علاقات متأرجحة
(بين زوج و زوجته )
هي أستاذة جامعية مرموقة، أم لابنة وابن، وزوجة لطبيب شهير، كانت تعيش حياة ناجحة في الوسطين الجامعي والثقافي، إلى أن وقع ما أدى إلى أن تكون محور هذه القصة المحيّرة. فذات يوم كانت في «السوبر ماركت» القريب من سكنها فهاجمها شخص بعد أن خرجت منه، محاولا انتزاع حقيبة يدها، تشبثت عبثاً بها، ما أدى إلى سقوطها على أرض الطريق وسحلها ونجاحه في اختطاف حقيبتها بما فيها من مال وأوراق، بطاقة شخصية وأخرى بنكية ورخصة سيارة، تاركاً إصابة في رأسها تنزف دماءها، ما تتطلب بعض الغرز من طبيبها الجراح.
وقف زوجها إلى جانبها في محنتها، سواء في إبلاغ الشرطة التي اتضح أنها مشغولة بما هو أهم - ثورات المعارضين للحكم ذ أو في استخراج ما فقدته من أوراق رسمية، وإن كان بعضهم قد اتصل بهما - مشكوراً
ذ تليفونياً ليبلغهما أنه عثر بجوار إحدى سلال القمامة على أوراق بها اسم ورقم تليفون الأستاذة، واتفق على موعد ومكان للقاء، وتم فعلا استرداد ما عثر عليه، ما وفر عليهما بعض المشقة.
لكن بعد بضعة أيام وقع حادث مماثل، وإن اختلفت بعض التفاصيل، فقد كانت الأستاذة تهم بتحريك سيارتها من أمام كليتها فبادرها شخص في مقتبل العمر تبدو عليه أناقة الهندام يسألها عن عنوان ما، فلما همت بإجابته اختطف الحقيبة التي في يدها ولاذ بالفرار، ولولا أن مفاتيح السيارة والفيلا كانت في يدها في المرتين استعداداً للانطلاق بالسيارة لكانت المشكلة أكثر تعقيداً.
هنا نشأت مشكلة بين الزوجين، فهو يقترح، بل يشترط وجود سائق معها لعله يحميها من تكرار هذا العدوان الذي يهددها ويجبرهما على القيام بمجهود لاستخراج نسخ مما فقدته من أوراق رسمية لا غنى عنها، فضلاً عن الأموال التي كان من بينها دولارات، ثم إصابتها بالفزع والجروح، لكنها ترفض هذا الاقتراح وتعتبره ليس حلاً بل قيداً وتعقيداً للمشكلة وامتداداً للعدوان عليها وعقاباً يضاف إلى الصدمتين اللتين تعرضت لهما، بينما هو يرى أن في اقتراحه بعضاً من الحماية لها، وبعض الطمأنينة له أثناء غيابها عنه في وظيفتها الجامعية، وهو كالدواء الذي يصفه لبعض مرضاه، الذي إذا كان فيه بعض المرارة ففيه أمل الشفاء. ولما أصرت على رفض اقتراحه هدد بأنه لن يسمح لها بالاستمرار في أداء دورها الجامعي، الذي ترى هي أن قيامها بواجباتها الأسرية إن كان يحقق نصف وجودها، فإن قيامها بدورها الجامعي يحقق نصفه الآخر، الذي يوازيه في الأهمية، إن لم يكن هو الذي يعينها على تحمل الأعباء الأسرية التي تتفرد بها دون زوجها.
وأختتم كلماتي متسائلاً: في أي جانب يقف القارئ في هذا النزاع الأسري إن هي أو هو حدث معه؟ وهل يا ترى إجابتك تدل على شخصيتك يميناً أو يساراً؟
بين محب ومحبوبته أحد وجهي العملة
القلب والعقل هنا بمعناهما الشعبي المتداول وليس بالمعنى العلمي، فالقلب هنا مقرون بالانفعال، والعقل مقرون بالتفكير المتزن، وهما يتصارعان في نفسية صديقي الذي بلغ من العمر ستين عاماً حين تبادل الحب مع شابة في الثلاثين، رآها فائقة الجمال... جمال الجسد والظرف والإبداع، فقد كان هو أيضاً مبدعاً، وتلك هي الشرارة الأولى للعلاقة بين الطرفين، ومن هنا أيضاً كانت صداقتي الحميمة معه واطلاعي على أسراره العاطفية وبعض إبداعاته قبل نشرها. وكان يمكن أن تكون هذه العلاقة مألوفة ذ رغم فارق العمر الذي تتجاهله العواطف ذ لولا أن برز بينهما ثالث في منتصف العمر تقريباً ذ في السابعة والأربعين ذ يشاركهما الهواية نفسها، حيث بدأ الشك يغزو صديقي في مدى التقارب بين فائقة الجمال وهذا الوافد الجديد. ورغم أنها صارحت صديقي، حين أبدى ما ساوره من شكوك، بأن مشاعرها له وحده، فإنه كان هناك أكثر من دليل على هذه الريبة: تبادل اللقاءات بينهما، تبادل التقدير لما يبدعان، لهذا جاء صديقي يبثني شكوكه معلنا أن الأفعال أقوى من الأقوال، فهما يلتقيان، وفي اجتماعات عامة يجتمع ثلاثتهم مع آخرين، يتهامسان وهو العجوز بينهما، بل وترافقه في سيارته، فسكناهما متجاوران، حين يعودان بعد اجتماعات مشتركة تضم ثلاثتهم مع آخرين، بل لقد شاركته في مؤتمر خارجي بدعوة منه. وصديقي الآن يخوض صراعاً بين قلب يرفض إلا أن تكون له، وعقل يقول له إنها حرة، ولا تجعل من حبك قيداً عليها، بل تحريراً لها، ولتجعل من حبكما نعمة لا نقمة، فهي لم تضع عليك قيداً، بل أنت الذي وضعته بكامل حريتك، ولا تعتنق ذلك الحب الهمجي الذي يدفع العاشق إلى قتل محبوبته إن هي فتر حبها أو اندفعت نحو غيره، واستمتع بالجانب الإيجابي في هذه العلاقة التي تصفها أنت بالخلاقة، واعترف بحريتها التي لولاها ما بادلتك عاطفتك، واجعل من حبكما نعمة تجني جانبها الإيجابي، ولا تقلبها غماً ذ عكس المقصود منها ذ استمتع بالإيجابيات ولا تقلبها سلبيات، وإلا فلماذا خلق الله لنا الجمال؟ ليس جمال الشكل فقط، بل - بالنسبة للإنسان - جمال الشخصية.
التحت
بين حبيبين آخرين
الوجه الآخر للعملة
قال الراوي
اتسعت لقاءاتك،
فضاقت لقاءاتنا.
وصرت أشحذها،
فلا أحصل عليها.
تؤجلينني إلى ما يتيسر،
وما يتيسر لا يأتي.
فأنتِ مزدحمة بما يغمض عينيك عني،
وأخشى أن يكون قد أغمض قلبك أيضاً.
* * *
تحسنين عليّ بفتات وقتك،
و أنا أهبكِ كنوز مشاعري وزبدة وقتي.
وكل ما أتوهم أنه يساهم ولو لحظة في إسعادك.
* * *
تُشعرينني أنني ألتقي ببقاياكِ،
بعدما كنت ألتقي بكيانكِ عقلا وعاطفة،
تذكّرينني بتجربة عاصفة في شبابي، فهل ثمة نُذُر لبعثها؟
لعبنا معا بفخاخ القدر،
والتخلص من الشبكة ليس بلذة اقتحامها.
حنانكِ وحده يعفيني من مذاق أي مرارة مقبلة.
الفوق
سري جداً
عندما يقول لها: أحبك تتمتم سعيدة:
وأنا أيضاً، وعندما يصفها بأنها ثلاثية الجمال تحتج مبتسمة مصححة: بل خماسيته.
....
أرجو أن نسعد بأجمل علاقة إنسانية لا تتاح الآن إلا نادراً، لأن معظم العلاقات المماثلة يناوشها ما يهدمها، ولا شك أن لك أكثر من تجربة تؤيد ذلك، فلنقبض على اللحظة إلى أن يأتي هادم السعادات ومفرق اللقاءات .