لماذا ننسى البوتاسيوم؟

لماذا ننسى البوتاسيوم؟

لا يعرف الكثيرون أن للبوتاسيوم معهدًا عالميًا في قلب أوربا، وثمة علم مستقل اسمه علم البوتاسيوم، ومن يتعرّف على فضائل البوتاسيوم فيما نأكل من خضراوات وفواكه، يدرك استحقاق هذا العنصر لكل هذا الاهتمام.

لاشك، قد جذب انتباهك وأنت جالس إلى منضدة الطعام، منظر الفواكه والخضر البراقة الزاهية الألوان حلوة المذاق، إذن اعلم أن البوتاسيوم يقف وراء ذلك، البوتاسيوم واحد من العناصر الكبرى الأساسية المهمة والضرورية لنمو النبات وبكميات كبيرة تقارب النتروجين الذي يحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية للنبات، الدراسات والبحوث أثبتت أن البوتاسيوم يعمل على تحفيز ما يقارب من ثمانين أنزيما داخل النبات وكل أنزيم من هذه الأنزيمات يؤدي أكثر من وظيفة داخل النبات، إذن تصور الدور العظيم الذي يؤديه البوتاسيوم للنبات. التركيب الضوئي العملية الحيوية الأهم بالنسبة إلى النبات يعمل البوتاسيوم فيها باتجاهين، الأول من خلال زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون الممتصة وكذلك في زيادة نشاط الأنزيمات المساعدة في تمثيل ثاني أكسيد الكربون والثاني في زيادة كمية المواد المصنعة في الأوراق وذلك يجعل الأوراق خضراء أطول فترة ممكنة من خلال تأخير شيخوختها مما يزيد من كمية المواد المخزونة في البذور والثمار، ويعمل البوتاسيوم على زيادة نمو الجذور مما يساعد على زيادة عدد العقد البكتيرية المثبتة للنتروجين الجوي في النباتات البقولية. هناك دور حيوي ومهم للبوتاسيوم وخصوصا في ظروف الإجهاد المائي إذ انه من خلال زيادة الضغط الأوزموزي للخلية النباتية يتحرك الماء إلى داخل الخلية مما يؤدي إلى زيادة الضغط الانتقالي للخلية turgor preesure فيتولّد ضغط داخلي على جدران الخلية الداخلية يفتح الثغور وبالتالي تزداد عملية النتح مما يقلل من نقص الماء بالنسبة إلى النبات ويحد بشكل كبير من ذبوله، وكما يحمي البوتاسيوم النبات من خطر الموت عطشًا فانه يحميه كذلك من الانجماد (frost) من خلال زيادة نمو الأوعية الخشبية وزيادة محتواها من السكريات والكاربوهيدرات في الخلية مما يحسن من قابليتها لتحمل تأثير الانجماد. والبوتاسيوم له الفضل أيضا في منع النبات من التعرض للاضطجاع (lodding) بتأثير الظروف الطبيعية من العواصف والرياح الشديدة والإصابات بالفيروسات والفطريات.

ويبقى أن نذكر أن البوتاسيوم يكون بمنزلة الطبيب المعالج للنبات من الإصابة بالفيروسات والفطريات والبكتريا وبآلية مشابهة لآلية مقاومة الاضطجاع عن طريق زيادة التصلب في السيقان النباتية مما يكسبها قوة فضلا عن دوره في منع تجمع السكريات والمركبات النتروجينية الحرة في الأوراق. ولا شك أيضا ان للنوعية في المحاصيل أهميتها باعتبارها أجود شيء يمكن الحصول عليه من المحصول ولها قيمتها السعرية للمحصول فكلما كانت النوعية جيدة كان العائد المادي عاليا من حيث القيمة النقدية وحسابات الأرباح، إذ يعمل على زيادة النسبة المئوية للبروتين في الحبوب ونسبة النشا والزيت في المحاصيل الدرنية والزيتية وفيتامين C والحجم واللون بالنسبة إلى الفواكه. إن هذه العوامل مجتمعة تزيد من قابلية المحصول على تحمل الخزن لأطول فترة ممكنة دون أضرار وزيادة قابليتها على تحمل العرض في المحلات التجارية بالتالي. إن معهد البوتاسيوم العالمي في سويسرا، وهو معهد متخصص بمختلف الدراسات والبحوث المتعلقة بهذا العنصر الغذائي المهم، في دراسة له تتعلق بموضوع استعمال البوتاسيوم في مناطق غرب آسيا وشمال افريقيا وجد أن هناك استعمالا فقيرا لهذا العنصر كسماد وعزوفا تاما عنه لدى بعض البلدان لصالح أسمدة اخرى كالنتروجين والفوسفور وبنسبة بلغت الضعفين والضعف على التوالي، وقد عزا التقرير هذا الاستعمال الضعيف إلى الأداء النمطي للمزارعين المحليين وتعودهم على استعمال السمادين النيتروجيني والفوسفاتي فضلا عن ارتفاع ثمنه لارتفاع تكاليف إنتاجه، كما أن هناك قصورًا علميًا ومؤسساتيًا في تقديم وعمل الأبحاث المشجعة للترويج لهذا السماد المهم كما جاء في التقرير.

وفيما يتعلق بالعراق - على سبيل المثال من بلداننا العربية - فقد ساد في السابق مفهوم خاطئ تم تصحيحه بعد جهود وأبحاث مطولة ومفيدة في هذا الجانب وهو أن الترب العراقية وهي ترب طينية من نوع 1:2 تمتاز بتخزين هائل من البوتاسيوم وبالتالي لا حاجة إلى التسميد بهذا العنصر الغذائي المهم وان الكميات المخزونة في الترب العراقية تكفي لعشرات السنين. لقد اتضح فيما بعد أن هذه النسبة الكبيرة لا فائدة منها لاحتجازها في العيون والفتحات السداسية للنبات وبقوة ونسبة يكون المتحرر والجاهز منها للنبات لا يتجاوز 3% وهي نسبة ضئيلة لا تكفي لسد احتياجات النبات وخصوصا في المراحل الحرجة والمهمة من نموه. لقد ذكر تقرير معهد البوتاسيوم العالمي أن تجارب زراعية أجريت في الهند وماليزيا وإندونيسيا والصين باستعمال البوتاسيوم كان أفضلها التجربة الهندية باستعمال البوتاسيوم في تسميد محصول فستق الحقل، حيث تبين أن المزارع الهندي أنفق 18 دولارًا قيمة 144 كغم/هكتار وفي نهاية الموسم اتضح أنه حصل على ربح صاف مقداره 177 دولارًا فضلا عن زيادة في الحاصل مقدارها 30% بالمقارنة مع المحصول الذي لم يستعمل البوتاسيوم في تسميده.

 

صادق كاظم العداي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




البوتاسيوم يؤجل شيخوخة النبات