عبدالكريم السيد.. لوحات تجريدية وكائنات غامضة

عبدالكريم السيد.. لوحات تجريدية وكائنات غامضة

الكويت

يتعيّن علينا - حينما نتحدث عن تجربة الفنان التشكيلي الفلسطيني د.عبدالكريم السيد - التأكيد على ملمح مهم ساقه الفنان في مجمل لوحاته التي عرضها في قاعة بوشهري للفنون في السالمية، هذا الملمح تضمن رؤى استشرافية كان اللون هو المحرك الأساسي لها ومن ثم فقد توهجت المضامين بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء. لتظل عناصر أعماله التشكيلية مرتبطة - بشكل واضح وأساسي - بعضها بعضًا في أيقونة فنية سريعة التحرك في اتجاهات عدة.

ولم يبتعد الفنان عن واقعه - على الرغم من تجريديته المفرطة أحيانًا - وذلك حينما اتخذ من المرأة في حالاتها المختلفة عنصرًا أساسيًا لمواضيعه، ومن ثم بنى عليها معظم أفكاره، وتطلعاته. هذا البناء التشكيلي جاء في أشكال وصور متلاحقة، وفي الوقت نفسه منتظمة في إيقاعات شفافة، ومتناسقة مع الألوان التي بدت حميمية، وخاصة اللون الأبيض الذي امتاز بالحضور الكثيف على أسطح اللوحات، وهو حضور استطاع أن يشكله الفنان في صور رمزية ومتداخلة فيما بينها، إنها علاقة حسية بين اللون والشكل تلك التي أسسها الفنان في لوحاته، وبالتالي كان الإحساس مفعمًا بالحيوية، والتدفق الوجداني حينما راح الفنان يعبر عن تطلعاته الإنسانية، التي خص بها المرأة بالنصيب الأوفر. وارتكزت اللوحات في معظم أحوالها على الشكل الإنساني غير واضح المعالم، وهو شكل يمكن استشراف أنوثته من خلال الملامح والظلال، والحركة، والشفافية التي طغت عليها الأنوثة بشكل واضح وصريح، إلى جانب الاهتمام بالكائنات الأخرى مثل الأشجار والنخيل وبعض الكائنات الغامضة وغيرها، وهذا الارتكاز أظهر ميل الفنان نحو الحياة، من خلال روحها التي استطاع أن يبرز جمالياتها في شتى الأشكال، وفي لغة تشكيلية تحتوي على مفردات قريبة من وجدان المتلقي، الذي يستطيع قراءة مضامينها بسهولة على الرغم مما فيها من تجريد.

وكان لتصارع الفنان مع عناصر أعماله - للحصول على حزمة متنوعة من الدلالات التشكيلية - الأثر الواضح في توهج رؤاه بالعديد من المفردات الفنية وكانت المرأة هي الأداة المهمة التي اعتمد عليها في نقد الواقع الذي بدا شديد التكثيف، والاختصار، وقادرًا على إثارة الدهشة في وجدان المتلقي، وبالتالي إدخاله في مغامرة بصرية طويلة الأمد وذات عمق فلسفي متنوع.

وظهر عنفوان التجربة في معرض عبدالكريم السيد من خلال أكثر من أربعين لوحة ساقها في مضامين محيرة بعض الشيء، وذات تكوينات فنية تحمل في رؤاها الألوان المتوهجة الحارة، تلك التي تُدخل الأبصار في مغامرة مدهشة قوامها الإحساس المرهف بالألوان، والالتحام مع عناصر الأعمال.

مدحت علام

القاهرة

تحويل أثر عثماني إلى بيت للشعر في مصر

يبدو أن عقد بينالي للشعر العربي في القاهرة، بالتبادل مع بينالي الرواية، والذي تستعد مصر لعقد دورته الأولى في مطلع نوفمبر، قد حمس فاروق حسني، وزير الثقافة المصري، على الاستجابة لاقتراح أحمد عبد المعطي حجازي، مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، لإنشاء بيت للشعر في مصر على غرار النماذج التي سبقتها إليه: المغرب، وتونس، والإمارات، وبلدان عربية أخرى.

وقد وصل الحماس بفاروق حسني إلى حد تخصيصه أثرا تاريخيا يعود إلى العصر العثماني هو بيت الست وسيلة، الذي يقع خلف الجامع الأزهر ليكون مقرا لهذا البيت الذي يخطط حجازي لأن يكون مؤسسة مصرية لخدمة فن العربية الأول يضم مكتبة وفراغات للإلقاء الشعري والندوات والحفلات الموسيقية التي تصاحب فيها النغمة قراءة الشعر.

ويقول الفنان فاروق حسني إنه اختار هذا البيت من بين كثير من بيوت القاهرة التاريخية التي اعتنى بترميمها بأيدي خبراء دوليين مهرة متخصصين في إحياء الآثار، لأنه أنسب بيت تحيا فيه القصيدة.

ويؤكد أن من أسباب اختياره لهذا المبنى ليكون بيتا للشعر في مصر هو موقعه وسط منظومة ثقافية حضارية تضم بيت الهراوي - بيت العود الذي أسسه الفنان نصير شمة - ومركز إبداع الطفل بمدرسة العيني وبيت زينب خاتون، فكل تلك العناصر الأثرية تعد مركزا ثقافيا يخدم المثقفين وأهالي المنطقة المحيطة بما يضمن لنا أن يخرج منه أمثال الحكيم ومحفوظ وحقي.

ويشرح حسني فلسفة ترميم هذا البيت بقوله: على الرغم من تهدم معظم البيت وقلة المعلومات المتوافرة عنه، إلا أننا حرصنا على الوصول إلى تصور معماري لما كان عليه، ويمثل ترميم الست وسيلة مدرسة حديثة بمصر، هدفها الحفاظ على المبنى الأثري من خلال التتبع التاريخي له، وربط مختلف الشواهد المعمارية والأثرية للوصول إلى تصور معماري متكامل، مع التأكيد على قيمته التاريخية والفنية، وإبرازها في توازن لا يخل بالمنظومة التراثية للبيت.

ويوضح الفنان فاروق حسني أن مساحة المنزل المستطيلة قسمها منفذه الأصلي إلى جناحين، الأول الخاص بالاستقبال ويتكون من المدخل الرئيسي الذي يقع بالطرف الغربي للواجهة الخارجية، الفناء وما يحيط به من خزانات (حواصل)، بئر المياه وحوض الدواب إلى اليمين من المدخل، بالإضافة إلى المقعد الصيفي والقاعات الملحقة به، أما الثاني فيطلق عليه جناح الحراملك ويبدأ من المدخل الفرعي (باب السر)، المندرة وعناصرها المعمارية، الطاحونة، القاعات العلوية بالطابق الأول، والحمام الخاص بالمنزل.

ويشير إلى أن لبيت وسيلة أربع واجهات ثلاث منها متلاصقة بالمباني المحيطة به وهي: الشمالية الغربية، حيث يوجد في الركن الشمالي منها دخلة معقودة بعقد موتور وبها فتحة صهريج لمد أهل المنزل بالماء اللازم وهناك رافع خشبي يعمل كرافعة لحمل الماء من البئر، وقد تفنن المعماري في تغطية فتحات الإضاءة والتهوية للقاعات العلوية بالواجهة الشمالية المطلة على الفناء، وكانت أكبر هذه الفتحات أعلاها حيث غطاها بمشربية خشبية تتكون من أربعة مستويات أفقية، أما البوابة الجنوبية الغربية فتضم واجهة المقعد والحراملك، وقد قسمت إلى مستويين: الأول به دخلتان متماثلتان ومعقودتان، ويعتقد أنه كان يغلق عليهما ضلفتا باب خشبي تؤدي إحداهما إلى اسطبل الدواب، بينما تذهب بنا الثانية إلى حاصل، ويمثل المستوى الثاني للمقعد واجهة من عقدين على شكل حدوة حصان محمولين في الوسط على عمود رخامي، وهناك الواجهة الجنوبية الشرقية الملاصقة لمنزل عبد الرحمن الهراوي، الجزء الأول منها بمستوى الطابق السفلي للمنزل وهو مصمط ومبني من الحجر به شباك يفتح على الرواق، أما الجزء العلوي منها فمبني بالآجر ويتوسطه فتحة شباك للقاعة العلوية ومن المرجح أنها كانت تحتوي على مشربية وقت إنشائها، هذا فضلا عن الواجهة الشمالية الشرقية الرئيسية، التي تطل على زقاق العنبة ويبلغ طولها 53 سم، وهي مبنية من الحجر الفص النحيت على شكل مداميك متراصة وفي وسط الواجهة خمسة شبابيك مغطاة بمخرزات حديدية وتفتح على الدهليز المؤدي إلى المندرة، ويعلو هذه الشبابيك خمسة كوابيل حجرية تساعد في بروز القاعة العلوية. ويقول أيمن عبدالمنعم، المشرف على مشروع تطوير القاهرة التاريخية، الذي جاء في إطاره ترميم بيت وسيلة: على مدار أكثر من ثمانين عاما لم يجرؤ أحد على التفكير في ترميم منزل الست وسيلة، فمشاكله كانت أكبر من أن تواجه، فمدخل المنزل اختفى والقاعة الكبرى انهارت وتحول المكان إلى مقلب للقمامة بحكم انخفاض منسوبه عن المنطقة المحيطة، كما اشتعلت به النيران أكثر من مرة.

مصطفى عبد الله

بغداد

رحيل عوني كرومي.. وسيط الثقافات

في رحيل مباغت، شيّع في المنفى رمز من رموز المسرح العراقي اللامعين هو المخرج المسرحي عوني كرومي، الذي توفي في ألمانيا، حيث يقيم إثر نوبة قلبية عن 61 عامًا (1945-2006).

وكان رحيل كرومي صدمة حقيقية للوسط المسرحي والثقافي في العراق والوطن العربي، إذ عرف هذا المسرحي المجدد بمنجز حافل ومتنوع لم تغب عنه ظلال تأثيرات المسرح البريختي، حيث تتلمذ في ألمانيا الشرقية سابقًا على ذلك العالم الثر الذي صنعه المسرح الملحمي البريختي.

وكانت أجواء مدينة الموصل قد أثرت في طفولة وشباب كرومي، إذ ولد هذا المبدع بين ظهرانيها، تلقى تعليمه الابتدائي فيها، ثم ليلتحق بمعهد الفنون الجميلة - قسم المسرح في بغداد، ويتخرج فيه سنة 1965، ثم ليتوجه إلى ألمانيا لإكمال دراسته سنة 1972 حيث التحق بجامعة همبولدت بألمانيا الشرقية آنذاك، حاصلاً على شهادة الدكتوراه في الإخراج المسرحي سنة 1976.

عرف كرومي باتجاهه المجدد من خلال انفتاحه في بواكير أعماله المسرحية على أبرز اتجاهات المسرح المعاصر من خلال إخراجه مسرحيات غاليليو وكريولانس ورثاء أور، وما لبث أن اتسع عنده البحث عن ثيمات مسرحية، مما هو معيش ويومي، وبحث مواز عن تساؤلات أكبر تمثلت في قضايا إنسانية وفلسفية عميقة، وهو ما تجلى من خلال أعماله الشهيرة: تساؤلات، كريولان، كشخة ونفخة، أربعون عامًا من المسرح، بير وشناشيل، فوق رصيف الرفض، الغائب، الصمت والذئاب، وترنيمة الكرسي الهزاز، وبصدد هذا العمل المسرحي الأخير الذي قدم على المسارح العراقية مرارًا في الثمانينيات، ورافقته تساؤلات كبيرة، وشاع في الأوساط المسرحية البغدادية يومها أن المسرحية تلمز في قناة الحكومة، التي كانت تخوض أيامها حربًا شرسة ووحشية مع إيران، وقيل إن المسرحية سيجري إيقافها، وسيحاسب القائمون عليها، وعلى رأسهم المبدع القدير كرومي، لكن المسألة مرت بسلام، لكنها ربما كانت أحد أسباب قراره ترك تلامذته ومريديه وأصدقائه، والهجرة إلى ألمانيا مطلع التسعينيات.وانشغل كرومي عبر مسيرته الحافلة كثيرًا بمسألة التفاعل مع التجارب المسرحية العربية، ولهذا كان له حضوره الفاعل في العديد من العواصم العربية: في الأردن والإمارات وسورية ومصر وتونس والكويت والبحرين، ولا يكاد يعرض له عمل مسرحي في مهرجان عربي، إلا وينال تكريمًا مرموقًا وجوائز عدة نالها عن مجمل أعماله. ونشط كرومي خلال هذا بإقامة الورش التجريبية المسرحية، ونقل تجاربه وكشوفاته المسرحية إلى المسرح العربي. ولذا منحه مركز بريخت في برلين جائزة فريدة اسمها (جائزة وسيط الثقافات) نالها كرومي بجدارة، وهو المنفتح على ثقافات العالم حاملاً اسم وصورة المسرح العربي في ثنايا فكره ووعيه ومنجزه.

ولا يقتصر منجز كرومي على الإخراج فحسب، بل كان له منجز مواز كبير في التأليف والتنظير للمسرح، نذكر منها مؤلفاته: وظيفة المخرج في المسرح، طروحات في المسرح العراقي، كروتوفسكي والمسرح الفقير، الاغتراب في المسرح العربي، فن التمثيل والحركة، لغة المسرح، طرق تدريس التمثيل... الخ وقد أبنه في بغداد الرائد يوسف العاني وزميله فاضل خليل والكاتب عصمان فارس.

طاهر علوان

الدوحة

المؤتمر الرابع لحوار الأديان

استضافت الدوحة المؤتمر الرابع لحوار الأديان بمشاركة 130 شخصية تمثل الديانات السماوية الثلاث: الاسلام والمسيحية واليهودية. وقد شدد البيان الختامي للمؤتمر على القواسم الأخلاقية المشتركة والاحترام المتبادل بين اتباع الديانات السماوية الثلاث، وأعربوا عن تطلعهم الى استصدار تشريع دولى من الأمم المتحدة يدعو إلى احترام الأديان ويجرم الاساءة الى رموزها.

واكد المشاركون فى المؤتمر براءة الأديان من الأعمال الإرهابية وترويع الآمنين وقتل المدنيين المسالمين وشددوا على بشاعة هذه الأعمال التى يقوم بها بعض المتعصبين من أتباع الديانات.

المؤتمر الذي عقد تحت عنوان «دور الأديان في بناء الإنسان» تطرق إلى عدد من المحاور أهمها الدين والعولمة وحرية التعبير والمقدسات الدينية، والدين والمرأة والاسرة، والتصالح والتعليم الديني، والدين والتطورات العلمية المعاصرة.

وشدد البيان الختامي للمؤتمر الذي تلته الدكتورة عائشة يوسف المناعي عميدة كلية الشريعة والدراسات الاسلامية بجامعة قطر رئيسة اللجنة المنظمة للمؤتمر، على القواسم الأخلاقية المشتركة والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ودعا المشاركون فى ختام أعمال المؤتمر الى احترام المقدسات والرموز الدينية.

كما دعا المشاركون في البيان الختامي إلى بذل الجهد في نقل الروح الإيجابية لهذه الديانات والحوارات إلى القواعد العريضة من أتباع الديانات الثلاث لكي تتحقق الأهداف المرجوة من هذه اللقاءات بين العلماء والقادة الدينيين.، مع تشكيل لجنة متابعة لتفعيل التوصيات.

ومن أبرز ما أشار إليه الحاضرون كون الأديان لا تعارض العلم بل تحث على البحث العلمي وامتلاك تقنياته ووسائله، وتوجيهه إلى التطبيق السلمي والإيجابي النافع لنتائج تلك البحوث لسعادة الإنسانية. كما أن الأديان الثلاثة تؤكد مكانة المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل، وأن الأسرة بمفهومها الطبيعي والفطري (الزوج والزوجة) هي الأساس الصحيح لبناء المجتمعات الإنسانية.

وأكد الدكتور علي السمان رئيس لجنة الحوار في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ان التعميم في النظر إلى القضايا خطر على الحوار فحينما نقول إن ما يحدث في أفغانستان خطأ يجب مقاومته فإننا نكون مخطئين وكذلك الحكم على ما يحدث في الدنمارك، مؤكدا أن الحوار عقيدة ومعركة تتطلب منا التجرؤ على اغضاب جزء منا حتى لا ننفصل عن السلام العالمي. وعرض الأب كريستيان ترول ممثل الفاتيكان في إيطاليا رؤيته للحفاظ على الحقوق المدنية لأتباع الأديان قائلا: إننا مطالبون بأخذ الحقيقة والقيم الحقيقية من دياناتنا، لأن الدين هو منبع الحقيقة، ولا يمكن أن تنشأ علاقات ودودة وتعاون مثمر بين الجماعات الإنسانية دون دين منظم لشئون الحياة.

وقال الأب ترول إنه يجب تحاشي المعاملة الجائرة للآخرين، سواء من نفس الديانة أو من أتباع ديانة أخرى، وكذلك فإن الآلية التي يستخدمها البعض للدفاع عن معتقده يجب ألا تكون آلية لتدمير معتقد الآخرين.

وفي مداخلته قال البروفيسور سعيد خان: إن قادة الحركات التحررية أمثال لوثر كنج وغاندي ومانديلا وغيرهم قد واجهوا صعوبات كبيرة في دفاعهم عن حقوق الإنسان، التي يجب ان تترسخ في فهم أي مجتمع بشري.

وقال اللورد هيلتون: إن قضية الحقوق المدنية مليئة بالمفارقات الغريبة والخلافات بين المجموعات البشرية، فالكل يدعي حرية العبادة والعقيدة، وعلى الجانب الآخر نجد المنع والتشديد. فكل دين يعطي الحرية لأتباعه ويمنعها عن الآخرين، وقد رأينا الحروب الصليبية والدينية والديانات هي التي تبارك الأعلام وتدفن الجنود.

وفي كلمته أمام الجلسة الخامسة قال المطران سيبوه سركيسيان رئيس أساقفة أبرشية طهران وشمال إيران: إن الدين هو دعوة للتوبة وللرجوع إلى الله، والعيش حسب مشيئته؛ فمشيئة الله هي الخلاص، خلاص البشرية، والخلاص يعني التخلص من الظلم، والعبودية والحقد والكراهية.

سيول

كوريا تناقش دور الأديان في نشر السلام

ضمن برنامج احتفال كوريا بمرور خمسين عاما على بداية نشر الإسلام في ربوعها، قامت مؤسسة «الدين من أجل السلام» بعقد مؤتمر دولي دعت إليه كبار الشخصيات الدينية من مختلف دول العالم بعنوان «دور الدين في نشر السلام». وقد حضر المؤتمر ثلاثون عالما من خارج كوريا بالإضافة إلى حضور كوري كبير مثله 200 شخصية دينية و500 شخصية أكاديمية. وقد ركز المؤتمر في مناقشاته وجلساته على دور الأديان في صناعة السلام العالمي، ودور الحوار الديني في تحقيق السلام الوطني والإقليمي وقد وفد إلى كوريا شخصيات من مصر وباكستان واليابان والصين وأمريكا وتايلند وكمبوديا والهند ونيبال. ومثل المسلمين في هذا المؤتمر د. منظور نواز مروت ممثل باكستان السابق في الأمم المتحدة، ود.محمد خليفة حسن أستاذ مقارنة الأديان بجامعة القاهرة ونائب رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بباكستان (إسلام آباد). وتركزت مداخلات د.خليفة على توضيح علاقة الإسلام بالسلام ودور الإسلام في وضع قواعد السلام بين الشعوب التي من أهمها وحدة الإنسانية، والأخوة والتسامح الديني والحضاري والتعددية الدينية والثقافية، ومبدأ الحماية الشرعية لغير المسلمين في المجتمعات الإسلامية، والاهتمام بالأقليات الدينية واحترام عقائدها، وأخيرا دور الإسلام في صناعة السلام العالمي.

وكان من أهم توصيات المؤتمر الدعوة إلى نبذ العنف في أنحاء المعمورة، واحترام الرموز الدينية والمقدسات لجميع الأديان ودعوة الأمم المتحدة لإقرار قانون بهذا الشأن، والمطالبة بنشر قيم العدالة والتسامح والحوار مع الآخر، والعمل على تنقية الكتب والصحف من الصور المغلوطة عن الأديان، واحترام جميع الأديان ودورها في حياة الإنسان.

د. يوسف عبد الفتاح

مسقط

الإسلام والعولمة

في إطار أنشطة مسقط عاصمة للثقافة العربية 6002 ، أقام مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية ندوة بعنوان «الإسلام والعولمة» شارك فيها عدد من الباحثين والأكاديميين من السلطنة والبلاد العربية.

الافتتاح كان مع كلمة راشد بن ناصر النوفلي من مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية التي تحدث فيها عن الأهداف المرجوة من الندوة: أنه مما لا ريب فيه إن التقدم العلمي في التكنولوجيا ووسائل الاتصال جعل العالم كله قرية واحدة ، وقد خلف ذلك آثاراً إيجابية وأخرى سلبية على العالم أجمع ، فقد نشطت في هذه القرية الكونية الصغيرة التيارات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فأخذ كل ذي فكر يعولم فكره، وقد وجدت التيارات الفكرية المنحرفة في هذا الجو المنفتح مرتعاً خصباً لها فأخذت تبث سمومها في جسد الإنسان حتى تهالك أو كاد ، ووسط هذه المعمعة جاءت العولمة فأبرقت بوعود لا حصر لها من الحرية والمساواة والعدالة لكنها لم تمطر شيئاً من وعودها على أرض الواقع، بل ربما على العكس من ذلك تماماً فقد سقطت أعمدة المساواة وخرت سقوف الحريات وتزايدت الجريمة ونشط التطرف وتفاقمت مشكلة الفقر وانهارت مؤسسات مالية وأنظمة نقدية ، واختزل الإنسان في صورته الحيوانية واختزلت الحضارات في أبشع صورة لها على مر العصور والأزمنة .

ثم ألقى الدكتور الشاهد البوشيخي رئيس معهد الدراسات المصطلحية بالمملكة المغربية كلمة الباحثين وأكد فيها على أهمية هذه الندوات التي تفتح آفاق المعرفة على المستجدات والتطورات الفكرية في عالم اليوم ورؤية الإسلام لهذه المتغيرات والتطورات.

وقد بدأت الندوة بورقة الدكتور عصام البشير (السودان)، حملت عنوان «عالمية الإسلام وعولمة الغرب» قال فيها: يتميز العصر الذي نعيشه عصر العولمة بسقوط الحدود الزمانية والمكانية وتلاشي المسافات حيث تحول العالم إلى قرية صغيرة أصبحت فيها العلاقات البشرية أكثر تنظيماً وسرعة، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التفاعل البشري والانفتاح الثقافي والتنازع الحضاري . كما يتميز بالتطور الهائل في تكنولوجيا الانتقال والاتصال حيث وصل الإنسان إلى القمر وأرسل أجهزة إلى المريخ جمعت صوراً لسطحه وعينات من تربته واخترعت أدوات جديدة للتواصل بين أعداد أكبر من الناس كما في شبكة الإنترنت والأقمار الصناعية والمحطات الفضائية التي أصبح الإنسان قادراً عبرها على أن يرى ويسمع ما يدور في أرجاء العالم. هذه الثورة التقنية العلمية الهائلة نسبة لميلادها وتطورها في كنف الحضارة الغربية أفرزت تحديات كبيرة على شتى الأصعدة الاقتصادية والدينية والسياسية والاجتماعية.

وتحدث الدكتور محمد بن ناصر الحجري من جامعة السلطان قابوس عن البعد الاقتصادي للعولمة، قائلا: يغلب على تقديري أحياناً أن هناك إسرافاً في الحديث عن العولمة والكتابة حولها من قبلنا نحن العرب والمسلمين ، ويبقى هذا التقدير صحيحاً ما دام تخلف القول عن الفعل كثيراً أما عندما يصاحب الكلام الكثير فعل وعمل، فإن الحديث والكتابة عنها لا يمكن اعتباره إسرافا،ً وفي جميع الأحوال فإن الاهتمام الواسع بالعولمة من طرف النخب المثقفة في العالم العربي والإسلامي يمكن اعتباره ظاهرة صحية لأنه يدل على أن جسم الأمة حي ويستجيب للوخز الثقافي والصدمات الحضارية . ذلك أن هذه الظاهرة جاءت بمؤثرات تطرق كوامن حساسة في جسد الأمة العقدي والثقافي قبل الاقتصادي والاجتماعي . أما درجة هذه الاستجابة ونوعها فتتباين وفقاً لتباين تشخيصنا لهذه الظاهرة وتحليل جوهرها ودرجة معرفة أبعادها وآثارها.

وفي ورقة الدكتور وليد خالص (العراق) عن تأثير العولمة على الكلمة العربية قال: ان هناك غياباً واضحاً في الحديث عن الأثر اللغوي الذي تحدثه العولمة، لا على العربية وحدها بل على الكثير من اللغات الأخرى ، كأن في الأمر نوعاً من التواطؤ أو المسكوت عنه في هذه القضية وهي التي يسميها د.المسدي بحق «أم المرجعيات» ولعل ما قرره جورج طرابيشي يفسر شيئاً من هذا الغياب من حيث صخب المثقفين عن العولمة من جهة وصمت رجال المال والاقتصاد والصناعة نفسها.

عبد الله علي العليان

حلب

الكواكبي: عودة الطَيْر الحَلَبِي المُهَاجِر

من حلب انطلق حاملاً مدينته في قلبه، وفي جعبته مخطوطتان لكتابيه «أم القرى» و«طبائع الاستبداد». ومن مدينة خَذَلهُ ولاتها إلى «القاهرة» التي استقبله أهلها باحترام كبير، مرحّبين بالقادم من حلب وقد سبقته شهرته وذاع صيته بعد أن نشر فكره في معظم الصحف والمجلات العربية التي كانت تصدر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، فأصدر «الشهباء» التي انتقدت الولاة وبيّنت جورهم، فأوقفتها السلطة. لكن الكواكبي المناضل لم يتوقف وسعى إلى إصدار صحيفة أخرى باسم «اعتدال» باللغتين العربية والتركية، وتابع مشوار الكفاح. لكن اعتداله لم يكن لها من اسمها نصيب فهي لم تتوان عن مكافحة الفساد، فعمدت السلطة إلى إيقافها، وكذلك - بظروف غامضة -أحرقوا داره، وحاولوا اغتياله، ووقفوا له بالمرصاد لإفشال كل مشاريعه التي حاول القيام بها من أجل النهوض بحلب. وحين حوصر بحيث لم يعد يقوى على العمل، هاجر إلى مصر وتابع عمله فأصدر كتابيه وجال في البلاد العربية والإسلامية يدرس أحوالها ويؤلف الكتب والمقالات حولها. ومن بينها كان كتاب «أم القرى» الذي يدرس فيه أحوال المسلمين ليكتشف أسباب التخلف وسبل النهوض. غير أنَّ السلطتين في حلب والقاهرة تكاتفتا لإخماد صوته الناطق بالحق، وهناك دُفن.

الكواكبي الشيخ المفكر النهضوي البارز يحِنُّ إلى حلب، ويفخر بكونها عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام، وهي -بدورها - تفخر بعبقرية أبنائها، ومنهم عبد الرحمن الكواكبي الذي يستحق في إطار الاحتفال أن تقام ندوة دولية حول فكره وإسهاماته وبخاصة أنه صاحب فكرة المؤتمر الإسلامي الأول الذي عقده في مكة المكرمة ودوّن مباحثاته في كتابه الشهير «أم القرى».

واجتمع الباحثون في ندوة دولية هي الخامسة في إطار فعاليات حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، شارك خلالها اتحاد الكتّاب العرب الأمانة العامة لاحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية في مؤتمر دولي حول فكر الرجل المتنور الذي فضح الاستبداد وبيَّن طبائعه وعلاقاته ورسم معالم طريق التخلص منه عبر بحث رزين لايزال قابلاً للدرس والتطبيق حتى اليوم!.

د. محمد جمال طحّان

المغرب

الملتقى الأول للإبداع الجديد دورة القصة بالمحمدية

استضاف اتحاد كتّاب المغرب فرع المحمدية الملتقى الأول للإبداع الجديد، دورة القصة القصيرة بدار الثقافة سيدي محمد بلعربي العلوي، الجلسة التي أدارها عبداللطيف محفوظ بعد الاستماع إلى كلمة الفرع قدمها سعيد عاهد، وكلمة رئيس المكتب المركزي عبدالحميد عقار، وكلمة كاتب الدولة المكلف بالشباب بالنيابة، استمع الحاضرون الذين غصت بهم القاعة إلى الدرس الافتتاحي الذي قرأه سندباد القصة أحمد بوزفور بعنوان: كعوب أخيل في تجربتي، متسائلاً: هل هناك كتابة قصصية جديدة؟

ومشيرًا إلى العدد الكبير من الأسماء والنصوص والجمعيات والنوادي، يوحي بأن هناك كتابة قصصية جديدة تبرز هذا الزخم، معتبرًا نفسه مازال شابًا يافعًا في الكتابة لأمرين اثنين: إنه لا يؤمن بخرافة الكاتب الكبير، وإنه قلق متقلب، يحسّ أنه يبدأ مع كل نص جديد، وإن نقاط ضعفه، التي يخافها عقبات تتحداه أولاها اللغة، التي يتابع تعلّمه منها ويعيده، وإن القصة مدرسة لغة، وثانيها المعرفة وراء كل كلمة حوش من الدلالة لا يتقن غرسها إلا (الرقايقي).

والثالثة هي البناء، كيف يمكن بناء الشكل القصصي؟ وكيف أجعل القصة كائنًا حيًا له ذاكرة نتصرف فيه بالتعديل والتغيير والتشطيب والإضافة حتى نحسّ أننا عراة نستحم وأننا آخرون، وأن كعوب أخيل الثلاثة هاته جدراننا الزجاجية، التي تمنح الرقة والشفافية، وتمنعنا من ضرب الآخرين بالحجارة.

وفي ندوة القصة المغربية الجديدة بمركز الاستقبال الجلسة التي أدارها محمد النحال متسائلاً عن الملامح المشتركة في الكتابة القصصية، وأن هناك وعيًا بضرورة التجاوز، ولكي نلملم العناصر المشتتة توظيف بعض التقنيات (السينما) العجائبي التشكيل البصري تقطيع الألفاظ والكلمات، استحضار الوسائل الجديدة، تفكيك الحكاية، اعتماد اللقطة.. بعض من الأسئلة التي يمكن طرحها على النقاد للإجابة. في تدخل محمد جباري، أشار إلى الورشات حيث القصة فتحت حقولاً كبيرة وورشات مازال العمل فيها مستمرًا بروح جمالية، وقدم رءوس أفكار هي استقراء للورشات، التي قامت بها مجموعة البحث في القصة: عجائبية الكتابة القصصية، ثم القصة القصيرة جدًا، القصة الميتاقصة ووسائط الاتصال، خطاب التجريب، ثم ورشة الكتابة باللغة بالدارجة. تدخل محمد معتصم، منطلقًا من سؤال جوهري: هل هناك نصٌّ قصصيٌُّ جديدٌ؟ وما تجليات الجيل الجديد؟ عن سؤال النقد القصصي، أعطى صورة عن المشهد العام، تعرض القيم لاهتزازات وتغيرات، ودخلت تقنيات جديدة بظهور المجلات والملاحق ..والإقبال على النشر الإلكتروني، أدى إلى إنتاج كتابة قصصية جديدة، وإن طرائق الكتابة هي مرآة العصر، وتحدث عن أجيال الكتابة، وأنه لايمكن الحديث عن القطيعة، بل اختلاف في طرائق التعبير والموضوعات، وضرورة مواكبة النقد القصصي، مبرزًا وجود الناقد الثقافي الذي يعلن ميلاد الكاتب، والناقد الأدبي، الذي يقارن ويقابل ويدرس صيغ وأساليب القصة00في تدخل اولحيان: الكتابة النسائية، وأنثى الجسد والذاكرة، أشار إلى الوعي بالخصوصية، ساهم في إنتاج نصوص وأعمال قصصية، وبدايتها في الستينيات (خ بنونة ورفيقة الطبيعة)، وحديثة تسخر من الايديولوجية تكشف الجسد وتحتفي بالأشياء الجديدة، وعلاقة المرأة بالرجل وبالعالم، وورود أعضاء الجسد في مجاميع: رميج ، لبصير ، ووفاء.

في مداخلة مصباحي «القصة القصيرة .. ورطتنا» أشار إلى القصاصين الذين خرجوا من الكليات والمدرجات، وآخرين يشتكون من غياب قراءة نقدية، وهناك مَن نسي بأن للقصة فلسفتها الخاصة كنمط ثقافي مرتبط بظروف اجتماعية، وهناك مَن لم يتخلص من كتابته الروائية في غياب الرؤية والنظرية، وأن القصة القصيرة هي قصة تجريبية، وأن الأدب المغربي بصفة عامة أدب تجريبي بالنظر إلى عمره . وتميز القصة بمجموعة من السمات: القصة جنس هجين تأخذ من الشعر أجمل ما فيه، ومن الرواية ومن النكتة ومن الحكاية الشعبية، وضرورة الوعي بنوعية القارئ. أثير نقاش حول كتابة المرأة، وهل يتابع فعلا النقد الإنتاجات القصصية، وهل ننتظر التراكم لكي نحكم؟

وعقب الندوة وفي الثالثة عصرًا كانت هناك لقاءات مفتوحة للقصاصين مع تلاميذ الثانويات التأهيلية بتنسيق مع نيابة وزارة التربية الوطنية بالمحمدية، ولقاء مع المستفيدات من برنامج تعليم الكبار بدار المواطن بتنسيق مع جمعية الأمل للتربية والتنمية، حيث كانت اللقاءات، كما أكّد ذلك المشاركون، رائعة ومثمرة تميزت بالحس الثقافي والنقاش الواعي وبجهود الأساتذة وطبيعة حب التلاميذ للقصة والإبداع الأصيل.

وفي المساء كان الموعد مع أفلام قصيرة (رقصة الجنين، كروان، وسائق الطاكسي) لمخرجين مغاربة بمركز الاستقبال، شارك فيها مخرجو الأفلام ونقاد سينما انصبّ النقاش حول علاقة السينما بالفن القصصي والحكاية، وضرورة استثمار ذلك في لقاء آخر تحث عنوان (السينما وعلاقتها بالأدب).

وشهد الملتقى إقامة مائدة مستديرة حول الوعي القصصي الجديد، شارك فيها الناقد حسن المودن، الذي أشار إلى أن ما يكتبه القصّاصون هي تمارين وورشات قصصية، وأن التجريب وليد عقود، وعندما نقول الجديد نعتبر هذا الجديد نسبيًا بالنظر إلى ما تراكم، وهناك استهلال بالمنجز التجريبي بكونه سهل الركوب ، التجريب أصعب من التفكير فيه مع استحضار الدرس الافتتاحي الذي ألقاه بوزفور بعناصره الثلاثة، وأنها تقنية بورخيسية. أما غياب النقد المواكب للتجارب الجديدة فلا يمكن أن نعتبر النقد تابعًا للإبداع، هناك مأزق للنقد فقط، النقد يكون امتدادًا للأدب وإعادة الإصغاء لما تم إنجازه. في تدخل عبدالرحيم مودن قال إنه يحاول أن يكون كاتبًا أو قاصًا جديدًا، وما هو بجديد، ويحاول أن يكون قديمًا، وما هو بقديم، وأن هناك وعيًا قصصيًا جديدًا له أسئلته بعد أن كان تابعًا للسياسي، لذلك نقع في نظرية إلغاء التجارب السابقة، أو الاستنساخ، ونسقط في الجانب التطوري وكل مرحلة تمثل نسقًا جديدًا، وهل استطعنا أن نصل إلى قصة مغربية (خصوصية القصة) قبل أن نتكلم عن تجارب، هناك فرق بين الوعي والكتابة، وتساءل: هل أفرز هذا التراكم قصة جديدة وهل غيرت القصة المتلقي التقليدي؟.

عزالدين الماعزي





من لوحات المعرض للفنان





المنزل الآثري الذي صار بيتا للشعر





المسرحي الراحل د. عوني كرومي