«المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية» شمس كويتية سطعت في سماء العالم

«المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية» شمس كويتية سطعت  في سماء العالم

بدا‭ ‬من‭ ‬زجاج‭ ‬السيارة،‭ ‬حين‭ ‬توقفت‭ ‬أمامه،‭ ‬شامخاً‭ ‬متأنقاً،‭ ‬يحسبه‭ ‬الناظر‭ ‬إليه‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬متحفاً‭ ‬معماريّاً‭ ‬شُيِّد‭ ‬مقصداً‭ ‬للزائرين،‭ ‬على‭ ‬نسق‭ ‬يحمل‭ ‬روح‭ ‬الفن‭ ‬المعماري‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬يسرُّ‭ ‬الناظرين،‭ ‬لاحت‭ ‬لي‭ ‬ابتسامة‭ ‬رُسمت‭ ‬على‭ ‬محياه‭... ‬ابتسامة‭ ‬مزجت‭ ‬بين‭ ‬الزهو‭ ‬بما‭ ‬مضى‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬وانقضى،‭ ‬والحسرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أمسى‭ ‬فيه‭ ‬الحال‭ ‬واغتدى‭... ‬ابتسامة‭ ‬تحمل‭ ‬خلفها‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحكيها،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬لها‭ ‬آذاناً‭ ‬صاغية،‭ ‬ولا‭ ‬عقولاً‭ ‬واعية،‭ ‬فالقلوب‭ ‬عما‭ ‬يقول‭ ‬لاهية،‭ ‬فغدا‭ ‬يقص‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬مخافة‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬أمسه‭.. ‬حاملاً‭ ‬على‭ ‬صدره‭ ‬لافتة‭ ‬ضخمة‭ ‬مكتوباً‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬المنظمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬للعلوم‭ ‬الطبية‮».‬

لا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬خيِّل‭ ‬إليَّ،‭ ‬لما‭ ‬ترجلتُ‭ ‬تجاه‭ ‬بوابته‭ ‬الخارجية‭ ‬للولوج‭ ‬إليه،‭ ‬أن‭ ‬مؤتمراً‭ ‬طبيّاً‭ ‬منعقداً‭ ‬فيه‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬ثلة‭ ‬من‭ ‬قدامى‭ ‬عمالقة‭ ‬الطب‭ ‬وفلسفته،‭ ‬تضم‭ ‬أبا‭ ‬بكر‭ ‬الرازي‭ ‬وابن‭ ‬سينا‭ ‬والزهراوي‭ ‬وداود‭ ‬الأنطاكي‭ ‬وابن‭ ‬البيطار‭ ‬الأندلسي‭ ‬وغيرهم،‭ ‬على‭ ‬تباعد‭ ‬الأزمنة‭ ‬بينهم‭!‬

مسافة‭ ‬قصيرة‭ ‬بين‭ ‬البوابة‭ ‬الخارجية‭ ‬والباب‭ ‬الزجاجي‭ ‬الرئيس‭ ‬للمبنى،‭ ‬مشيتها‭ ‬وأنا‭ ‬أشعر‭ ‬أني‭ ‬أسير‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬تليد،‭ ‬تحملني‭ ‬إليه‭ ‬قسمات‭ ‬هذا‭ ‬المبنى‭ ‬وملامحه،‭ ‬ممتطياً‭ ‬ظهر‭ ‬سنين‭ ‬ممتدة،‭ ‬لأقلب‭ ‬البصر‭ ‬في‭ ‬عواصم‭ ‬طبية‭ ‬كانت‭ ‬عامرة‭ ‬إبّان‭ ‬أزمنة‭ ‬أورقت‭ ‬أشجارها،‭ ‬وأينعت‭ ‬ثمارها،‭ ‬وبسق‭ ‬نخيلها،‭ ‬واخضر‭ ‬عودها،‭ ‬وتفتحت‭ ‬أزهارها،‭ ‬وتراقصت‭ ‬على‭ ‬الأفنان‭ ‬بلابلها،‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬ملأت‭ ‬الدنيا‭ ‬وشغلت‭ ‬الناس‭ ‬حيناً‭ ‬غير‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬الدهر‭.. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمنة‭ ‬تولت‭ ‬غاضبة،‭ ‬وانقضت‭ ‬راهبة‭ ‬غير‭ ‬راغبة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضيع‭ ‬الأبناء‭ ‬ميراث‭ ‬الأجداد‭ ‬والآباء،‭ ‬فتفرق‭ ‬في‭ ‬العالمين،‭ ‬وتقاسمه‭ ‬كل‭ ‬الأبعدين‭ ‬والأقربين،‭ ‬إلا‭ ‬الورثة‭ ‬الأصليين،‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬عالة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬اهتبلوا‭ ‬الفرصة‭ ‬وتسيدوا‭ ‬الموقف،‭ ‬وبنوا‭ ‬بنيانهم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ثابت‭ ‬مما‭ ‬غنموه،‭ ‬وقواعد‭ ‬عتية‭ ‬مما‭ ‬سلبوه،‭ ‬فدالت‭ ‬الأيام‭ ‬وتبدلت‭ ‬المواقع،‭ ‬فارتد‭ ‬البصر‭ ‬خاسئاً‭ ‬وهو‭ ‬حسير‭.‬

دفعتُ‭ ‬الباب‭ ‬الزجاجي‭ ‬ذا‭ ‬المقبض‭ ‬الذهبي‭ ‬الضخم،‭ ‬لأجد‭ ‬نفسي‭ ‬أمام‭ ‬بهو‭ ‬كبير‭ ‬تحوط‭ ‬به‭ ‬أربعة‭ ‬أروقة‭.. ‬بضعة‭ ‬أمتار‭ ‬تفصل‭ ‬الباب‭ ‬عن‭ ‬سلم‭ ‬رخامي،‭ ‬كأنما‭ ‬علقت‭ ‬كل‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬درجاته‭ ‬منفردة‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬فيستند‭ ‬الصاعد‭ ‬لاإراديّاً‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬درابزين‮»‬‭ ‬ذهبي‭ ‬لامع،‭ ‬معلق‭ ‬فوق‭ ‬ألواح‭ ‬من‭ ‬الزجاج‭ ‬المقوى،‭ ‬المزخرف‭ ‬بالنقوش‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الإسلامي‭.. ‬ينتهي‭ ‬دور‭ ‬هذا‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الأول،‭ ‬وعلى‭ ‬الصاعد‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الثاني‭ ‬الأخير‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬المصعد‭ ‬الكهربائي‭ ‬الذي‭ ‬تبدأ‭ ‬محطاته‭ ‬من‭ ‬مرآب‭ ‬السيارات‭ ‬بالأسفل‭.‬

شرفات‭ ‬الأروقة‭ ‬الأربعة‭ ‬في‭ ‬الطابقين‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬نافورة‭ ‬مياه‭ ‬يقطع‭ ‬خريرها‭ ‬صمتاً‭ ‬وقوراً‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬الأجواء،‭ ‬أما‭ ‬السقف‭ ‬فمغطى‭ ‬بزجاج‭ ‬قبة‭ ‬تنفذ‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬إضاءة‭ ‬طبيعية‭ ‬تعم‭ ‬أرجاء‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬غدا‭ ‬باسماً‭ ‬كوجوه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تلقاه‭ ‬هناك‭.‬

المؤتمر‭ ‬الذي‭ ‬تخيلته‭ ‬منذ‭ ‬لحظات‭ ‬منعقداً‭ ‬داخل‭ ‬المبنى،‭ ‬كان‭ ‬قائماً‭ ‬بالفعل،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬المؤتمرات‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الفخمة،‭ ‬إنما‭ ‬على‭ ‬أرفف‭ ‬المكتبة‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬حوت‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬ألفافاً،‭ ‬من‭ ‬ذكرتهم‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬النطاسيين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬كانوا‭ ‬حاضرين‭ ‬بقوة‭.. ‬كانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬الحقيقية‭ ‬احتواء‭ ‬المكتبة‭ ‬على‭ ‬موسوعات‭ ‬تاريخية‭ ‬ولغوية‭ ‬وأدبية‭ ‬وفكرية‭ ‬وفقهية‭... ‬وغيرها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬المراجع‭ ‬والدوريات‭ ‬والأبحاث‭ ‬الطبية‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭. ‬مساحة‭ ‬المكتبة‭ ‬التي‭ ‬امتلأت‭ ‬عن‭ ‬آخرها،‭ ‬ورُتبت‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة،‭ ‬شغلت‭ ‬رواقاً‭ ‬كاملاً‭ ‬من‭ ‬الأروقة‭ ‬الأربعة،‭ ‬هو‭ ‬الرواق‭ ‬المواجه‭ ‬للباب‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬العلوي‭.‬

تحدثنا‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬مؤسسي‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬العالمي‭ ‬العملاق‭ ‬الذي‭ ‬تحتضنه‭ ‬الكويت،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬رعته‭ ‬وليداً،‭ ‬قبل‭ ‬36 عاماً،‭ ‬حتى‭ ‬غدا‭ ‬فتيّاً‭ ‬يافعاً‭... ‬فكان‭ ‬خير‭ ‬هدية‭ ‬تقدمها‭ ‬الكويت‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭.‬

‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬الأيقونة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬المنظمة،‭ ‬د‭. ‬عبدالرحمن‭ ‬العوضي،‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬الأسبق‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬ورئيس‭ ‬المنظمة،‭ ‬وكان‭ ‬السؤال‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬هرم‭ ‬الإنجازات‭: ‬36‭ ‬عاماً‭ ‬تقريباً‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬المنظمة‭.. ‬كيف‭ ‬ترون‭ ‬هذه‭ ‬المسيرة؟‭ ‬فأجاب‭: ‬نالت‭ ‬المنظمة‭ ‬عضوية‭ ‬في‭ ‬مجمع‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي‭ ‬الدولي‭ ‬واليونسكو‭ ‬والإيسيسكو‭ ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الـcioms،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬والجهات‭ ‬الدولية،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬اعتماداً‭ ‬أساسيّاً‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬الطبية‭.‬

 

تقنين‭ ‬فتاوى‭ ‬المستجدات‭ ‬الطبية

كما‭ ‬أن‭ ‬المنظمة‭ ‬لها‭ ‬كلمة‭ ‬مسموعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬حتى‭ ‬إنه‭ ‬لما‭ ‬ظهر‭ ‬موضوع‭ ‬الاستنساخ‭ ‬خاطب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كلينتون‭ ‬وقتئذٍ،‭ ‬المنظمة‭ ‬لمعرفة‭ ‬رأيها،‭ ‬وكنا‭ ‬قد‭ ‬عقدنا‭ ‬ندوة‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬فأرسلنا‭ ‬له‭ ‬التوصيات،‭ ‬لأننا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬نجمع‭ ‬كبار‭ ‬الفقهاء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬على‭ ‬تنوع‭ ‬مذاهبهم‭ ‬واختلاف‭ ‬أفكارهم،‭ ‬لاسيما‭ ‬التابعين‭ ‬للجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬الكبرى‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬عالميّاً،‭ ‬مثل‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬ومعهم‭ ‬أطباء‭ ‬وصيادلة‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي،‭ ‬وكذلك‭ ‬رجال‭ ‬قانون‭ ‬واجتماع‭ ‬وعلم‭ ‬نفس،‭ ‬وكل‭ ‬يدلي‭ ‬بدلوه‭ ‬في‭ ‬المسألة،‭ ‬ونخرج‭ ‬بنتائج‭ ‬نهائية‭ ‬يتفق‭ ‬عليها‭ ‬الجميع،‭ ‬بعد‭ ‬مناقشات‭ ‬ممتدة،‭ ‬ثم‭ ‬ترفع‭ ‬التوصيات‭ ‬إلى‭ ‬مجمع‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي‭ ‬وتناقش‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ثم‭ ‬توزع‭ ‬على‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬كنتائج‭ ‬نهائية‭ ‬معتمدة،‭ ‬فعملت‭ ‬المنظمة‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬الفتوى‭ ‬في‭ ‬المستجدات‭ ‬الطبية،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

وأسهمت‭ ‬المنظمة‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬تقنين‭ ‬تلك‭ ‬المستجدات،‭ ‬فقد‭ ‬استعانت‭ ‬الجهات‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بالمنظمة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬قوانين‭ ‬ممارسة‭ ‬تلك‭ ‬المستجدات،‭ ‬لتعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭ ‬كلها‭.‬

 

مركز‭ ‬الطب‭ ‬الإسلامي

كذلك‭ ‬أنشأنا‭ ‬مركزاً‭ ‬للطب‭ ‬الإسلامي‭ ‬مازال‭ ‬يقدم‭ ‬خدماته‭ ‬محليّاً‭ ‬ودوليّاً،‭ ‬ومن‭ ‬أسف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬المباني‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬للعدوان‭ ‬العراقي‭ ‬الغاشم،‭ ‬بسبب‭ ‬قربه‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الكويتية،‭ ‬فتهدم‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه،‭ ‬وسُرق‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬وأجهزة‭ ‬طبية‭ ‬وملفات‭ ‬للمرضى،‭ ‬ما‭ ‬ألجأنا‭ ‬بعد‭ ‬انقشاع‭ ‬الغمة‭ ‬إلى‭ ‬البدء‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ولا‭ ‬ينسى‭ ‬تاريخ‭ ‬المنظمة‭ ‬ومركز‭ ‬الطب‭ ‬الإسلامي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬أنشئ‭ ‬بتبرع‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬المرحوم‭ ‬يوسف‭ ‬المرزوق‭.‬

وحول‭ ‬ذكرياته‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬إنشاء‭ ‬المنظمة‭ ‬قال‭ ‬
د‭. ‬العوضي‭: ‬لما‭ ‬فكرنا‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة،‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬الهجري،‭ ‬وطال‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الطيبة،‭ ‬فثارت‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬موقعنا‭ ‬في‭ ‬حضارة‭ ‬العالم‭ ‬قديماً‭ ‬وحديثاً،‭ ‬وهل‭ ‬لنا‭ ‬دور‭ ‬حقيقي‭ ‬فيها؟‭ ‬وأين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬المستجدات‭ ‬الطبية‭ ‬المتلاحقة؟‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬وغيرها‭ ‬طُرحت‭ ‬وسط‭ ‬تلاطم‭ ‬موجات‭ ‬عاتية‭ ‬ومحاولات‭ ‬مستميتة‭ ‬للتجني‭ ‬على‭ ‬تراثنا‭ ‬الطبي‭ ‬الهائل‭.‬

والمنصفون‭ ‬من‭ ‬مؤرخي‭ ‬الغرب‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬العلوم‭ ‬عامة،‭ ‬والطب‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬ازدهرت‭ ‬وترعرعت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬خمسة‭ ‬قرون‭ ‬كان‭ ‬إنتاجنا‭ ‬خلالها‭ ‬الغذاء‭ ‬الذي‭ ‬نهلت‭ ‬منه‭ ‬أوربا‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬نهضتها،‭ ‬ولمعت‭ ‬أسماء‭ ‬لأطباء‭ ‬أعلام،‭ ‬مثل‭ ‬الرازي‭ ‬وابن‭ ‬سينا‭ ‬وابن‭ ‬النفيس‭ ‬والزهراوي‭ ‬وابن‭ ‬البيطار،‭ ‬وترجمت‭ ‬أعمالهم‭ ‬إلى‭ ‬اللغات‭ ‬الحية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬فصارت‭ ‬علومهم‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬الحضارة‭ ‬الأوربية‭ ‬التي‭ ‬أدارت‭ ‬لنا‭ ‬ظهرها،‭ ‬وقلبت‭ ‬لنا‭ ‬ظهر‭ ‬المجن،‭ ‬وتنكرت‭ ‬لما‭ ‬قدمناه،‭ ‬وظهرت‭ ‬مؤلفاتهم‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذكر‭ ‬لأهل‭ ‬الفضل،‭ ‬بل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬التجني‭ ‬ما‭ ‬يوجب‭ ‬التصدي‭ ‬له‭.‬

وتابع‭ ‬د‭. ‬العوضي‭ ‬حديثه‭ ‬في‭ ‬تأسف‭: ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬ونحن‭ ‬نقتفي‭ ‬أثر‭ ‬الأقدمين‭ ‬في‭ ‬محاكاة‭ ‬عاجزة‭ ‬أوقفت‭ ‬قدرتنا‭ ‬على‭ ‬الإبداع،‭ ‬مهملين‭ ‬قيمة‭ ‬العقل‭ ‬والفكر‭ ‬المستنير،‭ ‬فانحسرت‭ ‬حضارتنا‭ ‬وتراجعت،‭ ‬فكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬تراثنا‭ ‬الطبي‭ ‬واكتشاف‭ ‬أسباب‭ ‬قوته‭ ‬وإحيائها،‭ ‬فالتراث‭ ‬للأمة‭ ‬كغذاء‭ ‬الأم‭ ‬لرضيعها‭... ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬الغذاء‭ ‬مكتمل‭ ‬العناصر‭ ‬كان‭ ‬الطفل‭ ‬مكتمل‭ ‬الصحة،‭ ‬وبهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إنه‭ ‬يخطئ‭ ‬من‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬الفكر‭ ‬الطبي‭ ‬الآن‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬سبق،‭ ‬فالعكس‭ ‬صحيح،‭ ‬لأن‭ ‬الطب‭ ‬قديماً‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنظيم‭ ‬أنماط‭ ‬الحياة،‭ ‬أي‭ ‬الوقاية،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فالأمر‭ ‬كله‭ ‬منصب‭ ‬على‭ ‬العلاج‭.‬

 

أخلاق‭ ‬الطب

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬تصدي‭ ‬الفلاسفة‭ ‬ورجال‭ ‬الاجتماع‭ ‬والدين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬لمارد‭ ‬الهندسة‭ ‬الوراثية،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬بما‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬مضار‭ ‬للإنسانية،‭ ‬وصيحات‭ ‬إبعاد‭ ‬الطب‭ ‬عن‭ ‬الأخلاق،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬الدينية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لنا‭ ‬صوت‭ ‬مسموع‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬شتاتاً‭ ‬من‭ ‬اجتهادات‭ ‬فردية‭ ‬استُغلت‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬صورتنا‭... ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬دعانا‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬منظمة‭ ‬عالمية‭ ‬يناط‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬المهمة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وقد‭ ‬لاقت‭ ‬الفكرة‭ ‬صدى‭ ‬كبيراً‭ ‬وكتب‭ ‬لها‭ ‬القبول‭.‬

وأشاد‭ ‬د‭. ‬العوضي‭ ‬باليد‭ ‬البيضاء‭ ‬لسمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬قائلاً‭: ‬لما‭ ‬عَرضتُ‭ ‬عليه‭ ‬الفكرة‭ ‬سُرُّ‭ ‬بها‭ ‬كثيراً،‭ ‬ووافق‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬وكان‭ ‬يتابع‭ ‬اجتماعاتنا،‭ ‬ويسأل‭ ‬عن‭ ‬آخر‭ ‬التطورات،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬بترجمة‭ ‬بعض‭ ‬إصداراتنا‭ ‬وتوزيعها‭ ‬في‭ ‬مؤتمرات‭ ‬القمة‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬العالم،‭ ‬مفتخراً‭ ‬بهذه‭ ‬الجهود‭ ‬الفريدة‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الكويت‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭.‬

وقد‭ ‬عقدت‭ ‬المنظمة‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الطبية‭ ‬العالمية‭ ‬والندوات‭ ‬المحلية،‭ ‬كان‭ ‬أولها‭ ‬عن‭ ‬مفهوم‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭ ‬وما‭ ‬استجد‭ ‬حولهما‭ ‬من‭ ‬مستجدات‭ ‬طبية،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عليهما‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬تتعلق‭ ‬بنقل‭ ‬الأعضاء‭ ‬وغير‭ ‬ذلك،‭ ‬وآخرها‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬الطبية‭ ‬غير‭ ‬العمدية‮»‬‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2015،‭ ‬وناقشت‭ ‬المنظمة‭ ‬كل‭ ‬المستجدات‭ ‬بجرأة‭ ‬وشجاعة،‭ ‬وأصدرت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬والأبحاث‭ ‬والمطبوعات‭ ‬والنشرات‭ ‬التي‭ ‬ترجمت‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الميثاق‭ ‬العالمي‭ ‬للأخلاقيات‭ ‬الطبية‭ ‬والصحية‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬مفخرة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

وعن‭ ‬الهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬للمنظمة‭ ‬قال‭ ‬العوضي‭: ‬ينقسم‭ ‬أعضاء‭ ‬المنظمة‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬فئات‭: ‬أعضاء‭ ‬شرف‭ ‬وأعضاء‭ ‬عاملين،‭ ‬وأعضاء‭ ‬منتسبين،‭ ‬وهم‭ ‬ممثلو‭ ‬الجمعيات‭ ‬أو‭ ‬المراكز‭ ‬الطبية،‭ ‬وتكون‭ ‬عضوية‭ ‬المنظمة‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬يقدم‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمناء‭ ‬يقر‭ ‬فيه‭ ‬العضو‭ ‬بالالتزام‭ ‬بأحكام‭ ‬قوانين‭ ‬المنظمة‭ ‬ولوائحها‭ ‬وأنظمتها،‭ ‬وتتكون‭ ‬أجهزة‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمناء‭ ‬واللجنة‭ ‬التنفيذية‭ ‬والأمانة‭ ‬العامة،‭ ‬ولكل‭ ‬اختصاصاته‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬المرسوم‭ ‬الأميري‭ ‬بالمنظمة‭.‬

 

‭***‬

ثاني‭ ‬المؤسسين‭ ‬الذين‭ ‬تحدثنا‭ ‬إليهم‭ ‬كان‭ ‬المستشار‭ ‬عبدالله‭ ‬العيسى،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬المنظمة،‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء،‭ ‬والمحكمة‭ ‬الدستورية،‭ ‬ومحكمة‭ ‬التمييز‭ ‬بدولة‭ ‬الكويت‭ ‬الذي‭ ‬قال‭: ‬كان‭ ‬لي‭ ‬الشرف‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬المؤسسين‭ ‬الأُوَل‭ ‬لهذه‭ ‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬أضافت‭ ‬إلي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬ثقافة‭ ‬ثرية‭ ‬حول‭ ‬المستجدات‭ ‬الطبية‭ ‬والآراء‭ ‬حولها،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬لأحصلها‭ ‬لولا‭ ‬ارتباطي‭ ‬بالمنظمة‭.. ‬أما‭ ‬ذكرياتي‭ ‬مع‭ ‬المنظمة‭ ‬فكثيرة‭ ‬لا‭ ‬يتسع‭ ‬لها‭ ‬المقام،‭ ‬لعل‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬لقاءاتنا‭ ‬مع‭ ‬رجالات‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والطب‭ ‬والقانون‭ ‬والفقه،‭ ‬خلال‭ ‬المؤتمرات‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نعقدها‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬ومصر‭ ‬وتركيا‭ ‬والمغرب‭ ‬والباكستان‭... ‬وغيرها،‭ ‬وكنا‭ ‬نعجب‭ ‬إذا‭ ‬أعلنت‭ ‬المنظمة‭ ‬عن‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬تشوُّف‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬إلى‭ ‬حضوره،‭ ‬لما‭ ‬سيسمعونه‭ ‬من‭ ‬آراء‭ ‬ومحاضرات‭ ‬لا‭ ‬يسمعونها‭ ‬مجتمعة‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬مؤتمرات‭ ‬المنظمة،‭ ‬ثم‭ ‬يزداد‭ ‬العجب‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬المراسلات‭ ‬التي‭ ‬تسأل‭ ‬عن‭ ‬توصيات‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والأبحاث‭ ‬والإصدارات‭ ‬المطبوعة‭ ‬وغيرها‭.‬

ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أؤكده‭ ‬أن‭ ‬المنظمة‭ ‬لاقت‭ ‬قبولاً‭ ‬عجيباً‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬لاسيما‭ ‬عند‭ ‬أهلنا‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب،‭ ‬إذ‭ ‬كانوا‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬إجابات‭ ‬شافية‭ ‬حول‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المستحدثات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطب،‭ ‬فكانت‭ ‬المنظمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬نقلة‭ ‬ضخمة‭.‬

 

مصداقية‭ ‬عالمية

وعن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬المنظمة،‭ ‬قال‭ ‬المستشار‭ ‬العيسى‭: ‬تميزت‭ ‬المنظمة‭ ‬عبر‭ ‬رحلتها‭ ‬الطويلة‭ ‬بعملها‭ ‬الدؤوب‭ ‬المنظم‭ ‬الشامل‭ ‬لكل‭ ‬المستجدات‭ ‬الطبية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وثقته‭ ‬إصداراتها‭ ‬المطبوعة‭ ‬وصفحتها‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬هيئة‭ ‬ذات‭ ‬مصداقية‭ ‬عالمية‭.‬

أما‭ ‬عطاء‭ ‬الكويت‭ ‬للمنظمة،‭ ‬فقال‭ ‬عنه‭ ‬العيسى‭: ‬الكويت‭ ‬أنشأت‭ ‬المنظمة‭ ‬ورعتها‭ ‬ماليّاً‭ ‬وأنفقت‭ ‬عليها‭ ‬بسخاء،‭ ‬وشيدت‭ ‬لها‭ ‬مبنى‭ ‬فخماً‭ ‬مستقلّاً،‭ ‬ولم‭ ‬تعق‭ ‬عملها‭ ‬أو‭ ‬تتدخل‭ ‬فيه‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال،‭ ‬وفوق‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬أن‭ ‬ضيوف‭ ‬المنظمة‭ ‬يُستقبلون‭ ‬استقبالاً‭ ‬رسميّاً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬وسمو‭ ‬ولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين،‭ ‬وآمل‭ ‬للمنظمة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بلغنا‭ ‬هذا‭ ‬العمر‭ ‬أنا‭ ‬وجيل‭ ‬المؤسسين،‭ ‬أن‭ ‬تُضخ‭ ‬فيها‭ ‬دماء‭ ‬جديدة‭ ‬تحمل‭ ‬اللواء‭ ‬من‭ ‬بعدنا،‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬قاربت‭ ‬على‭ ‬أربعين‭ ‬عاماً‭.‬

وختم‭ ‬المستشار‭ ‬عبدالله‭ ‬العيسى‭ ‬كلامه‭ ‬بتحية‭ ‬مجلة‭ ‬العربي،‭ ‬قائلاً‭: ‬لقيت‭ ‬بعض‭ ‬الإخوة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬يترقبون‭ ‬شهريّاً‭ ‬صدور‭ ‬المجلة‭ ‬ويحتفون‭ ‬بها‭ ‬حفاوة‭ ‬بالغة،‭ ‬ويؤكدون‭ ‬أنها‭ ‬صدى‭ ‬حقيقي‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬ودورها‭ ‬الرائد،‭ ‬بما‭ ‬تنشره‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وبما‭ ‬تحدثه‭ ‬من‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬والإبداع‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬اللقاء‭ ‬الثالث‭ ‬مع‭ ‬د‭.‬أحمد‭ ‬رجائي‭ ‬الجندي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬المساعد‭ ‬للمنظمة،‭ ‬سألناه‭: ‬كيف‭ ‬ولدت‭ ‬فكرة‭ ‬المنظمة؟‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬كانت‭ ‬البداية؟‭ ‬فأسند‭ ‬ظهره‭ ‬إلى‭ ‬كرسي‭ ‬مكتبه،‭ ‬وأخذ‭ ‬نفساً‭ ‬عميقاً،‭ ‬ولم‭ ‬تخف‭ ‬نظارته‭ ‬الطبية‭ ‬ما‭ ‬بدا‭ ‬في‭ ‬عينيه‭ ‬من‭ ‬حنين‭ ‬الذكريات،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭: ‬في‭ ‬عام‭ ‬1978‭ ‬ولدت‭ ‬أول‭ ‬طفلة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التلقيح‭ ‬خارج‭ ‬الرحم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بـ«طفل‭ ‬الأنابيب‮»‬،‭ ‬وسعد‭ ‬كثيرون‭ ‬بهذه‭ ‬المولودة،‭ ‬لأنهم‭ ‬سيتغلبون‭ ‬على‭ ‬مشكلات‭ ‬عدم‭ ‬الإنجاب‭ ‬التي‭ ‬تعانيها‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لكن‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬تصدى‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬يجوز‭ ‬أخلاقيّاً؟‭ ‬وألا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬اختلاط‭ ‬الأنساب؟‭ ‬وكان‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المتصدين‭ ‬لهذا،‭ ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬تضارب‭ ‬الفتاوى‭ ‬والآراء،‭ ‬وبالتحقيق‭ ‬بدا‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التضارب‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬اختلاف‭ ‬طرق‭ ‬تقديم‭ ‬السؤال‭ ‬للفقهاء‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المختصين،‭ ‬فكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬مختصة‭ ‬يُخول‭ ‬إليها‭ ‬صياغة‭ ‬المستحدثات‭ ‬الطبية‭ ‬وعرضها‭ ‬على‭ ‬الفقهاء‭ ‬ورجال‭ ‬القضاء‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المختصين،‭ ‬حتى‭ ‬يروا‭ ‬رأيهم‭ ‬فيها،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منهجي‭ ‬علمي‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬عقدت‭ ‬المنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬لتاريخ‭ ‬العلوم‭ ‬ندوة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬السوربون‭ ‬الفرنسية‭ ‬عن‭ ‬الرازي،‭ ‬واختلفت‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬حول‭ ‬هوية‭ ‬الرازي‭ ‬العربية،‭ ‬فكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬طبي‭ ‬عربي‭ ‬إسلامي‭ ‬موحد‭ ‬ينطلق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحافل‭ ‬الطبية‭ ‬الدولية،‭ ‬وكذلك‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬‮«‬الصحة‭ ‬للجميع‮»‬‭ ‬دافعاً‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الأعشاب‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬علمي‭.‬

 

منظمة‭ ‬عالمية‭ ‬ذات‭ ‬سيادة

وقد‭ ‬تطلب‭ ‬إنشاء‭ ‬المنظمة‭ ‬جهوداً‭ ‬مضنية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الخروج‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬حيز‭ ‬المحلية‭ ‬إلى‭ ‬حيز‭ ‬العالمية،‭ ‬فكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬بها‭ ‬مرسوم‭ ‬أميري،‭ ‬وحدث‭ ‬ذلك‭ ‬بالفعل،‭ ‬فصدر‭ ‬بها‭ ‬المرسوم‭ ‬رقم‭ ‬18‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬شوال‭ ‬1404هـ،‭ ‬الموافق‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬1984م،‭ ‬وهي‭ ‬جهة‭ ‬اعتبارية‭ ‬عالمية‭ ‬ذات‭ ‬سيادة،‭ ‬لا‭ ‬تتبع‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬أهلية،‭ ‬وتتخذ‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬مقرّاً‭ ‬لها،‭ ‬وتخضع‭ ‬لقوانين‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬وتخصص‭ ‬لها‭ ‬إعانة‭ ‬مالية‭ ‬سنوية‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭.‬

بادرناه‭ ‬بالسؤال‭ ‬ثانية‭: ‬ماذا‭ ‬إذن‭ ‬عن‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬المنظمة،‭ ‬والغايات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أُسست‭ ‬من‭ ‬أجلها؟‭ ‬فقال‭: ‬أهداف‭ ‬المنظمة‭ ‬نص‭ ‬عليها‭ ‬المرسوم‭ ‬الأميري‭ ‬في‭ ‬مادته‭ ‬الأولى،‭ ‬ومنها‭ ‬تحديث‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬الرواد‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬المسلمين‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬التقدم‭ ‬التقني‭ ‬المعاصر‭ ‬وتطبيقها‭ ‬بأسلوب‭ ‬علمي‭ ‬حديث،‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تضافر‭ ‬الجهود‭ ‬الطبية‭ ‬والفقهية،‭ ‬بهدف‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬رأي‭ ‬موحد‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬ما‭ ‬يستجد‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬البحث‭ ‬الطبي‭ ‬الحديث،‭ ‬وتوفير‭ ‬الإمكانات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمتابعة‭ ‬الأبحاث‭ ‬الطبية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وإيجاد‭ ‬البدائل‭ ‬الصحيحة‭ ‬للوسائل‭ ‬والعقاقير‭ ‬المحظور‭ ‬استعمالها‭ ‬إسلاميّاً،‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬الهيئات‭ ‬والجمعيات‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬بالأهداف‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬ومساعدتها‭ ‬لنشر‭ ‬رسالتها‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه،‭ ‬وتشجيع‭ ‬تكوين‭ ‬مراكز‭ ‬أو‭ ‬جمعيات‭ ‬جديدة‭ ‬تعنى‭ ‬بالأهداف‭ ‬نفسها،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬انضمامها‭ ‬للمنظمة،‭ ‬وإنشاء‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬للفئات‭ ‬المحتاجة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وربط‭ ‬برامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الطبية‭ ‬بالقيم‭ ‬التي‭ ‬ارتكزت‭ ‬عليها‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وتوحيد‭ ‬ونشر‭ ‬المصطلحات‭ ‬والمفاهيم‭ ‬العلمية‭ ‬والأخلاقية‭.‬

متى‭ ‬كانت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬الفعلية‭ ‬للمنظمة؟‭ ‬ومن‭ ‬تذكر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المؤسسين‭ ‬الفعليين؟‭ ‬سألناه،‭ ‬فأجاب‭: ‬بدأ‭ ‬الإعداد‭ ‬لمؤتمر‭ ‬المنظمة‭ ‬الأول‭ ‬وتم‭ ‬عقده‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬وتبلورت‭ ‬أعمال‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وسارت‭ ‬على‭ ‬خطها‭ ‬المرسوم‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المؤسسين‭ ‬المستشار‭ ‬عبدالله‭ ‬العيسى،‭ ‬ود‭.‬خالد‭ ‬المذكور،‭ ‬من‭ ‬الكويت،‭ ‬ود‭.‬حسان‭ ‬حتحوت‭ ‬ود‭. ‬إبراهيم‭ ‬بدران‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬ود‭. ‬إحسان‭ ‬دوغراماجي‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬ود‭. ‬الحكيم‭ ‬سعيد‭ ‬من‭ ‬الباكستان‭ ‬ود‭. ‬المهدي‭ ‬بن‭ ‬عبود‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬ود‭. ‬أحمد‭ ‬القاضي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وغيرهم‭.‬

 

عطاء‭ ‬المنظمة

عاودنا‭ ‬سؤال‭ ‬د‭. ‬الجندي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭: ‬ماذا‭ ‬قدمت‭ ‬المنظمة‭ ‬للعالم‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬الطويل؟‭ ‬فأجاب‭: ‬قدمت‭ ‬المنظمة‭ ‬للعالم‭ ‬الكثير،‭ ‬فقد‭ ‬ناقشت‭ ‬كل‭ ‬المستجدات‭ ‬الطبية‭ ‬مناقشة‭ ‬علمية‭ ‬منهجية‭ ‬رصينة‭ ‬مستفيضة‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬أخلاقي‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬مختصين‭ ‬عالميين،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬الأنابيب‭ ‬وانتهاء‭ ‬بالجينوم‭ ‬البشري،‭ ‬ومروراً‭ ‬باستئجار‭ ‬الأرحام‭ ‬وبنوك‭ ‬الحليب‭ ‬البشري‭ ‬المختلط‭ ‬وزراعة‭ ‬الأعضاء‭ ‬والخلايا‭ ‬الجذعية‭ ‬والحلال‭ ‬والحرام‭ ‬في‭ ‬الدواء‭ ‬والغذاء‭... ‬وغير‭ ‬ذلك‭. ‬

كما‭ ‬قنّنت‭ ‬المنظمة‭ ‬العلاج‭ ‬بالنباتات‭ ‬والأعشاب‭ ‬الطبية،‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬علمية‭ ‬سليمة،‭ ‬ووضعت‭ ‬له‭ ‬قوانين‭ ‬ضابطة،‭ ‬وأصبح‭ ‬مركز‭ ‬الطب‭ ‬الإسلامي‭ ‬المنبثق‭ ‬عن‭ ‬المنظمة،‭ ‬أو‭ ‬إن‭ ‬شئت‭ ‬قل‭ ‬اليد‭ ‬التنفيذية‭ ‬للمنظمة،‭ ‬مثالاً‭ ‬يحتذى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وسلك‭ ‬مسلكه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الطبية،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬فقد‭ ‬صنف‭ ‬النباتات‭ ‬والأعشاب‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬العلاج،‭ ‬وبيَّن‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬الأمراض،‭ ‬لاسيما‭ ‬المزمنة،‭ ‬وذكر‭ ‬المصرح‭ ‬بالتداوي‭ ‬به‭ ‬منها‭ ‬وغير‭ ‬المصرح‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬نفسه‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

وناقشت‭ ‬المنظمة‭ ‬دور‭ ‬الرواد‭ ‬العظام‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬القدامى،‭ ‬وأبرزت‭ ‬إسهاماتهم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المحافل‭ ‬والندوات‭ ‬العالمية،‭ ‬وألقت‭ ‬الضوء‭ ‬عليها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبجَّح‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الغربيين‭ ‬بنفيها،‭ ‬كما‭ ‬أحيت‭ ‬طباعة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬كتبهم‭ ‬في‭ ‬تحقيقات‭ ‬علمية‭ ‬منهجية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لبعث‭ ‬الروح‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬واستعادة‭ ‬أمجاد‭ ‬الأجداد‭ ‬الكبار‭ .