرتهم منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى أواسط القرن العشرين، وإلى جانب الزراعة والصناعة والتجارة، عمل عدد كبير منهم في الصحافة والأدب والفنون، وأقاموا صلات وثيقة بأبناء الجاليات الأوربية في مصر، وكانوا من أكثر المستفيدين من حركة التغريب التي فاخر بها الخديو إسماعيل عندما رفع شعار «لم تعد مصر جزءاً من إفريقيا، بل باتت الآن قطعة من أوربا»، فاستقطب ذلك الشعار آلاف المهاجرين من العرب والأوربيين، وحظي اللبنانيون بحصة كبيرة في مجالات متنوعة، وبنسبة تفوق كثيراً حجمهم العددي بالقياس إلى الجاليات الأخرى، وقد أحبّ اللبنانيون مصر واندمج بعضهم في المجتمع المصري.
ليس من شك في أن هاجس البحث عن الحرية شكّل قطباً جاذباً لعدد كبير من المثقفين اللبنانيين في القرن التاسع عشر، فاتجهوا إلى مصر بسبب مناخ الحرية النسبية التي عرفها اللبنانيون في زمن حكم محمد علي باشا لبلاد الشام، وما تركه من إصلاحات مهمة في المجالين الاقتصادي والثقافي. وكانت قدرة مصر كبيرة على استيعاب جماعات متزايدة من المشرق والمغرب العربيين، ومن دول أوربية عدة، وبرز مئات المفكرين والكتّاب والصحفيين والفنانين الشوام الذين احتضنتهم مصر واستوعبت طاقاتهم الإبداعية. وكان دورهم كبيراً في مجالات الصحافة والمسرح والسينما والترجمة والفنون... وغيرها. ونظراً للتحولات الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها مصر في تلك المرحلة، أدى اللبنانيون دوراً بارزاً في مجالات عدة، فمنهم من عمل بصورة مستقلة وجمع ثروات طائلة.
كانت الفرصة مواتية للوافدين إلى مصر من الذين امتلكوا المؤهلات والمهارات والإمكانات والكفاءة الشخصية، وأتقنوا لغات حديثة، فقد كان لبعضهم معرفة جيدة بالغرب وثقافته، وثوراته الصناعية والثقافية الحديثة، وأدوا دورهم بإتقان، فأفادوا مصر واستفادوا منها. وبرز منهم مفكرون كبار، وأدباء، وشعراء، وأطباء، ومحامون، وصحفيون، ومسرحيون، وفنانون، ومناضلون سياسيون دافعوا عن حرية مصر وكرامة شعبها. وبرزت من بينهم أسماء كبيرة تركت بصماتها على تاريخ العرب الثقافي في العصر الحديث من أمثال: شبلي الشمل، وفرح أنطون، وأديب إسحق، وخليل مطران، وجرجي زيدان، ويعقوب صروف، وفرنسيس المراش، ومي زيادة، وجورج أبيض، وآسيا داغر، وعشرات غيرهم، فشكّلوا نخبة متميزة من الروّاد العرب الذين احتضنتهم مصر، وكان منهم نسبة كبيرة من اللبنانيين خاصة، والشوام بشكل عام.
تفاعل إيجابي
وأدت الجامعات والطباعة والصحافة وحركة الترجمة والتعريب دوراً مهماً في تحقيق التفاعل الإيجابي بين النخب العربية والثقافات الأوربية، وبدأ الفكر العلماني يطرح إشكاليات جديدة على العقل العربي حول العلاقة بين العقل والنقل، والعلم والدين، والديمقراطية والشورى، والدين والدولة، والأصالة والمعاصرة... وغيرها. وقد نصح المفكر المغربي عبدالله العروي في دراسة معمَّقة لتراث عصر النهضة بالقول: «نحن بحاجة إلى استعادة روح رجال النهضة وما تميَّزوا به من جرأة وصدق وتفاؤل».
تجدر الإشارة إلى أن ولادة بعض المؤسسات التربوية والثقافية في لبنان ترقى إلى ما قبل ولادة الدولة اللبنانية عام 1920 بحدودها الراهنة المعترف بها دولياً، وكانت مؤسسات المجتمع الأهلي كالعائلة، والطائفة، والعشيرة، والمدارس الطائفية، ومجالس الملة، والعصبيات الطائفية وغيرها، سابقة على ولادة مؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب غير الطائفية، والنقابات، والاتحادات المهنية والثقافية في لبنان.
وسرعان ما بدأت إشكالية علاقة المثقف اللبناني بالنظام الطائفي تتبلور من خلال المثقف الحزبي المنضوي إلى حزب طائفي، مقابل المثقف العضوي المنضوي إلى حزب علماني غير طائفي، والمثقف الحر أو المستقل الذي غالباً ما كان ينتمي إلى تيار ديمقراطي وعلماني، ويدعو إلى قيام دولة مدنية، بعيداً عن الطائفية.
لذا حرصنا في حدود هذه المقالة على تقديم نماذج تبرز مواقف بعض كبار المثقفين اللبنانيين في مجال علاقة المثقف بالنظام السياسي ومستقبل الثقافة في لبنان، فقد أشار الحقوقي والمؤرخ الدكتور أدمون رباط إلى أن «اللبناني كان مجبراً على أن يولد ويعيش ويموت طائفياً». وهي مقولة تعبّر بصدق عن الانتماء الطائفي كممر إلزامي للانتماء الوطني في ظل النظام الطائفي في لبنان. ولدينا تجارب عدة لمثقفين لبنانيين من ذوي النظرية الثقافية الخاصة في فهم النظام السياسي الطائفي، أبرزهم: ميشال شيحا، وجواد بوليس، وشارل مالك، وغبريال منسي، وجورج حكيم، وغسان تويني، وكمال الحاج، وكمال جنبلاط، وجورج قرم، وغسان سلام، وكثير غيرهم.
حلول عملية
نشر هؤلاء دراسات جادة تتضمن حلولاً عملية وعقلية لمشكلات بناء الدولة العصرية في لبنان على أسس ديمقراطية توافقية بخصائص طائفية بنّاءة أو مدنية علمانية، فحملت آراء متناقضة حول كيفية الجمع بين الطائفية والوطنية، والوحدة والتنوع في مجتمع متعدد، وبناء الأحزاب الطائفية، إلى جانب الأحزاب العلمانية، وطرق نقل اللبنانيين من مرتبة الرعايا إلى مواطنين أحرار في دولة مدنية ذات تجربة ثقافية فريدة، تجمع بين التعددية الطائفية والتنوع الثقافي في ظل دولة طائفية يحميها جيش وطني غير طائفي. ونشير هنا إلى مواقف بارزة ومنتقاة لبعض المثقفين اللبنانيين في موقفهم من إشكالية الثقافة والطائفية في لبنان.
يعتبر ميشال شيحا - مهندس صيغة الطوائف المتعايشة - أن الحضور اللبناني في العالم يعود إلى فينيقيا التي شُكّلت من البحر والجبل فتركت بصمات على تاريخ لبنان، ومن تداخل البحر والجبل كانت جمهوريتنا. كان من الأنسب أن نظهر البحر والجبل متحدين. للبنانيين كافة وطن واحد هو البحر والجبل معاً. لبنان جمهورية بحرية متوسطية، وهو أمة بحرية في جوهره ونشأته وبحكم الضرورة. وما الجبل اللبناني سوى الحصن الذي ينيف على البحر ويحميه. لم تكن جبال لبنان يوماً إلا ملاذاً للروح. والأقليات الطائفية التي تنزله اليوم أناطت، منذ نزلته، شؤون الزمنيات بالروحانيات. هذه الأقليات أنِسَتْ في أعالي لبنان ملجأ لها من الجور ومعقلاً للحريات. لكن الرغيف أعوزها فانطلقت مع الرياح الأربع بحثاً عن الرغيف. في أقاصي المعمور، مازالت للبنان موارد رزقه.
مجاراة الأسلاف
الحضور اللبناني في العالم منه يحيا اللبنانيون، بالنسبة إليهم ظاهرة متأصلة طبيعية. لولا لبنان لقل تمثيل الدولة العربية في العالم خلا تمثيلها الدبلوماسي. والذي أفضى باللبنانيين إلى مجاراة أسلافهم الفينيقيين في السعي إلى الهجرة هو القحط الذي مني به جبلهم. من الحضور اللبناني في بلاد الاغتراب يستمد هذا البلد الخالي من المناجم والمواد الأولية وسائل عيش رحبة. الحضور اللبناني في الخارج يحتّم على اللبنانيين المقيمين، كما على الذين يطلبون الرزق وراء البحار، معرفة اللغات والعادات ووسائل النقل وشبكات الترانزيت ونوعية الموانئ وتجهيزات الأسواق ونفقات السفر وتكلفته. القاعدة التي ينبغي استخلاصها أن علينا أن نستقبل الغريب بمثل ما يستقبلنا به، أو بمثل ما نود أن يستقبلنا به. لبنان بلد صغير، وطن صغير، لكنه ليس شعباً صغيراً. ناضل في سبيل وطن حضاري، وهو وريث الحضارة الكنعانية - الفينيقية. بلد تعددي يسعى إلى بناء دولة عصرية، لكنه ملزم باعتماد التسويات الطائفية.
وحلّل الفيلسوف شارل مالك بنية الكيان اللبناني وآفاقه المستقبلية في إطار ظاهرة الأقليات في الشرق الأوسط. وتناول مقولة الكيان اللبناني الثابت والدائم من خلال إبراز خصائصه العشر. وشدّد على فشل جميع الدعوات التي نادت بإنهاء ظاهرة الأقليات الدينية في لبنان وباقي دول الشرق الأوسط. فلبنان دولة مستقلة، ذات سيادة، يعترف باستقلالها وسيادتها العالم كله. كيان حقيقي، قائم، ثابت، مستقل، باق، يريد البقاء لذاته ويعترف له العالم بحق الوجود وحق البقاء. ثَمَّ ما يميز هذا الكيان تمييزاً قاطعاً عن غيره، فما الخصائص التي تحدد لبنان في ذاته، بحيث إذا قلت لبنان عنيت هذه الخصائص بالذات، وإذا سقطت هذه الخصائص زال لبنان؟ إنها عشر خصائص: الجبل الفريد، القرية اللبنانية الفذة، مركز لبنان السياحي الممتاز، تجارته العالمية العجيبة، ظاهرة الاغتراب اللبناني بكل ما تعنيه تاريخياً وكيانياً، الحضور المسيحي الإسلامي السمح الرائع، الحرية الكيانية المسؤولة، الانفتاح على العالم في المكان والزمان، معنى لبنان الفكري المتواضع في الشرق الأوسط وفي العالم، إسهام لبنان المتواضع في المعترك الدولي. ورأى أن ظاهرة الأقليات أمر دهري في الشرق الأوسط.
صمود الأقليات
لم يتمكن أي غازٍ أو فاتح من خارج المنطقة أن يتغلب على هذه الظاهرة، لا في المنطقة ككل، ولا في داخل أي بلد من بلدانها، فبقيت هذه الأقليات صامدة، معاندة، متشبثة، محافظة على قيمها وتراثها في وجه كل فاتح. غلبت على أمرها لكنها رفضت أن تنقرض. نحن أمام أقليات باقية ولا تزول. فلكل أقلية، أيّا كان صنفها، شأن وأهمية، وميزة الشرق الأوسط الأولى، إن لم تكن الوحيدة، هي الدين. ومشكلة الشرق الأوسط ليست في التخلف أو الإنماء الاقتصادي والمجتمعي، ولا في العدالة المجتمعية، ولا في التوحيد السياسي، بل المشكلة الحقيقية هي الأقليات فيه.
هذه معضلة الشرق الأوسط الأولى والأخيرة والأساسية، وكل معضلة أخرى، على أهميتها، تذبل أمامها. والعالم اليوم يشدد أكثر من أي يوم مضى على حقوق الأقليات، فالدعوات إلى القومية، أو العلمنة، أو الشيوعية، أو الماركسية، أو الاكتساحية التذويبية الدينية... جميعها باطلة، لأنها لم تستطع حل ظاهرة التعددية الدينية في الشرق الأوسط، فالديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، باقية في الشرق الأوسط، بعضها مع بعض، إن بالحضور غير المتفاعل أو بالحضور المتفاعل إيجابياً، أو سلبياً أو تناحرياً، فالشرق الأوسط ولبنان سيبقيان إلى ما شاء الله تعدديين في الثقافة والدين.
بدوره، شدّد المؤرخ جواد بولس على أهمية التاريخ والجغرافيا في نشوء وتطور الكيان اللبناني. وحلّل تاريخ لبنان على أساس طبائع الجغرافيا التي لا تتغير، فالتاريخ هو سياسة الماضي، وسياسة الحاضر هي تاريخ المستقبل. الحقيقة التاريخية واقعية غير مبنية فقط على الاستنتاج العقلي أو المنطقي أو الأوهام، لذا فالتاريخ سيظل الدرس الأكبر للشعوب ولزعمائها السياسيين. والتاريخ الذي يقدم الدروس والعبر هو التاريخ الكامل أو الجامع، وهو علم وفلسفة وعرض أحداث في آن واحد. السياسة هي بنت التاريخ، والتاريخ هو ابن الجغرافيا، والجغرافيا لا تتغير. فجغرافيا لبنان عامل جوهري في تاريخه، والبيئة الجغرافية محرك تاريخي قوي.
خلفاء جميع الشعوب
إن تحول شعب أو فرد إلى ديانة جديدة لا يغير من طبيعته، لأن في الإنسان تراكماً للمعتقدات، واحدة فوق الأخرى، لبنانيو اليوم هم خلفاء جميع الشعوب التي عاشت في البلد اللبناني منذ فجر التاريخ حتى اليوم، وقد طبعتهم البيئة الجغرافية اللبنانية جميعاً بطابعها المميز، السابقين منهم واللاحقين. وطبائع اللبنانيين هي حصيلة تأثير عوامل البيئة الجغرافية اللبنانية المؤلفة من جبل شاهق مفتوح على البحر المتوسط. جبل لبنان، كجميع جبال العالم، ينشِّط عند سكانه روح الاستقلال والحرية الفردية.
أما البحر فينشِّط عند الشعوب التي تعيش عبر شواطئه النزوع إلى الأسفار والمغامرات والاتصال بالبلدان الأخرى لتبادل البضائع معها. هذا هو لبنان الماضي والحاضر، وهذه هي أسباب تمسُّكه بالاستقلال والحرية والديمقراطية وتطلعه الدائم نحو البحر والغرب من جهة، ونحو البر والشرق من جهة أخرى. مما لا شك فيه أن التقدم العلمي والاختراعات التقنية غيّرت وجه عالم عصرنا، لكن الإنسان نفسه الذي أحدث هذه التغيرات لم يتغير في غرائزه الدفينة، فالمعارف قلما تخترق الطبائع، فهي تبقى وكأنها طافية، والعواطف المسيطرة على الناس تبقى على حالها ولا تستطيع أي ثقافة أن تمحو الميول الموروثة عن الأسلاف. رجال فكر وعلم ومعرفة بحثوا في مكوّنات لبنان للتعرّف على أهمية وجوده في المشرق العربي، آمنوا بلبنان السيد الحر المستقل كمنارة وهمزة وصل بينه وبين الغرب، وطن الحريات وتلاقي الحضارات والديانات.
أما الفيلسوف كمال يوسف الحاج فركز على مقولة الطائفية البنّاءة، وإيجابيات القومية اللبنانية وصيغة لبنان الكيان النهائي والوطن التعددي. ورأى أن اللغة غاية، وهي دائماً لغة قومية انتقلت من لغة القومية إلى قومية اللغة. الإنسان كائن قومي تماماً كما هو كائن إنساني، ليست هناك ثغرة بين القومية والإنسانية، فمادام لبنان موجوداً، فالقومية اللبنانية موجودة. هناك وحدة طبيعية قوامها الأرض والاقتصاد، وهناك وحدة بشرية قوامها التاريخ واللغة. الذي أفسد مفهوم القومية لدى كثيرين هو الاكتفاء بعنصر من عناصرها كالأرض، أو اللغة، أو الدين، أو الإرادة المشتركة، القومية هي هذه العناصر مجتمعة، الشعور القومي هو قومية بالقوة، والقومية هي شعور قومي بالفعل، وإذا عجز الشعور القومي عن التجسيد في كيان سياسي بقي رغبة أو أمنية من دون ركيزة حقوقية تمظهره وتعلنه للملأ. القومية اللبنانية هي الذهاب من الكيان السياسي، أي ربط القومية اللبنانية بالدولة اللبنانية، كياننا السياسي نحن اللبنانيين هو أثمن ما لدينا، هو أرضنا، واقتصادنا، وتاريخنا، هو ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، هو نظرتنا الفلسفية إلى الوجود، وهو المعنى الإنساني الذي لنا بين الشعوب، وقيمتنا الحضارية عبر الزمن، فلسفتنا اللبنانية يجب أن تطل علينا من تاريخنا اللبناني.
ورسم في مقالته «الطائفية البنّاءة أو فلسفة الميثاق الوطني» عظمة القومية اللبنانية التي تنبثق من كونها طائفية، فالدولة صيغة حقوقية للوحدة الاجتماعية، لكن لا قومية بمعزل عن تفسير ديني للكون. القومية اللبنانية لديه هي زواج حضاري بين النصرانية والإسلامية. ولبنان ليس مسيحياً ولا مسلماً، بل هو التناغم بينهما. هنا تقوم عظمة القومية اللبنانية، أي في الميثاق الوطني الذي حافظ على الطائفية، لكن الطائفية بمعناها الفلسفي ليست التعصُّب، بل وجود لجوهر الدين، هي مجموع الطقوس والشعائر التي يمارسها الإنسان تعبيراً عن الجوهر الديني، لذا كانت الطائفية واجبة الوجود تماماً كواجب وجود القومية بالنسبة للإنسانية، وعليه فالدين متأصل في لبنان، وقوميتنا نتيجة تيارات دينية عدة تلخصها «النصلامية».
وحيث الدين هناك الطائفية التي لولاها لما كان لبنان في شكله الحاضر، فيوم تزول هي يزول معها، وهو باق ما دامت باقية. لقد تخطى الميثاق الوطني التعادل الإداري في الحكومة إلى تعادل حضاري في المشاهدة الباطنية بين مسلمي الشرق العربي ومسيحييه. وعنى مباشرة الحفاظ على المسيحيين في الشرق العربي، وبفضله يتمتعون اليوم بحرية الضمير، لابد - والحالة هذه - من إيجاد صيغة قومية تجمع بين الإسلام والمسيحية، هي القومية اللبنانية.
ختاماً، يحتاج اللبنانيون اليوم إلى هذا التراث المهم الذي نشرته كوكبة من أبرز المتنورين اللبنانيين والعرب الذين أدوا دوراً بارزاً في الحياة الثقافية اللبنانية والعربية. وذلك يطرح تساؤلات عدة حول مستقبل الثقافة في لبنان اليوم، وأبرز تجلياتها على مستوى نشر مفاهيم نظرية عقلانية عن الانتماء اللبناني، وحماية الوطن، والاستقلال، والسيادة، وسبل الدفاع عن الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والعلمانية في لبنان والعالم العربي .