موسيقى في الريح مختارات من شعر بوليفيا المعاصر

موسيقى في الريح  مختارات من شعر بوليفيا المعاصر

ملاح‭ ‬ميت‭ ‬

ريمي‭ ‬فيريرا‭ (‬1‭)‬

مصابيح‭ ‬تنطفئ‭ ‬وسمك‭ ‬ميت

على‭ ‬ساحل‭ ‬البحر

أصوات‭ ‬تنتحب‭ ‬أسى‭ ‬بقربي

وطحلب‭ ‬مراوغ‭ ‬يقتحم

الليل‭ ‬بأحشائي

ضاع‭ ‬مني‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬صلة‭ ‬بالأرض

أعزف‭ ‬قيثارتي‭ ‬وأغني‭ ‬أغنياتي

كان‭ ‬بإمكاني‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قرصاناً

تاجراً

أو‭ ‬مجرد‭ ‬كلب

هذه‭ ‬هي‭ ‬حياتي

عابر‭ ‬سبيل

يطوف‭ ‬بحر‭ ‬سيئ‭ ‬الطالع

يولد‭ ‬المرء،‭ ‬ينمو‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يزدهر

أوان‭ ‬الربيع،‭ ‬يأتي‭ ‬الشتاء

ليملأ‭ ‬وجهه‭ ‬ظلالاً

الفتاة‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬أحببت

ارتحلت‭ ‬من‭ ‬الحي

ولم‭ ‬أسمع‭ ‬عنها‭ ‬شيئاً

أمخر‭ ‬عباب‭ ‬البحر

ويلتهم‭ ‬الملح‭ ‬حياتي‭ ‬مع‭ ‬الأسماك

الغنائم‭ ‬لي‭ ‬بلا‭ ‬مجد‭ ‬أو‭ ‬خجل

أرتدي‭ ‬كفني

وكل‭ ‬ما‭ ‬أتركه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقبرة

شمس‭ ‬صيف‭ ‬مستعرة

 

 

جدار‭ ‬الزمن

‭ ‬بيدرو‭ ‬شيموسي‭ (‬2‭)‬

ها‭ ‬هو‭ ‬ذا‭ ‬بيتنا

بلا‭ ‬نوافذ

تداعت‭ ‬الجدران‭ ‬بفعل‭ ‬الزمن‭ ‬

مادت‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أقدامنا

لست‭ ‬أدري‭ ‬حتى‭ ‬كيف‭ ‬يمكنني

أن‭ ‬أتذكر‭ ‬دارنا

نحن‭ ‬من‭ ‬هنا

ومن‭ ‬لا‭ ‬مكان

 

 

نسيان‭ ‬وصخرة‭ ‬

إدواردو‭ ‬متري‭ (‬3‭)‬

تبرح‭ ‬الريح‭ ‬الجبال

وتنادي‭ ‬المياه‭ ‬بصوت‭ ‬كالرعد

لكن‭ ‬لا‭ ‬سحب‭ ‬هناك

وحدها‭ ‬الأسلحة

والدماء

نسيان‭ ‬وصخرة‭ ‬

وحيد‭ ‬أنا،‭ ‬بلا‭ ‬وجه

أذرع‭ ‬المكان‭ ‬الوعر

والدموع‭ ‬في‭ ‬عيني

أبحث‭ ‬عن‭ ‬وجهك‭ ‬أيتها‭ ‬الأرض

تأتي‭ ‬الرياح،‭ ‬عناق‭ ‬حار

تنطفئ‭ ‬عيناي‭ ‬والمصباح

جرداء‭ ‬ذاكرة‭ ‬البحر

وأمواج‭ ‬تتلاطم‭ ‬عطشى‭ ‬في‭ ‬حلقي

 

 

حنين

لو‭ ‬كانت‭ ‬الذاكرة‭ ‬مدينة

ولم‭ ‬تكن‭ ‬تمثالاً

لو‭ ‬كان‭ ‬الغياب‭ ‬مرسالاً

ولم‭ ‬يكن‭ ‬وداعاً

لو‭ ‬كانت‭ ‬الليلة‭ ‬ذلك‭ ‬الصباح

وكانت‭ ‬أمستردام‭ ‬كوتشابامبا

لو‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الحجرة‭ ‬ذلك‭ ‬الشارع

وهذا‭ ‬الظل‭ ‬تلك‭ ‬الأشجار

لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬ذلك‭ ‬الوجه

وهذا‭ ‬المصباح‭ ‬تلك‭ ‬النظرة

لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الفم‭ ‬تلك‭ ‬الصفحة

وهذا‭ ‬الصمت‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات

 

 

فرس‭ ‬أبيض‭ ‬

‭ ‬نيكوميدس‭ ‬سواريث‭ ‬أراويث‭ (‬4‭)‬

بين‭ ‬ظلال‭ ‬الأشجار

عند‭ ‬حافة‭ ‬المنحدر

فرس‭ ‬أبيض

جذر‭ ‬نبتة‭ ‬ترتجف

وصوت‭ ‬كالنحيب

ضوء‭ ‬قمر‭ ‬ذاوي

ينير‭ ‬أوراق‭ ‬الشجر

يحيط‭ ‬جدول‭ ‬المياه‭ ‬بالفرس

مياه‭ ‬كالبخار‭ ‬السائل

وكل‭ ‬شيء‭ ‬يهوى‭ ‬إلى

الأرض‭ ‬ذاتها

فرس،‭ ‬نبتة،‭ ‬ومياه

يحتسي‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬الآخر

 

 

وحيد‭ ‬أنا

‭ ‬إلياس‭ ‬سيرانو‭ ‬بانتوخا‭ (‬5‭)‬

وحيد‭ ‬أنا‭ ‬كما‭ ‬وددت‭ ‬أن‭ ‬أكون

كالموت‭ ‬بلا‭ ‬جنازة

وحيد‭ ‬أنا‭ ‬كالنسيان،‭ ‬كاللاوعي

كالحزن‭ ‬يحرق‭ ‬الدموع

أرى‭ ‬الناس‭ ‬أجمعين

تيار‭ ‬نهر‭ ‬غاف

في‭ ‬دائرة‭ ‬العدم

نافذة‭ ‬لا‭ ‬ينفذ‭ ‬منها‭ ‬الضوء

كنيسة‭ ‬بلا‭ ‬صلوات

أن‭ ‬تكون‭ ‬وحيداً

أن‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬ذاتك

بعيون‭ ‬الروح

أن‭ ‬تكون‭ ‬وحيداً

أن‭ ‬تحب‭ ‬الغبار

أن‭ ‬تحترق

أن‭ ‬تحيط‭ ‬بك‭ ‬الظلال

حتى‭ ‬تنبت‭ ‬زهرة

وحيد‭ ‬أنا‭ ‬كما‭ ‬وددت‭ ‬أن‭ ‬أكون

 

 

دون‭ ‬كيخوته‭ ‬الجديد

لا‭ ‬أخط‭ ‬رسوماً‭ ‬على‭ ‬صخور

ألتقط‭ ‬ألحان‭ ‬أغنية‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬ذاتي

لأخفف‭ ‬ثقل‭ ‬السحب

من‭ ‬مرارة‭ ‬كلماتي‭ ‬المتوسلة

أرتحل‭ ‬في‭ ‬قوارب‭ ‬الريح

لأحرر‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬أحلام‭ ‬الطفولة

حزام‭ ‬يلف‭ ‬الصلبان

وعلم‭ ‬عملاق‭ ‬يرتجف‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح

كوداع‭ ‬قاس

العواء‭ ‬الخاوي‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬ورائه

والرياح‭ ‬تتلاطم‭ ‬بالعدم

طائفة‭ ‬من‭ ‬السكارى

يخطون‭ ‬أمجادهم

بقهقهات‭ ‬عالية

أود‭ ‬أن‭ ‬أسد‭ ‬رمقي

وأتماهى‭ ‬بالسكينة

نوستالجيا‭ ‬انعدام‭ ‬الوزن

أريد‭ ‬ضوءاً‭ ‬لنافورة‭ ‬السحب

أنا‭ ‬أحد‭ ‬سكان‭ ‬الجزر

أحارب‭ ‬الوحدة

أنا‭ ‬صخرة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬البحر

وإن‭ ‬تجاهلتها‭ ‬عين‭ ‬القمر

أنا‭  ‬طراز‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬كيخوته‭ ‬

يا‭ ‬لنقمة‭ ‬القدر‭!‬

 

 

فجر‭ ‬صدئ

أغنية‭ ‬صباح‭ ‬وئيدة‭ ‬من‭ ‬السهول

ترج‭ ‬الأرض‭ ‬رجاً

وبغتة‭ ‬ينبلج‭ ‬كالثعبان

وجه‭ ‬الشمس

امرأة‭ ‬من‭ ‬قريتي‭ ‬المخفية

تميط‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭ ‬لغتها‭ ‬الصدئة

وسط‭ ‬من‭ ‬يأتون‭ ‬ومن‭ ‬يغدون

يبدو‭ ‬أن‭ ‬أجسادهم‭ ‬ترسم‭ ‬خطوطاً

أقدامهم‭ ‬العارية

تحرث‭ ‬الأرض‭ ‬الخصبة

تستيقظ‭ ‬الأعشاب

عند‭ ‬مرورهم

في‭ ‬حارة‭ ‬الطريق‭ ‬المضيء

تهتز‭ ‬النجوم‭ ‬كالندى

وصرار‭ ‬الليل‭ ‬ينتشر‭ ‬في‭ ‬الجو

وتولد‭ ‬الحياة

يولد‭ ‬الضياء

تزداد‭ ‬الجلبة

للحصول‭ ‬على‭ ‬كسرة‭ ‬خبز

وعلى‭ ‬التعاسة

 

 

كلمة

‭ ‬لويس‭ ‬أندراده‭ ‬سانخينس‭ (‬6‭)‬

من‭ ‬خارج‭ ‬الزمن

أراك‭ ‬تأتي

ترتدي‭ ‬رداء‭ ‬غريباً

وتمضي‭ ‬رزيناً

تعرّيك‭ ‬أحلامي

كلمة‭ ‬في‭ ‬الفوضى

وهيئتك‭ ‬صمت‭ ‬فراغ‭ ‬في‭ ‬شجرة

تلتقط‭ ‬ناراً‭ ‬وسط‭ ‬الزمهرير

تعود‭ ‬بغتة

من‭ ‬أعالي‭ ‬الصخور

أنظر‭ ‬إلى‭ ‬صورتك‭ ‬وأستيقظ

أفكر‭ ‬في‭ ‬الدخان‭ ‬داخلي

أنا‭ ‬نهر‭ ‬هادئ

والليل‭ ‬امرأة

وأنا‭ ‬أقفز‭ ‬من‭ ‬البعد

إلى‭ ‬الضوء‭ ‬أمامي

أتخيلك‭ ‬وأقبلك

ألمس‭ ‬يديك،‭ ‬وجسدك‭ ‬صخرة‭ ‬تحترق

صوتك‭ ‬في‭ ‬الظلال

موسيقى‭ ‬في‭ ‬الريح

القول‭ ‬فعل‭ ‬يحرك‭ ‬الروح

وأنت‭ ‬كلمة

خنجر‭ ‬ومحراث

سواء‭ ‬بسواء

 

 

قصائد

‭ ‬روبين‭ ‬فارجاس‭ (‬7‭)‬

تحلِّق

بلا‭ ‬زمن

وتنمو‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬الصمت

أجساد

يموج‭ ‬الليل‭ ‬بها

‭***‬

صورة‭ ‬الليل

تباغتك‭ ‬من‭ ‬الخلف

وأنت‭ ‬مرآة

من‭ ‬جنون‭ ‬آخر

وجسدي‭ ‬العاري

يدور‭ ‬حول‭ ‬ذاته

‭***‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاختيار

أنا‭ ‬لا‭ ‬أختار‭ ‬الليل

أو‭ ‬النجوم

أو‭ ‬البرق

الذي‭ ‬يوحدنا

ويفرقنا

لا‭ ‬شيء‭ ‬ملك‭ ‬لنا

أنا‭ ‬أختار،‭ ‬أنت‭ ‬تختار

القمة‭ ‬تمحونا‭ ‬جميعاً

‭***‬

كتفاك‭ ‬تكسران

ساق‭ ‬الليل

ورداؤك‭ ‬طير

يحلق‭ ‬في‭ ‬الأعالي

الأرض‭ ‬تجرح‭ ‬انحناء‭ ‬نهديك

فيرسمان‭ ‬قوساً‭ ‬من‭ ‬الضوء

المطر‭ ‬بعيداً

وبعيداً‭ ‬المطر

شعرك‭ ‬يتماوج‭ ‬بلا‭ ‬نهاية

‭***‬

تأتي‭ ‬من‭ ‬الضياء

وتتعرى

لأن‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬يقبل

سوى‭ ‬الفوضى

تأتي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المدينة

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تخشاك‭ ‬المدينة

أنت‭ ‬جسدك

والليل‭ ‬البهيم

مطمور‭ ‬في‭ ‬ضلوعك

‭***‬

خط‭ ‬وحيد

يفصلنا‭ ‬عن‭ ‬العالم

جسدك

‭***‬

جسدك‭ ‬شهوة‭ ‬وسكينة

تربطني‭ ‬بالأرض

الفجر

يحضر‭ ‬اسمك

غافياً

جسدي

لا‭ ‬يعرف‭ ‬شيئاً‭ ‬عن‭ ‬الضوء

أيا‭ ‬سيدة‭ ‬الضوء‭ ‬المبعثر

النجوم‭ ‬المستعادة

تلتهم‭ ‬جسدك

شاطئ

من‭ ‬السكينة

 

 

الشارع

‭ ‬رولاندو‭ ‬باريخاس‭ ‬إيجييا‭ (‬8‭)‬

بحر‭ ‬لجي

وأمواج‭ ‬متلاطمة

–‭ ‬جزر‭ ‬ساكنة‭ ‬–

وأقمار‭ ‬على‭ ‬بحار

تصرخ‭ ‬كالرعد