الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية.. نموذج متكامل للعمل الخيري المؤسسي

الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية..  نموذج متكامل للعمل الخيري المؤسسي

‮«‬علّمني‭ ‬الصيد‭ ‬ولا‭ ‬تعطني‭ ‬سمكة‮»‬‭... ‬فماذا‭ ‬تغني‭ ‬صدقات‭ ‬عابرة‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬أثرها‭ ‬ساعات،‭ ‬قلت‭ ‬أو‭ ‬كثرت،‭ ‬عن‭ ‬احتياجات‭ ‬حياتية‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬ما‭ ‬تعاقب‭ ‬الحدثان‭ ‬على‭ ‬أصحابها؟‭ ‬وهل‭ ‬تحل‭ ‬المسكنات‭ ‬الوقتية‭ ‬للألم‭ ‬محل‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬التي‭ ‬تجتثه‭ ‬من‭ ‬جذوره؟‭ ‬أغلب‭ ‬الظن‭ ‬أن‭ ‬المقولة‭ ‬المأثورة‭ ‬‮«‬أحيني‭ ‬اليوم‭ ‬وأمتني‭ ‬غداً‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬سبيل‭ ‬بين‭ ‬النظرات‭ ‬المشرئبة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬مشرق‭.‬

‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬التفكير‭ ‬الكويتي،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬التصدق‭ ‬الآني‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬الفقيرة‭ ‬المحتاجة،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬مساعدتها‭ ‬ابتغاء‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬سواعدها‭ ‬لبناء‭ ‬حياتها،‭ ‬وتوفير‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬ثابتة‭ ‬ينعم‭ ‬أهلها‭ ‬معها‭ ‬بالعيش‭ ‬من‭ ‬كد‭ ‬اليد‭ ‬وعرق‭ ‬الجبين،‭ ‬وحتَّم‭ ‬ذلك‭ ‬قيام‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬مؤسسي،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬جهود‭ ‬فردية‭ ‬متناثرة،‭ ‬وإن‭ ‬كثرت‭ ‬مشكورة،‭ ‬كما‭ ‬حتّم‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬إغماض‭ ‬العينين‭ ‬عن‭ ‬جنس‭ ‬الفقير‭ ‬المحتاج‭ ‬أو‭ ‬لونه‭ ‬أو‭ ‬دينه‭ ‬أو‭ ‬معتقده‭ ‬أو‭ ‬فكره‭... ‬والاستجابة‭ ‬لصوت‭ ‬إنسانيته،‭ ‬ونداء‭ ‬طبيعته‭.‬

كانت‭ ‬هذه‭ ‬أبرز‭ ‬دعائم‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬الكويتي‭... ‬نظرة‭ ‬مستقبلية‭ ‬تشد‭ ‬عضداً‭ ‬ليبني‭ ‬بنفسه‭ ‬لنفسه،‭ ‬ونظام‭ ‬مؤسسي،‭ ‬وخدمة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كونه‭ ‬إنساناً،‭ ‬وكانت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المعمورة،‭ ‬فهنا‭ ‬آبار‭ ‬حفرت،‭ ‬وهناك‭ ‬معاهد‭ ‬ومصانع‭ ‬شيِّدت،‭ ‬وهنالك‭ ‬مراكز‭ ‬ومدارس‭ ‬ومساجد‭ ‬أُنشئت‭ ‬وشع‭ ‬نورها‭ ‬في‭ ‬الآفاق،‭ ‬وثمة‭ ‬دورات‭ ‬علمية‭ ‬أثمرت‭ ‬وآتت‭ ‬أكلها‭... ‬إلخ‭.‬

ومن‭ ‬ثَمَّ‭ ‬تعددت‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المعطاء،‭ ‬وطالت‭ ‬أياديه‭ ‬البيضاء‭ ‬كل‭ ‬النواحي‭ ‬والأرجاء،‭ ‬وكانت‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬الإسلامية‭ ‬العالمية‭ ‬درة‭ ‬تاج‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وواحدة‭ ‬من‭ ‬كبريات‭ ‬المؤسسات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الإنساني‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وهي‭ ‬هيئة‭ ‬مستقلة،‭ ‬متعددة‭ ‬الأنشطة،‭ ‬تقدم‭ ‬خدماتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمحتاجين‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬تعصب،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬أو‭ ‬الصراعات‭ ‬العرقية‭. ‬

‮«‬العربي‮»‬‭ ‬زارت‭ ‬الهيئة‭ ‬وتجولت‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬مقرها،‭ ‬وحاورت‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالله‭ ‬المعتوق‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها،‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬وزير‭ ‬الأوقاف‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬الأسبق‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬والمستشار‭ ‬في‭ ‬الديوان‭ ‬الأميري،‭ ‬ومبعوث‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشؤون‭ ‬الإنسانية‭.‬

صحن‭ ‬مستدير‭ ‬تطل‭ ‬عليه‭ ‬أروقة‭ ‬الأدوار‭ ‬الثلاثة‭ ‬للمبنى،‭ ‬على‭ ‬يسار‭ ‬الداخل‭ ‬إلى‭ ‬المبنى‭ ‬مسرح‭ ‬ضخم‭ ‬علقت‭ ‬عليه‭ ‬لافتة‭ ‬كبيرة‭ ‬مكتوب‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬مسرح‭ ‬المرحوم‭ ‬محمد‭ ‬عبدالمحسن‭ ‬الخرافي‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬اليمين‭ ‬قاعة‭ ‬استقبال‭ ‬ثم‭ ‬صالة‭ ‬كبيرة‭ ‬تقام‭ ‬فيها‭ ‬المعارض،‭ ‬وفي‭ ‬المواجهة‭ ‬درج‭ ‬صاعد‭ ‬للأدوار‭ ‬العليا‭ ‬على‭ ‬يمينه‭ ‬ويساره‭ ‬مصعدان‭ ‬كهربائيان‭.‬

سألنا‭ ‬موظفي‭ ‬الاستقبال‭ ‬عن‭ ‬مكتب‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة،‭ ‬وأخبرناهم‭ ‬بالموعد‭ ‬المحدد‭ ‬مسبقاً،‭ ‬فأرشدونا‭ ‬إلى‭ ‬الجهة‭ ‬اليسرى‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬الثالث‭... ‬كانت‭ ‬التراحيب‭ ‬والحفاوة‭ ‬البالغة‭ ‬بوفد‭ ‬مجلة‭ ‬العربي‭ ‬التي‭ ‬أخبرنا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لقيناه‭ ‬هناك‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬متابعيها‭ ‬منذ‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭.‬

‭ ‬كيف‭ ‬وُلدت‭ ‬الفكرة؟‭ ‬ومتى‭ ‬رأت‭ ‬النور؟‭ ‬سألنا‭ ‬الدكتور‭ ‬المعتوق‭ ‬فأجاب‭: ‬يعود‭ ‬تأسيس‭ ‬الهيئة‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1984م،‭ ‬عندما‭ ‬نادى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬للمصارف‭ ‬الإسلامية‭ - ‬كان‭ ‬منعقداً‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ - ‬بضرورة‭ ‬جمع‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لاستثمارها‭ ‬والإنفاق‭ ‬من‭ ‬عائدها‭ ‬لمقاومة‭ ‬ثالوث‭ ‬الخطر‭ (‬الفقر‭ ‬والجهل‭ ‬والمرض‭)‬،‭ ‬والتصدي‭ ‬للحملات‭ ‬المغرضة‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الأمة،‭ ‬عبر‭ ‬إنشاء‭ ‬مؤسسة‭ ‬خيرية‭ ‬عالمية‭.‬

‭ ‬وجاءت‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬الهيئة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الحاجات‭ ‬المتزايدة‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الفقيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬حيث‭ ‬يعاني‭ ‬كثيرون‭ ‬ظروفاً‭ ‬قاسية‭ ‬وأزمات‭ ‬متعددة،‭ ‬بعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬المرض‭ ‬والفقر‭ ‬والأمية‭ ‬والبطالة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬عرقل‭ ‬جهود‭ ‬التنمية‭ ‬حسب‭ ‬الإحصاءات‭ ‬الرسمية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

 

مرسوم‭ ‬أميري

عرض‭ ‬العلماء‭ ‬مشروع‭ ‬الهيئة‭ ‬على‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ - ‬رحمه‭ ‬الله‭ - ‬الذي‭ ‬رحب‭ ‬به‭ ‬وكان‭ ‬خير‭ ‬داعم‭ ‬له،‭ ‬وأصدر‭ ‬مرسوماً‭ ‬أميريًّا‭ ‬بنشأتها‭ (‬رقم‭ ‬64‭ ‬لسنة‭ ‬1986‭ ‬م‭)‬،‭ ‬ونص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الهيئة‭ ‬ذات‭ ‬شخصية‭ ‬اعتبارية،‭ ‬ويكون‭ ‬مقرها‭ ‬الكويت،‭ ‬ولها‭ ‬أن‭ ‬تنشئ‭ ‬فروعاً‭ ‬خارج‭ ‬الكويت،‭ ‬وتباشر‭ ‬نشاطها‭ ‬وفقاً‭ ‬لأحكام‭ ‬نظامها‭ ‬الأساسي،‭ ‬كما‭ ‬صدر‭ ‬المرسوم‭ ‬الأميري‭ ‬بشأن‭ ‬نظامها‭ ‬الأساسي‭ ‬بتاريخ‭ ‬4‭ ‬جمادى‭ ‬الآخرة‭ ‬1407‭ ‬هـ‭ ‬الموافق‭ ‬3‭ ‬فبراير‭ ‬1987م‭... ‬وهكذا‭ ‬جاء‭ ‬إنشاء‭ ‬الهيئة‭ ‬ليعطي‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬دفعة‭ ‬وانطلاقة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الخير‭ ‬والعطاء‭ ‬الإنساني‭. ‬

 

الكويت‭ ‬لماذا؟

لماذا‭ ‬اختيرت‭ ‬الكويت‭ ‬مقرًّا‭ ‬للهيئة؟‭ ‬وما‭ ‬دلالة‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظركم؟‭ ‬عاودنا‭ ‬السؤال،‭ ‬فكانت‭ ‬الإجابة‭: ‬اختيرت‭ ‬الكويت‭ ‬مقرًّا‭ ‬للهيئة‭ ‬لحب‭ ‬أهلها‭ ‬حكاماً‭ ‬ومحكومين‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري،‭ ‬وارتباطهم‭ ‬بأوجه‭ ‬البر‭ ‬والإحسان‭ ‬منذ‭ ‬نشأة‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬وتسابق‭ ‬أهل‭ ‬الكويت‭ ‬لدعم‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬خيري‭ ‬وإسلامي‭ ‬يعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬الأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الوفرة‭ ‬المالية‭ ‬والنعم‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬الكويت،‭ ‬ودلالة‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬قبلة‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني،‭ ‬وإحدى‭ ‬أهم‭ ‬محطاته،‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريباً‭ ‬أن‭ ‬يتوج‭ ‬سمو‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قائداً‭ ‬إنسانيًّا،‭ ‬وأن‭ ‬تتم‭ ‬تسمية‭ ‬الكويت‭ ‬مركزاً‭ ‬إنسانيًّا‭ ‬عالميًّاً‭. ‬

سألنا‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬إنشاء‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬الإسلامية‭ ‬العالمية؟‭ ‬وماذا‭ ‬تحقق‭ ‬منها؟‭ ‬فقال‭ ‬المعتوق‭: ‬تهدف‭ ‬الهيئة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬الأنشطة‭ ‬الخيرية‭ ‬وأعمال‭ ‬البـر‭ ‬والإحسان‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬إلى‭ ‬الإسهام‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفقيرة‭ ‬بصورة‭ ‬دائمة‭ ‬تؤمن‭ ‬لهم‭ ‬حياة‭ ‬إنسانية‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬للمحتاجين‭ ‬أينما‭ ‬كانوا،‭ ‬عبر‭ ‬إغاثة‭ ‬ضحايا‭ ‬الحروب‭ ‬والكوارث‭ ‬والمجاعات‭ ‬ونحوها،‭ ‬وتقديم‭ ‬المأوى‭ ‬للمشردين،‭ ‬والطعام‭ ‬والشراب‭ ‬للجائعين،‭ ‬والملبس‭ ‬للمحتاجين،‭ ‬والعلاج‭ ‬والدواء‭ ‬للمرضى،‭ ‬ورعاية‭ ‬الأيتام‭ ‬والأطفال‭ ‬المحرومين،‭ ‬وابتكار‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر،‭ ‬عملاً‭ ‬بالقيم‭ ‬الإسلامية،‭ ‬واقتداءً‭ ‬بالنماذج‭ ‬الخيرية‭ ‬المضيئة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسلامي،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الأمية‭ ‬والجهل،‭ ‬ونشر‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬المعاهد‭ ‬العلمية‭ ‬ومراكز‭ ‬التدريب،‭ ‬وإعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للمشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تهيئ‭ ‬للفقراء‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكونوا‭ ‬عبئاً‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬وتمكين‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفقيرة‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬مواردها‭ ‬وتحسين‭ ‬أوضاعها‭ ‬وتحويلها‭ ‬من‭ ‬مجتمعات‭ ‬استهلاكية‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعات‭ ‬منتجة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التعايش‭ ‬والتكافل‭ ‬بين‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإنسانية‭.‬

وقد‭ ‬تحققت‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬كاملة‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬ومازالت‭ ‬الهيئة‭ ‬تواصل‭ ‬نشاطها‭ ‬الإنساني،‭ ‬وقد‭ ‬اتسعت‭ ‬مجالات‭ ‬أعمالها‭ ‬الإغاثية‭ ‬والصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬لتشمل‭ ‬عشرات‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬

راودنا‭ ‬فضول‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬الهيئة‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬اختيار‭ ‬الكويت‭ ‬عاصمة‭ ‬للثقافة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬فحدثنا‭ ‬عنها‭ ‬الدكتور‭ ‬المعتوق،‭ ‬قائلاً‭: ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نموذج‭ ‬متكامل‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬الإسلامي،‭ ‬مهتدية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالنماذج‭ ‬العظيمة‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬المناشط‭ ‬والأدبيات،‭ ‬منها‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إرساء‭ ‬معالم‭ ‬المؤسسية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخيري،‭ ‬إدارة‭ ‬وتنظيراً‭ ‬وممارسة،‭ ‬والعمل‭ ‬ضمن‭ ‬منهجية‭ ‬تكاملية‭ ‬في‭ ‬تخطيط‭ ‬وإقامة‭ ‬المشروعات‭ ‬التنموية،‭ ‬فلا‭ ‬تقتصر‭ ‬أعمال‭ ‬الهيئة‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬العمل‭ ‬الخيري،‭ ‬بل‭ ‬تتسع‭ ‬لتشمل‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة،‭ ‬والسعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬البعد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬تأسيساً‭ ‬وتمويلاً‭ ‬واتفاقاً‭ ‬وتنسيقاً،‭ ‬وتأكيد‭ ‬استقلالية‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬وعدم‭ ‬تبعيتها‭ ‬لأي‭ ‬جهة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬وبعدها‭ ‬عن‭ ‬المنازعات‭ ‬السياسية‭ ‬والصراعات،‭ ‬وذلك‭ ‬لدعم‭ ‬رسالتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬المحضة‭ ‬وشفافية‭ ‬أهدافها‭ ‬الخيرية‭ ‬ووضوحها‭.‬

 

تنمية‭ ‬مستديمة

كما‭ ‬تتبنى‭ ‬الأسلوب‭ ‬العلمي‭ ‬المدروس‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬التبرعات‭ ‬واستثمارها‭ ‬وتقديمها‭ ‬للمستحقين‭ ‬بما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬الهيئة‭ ‬وسياستها،‭ ‬وتهتم‭ ‬بالإنسان‭ ‬وتنمية‭ ‬قدراته‭ ‬وإمكاناته‭ ‬ليكون‭ ‬عنصراً‭ ‬فعالاً‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬نفسه‭ ‬وأهله‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البرامج‭ ‬التأهيلية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والتدريبية،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬ومحاربة‭ ‬الأمية‭ ‬والجهل‭ ‬للارتقاء‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬المحرومة‭ ‬حتى‭ ‬يمكنها‭ ‬تنمية‭ ‬مواردها‭ ‬وإمكانياتها،‭ ‬وتمكين‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمحرومة‭ ‬حتى‭ ‬تستغني‭ ‬عن‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬وتصير‭ ‬مستقلة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬بكرامة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروعات‭ ‬تنموية‭ ‬إنتاجية‭ ‬توفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬للمحتاجين‭ ‬فتقضي‭ ‬على‭ ‬البطالة‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬التحسين‭ ‬الدائم‭ ‬لأوضاعهم‭ ‬المعيشية‭.‬

كما‭ ‬تعمل‭ ‬الهيئة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأمين‭ ‬موارد‭ ‬دائمة‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثمار‭ ‬التبرعات‭ ‬والصدقات‭ ‬غير‭ ‬المخصصة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬تنفق‭ ‬عائداتها‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬ويبقى‭ ‬الأصل،‭ ‬والتنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬الهيئات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الخيرية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وللهيئة‭ ‬تعاون‭ ‬وثيق‭ ‬ودائم‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬العالمية،‭ ‬وهي‭ ‬عضو‭ ‬مؤسس‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬دولية،‭ ‬وتقوم‭ ‬بدور‭ ‬فعال‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬والمحلي،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية،‭ ‬كما‭ ‬تحتضن‭ ‬اللجنة‭ ‬الكويتية‭ ‬المشتركة‭ ‬للإغاثة،‭ ‬وتولي‭ ‬اهتماماً‭ ‬خاصّاً‭ ‬لبناء‭ ‬المساجد‭ ‬والمراكز‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬أو‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬الأقليات‭ ‬المسلمة،‭ ‬وذلك‭ ‬إدراكاً‭ ‬منها‭ ‬للأهمية‭ ‬البالغة‭ ‬لهذه‭ ‬المراكز‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬العقيدة‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وتقدم‭ ‬الدعم‭ ‬لتلك‭ ‬المساجد‭ ‬والمراكز‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمعاهد‭ ‬المتخصصة،‭ ‬لتتمكن‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وتعليمية‭ ‬ودينية‭ ‬وثقافية‭ ‬لقطاع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬صغاراً‭ ‬وكباراً‭ ‬ورجالاً‭ ‬ونساء‭.‬

 

عطاء‭ ‬كويتي‭... ‬حكومي‭ ‬وشعبي

تبادر‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬الكويت‭ ‬للهيئة،‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬تفاعل‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬معها؟‭ ‬فكانت‭ ‬الإجابة‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬ذ‭ ‬حكاماً‭ ‬ومحكومين‭ - ‬لم‭ ‬تدخر‭ ‬وسعاً‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬للهيئة‭ ‬الخيرية،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬احتضان‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬ومروراً‭ ‬بتطورها‭ ‬واتساع‭ ‬عملها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مكاتبها‭ ‬الخارجية‭ ‬وشركائها،‭ ‬ووصولاً‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬عشرات‭ ‬الدول‭. ‬

عطاء‭ ‬الكويتيين‭ ‬وحبهم‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬هما‭ ‬السبب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬تنوع‭ ‬الجمعيات‭ ‬والهيئات‭ ‬الخيرية‭ ‬ونموها‭ ‬وتطورها،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بثقة‭ ‬سمو‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬والحكومة‭ ‬الكويتية،‭ ‬وقد‭ ‬وجه‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الهيئة‭ ‬لتدشين‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الحملات‭ ‬الإغاثية‭ ‬لدعم‭ ‬الشعوب‭ ‬المنكوبة،‭ ‬كما‭ ‬وجهها‭ ‬سموه‭ ‬لتنظيم‭ ‬4‭ ‬مؤتمرات‭ ‬دولية‭ ‬للمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬لدعم‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬سورية،‭ ‬وقد‭ ‬بلغت‭ ‬نفقاتها‭ ‬هناك‭ ‬ملياراً‭ ‬و350‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬تبرع‭ ‬شخصياً‭ ‬ببناء‭ ‬قرية‭ ‬للاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬الزعتري‭ ‬بقيمة‭ ‬زادت‭ ‬على‭ ‬الـ‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬دولار،‭ ‬وسمو‭ ‬الشيخ‭ ‬سالم‭ ‬العلي‭ ‬تبرع‭ ‬للاجئين‭ ‬السوريين‭ ‬خلال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الثالث‭ ‬للمنظمات‭ ‬بـ‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وهناك‭ ‬صور‭ ‬عديدة‭ ‬للمسؤولين‭ ‬وأبناء‭ ‬الشعب‭ ‬تعكس‭ ‬عطاءهم‭ ‬ودعمهم‭ ‬المتواصل‭ ‬للهيئة‭ ‬الخيرية،‭ ‬تعجز‭ ‬السطور‭ ‬عن‭ ‬حصرها‭. ‬

وحول‭ ‬موقع‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬الثقافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬والعالم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬المعتوق‭: ‬يعتبر‭ ‬التعليم‭ ‬محورَ‭ ‬أساسٍ‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬الهيئة،‭ ‬وأحد‭ ‬الروافد‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفقيرة،‭ ‬عبر‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الأميَّة‭ ‬ومكافحة‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلف‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬لذا‭ ‬أولت‭ ‬الهيئة‭ ‬القضية‭ ‬التعليمية‭ ‬اهتماماً‭ ‬خاصّاً‭ ‬بدعمها‭ ‬إنشاء‭ ‬المدارس‭ ‬والمعاهد‭ ‬والجامعات‭ ‬والمراكز‭ ‬الثقافية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬لما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الفقر،‭ ‬وتهيئة‭ ‬الفرص‭ ‬لأبناء‭ ‬تلك‭ ‬المجتمعات‭ ‬للمشاركة‭ ‬الفعالة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬مجتمعاتهم‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬تقوم‭ ‬الهيئة‭ ‬بدعم‭ ‬المراكز‭ ‬الإسلامية‭ ‬والتعليم‭ ‬الإسلامي‭ ‬ومعاهده‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬لتمكينها‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬هويتها‭ ‬وثقافتها‭ ‬وتراثها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توزيع‭ ‬آلاف‭ ‬النسخ‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬والكتب‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمدرسية‭ ‬باللغات‭ ‬المختلفة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كفالة‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المعلمين‭ ‬وطلبة‭ ‬العلم‭ ‬وتقدم‭ ‬المنح‭ ‬الدراسية‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬المعاهد‭ ‬والجامعات‭.‬

 

التعليم‭ ‬والعمل‭ ‬الخيري

وتعنى‭ ‬الهيئة‭ ‬بتطوير‭ ‬الجهود‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬المؤسسات‭ ‬التطوعية‭ ‬والخيرية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مسارين،‭ ‬المسار‭ ‬الأول‭ ‬تطوير‭ ‬المدارس‭ ‬القرآنية‭ ‬القائمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬العلوم‭ ‬الشرعية‭ ‬ونظيرتها‭ ‬الحديثة،‭ ‬بما‭ ‬يؤهل‭ ‬الخريجين‭ ‬للاستجابة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬المجتمع،‭ ‬والمسار‭ ‬الثاني‭ ‬إنشاء‭ ‬مدارس‭ ‬نموذجية‭ ‬بهدف‭ ‬جذب‭ ‬أبناء‭ ‬الشرائح‭ ‬القادرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لتقديم‭ ‬البديل‭ ‬التعليمي‭ ‬الإسلامي‭ ‬المتميز،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تبحث‭ ‬لأبنائها‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬للتعليم‭ ‬المتميز‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الأجنبية‭ ‬والإرساليات‭ ‬المختلفة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬نسبة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬المقاعد‭ ‬الدراسية‭ ‬لأبناء‭ ‬الفقراء‭ ‬النابغين‭ ‬بالمجان‭. ‬

‭ ‬وللهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬جهود‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار،‭ ‬فقد‭ ‬رفعت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬ابن‭ ‬مدرسة‭ ‬تحي‭ ‬أمة‮»‬،‭ ‬ولهذا‭ ‬أنشأت‭ ‬مدرسة‭ ‬الرؤية‭ ‬الثنائية‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬عام‭ ‬1417هـ‭ - ‬1996م،‭ ‬بهدف‭ ‬إعداد‭ ‬وتأهيل‭ ‬الطلاب‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬العصر‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وتتميز‭ ‬مدرسة‭ ‬الرؤية‭ ‬بأسلوبها‭ ‬التربوي‭ ‬المتميز‭ ‬الذي‭ ‬يراعي‭ ‬الفروق‭ ‬الفردية‭ ‬بين‭ ‬الطلاب،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬الشعور‭ ‬بالمسؤولية،‭ ‬وتعميق‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجابية‭ ‬لدى‭ ‬الطالب،‭ ‬كما‭ ‬أنشأت‭ ‬مدرسة‭ ‬الرؤية‭ ‬الثنائية‭ ‬اللغة‭ ‬بالسودان‭ ‬كمنبر‭ ‬للإشعاع‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬والتنويري‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النهوض‭ ‬بالسودان،‭ ‬ومدرسة‭ ‬الإرشاد‭ ‬في‭ ‬نيجيريا،‭ ‬وقد‭ ‬حازت‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬بعد‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تأسيسها‭. ‬

كما‭ ‬تتعاون‭ ‬الهيئة‭ ‬مع‭ ‬البنك‭ ‬الإسلامي‭ ‬للتنمية‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬وإدارتها‭ ‬وتوجيهها‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬مثل‭ ‬بنين‭ ‬والنيجر‭ ‬وبوركينا‭ ‬فاسو‭ ‬وأوغندا‭ ‬والهند،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ماضية‭ ‬مع‭ ‬البنك‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬مشتركة‭ ‬أخرى‭ ‬وتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬المثمر،‭ ‬واستمراراً‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬التنموي،‭ ‬أسهمت‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬مجمع‭ ‬قطر‭ ‬التعليمي‭ ‬بالنيجر‭ ‬بتبرع‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬الشقيقة‭.‬

وردًّا‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬الدور‭ ‬الإقليمي‭ ‬للهيئة‭ ‬قال‭: ‬برز‭ ‬نشاط‭ ‬الهيئة‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفعيل‭ ‬بروتوكول‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الإيسيسكو،‭ ‬عبر‭ ‬إقامة‭ ‬الندوات‭ ‬والبرامج‭ ‬والمشاريع‭ ‬الإنمائية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬والمغرب‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وتنظيم‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬المراكز‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬وإقامة‭ ‬ورش‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬لإعداد‭ ‬مناهج‭ ‬المدارس‭ ‬القرآنية،‭ ‬وعقد‭ ‬ندوة‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬صورة‭ ‬الإسلام‭ ‬ومعالجة‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإسلاموفوبيا،‭ ‬وإقامة‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬للأئمة‭ ‬والخطباء‭ ‬والمعلمين‭ ‬لتنويرهم‭ ‬بطبيعة‭ ‬التحديات‭ ‬المعاصرة‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها‭.‬

‭ ‬وسألناه‭ ‬عن‭ ‬مكانة‭ ‬الهيئة‭ ‬بين‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الخيرية‭ ‬المحلية‭ ‬والعالمية‭ ‬فأجاب‭: ‬ترتبط‭ ‬الهيئة‭ ‬الخيرية‭ ‬العالمية‭ ‬بعلاقات‭ ‬تنسيق‭ ‬وتعاون‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬والوزارات‭ ‬الكويتية،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬وزارات‭ ‬الأوقاف‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬والإعلام‭ ‬والدفاع‭ ‬والشؤون‭ ‬والخارجية،‭ ‬والأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للأوقاف‭ ‬وبيت‭ ‬الزكاة،‭ ‬وكل‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬والتطوعية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الكويتي،‭ ‬وجمعية‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وجمعية‭ ‬إحياء‭ ‬التراث‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وجمعية‭ ‬النجاة‭ ‬الخيرية،‭ ‬وجمعية‭ ‬عبدالله‭ ‬النوري‭ ‬الخيرية،‭ ‬وجمعية‭ ‬العون‭ ‬المباشر،‭ ‬وجمعية‭ ‬صندوق‭ ‬إعانة‭ ‬المرضى‭.‬

‭ ‬وينطلق‭ ‬شركاء‭ ‬الخير‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬وغايات‭ ‬إنسانية‭ ‬مشتركة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬المنكوبين‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الكوارث‭ ‬والمجاعات‭ ‬والنزاعات‭ ‬والحروب‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬والعربية‭.‬

وللهيئة‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الشراكة‭ ‬ومد‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬والهيئات‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية،‭ ‬لما‭ ‬يوفره‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬لتبادل‭ ‬الرأي‭ ‬والخبرات‭ ‬للعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصلحة‭ ‬الفقراء،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬المفوضية‭ ‬العليا‭ ‬للاجئين‭ ‬ومكتب‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬أوتشا‭) ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬وجمعيات‭ ‬الهلال‭ ‬والصليب‭ ‬الأحمر،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الهجرة‭ ‬الدولية‭ ‬وغيرها‭.‬

‭ ‬كذلك‭ ‬تنسق‭ ‬الهيئة‭ ‬وتتعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬مع‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬والمجلس‭ ‬الإسلامي‭ ‬العالمي‭ ‬للدعوة‭ ‬والإغاثة‭ (‬مصر‭) ‬ورابطة‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ (‬السعودية‭) ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وذلك‭ ‬لنشر‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬والعمل‭ ‬الجاد‭ ‬على‭ ‬خدمة‭ ‬قضاياهم‭ ‬العادلة‭ ‬ودرء‭ ‬أخطار‭ ‬الفقر‭ ‬والجوع‭ ‬والحرمان‭ ‬والجهل‭ ‬عنهم،‭ ‬بتنمية‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬مشكلاتهم‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الهيئة‭ ‬عضو‭ ‬مؤسس‭ ‬ومشارك‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬مجالس‭ ‬أمناء‭ ‬الجامعات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬عضو‭ ‬استشاري‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ .

د‭.‬عبدالله‭ ‬المعتوق

تمنح‭ ‬الهيئة‭ ‬أولوية‭ ‬لإغاثة‭ ‬ضحايا‭ ‬الحروب‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والصورة‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬عدن