عزيزي القارئ

 عزيزي القارئ

حضارة التسامح وحقارة العنصرية

البلد الذي نسج في القلوب أغنيات مطربيه وموسيقييه، ونقش في العقول أفكار فلاسفته ومبدعيه، ورسم في العيون أحلام الطبيعة والحياة، لبنان الأرز والحرية، وقف تحت خط النار يواجه إجرامًا تاريخيًا حافلاً بحقد التدمير ودموية المجازر، إلى درجة لا معقولة من التوحش والبربرية، كما يقول رئيس التحرير في افتتاحيته التي يدعونا فيها إلى مواجهة ثقافة العنصرية، التي لم يعد السكوت عليها ممكنًا أو مسموحًا به، بعد أن أسكتت مجازر قنابل العدو الفراغية أصوات الحياة تحت الأنقاض، مثلما أبعدت أكثر من مليون نازح شردوا بعيدا عن بيوتهم المقصوفة أو المهددة.

وفي هذا العدد تبدأ «العربي» بابًا جديدًا، يطالعه قراء «العربي»، يوثق يوميات هذه الحرب، والحلقة الأولى نستمع فيها إلى كلمات الشاعر محمد علي شمس الدين يستعيد الأيام التي أشعلت آلام الذاكرة، حين حصدت الأرواح والنفوس، ولم ترحم الحجر ولا البشر.

أي درس نتعلم من ذلك كله غير أن الإنسان خرج عن طريق الله، ورسالاته السماوية، وسار في درب التوحش وعاد لشريعة الغاب؟! ولذلك، علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها، وألا نكتفي بأن نبرز وجه حضارتنا السمح، بل يجب أن نعري الجذور الثقافية؛ تلك الجذور التي ينبت منها الإجرام الثقافي، وعلينا - كما يقول رئيس التحرير - أن نعيد صياغة خطابنا الثقافي، ونقتحم مراكز الفكر والثقافة في الغرب والشرق، ونطل على شعوب العالم من فوق منابرهم، لنكشف ما في العنصرية الصهيونية من وحشية وزيف، وخطر على العالم أجمع.

يأتي هذا العدد بين يديك أيها القارئ العزيز، ونحن في شهر رمضان الكريم، فنحتفل بقدومه، عبر أكثر من موضوع يتناول تقاليد بعض شعوب الأمة الإسلامية في أيامه، ويسجل شواهد عمارته وحضارته، ويوثق لإبداع المسلمين الأدبي والعلمي، فبهذين الجناحين، الأدب والعلم، يكون هناك مستقبل لهذه الأمة.

ولا تنسى «العربي» أن تتوقف في الخليج العربي بين رحلتين في مسقط وهي تحتفل بالعرس الثقافي، وفي الدوحة وهي تستعد لاستقبال الفرح الرياضي. ومع هذه الأحلام الثقافية والرياضية وسواها تتمنى «العربي» أن يجد القارئ على صفحاتها ما يكتشفه بنفسه، متعة للبصر والبصيرة معًا.

المحرر