ما يُضْمِرُهُ الليل

ما يُضْمِرُهُ الليل

‭(‬1‭)‬

في‭ ‬الليلِ‭ ‬قد‭ ‬أنجو‭ ‬من‭ ‬الليلِ

المُقيمِ‭ ‬بداخلي،

وأطيرُ‭ ‬نحو‭ ‬النّجْمِ،

فهو‭ ‬بنبضه‭ ‬الوضّاءِ،

يجمعُنا‭ ‬على‭ ‬بُعْدِ‭ ‬المكانِ‭.‬

وهو‭ ‬الوحيدُ‭...‬

إذا‭ ‬استبدَّ‭ ‬النأيُ‭ ‬فينا،

كانَ‭ ‬أقرَبنا‭ ‬إلينا‭...‬

حين‭ ‬ينقطعُ‭ ‬الكلامُ،

يَمدُّنا‭ ‬بضميرهِ‭ ‬الضوئيّ،

مُبْتسماً‭...‬

بِشُرفتهِ‭ ‬البعيدة،

في‭ ‬أمانِ‭.‬

‭(‬2‭)‬

أنتِ‭ ‬اقتَبسْتِ‭ ‬نشيدَهُ‭ ‬الكونيَّ،

حتى‭ ‬صار‭ ‬بَلْسَمكِ‭ ‬المُذابَ،

على‭ ‬جراحاتٍ

ألِفْتُ‭ ‬ثَبَاتَهُ،

في‭ ‬شُرفةِ‭ ‬العُشّاقِ‭,‬

حتى‭ ‬صِرْتُ‭ ‬رنَّةَ‭ ‬روحِهِ،

وبريدَهُ‭ ‬السَّاعي‭...‬

إلى‭ ‬مَعْنى‭ ‬المعاني‭.‬

في‭ ‬الليل‭ ‬لا‭ ‬أَهْفُو‭ ‬إلى‭ ‬شيءٍ،

سوى‭ ‬ما‭ ‬يقْتضيه‭ ‬خيالُكِ‭ ‬الذاتيُّ،

مِنْ‭ ‬رؤيا‭ ‬مُرَصّعةٍ،

بأسرارِ‭ ‬البيانِ‭.‬

مُتناسِقينِ‭...‬

كخاطرين‭ ‬على‭ ‬رداءِ‭ ‬الليلِ،

يجمعنا‭ ‬ائتلافُ‭ ‬اللونِ،

في‭ ‬خيطِ‭ ‬الغُموضِ،

بلا‭ ‬انقطاعٍ‭...‬

أو‭ ‬تَوانِ‭...!!‬

حتىّ‭ ‬إذا‭ ‬اختصرتْ‭ ‬جناحُ‭ ‬الريحِ،

أطرافَ‭ ‬المسافةِ،

لم‭ ‬نكُنْ‭ ‬في‭ ‬العُمْرِ،

غيرَ‭ ‬اللحنِ‭ ‬مُنْسَكِباً

على‭ ‬وَتَرَ‭ ‬الكمانِ‭.‬

في‭ ‬الليلِ‭ ‬كم‭ ‬نتذكرُ‭ ‬الماضي،‭ ‬

ونُضْمِرُهُ‭...‬

وَنْنسى‭ ‬أنّنا‭ ‬في‭ ‬حاضرٍ‭ ‬عَبِقٍ

بذكرى‭...‬

سوف‭ ‬تُصبحُ‭ ‬ماضيًا‭...‬

فنسيرُ‭ ‬متفقينِ،‭ ‬مُخْتلفينِ،

مُتجهين،‭ ‬نحو‭ ‬مشارفِ‭ ‬الآتي،

ولا‭ ‬يبقى‭ ‬بأيدينا‭...‬

سوى‭ ‬جَمْرِ‭ ‬الثواني‭.‬

‭(‬3‭)‬

حدّقْتُ‭ ‬في‭ ‬قَلْبِ‭ ‬الظلامِ،

قرأتُ‭ ‬بُرْجَ‭ ‬الليلِ،

تحرُسُهُ‭ ‬الظُّنونُ،

وتكتبُ‭ ‬الأفلاكُ‭ ‬سيرتَهُ،

على‭ ‬كفّ‭ ‬الأماني‭...!‬

في‭ ‬الليلِ‭ ‬كنتُ‭ ‬أتابعُ‭ ‬الغيمَ‭ ‬المسافرَ

في‭ ‬السماءِ،

وأقتفي‭ ‬أَشْكالهُ،

فتسيرُ‭ ‬قطعانُ‭ ‬الغيوم‭ ‬إلى‭ ‬البعيدِ،

وتختفي‭ ‬عبر‭ ‬المسافة‭ ‬غيمةٌ،

وتضيعُ‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬الجهاتِ،

‮«‬ولا‭ ‬تعودُ‭ ‬لأُمّها‮»‬‭...‬

فكأنها‭ ‬نَفَسٌ،

تبخَّرَ‭ ‬في‭ ‬السَّماءِ

لدى‭ ‬العيانِ‭.‬

‭(‬4‭)‬

في‭ ‬الليلِ‭...‬

عُدْتُ‭ ‬إليك

كُنتِ‭ ‬رفيقةَ‭ ‬النَّجمِ،

الشريكةَ‭ ‬في‭ ‬العناءِ،

وما‭ ‬قَطَفْتُ‭ ‬سوى‭ ‬هديلِ‭ ‬الروحِ،

يَسْري‭ ‬في‭ ‬الحياة،

بلا‭ ‬لسانِ‭.‬

صوتانِ‭ ‬نحنُ،

وحالتانِ‭ ‬من‭ ‬التّماهي،

في‭ ‬التّجلّي‭ ‬والخفاءِ،

لنا‭ ‬اعترافُ‭ ‬الليلِ،

في‭ ‬وَلَع‭ ‬الأحبّةِ‭ ‬بالتراسُلِ،

عَبْرَ‭ ‬زغردةِ‭ ‬الحواسِّ‭..‬

بهَدْأةِ‭ ‬الليلِ،

التي‭ ‬ترتاحُ‭ ‬فينا‭...‬

حين‭ ‬يُضْمِرنا‭ ‬الهوى‭...‬

مُتَهادياً‭ ‬في‭ ‬موكبِ‭ ‬النبضِ‭ ‬السَّخيِّ،

إلى‭ ‬حدودِ‭ ‬النّجمِ،

سيِّدِ‭ ‬ليلِنا‭...‬

ووحيدِنا‭ ‬الصّاحي‭ ‬على‭ ‬دَمِنا‭..‬

وحارس‭ ‬عِشْقِنا‭ ‬مما‭ ‬نُعَاني‭!!‬